ذكرياتي في مزبلة الحضارة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
دِمائي بِطَعْمِ الموْزِ / وَدَمْعُ
الفَراشاتِ بِطَعْمِ الشُّوكولاتةِ / وَالزَّوْبعةُ تَحْفِرُ شَريعةَ التَّطهيرِ
العِرْقِيِّ على عِظَامِ الغَيْمِ / وَالتَّوابيتُ تُزَيِّنُ سَلَطَةَ الفَوَاكه /
فيا أيها الوَطَنُ الغارقُ في الصُّحونِ / عَلى مائدةِ الخليفةِ غَيْرِ
الشَّرْعِيِّ / تِلْكَ عِظَامي الْمُتَّسِخةُ / وهذا أنا / أذهبُ إلى مَطْعَمِ
الوَجَباتِ السَّريعةِ في عِيدِ الْحُبِّ لأَكْرَهَ نفْسي / وأَحْسِبَ عَدَدَ
الْمُراهِقاتِ المصدوماتِ عَاطفياً/ أزرعُ أشجارَ الأرَقِ في بُركانِ الجفافِ
العاطفيِّ / وَصُندوقُ بَريدي سَيَظَلُّ فَارِغاً / والملِكَةُ تُبَدِّلُ
مِكْياجَها حَسَبَ شَريعةِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / وعِظَامُ الملوكِ بَلاطٌ لِصَالةِ
الرَّقْصِ / وَالقَمرُ يُصَلِّي عَلَيَّ صَلاةَ الأمواتِ / سَتَحْتَرِقُ رَائحةُ أُنوثةِ
الفَتَياتِ في بُكاءِ السَّنابلِ/ أكتبُ اسْمِي عَلى لَمعانِ الخناجرِ/ وَأُقْتَلُ
بِالْخَنْجَرِ الذي أحْبَبْتُهُ/ وَالرُّعودُ تَكْسِرُ قِناعي / وَأُمِّي تُنَظِّفُ
مُسَدَّسَ أبي بِدُموعِها / وأنا المهاجرُ مِن شَراييني إلى ثُقوبِ جِلْدي / كُلما
رَأيتُ طِفْلةً رَأيتُ قَبْرَها تَحْتَ شَمْسِ الشِّتاءِ / الملوكُ عَبيدٌ في
سُفُنِ القَراصنةِ / فيا شُموعَ البكاءِ/ هذا العالَمُ المجنونُ يَحْكُمُهُ
المجانين / لا مكانٌ لِلْمَنبوذِ في حَنجرةِ نَوْرَسٍ / تَنْزِفُ نِفْطاً للغُزاةِ
/ ولا زمانٌ لليتامى في رِئةِ بُحَيْرةٍ / تتمزَّقُ عِشْقاً لِمُغْتَصِبِها /
سيبكي الموجُ في رَبيعِ الدِّماءِ / فاقْتُليني يا رَقصةَ الزَّوابعِ / وادْفِنيني
يا بَجَعَةَ الرَّصاصِ الحيِّ /
أرسمُ أطلالَ الهزيمةِ على طَوابعِ البَريدِ
التِّذكاريةِ / وأُراهِنُ على أحصنةِ القَبائلِ الخاسرةِ / أبحثُ عَن جَدائلِ
النِّساءِ في حُروبِ القَبائلِ / والسَّبايا يَمشينَ تَحْتَ أقواسِ النَّصْرِ /
ولم تَجِئْ هِنْدُ بِنْتُ النُّعمانِ كَي ترفع مَعنوياتِ النُّعوشِ الخرساءِ / ولم
يَجِئ الموجُ كَي يَحترمَ مَشاعرَ زَوْجاتِ البَحَّارةِ الغرقى/ وَالْمُهَرِّجُ
الذي يُضْحِكُ النَّاسَ عَادَ إلى بَيْتِهِ بَاكياً / أبحثُ في قَبري عَن الدُّودِ
الذي سَيَأكلُ جُثتي / وَقَبري حَاجِزٌ عَسكريٌّ في مُدُنِ الْهَلَعِ / قَرِفْتُ
