سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

12‏/09‏/2019

انتحارات فيلسوف في مجتمع متخلف / قصيدة

انتحارات فيلسوف في مجتمع متخلف / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

............

     في أعيادِ اليَمامِ أَزُورُ ضَريحي / والفَتَياتُ يَجْمَعْنَ شَواهِدَ القُبورِ كالطوابعِ النادرةِ / كَي يَتَدَرَّبْنَ على الخطِّ العربِيِّ / أنا الحواجزُ العَسكريةُ بَيْنَ البَدَوِيَّاتِ والغجرياتِ / صَدِّقْني يا جُنوني / أنتَ عَقلانيةُ المنافي بَيْنَ دِيدانِ جِلْدي/ قَضيتُ حَياتي بَاحثاً عَن وَجْهي / وَوَجَدْتُ كُلَّ شَيْءٍ إِلا وَجْهي /
     الحربُ البَاردةُ / والبِيتزا البَاردةُ / ومَشاعري الباردةُ / والشَّايُ الباردُ / وسَريري الباردُ /  هَل أنا كُرَةُ ثَلْجٍ تتدحرجُ عَلى شَيْخُوخةِ السَّلاحفِ ؟/ يتحرَّشُ النهرُ بِمُديرةِ أعمالِهِ / والزَّبدُ يُؤلِّفُ نَظرياتِ الشَّرفِ وَفْقَ فَلْسفةِ العاهراتِ / زَوْجةُ البَحْرِ تَخُونُهُ / والأمواجُ مُخلِصةٌ لِرَمْلِ البَحْرِ / قِطَّتي العَمياءُ لا تَشربُ الخمرَ / لكنها تتعاطى الماريجوانا /
     حُزْنٌ مَجهولُ النَّسَبِ / وَطِفْلٌ مَجهولُ النَّسَبِ / وَوَطَنٌ مَجهولُ النَّسَبِ / وَحُلْمٌ مَجهولُ النَّسَبِ / وَنَسَبٌ مَجهولُ النَّسَبِ / والجنودُ يَحْرِقُونَ الرسائلَ الغراميةَ في الخنادقِ / ويَلعبونَ بمشاعرِ الحمَامِ الزَّاجلِ / أُنوثةُ الزَّوْجاتِ الخائناتِ بِطَعْمِ الموْزِ / وأُنوثةُ الرِّياحِ بِطَعْمِ الفانيلا / وأنا أَخُونُ قَلبي معَ قلبي / أنا المشنوقُ في أحلامِ اليَقظةِ / وذِكْرياتي مَصْلُوبةٌ على أشجارِ الوَهْمِ /
     في عَيْنَيْكِ لَمَعانٌ قَاتِلٌ / فَكَم مَرَّةً يَجِبُ أن أموتَ لأشعرَ بالْحُبِّ ؟/ كُنْ هَادِئاً كالموتِ/ لأنَّ الموْتَ سَيُطْفِئُ صَخَبَ الفَراشاتِ/ فيا أيتها القَبائلُ التي نَسِيَت الأعلامَ الْمُنَكَّسَةَ بَيْنَ أفخاذِ النِّساءِ / إِنَّ حناجرَ السَّبايا هِيَ بَلاطُ الكنائسِ الباردُ / وأجفانَهُنَّ كاتِدرائيةُ الحيْضِ / أيتها الذِّئبةُ الزُّمرديةُ / تَنامِينَ معَ زَوْجِكِ / وأنامُ معَ مُسدَّسي / أَعْصِرُ جُثمانَ الجليدِ لأحْصُلَ عَلى احتضاراتِ الياقوتِ / وكُلُّ دِماءِ الفَتَياتِ الْمُغْتَصَبَاتِ سَجَّادٌ أحْمَرُ / عَلى أسوارِ المقابرِ الْمُلَوَّنةِ / سَتَرْجِعُ إلى كُوخِكَ في مُرْتَفَعَاتِ النِّسيان/ فَتَجِدُ حُلْمَكَ يَحترقُ في الموْقَدةِ / أنا الأطلالُ البَاحِثةُ عَن شَاعِرٍ حَزينٍ / فيا أيها الثلجُ المشلولُ / أنتَ زِيرُ نِساءٍ مُتَسَلْسِلٌ / فَكُن مُخْلِصاً للزَّوْجاتِ الخائناتِ / ضَاعتْ بِلادي / لكني أُعَلِّمُ قِطَطَ الشوارعِ نَظرياتِ الكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ / كُلُّ أشلائي أعراسٌ للحَمَامِ المذْبوحِ / وأنا العريسُ المقتولُ الذي أضاعَ مَوْعِدَ عُرْسِهِ/أنا الأخُ غَيْرُ الشَّقيقِ لأنقاضِ قَلبي/ لا وَطَنٌ سَيُدَافِعُ عَنَّا/ وَلا حُكومةٌ سَتُطَالِبُ بِدَمِنا/فَشُكْراً يا رَاقصاتِ الباليه/كُلُّنا سَنَرْقُصُ حَوْلَ مَوْتِ الأزهارِ/ والأشجارُ تَنتحرُ في جُلودِنا الخريفيةِ/فالْتَقِطْ لَحظةَ الألَمِ في رَقْصةِ الانتحارِ/ سَتَجْلِسُ الراقصاتُ حَوْلَ قُبورِنا/ ويَتذكَّرْنَ أرشيفَ الوَداعِ بَيْنَ أصابعِ قَوْسِ قُزَحَ / والفُقراءُ يَلْعَبونَ بِكُرياتِ دَمي في الشوارعِ الخلفيةِ/هذا أنا/ أصْعَدُ على السُّلَّمِ الموسيقيِّ نَحْوَ مِقْصلتي/وأَطْلُبُ مِن أطفالِ الحارَةِ ألا يَبْكُوا عَلَيَّ/
     فَلْتَكُنْ عِظَامُكَ أرشيفاً لِرَسائلِ الجنودِ القَتلى إلى زَوْجاتِهِم / يِا بِلادي التي صَلَبَتْني لِتُشَجِّعَ السِّياحةَ في مَقْبرتي / أيها الوَطنُ الحزينُ / الذي جَعَلَ مِن لَحْمي إِشارةَ مُرورٍ حَمْراءَ للنَّوارسِ المذبوحةِ / دَخلتُ في اكتئابِ الفَراشاتِ ذُباباً / أنا ذُبابةُ الذِّكرياتِ المسمومةِ / والذبابُ يَتجمَّعُ حَوْلَ جُثماني/ أُحِبُّكَ يا عُشْبَ المدافنِ/ لأننا نتناولُ مُضَادَّ الاكتئابِ نَفْسَهُ/ صَديقانِ في الاكتئابِ / وصَديقانِ في مُضَادَّاتِ الاكتئابِ /
     في الصَّيْفِ المنسِيِّ / أَدخلُ في بَياتي الشَّتويِّ / وَاثقاً مِن العُشَّاقِ المقتولينَ على شَاطئِ المسَاءِ / كُلُّ الموتى الذينَ يُلَمِّعُونَ جُمجمتي يَعْشَقُونني/ لكنَّ الأعشابَ الطالعةَ مِن أسمنتِ ضَريحي تَكْرَهُني / طَبيبي النَّفْسِيُّ يَتهرَّبُ مِنِّي / وطُموحي أن أتذكَّرَ خارطةَ خُدودي / أو عُنوانَ خَيْمتي في المذْبَحةِ / كَوَّنتُ عائلةً مِن رِمالِ البَحْرِ / لكني المشرَّدُ الغريقُ / وَحُزْنُ الغاباتِ الضَّوئيةِ يَتوكَّأُ على عُروقي النَّحيلةِ / صَوْتُ الرصاصِ أكثرُ رُومانسيةً مِن صَوْتِ المطرِ / فَشُكراً لِلقَتلى الذينَ يَزرعُونَ في عُروقِنا قَمْحَ النِّسيان/ لا أُتقِنُ الْحُبَّ/ ولا أُتقِنُ الكَراهيةَ / لا أستمتعُ بِحَياتي / ولا أستمتعُ بِمَوْتي / عِطْري لَهُ رَائحةُ الفَلافلِ / والفَيَضاناتُ تَخْلَعُ رُموشَ النيازكِ / أُنادي على الموْتِ / وكُلُّ حُلْمٍ سَيُنادي عَلَيْهِ الموتُ / أنا الْمُنادي / أنا نِداءُ الاحتضاراتِ / ولا أَعْرِفُ عَلى مَن أُنادي / لم يَكُن هُناكَ أحَدٌ كَي يُجيبَ / وَلَو كانَ هُناكَ أحَدٌ فَلَن يُجيبَ /   
     يا أشجارَ الغروبِ/ اعْشَقِيني واكْسِريني/ بِلادي مَكسورةٌ / وأنا مَكسورٌ / قَد تعادَلَ الغبارُ معَ الزَّبدِ/وتعادَلَت الأغصانُ معَ الجذورِ/ إِذا كُنتَ وَرْدةَ الشتاءِ السَّجينةَ/فَكُن غُصناً مَهجوراً في الخريفِ البَعيدِ/واترُك احتضاراتِ اللازَوَرْدِ/تُرَتِّبُ شُروطَ الحربِ بَيْنَ شَهيقي وزَفيري/يُحِبُّني الجليدُ حتى الكراهيةِ/ وأعشقُ مَوْتَ العُقبانِ في قَفَصي الصَّدريِّ/ والرِّيحُ تَنْحِتُ قِناعَها في لحمي الحامضِ /
     أنا آسِفٌ لأنَّ الشوارعَ المصبوغةَ بِدَمي / لَوَّثَتْ زُجاجَ سَيَّاراتِكُم / كُلما مَشيتُ في طَريقٍ / تذكَّرتُ الموتى الذينَ مَشَوا فِيه / والنساءُ يَنتظِرْنَ مَوْتي / كَي يَقْتَسِمْنَ ذِكْرياتي / ويَنْشُرْنَ ثِيابَ الحِدَادِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / سأخلعُ قَفَصي الصَّدْرِيَّ في قَاعِ البَحْرِ / وأنتظرُ العاصفةَ الثلجيةَ الآتيةَ مِن قِرْميدِ أحزاني / سَأعتني بأطفالِ الرَّمْلِ عِندما يُساقُ الشاطئُ إلى الإعدامِ / أحزاني بُركانُ الأُنوثةِ التائهةِ / وبَيْني وَبَيْنَ ذُبابةِ الجسَدِ دِماءٌ / فَيَا أيها الجنودُ الفقراءُ الذينَ يَموتونَ في المعركةِ / كَي يَظَلَّ الملوكُ يُمارِسُونَ الجِنسَ معَ نِسائهم / لَن تَعْبُرَ بَناتُ آوَى النهرَ الباكي / والحروبُ الأهليةُ في حَنجرتي / تنسى صَفيرَ القِطاراتِ التي لا تَعُودُ / وأظافري مُسْتَوْدَعٌ لِصَفَّاراتِ الإنذارِ في المدُنِ المذعورةِ / 
     لا تَثِقْ بِمَطْعَمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / ثِقْ بِأسوارِ المقبرةِ/ لا تَثِقْ بِقُمْصانِ النَّوْمِ / ثِقْ بِمَلَكِ الموْتِ / لا تَثِقْ بِالحياةِ / ثِقْ بالموتِ / وأنتَ احتضارُ اليَمامِ يَا طَيْفيَ النَّازِفَ / أنتَ جَمْرةُ الذِّكرياتِ على خُدودِ النِّساءِ الْمُنْطَفِئةِ / يُوَزِّعُ المساءُ المشانقَ عَلى السُّنونو / كَما يُوَزِّعُ الجرادُ المشروباتِ الغازيةَ على العُشَّاقِ / وَالنِّساءُ مَسْجُوناتٌ بَيْنَ شَهيقي وَزَفيري / وَالخريفُ هُوَ أرشيفُ أغشيةِ البَكارةِ في الرِّمالِ الدَّمويةِ / آنَ لِي أن أخجلَ مِن نفْسي / آنَ لِي أن أُطْلِقَ النارَ على صُورتي في المرايا / أنا دَليلٌ سِياحيٌّ في مَقابرِ الفَراشاتِ / أَكرهُ الرمادَ / لَكِنِّي أعشقُ كِتَابَاتِهِ عَلى جَسدِ البُحيرةِ / شُرْفتي هَجَرَتْها العَصافيرُ / وَالطحالبُ تُهرولُ على سُطوحِ المزهرياتِ / ظِلالِي النُّحاسيةُ مَاتتْ / والبُعوضُ يُفَتِّشُ عَنها / جُثماني في لَيْلةِ الدُّخلةِ / لَكِنِّي دَخلتُ في بُكاءِ المجرَّاتِ / سَجينٌ أنا في الذِّكرياتِ / فَحَرِّريني يا زَهْرةَ الشِّتاءِ المكسورةَ / أجلسُ على شَاطئِ الغروبِ / أُحَدِّقُ في جُثةِ البَحْرِ / والنَّمْلُ يَسحبُ جُثتي / فيا أيها النَّسْرُ الجريحُ في غَابةِ الأحلامِ الضَّائعةِ / سَتَنْزِفُ حتَّى الموْتِ / وتنتهي حِكايةُ الخريفِ في رَبيعِ الدِّماءِ / والرَّمْلُ فَقَدَ الثِّقةَ بالنِّساءِ لِيُصبحَ شاعراً / والرِّيحُ تَصُبُّ دِمَاءَها في ظِلِّي الثاني / ذَهَبَت المرأةُ الرُّومانسيةُ إلى المِرْحاضِ / وَمَاتتْ قِصَصُ الْحُبِّ/ فيا أيتها اللبؤةُ التي صَبَّت النَّبيذَ على ضَفائِرِها / وانتحرتْ / جَاءتْ أحزانُ الشِّتاءِ / فَوَدِّعي قَميصَ النَّوْمِ الشَّفافَ / الوَدَاعُ أبَديٌّ / وَلَحْمُ البُحيرةِ المطبوخُ هُوَ سِفْرُ البُيوتِ المهجورةِ /
     أيتها الموؤدةُ / وُلِدْتِ كَي تُوَدِّعي غِشاءَ البَكارةِ في مملكةِ الملاريا / هَديلُ البُحيرةِ يُسْحَقُ تَحْتَ أحصنةِ الكُوليرا / فَيَا قَلبيَ القاتلَ المقتولَ / لا تَجْمَعْ جَدائلَ السَّبايا كَطَوابعِ البَريدِ / ولا تَسْكُبْ حَليبَ النِّساءِ في بَراميلِ النِّفطِ / لأنَّ سَرَطانَ الثَّدْيِ سَيَأتي مِن الذِّكرياتِ / لا أنا لُعْبَتُكِ / ولا أنتِ لُعبتي / إِنَّ تَحَدِّي الملوكِ لُعبتي / حُكومةُ الْهَلْوسةِ تُحَوِّلُ الشَّعْبَ إلى لُصوصٍ / ثُمَّ تُحاكِمُهُم وَفْقَ دُستورِ الْمُرْتَزِقَةِ / رَمى مَساءُ الثلجِ الرسائلَ الغراميةَ في الْمَوْقَدةِ / وَالتُّرابُ يَفْرِضُ حَظْرَ التَّجَوُّلِ في أُكسجينِ رِئتي / الضَّجرُ هُوَ اسْمُ الجثثِ على جَليدِ الغروبِ / فلا تَحْزَني يا أشلائي الضَّوْئيةَ / سَيَتَحَوَّلُ الثائرُ إلى رَجُلِ أعمالٍ/ ويُصبحُ الْمُقَاوِمُ مُقَاوِلاً / خُدودي عَاريةٌ تَحْتَ ثَلْجٍ يَنهمرُ سُيوفاً / ولم أَصْنَعْ رَجُلَ الثلجِ / لأنَّ دَمي الذي صَبَغَ الثلجَ بأحْمَرِ الشِّفاهِ / كانَ يَلعبُ بِي / مَشاعري خَناجرُ / وأنا المذبوحُ بَيْنَ حَدِّ الذِّكرياتِ وحَدِّ الْخَنجرِ / اكتشفتُ قَطيعَ دَيْناصُوراتٍ في خِزانةِ مَلابسي / لكني أرعَى الأغنامَ عَلى كَوْكَبِ زُحَلَ / تَزوَّجتُ البَعوضةَ / تمتصُّ دِماءَ قَوْسِ قُزَحَ / وَكُرَياتُ دَمي تَلعبُ كُرةَ القَدَمِ في عِظامي / وَبَعْدَ أن تَقتلوني / شَاهِدُوا مُبَارَياتِ كُرةِ القَدَمِ / لِيَظَلَّ الحمَاسُ في أجسادِكُم المحفورةِ على شُعَيْراتي الدَّمويةِ /
     هَندسةُ الأظافرِ / وجُمجمتي تَصيرُ في حَفْلةِ الرَّقْصِ كُرةَ قَدَمٍ / وأشلائي طَاولةُ بِلياردو لأسماكِ القِرْشِ / لا أستطيعُ العَيْشَ بِدُونِ اكتئابٍ / أدمنتُ أحزانَ البُحيراتِ / فَصِرْتُ رَمْلاً للبَحْرِ اليتيمِ / ولا أتصوَّرُ حَياتي بِدُونِ دُموعٍ وسُعالٍ / الحضَارةُ العَرْجاءُ تتستَّرُ على الكَرادلةِ / الذينَ يَتحرَّشُونَ جِنسيَّاً بالراهباتِ / وتُلقي القَبْضَ على الشَّحاذِينَ المكبوتينَ جِنسيَّاً / اكتئابي دِيمقراطيةُ الحمَامِ الزَّاجلِ / الذي يَذهبُ ولا يَعودُ / وبُكائي فُرْشاةُ أسنانٍ لِرَاهبةٍ مُغْتَصَبَةٍ / وشَراييني قَطيعُ فَراشاتٍ مُهَدَّدةٍ بالانقراضِ / كُلُّ أعراسي نَحيبٌ / وكُلُّ الناسِ يَحْضُرُونَ عُرْسي إِلا أنا / أنا العريسُ الذي يَدْفِنُ عَرُوسَهُ في بِئرِ الذاكرةِ / ولا عَريسٌ ولا عَروسٌ /
     لم أَرِثْ عَن أبي غَيْرَ عُكَّازَتِهِ / يَتوكَّأُ المساءُ على عُكَّازتي / وعُكَّازتي تتوكَّأُ على جُثتي / كأنني هَنَّأْتُ القاتلَ بِعِيدِ مِيلادِ الضَّحيةِ / تَعشقُ غابةُ التَّوابيتِ احتضاري / كما يَعشقُ الطاغيةُ تَزويرَ الانتخاباتِ / سَتَحُلُّ الفَتَياتُ مُعَادَلاتِ الرِّياضياتِ على فِرَاشِ الموْتِ / وفي قَفَصي الصَّدْرِيِّ جُثَثٌ مَجْهولةُ الْهُوِيَّةِ / مَشاعري زُقاقٌ مَنْسِيٌّ في مَرفأ القلوبِ المكسورةِ / وأنتَ مُدانٌ سَواءٌ ثَبَتَتْ بَراءَتُكَ أَم لا / حُكْمُ إِعدامِكَ صَدَرَ مُذْ كُنتَ جَنيناً في بَطْنِ أُمِّكَ / فَلا تُضَيِّعْ وَقْتَكَ في الاسْتِئْنافِ/ وَجَهِّزْ حَبْلَ مِشْنَقَتِكَ بِنَفْسِكَ بِلا بِيروقراطيةٍ / واشْكُر الوَطَنَ الذي يَسْرِقُ الوطنَ /
     ذَهَبَ أبي إلى الموتِ/ وَبَقِيَتْ رَائحةُ ثِيابِهِ في ممرَّاتِ الشِّتاءِ/ اخترتُ الانتحارَ التَّدريجيَّ / لأدْفَعَ ضَريبةَ الذِّكرياتِ / انكسرَ مِزْمارُ الرَّاعي / وتفرَّقَت الأغنامُ / ورَائحةُ المطرِ على الجثثِ الخرساءِ / ارْحَميني أيتها الذِّكرياتُ/ حِينَ تَرْمي العُقبانُ جُثتي في النَّهْرِ/ قَتَلْنا الملوكَ/ وانتهتْ لُعبةُ الدِّيمقراطيةِ/ جَدائلُ النِّساءِ وَشْمٌ على المذْبَحِ / وأشلاءُ الجنودِ طَابَعُ بَرِيدٍ تِذْكاريٌّ / والعصافيرُ تُطْلِقُ النارَ على المزهرياتِ / فَتحتْ نُمورُ السِّيركِ بَابَ حَنجرتي / وَهَرَبَتْ في لَيْلةِ إِعدامي / وتِلْكَ حياتي لَيْمونةٌ مَخدوشةٌ بَيْنَ رُومانسيةِ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ وأُنوثةِ الأسمنتِ الْمُسَلَّحِ / دَفَنْتُ الرُّومانسيةَ في المقابرِ الجماعيةِ / وصِرْتُ عَاطِلاً عَن العِشْقِ / فابْحَثْ في دَاخِلِكَ عَن مِقْصلةٍ بِطَعْمِ الموزِ / لأنَّ دَمْعي تفاحةُ الاحتضارِ / وَجُثتي المجهولةَ بُرتقالةُ الصَّدى / 
