سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

08‏/09‏/2019

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

أحزان راهبة كاثوليكية / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     لَسْتُ أنا مَرْيَمَ لِتَسْقُطَ عَليَّ الرُّطَبُ / لَستُ أنا خَديجةَ لِيُحِبَّني النبيُّ / خُدودي هِيَ الْمَذْبحُ / وَرَقَبَتي هي المذبحةُ / إِنني مَخْنوقةٌ يا كُلَّ صُلْبانِ الجسَدِ الْمُهَشَّمِ / تَصيرُ الأشلاءُ كُوباً مِنَ الشَّايِ المصلوبِ على خَشَبَةِ المسْرَحِ / وإِعْدامي هو المسْرَحُ والمسرحيةُ / لا مِكياجٌ حَوْلَ ظِلِّ الرِّيحِ /  وَلا عُيوني قَوافلُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / يَقرأُ الزبدُ الظِّلَّ النُّحاسيَّ إِنجيلاً للإبادةِ / وأيْنَ ظِلِّي ؟ / أبني في شُعيراتي الدمويةِ أبراجاً للنحيبِ / والأغرابُ يَبْنُونَ في طِلاءِ أظافري ناطحاتِ السَّحابِ / وجُثماني حاجزٌ أمنيٌّ / تَبني عَلَيْهِ العصافيرُ مَملكةَ القُشَعريرةِ / نَشيدُ الرِّياحِ كُحْلٌ للقَتيلةِ / فيا بَراميلَ النِّفْطِ في مِيناءِ السُّنونو / اقْتُليني عَاريةً مِن أجْنحةِ البَجَعِ وَتَراتيلِ الكَنيسةِ / عُذْراً أيُّها الموتى العُراةُ /     لَم أتأمَّلْ في وُجوهِ الأراملِ العابرةِ خَلْفَ زُجاجِ القِطاراتِ / التي تَذهبُ ولا تَعودُ / لَوْ كُنتُ قَبْضةَ النهرِ / لَخَرَجَ صَوْتُ الرصاصِ مِن عِظامي / لكني أجراسُ الجلادين / مَن أنا لأَرْسُمَ مِكْياجَ الأميراتِ ؟ / فَلْتَكُنْ حُفْرتي جَرَساً في أُذُنِ غَزالةٍ / مَن سيتذكرُ بُكائي أمامَ الأمواجِ التي صَادَقَتْ ضُبَّاطَ المخابراتِ ؟ / أنا لَم أَعُدْ أنا / مَن أنا ؟/ لا شيءَ حَوْلَ اسْمي يَعشقُ صَليبي المكسورَ / قَد يَرْسُمُ أسْفَلْتُ الوَحْشةِ صَليباً وَحْشياً على شَظايا صَدْري / لا طِفْلٌ يَلتقمُ ثَدْيي / وَلا نشيدٌ وطنيٌّ لأبنائي في سُوقِ النِّخاسةِ / غَرِقْتُ في حَليبِ العُشْبةِ الأخضرِ / وحليبي أكياسٌ مِن الأسمنتِ على أرصفةِ المِيناءِ المهجورِ / مَن أنا لأَمْنَعَ أنَّا كارنينا مِن الانتحارِ وَكُلُّ حَياتي انتحاراتٌ ؟ /
