سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

26‏/09‏/2019

ضابط المخابرات يتزوج راقصة الباليه / قصيدة

ضابط المخابرات يتزوج راقصة الباليه / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.................

     بِعْنا الوَطَنَ كَي نَتَفَرَّغَ لِلَيْلَةِ الدُّخلةِ / ونُرَكِّزَ في رُومانسِيَّةِ الفَراغِ / لَكِنَّنا خَسِرْنا الوَطَنَ ولَيْلةَ الدُّخلةِ مَعَاً / نَحْنُ البَدْوُ الرُّحَّلُ نَنتقلُ مِن فِرَاشِ الموْتِ إلى فِرَاشِ الموْتِ / عَيْناكِ أيَّتها القاتلةُ المقتولةُ ذُبابتانِ في بُكائِيَّاتِ كُرَياتِ دَمي / كأنَّنا قَرابينُ الرَّمْلِ في مَساءِ النَّزيفِ / نَحْمِلُ لِواءَ الرُّومانسِيَّةِ في المحافلِ الدَّوليةِ / لكنَّ الشَّمْسَ لا تَعترِفُ بِوُجُوهِنا / نَحْنُ البَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ نَبيعُ الذِّكرياتِ عَلى إشاراتِ المرورِ / الحضارةُ سِكرتيرةُ نِقابةِ العَوانسِ / إمبراطورةُ الأشلاءِ زَوجةُ الشَّيطانِ أو فَأرةٌ مَشلولةٌ / ولَيْلةُ الدُّخلةِ مِصْيدةُ الذِّكرياتِ وَفَخُّ أحلامِ الطفولةِ /
     مِن كُلِّ جِهاتِ الرِّيحِ تَنْدَلِعُ نِهاياتي / يُرَوِّضُني الخريفُ النُّحاسِيُّ / فأركضُ في شَوارعِ الصَّقيعِ طِفْلاً لا يَكْبُرُ / لَكِنَّهُ يَبْحَثُ عَن قَبْرِ أُمِّهِ / تَهْرُبُ الذِّكرياتُ مِنَ الشَّمْسِ/ والغريبُ لا يَقْدِرُ على العَيشِ فَوْقَ الأرضِ / فعاشَ تَحْتَ الأرضِ مِثْلَ دِمَاءِ الياسَمين /
     تَزَوَّجَتْ أظافرُ المساءِ الوَسْواسَ القَهريَّ زَواجاً رَسْمِيَّاً / والبُحَيرةُ تَزَوَّجَت اكتئابَ الرَّمْلِ زَواجاً عُرْفِيَّاً / فيا أيُّها الوَهْمُ المسافرُ بَيْنَ رُموشي والقلاعِ الْمُتَسَاقِطَةِ / كالعَدَسَاتِ اللاصِقةِ للسَّناجبِ / وأحْمَرِ الشِّفاهِ للفَراشاتِ / وطِلاءِ الأظافرِ لِبَناتِ آوَى /
     سَقَطَتْ أجنحةُ الفَراشاتِ في بَراميلِ النِّفطِ / مَسَحْتُ الأرضَ بِمُلوكِ الأرضِ / دَخَلْتُ في جَدَلِيَّةِ أشجارِ المقابرِ / رَكَضْتُ إلى زَخْرَفةِ شَواهِدِ القُبورِ / اعْتَنَقْتُ عُزْلَةَ الرِّياحِ الفِضِّيةِ / هذا أنا / كافرٌ بالملوكِ والملِكاتِ / إِنَّ وَطَني مات / وَمَا زِلْتُ أسْمَعُ صَوْتَكِ يَا أُمِّي خَلْفَ رُخامِ الضَّبابِ /
