وُلِدت الأديبة
الإنجليزية شارلوت برونتي ( 1816_ 1855 ) في ثورنتون ، يوركشاير . وهي الأكبر بين
الأخوات برونتي الثلاث اللواتي تُعتبَر رواياتهن مِن أساسيات الأدب الإنجليزي .
في أغسطس 1824 ، تَمَّ إرسال شارلوت مع
شقيقاتها إلى مدرسة بنات القساوسة كوان بريدج في لانكاشير. أثَّرَت الظروف
المتردية للمدرسة على صِحة الفتيات ، فما لَبِثت الأختان ماريا وإليزابيث أن
أُصِبْنَ بمرض السُّل ، وماتتا بِه في يونيو 1825 ، بعد وقت قصير مِن إرسالهن إلى
المدرسة ، وأعاد الأب شارلوت إلى المنزل لكي تعيش فيه مع العائلة .
في منزل القِسِّيس الكائن في هاوورث ، بدأت
شارلوت وأختاها إميلي وآن بنسج حكايات
عن سكان ممالك خيالية والتأريخ لحياتهم ونضالاتهم . كانت كتاباتهن مُحْكَمَة
ومُعقَّدة ، ولا يزال جُزء من هذه المخطوطات محفوظًا بحال جيدة .
أكملت شارلوت تعليمها في رو هيد ( 1831_
1832)، وهناك قابلت رفيقات حياتها اللواتي لَم ينقطعن عن تبادل الرسائل.وكتبت في
هذه الفترة روايتها " القزم الأخضر " ( 1833) تحت اسم ليسلي. عادت
شارلوت إلى هذه المدرسة فيما بعد كَمُعَلِّمَة ( 1835_ 1838 ) . وفي عام 1839،
عملت كَمُربِّية خاصة لدى عدد من العائلات في يوركشاير، وظَلَّت في هذه المهنة حتى
عام 1841 .
في مايو 1846، نشرت شارلوت وإميلي وآن
مجموعة مشتركة من القصائد تحت أسماء مستعارة : كيور، إليس وأكتن بيل. رغم أنه
تَمَّ بيع نسختين فقط مِن الكتاب إلا أن الأخوات واصلنَ الإنتاجَ الأدبي ، وبَدأنَ
بكتابة رواياتهنَّ . وقد استخدمت شارلوت الاسم ( كيور بيل ) عندما نشرت أول
روايتين لها .
وكتبت شارلوت فيما بعد : (( في مُعارَضة
للدعاية الشخصية، أخفينا أسماءنا الأصلية خلف كيور، إليس وأكتن بيل. اخترنا هذه
الأسماء الغامضة على ضَوء رغبة في استخدام أسماء ذكورية مسيحية بشكل إيجابي، حيث
لَم نكن نودُّ أن نُعلِن أنَّنا نساء ، لأنه في ذلك الوقت كان سيتم التعامل مع
طريقة كتاباتنا وتفكيرنا على أساس أنها " أنثوية ". كان لدينا انطباع قوي
أن مؤلفاتنا سَيُنْظَر إليها باستعلاء ، حيث لاحظنا كيف يَستخدم النُّقاد في بعض
الأحيان أسلوب مهاجمة الشخصية كوسيلة عقاب ، وأسلوب الغزل كمكافأة ، وهو ليس
بالمدح الحقيقي )) .
وفِعلاً ، حَكم النُّقاد على روايتيها بأنها
خشنة ، وكانت هناك تساؤلات حول هوية ( كيور ) وعمَّا إذا كان رَجلاً أو امرأة .
تُعتبَر رواية " جِين إير " (
1847 ) أشهر أعمال شارلوت برونتي على الإطلاق . وهي سبب شُهرتها ومجدها الأدبي .
وقد نجحت الرواية نجاحًا باهرًا ، وهذا ما جعل ناشر الرواية يُقنِع شارلوت بزيارة
لندن في بعض الأحيان ، حيث كشفت عن هويتها الحقيقية ، وبدأت بالتحرك في أكثر من
دائرة اجتماعية ، وسُرعان ما كَوَّنت صداقات في الوسط الأدبي .
وقد كانت هذه الرواية بمثابة شرارة في مجال
حركة تحرير المرأة الأدبية. والشخصية الرئيسية جين إير في الرواية ، كانت مُوازية
لشخصية شارلوت نفْسها ، فهي امرأة قوية ، وواثقة بنفسها .
في
يونيو 1854، تزوَّجت شارلوت بآرثر بيل نيكولز ، مساعد والدها، وحملت بعدها بوقت
قصير . بدأت صحتها بالتدهور سريعًا خلال هذا الوقت ، ووَفْقًا لغاسكل ( أول كاتبة
لسيرة شارلوت ) : (( كانت قد هاجمتها مشاعر غثيان دائم وتعب متكرر )) .
تُوُفِّيَت شارلوت ، مع ابنها الذي لَم يولد
بَعْد ، في 31 مارس 1855 .
ذَكَرَتْ شهادة وفاتها أن سبب الوفاة هو
السُّل (الدرن)، ولكن العديد من المؤرخين يُرجِّح أن يكون سبب الوفاة ناتجًا عن
الجفاف وسوء التغذية، بسبب الإفراط في القَيء الشديد من غثيان الصباح أو
التَّقَيُّؤ الحملي . دُفِنَت شارلوت في المدفن العائلي في كنيسة " القديس
مايكل وجميع الملائكة " في هاوارث، غرب يوركشاير، إنجلترا .
مِن أبرز رواياتها : جين إير ( 1847). شيرلي
( 1849 ). فاليت ( 1853). البروفسور ( 1857 ) _ بعد وفاتها _ .