وُلِد الشاعر
الإنجليزي روبرت ساوذي ( 1774 _ 1843 ) في بريستول . وكان ابنًا لتاجر أثواب
وأقمشة . ومِن بين هذه البيئة التجارية ، كانت خالته غالبًا ما تدفعه إلى التهذب
بسلوكيات المجتمع الأرستقراطي . وتَمَّ إرساله في الرابعة عشرة مِن عُمره إلى
مدرسة وستمنستر الراقية في لندن ، وفيها قرأ سرًّا أعمال فولتير وروسو وجيبون
وغوته . كما كتب بعض
الشعر الملحمي وقطعًا نثرية ثَورية . وأثارت مهاجمته للعقاب البدني في مجلة مدرسية
بعنوان " الضارب بالسياط " مديرَ المدرسة ، ففصله من
المدرسة وهو على وشك التخرج ، لكن ساوذي استطاع بطريقة أو أخرى أن يتقدم إلى كلية
باليول في أكسفورد في ديسمبر سنة 1792 . وهناكَ واصلَ أعماله السِّرية ، فكتب
ملحمةً شِعرية امتدحَ فيها الثورة الفرنسية ، واشتغل بالدراما الشعرية .
سافرَ ساوذي إلى إسبانيا والبرتغال ، ثم عاد
إلى إنجلترا عام 1796 ، فدرس القانون ، ووجد عملاً كصحفي ، وكان لديه الوقت الكافي
لكتابة ملاحم لَم يُكتَب لها الخلود ، بالإضافة إلى بعض القصائد القصصية البسيطة
مثل " معركة بلنهايم " ( 1803 ) . وأقامَ في جريتا هول في كزويك،
مُستعينًا بإعانة مالية قوامها 160 جنيهًا إسترلينيًّا .
وفي
هذه الأثناء _ في كُل مِن جريتا هول ولندن _ كان ساوذي يعول زوجته إديث وبناته
الخمس وابنه ، الذي أحبه حُبًّا يفوق الوصف ، والذي وافته المنِيَّة وهو في
العاشرة مِن عُمره . كان ساوذي يُنفِق على كُل هؤلاء من حِصاد كتاباته المتقَنة .
وبعد انتقال كولردج إلى مالطة تولى ساوذي رعاية أولاد كولردج وزوجته . وحتى
وردزورث كان أحيانًا يعتمد عليه .
إن حِرص ساوذي على إرضاء ذوي المال
والسُّلطة جعل بايرون يشنُّ عليه حربًا علنية في عام 1818، وتَمَّت القطيعة
الكاملة مع الجميع عندما استطاعت مجموعة مِن الأشخاص الحصول على مخطوطة مسرحية
" وات تيلور " ، وهي دراما راديكالية كان ساوذي قد كتبها في عام 1794 ،
وتركها مخطوطةً لَم يطبعها ، وقاموا بنشرها _ سُعداء بما فعلوا _ في عام 1817 .
عاد ساوذي إلى جريتا هول ومكتبته وزوجته
التي كانت قد اقتربت من الجنون أكثر من مرة، وفي عام 1834 ، فقدت عقلها تمامًا
وماتت في عام 1837 . أمَّا ساوذي نفْسه فقد تخلى عن معركته مع المناوئين له في عام
1834 ، ومِن ثَمَّ جَعل وردزورث أميرًا للشعراء رغم معارضته هو نفسه ( أي وردزورث
) ، وقد حَظِيَ هذا التعيين بموافقة عالمية .
كا ساوذي واحدًا مِن" شعراء البحيرة
"، وأمير الشعراء لثلاثين عامًا ( 1813_ 1843 ). ورغم أن شهرته قد خبت منذ
زمن بعيد بسبب شهرة مُعاصريه وأصدقائه وردزورث وكولردج ، إلا أن
أشعار ساوذي ما زالت تحظى بِقَدْر من الشعبية .
وساوذي هو أيضًا كاتب رسائل جَزِل ، وباحث في الأدب ، وكاتب مقالة ، ومُؤرِّخ ، وكاتب سِيَر ذاتية . والتراجم التي كتبها
تتضمَّن حياة وعمل كل من جون
بونيان ، وجون ويزلي ، ووليام كاوبر ، وأوليفر
كرومويل ، وهوريشيو
نيلسون ( وهو نائب أدميرال إنجليزي . اشْتُهِر بمشاركته بمعركة النيل ومعركة طرف
الغار . ويُعَد أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ المعارك ، وفقد إحدى عينيه في
معركة النيل ) . وقد لاقت ترجمة هوريشيو نيلسون
نجاحًا كبيرًا ، فنادرًا ما تَمَّ إيقاف طباعتها مُنذ نشرها في عام 1813 ، وتَمَّ
اقتباسها لعمل الفيلم البريطاني " نيلسون " عام 1926 .
لقد كانَ ساوذي باحثًا معروفًا في الأدب
البرتغالي ، والأدب
الإسباني، والتاريخ، وقد
ترجم العديد من الأعمال من اللغتين البرتغالية والإسبانية إلى الإنجليزية . وألَّفَ كتابًا بعنوان " تاريخ
البرازيل " ، وآخر بعنوان "
حرب شِبه الجزيرة الأيبيرية " .
وأكثر أعماله الأدبية شُهرةً وانتشارًا هي قصة " الدببة الثلاثة " للأطفال . والتي نُشِرت بدايةً في مجموعته القصصية " الطبيب " .