وُلد الشاعر والكاتب
المسرحي الكاريبي ديريك والكوت ( 1930_ 2017) في سانت لوسيا، إحدى جُزر الهند
الغربية. تنحدر عائلته من أصول مُخْتَلِطَة ، فأجداده لأبيه أوروبيون بِيض،
وأجداده لأُمِّه أفارقة سُود ، مِمَّا يعكس التاريخ الاستعماري المعقَّد للجزيرة ،
الذي ترك تأثيرًا واضحًا في شِعره .
كانت والدته
مُعلِّمة وخيَّاطة ، تحب الفنون ، وتقرأ الشِّعر. ووالده كان رَسَّامًا وشاعرًا ،
وَتُوُفِّيَ في سن الحادية والثلاثين ، بينما كانت زوجته حاملاً بابنها ديريك .
اقترضَ
تكلفة طباعة ديوانه الأول مِن أُمِّه ، حيث ذهب إِلَيها وأخبرها أنه يُريد نشر
مجموعة شِعرية،تُكلِّف طباعتها تقريبًا مئتي دُولار.وقد شَعرت أُمُّه بالضِّيق
لأنها كانت مُجرَّد مُعلِّمة وخيَّاطة. وقد أعطتُه المالَ ، وتَمَّت طباعة الكتاب
، ووعدها بأنه سَيَبيعه لأصدقائه ، ويُعيد لها المال .
تلقَّى
تعليمه الجامعي في جامعة الكولدج في جُزر الهند الغربية ، وعشقَ اللغة الإنجليزية
، ورسم حياته ككاتب وشاعر ، مُتأثِّرًا بشعراء الحداثة الإنجليز مِثْل : تي إس
إليوت وعِزرا باوند .
بعد التخرج
، انتقلَ والكوت إلى ترينيداد عام 1953، حيث عمل ناقدًا ومُعلِّمًا وصحفيًّا ،
ثُمَّ ذهب للعمل في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة ، لتدريس الأدب والكتابة
الإبداعية ، وأسَّسَ هناك مسرح بوسطن للمؤلفين المسرحيين ، وعقد صداقة أدبية مع
الشاعرَيْن : الروسي جوزيف برودسكي والإيرلندي شيموس هيني ، اللذين كانا يعملان في
بوسطن .
تعكس أشعاره
ومسرحياته اهتمامه بالهوية الوطنية لجزر الهند الغربية ، وآدابها ، والصراع بين
الميراث الأوروبي والثقافة الوطنية . كما أنه يُركِّز على قضية اكتشاف منطقة البحر
الكاريبي وتاريخها في سياق الاستعمار وما بعد الاستعمار . وفي هذا السياق يتجلى
الاختيار بين الوطن أو المنفى ، وتتَّضح المفاضَلة بين تحقيق الذات والخيانة
الروحية للوطن .
ويمزج
والكوت في مسرحياته الشِّعْرَ بالنثر ، ويستخدم مفردات لغة التفاهم اليومي الشائعة
في منطقة البحر الكاريبي . أمَّا قصائده فهي في معظمها غنية بالتلميحات الكلاسيكية
، وهي تتناول الطبيعة في كُلٍّ من أوروبا ومنطقة الكاريبي بِقَدْرٍ مُتساوٍ من
الوضوح .
تُعتبَر
قصيدته الملحمية " أوميروس" ( 1990) ، أعظم إنجازات والكوت الشِّعرية ،
وكانت سَبَبًا رئيسيًّا في حصوله على جائزة نوبل للآداب ( 1992) . وهو ثاني كاريبي
يحصل على هذه الجائزة العالمية بعد سان جون بيرس . وقد وصفت لجنة نوبل عمل والكوت
بأنه " مهرجان الشِّعرية عظيم اللمعان ، يمتاز برؤية تاريخية نتيجة تعدد
الثقافات " . وَمِن المفارَقات اللافتة للنظر أن يتزامن حصول والكوت على
الجائزة مع الذكرى نِصف الألفية لوصول كريستوفر كولومبس إلى الأرض الجديدة (
الأمريكيتين ) . فالشاعر والكوت له انتماءات وطنية قوية . وقد أوضح مِرارًا
وتَكرارًا أن الهنود في الأمريكيتين يُحاولون استعادة هويتهم التي عمل الاستعمار
على طمسها .
يُعتبَر
والكوت أفضل مَن كَتب باللغة الإنجليزية مِن خارج منطقتها ، فهو يجمع بين الرقة
والرصانة في الأسلوب ، كما يمتاز بأناقة الأسلوب وروعته ، والإحساس اللغوي المرهَف
، وتنوُّع موضوعاته الشِّعرية ، معَ تَنَقُّله بين مُختلف الثقافات التي تُعتبَر
عُنصرًا جوهريًّا مِن سيرة حياته .
في عام
1982اتَّهمت طالبة في جامعة هارفارد والكوت بالتحرش الجنسي في سبتمبر 1981. وزَعمت
أنها بعد رفضها ، أُعْطِيَت علامة " C " فقط . وفي عام 1996، تَمَّ
اتهامه بالتحرش الجنسي ، وتَمَّ التوصل إلى تسوية .
في عام
2009، كان والكوت مُرَشَّحًا قَوِيًّا لمنصب أستاذ الشِّعر في جامعة أكسفورد،
وسُحِبَ ترشيحه لهذا المنصب بسبب اتهامات ضده بالتحرش الجنسي في الفترة ( 1981_
1996).
مِن أبرز
مجموعاته الشِّعرية : في ليل أخضر ( 1962) . المنبوذ وقصائد أخرى ( 1965) . مملكة
التفاح النجمي ( 1979). منتصف الصَّيف ( 1984). طائر البلشون الأبيض( 2010).
مِن أبرز مسرحياته : الطبول والألوان ( 1958) . حلم على جبل القرد ( 1967). يا بابل ( 1976). ذِكرى ( 1977) . الجزيرة مليئة بالضوضاء ( 1982) . البائع المتجوِّل ( 2002).