مِن نفْسي / قَرِفْتُ مِنَ الحاكمِ / قَرِفْتُ مِنَ المحكومِ / أُهاجرُ مِن
طُفولتي إلى السِّحْرِ الذي يَلْمَعُ في عُيونِ الموتى / أُقاتِلُ في طُرقاتِ الصَّقيعِ
وَحيداً/ كَي يَنامَ الرِّجالُ معَ زَوْجاتِهِم بِهُدوءٍ/سَيَنمو التفاحُ في
صَوْتِ الرصاصِ/وذَلِكَ أنا/ أنتحرُ بِبُطْءٍ في مَطْعَمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ/
وأسألُ خَشَبَ الطاولاتِ أو خَشَبَ التَّوابيت / كَم مَرَّةً يَجِبُ أن أموتَ كَي
أشعرَ بالحياةِ ؟ / يَتقاطعُ ضَوْءُ القَمرِ على جُثماني / أنا امْتِدادُ الموْتى
في جَسَدِ السَّنابلِ / أنا الموتى الذين تَخْرُجُ مِن ثُقوبِ قُلوبِهِم السَّنابلُ
/ دَمُكِ يُنادي عَلَيَّ / يَأتيني مِن جِرَاحِ الغروبِ / لا سُنبلةٌ تنتظرُ
رَجلاً إلى ما لا نهاية / ولا حَقْلٌ يَنتظرُ نَزيفَ الغيومِ في شِتاءِ الأحزانِ /
لكني سأنتظِرُكِ إلى ما لا نهاية /
أنا حَشَرةٌ في زِنزانةٍ
انفراديةٍ / أنا صُورةٌ تِذكاريةٌ في بِئْرٍ عَميقةٍ / أسألُ فِرَاشَ الموْتِ /
كَم مِتْراً مِن السِّيراميكِ تَحتاجُهُ مَقْبرتي ؟ / أنا المنبوذُ في شَريعةِ
القبائلِ / لكني كُلما رَأيتُ امرأةً شَعرتُ أني أقربُ إِلَيْها مِن زَوْجِها /
صَوْتُ المطرِ يَمتزجُ بِصَوْتِ دُموعِكِ في ليالي الشِّتاءِ / وحُزْني أخرسُ /
وأنا الموتُ / أسقطُ في إِغْراءِ العُزلةِ / أصعدُ مِن إِغْواءِ الأحزانِ / أنا
أُكذوبةٌ / فلا تُصَدِّقْ مَشاعري يا قَمَرَ الخريفِ / رَأيتُ ظِلالَ الأمواتِ في
صُحونِ المطبخِ / ماتَ العُشَّاقُ على شاطئِ المساءِ / وَبَقِيَ العذابُ في
القُلوبِ / غريبٌ أنا في ذاتي / غريبٌ أنا عَن ذاتي /
عِشْ في رُوحِ امرأةٍ لِتَظَلَّ
طَيْفاً إلى الأبَدِ / أبحثُ عَن دِماءِ أبي المتفرِّقةِ بَيْنَ القبائلِ /
والأطفالُ يَبحثونَ عَن جُثثِ أُمَّهاتهم تَحْتَ المطرِ / بَكيتُ أمامَ صُورةِ
أُستاذي الميْتِ / والموتُ هُوَ أُستاذُنا / سَأُذْبَحُ بِخَنجرِ العِشْقِ الذي
لَمَّعْتُهُ بِمِلْحِ دُموعي/ كُلما نَظرتُ إلى المِرآةِ ازددتُ غُربةً / أنا
الغريبُ بَيْنَ الناسِ / أنا المهاجرُ في دِمائي / أنا المنبوذُ في بُكاءِ
قَرْيَتِنا المهجورةِ / أحترقُ مِن الدَّاخلِ / فأطفِئيني بِدُموعِكِ السَّوْداءِ
مِن أثَرِ الكُحْلِ / أحزاني مَلْساءُ لكنَّ وَخْزَ بُكائي يَتفجَّرُ في هَيْكلي
العَظمِيِّ/ أنا والسنابلُ وَصَلْنا إلى نقطةِ اللاعَوْدةِ/ وانفصلَ القلبُ عَن
