وُلد الشاعر الأيرلندي
شيموس هِيني ( 1939_ 2013) في مزرعة والده الواقعة في شمال غرب بلفاست ( عاصمة
أيرلندا الشمالية ) . وكان يُقيم في دَبلِن حتى وفاته . هو الابن الأكبر لتسعة
أطفال لعائلة كاثوليكية في مجتمع زراعي . حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1995، بسبب
" أعمال الجمال الغنائي والعُمق الأخلاقي الذي يمدح المعجزات اليومية والماضي
الحي ".
بدأ
هِيني كتابة الشِّعر حين كان طالبًا في الجامعة ، وكان شِعره في الغالب انعكاسًا
لتجاربه الشخصية ، وانعكاسًا للوضع في مسقط رأسه أيرلندا الشمالية .
نشر بعض المحاولات الشِّعرية أثناء دراسته
الجامعية باسم مُستعار . وفي عام 1963عُيِّنَ مُحَاضِرًا في الأدب الإنجليزي.وكان هِيني أستاذًا في جامعة هارفارد في الفترة( 1981_
1997). وفي عام 1996 شغل منصب قائد الفنون والآداب .
تتَّسم لُغته الشِّعرية بالعُنفوانية ،
والإغراق في الموسيقية اللغوية ، إضافة إلى المضامين الإنسانية الشاملة . واللغةُ
لدى هِيني هي أبرز معالم شِعره ، حيث يتجلى ذلك في امتلاكه لناصية اللغة
الإنجليزية ، مِن خلال تركيبات مُتشابكة ومُعقَّدة . ومع مرور الوقت ، تحوَّلت قصائده إلى الإيجاز والتكثيف
، كما هي حال الأمثال التي تختزل التجارب الإنسانية في سُطور قليلة .
يقوم شِعر هِيني على وصف النِّزاعات
السياسية في بلاده ، والاختلافات العِرقية بين المواطنين، ووصف حياة الناس
وأصواتهم المستمدة من عوالمهم النفسية . كما يبرز في شِعره موضوع الاغتيالات ،
والإعدام خارج نطاق القانون ، والتفجيرات . وكل هذا ضِمن منظومة شِعرية متماسكة
تعتمد على اختيار الألفاظ المناسبة والمعاني المدهِشة .
قام هِيني بتشييد عالَمه الشِّعرية اعتمادًا
على الطفولة والحياة الزراعية والسياسة والثقافة في أيرلندا الشمالية، واستحضار
إسهامات الشعراء الآخرين في الماضي والحاضر . إِن هِيني يغوص في أعماق اللغة،
ويفحص هياكلها، وينتقي ألفاظها، ويُحلِّل مَعانيها ، في محاولة مِنه لاحتواء
الخيال، وتفعيل سلاح البلاغة ، وتغذية الروح ، واستلهام الحكمة المعتمدة على
البصيرة النافذة .
أثَّرَ هِيني على مجموعة واسعة من الشعراء .
وبعض النقاد يَعتبره أعظم شاعر أيرلندي بعد وليم بتلر ييتس . وقد ترك هِيني بصمة
مهمة في تاريخ الشِّعر المكتوب بالإنجليزية ، فهو يُعَدُّ شاعرًا مُجَدِّدًا ،
وذلك بسبب إعادة اكتشاف أبعاد اللغة ، ورمزيتها ، وغنائية عناصرها ومُكوِّناتها .
صارَ هيني بالنسبة لكثير من الشعراء
مِقياسًا ومثلاً أعلى ، ولا يمكن لأحد أن يحل محله . وتعتمد شُهرته بشكل أساسي على
الموضوعات التي عالجها ، والتي تتعلق بأيرلندا الشمالية الحديثة، بمزارعها وريفها
ومُدنها التي يسودها الصراع، وبثقافتها،واللغة التي يُسيطر عليها الحكم الإنجليزي.
وقد تناول المشكلاتِ والصراعات السياسية
التي عصفت بالبلاد ، وكثيرًا ما كانت تتَّسم بالعنف. وحاولَ أن يرى تلك المشكلاتِ
في سياقها التاريخي مِن منظور إنساني .