سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

14‏/09‏/2019

خيَّاط الإمبراطورة / قصيدة

خيَّاط الإمبراطورة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

...........

     يَنتظرُ خَيَّاطُ الإِمبراطورةِ مَوْتي/ كَي يَأخذَ قَميصي تِذْكاراً لِحُروبِ القَبائلِ/ سَيأكلُ الهلَعُ خُدودَ الإِمَاءِ / قَبْلَ فَضِّ أغشيةِ البَكارةِ / سِحْرٌ غَامضٌ يَسْحَبُني إلى الموْتِ / وأرْسُمُ مِشْنقتي عَلى طَوابعِ البَريدِ / سِجْني في دَاخلي/ وَالذِّكرياتُ تَخلعُ أظافري/ وأنا أحترقُ بِقِصَصِ الْحُبِّ الفَاشلةِ/ أحترقُ في مَمالكِ الفَجْرِ الكَاذبِ وَحيداً / وَأرى صُوَرَ الأمواتِ عَلى قَطَراتِ المطَرِ / والأعْيِرةُ النَّاريةُ مُلْتَصِقَةٌ بالمزهرياتِ/ ولا أحَدَ يَعْرِفُ قِيمتي إلا الموْتُ/ للفَراشاتِ أحزانُ عُيوني / وجَسَدي للدُّودِ / فماذا بَقِيَ مِنَ الرُّومانسيةِ ؟ / أغشيةُ البَكارةِ في حُفَرِ المجاري/ وَجُثَثُ النِّساءِ في مُسْتَوْدَعَاتِ المِيناءِ/
     أيها المنبوذُ السَّماويُّ / سَتَمُوتُ عَلى رَصيفِ المرفأ وَحيداً / أكفانُكَ هِيَ مَناديلُ الوَدَاعِ لِلْفَتَيَاتِ الْمُحَنَّطاتِ في النَّظاراتِ السَّوْداءِ / وَلَن تَجِدَ امرأةً تَبكي عَلَيْكَ / أبكي في لَيالي الشِّتاءِ وَحيداً / والعَناكبُ تُزَيِّنُ جُدرانَ رِئتي / وَالطحالبُ تُزَيِّنُ حِيطانَ غُرْفتي/ فيا أيتها الغريبةُ في جُروحِ الغروبِ / إِنَّ دَمْعَكِ يُلَمِّعُ خَنْجري/ وأنا المطرودُ مِن لَحْمي/ المنفيُّ مِن أحلامِ الطفولةِ / وُلِدْتُ في شِتاءِ الدَّمِ/ لَكِنِّي سَأموتُ في لَيْلةٍ خَريفيةٍ بَاردةٍ / مَاتت الأسرارُ العَاطفيةُ في قُلوبِ النِّساءِ / وَمَاتت النِّساءُ / هَكذا تَرْحَلُ قِصَصُ الْحُبِّ مِن المطاعمِ إلى الأضرحةِ / وَلا فَرْقَ بَيْنَ العِشْقِ وحُروبِ القَبائلِ / أشِعَّةُ القَمَرِ تُفَتِّتُ عِظامَ الموتى/ وأنا الْجُثْمانُ العَاري/ وَمَا تَغَطَّيْتُ بِقَميصِ عُثمان / كُلما مَشَيْتُ قُتِلْتُ / وَخَشَبةُ الْمَسْرَحِ هِيَ أخشابُ التَّوابيتِ /
     أنا والدُّودُ نتقاتلُ عَلى جُثتي / ماتَ الأطفالُ / وانكسَرَتْ قُصورُهُم الرَّمليةُ كما تنكسرُ مناديلُ الوَدَاعِ في زَوابعِ الذاكرةِ / قَطَعَ الرَّعْدُ ضَفائرَ النِّساءِ عِندَ شَاهدِ قَبري / وتستندُ الجثثُ الضَّوْئيةُ إِلى أشجارِ الصَّنَوبرِ / ونمشي تَحْتَ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ في شِتاءِ الذُّعْرِ / كُنَّا فَلاسفةَ في تَحليلِ ضَحِكاتِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ / والرِّجالُ الذينَ دَافَعوا عَن شَرفِ العَنْكبوتِ / رَحَلوا إلى أعماقِ الغَسقِ / نَسِيَت السَّائحاتُ الشُّوكولاتةَ عِندَ المومياواتِ / وَنوافذُ الخريفِ تُنَقِّبُ عَن الماضي الرُّومانسيِّ للرَّاهِباتِ / تتساقطُ شَظايا قَلبي كأجنحةِ الحمَامِ الزَّاجلِ / بِلادٌ لَم تَعُدْ لَنا / هِيَ حَفْلةُ العناكبِ على فَساتينِ الملِكاتِ / تغتسلُ جَواري القَصْرِ بِالْمَنِيِّ الملَكِيِّ / ويتقاتلُ البَقُّ على عَرْشِ الرِّمالِ / والانقلاباتُ العَسكريةُ تتكاثرُ مِثْلَ قُمْصانِ النَّوْمِ / وضَوْءُ القَمرِ يَجرحُ خُدودَ الصَّبايا في آخِرِ الليلِ / وأغشيةُ البَكارةِ مُلْقاةٌ في أزِقَّةِ الطاعون / وأفخاذُ النِّساءِ الدُّمى كأفخاذِ الدَّجاجاتِ / التي تَذهبُ إلى الصَّعْقِ الكَهْربائيِّ ضَاحكاتٍ / فَكُنْ أيها المساءُ مَوْتاً / لِيَصيرَ جِلْدي فِرَاشَ الموْتِ/
     كُلما رَأيتُ مَلَكَ الموْتِ / انطفأت الرُّومانسيةُ في ذِكْرياتي / سَوْفَ تتزوَّجُ الراهباتُ في حُقولِ الزَّرنيخِ / ستنكسرُ أجراسُ الكنيسةِ في ذُهولِ الشَّعيرِ / والْمُشَرَّدُونَ يَتَزَوَّجُونَ إشاراتِ المرورِ / رُبَّما يَكُفُّ الملوكُ عَن بَيْعِ بَناتِهِم للإقطاعِيِّين / وقَد ترفضُ أشجارُ المقبرةِ اللجوءَ السِّياسيَّ / والأيتامُ يَنامونَ في رِئتي / فَكَيْفَ أتنفَّسُ أخشابَ التَّوابيت ؟ / وَطَني أجْمَلُ مَقْبرةٍ كريستاليةٍ في أوردةِ البَجَعِ / يَسيلُ المِكياجُ على خُدودِ البُحَيْراتِ / فاسْتَعِدِّي لِصَدْمةِ الذِّكرياتِ أيتها الحضارةُ / انطفأَ العالَمُ/ وحَجَرُ الرَّحى يَتوهَّجُ / ولَن تَلْمَعَ أظافرُ النِّساءِ في طَريقِ المقبرةِ الرِّيفيةِ / أذهبُ ولا أَعُودُ / وكلُّ القَتلى يَمشونَ بَيْنَ أصابعي / أنا الأجسادُ القَتيلةُ والذِّكرياتُ المكسورةُ / جُثماني شَرارةُ البَرْقِ / وأحزاني مَانعةُ صَواعِق / أيَّامي كَطُوفانِ نُوحٍ / لكني لم أجِدْ سَفينةً أرْكَبُها / جَرحتُ أحلامَ الطفولةِ في أعراسِ البُكاءِ / وَرَمْلُ البَحْرِ يَغتصبُ الرَّاهباتِ في سَراديبِ الدَّيْرِ البَعيدِ /
