أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...........
لَسْتُ أنا مَرْيَمَ لِتَسْقُطَ
عَليَّ الرُّطَبُ / لَستُ أنا خَديجةَ لِيُحِبَّني النبيُّ / خُدودي هِيَ
الْمَذْبحُ / وَرَقَبَتي هي المذبحةُ / إِنني مَخْنوقةٌ يا كُلَّ صُلْبانِ الجسَدِ
الْمُهَشَّمِ / تَصيرُ الأشلاءُ كُوباً مِنَ الشَّايِ المصلوبِ على خَشَبَةِ
المسْرَحِ / وإِعْدامي هو المسْرَحُ والمسرحيةُ / لا مِكياجٌ حَوْلَ ظِلِّ الرِّيحِ
/ وَلا عُيوني قَوافلُ البَدْوِ الرُّحَّلِ
/ يَقرأُ الزبدُ الظِّلَّ النُّحاسيَّ إِنجيلاً للإبادةِ / وأيْنَ ظِلِّي ؟ / أبني
في شُعيراتي الدمويةِ أبراجاً للنحيبِ / والأغرابُ يَبْنُونَ في طِلاءِ أظافري
ناطحاتِ السَّحابِ / وجُثماني حاجزٌ أمنيٌّ / تَبني عَلَيْهِ العصافيرُ مَملكةَ
القُشَعريرةِ / نَشيدُ الرِّياحِ كُحْلٌ للقَتيلةِ / فيا بَراميلَ النِّفْطِ في
مِيناءِ السُّنونو / اقْتُليني عَاريةً مِن أجْنحةِ البَجَعِ وَتَراتيلِ الكَنيسةِ
/ عُذْراً أيُّها الموتى العُراةُ / لَم أتأمَّلْ في وُجوهِ الأراملِ العابرةِ خَلْفَ
زُجاجِ القِطاراتِ / التي تَذهبُ ولا تَعودُ / لَوْ كُنتُ قَبْضةَ النهرِ /
لَخَرَجَ صَوْتُ الرصاصِ مِن عِظامي / لكني أجراسُ الجلادين / مَن أنا لأَرْسُمَ
مِكْياجَ الأميراتِ ؟ / فَلْتَكُنْ حُفْرتي جَرَساً في أُذُنِ غَزالةٍ / مَن
سيتذكرُ بُكائي أمامَ الأمواجِ التي صَادَقَتْ ضُبَّاطَ المخابراتِ ؟ / أنا لَم
أَعُدْ أنا / مَن أنا ؟/ لا شيءَ حَوْلَ اسْمي يَعشقُ صَليبي المكسورَ / قَد
يَرْسُمُ أسْفَلْتُ الوَحْشةِ صَليباً وَحْشياً على شَظايا صَدْري / لا طِفْلٌ يَلتقمُ
ثَدْيي / وَلا نشيدٌ وطنيٌّ لأبنائي في سُوقِ النِّخاسةِ / غَرِقْتُ في حَليبِ
العُشْبةِ الأخضرِ / وحليبي أكياسٌ مِن الأسمنتِ على أرصفةِ المِيناءِ المهجورِ /
مَن أنا لأَمْنَعَ أنَّا كارنينا مِن الانتحارِ وَكُلُّ حَياتي انتحاراتٌ ؟ /
تَكَاثَرْ أيها الحزنُ /
سَيِّجْني بِقُيودِ الغَسَقِ بأُمومةِ الأرصفةِ / القَبائلُ بَاعَتْ رَاياتِها مِن
أجْلِ الرَّاتبِ الشَّهْرِيِّ/ أُنادي على القَتيلاتِ في المرفأ/ تتساقطُ أظافري
كالثلجِ الأخضرِ في رِئةِ المِدْخنةِ / أحببتُ قِطتي فَخَانَتْني / فَأيْنَ أجِدُ
زَوْجاً لا يَخُونني ؟ / أرْشِدْني أيها الموجُ الأعْرجُ / الأيتامُ يَمشونَ إلى