الذِّكرياتِ/وماتت الفراشاتُ/ يَنامُ الرِّجالُ معَ زَوْجاتهم في دِفْءِ الشِّتاءِ
/ وأنا أُقاتِلُ الوَسْواسَ القَهْرِيَّ في أزِقَّةِ الجليدِ مَنبوذاً مِثْلَ
الكَلْبِ المسعورِ / يَدْهَنُ احتضارُ الزَّنابقِ أجراسَ الكَنيسةِ بِكُحْلِ
الرَّاهباتِ / وأنا السَّجينُ في ذاتي / سِجْني في دَاخِلي/ وأظافري قُضْبانُ
حَديدٍ/ وجِلْدي زِنزانةٌ انفراديةٌ/ وعِظَامُ صَدْري بَلاطٌ للسُّجونِ العَمْياءِ
/ أَحْمِلُ المِنْجَلَ في حُقولِ السَّرابِ / لكنَّ الموْتَ هُوَ الحاصدُ / أنا
الميِّتُ الذي سَيَموتُ / وإغراءُ الموتِ أشدُّ مِن إغراءِ النِّساءِ /
كَيْفَ يَشعرُ الرَّجلُ الذي تَخُونُهُ زَوْجَتُهُ
؟ / أمشي في سَراديبِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / ولا شَيْءَ يَلْمَعُ سِوى طِلاءِ
أظافرِ الكاهنةِ / أُجَدِّفُ في العَدَمِ وَحيداً / وأسْبَحُ في الفَراغِ شَريداً
/ وبَعْدَ شَنْقي سَأُوصي قِطَّتي أن تَنتظِرَكِ إلى ما لا نهاية / كُلُّ
المزهرياتِ سَتَنتظِرُكِ إلى ما لا نهاية / والنهرُ الأعزبُ يَسْكُنُ في عِمارةٍ /
لا يُوجَدُ فِيها أيَّةُ زَوْجةٍ مُخلِصةٍ لِزَوْجِها / أُعَلِّمُ حِيطانَ سِجْني
مَشاعرَ اليَمامِ / وَكُلُّ عُمُري يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ / وأنا حُطامُ
السُّفُنِ الغارقةِ / وَبِقَدْرِ ما كُنتُ مُخْلِصَاً لهذا العالَمِ / بِقَدْرِ ما
خَانني هذا العالَمُ / كَوْكَبُنا عَبقريةُ الدَّمارِ / وَلَيْتَنِي أعودُ إلى
بَطْنِ أُمِّي / وَغَاباتُ الفِضَّةِ تَسْري في أوْردتي كالنِّفْطِ الخام / وَالشَّيطانُ
عَلى وَشكِ الرَّحيلِ / فارْحَلُوا يا مَن صَنَعْتُم قُمصانَ النَّوْمِ مِن خُيوطِ
التَّحرشِ الجِنسيِّ / جُثَثُ الملوكِ مَنقوعةٌ
في الويسكي / يَتجوَّلُ الغروبُ في حُقولِ الجماجمِ/ وَالشَّارعُ الذي أُقْتَلُ
فِيهِ سَيَحْمِلُ اسْمي/ وَالطاغيةُ رَفَعَ فُستانَ عَشِيقَتِهِ رَايةً بَيْضاءَ
أمامَ جَيْشِ الذبابِ / أنا مَزهريةُ بَيْتِنا المهجورِ / أنا مَرايا العَرائسِ الْمَنْسِيَّةُ
عَلى أسوارِ المقابرِ / وَحَطَبُ الذِّكرياتِ دَفَنَ الرُّومانسيةَ في صُحونِ
المطبخِ / أكَلَ الجرادُ فِرَاشَ الموتِ / فَنِمْتُ عَلى الحصيرِ / وَبَقِيَ
الموتُ مُسْتَيْقِظَاً / واخْتلطَ صَوْتُ المطرِ بِصُراخِ النِّساءِ في لَيْلِ الشِّتاءِ
/ وأدغالُ الطفولةِ تحترقُ في الأحلامِ الضائعةِ / ومَطرُ الذِّكرياتِ الجارحُ