     حَتَّى الإِمبراطورةُ بَاعَتْ بَناتِها لِرِجالِ الأعمالِ / وَدَاعاً يَا مَساءَ الطهارةِ / يا أرشيفَ الثلجِ الدافئِ / سَتُصبحُ صَائدةُ القُلوبِ فَريسةً / خُذ النِّيرانَ مِن صُدورِ النِّساءِ / سَتَشْرَبُ الأحزانُ نَخْبَ انتصارِ حُكومةِ الرَّميمِ على الرُّفاتِ الطازَجِ / خُذوا شُموعَ عِيدِ الفَراشاتِ / واترُكوا لِي ضَوْءاً في آخِرِ النَّفقِ / وَلا نَفَقٌ أمَامي ولا ضَوْءٌ / قَلبي مُشَقَّقٌ كَرُخامِ الأضرحةِ / وَتابوتي مُلَوَّنٌ كَالسِّيراميكِ الأجنبيِّ / وَأحزانُ الرِّجالِ تَلمعُ في مَمَرَّاتِ الخريفِ /  
     مِثْلَما تَدخلُ حِيطانُ غُرفتي في البَيَاتِ الشَّتويِّ / تَدخلُ أصابعي في الاكتئابِ الخريفيِّ / أُقَبِّلُ يَدَ الشَّفقِ/ لأني مَمنوعٌ مِن دُخولِ مَقبرةِ عَائلتي/ سَامِحيني يا صَحراءَ الأظافرِ النُّحاسيةِ/ اقتليني يا آبارَ الشَّفقِ الزُّمرديةَ/ كُنتُ أشربُ الذِّكرياتِ معَ جُثتي / وكانَ المساءُ يَشربُ دَمي معَ عَصيرِ الليمونِ/ أُرشدُ ضُبَّاطَ المخابَرَاتِ إلى مَوْقِعِ جُثتي في حُفرِ المجاري / وَذَلِكَ بِرميلُ النِّفطِ لَعْنةً قَديمةً اغتَصَبَتْ طُفولةَ الصَّحْراءِ / تحترقُ رَائحةُ الكاوتشوكِ في الهياكلِ العَظميةِ / ولَن يَكونَ الْمَلِكُ شَريفاً إلا إذا كانَ لِصَّاً / أنا والثلجُ ننامُ على قِرْميدِ الأكواخِ المهجورةِ / وسُعالي يَنامُ على المرايا المكسورةِ / تَغرقُ الضَّفادعُ في الانتخاباتِ الْمُزَوَّرةِ/ وأظافري المضيئةُ في ليالي المجزرةِ هِيَ ذَاكرةٌ للبَجَعِ المنفيِّ /
     في لَيْلةٍ خَريفيةٍ بَاردةٍ / سَنعترفُ أمامَ مرايا الرَّمادِ ومَزهرياتِ الخريفِ / أنَّا بِعْنا المرأةَ للذي دَفَعَ أكثرَ / كَيْفَ أهْرُبُ مِنكَ يا حُزني ؟ / صُراخُ الدِّماءِ يَقرعُ بَوَّاباتِ الليلِ / والأرَقُ وَصِيَّةُ العُشَّاقِ قَبْلَ انتحارِ اليَاقوتِ / خُذوا بُندقيةَ الصَّيْدِ مِن يَدِ النَّهْرِ / سَوْفَ تَموتُ البُحيرةُ بِسَرطانِ الثَّدْيِ / لا امرأةٌ تنامُ قُرْبَ جُثتي لِتَمْسَحَ دُموعي التي تَحْفِرُ الوِسادةَ / ولا غَيْمةٌ تُرضِعُني بَعْدَ وَفاةِ أُمِّي / حقَّاً / إِنَّ الضَّياعَ هُوَ الشيءُ الوَحيدُ الذي لا يَضيعُ /
     كانت السَّبايا يَنْشُرْنَ الغسيلَ على حَبْلِ مِشْنقتي / وكانت الفَتَياتُ الْمُغْتَصَبَاتُ يَنْشُرْنَ الغسيلَ على حِبَالي الصَّوْتيةِ / أرمي أحزاني في بِئرِ قَرْيتي / وأصعدُ مِن لَمعانِ عُيونِ القَتلى / وسَوْفَ أُدْفَنُ في القريةِ التي وُلِدْتُ فِيها / في رِئتي جَمَلٌ مَشلولٌ / أنتحرُ تدريجياً مِثْلَ كُحْلِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ/ سَأُقْتَلُ بالبُندقيةِ التي أحببتُها/ فَهَل سَتظلُّ المرأةُ مِمْسحةً ؟ / هَل ستظلُّ كَوْمةً مِن اللحمِ الطازَجِ ؟ /