أشجارِ الألَمِ / والغاباتُ تتعاطى وُجوهَ الفُقراءِ / ستقرأُ الماريجوانا وُجُوهَ
طَالباتِ هَارفارد / الخارجاتِ مِن لَيْلةِ الدُّخلةِ/ الدَّاخلاتِ في سِفْرِ
الرُّؤيا/مَن أنا لِيَعتذرَ لِيَ الملوكُ عَن سَرقةِ الشُّعوبِ؟/
سَأعودُ لِكَيْلا أَعودَ / فَانهضْ مِن مُوجَزِ
تاريخِ الْحُزْنِ / وتَقَمَّصْني / أنا خَشَبةُ المسْرَحِ / لكني لا أَعرفُ وَشْمَ
النِّعالِ التي سَتَرْكُضُ على جَسَدي / لا تَكْرهيني يا أُمِّي / إِنَّ أبي
يُمارِسُ هِوايَتَهُ في وأدِ البناتِ / كلُّ وَجْهٍ مطرٌ على أرْضٍ لا تَعترفُ إلا
بالجلادين / فَلْتَفْرُشْ مَرايا الطوفانِ عِظامي أجنحةً صِناعيةً للنَّعَاماتِ
المشلولةِ / يَا جَارَنا الراكضَ عَلى حَوَافِّ الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ / لا
تَمْلِكُ ثَمَنَ وِسادةٍ تنامُ عَلَيْها أو تبكي عَلَيْها / كُلُّنا رِمالٌ
مُتحرِّكةٌ / أشباحٌ على صَوْلَجانِ الوَهْمِ / والعُروشُ تَقتلُ الملوكَ
كالنَّمْلِ/ مَن أنا لأَقولَ لابنةِ القَيْصَرِ / كُوني أقلَّ تفاهةً مِن لاعباتِ
التِّنسِ ؟/ المطرُ يَجْرَحُ لَحْمي الخريفيَّ / كَشِتاءٍ خَارِجٍ مِن غُرفةِ العِنايةِ
المركَّزةِ / لا تسألْني لماذا أموتُ في الحياةِ / الدَّقيقةُ سَنَواتٌ مِن
الألَمِ / ورَنينُ الدَّمْعِ كَسَرَ رَنينَ الأجراسِ في تاريخِ الرَّمادِ / يا
أبراجَ الكنيسةِ / قِدِّيسةٌ أنتِ في النهارِ / مُومِسةٌ في الليلِ / قلبي أسئلةُ
الأشجارِ/ والذينَ يَعْرِفُونَ الإجابةَ ماتوا / يَرْمي المساءُ شَظايا جُمْجمتي
في صَحْنِ الملوخيَّةِ / والفَيَضَانُ يَكتبُ مُذكَّراتِ امرأةٍ تَكْرَهُ نَفْسَها
/ تَنسَى وَجْهَ زَوْجِها / ولا تَنسَى وَجْهَ مُغْتَصِبِها / وزَوْجُها هُوَ
مُغتَصِبُها /
أنظرُ وَراءَ تُفاحِ
الجِنسِ / أرى دَمَ الوِلادةِ على أغصانِ النيازكِ / الرِّعشةُ النِّهائيةُ /
والوَهْمُ اللذيذُ / والمِشْنقةُ الشَّهيةُ / اللاعَوْدةُ تَصيرُ عَوْدةَ النوارسِ
المحكومةِ بالإعدامِ / أنا أكرهُكَ لأني أُحِبُّكَ / البطاطا المقْليةُ أرشيفٌ
للقلوبِ المحترقةِ بالعِشْقِ / تَجْلِسُ عِظامي على طَاولاتِ المطاعمِ / أنا
وَحيدةٌ كالصدى / وهَيْكلي العَظْمِيُّ مَبْلولٌ بالسِّيانيدِ / أنتحرُ في
الصَّيْفِ / لكني أَشُمُّ رَائحةَ العَدَسِ في شِتاءِ الأديرةِ / يَسْتلقي
الفَيَضانُ على رُموشي / والضَّبابُ يُعلِّقُ مَلابسي على حَبْلِ مِشْنقةٍ عابرةٍ
/ دَمي أعْزَلُ أيها الأسمنتُ المسلَّحُ/ مُحَاصَرَةٌ أنا بِمَلاقِطِ الحواجبِ
والحواجِزِ الأمنيةِ / افْهَميني أيتها المزهرياتُ الملوَّثةُ بِدُموعِ
العُشَّاقِ/ لماذا نَقتلُ الْحُبَّ بِاسْمِ الْحُبِّ ؟/ لن أرسمَ الصليبَ عَلى
صَدْري المهجورِ قَبْلَ أن أنتحرَ مِثْلَ أنَّا كارنينا/ لأنَّ ذِكرياتي انتحاراتٌ
/ الصليبُ مَرْسومٌ على سَرَطانِ الثَّدْيِ / امرأةٌ لا تنسَى وَجْهَ جلادها /
تَخونُ زَوْجَها معَ زَوْجِها / لكنها غَيْرُ مُتزوِّجةٍ /
رَمْلُ البحرِ يُعاني
مِن الإسهالِ / فَكَيْفَ يَموتُ عُشْبُ المقابرِ غريقاً ؟ / قَوْسُ قُزَحَ يَكتبُ
واجباتِهِ المدرسيةَ على سَطْحِ كُوخي / وفي أقاصي أُنوثتي تَنْبُتُ ذُكورةُ
النهرِ / لكني المشنوقةُ اللازورديةُ بِلا أرقامِ سُجناء / نَسيتُ أرقامَ
الزَّنازين / وتاريخي ضِدُّ تاريخي / وأعضائي تتآكلُ / وَكُرياتُ دَمي الحمراءُ
تُقاتلُ كُرياتِ دَمي البَيضاءَ / وأنا الهدنةُ المؤقَّتةُ بَيْنَهما / خُدودي
تتصارعُ على أماكنِ النُّفوذِ في شَواهِدِ القُبورِ / ودِمائي مِكْياجُ الغِرْبان
/ مَن أنا لِتَنتظرَني وَلادةُ بِنْتُ الْمُسْتكفي عَلى أبوابِ مَحاكِمِ التفتيش ؟
/
احتضاراتُ مُراهِقَةٍ تُتاجرُ
بِثَدْيَيْها في مَرافئِ الملاريا / أزمنةُ الحطبِ تَصيرُ مكاناً يَختبئُ فِيهِ
الجنونُ خَوْفاً مِن عُلبةِ مِكْياجي / لِمَن أتزيَّنُ أمامَ مِقْصلةِ الرَّماد ؟
/ أَحْفِرُ في جُلودِ الأحصنةِ اسْمَ جُثماني/ والسنابلُ لا تَزُورُني إلا في
مَواسمِ احتضاري / سَتأكلُ الطيورُ أشلائي على رَصيفِ الميناءِ / جِنازتي تَصيرُ
مَطْعَماً للعُشَّاقِ الفاشلين / سَوْفَ يَلتقي الضَّبابُ المقتولُ باللبؤةِ
الجريحةِ / وَيَستمعانِ إلى وَصايا الزَّبدِ / يَعْشَقُهُما الانتظارُ في محطةِ
القِطاراتِ الخرساءِ / الإضراباتُ أَكَلَتْ زُجاجَ القِطاراتِ والمقاعِدَ
الخشَبيةَ / وَعُمَّالُ المناجِمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا تَحْتَ
الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ / ومَناديلُ الوَداعِ مُلْقاةٌ على السِّكةِ
الحديديةِ / مَشَاعري مِن الحديدِ أو النُّحاسِ / لكني أَعْرِفُ قِصَصَ العِشْقِ
في طَريقِ المقابرِ الجمَاعيةِ / رُبَّما تَحصلُ الفُقْمةُ على جائزةِ الدُّبِّ