يبكي في الصَّدماتِ العاطفيةِ /
تاريخي طَيْفُ الموتى في طريقِ الصَّنوبرِ /
والحضارةُ بَعوضةٌ في سَراديبِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / أبكي في ليالي الشِّتاءِ
وَحيداً / فَتَنمو السَّنابلُ في ثُقوبِ جِلْدي / ماتَ أهْلي في حِصارِ الشَّفَقِ
/ وصارَ بَيْتُنا في الأندلسِ مَهجوراً /
وَخَدَشَ صَوْتُ الرصاصِ سُطوحَ المزهرياتِ/ كُلما رَأيتُ طِفْلةً / عَرَفْتُ أنَّ
الموْتَ سَيَغْتَصِبُها / والغسقُ حقولُ الجماجمِ البلاستيكيةِ / أعيشُ ذِكرياتِكِ
نِيابةً عَنْكِ / سَامِحْني أيها الرَّعْدُ / دَمْعي في أنابيبِ الصَّرْفِ
الصِّحيِّ / وَدَمِي على أجنحةِ الحمَامِ /
مَدارسُ البَناتِ
اللواتي ذَهَبْنَ إلى الوَأْدِ فارغةٌ / لكنَّ الضَّحِكاتِ لا تزالُ في الممرَّاتِ
الباردةِ / والسَّبايا يَغسِلْنَ بَلاطَ زِنزانتي بِدَمِ الحيْضِ / سُنبلةٌ
تُرْضِعُ كَلْباً / وكُلُّ شَيْءٍ يَركضُ إلى الانطفاءِ / كَقِنديلٍ في سَقْفِ
بُحَيْرةٍ / يُراوِدُها الزِّلزالُ عَن نَفْسِها / احتضاري هُوَ كُوخُ أرملةٍ
شَابَّةٍ / وأُسلوبي في صِناعةِ المشانقِ / كأُسلوبِ لاعبةِ التِّنسِ الأرضيِّ /
لا فَرْقَ بَيْنَ الرُّومانسيةِ وَحُروبِ القبائلِ / السَّيْفُ هُوَ جَدائلُ
الفَراشاتِ على مرايا الوَدَاعِ / في مَحطةِ القِطاراتِ الهادئةِ / ولم أُشَارِكْ
في مَوْسِمِ تَزاوجِ المرافئِ / لأني كُنتُ أرقصُ
في مَوْسِمِ تَزاوُجِ الكِلابِ البُوليسيةِ / قَرَّرَ شَاطئُ الأمواتِ في جُثماني/
أن يُصَاحِبَ ضُبَّاطَ المخابَراتِ/ وَيُصَادِقَ رَاقصاتِ الباليه / سَتَتْعَبُ يا
أبي في تغسيلِ جُثتي / فَقُلْ لأُمِّي ألا تبكي عَلَيَّ / أنا الأكفانُ وتاجرُ
الأقمشةِ في قُرى الإبادةِ / سأظلُّ غامضاً كَضَوْءِ الشَّمعةِ في خَريفِ الجثثِ /
أضاعَ الحمَامُ الزَّاجلُ الرسائلَ الغراميةَ / والكُوليرا اغتَصَبَتْ شُطآنَ
المساءِ وأرشيفَ قَوْسِ قُزَحَ /
يَافا هِيَ بَغدادُ على رُموشِ فَتاةٍ
مُهاجِرةٍ / اسْمُها شَجرةُ الأضرحةِ/ وَحْدي أدفعُ ضَريبةَ القتلى في طريقِ
الغاباتِ الباكيةِ / أنا ابْنُ الموتِ / أنجَبَني وَسَوْفَ يَحْضُنُني / حَكَمْتُ
على نفْسي بالموتِ لأستحقَّ الحياةَ/ أعيشُ غُربةَ الرُّوحِ قُرْبَ قَارورةِ
الحِبْرِ في كُوخي المهجورِ/ سَيَخْلَعُ الإعصارُ قِرْميدَ دمائي / لكني سأظلُّ