     في ظِلالِ الموتى يَنْبُتُ الخوْخُ وَضَوْءُ الأمطارِ / عِشْتُ تائهاً مِثْلَ الملِكاتِ السَّبايا / وعَاشَت الرِّمالُ غريبةً مِثْلَ المكانسِ الكَهْربائيةِ / انكسَرَتْ عُروشُ الصَّدى مِثْلَ كنائسِ القُرونِ الوُسْطَى / أنا العُرْسُ بَعْدَ مَقتلِ العريسِ / أنا العَريسُ بَعْدَ انتحارِ العُروسِ / أنا العُرْسُ والعَريسُ والعَروسُ / لكنَّ الْمَدْعُوِّينَ لم يَحْضُرُوا / وفِيزياءُ احتضاري فلسفةُ اغتيالي عِيدُ مِيلادي في إسْطبلاتِ الملوكِ /
     الْمَوْتُ أفضلُ حُرَّاسي الشَّخصيين / اسْرِقُوني يا إِخْوتي / إِنَّ وَطَنَ اللصوصِ لا يُقَدِّسُ إلا اللصوصَ / سَوْفَ يَصِلُ الموتى إلى المقبرةِ مُتَأخِّرينَ / ويَصِلُ العُشَّاقُ إلى عَصيرِ البُرتقالِ مُتأخِّرين / وصارَ مَوْعِدُ دَفْني استراحةً لسائقي الشَّاحناتِ / على طَريقِ قَلبي الصَّحراويِّ / فاشْكُرْ لاعبي التِّنسِ الذينَ يُحْضِرُونَ عَشيقاتِهِم للتَّشجيعِ / في مَلاعبِ التَّطْهيرِ العِرْقِيِّ /
     أدخلُ في غَابةِ العِشْقِ الضَّوئيةِ / وأسألُ أغصانَ الرَّعْدِ / مِن أيْنَ ستأتي الطعنةُ المسمومةُ ؟ / لَسْتُ صُورةً في بِرْواز / تُعلِّقُهُ البُروقُ على حَائطِ زِنزانتي / سَتَموتُ الكاهنةُ في هَاويةِ المرْمَرِ / ويَنمو التفاحُ في أكياسِ الجثثِ / يَا وَطَنَ الْمُرْتَزِقَةِ فَلْتَمُتْ / ذِكرياتُ أصنامِكَ انتهتْ / وسَامِحيني يا مَشانقَ الكَهْرمان/ لم أحْضُرْ حَفْلَ تتويجِ الإمبراطورةِ / لأني كُنتُ أُنقِّبُ عَن دِمائي في حَنجرةِ الضَّبابِ/ نمشي على التَّوابيتِ/ وأرضُ الموتى يُغَطِّيها المِكياجُ / خُدودُ النِّساءِ مَرفأُ البَعُوضِ / والبَقُّ يَمُصُّ حَلَماتِ النِّساءِ/فيا أيتها الرَّاهبةُ الرَّماديةُ/ سَوْفَ يَكْسِرُ سَرَطانُ الثَّدْيِ الصليبَ على صَدْرِكِ/
     سَتَغرقُ في لَيْلةِ الدُّخلةِ حَضَاراتُ الإعدامِ / فَمَا فَائدةُ الذهابِ إلى الكَنيسةِ يَوْمَ الأحَدِ / وكلُّ الراهباتِ الْمُغتَصَبَاتِ صَلَبَهُنَّ المطرُ يَوْمَ السَّبْتِ ؟ / مُلوكُ الأرضِ صَاروا تَحْتَ الأرضِ / وحَارسُ المقبرةِ هُوَ الهِنديُّ الأحمرُ الوَحيدُ / الذي نَسِيَ الرَّجلُ الأبيضُ أن يَقْتُلَهُ / كُلما مَشَيْتُ في المكانِ الذي اغتالوني فِيه/ بَكَت الأشجارُ التي سَتَصيرُ أخشاباً للنُّعوشِ/تَدخلُ طُفولةُ المساءِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ/ وأنا أخرُجُ مِن جِلْدِ المساءِ / امرأةٌ تُزَفُّ إلى قَاتِلِها / وعُشَّاقُها يَرْقُصُونَ في الإسطبلاتِ على ضَوْءِ الشُّموعِ/ غُربةُ القَلْبِ في زِنزانةِ الجسَدِ/ وُلِدْتُ في غُربةِ الرُّوحِ / وَمِتُّ في غُربةِ القَلْبِ / ولا شَيْءَ يتذكَّرُ وَجهي سِوى الزَّوابعِ / فاذْكُرْني يا مَساءَ الموتِ / نركضُ على الجثثِ / ولَن تَعْرِفَ الرِّياحُ شُعورَ الْحُسَيْنِ / حِينَ عَلِمَ أنَّ أهْلَ الكُوفةِ خَانوه /
     لَيْلةُ الدُّخلةِ هِيَ الحرْبُ التي أهْرُبُ مِنها / والجيوشُ تَرفعُ الرَّايةَ البَيضاءَ / وتَخرجُ مِن رِئةِ النَّهارِ / والقِطَطُ تَخرجُ مِن حَناجرِ الجنودِ القَتلى / دِماءُ الكِلابِ البُوليسيةِ على زُجاجِ السَّياراتِ العَسكريةِ / وأجراسُ المطرِ يُعلِّقُها الخريفُ في سَقْفِ زِنزانتي / وَطَنٌ لِكُلِّ البغايا / نزيفٌ لِكُلِّ الحواجزِ الأمنيةِ / الرَّقيقُ الأبيضُ في السُّوقِ السَّوْداءِ / وجُلودُ الإِمَاءِ ترتعشُ في قُصورِ الخليفةِ / والذاكرةُ هِيَ الوَهْمُ الْمُعَلَّبُ / فيا أيها الوَطَنُ التَّائهُ بَيْنَ الدِّيمقراطيةِ البَدويةِ وَصَفَّاراتِ الإنذار / سأموتُ في أحلامِ الطفولةِ / فَقُلْ : ماتَ عَدُوُّ الملوكِ / ولم يَهْزِمْني إلا الشَّفقُ / النِّفطُ يُمَزِّقُ غِشاءَ البَكارةِ للصَّحراءِ اليَتيمةِ / فيا كُلَّ السُّفنِ الرَّاسيةِ في جُثماني / يا كُلَّ البَحَّارةِ الذينَ حَمَلوا مَناديلَ زَوْجاتِهِم تِذْكاراً قَبْلَ الغرقِ / اقْتُلوا ضَوْءَ عُيونِ الفَراشةِ ثُمَّ احْتَفِلُوا بِعِيدِ مِيلادِها / ما زِلْتُ أنتظرُ قِطارَ الموتى/ لكنَّ حَفَّاري القُبورِ مَشغولونَ بِمُغازَلةِ السَّائحاتِ / وأنهضُ مِن صُراخِ الليلِ / وأهتِفُ في أفلاكِ الفَراغِ / لَن يُصبحَ عِنَبُ الجزائرِ نبيذاً فَرَنسِيَّاً / لا تترُكُوا يا إِخوةَ الدَّمِ أميراتِ مُوناكو يَتناوَلْنَ دَمي معَ الكافيارِ/ أنا أرشيفُ الضَّحايا في مَحاكمِ التَّفتيشِ / ولا حَاكِمٌ ولا مَحكومٌ /
     تَكتبُ السَّبايا التقاريرَ السِّريةَ / وضَفائرُ الفَتَياتِ أرشيفٌ للانقلاباتِ العَسكريةِ / بنى الغروبُ بُورصةَ الحريمِ في رِعشةِ الأسْفَلْتِ/ والكِلابُ البُوليسيةُ تستثمرُ في مَحاكمِ التَّفتيشِ / وتأكلُ جُثثَ الكرادلةِ / يَلْمَعُ قَوْسُ قُزَحَ في غُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائيِّ / التَّوابيتُ مِن نُحاسٍ / وحَبَّاتُ المطرِ تمشي على سُورِ المقبرةِ / وَجَسَدُ الرِّياحِ هُوَ شَوْقُ الجنودِ إلى زَوْجاتِهِم / فلا تُشْفِقْ عَلَيَّ أيها المطرُ / سَوْفَ أُقْتَلُ في لَيْلةٍ ماطرةٍ / وتظلُّ الجثثُ تَحْتَ المطرِ / والجرادُ يَأكلُ أغشيةَ البَكارةِ في الطرقاتِ الْمَنْسِيَّةِ / ويَلعبُ الأطفالُ بِنُهودِ أُمَّهاتِهِم المقطوعةِ /