     تَكَاثَرْ أيها الحزنُ / سَيِّجْني بِقُيودِ الغَسَقِ بأُمومةِ الأرصفةِ / القَبائلُ بَاعَتْ رَاياتِها مِن أجْلِ الرَّاتبِ الشَّهْرِيِّ/ أُنادي على القَتيلاتِ في المرفأ/ تتساقطُ أظافري كالثلجِ الأخضرِ في رِئةِ المِدْخنةِ / أحببتُ قِطتي فَخَانَتْني / فَأيْنَ أجِدُ زَوْجاً لا يَخُونني ؟ / أرْشِدْني أيها الموجُ الأعْرجُ / الأيتامُ يَمشونَ إلى أشجارِ الألَمِ / والغاباتُ تتعاطى وُجوهَ الفُقراءِ / ستقرأُ الماريجوانا وُجُوهَ طَالباتِ هَارفارد / الخارجاتِ مِن لَيْلةِ الدُّخلةِ/ الدَّاخلاتِ في سِفْرِ الرُّؤيا/مَن أنا لِيَعتذرَ لِيَ الملوكُ عَن سَرقةِ الشُّعوبِ؟/
     سَأعودُ لِكَيْلا أَعودَ / فَانهضْ مِن مُوجَزِ تاريخِ الْحُزْنِ / وتَقَمَّصْني / أنا خَشَبةُ المسْرَحِ / لكني لا أَعرفُ وَشْمَ النِّعالِ التي سَتَرْكُضُ على جَسَدي / لا تَكْرهيني يا أُمِّي / إِنَّ أبي يُمارِسُ هِوايَتَهُ في وأدِ البناتِ / كلُّ وَجْهٍ مطرٌ على أرْضٍ لا تَعترفُ إلا بالجلادين / فَلْتَفْرُشْ مَرايا الطوفانِ عِظامي أجنحةً صِناعيةً للنَّعَاماتِ المشلولةِ / يَا جَارَنا الراكضَ عَلى حَوَافِّ الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ / لا تَمْلِكُ ثَمَنَ وِسادةٍ تنامُ عَلَيْها أو تبكي عَلَيْها / كُلُّنا رِمالٌ مُتحرِّكةٌ / أشباحٌ على صَوْلَجانِ الوَهْمِ / والعُروشُ تَقتلُ الملوكَ كالنَّمْلِ/ مَن أنا لأَقولَ لابنةِ القَيْصَرِ / كُوني أقلَّ تفاهةً مِن لاعباتِ التِّنسِ ؟/ المطرُ يَجْرَحُ لَحْمي الخريفيَّ / كَشِتاءٍ خَارِجٍ مِن غُرفةِ العِنايةِ المركَّزةِ / لا تسألْني لماذا أموتُ في الحياةِ / الدَّقيقةُ سَنَواتٌ مِن الألَمِ / ورَنينُ الدَّمْعِ كَسَرَ رَنينَ الأجراسِ في تاريخِ الرَّمادِ / يا أبراجَ الكنيسةِ / قِدِّيسةٌ أنتِ في النهارِ / مُومِسةٌ في الليلِ / قلبي أسئلةُ الأشجارِ/ والذينَ يَعْرِفُونَ الإجابةَ ماتوا / يَرْمي المساءُ شَظايا جُمْجمتي في صَحْنِ الملوخيَّةِ / والفَيَضَانُ يَكتبُ مُذكَّراتِ امرأةٍ تَكْرَهُ نَفْسَها / تَنسَى وَجْهَ زَوْجِها / ولا تَنسَى وَجْهَ مُغْتَصِبِها / وزَوْجُها هُوَ مُغتَصِبُها /
     أنظرُ وَراءَ تُفاحِ الجِنسِ / أرى دَمَ الوِلادةِ على أغصانِ النيازكِ / الرِّعشةُ النِّهائيةُ / والوَهْمُ اللذيذُ / والمِشْنقةُ الشَّهيةُ / اللاعَوْدةُ تَصيرُ عَوْدةَ النوارسِ المحكومةِ بالإعدامِ / أنا أكرهُكَ لأني أُحِبُّكَ / البطاطا المقْليةُ أرشيفٌ للقلوبِ المحترقةِ بالعِشْقِ / تَجْلِسُ عِظامي على طَاولاتِ المطاعمِ / أنا وَحيدةٌ كالصدى / وهَيْكلي