الذهبيِّ / انتصرَ التُّرابُ على التُّرابِ / وفازَ الزَّرنيخُ بأعضائي
البلاستيكيةِ / تُصبحُ جدائلي صَالةَ سِينما لِرِجالِ المخابَراتِ المخلِصِينَ
للحَطَبِ / لا رَجُلٌ أموتُ على صَدْرِهِ / ولا سَيَّارةُ نَقْلِ الموتى تَنْحِتُ
على شَاهِدِ قَبْري رَقصةَ الموجِ الأخيرةَ / عَرْشي غَامضٌ / والصَّوْلجانُ
مَكْسورٌ / سَتَمُرُّ على كَفَني الْمُسْتَوْرَدِ الأشجارُ المسافرةُ/ لكني
سَأعودُ معَ السُّنونو في مَساءٍ خَريفيٍّ/ مَن أنا لأُدرِّبَ الكِلابَ البُوليسيةَ
على الملاعبِ العُشبيةِ ؟ /
كانت أُنوثتي عُلْبةَ سَرْدين / وكانَ أبي يَخونُ
أُمِّي / كَما تَخونُ بَناتُ آوَى بَناتِ أفكاري / أيها الإسطبلُ المهجورُ /
حَاوِلْ أن تَفهمَ اكتئابَ الخيولِ / يا حِيطانَ الوَداعِ / ارْسُمي دُموعي على
الوِسادةِ صُورةً تِذكاريةً / لَحْمي هُوَ أرشيفُ الحروبِ السِّريةِ / أعيشُ معَ
الدَّبابيسِ الأُرجوانيةِ / التي تَزرعُ الحشيشَ في ثُقوبِ جِلْدي / وَدَمي لا يَقْبَلُ
القِسْمةَ على اثنَيْن / وَجَسدي عاجزٌ عَن الانصهارِ في جَسَدِ رَجُلٍ / أنا
وَرَقُ اللعبِ عَلى طَاولةِ لاعبةِ القِمارِ /
أطنانُ المِكياجِ على
وُجوهِ المذيعاتِ الْمُقْرِفاتِ / يَختارُهُنَّ النَّخاسُ حَسَبَ حَجْمِ
أثدائهِنَّ ومَواعيدِ الدَّوْرةِ الشَّهريةِ / تَعادَلَ دَمُ الحيْضِ معَ دَمِ
المِكياجِ / في المباراةِ التي خَسِرَتْها الجواري أمامَ القَراصنةِ / سَاعةُ
الحائطِ على ألواحِ المذْبَحِ هِيَ سُوقِ النِّخاسةِ / أيتها الإِمَاءُ
المحنَّطاتُ في السائلِ المنَوِيِّ / ارْقُصْنَ أمامَ الخليفةِ غَيْرِ
الشَّرْعِيِّ / كَي تَنتشرَ الجماجمُ في مُستودعاتِ الميناءِ / مَن أنا لأَصْبُغَ
المتوسِّطَ بِلَوْنِ دِمائي البنفسجيةِ ؟ / سَتَعيشُ هذه القَتيلةُ في ذِكْرياتِ
العُشَّاقِ العَاطِلِينَ عَن العَمَلِ / أنا انقلابٌ عَسكريٌّ / دَمي يَنقلبُ على
قَلبي / وقلبي يَنقلبُ على رِئتي / ورِئتي تَنقلبُ مَعِدَتي / رَضِعْتُ معَ حليبِ
النَّيازكِ أعوادَ المشانقِ والمجازرَ والاغتيالاتِ والانقلاباتِ وَمَحاكمَ
التفتيشِ وصُكوكَ الغُفرانِ / أنا عُنْصْرُ الهيدروجين/ أعيشُ وَحيدةً / وأموتُ
وَحيدةً / أُمراءُ الحربِ/ وديمقراطيةُ القَراصنةِ / وجُغرافيا الكَبْتِ
الجِنْسِيِّ / وَحْدَها حِيطانُ الدَّيْرِ تَفهمُ بُكاءَ الرِّياحِ / افْهَمْني يا