     كُنتُ أُقَدِّمُ اليُورانيومَ الْمُخَصَّبَ للضُّيوفِ عِندما تزوَّجَ أبي أُمِّي / الْحَبْلُ السُّريُّ هُوَ حَبْلُ مِشْنقتي / وكانَ تاريخي صَالةَ إِعدامٍ / وجُثماني حَجَرَ نَرْدٍ / وُلِدْتُ مَشْنوقاً / أَحْمِلُ عُودَ مِشْنقتي حُلْماً / والراهباتُ مَصْلُوباتٌ على أجراسِ الكنيسةِ / تزوَّجتُ كُلَّ عَناصرِ الطبيعةِ إلا المرأةَ /     أنا السَّائحُ الأبَدِيُّ الذي أضاعَ جَوَازَ السَّفَرِ / نَسِيتُ جِنسيتي / وتذكَّرْتُ جِنسيةَ اليمامِ / ونَسِيَ ساعي البَريدِ عُنوانَ بَيْتي / أخافُ أن أجِدَ عُنوانَ بَيْتي/ أخافُ أن أعودَ إلى بَيْتي / أدْخُلُ في احتضارِ البَحْرِ كالنَّوْرسِ المذبوحِ / أبحثُ عَن مَوْتي بَيْنَ السنابلِ / ولم أجِدْ ضَريحي الأُرجوانِيَّ / وَحْدَها مَساميرُ التَّوابيتِ تَرْقُبُ خُطُواتي على زُجاجِ المساءِ / وسُطوحِ القِطاراتِ البَعيدةِ / وسَوْفَ أعودُ في لَيْلةٍ خَريفيةٍ إلى الثلوجِ الزرقاءِ على قِرْميدِ كُوخي /
     أنا الجثةُ الكريستاليةُ / لأني أرى الموتَ في خُدودِ النِّساءِ / فَخُذْ حَبْلَ مِشْنقتي تِذْكاراً / أزرعُ بَيْنَ النُّعوشِ سُنبلةَ الْحُبِّ الضائعِ / كَي تَنْبُتَ مَناديلُ الوَدَاعِ في ثُقوبِ جِلْدي / نِداءُ الموتِ يتفجَّرُ في أعماقي / وأصواتُ البَحَّارةِ الغرقى تَسيلُ على أظافري/ أركضُ في ليالي الشِّتاءِ خَشَبَاً للتَّوابيتِ الباردةِ / كَي تختلطَ دُموعي بالمطرِ / شُعوبٌ تصيرُ فِئرانَ تجارُب / وأنا المنذورُ للغاباتِ المجروحةِ عَاطفياً/ أنا الموتُ السائرُ تَحْتَ قَطَراتِ المطرِ البرونزيةِ/ ومَلَكُ الموْتِ لَن يَبْحَثَ عَنِّي / أَظَلُّ أنشرُ الغسيلَ في شوارعِ الزَّهايمرِ/ أبني كُوخي في قَاعِ نزيفي/ تَرَكْتُ شَراييني للجِرْذانِ / وغُبارِ البراويزِ القديمةِ / وجَهَّزْتُ أثاثَ بَيْتِنا في الأندلسِ / لاستقبالِ جُثتي الطازَجةِ / ولم أترُكْ للثلوجِ أيَّةَ رِسالةِ وَداعٍ / لَبِسْتُ قَميصَ الرِّمالِ الخضراءِ / وَلَم أَلْبَسْ قميصَ عُثمان / أزرارُ قَميصي على أوراقِ الخريفِ/ وألوانُ دَمي تزوَّجَت اكتئابَ الفَراشاتِ/ فيا أيها المقتولُ في بَراري رِئَتَيْكَ/ المنفيُّ بَيْنَ شَهيقِكَ وزَفيرِكَ / حَياتُكَ كُلُّها انتظارٌ للمَوْتِ / وأنتَ الموْتُ الذي يَنتظرُ الموْتَ / 
     كُلُّ صَباحٍ في حَياتي لَيْلةُ دُخْلةٍ / لَكِنِّي أدْخُلُ إلى ضَريحي / تأخذُ غاباتُ البَارودِ إِجازةَ أُمومةٍ / والرِّيحُ هِيَ أُمُّنا القاسيةُ / أفْرِضُ شُروطي على الذبابِ / لكنَّ الدُّودَ يَفْرِضُ شُرُوطَهُ على جُثماني / أرْصُفُ البَحْرَ بأوردتي اليابسةِ / وأرْدُمُ دِماءَ اليمامِ بِدمائي / أدغالُ اللازَوَرْدِ / وعُروقي أزِقَّةُ الصَّقيعِ/ وَحَمَامةُ السَّحَرِ مَاتتْ / وَلَبُؤةُ الفَجْرِ الكَاذِبِ تبكي / فيا شَجَرَ البُكاءِ / ستظلُّ وَحيداً كَصَوْتِ الرصاصِ / لأنَّ بُحيرةَ الذِّكرياتِ تتناولُ حُبوبَ مَنْعِ الْحَمْلِ / أنا الذِّئبُ / لكني لم أجِدْ لَيْلى/ ذَهَبَ العُشَّاقُ إلى مَطاعمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ/ وَبَقِيتُ في أزقةِ الجليدِ أُقاتِلُ الوَسْوَاسَ القَهْرِيَّ / بِلادي تَطُوفُ حَوْلَ الأصنامِ / وأنا كاسِرُ الأصنامِ / أنا الْمَلِكُ الْمُتَوَّجُ على عَرْشِ المقاصلِ / حَبْلُ مِشْنقتي من الكِتَّانِ / ومِشْنقتي مِن الكَهْرمان / أنا الحشَرةُ المنسيَّةُ على مَناديلِ الوَداعِ / التي رَمَاها الموجُ عَلى صَخرةِ الغروبِ / وعِندما يَأتي الليلُ / تتفجَّرُ أحلامُ الطفولةِ الضائعةُ / وتنكسرُ أجنحةُ طَائرِ البُكاءِ عَلى ألواحِ صَدْري / دَمْعي أزرقُ / لكنَّ دَمي لَيْسَ أزرقَ / تَعَلَّمْتُ الرِّياضياتِ مِن إِحْصاءِ الْجُثثِ في مَعاركِ الخيَالِ / وَطَريقي لا يَتَّسِعُ لأيَّةِ امْرَأةٍ حَتَّى أُمِّي/ وَجُثتي السَّاخنةُ سَوْفَ تتحللُ في لَيْلةٍ بَاردةٍ / فَسَامِحيني يا وَرْدةَ المنافي/ رِئَتي تعملُ بالبَنْزينِ الخالي مِن الرصاصِ / لكنَّ صَوْتَ الرصاصِ يَحْفِرُ في أظافري وَشْمَ الذِّكرياتِ /