العَظْمِيُّ مَبْلولٌ بالسِّيانيدِ / أنتحرُ في الصَّيْفِ / لكني أَشُمُّ رَائحةَ العَدَسِ في شِتاءِ الأديرةِ / يَسْتلقي الفَيَضانُ على رُموشي / والضَّبابُ يُعلِّقُ مَلابسي على حَبْلِ مِشْنقةٍ عابرةٍ / دَمي أعْزَلُ أيها الأسمنتُ المسلَّحُ/ مُحَاصَرَةٌ أنا بِمَلاقِطِ الحواجبِ والحواجِزِ الأمنيةِ / افْهَميني أيتها المزهرياتُ الملوَّثةُ بِدُموعِ العُشَّاقِ/ لماذا نَقتلُ الْحُبَّ بِاسْمِ الْحُبِّ ؟/ لن أرسمَ الصليبَ عَلى صَدْري المهجورِ قَبْلَ أن أنتحرَ مِثْلَ أنَّا كارنينا/ لأنَّ ذِكرياتي انتحاراتٌ / الصليبُ مَرْسومٌ على سَرَطانِ الثَّدْيِ / امرأةٌ لا تنسَى وَجْهَ جلادها / تَخونُ زَوْجَها معَ زَوْجِها / لكنها غَيْرُ مُتزوِّجةٍ /
     رَمْلُ البحرِ يُعاني مِن الإسهالِ / فَكَيْفَ يَموتُ عُشْبُ المقابرِ غريقاً ؟ / قَوْسُ قُزَحَ يَكتبُ واجباتِهِ المدرسيةَ على سَطْحِ كُوخي / وفي أقاصي أُنوثتي تَنْبُتُ ذُكورةُ النهرِ / لكني المشنوقةُ اللازورديةُ بِلا أرقامِ سُجناء / نَسيتُ أرقامَ الزَّنازين / وتاريخي ضِدُّ تاريخي / وأعضائي تتآكلُ / وَكُرياتُ دَمي الحمراءُ تُقاتلُ كُرياتِ دَمي البَيضاءَ / وأنا الهدنةُ المؤقَّتةُ بَيْنَهما / خُدودي تتصارعُ على أماكنِ النُّفوذِ في شَواهِدِ القُبورِ / ودِمائي مِكْياجُ الغِرْبان / مَن أنا لِتَنتظرَني وَلادةُ بِنْتُ الْمُسْتكفي عَلى أبوابِ مَحاكِمِ التفتيش ؟ /
     احتضاراتُ مُراهِقَةٍ تُتاجرُ بِثَدْيَيْها في مَرافئِ الملاريا / أزمنةُ الحطبِ تَصيرُ مكاناً يَختبئُ فِيهِ الجنونُ خَوْفاً مِن عُلبةِ مِكْياجي / لِمَن أتزيَّنُ أمامَ مِقْصلةِ الرَّماد ؟ / أَحْفِرُ في جُلودِ الأحصنةِ اسْمَ جُثماني/ والسنابلُ لا تَزُورُني إلا في مَواسمِ احتضاري / سَتأكلُ الطيورُ أشلائي على رَصيفِ الميناءِ / جِنازتي تَصيرُ مَطْعَماً للعُشَّاقِ الفاشلين / سَوْفَ يَلتقي الضَّبابُ المقتولُ باللبؤةِ الجريحةِ / وَيَستمعانِ إلى وَصايا الزَّبدِ / يَعْشَقُهُما الانتظارُ في محطةِ القِطاراتِ الخرساءِ / الإضراباتُ أَكَلَتْ زُجاجَ القِطاراتِ والمقاعِدَ الخشَبيةَ / وَعُمَّالُ المناجِمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / عَاشُوا تَحْتَ الأرضِ / وماتوا تَحْتَ الأرضِ / ومَناديلُ الوَداعِ مُلْقاةٌ على السِّكةِ الحديديةِ / مَشَاعري مِن الحديدِ أو النُّحاسِ / لكني أَعْرِفُ قِصَصَ العِشْقِ في طَريقِ المقابرِ الجمَاعيةِ / رُبَّما تَحصلُ الفُقْمةُ على جائزةِ الدُّبِّ الذهبيِّ / انتصرَ التُّرابُ على التُّرابِ / وفازَ الزَّرنيخُ بأعضائي البلاستيكيةِ / تُصبحُ جدائلي صَالةَ سِينما لِرِجالِ المخابَراتِ المخلِصِينَ للحَطَبِ / لا رَجُلٌ أموتُ على صَدْرِهِ / ولا سَيَّارةُ نَقْلِ الموتى تَنْحِتُ على شَاهِدِ قَبْري رَقصةَ الموجِ الأخيرةَ / عَرْشي غَامضٌ / والصَّوْلجانُ مَكْسورٌ / سَتَمُرُّ على كَفَني الْمُسْتَوْرَدِ الأشجارُ المسافرةُ/ لكني سَأعودُ معَ السُّنونو في مَساءٍ خَريفيٍّ/ مَن أنا لأُدرِّبَ الكِلابَ البُوليسيةَ على الملاعبِ العُشبيةِ ؟ /
     كانت أُنوثتي عُلْبةَ سَرْدين / وكانَ أبي يَخونُ أُمِّي / كَما تَخونُ بَناتُ آوَى بَناتِ أفكاري / أيها الإسطبلُ المهجورُ / حَاوِلْ أن تَفهمَ اكتئابَ الخيولِ / يا حِيطانَ الوَداعِ / ارْسُمي دُموعي على الوِسادةِ صُورةً تِذكاريةً / لَحْمي هُوَ أرشيفُ الحروبِ السِّريةِ / أعيشُ معَ الدَّبابيسِ الأُرجوانيةِ / التي تَزرعُ الحشيشَ في ثُقوبِ جِلْدي / وَدَمي لا يَقْبَلُ القِسْمةَ على اثنَيْن / وَجَسدي عاجزٌ عَن الانصهارِ في جَسَدِ رَجُلٍ / أنا وَرَقُ اللعبِ عَلى طَاولةِ لاعبةِ القِمارِ /
     أطنانُ المِكياجِ على وُجوهِ المذيعاتِ الْمُقْرِفاتِ / يَختارُهُنَّ النَّخاسُ حَسَبَ حَجْمِ أثدائهِنَّ ومَواعيدِ الدَّوْرةِ الشَّهريةِ / تَعادَلَ دَمُ الحيْضِ معَ دَمِ المِكياجِ / في المباراةِ التي خَسِرَتْها الجواري أمامَ القَراصنةِ / سَاعةُ الحائطِ على ألواحِ المذْبَحِ هِيَ سُوقِ النِّخاسةِ / أيتها الإِمَاءُ المحنَّطاتُ في السائلِ المنَوِيِّ / ارْقُصْنَ أمامَ الخليفةِ غَيْرِ الشَّرْعِيِّ / كَي تَنتشرَ الجماجمُ في مُستودعاتِ الميناءِ / مَن أنا لأَصْبُغَ المتوسِّطَ بِلَوْنِ دِمائي البنفسجيةِ ؟ / سَتَعيشُ هذه القَتيلةُ في ذِكْرياتِ العُشَّاقِ العَاطِلِينَ عَن العَمَلِ / أنا انقلابٌ عَسكريٌّ / دَمي يَنقلبُ على قَلبي / وقلبي يَنقلبُ على رِئتي / ورِئتي تَنقلبُ مَعِدَتي / رَضِعْتُ معَ حليبِ النَّيازكِ أعوادَ المشانقِ والمجازرَ والاغتيالاتِ والانقلاباتِ وَمَحاكمَ التفتيشِ وصُكوكَ الغُفرانِ / أنا عُنْصْرُ الهيدروجين/ أعيشُ وَحيدةً / وأموتُ وَحيدةً / أُمراءُ الحربِ/ وديمقراطيةُ القَراصنةِ / وجُغرافيا