أمْضُغُ العِلْكةَ أمامَ المرايا المشروخةِ / هكذا يَنكسرُ قلبي في الرِّياحِ
القُرمزيةِ / كُلما أحببتُ امرأةً رَأيْتُها على فِرَاشِ الموتِ / تركت النساءُ
كُتبَ الطبخِ / وَدَخَلْنَ في نِقاشٍ حَوْلَ أسبابِ مَقْتلي/ فيا أيتها السَّيدةُ
الغامضةُ/ تُولَدِينَ في خَريفِ الدِّماءِ/ وتموتينَ بَيْنَ بُكائي وجُفوني /
كأنني أخونُ قلبي مَعَكِ / أنا القَمرُ المكسورُ بَيْنَ طَيْفِ الموتى وَظِلالِ
الصَّنوبرِ في المقابرِ / أهْرُبُ مِن نفْسي/ وأكسِرُ قلبي في مرايا الرَّعْدِ
تفَّاحاً / وأهْرُبُ مِنَ الذينَ يُحِبُّونني / وأُحِبُّ شَواهِدَ القُبورِ في
الخريفِ الأخضرِ / حَرْبٌ أهليةٌ بَيْنَ كُرياتِ دَمي/ لَكِنِّي آخَيْتُ بَيْنَ
أحزانِ الشَّوارعِ وأحزانِ قلبي/
امرأةٌ تُخَطِّطُ
لِخِيانةِ زَوْجِها / لكنَّ الذِّكرياتِ لا تُوَفِّرُ الدَّعْمَ اللوجِستيَّ /
أخوضُ حَرْباً أهليةً داخلَ رُوحي / هُدنةٌ بَيْنَ كُرياتِ دَمي / وأشلائي تَرفعُ
الرَّايةَ البَيضاءَ تَحْتَ شَمسِ الأندلسِ / والإِمَاءُ يَمشينَ تَحْتَ أقواسِ
النَّصْرِ / وَحْدَهُ الموتُ مَن يَعْرِفُ وَجْهي / أتعذبُ في لَيْلِ الشِّتاءِ /
كما يَستمتعُ الرِّجالُ بِمُمارَسةِ الجِنسِ في لَيْلِ الشِّتاءِ / أهْرُبُ مِنَ
الْحُبِّ / لأنَّ الفِرَاقَ لَن يَرْحَمَني /
أيتها الْمَوْلُودةُ في
حِصارِ ستالينغراد / الموؤدةُ في حِصَارِ بَيْرُوت / أنتِ الرِّئةُ اليتيمةُ
بَيْنَ حِصَارَيْن / أنا الصَّيادُ والفَريسةُ / وَضَحِكاتُ النِّساءِ هِيَ أرشيفُ
حُروبِ القَبائلِ/ سَأكونُ في فُوَّهةِ الدَّمْعِ الرُّخاميِّ / أحملُ كُلَّ
أشواقِ الجنودِ القَتْلى إلى زَوْجاتِهِم / أحْمِلُ في حَنْجرتي كُلَّ ذِكْرياتِ
العُشَّاقِ الفاشِلين / والفُقراءُ يُعَلِّمُونَ الأرستقراطياتِ رُومانسيةَ حُفَرِ
المجاري /
أيتها المرأةُ التي
تَبحثُ عَن رَجُلٍ يَضحكُ عَلَيْها / قَتَلَ الشَّاطئُ نُباحَ الرَّمْلِ / وعَرفتُ
رائحةَ النَّوْمِ في مرايا الأرقِ الْمُخمليِّ في الشَّوارعِ الموبوءةِ / كُلُّ الموتى
السَّائرينَ على حواجبي / يَعرفونَ الموتى الراكضينَ تَحْتَ ظِلالِ الصَّفصافِ /
والسَّبايا يَحْتَفِلْنَ بِعِيدِ الْحُبِّ في سَريرِ الخليفةِ/ بِعْنا المرأةَ في
أعيادِ النِّخاسةِ / وَحَفِظْنا خَرائطَ أغشيةِ البَكارةِ /
أشعةُ القَمرِ في خريفِ الذُّعرِ
/ تُجَفِّفُ جُلودَ الفِئرانِ التي تأكلُ أغشيةَ البَكارةِ / وتَشربُ دَمَ الحيضِ