     أيَّتُها الموؤدةُ اعْتَرِفي / وحَطِّمي زُجاجَ غُرفةِ الاعترافِ / ها أنتِ تَسْمَعينَ سُعالَ أبيكِ وَهُوَ يَئِدُكِ / تَشُمِّينَ رَائحةَ فَمِهِ بَيْنَ أجسادِ الْخُيُولِ المذبوحةِ / كأنَّ تاريخَ الْحُزْنِ عَالِمُ اجتماعٍ فاشلٌ اجتماعياً / وأنا المسافرُ في أنقاضي / عاجزٌ عَن التَّوفيقِ بَيْنَ الرُّومانسِيَّةِ وصِدَامِ الحضَاراتِ / هَل تُوجَدُ جَراثيمُ على حَبْلِ المِشنقةِ ؟ / مَشانقُ الذاكرةِ مَفتوحةٌ للفِطْرِ السَّام /
     يَا مَن قَتَلْتُم الْحُسَيْنَ كَي تَتَفَرَّغوا لِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ / إِنَّ زَواجي تَصفيةٌ جَسديةٌ / وَطَلاقي هَلْوَسَةُ السَّنابلِ / البَحْرُ أعْزَبُ / ورَمْلُ البَحْرِ هُوَ ابْنُ النَّوْرَسِ بالتَّبَنِّي / خَبَّأْنا جُثَثَ أُمَّهاتِنا في حَناجرِ السَّنابلِ / وجُثةُ الرِّيحِ مَنثورةٌ في أكياسِ الْخُضارِ / والعاشقةُ المقتولةُ بِدُموعِ عاشِقِها / تَمشي في اكتئابِ الحقولِ / فيا أيَّتُها القبائلُ التي بَاعَتْ بَناتِها ونَكَّسَتْ أعلامَها / كَي يُرَكِّزَ الملوكُ في لَيْلةِ الدُّخلةِ بِلا مُعَارَضَةٍ سِياسِيَّةٍ/ إنَّ الدُّوَلَ تَذُوبُ كالشُّوكولاتةِ / وَكُلَّ امرأةٍ مَغرورةٍ يُرَوِّضُها الجِنْسُ/
     اشْكُر الأيتامَ الذين يَبيعونَ العِلكةَ على إِشاراتِ المرورِ / وَيَطْرُدُونَ الذبابَ عَن جُثماني / أنا الْحُزْنُ الواقِفُ بَيْنَ العِشْقِ والرَّصاصِ / أنا الحدُّ الفاصلُ بَيْنَ الرُّومانسيةِ والكِفاحِ الْمُسَلَّحِ/ حَقائِبُ الملِكاتِ مِن جُلودِ العَبيدِ / جُثةٌ نُحاسِيَّةٌ عَلى أُرجوحةٍ فِضِّيةٍ في حَديقةٍ فَارغةٍ / وَحْدَهُ الصَّقيعُ يَأكلُ أجفانَ الفَتَيَاتِ/ قالتْ بُحَيرةُ الدَّمْعِ / وَحْدَهُ رَمْلُ البَحْرِ يَقتحمُ أُنوثتي المتوحِّشةَ في وَطَني المتوحِّشِ / رُفاتي هُوَ شَجَرُ التفاحِ / وتَضاريسُ أعصابي شَجَرُ المستحيلِ / مِرآتي ذِئبةُ الصَّدى / أنتِ لَيْلَى / والمرايا حَوْلَكِ ذِئابٌ / فيا أيُّها المنبوذُ في الشَّفقِ المكسورِ / إنَّ أُمَّكَ أرْضَعَتْكَ معَ السَّناجبِ الكريستالِيَّةِ حَليبَ الأسفلتِ / نِسْوَةٌ مُتَوَحِّشَاتٌ يَرْتَدِينَ فَساتينَ الزَّرنيخِ / وَيَنْشُرْنَ الجماجمَ على حِبَالِ الغسيلِ / والحقولُ المحروقةُ هُوِيَّةٌ للسُّنونو المنفيِّ/ خُضْتُ حَرْبَ اسْتِنْزَافٍ عَاطِفِيَّةً في شَوارعِ قَلْبي / فَخَسِرْتُ آخِرَ مَعَاقِلي / النَّشيدُ الوَطَنِيُّ لِبَغايا بِلادي / لَم أرِثْ عَن الأعاصيرِ غَيْرَ الوَسْواسِ القَهريِّ / وَرَّثَنِي الموْجُ اكتئابَ النَّوارسِ / ورَحَلَ إلى الغروبِ المعدنِيِّ /