الكَبْتِ الجِنْسِيِّ / وَحْدَها حِيطانُ الدَّيْرِ تَفهمُ بُكاءَ الرِّياحِ / افْهَمْني يا حَطَبَ المِدْخنةِ/ كَما تَفهمُ سَيَّاراتُ نَقْلِ الموتى أشكالَ التَّوابيتِ/ مُهَاجِرَةٌ أنا إلى المرايا المشروخةِ/ والبُروقُ تَكسرُ المزهرياتِ الأثريةَ / والأعاصيرُ تَخْلَعُ أيقوناتِ الكاتدرائيةِ / ولا أَمْلِكُ غَيْرَ الوَهْمِ الجارحِ / الذي سَأُصْلَبُ عَلَيْهِ في نهاياتِ الخريفِ / أتقاسَمُ الْجُرْحَ معَ حَطَبِ الذكرياتِ القاتلةِ / وَسَرطانُ الثَّدْيِ التهمَ الصَّليبَ عَلى صَدْري المهجورِ /
     إذا اتَّصلتْ بِي أنَّا كارنينا بالهاتفِ / فأخبروها أنني أُشَرَّحُ على خَشَبةِ المذْبَحِ وبَلاطِ المعْبدِ / كأنني أسرقُ الضوءَ مِن شَمْسٍ تَكْرَهُني / لأنَّ حَنجرتي جُحْرٌ للفِئران / وعُيوني خَفافيشُ / يا قَلبيَ المنفيَّ في الأضدادِ / أنا وأنتَ عِشْنا كَجِرذانِ المرفأ المهجورِ / لكننا لَم نَجِدْ رَصيفاً نستريحُ عَلَيْهِ / أو صَوْمعةً ننامُ فِيها / أو أثاثاً يَحتضنُ جُثثَ الغرباءِ /
     مُدُنٌ للنِّسيانِ / وَمَناديلُ الوَداعِ صَارَتْ أكفاناً لِطُيورِ البَحْرِ / نَسِيَت النِّساءُ الجِمَاعَ في شِتاءِ الطاعون / اغْتَصَبَني دَمُ الباركِنسون / زَارَتْني مَراعي السُّلِّ / عَانَقَتْني تَجاعيدُ النَّيازكِ / دَخلتُ في شَيْخوخةِ الحطَبِ / وانتحرتُ / وما زِلْتُ أعيشُ / عُمري قَلْعةُ الاحتضارِ وأرشيفُ الانتحاراتِ / أيَّامي عِطْرٌ مَغشوشٌ / أنا حَشَرَةٌ / لكنَّ ذِكْرياتي مُبيداتٌ حَشَريةٌ / أنا شَبَحُ الأُنوثةِ في مُستودعاتِ الميناءِ / والمطرُ الحِمْضِيُّ هُوَ ما تبقَّى مِن وَجْهي المشروخِ /
     حياتي هَنْدسةٌ مِعْماريةٌ للانتحاراتِ / وخُدودي هِيَ أبراجُ المراقَبَةِ في مُعسكراتِ الاعتقالِ / لَم يَعْرِفْ حُزني أقواسَ النَّصْرِ / ولم تَلْمِسْ أظافري أكاليلَ الغارِ / أنا العارُ / أنا الموؤدةُ خَارِجَ ذِكرياتِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ / فازرعيني خَوْخاً للاكتئابِ أيتها الغريبةُ/ التي تَرْمي الدَّلْوَ الفارغَ في قلبي الفارغِ / يا كُلَّ البغايا الراجعاتِ مِن اصطيادِ الزَّبائنِ / احْرُثْنَ وَجْهَ النهرِ بارتعاشةِ الجِنْسِ / الذي يَتحجَّرُ في أجسادِكُنَّ الملوَّثةِ بالزَّرنيخِ / تَحْفِرُ السُّيولُ في جَدائلي صَوْتَ الرصاصِ / وحَبْلُ مِشْنقتي بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ / والعناكبُ تأكلُ لحمي الطازَجَ / عَرْشي ضائعٌ / والملوكُ أبناءُ السَّبايا / والزوابعُ تَزرعُ إشاراتِ المرورِ في خُدودي / وَدَمي الأحمرُ هُوَ اللونُ الأخضرُ في إشارةِ المرورِ / لكني لا أَمُرُّ في سَراديبِ جبيني/ بِلادي رَاقصةٌ مُبتدئةٌ ضَاعَتْ في كَواليسِ المسْرَحِ / والراهباتُ يَمْشينَ في جِنازةِ البيانو / سيُصبحُ خَشَبُ البيانو نَعْشاً للأمطارِ / فاسْمَعْ تَغريداتِ الموتِ في مَمالكِ الجثامين / أَحملُ الرَّقْمَ القِياسِيَّ في الصَّدماتِ العاطفيةِ / والسِّنجابُ اليَتيمُ هُوَ الْمُتَحَدِّثُ الرَّسْمِيُّ بِاسْمِ القُنفذِ المصلوبِ/ وجسدي خَازِنُ بَيْتِ الأحزانِ/ أنا المقتولةُ في قِرْميدِ الأكواخِ الرِّيفيةِ/ مُخَدَّرٌ لحمي كأنني مَنقوعةٌ في كُلِّ تَواريخِ الأفيون / فَاقْتُلْني يا ضَوْءَ المطرِ كَي أتحرَّرَ / مُهاجِرةٌ أنا إلى صَوْتي المذبوحِ /
     البَعُوضُ / والمجازرُ / والحطامُ الكلاسيكيُّ / وَسُورُ المقبرةِ الزُّجاجيةِ / حُقولٌ مِن اليورانيومِ الْمُخَصَّبِ بَيْنَ لِساني ولُعابي / جَارتي تَعْزِفُ على البيانو في ليالي الشتاءِ الحزينةِ / وَتَخونُ زَوْجَها معَ أحَدِ تلاميذِها/ ولاعبةُ القِمارِ لَيْسَ لَدَيْها وَقْتٌ للطبخِ / كلُّ عُضْوٍ في جَسَدِ الشاطئِ المسْبِيِّ هُوَ اسْمي / وَيَنمو في شَرايينِ الضَّبابِ دَمٌ غَريبٌ / عَزيزتي رِمالَ البَحْرِ / أنتِ الحاكِمةُ العَسكريةُ على قلبي الذي تقاسَمَهُ الغرباءُ / الذين أَحْبَبْتُهم ورَحَلوا / هِيَ خُدودي المطفأةُ مَنَاجِمُ فَحْمٍ / لكنَّ العُمَّالَ ذَابوا في الإضراباتِ / وسَقَطَ سَقْفُ المعْبَدِ على جَدائلِ الراهباتِ / فَاقْطَعْني أيها الكَرْبونُ وَرْدَتَيْنِ / كما يَقطعُ الماسُ أثداءَ الأميراتِ في صالةِ الرَّقْصِ / صَدْري مَزارعُ الزَّرْنيخِ / وَعَرَقي مَسْمومٌ / وضَجَري مَسمومٌ / أنا السُّمُّ المترسِّبُ في عُروقِ الرِّياحِ / وما زِلْتُ أركضُ في أدغالِ النحيبِ / أَكذبُ على قلبي وأقولُ إِني أَكرهُكَ / الدَّهشةُ مُرْضِعتي التي تَكْرَهُني / والحطَبُ سائقُ سَيَّارتي المعطَّلةِ / إِنَّ دَوْلةَ الجنونِ مَاتتْ / وَلَم تَعُدْ سِوى مَزرعةِ حَشيشٍ للقُرْصانِ / سَتَخُونُكَ أظافرُكَ في معركةِ العِشْقِ / فاخْلَعْها كَي تُحَرِّرَ ذِكرياتي مِن الأَسْرِ / أكتبُ فَلسفةَ اللحمِ المحترِقِ لأنسَى الصَّدماتِ العاطفيةَ / أنا أرملةُ النهرِ الافتراضيةُ / لأنَّ محاكمَ التفتيشِ سَوْفَ تُعذِّبُني حتى الموْتِ / فَابْكِ عَليَّ يا رَمْلَ البَحْرِ حتى الموْتِ /