في آبارِ الْحُبِّ الضائعِ / فيا أيتها المقتولةُ على أسوارِ حَنجرتي / دَمْعُكِ
اللزِجُ على نَصْلِ مِقْصلتي / وَجَدائِلُكِ تَلمعُ مِثْلَ حَدِّ الْخَنجرِ/
وعَلَيْكَ يا حفَّارَ قَبري أن تُمَثِّلَ دَوْرَ الزَّوْجِ المخدوعِ / لأنَّ
أشجارَ المقابرِ زَوْجاتٌ خائناتٌ / خَرَجَت الفَراشةُ مِن أوْردتي ولم تَرْجِعْ/
لا مكانٌ لِدَفْنِ البَحَّارةِ الغرقى/ ولا زمانٌ لمناديلِ الوَداعِ الْمُلقاةِ
على رَصيفِ المِيناءِ / والجنودُ القَتلى لم يَجِدُوا قُلوبَ نِسائهم /
لِيَدْفِنَهُم الرَّعْدُ فِيها / أنا عَاطِلٌ عَن الْحُبِّ / لكنَّ قلبي حَارِسُ
المقبرةِ / مَشَت الراهباتُ إلى كنائسِ الصَّدماتِ العاطفيةِ في القُرونِ الوُسْطى
/ كانَ الخريفُ يَكْسِرُ ضَفائِرَهُنَّ / وكانَ المساءُ يُهاجرُ بَيْنَ النُّعوشِ
/
أيتها الشَّركسيةُ
الغامضةُ في وُضوحِ البُروقِ / إِنَّ الْحُزْنَ في عَيْنَيْكِ يَزيدُكِ جَمَالاً /
أُخَزِّنُ دُموعَ الوَدَاعِ في غِمْدِ سَيْفي / ويُخَبِّئُ الأعرابُ بَراميلَ
النِّفْطِ في فَراغي العاطفيِّ / عُشْبٌ غَامِضٌ عَلى ضَريحي / وأهْلُ الكُوفةِ
يَقْتُلونَ الْحُسَيْنَ ويَبْكُونَ عَلَيْهِ / فيا قَمَراً يُولَدُ في النَّزيفِ
الوَهَّاجِ / خُذْ خارطةَ مَقْبرتي الكريستاليةِ / وَلا تَسألْ نوارِسَ الرِّعشةِ
عَن البَحْرِ الغريقِ / إِنَّ حَضارةَ الذبابِ كَزَوْجةٍ خائنةٍ / يَشتري لها
زَوْجُها قُمصانَ النَّوْمِ / فَتَتَزَيَّنُ بِها لِعَشيقِها/ (( اقْتُلوني يا ثِقاتي
/ إِنَّ في قَتْلي حَياتي / فَمَمَاتي في حَياتي / وَحَياتي في مَماتي )) /
والموتُ هُوَ الضَّوْءُ في آخِرِ النَّفَقِ /
أموتُ في غابةِ
اللازَوَرْدِ وَحيداً / لكني أعيشُ في قَلْبِ امرأةٍ مَا في مَكانٍ مَا / أخشابُ
التَّوابيتِ تحترقُ في الْمَوْقَدةِ / لكنَّ الجثثَ باردةٌ / يا غريبُ / لا امرأةٌ
تَزُورُكَ في السِّجْنِ / ولا فراشةٌ تتزيَّنُ لكَ على بَلاطِ غُرفةِ التحقيقِ /
يَسْهَرُ الرِّجالُ معَ نِسائِهِم / وأنا أسْهَرُ وَحيداً أنتظرُ مَلَكَ الموتِ /
أبني قَصْراً
لِتَسْكُنَهُ الفِئرانُ/ يَنكسرُ قلبُ الليلِ في طُرقاتِ سُعالي اليابسِ / كما
تَنكسرُ أيقوناتُ الكاتدرائيةِ في الخريفِ الدَّامي / فاسْمَعْ كَلامَ النَّهْرِ
المشنوقِ وَهُوَ يُوَدِّعُ نَجماتِ الرَّحيلِ / وَداعاً يا أرملتي/ أمشي إلى
الفَراغِ بَيْنَ أشجارِ المدافِنِ / حَوْلي رِجالُ المخابَرَاتِ يَتَعامَلُونَ معَ