     أقتلُ أحلامي في النهارِ / وأبكي عَلَيْها في الليلِ / بُكائي نافذةٌ تُطِلُّ على شِتاءِ الدَّمِ / وغُربةُ العصافيرِ تتوهَّجُ في المرايا المشروخةِ/ كانَ الأُفقُ حَطَباً أخضرَ / وكانَ قَوْسُ قُزَحَ يَبكي / كالطفلِ الذي رأى أُمَّهُ تَخونُ أباهُ / والزَّوابعُ تسألُ نعشي / مَن أعظمُ : نيوتُنُ أَم التفاحةُ ؟ / أبحثُ عَن الْحُبِّ القاتلِ / ولا فائدةَ مِن الْحُبِّ إِذا لم يَدْفَعْنا إلى حَوَافِّ قُبورِنا / سَتُصبحُ جَماجمُ الفَتَياتِ إِطاراتٍ للسَّياراتِ العسكريةِ / فيا شاطئاً يَدخلُ في رَغيفِ الْخُبْزِ ولا يَخرجُ / كَيْفَ سيأكلُ الغُرباءُ طَعامي على طَاولةِ الرصاصِ ؟ /
     إِن لم تَجِدي حَيَاتَكِ إلا في تَحطيمِ حَياتي / فَحَطِّمِيها / فَهَل يَضيرُ الشَّاةَ سَلْخُها بَعْدَ ذَبْحِها ؟!/ حَفيدتي الرِّمالُ / وَجَدِّي الْمَوْجُ/ نكتشفُ مِرْآةً تَجرحُ قُلوبَنا/ نكتشفُ زَمَناً يَكسرُ أمكنةَ دُموعِنا / والمنافي تتكاثرُ بَيْنَ أصابِعِنا كالزَّرنيخِ / نامُوا يا حُرَّاسي الشَّخصيينَ لأحْرُسَكُم / وَالموْتُ يَحْرُسُنا / لا أثِقُ بِكُرياتِ دَمي / لكنَّ دِماءَ الشُّطآنِ بُوصلةٌ لأسرارِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / التي دَفَنَها الرَّعْدُ تَحْتَ تُرابِ المقابرِ / والحمَامُ الزَّاجلُ يُرْسِلُ أشلائي بالبريدِ الدُّبلوماسِيِّ / لا تَخُونوني مَرَّتَيْن /  أسمعُ غِناءَ البُحيراتِ في أوراقِ الخريفِ / ولم يَعُدْ لِرِئتي مَكانٌ في الحربِ الأهليةِ / بَيْنَ شَهيقي وزَفيري / زَمَنُ النوارسِ يُحَطِّمُ مَزهرياتِ الرُّوحِ / زَمَني يَصيرُ نِقابةً لِحَفَّاري القُبورِ / وحفَّارةُ قَبْري أضاعتْ قِلادَتَها في نشيدِ انتحاراتي/ لَن تَرْحَمَكَ الذِّكرياتُ/ لأنَّ الموْتَ الرَّحيمَ لَن يَرْحَمَكَ /
     أنا الانقلاباتُ العَسكريةُ / وذَاكرتي تتمرَّدُ على الذِّكرياتِ / أدخلُ في الاكتئابِ / كما تَدخلُ الدِّببةُ القُطبيةُ في البَياتِ الشَّتويِّ / والإِمَاءُ في قَصْرِ الخليفةِ أغْلَقْنَ فُرُوجَهُنَّ بالشَّمْعِ الأحمرِ / صِرْتُ بِرميلَ نِفْطٍ في سَفينةٍ تَغرقُ / فأعْطِني يا قاتلي فُرصةً كَي أبكيَ على نَفْسي / أعْطِني وَقْتاً كَي أجِدَ مَن يَبكي عَلَيَّ / ماتَ المسافِرُونَ تَحْتَ شُموسِ الضبابِ / وبَقِيَت البضائعُ في عَرَباتِ القِطاراتِ المهجورةِ/ أسألُ قَشَّ الإسطبلاتِ عَن مَزْهرياتِ الاحتضارِ / وأسألُ جُثماني في مِرْآةِ أشجارِ المقبرةِ/ ما فائدةُ أن أضَعَ كُرياتِ دَمي في بَنْكِ البَعوضِ / إذا كانَ الذبابُ الحكومِيُّ سَيَحْجِزُ عَلَيْها ؟! /
     سَقَطَ وِشاحُ القَمَرِ على جُثةِ النَّهْرِ / أنتظرُ انتحاراتي / كما يَنتظرُ الأمواتُ الرَّاتبَ الشَّهريَّ / والزوابعُ تَغْرِسُ أشلائي في أغاني الزَّبدِ/ ماتَ البَحْرُ بَيْنَ خَفْرِ السَّواحلِ ورَاقصاتِ الباليه / ذُبابةٌ تَنْشُرُ جُمْجُمَتَها عَلى حَبْلِ الغسيلِ / والشُّطآنُ فَقَدَتْ غِشاءَ بَكارَتِها / أنا إِمبراطورُ أوحالِ المقبرةِ /  أنا ضَريحٌ كريستالِيٌّ / والتاريخُ يتنقَّلُ على نقَّالةٍ / والحضارةُ تتحرَّكُ على كُرْسِيٍّ مُتحرِّكٍ / كأني أكبرُ سِنَّاً مِن أبي/ اصْطَادني الحطَبُ الرُّخامِيُّ / لأني دُودةُ الْحُلْمِ/ وَالغرباءُ يَشْرَبُونَ نَخْبَ اكتئابي / أعْصِرُ عِنَبَ عِظامي للدَّلافين/ لا النَّخْلُ يُلَوِّحُ لِي في مَحطةِ القِطاراتِ / ولا البُحيرةُ تنامُ في حَقيبةِ السَّفَرِ / أظافري رَادارٌ في مُعَسْكَرِ الأسرى / وَتَحْتَ جِلْدي مَقبرةٌ جَماعيةٌ / وغُرفةُ التَّحقيقِ بِلا سَجَّادٍ / والبلاطُ يأكلُ غُموضَ الجثثِ الطازَجةِ / فابْحَثْ عَن العدالةِ في دُستورِ قَطيعِ الغنمِ / وكُن هادئاً حِينَ يُحاكِمُكَ رِجالُ المافيا / وكُن رُومانسياً حِينَ يُحاكِمُكَ قُضاةُ مَحاكمِ التفتيشِ / وَلْتَمُتْ واثقاً مِن البَدْوِ الرُّحَّلِ/وَاثقاً مِن صحراءِ آبائِكَ/سَيَكُونُ قَبْرُكَ في بِرميلِ نِفْطٍ/ولَن يَكْتَشِفَهُ الخوارجُ/