     كَاتِدْرَائِيَّةُ القُلوبِ المكسورةِ / تَنمو الطحالبُ على أبراجِها / ويَنكسرُ زُجاجُ نَوافِذِها / الفِطْرُ السَّامُّ يَركضُ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي / أنا هُنا لأنَّني هُناك / والرَّعدُ يَكْسِرُ ألواحَ صَدري / والصَّدأُ يَحتلُّ قُضبانَ قَفَصي الصَّدريِّ / لماذا تَقِفُ أمامَ أقفاصِ الحيواناتِ في الحديقةِ ؟ / كُلُّنا نَعيشُ في الأقفاصِ / ضَعْ مِلْعَقةً مِن مِلْحِ دُموعي في طَعامِ السُّجناءِ / ضَعْ مِلَعَقَتَيْنِ مِنَ الذِّكرياتِ في قَارورةِ السُّمِّ / أجنحةُ الحشَراتِ مُعَطَّرةٌ بِقَوانينِ الطوارئِ / والرِّيحُ تَدْفِنُ أشلائي في رِمالِ الشَّاطئِ كَبَيْضِ السَّلاحفِ / وعِظامي سِكَّةُ حَديدٍ للطيورِ كَي تَعودَ إلى البَحْرِ / لكنَّ الطيورَ ضَلَّتْ طَريقَ البَحْرِ /
     لَم يَكْتَرِثْ ضَوْءُ البَحْرِ بِمَاءِ عُيوني/ لَم يَكترِثْ مِلْحُ الْخُبْزِ بِمِلْحِ دَمْعي/ فَلا تَتْرُكْ دَيناصوراتِ الْحُلْمِ في الشَّارعِ / كُلُّنا سَائرونَ إلى الانقراضِ / فَكُنْ لَوْنَ الأحكامِ العُرْفِيَّةِ في سَراديبِ رِئتي / أجراسُ المطرِ طَريقٌ لانتحارِ المعنَى / في الوَطَنِ الذي يُولَدُ مَيْتاً / ولا مَعْنَى لِشُطآنِ الغروبِ سِوى دُستورِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / 
     يَا أيُّها الْحُزْنُ القُرمزيُّ في عُروقي الْمُضاءةِ بالعناكبِ / لا تَحْزَنْ عَلَيَّ / إِنَّني تَزَوَّجْتُ مُسْتَقْبَلِي الذي مَضَى / ولا أخافُ على حُلْمي / لأنَّ أحلامَ الطفولةِ ماتتْ / ولا حُلْمَ لِي / وَلا أخافُ عَلى مُسْتَقْبَلِي / لَيْسَ لِي مُسْتَقْبَلٌ / الرِّيحُ تُزَيِّنُ الحشائشَ حَوْلَ قَبري / والأعاصيرُ تَنْحِتُ اسْمي على شَاهِدِ قَبري/ فلا تَقِفْ في وَجْهِ الفَيَضَانِ/ الذي يَبني خِيَامَ اللاجئين / كُلُّنا لاجِئونَ في الرِّمالِ المنفِيَّةِ/ فلا تَزْرَعْ السَّنابلَ في نزيفِ الأسرى/ لَن نَحْصُدَ القَمْحَ يا سَجَّاني الْمُخْلِصَ / سَوْفَ نَحْصُدُ جَدائلَ أُمَّهاتِنا / وَذِكرياتِ آبائنا / وأحلامَ طُفولَتِنا / كُلُّنا زَارِعُونَ / ونَنتظرُ أن يَحْصُدَنا الموْتُ /