زَوْجَاتِهِم بِرُومانسيةٍ / سَقَطَتْ رَسائلُ الغَيْمِ في فَراغي العاطفيِّ/
والعِشْقُ يَلْسَعُ كالزَّنجبيلِ/ تَركضُ الحضاراتُ إلى ذُبابِ الأساطيرِ
الْمُقَدَّسةِ/ أغْسِلُ وَجْهي بِحِبْرِ الأدغالِ/ وأنا الْمَنْسِيُّ في أرضِ
المعركةِ / لا وَجْهٌ لِي ولا وَطَنٌ/ لكني أعْزِفُ على البيانو/ وأنتظرُ الطَّعناتِ
تَبْتَلِعُني/ أنا مُدانٌ/ ثَبَتَتْ بَراءتي أَم لم تَثْبُتْ/ أنا مَقتولٌ /
دَافعتُ عَن نفْسي أَم لم أُدافِعْ /
سَتَعْثُرُ الْمُومِسُ عَلى
الزَّبُونِ المناسبِ في الوَقْتِ المناسبِ/ كُلُّ شَيْءٍ في بِلادي مُناسِبٌ
للغَثَيان / أخْرَجْتُكِ أيتها اللبؤةُ مِن قَفَصي الصَّدْرِيِّ / وَسَجَّلْتُ
قَلْبي بِاسْمِ النَّدَمِ / ولم أُشَيِّدْ في رِئةِ البُحَيْرةِ مَأتَماً / فَكُنْ
فَاشِلاً في الْحُبِّ لِتُصبحَ فَيْلَسُوفاً / جُثماني ينتظرُ جارتي / كَي
تَنْشُرَ أخشابَ تابوتي بِمِنْشارِ الذِّكرياتِ / أو تَنْشُرَ ألواحَ نَعْشي على
حَبْلِ الغسيلِ / أُذَوِّبُ دُموعي في عَصيرِ البُرتقالِ / تَعَدَّدَتْ طُرقاتِ
السُّلِّ واللافتةُ واحدةٌ / ابْتَسِمْ فأنتَ في طَريقِ المِشْنَقةِ / وعِندما
أصيرُ مَلِكَاً / سأقلِبُ نِظامَ الْحُكْمِ في رِئتي / وأُنَصِّبُ عُشْبَ قَبْري
مَلِكَاً على أنقاضِ الرُّوحِ /
الأقسامُ الْمُخَصَّصَةُ
للحَوَامِلِ في مَدارِسِ البَنَاتِ / أحْضُنُ أيتامَ العُشْبِ / فَلْتَمُتْ يا أبي
في قلبي الجريحِ نَخيلاً لأعيشَ نَخيلاً / أجْهَشْتُ بالضَّحِكِ / وَاغْرَوْرَقَتْ
عَيْنَايَ بِالنِّفْطِ الخام / وكُلُّ رَجُلٍ اغتصبَ البُحَيْرةَ اغتصبَ رُوحَهُ /
فاحْرِقْ ذَاكرةَ الطاغيةِ بِوَخْزِ الدَّبابيسِ / لأنَّ الشَّيْطانَ يَعْرِفُ
أنَّهُ شَيْطان / واجْمَعْ ضَفائِرَ نِساءِ القَبيلةِ قَبْلَ قَرْعِ طُبولِ الحربِ
/ سَتَبيعُ الأمهاتُ بَناتِهِنَّ للقادِرِينَ على الدَّفْعِ / وإذا أضَعْتَ
طَريقَكَ فَسَوْفَ تَجِدُني/ فَلا تَتْعَبْ في البَحْثِ عَنِّي بَيْنَ شُموعِ
الشِّتاءِ / سأقْضِي شَهْرَ العَسَلِ في ثلاجةِ الموتَى / التي تَظُنُّها
السَّائحاتُ صَالةَ تَزَلُّجٍ / ولا فَرْقَ بَيْنَ أرضِ المعركةِ وكافتيريا العُشَّاقِ
/ كِلاهُما ذَاكرةُ الموْتِ / وأنتَ قَتيلٌ في الحالَتَيْن / وأنا قَتيلٌ في
الحالَتَيْن / لكني أُحِبُّ الشَّفَقَ حِينَ يَقولُ للحَمَامةِ / كُوني لَبُؤةً
لأخترعَ فَلْسفةَ تَرْويضِكِ .