     أيها الموْتُ الذي يُتَوِّجُ قِصَّةَ حُبِّنا بِدُموعِ المرافئِ / لَن أختارَ عِطْرَ حَفَّارِ قَبْري / أيها المسافِرُونَ إلى وَجْهي / اغْسِلُوا وُجوهَكُم بِدِماءِ التفاحِ / قَبْلَ أن يَغْسِلَ المِيناءُ تاريخي بالنَّدَمِ / أدخُلُ إلى غُرفةِ الإِعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائيِّ مُسَلَّحاً بالصَّدماتِ العاطفيةِ / والموْجُ يَحفظُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ/ لِيَحْسِبَ عَدَدَ النِّساءِ اللواتي أضاعَهُنَّ مِن يَدِهِ/ ماتَ الجنودُ في معركةِ السَّرابِ/ كَي تُرَكِّزَ لاعباتُ التِّنسِ في اختيارِ مُزِيلِ العَرَقِ / والبَدْوُ الرُّحَّلُ باعوا زَوْجاتِهِم في حُروبِ القَبائلِ / وصَاروا دُبْلُوماسِيِّينَ في الأُممِ المتَّحدةِ / سأظلُّ عَريسَ المآتِمِ / مَلِكَاً باحثاً عَن تاجِ الهزيمةِ في دِماءِ العاشِقين /
     كُن أنيقاً مِثْلَ الزَّوْجاتِ الخائناتِ/ قَبْلَ مَواعيدِ الاحتضارِ قُرْبَ عَصيرِ البُرتقالِ / سَنَبيعُ السَّبايا في الأغاني الوَطَنيةِ / والإمبراطورُ يَبيعُ العِلْكةَ في مُجَمَّعِ الحافلاتِ / والتاريخُ يَعملُ سَائقَ تاكسي بَعْدَ انتهاءِ الدَّوامِ في المِشْنقةِ / فَلْتَمُتْ شَنْقاً / ثُمَّ اعْتَرِضْ أمامَ قُضاةِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / مَقْبرتي تحتاجُ إلى دَليلٍ سِياحِيٍّ/ يَدُلُّ الْحُلْمَ الْمَنْسِيَّ على ذِكرياتِ البَجَعِ/ فاكتشِف الرُّومانسيةَ في ذِرْوةِ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / ضَاعَ الوَطَنُ / وَضَاعَ المنفَى /
     لا تَقلقي أيتها الحضارةُ العَمياءُ / أيتها الحضارةُ التي تأخذُ حُروفَها مِن الاحتضارِ / سَوْفَ تتحوَّلُ رَاعيةُ الغَنَمِ إلى لاعبةِ تِنسٍ أرضِيٍّ / بِلادي يا أجْمَلَ السَّبايا / سَوْفَ تَخسرُ الجاريةُ غِشاءَ بَكارَتِها في لُعبةِ قِمارٍ/ النُّعوشُ المنسِيَّةُ عَلى رَصيفِ الملهى الليليِّ/ بُكائي هُوَ مُديرُ أعمالي / والزَّوابعُ تَفْرِضُ ضَريبةَ المبيعاتِ على خَشَبِ التَّوابيت / والشُّطآنُ تَجْمَعُ جُثثَ العُشَّاقِ كأزرارِ القُمصان / أيها المنبوذُ الذي يَجْمَعُ النِّساءَ كطوابعِ البريدِ / إِنَّ البَرْقَ هُوَ الحاصدُ / وكُلُّنا مَحصودٌ / حُبُّنا تِلقائِيٌّ / وانتحارُنا أكثرُ تِلقائيةً / مَوْتُنا الشاعريُّ تاجٌ على عَرْشِ الفَراغِ / وأراملُ الجنودِ سَيَطُولُ انتظارُهُنَّ في مَحطةِ القِطاراتِ / كُلما أحببتُكِ احترقْتُ بِحُبِّكِ / فَتَعَلَّمْتُ الكَراهيةَ كَسْراً للرُّوتين / فاكْرَهْني أيها الْحُبُّ لأُحِبَّ كُرْهي لِنَفْسي/ ألمحُ ظِلالَ النِّساءِ وراءَ سَتائرِ غُرفتي الْمُطِلَّةِ على عِظامِ الغرقى / وَتَصُبُّ ظِلالي دَمَ النَّخيلِ في غَيْمةٍ مَنفيَّةٍ / لَن أجْلِسَ في بَيْتي أمامَ المِدْفأةِ / مُنْتَظِرَاً مَلَكَ الموْتِ / احتضاري مَحَلِّيٌّ / وانتحاري عَابِرٌ للقارَّاتِ / ورائحةُ الموكيتِ الجديدِ في شَوارعِ كَبِدي / فيا إِخْوتي ضُبَّاطَ المخابَراتِ / اعْتَنُوا بِجَارِنا المشلولِ بَعْدَ تصفيتي جَسَدِيَّاً /
     كُلُّ الأمواتِ يُحِبُّونني / لكنَّ دُودَ القُبورِ يُحِبُّني أكثرَ / ذَهَبَت الصَّبايا إلى فِرَاشِ الموتِ / وَبَقِيَتْ خُطُواتُهُنَّ على الرُّخامِ الباردِ كالذِّكرياتِ الميْتَةِ / زَوَّجتْ حُكومةُ قُطَّاعِ الطرقِ بَناتِ أفكاري لأعدائي / فلا تَخْدَعُوني مَرَّةً واحدةً / اخْدَعُوني بالتَّقسيطِ / أنا الرَّجلُ الوَحيدُ في حَياةِ المقاصلِ / أنا العِشْقُ الأبَديُّ في ذاكرةِ المشانقِ / أنا رَجُلُ الثلجِ الذي يَذوبُ / أنا أُستاذُ الموتى / وتلاميذي يَمُوتونَ أمامي / فَهِمْتُ كُلَّ نظرياتِ الرياضياتِ / لكني لم أعْرِفْ لماذا يَقومُ أميرُ المؤمنينَ بِقَتْلِ المؤمنين / حَفِظْتُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لكني لم أعْرِفْ لماذا يَجْمَعُ الملوكُ الجثثَ كَعُلَبِ السَّجائرِ/ دَرَسْتُ عِلْمَ الكيمياءِ / لكني لم أُمَيِّزْ بَيْنَ حِبالِ الغسيلِ وحِبَالِ المشانقِ /
     إِذا لَم تُزَوَّر الانتخاباتُ / فَكَيْفَ سأعرفُ أنني في وَطَني ؟ / إذا لم يَسْرِق القَراصنةُ الفُقراءَ / فَكَيْفَ سأعرفُ أنني في مَسْقَطِ رَأسي ؟/ سَنَحفظُ الأغاني الوَطَنيةَ بَعْدَ مَوْتِ الوَطَنِ / سَتُدافِعُ البَغايا عَن الوَطَنِ بَعْدَ مَوْتِ المواطنين / فاشْكُرْ جَلادَكَ / واحْفَظ النشيدَ الوَطَنيَّ كما تَحفظُ قِيمةَ فاتورةِ الكَهْرباءِ / اقْتُلوني ثُمَّ امْدَحُوني / ولا تَنْسَوا أن تَبْكُوا عَلَيَّ أمامَ وَسائلِ الإِعلامِ / لَسْتُ مُديرَ أعمالِ الموْجِ / وأخشابُ نعشي لَيْسَتْ وَصيفةَ الأميرةِ / لا تُتْعِبُوا أنفُسَكُم في البَحْثِ عَنِّي لأني غَيْرُ مَوْجُودٍ / لا أعْرِفُ مَن أنا / لا أعْرِفُ أيْنَ أنا /