حَطَبَ المِدْخنةِ/ كَما تَفهمُ سَيَّاراتُ نَقْلِ الموتى أشكالَ التَّوابيتِ/ مُهَاجِرَةٌ
أنا إلى المرايا المشروخةِ/ والبُروقُ تَكسرُ المزهرياتِ الأثريةَ / والأعاصيرُ
تَخْلَعُ أيقوناتِ الكاتدرائيةِ / ولا أَمْلِكُ غَيْرَ الوَهْمِ الجارحِ / الذي
سَأُصْلَبُ عَلَيْهِ في نهاياتِ الخريفِ / أتقاسَمُ الْجُرْحَ معَ حَطَبِ
الذكرياتِ القاتلةِ / وَسَرطانُ الثَّدْيِ التهمَ الصَّليبَ عَلى صَدْري المهجورِ
/
إذا اتَّصلتْ بِي أنَّا كارنينا بالهاتفِ /
فأخبروها أنني أُشَرَّحُ على خَشَبةِ المذْبَحِ وبَلاطِ المعْبدِ / كأنني أسرقُ
الضوءَ مِن شَمْسٍ تَكْرَهُني / لأنَّ حَنجرتي جُحْرٌ للفِئران / وعُيوني خَفافيشُ
/ يا قَلبيَ المنفيَّ في الأضدادِ / أنا وأنتَ عِشْنا كَجِرذانِ المرفأ المهجورِ /
لكننا لَم نَجِدْ رَصيفاً نستريحُ عَلَيْهِ / أو صَوْمعةً ننامُ فِيها / أو أثاثاً
يَحتضنُ جُثثَ الغرباءِ /
مُدُنٌ للنِّسيانِ /
وَمَناديلُ الوَداعِ صَارَتْ أكفاناً لِطُيورِ البَحْرِ / نَسِيَت النِّساءُ الجِمَاعَ
في شِتاءِ الطاعون / اغْتَصَبَني دَمُ الباركِنسون / زَارَتْني مَراعي السُّلِّ /
عَانَقَتْني تَجاعيدُ النَّيازكِ / دَخلتُ في شَيْخوخةِ الحطَبِ / وانتحرتُ / وما
زِلْتُ أعيشُ / عُمري قَلْعةُ الاحتضارِ وأرشيفُ الانتحاراتِ / أيَّامي عِطْرٌ
مَغشوشٌ / أنا حَشَرَةٌ / لكنَّ ذِكْرياتي مُبيداتٌ حَشَريةٌ / أنا شَبَحُ
الأُنوثةِ في مُستودعاتِ الميناءِ / والمطرُ الحِمْضِيُّ هُوَ ما تبقَّى مِن
وَجْهي المشروخِ /
حياتي هَنْدسةٌ
مِعْماريةٌ للانتحاراتِ / وخُدودي هِيَ أبراجُ المراقَبَةِ في مُعسكراتِ الاعتقالِ
/ لَم يَعْرِفْ حُزني أقواسَ النَّصْرِ / ولم تَلْمِسْ أظافري أكاليلَ الغارِ /
أنا العارُ / أنا الموؤدةُ خَارِجَ ذِكرياتِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ / فازرعيني خَوْخاً
للاكتئابِ أيتها الغريبةُ/ التي تَرْمي الدَّلْوَ الفارغَ في قلبي الفارغِ / يا
كُلَّ البغايا الراجعاتِ مِن اصطيادِ الزَّبائنِ / احْرُثْنَ وَجْهَ النهرِ
بارتعاشةِ الجِنْسِ / الذي يَتحجَّرُ في أجسادِكُنَّ الملوَّثةِ بالزَّرنيخِ / تَحْفِرُ
السُّيولُ في جَدائلي صَوْتَ الرصاصِ / وحَبْلُ مِشْنقتي بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ /
والعناكبُ تأكلُ لحمي الطازَجَ / عَرْشي ضائعٌ / والملوكُ أبناءُ السَّبايا /
والزوابعُ تَزرعُ إشاراتِ المرورِ في خُدودي / وَدَمي الأحمرُ هُوَ اللونُ الأخضرُ
في إشارةِ المرورِ / لكني لا أَمُرُّ في سَراديبِ جبيني/ بِلادي رَاقصةٌ مُبتدئةٌ
ضَاعَتْ في كَواليسِ المسْرَحِ / والراهباتُ يَمْشينَ في جِنازةِ البيانو /
سيُصبحُ خَشَبُ البيانو نَعْشاً للأمطارِ / فاسْمَعْ تَغريداتِ الموتِ في مَمالكِ
الجثامين / أَحملُ الرَّقْمَ القِياسِيَّ في الصَّدماتِ العاطفيةِ / والسِّنجابُ
اليَتيمُ هُوَ الْمُتَحَدِّثُ الرَّسْمِيُّ بِاسْمِ القُنفذِ المصلوبِ/ وجسدي
خَازِنُ بَيْتِ الأحزانِ/ أنا المقتولةُ في قِرْميدِ الأكواخِ الرِّيفيةِ/
مُخَدَّرٌ لحمي كأنني مَنقوعةٌ في كُلِّ تَواريخِ الأفيون / فَاقْتُلْني يا ضَوْءَ
المطرِ كَي أتحرَّرَ / مُهاجِرةٌ أنا إلى صَوْتي المذبوحِ /
البَعُوضُ / والمجازرُ / والحطامُ الكلاسيكيُّ
/ وَسُورُ المقبرةِ الزُّجاجيةِ / حُقولٌ مِن اليورانيومِ الْمُخَصَّبِ بَيْنَ
لِساني ولُعابي / جَارتي تَعْزِفُ على البيانو في ليالي الشتاءِ الحزينةِ /
وَتَخونُ زَوْجَها معَ أحَدِ تلاميذِها/ ولاعبةُ القِمارِ لَيْسَ لَدَيْها وَقْتٌ
للطبخِ / كلُّ عُضْوٍ في جَسَدِ الشاطئِ المسْبِيِّ هُوَ اسْمي / وَيَنمو في شَرايينِ
الضَّبابِ دَمٌ غَريبٌ / عَزيزتي رِمالَ البَحْرِ / أنتِ الحاكِمةُ العَسكريةُ على
قلبي الذي تقاسَمَهُ الغرباءُ / الذين أَحْبَبْتُهم ورَحَلوا / هِيَ خُدودي
المطفأةُ مَنَاجِمُ فَحْمٍ / لكنَّ العُمَّالَ ذَابوا في الإضراباتِ / وسَقَطَ
سَقْفُ المعْبَدِ على جَدائلِ الراهباتِ / فَاقْطَعْني أيها الكَرْبونُ
وَرْدَتَيْنِ / كما يَقطعُ الماسُ أثداءَ الأميراتِ في صالةِ الرَّقْصِ / صَدْري
مَزارعُ الزَّرْنيخِ / وَعَرَقي مَسْمومٌ / وضَجَري مَسمومٌ / أنا السُّمُّ المترسِّبُ
في عُروقِ الرِّياحِ / وما زِلْتُ أركضُ في أدغالِ النحيبِ / أَكذبُ على قلبي
وأقولُ إِني أَكرهُكَ / الدَّهشةُ مُرْضِعتي التي تَكْرَهُني / والحطَبُ سائقُ
سَيَّارتي المعطَّلةِ / إِنَّ دَوْلةَ الجنونِ مَاتتْ / وَلَم تَعُدْ سِوى مَزرعةِ
حَشيشٍ للقُرْصانِ / سَتَخُونُكَ أظافرُكَ في معركةِ العِشْقِ / فاخْلَعْها كَي
تُحَرِّرَ ذِكرياتي مِن الأَسْرِ / أكتبُ فَلسفةَ اللحمِ المحترِقِ لأنسَى
