وُلد الشاعر الأمريكي
روبرت فروست ( 1874_ 1963) في مدينة سان فرانسيسكو . تُوُفِّيَ والده الذي كان
يعمل صحفيًّا من مرض السُّل ، وهو في الحادية عشرة مِن العُمر ، وبعدها انتقلت
عائلته إلى لورانس في ولاية ماساتشوستس .
بدأ فروست دراسته في معهد درت موت عام 1892
، لكنه ترك الدراسة فيه قبل أن يُكمِل الفصل الأول، وعاد إلى ماساتشوستس، وهناك
عمل في التدريس وبعض الأعمال المؤقتة الأخرى. في عام 1894 باع فروست منظومته
الشعرية الأولى " فراشتي " لأسبوعية في نيويورك مقابل خمسة عشر دولارًا
. وبعد هذا النجاح طلب يد صديقته ألينور مريام للزواج ، لكنها رفضت بسبب رغبتها في
إكمال دراستها . بعدها سافر فروست مُحْبَطًا إلى النهر الكبير في فرجينيا، لكنه
لَم يلبث أن عاد وتزوَّج صديقته التي كانت سندًا له طيلة حياتهما معًا، وأنجب منها
ستة أولاد ، أربعة منهم ماتوا خلال حياته . عمل فروست وزوجته في التدريس حتى
عام1897. بعد ذلك بدأ فروست دراسته في جامعة
هارفارد ، إلا انه ترك
الدراسة فيها بعد عامين ، وبعد أن وُلد له الولد الثاني ، لأنه رأى أن الجامعة
تحدُّ مِن أُفقه . اشترى له جَدُّه مزرعة في ولاية نيوهامبشِر ، وهناك مكث
فروست تسعة أعوام من حياته لَم يُحقِّق خلالها نجاحًا في العمل الزراعي، لكنه كتب
خلال تلك الفترة أشعار كثيرة أصبحت مشهورة .
تتميَّز أشعار فروست بالأسلوب البسيط
والمباشر والسَّلِس ، وقد قِيل إنه حَوَّلَ لُغة البسطاء إلى شِعر ، وهو يُكثِر من
وصف مناظر منطقة نيوإنجلند التي قضى فيها أغلب فترات حياته .
معظم أشعاره موزونة على هيئة منظومات غنائية
، إذ إن فروست سَخِرَ من أسلوب الشِّعر الحر، الذي مارسه الكثير من أبناء جيله من
الشعراء الأمريكيين . ويُعرَف فروست بأسلوبه البسيط والمباشر ، وبأوصافه المثيرة
للمشاعر لمناظر نيوإنجلند شمال شرق الولايات المتحدة .
يُعتبَر فروست في نظر الكثيرين كواحد من أهم
شعراء اللغة الإنجليزية .
وقد فازَ خلال حياته بأربع جوائز بوليتزر . كما شاركَ في مراسم تنصيب الرئيس جون كينيدي .
كتب فروست الشِّعر بَدْءًا من عام 1890،
ولكن لَم يَتيسَّر له أن ينشر إلا عددًا قليلاً من قصائده . وبإلحاح من زوجته رحلا
إلى إنجلترا عام 1912، حيث كانت بوادر الشعر الحديث قد بدأت بالظهور . وكان جيرانه
هناك أعلام الشِّعر الإنجليزي .
في أثناء إقامته في إنجلترا ، نشر فروست
ديوانه الأول " إرادة صبي " ( 1913) ، ثم ديوانه الثاني " شمال
بوسطن " ( 1914) ، اللذين لقيا نجاحًا باهرًا . وأُعيدت طباعتهما في الولايات
المتحدة، التي عاد إليها الشاعر عام1915، بعد نشوب الحرب العالمية الأولى في أوروبا
ليستقر في مزرعته في نيوهامبشر، وصار الشاعرَ المقيم في كلية آمهرست . وتتالت
دواوينه في الظهور ، فكانَ ديوان"استراحة على الجبل"(1916) و"قصائد مختارة"(
1923) ، و " نيوهامبشِر" ( 1923).
ونشر فروست في الفترة ( 1942_ 1947) عددًا
من المجموعات الأخرى ، حصل عن أُولاها " الشجرة الشاهدة " ( 1943) على
جائزة بوليتزر للمرة الرابعة .
وقد تضمَّنت هذه الدواوين كُلها خُلاصة
خبرته وفكره وتأملاته حول كُنه الوجود ، وعبَّر فيها عن السَّكينة ، وأهمية رؤية
الوجود بشكل واضح .
ومع تمكن
فروست من الأدب الكلاسيكي، الشعري منه خاصة، فقد اعتمد لغة الحديث اليومية
مُهَذِّبًا إيَّاها، ومُتناوِلاً موضوعات تمسُّ حياة الإنسان العادي كما في قصيدة
" دفن منزلي "، والتي تتحدَّث عن بعض ما يتعرَّض له الشاعر مِن مآسٍ في
حياته ، مِن مرض
أفراد عائلته ، ثم موتهم الواحد تِلْو الآخر . وقصيدة "
الجدول المنساب نحو الغرب " التي عَبَّر فيها عن رؤية للوجود قد يشوبها بعض
الأسى ، إلا أنها لَم تكن يَوْمًا متشائمة، وعَبَّر فيها أيضًا عن حب فائق للطبيعة
بشعر وصفي مليء بالإحساس ، إلا أنه في الوقت ذاته تأمُّلي يبحث في الوضع الإنساني
.