     أمشي بَيْنَ جَثامينِ السُّنونو/ مُجَلَّلاً بالعارِ والدُّموعِ/ لا أطلالُ بَيْتِنا تَحْميني / ولا أقواسُ النَّصْرِ تَزُورُني في المنامِ / أنا القائدُ المهزومُ / رَاياتُ القَبائلِ المكسورةِ تُرَفْرِفُ حَوْلَ جُمجمتي / لا زَوْجةٌ تَنتظِرُني في السَّحَرِ / ولا أطفالٌ يَخْجَلُونَ مِن دُموعِ أبيهم / أسْمَعُ صَدى انتحاراتي في داخلي / أحْمِلُ بِذْرَةَ انهيارِ الحضَارةِ في أوْرِدتي / غَرِقَت النِّساءُ في مَناديلِ الوَدَاعِ / ودَقَّاتُ الكَعْبِ العالي تَحْفِرُ أرصفةَ المِيناءِ / تَجلسُ الأسماكُ عَلى أكتافِ الدَّيناصوراتِ / وأركضُ وَراءَ نِداءِ الجوعِ القادِمِ مِن أعماقِ الشَّفَقِ / سَامِحيني يا أُمِّي / أنا أحترقُ مِن الدَّاخلِ / أنتحرُ تدريجياً / عُودي أخضرُ / لكني دَخلتُ في مَدارِ الاحتراقِ مُبَكِّراً / أدفعُ ضَريبةَ انهيارِ الحضَاراتِ مِن مِلْحِ دُموعي / وأُغْلِقَ بَابُ غُرفةِ المشرحةِ / أبني مِقْصلتي الكريستاليةَ حُلْماً حُلْماً / وأغْزِلُ حَبْلَ مِشْنقتي خَيْطاً خَيْطاً / أزرعُ أشجارَ مَقبرتي حَسَبَ بُوصلةِ اكتئابي/ وأنتظرُ الضَّبابَ القُرمزيَّ في مَحطةِ القِطاراتِ الخرساءِ/
     أيتها الغريبةُ التي تُسَلِّمُ جَسَدَها لِزَوْجِها / وَتَمنحُ رُوحَها لِعَشِيقِها / كُلُّ الطيورِ عَادَتْ إلى نَزيفِها/ وَزَوْجاتُ حفَّاري القُبورِ رَجَعْنَ إلى أشجارِ الصَّنوبرِ / يَرجعُ الرِّجالُ إلى زَوْجاتِهِم / وأرجعُ إلى بَلاطِ زِنزانتي المغسولِ باليورانيوم/ أحْمِلُ انكساري تاريخاً من الذبابِ الْمُلَوَّنِ/ أرتدي أقنعةَ الأمواتِ/ لِكَيْلا ترى الشَّركسياتُ الْحُزْنَ في عُيوني/ ذَهَبَ العُشَّاقُ إلى الْمُنْتَجَعَاتِ الدَّمويةِ لِقَضاءِ شَهْرِ العَسَلِ / وَبَقِيتُ تَحْتَ الأمطارِ وَحيداً / كُلُّ الفُصولِ شَاهِدةٌ على اغتيالِ الأنهارِ في شَراييني/ وَعَرباتُ القِطارِ أصابَها الصدأُ / وسائقُ القِطارِ ماتَ جُوعاً / بَعْدَ أن سُرِقَ رَاتِبُهُ التَّقاعديُّ / فَعُدْ إِلَيَّ أيها الوَهْمُ اللذيذُ / لأُلْقِيَ عَلى جُثماني نَظْرَةَ الوَدَاعِ / والفُقراءُ يَتجمَّعونَ حَوْلَ حُفَرِ المجاري / ويَعْزِفُونَ لَحْنَ النوارسِ المنفيَّةِ / خُذني أيها الْحُزْنُ مِنِّي / وازْرَعْني في انكساراتِ الشُّموسِ / قُلْ لِي إِنَّكَ تُحِبُّني / قُلْ لِي إِنَّكَ تَكْرَهُني / قُلْ لِي أيَّ شَيْءٍ / اضْحَكْ عَلَيَّ / أو لا تَضْحَكْ عَلَيَّ / ازْرَعْني في الْحُلْمِ المستحيلِ / أنا الكائنُ المستحيلُ /
     بَيْنَ نَوْباتِ اكتئابي تَزرعُ العصافيرُ خِيَامَ اللاجئين/ أشُمُّ رَائحةَ الموْتِ/ وأرسُمُ صُورةَ جِنازتي على طَوابعِ البَريدِ التِّذكاريةِ/ ولا أعرِفُ النِّساءَ اللواتي يَمشينَ في جِنازتي / رَائحةُ الموتِ على أثاثِ بَيْتِنا / رائحةُ الموتِ في مَزهرياتِ الْحُلْمِ / رائحةُ الموتِ في كُحْلِ العَرائسِ / رَائحةُ الموتِ في قَارورةِ الحِبْرِ/ رَائحةُ الموتِ مَعجونةٌ بالثلجِ الأزرقِ على القِرْميدِ الأحمرِ / كَم امرأةٍ تَضحكُ لِزَوْجِها وَهِيَ تَخُونُهُ/ والغيومُ تُوَزِّعُ عِظامي على السَّنابلِ تِذْكاراً قَبْلَ اغتيالي / أنتظرُ قَاتِلتي في مَحطةِ القِطاراتِ / وَمُصَمِّمةُ الأزياءِ تُفَصِّلُ أكفاني حَسَبَ مُوضَةِ الخريفِ /  
     أسمعُ بُكاءَ قَوْسِ قُزَحَ في صَوْتِكِ / ودُودةُ القَزِّ تَخيطُ أكفانَ اليمامِ في الضَّبابِ الدَّمويِّ / قلبي يَتجسَّسُ عَلَيَّ / وصَوْتُ النخيلِ في السَّحَرِ يُوقِظُ جَدائلَ البَناتِ / حُزْنُكِ يا أُمِّي في ليالي الشِّتاءِ يَكْسِرُ زُجاجَ دُموعي / ويُدْخِلُ أعصابي في ثَلاجةِ الموتى / التي تَضُمُّ رُفاتَ المطرِ والبُوظةَ بِطَعْمِ الفانيلا / والأعاصيرُ تُفَتِّشُ قَفَصي الصَّدْرِيَّ غُرفةً غُرفةً / والحمَامُ الزَّاجلُ يَرمي دَقَّاتِ قلبي على صُخورِ الشَّاطئِ / ماتت الفَتَياتُ في الصَّدماتِ العاطفيةِ / وخَفْرُ السَّواحلِ يَعْزِفُونَ على البيانو /
     كُلُّ الكِلابِ البُوليسيةِ حَوْلَ أجفانِكِ / لَن تَمْنَعَني مِن انتظارِكِ / وَلَو كُنْتُ فِراشَ الموتِ فَلَن أغتصِبَ وِسادةَ البُحيرةِ / فَاضْحَكي أيتها الملِكةُ / قَبْلَ أن يَأتِيَ يَوْمُ النَّحْسِ القَاتِلُ / لا عَرْشٌ ولا دُموعٌ / نُثِرَتْ شَظايا التَّاجِ في بُحيراتِ السِّيانيدِ / وَدَمُ الحيْضِ يَختلطُ بِالوَحْلِ الْمُضِيءِ / نَسِيَت الراهباتُ أغشيةَ البَكارةِ في أجراسِ الكَنائسِ/ وَذَهَبْنَ إلى غُرفةِ الاعترافِ وَاثقاتٍ مِن إِنجيلِ الإبادةِ/
     قَالَت الرِّياحُ للمَوْجِ إِنَّ النِّفطَ الْخَامَّ كأُنوثتي الخام / فِضَّةُ الانتحارِ تترسَّبُ في عُروقي / ومُضَادَّاتُ الاكتئابِ اكتأبَتْ عِندما رَأت اكتئابي / وَنَسِيَت الأمهاتُ خَرائطَ الخِيانةِ الزَّوْجيةِ في كُتبِ الطبخِ / نَتدرَّبُ على نَصْبِ الخِيَامِ بَعْدَ المجزرةِ / يَقْضُونَ وَقْتَ فَراغِهِم في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وأقضي وَقْتَ فَراغي في غُرفةِ الإِعدامِ/ والقنافذُ العمياءُ تُذَكِّرُني بمواعيدي عِندَ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / وَحْدَهُ الموتُ هُوَ الطبيبُ النَّفْسِيُّ /
     كُلما فَتحتُ صَفحةَ الوَفَيَاتِ/ قَرأتُ فِيها اسْمي / والرَّعْدُ يَرمي جَثامينَ الأطفالِ على حَواجبِ أُمَّهاتهم / ذاكرتي نِداءٌ في الفَراغِ / والبَراري الواسعةُ لم تَضُمَّني / لكنَّ القَبْرَ الصَّغيرَ ضَمَّنِي / لا زَوْجةٌ تَحْضُنُني في مَساءِ الذُّعْرِ / لكنَّ ضَمَّةَ القَبْرِ تَحْضُنُني / سَأصْلُبُ يَهوذا الإِسْخَرْيُوطيَّ على حِجارةِ التُّلمودِ/ والْحُسَيْنُ يُعادُ قَتْلُهُ/ تُحاكِمُني المومساتُ في دَوْلتي البُوليسيةِ/ والرَّاهباتُ يُرَتِّبْنَ المزهرياتِ على فِرَاشِ الموْتِ/ ذَهَبْنَ إلى احتضاراتِ الخريفِ / وجَوارِبُهُنَّ الناعمةُ مَنْسِيَّةٌ عِندَ مَوْقَدةِ الوَدَاعِ الأخيرِ /
     يَا أيتها الأجنبيةُ المقتولةُ في الأرضِ الأجنبيةِ تَحْتَ الهواءِ الأجنبيِّ / يا أيتها الغريبةُ المذبوحةُ في الأرضِ الغريبةِ تَحْتَ الشَّمْسِ الغريبةِ / خُذي أظافرَ الغَيْمِ خَارطةً تائهةً / تدلُّ الضِّباعَ عَلى أضرحةِ اليتامى / سَيَخْذُلُ رَجُلُ الثلجِ بُحيرةَ الدِّماءِ / ولَن يَكُونَ أوَّلَ رَجُلٍ يَخْذُلُها / اقْتُليني يَا حُكومةَ الإبادةِ / لَن تَكوني السَّارقةَ الأُولَى التي تَسْطُو على نزيفي / شَيْءٌ مُؤْسِفٌ ألا تَجِدَ مَن يَبْكي عَلَيْكَ بَعْدَ إِعْدَامِكَ / أظلُّ أمشي وأخافُ الوُصولَ / مُعْتادٌ على الخِيانةِ / أَخُونُ عِظامي / ويَخُونُني قلبي / والفُقراءُ يَصْلُبُونَ أجسادَ نِسائهم على حُفَرِ المجاري / وَيَتقاتلونَ عَلى رُكوبِ الحافلةِ العُموميةِ / وأنا الْحُزْنُ الْمُرَصَّعُ بأوسمةِ الهزيمةِ / كُلما دَخلتُ في حُروبِ القَبائلِ / شَعرتُ أنِّي في لَيْلةِ الدُّخلةِ / فإِمَّا أن أُهْزَمَ أو أُهْزَمَ / وَلَو كَتبت الأمطارُ سِيرَتَها الذاتيةَ / لقامَتْ حَرْبٌ أهليةٌ في ضَفائرِ الرِّياحِ / فيا أخي الطوفان / تَخَيَّلْ مَشاعرَ الراهباتِ لَوْ وُضِعْنَ بَيْنَ البغايا / هَذِهِ هِيَ مَشاعري /
     رَائحةُ الاحتضارِ تسيلُ على بَراويزِ بَيْتِنا في قُرْطبة / سَتُدْفَنُ قِصَصُ الْحُبِّ معَ أبطالِها تَحْتَ التُّرابِ/ فَقَدَت الأحزانُ غِشاءَ بَكَارَتِها / ولم يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ تَخْسَرُهُ / أضاعت الراهباتُ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ في غُرفةِ الاعترافِ / ولم يَعُدْ هُناكَ شَيْءٌ يَبكينَ عَلَيْهِ / فَادْفِنْ حُبَّكَ في قَلْبِكَ / ولا تَبُحْ بِسِرِّ الموْتِ إِلا لِلْمَوْتِ/ مَسَحْتُ دُموعَ البُحيرةِ / لَكِنِّي لَم أجِدْ أحَداً يَمْسَحُ دُموعي / سِوى سُعالي العميقِ في ليالي الشِّتاءِ / وَمَنْ يَعْرِفْ طَريقَهُ إلى القَبْرِ / لا يَلتفِتْ إلى السَّبايا في سَيَّاراتِ المرسيدسِ / وَطَنٌ مَنْزُوعُ الدَّسَمِ / وأُنثى مَنْزُوعةُ الأُنوثةِ / والرَّعْدُ أخفَى ضَريحي عَن عُيونِ الخفافيشِ / سِحْرٌ غامضٌ في عَيْنَيْكِ يَشُدُّني إلى مَوْتي /  
     وَدَاعاً يَا كُلَّ النِّساءِ المسحوقاتِ مِثْلَ أكياسِ الطحين / التي تَحتكِرُها حُكومةُ المقابرِ الجماعيةِ / وخَفْرُ السَّواحلِ في مُدُنِ الكُوليرا / يَكتبونَ التقاريرَ السِّريةَ أثناءَ مُضَاجَعَةِ زَوْجَاتِهِم / ولا يَتذكَّرُ عِيدَ مِيلادي إلا الْمُخْبِرُونَ وحَفَّارو القُبورِ / وَرُومانسيةُ ضَابِطِ المخابراتِ تتفوَّقُ عَلى رُومانسيةِ رِمَالِ البَحْرِ .