     لَيْلةُ إِعدامي مَوْلدي / وأنا التي وَلَدْتُ خَشَبَ الغاباتِ المحترِقَ / ودُفِنْتُ لَيلاً لئلا يَنْبُشَ قَبْري كَهنةُ الأسمنتِ / سَيْفُ الأدغالِ المسمومُ يَخترقُ أحشائي / يا كُلَّ النوارسِ المنفيَّةِ في أقاصي سُعالي/ ارحمي أُنوثتي الْمُفَخَّخةَ مِثْلَ بَراميلِ النِّفْطِ في مُستودعاتِ الموانئِ المنسيَّةِ / سَأَنتحرُ في أَوْجِ شَبابي لأظلَّ أنيقةً إلى الأبَدِ / يا حفَّاري قُبوري / اتركوا الويسكي / وركِّزوا في الشَّمْبانيا / اترُكوا الماريجوانا / ورَكِّزوا في الأفيون / يا حُزْنِيَ البلاستيكيَّ / لم أسْتَفِدْ مِن قِصَصِ الغرامِ غَيْرَ الرَّبْوِ / اصْلُبْني على جسدي عَاريةً مِن أَكوامِ الشُّطآنِ / وسَجِّل القضيةَ ضِدَّ مَجهولٍ / قد انتهت اللعبةُ / وأنقاضي هِيَ جَوازُ سَفَري / أرعَى الضفادعَ في مُستنقعاتِ المنفَى / الذي يَشْنُقُني لأنني أُنثى /    أنا حارسةُ ذِكرياتِ اللصوصِ المحترمين / مَشْنوقةٌ أنا مَرَّتَيْن / مَرَّةً عِندما أحببتُكَ / وَمَرَّةً حِينما افْتَرَقْنا / قَرِفْتُ مِن قِصَصِ الْحُبِّ / كَما قَرِفَتْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمانِ مِن الْحَجَّاجِ /
     النِّساءُ الدُّمى / وَالرِّجالُ المرتزِقةُ / والدُّوَلُ مَسْرَحٌ للعرائسِ / أنا عَروسٌ بِدُونِ لَيْلةِ الدُّخلةِ / لا بابا الفاتيكانِ أبي / ولا الأمُّ تيريزا أُمِّي / سأبحثُ عَن حُبٍّ جديدٍ أو مجزرةٍ جديدةٍ / لا فَرْقَ بَيْنَ الأضدادِ إذا كانَ رأسُكَ مِقْصلةً مُسْتَوْرَدَةً / جَسَدُ العاصفةِ يَستحوذُ على ثَلْجٍ ساخنٍ / يَختزلُ الكُحْلَ في بُؤرةِ الجِنْسِ / كأنَّ امتزاجَ الويسكي بالنبيذِ دُستورٌ للبَعوضِ / يَا مَن تَسْجُنُونَ المطرَ  وَتَمْنَحُونَ اللصوصَ الأوسمةَ / كلُّ قَواربِ العُشَّاقِ تتكسَّرُ على صَخْرتي / لكني أضعتُ صَخْرتي في زَحْمةِ الفَراغِ وَجَدْوى العَدَمِ / ناقلاتُ النِّفْطِ تَصطدمُ بِوُشاحي / أنا خُرافةٌ / لكني لَسْتُ خُرافةَ الهولوكوست / وَحيدةٌ أنا كالقُشَعريرةِ / وَالقُشَعريرةُ وَحيدةٌ مِثْلي / أتزلَّجُ على صَقيعِ المنافي / وأبناءُ الإِمَاءِ يَحْرُسُونَ الوَحْدةَ الوَطنيةَ .