الصَّدماتِ العاطفيةَ / أنا أرملةُ النهرِ الافتراضيةُ / لأنَّ محاكمَ التفتيشِ
سَوْفَ تُعذِّبُني حتى الموْتِ / فَابْكِ عَليَّ يا رَمْلَ البَحْرِ حتى الموْتِ /
لَيْلةُ إِعدامي مَوْلدي / وأنا التي وَلَدْتُ
خَشَبَ الغاباتِ المحترِقَ / ودُفِنْتُ لَيلاً لئلا يَنْبُشَ قَبْري كَهنةُ
الأسمنتِ / سَيْفُ الأدغالِ المسمومُ يَخترقُ أحشائي / يا كُلَّ النوارسِ
المنفيَّةِ في أقاصي سُعالي/ ارحمي أُنوثتي الْمُفَخَّخةَ مِثْلَ بَراميلِ
النِّفْطِ في مُستودعاتِ الموانئِ المنسيَّةِ / سَأَنتحرُ في أَوْجِ شَبابي لأظلَّ
أنيقةً إلى الأبَدِ / يا حفَّاري قُبوري / اتركوا الويسكي / وركِّزوا في
الشَّمْبانيا / اترُكوا الماريجوانا / ورَكِّزوا في الأفيون / يا حُزْنِيَ
البلاستيكيَّ / لم أسْتَفِدْ مِن قِصَصِ الغرامِ غَيْرَ الرَّبْوِ / اصْلُبْني على
جسدي عَاريةً مِن أَكوامِ الشُّطآنِ / وسَجِّل القضيةَ ضِدَّ مَجهولٍ / قد انتهت
اللعبةُ / وأنقاضي هِيَ جَوازُ سَفَري / أرعَى الضفادعَ في مُستنقعاتِ المنفَى /
الذي يَشْنُقُني لأنني أُنثى / أنا
حارسةُ ذِكرياتِ اللصوصِ المحترمين / مَشْنوقةٌ أنا مَرَّتَيْن / مَرَّةً عِندما
أحببتُكَ / وَمَرَّةً حِينما افْتَرَقْنا / قَرِفْتُ مِن قِصَصِ الْحُبِّ / كَما
قَرِفَتْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمانِ مِن الْحَجَّاجِ /
النِّساءُ الدُّمى / وَالرِّجالُ
المرتزِقةُ / والدُّوَلُ مَسْرَحٌ للعرائسِ / أنا عَروسٌ بِدُونِ لَيْلةِ
الدُّخلةِ / لا بابا الفاتيكانِ أبي / ولا الأمُّ تيريزا أُمِّي / سأبحثُ عَن
حُبٍّ جديدٍ أو مجزرةٍ جديدةٍ / لا فَرْقَ بَيْنَ الأضدادِ إذا كانَ رأسُكَ مِقْصلةً
مُسْتَوْرَدَةً / جَسَدُ العاصفةِ يَستحوذُ على ثَلْجٍ ساخنٍ / يَختزلُ الكُحْلَ
في بُؤرةِ الجِنْسِ / كأنَّ امتزاجَ الويسكي بالنبيذِ دُستورٌ للبَعوضِ / يَا مَن
تَسْجُنُونَ المطرَ وَتَمْنَحُونَ اللصوصَ
الأوسمةَ / كلُّ قَواربِ العُشَّاقِ تتكسَّرُ على صَخْرتي / لكني أضعتُ صَخْرتي في
زَحْمةِ الفَراغِ وَجَدْوى العَدَمِ / ناقلاتُ النِّفْطِ تَصطدمُ بِوُشاحي / أنا
خُرافةٌ / لكني لَسْتُ خُرافةَ الهولوكوست / وَحيدةٌ أنا كالقُشَعريرةِ /
وَالقُشَعريرةُ وَحيدةٌ مِثْلي / أتزلَّجُ على صَقيعِ المنافي / وأبناءُ الإِمَاءِ
يَحْرُسُونَ الوَحْدةَ الوَطنيةَ .