وُلد الفيلسوف والطبيب
النفسي فرانز عمر فانون ( 1925_ 1961) في فور دو فرانس
، جُزر المارتنيك في الكاريبي ، التي كانت آنذاك مستعمرة فرنسية ، وهي الآن
مُقاطعة فرنسية .
كان والده واحدًا مِن سُلالة العبيد
الأفارقة ، وعمل كعامل جُمركي . وكانت والدته من منطقة الألزاس. كانت عائلة فانون
من الطبقة المتوسطة الاجتماعية والاقتصادية. وكانت قادرة على تحمُّل رسوم أعرق
مدرسة ثانوية في جُزر المارتنيك ، حيث درس فانون .
خدم
خلال الحرب
العالمية الثانية في
جيش فرنسا الحرة،
وحاربَ ضد النازيين. التحقَ بالمدرسة الطبية
في مدينة ليون ، وتخصَّصَ في الطب النفسي ، ثم
عمل طبيبًا عسكريًّا في الجزائر
أثناء فترة الاستعمار الفرنسي. عمل رئيسًا لقسم الطب النفسي في مستشفى البليدة _ جوانفيل في الجزائر، حيث
انخرط مُنذ ذلك الحين في صفوف جبهة
التحرير الوطني الجزائرية . وعالج ضحايا طرفَي الصراع
على الرغم من كَونه مواطنًا فرنسيًّا .
وفي عام 1955 ، انضمَّ فانون كطبيب إلى جبهة التحرير
الوطني الجزائرية . غادرَ سرًّا إلى تونس ، وعمل طبيبًا في مستشفى منوبة ، وصار
رئيس تحرير صحيفة " المجاهد" الناطقة باسم الجبهة، حين كانت تصدر من
تونس. كما تولى مهمات تنظيمية مباشرة ، وأخرى دبلوماسية وعسكرية ذات حساسية فائقة
. وعُرف
بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية .
وفي عام 1960 ، صار سفير الحكومة
الجزائرية المؤقتة في غانا .
يُعتبَر أحد أبرز مَن كتب عن مُناهضة
الآخرين في القرن العشرين. وقد ألهمت كتاباته ومواقفه كثيرًا من حركات التحرر في
أرجاء العالَم ، ولعقود عديدة . آمنَ فانون بأن مقاومة الاستعمار تتم باستعمال
العنف فقط من جهة المقموع، فما أُخِذَ بالقوة لا يُسترَد إلا بالقوة .
أول كُتب فانون " بشرة سوداء ، أقنعة
بيضاء " (1952 ) ، وهو دراسة نفسية للمشاكل التي يُواجهها السُّود بسبب
العنصرية . وأيضًا ، تحليل للآثار النفسية السلبية للقهر الاستعماري الذي يُعاني
مِنه السُّود.وكانت المخطوطة في الأصل أطروحة للدكتوراة . وكانت هذه الأطروحة
ردًّا على العنصرية التي عانى منها فانون أثناء دراسته الطب النفسي في جامعة ليون
.
أمَّا كتابه " مُعذَّبو الأرض " (
1961 ) ، فهو الذي أطلق شهرته . وفي هذا الكتاب يرى فانون أن باستطاعة الجزائريين
الحصول على الاستقلال عن طريق العنف الثوري وَحْدَه .
نُشر هذا الكتاب _ مع مقدمة لجان بول سارتر
_ قبل فترة قصيرة من وفاة فانون. وفيه يُدافع الكاتب عن حق شعب مُسْتَعْمَر في
استخدام العنف للحصول على الاستقلال .
بالإضافة إلى ذلك ، حدَّد العمليات والقوى
المؤدية إلى الاستقلال الوطني. وتم حجب كتابه مِن قِبَل الحكومة الفرنسية .
كانت أعمال فانون
مؤثرة للغاية في دراسات ما بعد الاستعمار،والنظرية النقدية، والماركسية. وكان
معنيًّا بعلم النفس الاستعماري ، والعواقب البشرية والاجتماعية والثقافية لإنهاء
الاستعمار.
ألهمت حياة وأعمال فانون حركات التحرر
الوطنية وغَيرها من المنظمات السياسية في فلسطين وسريلانكا وجنوب أفريقيا
والولايات المتحدة .
إن مُساهمات فانون في تاريخ الأفكار متعددة
. وهو مُؤثِّر ليس فقط بسبب أصالة فكره ، ولكن أيضًا بسبب تفوُّق انتقاداته ،
ودِقَّة طروحاته ، ومنهجه العِلمي المتماسك .
وقد طوَّر تحليلاً وجوديًّا اجتماعيًّا
عميقًا لقضية العنصرية ، مِمَّا أدى به إلى تحديد شروط العقلانية في الخطابات
المعاصرة عن الإنسان ومشكلاته وأحلامه .