     ابْنُ تاجرِ المخدِّراتِ يَتزوَّجُ ابنةَ تاجرِ الرَّقيقِ الأبيضِ في عُرْسِ تاجرِ الأسلحةِ / فَشُكْراً لَكَ    يا وَطَنَ الملوكِ العبيدِ / تتحوَّلُ النِّساءُ إلى صَفَقاتٍ خاسرةٍ بِكُلِّ رُومانسيةٍ / لم نعرِفْ لَحْنَ الوَدَاعِ / لَكِنَّنا نرقصُ في حَفْلةِ الإعدامِ / تصيرُ دِمائي أحْمَرَ شِفاهٍ للجَرادةِ / التي ذَبَحَهَا العِشْقُ بِخَنجرِ الذِّكرياتِ / سَتَرقصُ كِلابُ الصَّيْدِ على السَّجادِ الأحمرِ / سَيَفرحُ البَعُوضُ في المواكبِ الملَكِيَّةِ / أبحثُ عَن مُسْتَقْبَلِي السِّياسِيِّ بَيْنَ رُعاةِ الغنمِ ورُعاةِ البَقَرِ / ويَرقصُ المشنوقونَ حَوْلَ جَماجِمِهِم / ويَقْرَعُونَ طُبولَ الحربِ بَيْنَ الرُّؤوسِ المقطوعةِ وأحزانِ نِساءِ القَبيلةِ / والأرصفةُ مَدْهُونةٌ بأغشيةِ البَكارةِ / مُسَدَّسي مَطْلِيٌّ بأحلامِ الطفولةِ الضَّائعةِ/ أُطْلِقُ الرَّصاصَ على الذِّكرياتِ / وأنا الْمَنْسِيُّ / نسيتُ نعشي في صُندوقِ البَريدِ / نَسيتُ جُثةَ أبي في حَقيبتي المدرسيةِ / وَلَم يَزُرْني غَيْرُ الإعصارِ/ مَشَيْتِ إلى الموتِ أيتها الذِّئبةُ الشَّقْراءُ / وَبَقِيَ عِطْرُكِ القَاتلُ في الممرَّاتِ/
     أنا صَخَبُ الغاباتِ المضيئةِ بَيْنَ هُدوءِ الصَّيادِ وهُدوءِ الفَريسةِ / أنا الهدوءُ الدَّمَوِيُّ بَيْنَ رُومانسيةِ القَاتلِ ورُومانسيةِ الضَّحيةِ / والزَّوابعُ تَطْحَنُ عِظامَ الجنودِ كُحْلاً للصَّبايا / والرَّمادُ يُوَزِّعُ عُلَبَ المِكياجِ على جَواري القَصْرِ قَبْلَ الجِمَاعِ / ذَهَبَتْ أشلائي في التُّرابِ/ جُثتي الْمُتَحَلِّلَةُ خَرَجَتْ ولم تَعُدْ / لَكِنَّ حَفَّارَ قَبْري عَادَ / فَيا سَيِّدةَ الموانئِ الخريفيةِ / أنتِ العُذوبةُ والعَذابُ / كَيْفُ أهْرُبُ مِن السِّجْنِ وأنا السِّجْنُ ؟ / أخافُ أن أستيقظَ مِن النَّوْمِ / أخافُ أن أنظرَ في المِرْآةِ / جَدائلُ النِّساءِ هِيَ أرشيفٌ للسُّفنِ الغارقةِ / فَكُوني زَهْرةً مَسمومةً كَي تَرقصَ الخيولُ على جَسَدِ النَّهْرِ / أُهَنِّئُ الموتى في عِيدِ مَوْتِهِم / وأجْمَلُ الأمواتِ هُوَ الذي لم يَمُتْ / وأُهَنِّئُ البُحَيرةَ بِمُناسَبةِ طَلاقِها مِن البَحْرِ/ أُحِبُّ كُلَّ شَيْءٍ فِيَّ إلا أنا/ صارَ لَحْمي مَحطةً لِتَوليدِ الكَهْرباءِ لأعدائي/ وَرِثْنا أمجادَ الوَحْلِ/ وَرِثْنا شَرَفَ أشجارِ المقابرِ / سَيَظَلُّ صَوْتُ المشنوقِ العَالي أعْلَى / يا أُورُشَليم / يَا قَاتِلةَ الْحُلْمِ / ماذا أبقَيْتِ لِنَساءِ بَنِي إسرائيلَ / وقَد رَأيْنَ وُجوهَ آبائِهِنَّ مُلَطَّخَةً بِدِماءِ الأنبياءِ ؟ / شَعبي يَخترعُ أصناماً لِيَطُوفَ حَوْلَها / فيا أحزانَ الطفولةِ في المساءِ السَّحيقِ / أخافُ أن أفرَحَ / أخافُ أن أعيشَ/ سَيَأتي جُثمانُ أبي من أمواجِ الشَّفقِ / وما زَالتْ أُمِّي تنتظرُ أبي في مَرافئِ الاحتضارِ /
     كَسَرَ الليلُ الزُّمرديُّ أصابعَ الأطفالِ على طَباشيرِ الْحُزْنِ / والسَّتائرُ الرَّماديةُ في ليالي الخريفِ/  تُخَبِّئُ أحزانَ النِّساءِ في أكياسِ الطحين/ أسيرُ في أدغالِ الكَهْرمانِ بِلا بُوصلةٍ/ لكنِّي أعْرِفُ أضرحةَ النِّساءِ اللواتي قُتِلْنَ في قَلبي / سَوْفَ تَجلسُ الأمهاتُ عِندَ نوافذِ الشِّتاءِ / ويَنتظِرْنَ نُعوشَ أبنائِهِنَّ /
     هَل تنظرُ الجاريةُ في عُيونِ سَيِّدِها أثناءَ الجِمَاعِ ؟ / رِئتي مُلقاةٌ في مَزهرياتِ كُوخي / والصَّدأُ يَحتلُّ صُندوقَ البَريدِ/ الحوتُ الأزرقُ وَراءَ أشجارِ الذاكرةِ / وإسطبلُ الذبابِ في حَنجرتي الوَرَقيةِ/ امرأةٌ تتزيَّنُ لِحِيطانِ غُرفةِ نَوْمِها / وتُحَدِّقُ في جُثةِ زَوْجِها / هَدايا العِيدِ في مرايا الزَّهايمرِ / سَوْفَ تَذهبُ جُثتي الْمُحَنَّطةُ بِمِلْحِ الدُّموعِ إلى حفَّارِ قَبْري/ كما تَذهبُ الإمبراطورةُ إلى عَشيقِها/ البَراويزُ على حِيطانِ زِنزانتي تَخُونُني / وتَنتخبُ سَجَّاني / وأنا أتجسَّسُ على شَهيقي / لأُعَقِّمَ قِرْميدَ كُوخي بأملاحِ دَمْعي / عَريسٌ يَتجوَّلُ بَيْنَ قُبور أُسْرَتِهِ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وذُكورةُ حَبْلِ المِشْنقةِ ضَوْءٌ / يُرَتِّبُ في سَقْفِ حَلْقي شَواهِدَ القُبورِ / كأرقامِ جَدْولِ الضَّرْبِ /
     قالَ الرَّمْلُ لِزَوْجَتِهِ الصَّحْراءِ / لا أَقْدِرُ أن أَعِدَكِ بِحُضورِ لَيْلةِ الدُّخلةِ / يُدافِعُونَ عَن حُقوقِ الإنسان / لَكِنَّهم يَحترمونَ الكِلابَ البُوليسيةَ / يَغتصبونَ رُوحَ المرأةِ / ويُدافِعُونَ عَن جَسَدِها / وأنا الطريدُ / عِندما لا أَكُونَ مُكْتَئِباً أَكُونُ مُكْتَئِباً / ولا بُدَّ أن أُسْرَقَ كَي أتأكَّدَ أنني في وَطَني / ويَجِبُ أن أَضيعَ لأدْعَمَ الوَحْدةَ الوَطَنيةَ .