وُلد الكاتب الفرنسي
جان دو لافونتين ( 1621 _ 1695 ) في بلدة شاتو تيري في منطقة شامباين التي تقع في شمال شرق
فرنسا. كان والده مسؤولاً عن حماية الغابات والممتلكات الحكومية في دوقية شاتو
تيري. وكان لديه ثروة معقولة .
تلقى لافونتين_ وهو الابن الأكبر لأسرته _
تعليمه في المدرسة الثانوية الفرنسية ، وهي مدرسة لتعليم قواعد اللغة، في مدينة ريمز الواقعة في
شمال شرق فرنسا. وفي أواخر أيام دراسته في المدرسة، التحق بأبرشية أوراتوري في
مايو 1641 . ثم بالمعهد اللاهوتي في أكتوبر من نفس العام. ولكن أثبتت له إقامته
القصيرة في هذه الأماكن أنه أخطأ اختيار المستقبل المهني الذي يجب أن يسلكه.ويبدو
أنه اتَّجه بعد ذلك لدراسة القانون، ويُقال إنه قد تم قبوله في مهنة مُحام .
على
الرغم من ذلك ، استقرت حياة لافونتين الأسرية في وقت مبكر من حياته . ففي عام 1647
، تنازل له والده عن منصبه _ كمسؤول عن حماية الغابات والممتلكات الحكومية الخاصة
بدوقية شاتو تيري _ وقام بالترتيبات اللازمة لزواج ابنه من ماري هيريكار، وهي
فتاة في سن الرابعة عشر، منحته عشرين ألفًا من الجنيهات، كما كان زواجه منها يعني توقع
الفوز بإرث أكبر. لَم تتَّضح معالَم مستقبله الأدبي حتى ناهز الثلاثين من عُمره.
ويُقال إن الأعمال التي قرأها للشاعر والناقد الفرنسي ماليرب كانت هي التي
أطلقت شرارة الخيال الشعري في وجدانه ، ولكن لافونتين استمر في محاولات أدبية لا
قيمة لها .
بلغ لافونتين الثالثة والأربعين من عُمره ،
وكانت أعماله التي تم نشرها بالفعل قليلة الأهمية نسبيًّا . وكان الكثير من أعماله
يتم تداولها في نُسخ مكتوبة بخط اليد، قبل أن تتم طباعتها بصفة منتظمة . في عام
1682، كان لافونتين _ الذي كان يناهز الستين عامًا في ذلك الوقت _ قد أصبح واحدًا
من أشهر الأدباء الفرنسيين.
يمكن تقسيم أعمال لافونتين إلى ثلاثة أقسام
رئيسية : 1_ القصص الخرافية، 2_ النوادر والحكايات، 3_ الأعمال الأخرى التي تتناول
موضوعات متنوعة . ومِن بين هذه الأقسام، يُعتبَر القسم الأول هو المعروف منها
عالميًّا. أمَّا القسم الثاني فيعرفه فقط مُحِبِّي الأدب الفرنسي، ودخل القسم
الثالث من أعمال لافونتين في دائرة النسيان باستثناء بعض الأعمال القليلة التي
تنتمي إليه .
تظهر براعة لافونتين في عمله "
الخرافات " أكثر من أي نوع آخر من أعماله. وسار الكثيرون على نفس درب لافونتين
في كتابة القصة
الخرافية ، خاصةً
ما يُحكَى منها عن الوحوش ، وتدور على ألسنة الحيوانات .
كانت المجموعة الأولى عبارة عن 124 قصة من
تلك القصص الخرافية . وقد ظهرت في 1668 . وفيها احتذى لافونتين حَذْو مَن سبقوه في
كتابة هذا النوع من الأعمال مقتربًا جدًّا من أعمالهم ، ولكنه تحرَّر من قيود
الالتزام بأسلوبهم في المجموعات التالية ، وهي المجموعات التي تظهر فيها عبقريته
الحقيقية .
ويجب أن يُنظَر بعين الاعتبار إلى جُرأة
أفكاره السياسية بالإضافة إلى مهارته وطرحه لأفكاره عن الأخلاق . كذلك ، يتَّضح في
سياق سرده القصصي إداركه التام للطبيعة البشرية، وتمكنه الفني من صياغة أفكاره.
وأحيانًا، يتم الاعتراض على أن نظرة لافونتين للشخصية الإنسانية مظلمة بشكل غير
مقبول .
لقد أصبحت أعمال لافونتين مشهورةً ومنتشرة ،
وصارت كُتبه يتم تداولها بشكل واسع ، داخل فرنسا وخارجها ، لأغراض تعليمية للأطفال
أو للكبار من الأجانب، بغرض تعليمهم اللغة الفرنسية .
يُعتبَر لافونتين أشهر كاتب قصص
خرافية(القصص
التي تدور أحداثها على ألسنة الحيوانات والطيور ) في تاريخ الأدب الفرنسي. يقول
عنه فلوبير إنه الشاعر
الفرنسي الوحيد الذي استطاع أن يفهم تراكيب اللغة
الفرنسية ، ويتمكن
من استخدامها قبل عصر هوغو.
وقد قامت فرنسا في عام 1995 بإصدار مجموعة
من الطوابع
البريدية احتفاءً منها
بشخصية لافونتين ، ومجموعة أعماله المعروفة باسم " أساطير
لافونتين "
.
كذلك تم عرض فيلم عن حياته في فرنسا في أبريل من عام 2007 ، وكان بعنوان " جان دو لافونتين ، الجريء " .