     دُودةُ القَزِّ تَخيطُ أغشيةَ البَكارةِ للنِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / العناكبُ تنامُ في قُمصانِ النَّوْمِ / والنِّساءُ نَائماتٌ على فِرَاشِ الموْتِ / أصْعَدُ مِن مِشْنقتي بِكُلِّ ثِقَةٍ / لأدْخُلَ في لَمَعَانِ نِصَالِ المقاصلِ / دَيْناصُوراتُ العارِ تَسْبَحُ في دَمِ الحيْضِ لأشجارِ المدافنِ / أعصابي حُطامُ السُّفنِ / أجْمَعُ المشانقَ كالطوابعِ البَريدِيَّةِ / فيا أيَّتُها اليَتيمةُ في مَملكةِ الوَهْمِ / إنَّ أهْلَكِ بَاعُوكِ كَي يَشْتَرُوا الفِياغرا لِشُيُوخِ القَبائلِ / دِيمقراطِيَّةُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / وَرَمْلُ البَحْرِ هُوَ سَرَطَانُ الثَّدْيِ / يَأكلُ صُدورَ الفَقيراتِ اللواتي لا يَمْلِكْنَ ثَمَنَ العِلاجِ /
     طَلَّقَ حُلْمُ الغروبِ ابنةَ الخليفةِ / لا بَيْعَةٌ في رَقَبَتي للصَّنمِ / ولا مُسْتَقْبَلٌ لأجنحةِ العَصافيرِ / أمواجُ البَحْرِ حَائرةٌ / هَل تُرْسِلُ لِي حُكْمَ إعدامي بالحمَامِ الزَّاجلِ أَم البَريدِ الإلكترونِيِّ ؟ / امرأةٌ تُحِبُّ أن تَظَلَّ سَجَّادةً تَحْتَ أحذيةِ زَوْجِها / نُخَزِّنُ الْجُثَثَ الطازَجةَ في أكياسِ الْخُضارِ / حَفَّارُ القُبورِ تَزَوَّجَ ماما الفاتيكانِ / كَي يُرَكِّزَ في حِوارِ الحضاراتِ / صَلَبَ المساءُ الفُقراءَ على حِبْرِ الغاباتِ / فيا أيُّها الليْلَكُ القاتلُ المقتولُ / أرْفُضُكَ مِثْلَما يَرْفُضُ زُجاجُ الكنائسِ جَدائلَ الرَّاهباتِ/ أرْفُضُكَ مِثْلَما تَرْفُضُ الشَّمْسُ سَراديبَ التَّعذيبِ في مَحاكمِ التَّفتيشِ / وَمَضَيْتُ إلى حُزْنِ المشانقِ / الليلُ تُفاحٌ عَلى جَناحِ نَسْرٍ مَذْبُوحٍ يَرْتَطِمُ بأسنانِ الرِّيحِ / جُروحُ المساءِ تَعْبُرُ فَوْقَ مُسَدَّساتِ الطفولةِ الضَّائعةِ / أجفانُ البَناتِ مُمَزَّقَةٌ كَرَاياتِ القبائلِ الْمُنَكَّسَةِ / ويُهاجِرُ الملوكُ مِن قَانونِ الطوارِئِ إلى مُضَاجَعَةِ العَشيقاتِ في حِوارِ الحضاراتِ / ويُهاجِرُونَ مِن حِوارِ الحضَاراتِ إلى سَرِقَةِ الشُّعوبِ/ مَن أنتِ يا مَملكةَ السَّرابِ المزروعةَ في أجفانِ الجنودِ الْهَارِبِين ؟ / دَمي الأخضرُ مَنقوعٌ في الشَّايِ الأخضرِ / والخناجرُ تَلْمَعُ كَعُيُونِكِ يا قَاتِلَتي في لَيْلِ الصَّقيعِ / كُلُّ فَساتينِ السَّبايا أرصفةٌ لِعَرَبَاتِ نَقْلِ الجنودِ / فَكَيْفَ أَعُودُ إلى عُكَّازةِ أبي في أحلامِ الطفولةِ ؟/ كَيْفَ يَعُودُ الطائرُ الغريبُ إلى البَحْرِ؟ / هَذِهِ دِمَاءُ السُّنونو على حِيطانِ زِنزانتي المفتوحةِ للجِرذان / هَذِهِ جَدائلُ أُمِّي عَلى عِظامِ صَدْري المفتوحِ للبَحْرِ / ونافذةُ السِّجْنِ تُطِلُّ عَلى البَحْرِ البَعيدِ / فَلا تُسَجِّلْ قَلْبي بِاسْمِ الفَراشةِ المحنَّطةِ في مِلْحِ الدُّموعِ / لا تَدُسَّ لِيَ السُّمَّ في الذِّكرياتِ يا حِبْرَ الكَلِماتِ / يا إنجيلَ مَحاكمِ التَّفتيشِ / احْتَرِقْ بِحِقْدِكَ / واتْرُك النَّوارسَ في طريقِ البَحْرِ / سَوْفَ يَعْرِفُ الغريبُ الفَرْقَ بَيْنَ قَارورةِ السُّمِ وقَارورةِ الحِبْرِ / مَا فَائِدةُ الحضَارةِ أيَّتُها الرَّاهبةُ العَمياءُ / وَدَمُ الحيْضِ يَطْفُو عَلى سَطْحِ النِّفْطِ / النَّهْرُ زِيرُ نِساء/ فاكْسِر الزِّيرَ في أكواخِ الصَّفيحِ/ وَاشْرَبْ مِن بِئرِ القريةِ المنبوذةِ/ ابْتَعِدي يا مَساميرَ النُّعوشِ عَن ضَوْءِ عُيونِ الكلابِ البُوليسِيَّةِ / أشجارُ المقابرِ تَمشي إلى القُبورِ / وحِيطانُ السِّجْنِ تَمشي إلى جُثةِ السَّجينِ / 
     ابْتَعِدي عَن ضَوْءِ عُيوني يا أشجارَ المقابرِ / يَقضي الأيتامُ العُطلةَ الصَّيفيةَ في إِجراءِ التَّنفسِ الاصطناعيِّ لِجُثَثِ آبائِهِم / وَأنا الوَرْدَةُ الذابلةُ في مَقبرةِ الحضاراتِ / أنا ضَوْءُ المساءِ الخريفيِّ في أجفانِ اليَتيماتِ/ أنا ابْنُ الموتِ / لَكِنِّي يتيمٌ / وَلَم أكُن أعْرِفُ أنَّني الحاجزُ العَسكريُّ بَيْنَ اللذةِ والموتِ / رَأيتُ وَشْمَ الخريفِ على أغصانِ المجرَّاتِ / وقَرأتُ أجنحةَ الفَراشاتِ في ليالي الشِّتاءِ /
     الإعصارُ يَتحرَّشُ جِنسِيَّاً بِنَوافذِ قَصْري الرَّمليِّ / والقَساوِسَةُ يَتحرَّشونَ جِنسِيَّاً بالأطفالِ والنِّساءِ / الصَّقيعُ يَفترِسُ مَمَرَّاتِ الدَّيْرِ / وبَلاطُ الزَّنازينِ مَغسولٌ بِكُحْلِ الصَّبايا وصَابُونِ الفنادقِ الرَّخيصةِ / والذِّكرياتُ المقتولةُ مُعَلَّقَةٌ على حِيطانِ السُّجونِ / كالبَراويزِ المنذورةِ للبَقِّ /
     أنا العاطلُ عَن الذِّكرياتِ / أصابعُ الكَرادلةِ تَمُرُّ على صُدورِ الرَّاهباتِ المنذورةِ لِشَجرِ المستحيلِ / وأنا أقرأُ أحزانَ الغاباتِ / والبُحَيرةُ مُصابةٌ بِسَرَطانِ الثَّدْيِ / نَشتري أطرافاً صِناعِيَّةً للنَّهرِ المشلولِ/ ونَزرعُ في صَدْرِ الرِّياحِ نُهوداً بلاستيكِيَّةً / لَم تُدافِعْ عَن أحزاني أيُّها النَّهْرُ الأعرجُ/ ألْقَيْتُ قَلبي في رِئةِ الخريفِ / وأظلُّ أدُورُ في المرافئِ الأُرجوانِيَّةِ باحثاً عَن قَبْرِ أبي / كَفَرْتُ بالملوكِ الأصنامِ الذينَ خَانوا مِلْحَ دُموعي / ولا يَقْدِرُونَ أن يُدافِعوا عَن السُّكَّرِ في قَهوةِ الصَّباحِ / أُعَقِّمُ بَلاطَ زِنزانتي بِمِلْحِ دُموعي / تَاريخي دِيمقراطِيَّةُ رُعيانِ الغَنَمِ / وأعصابي دُستورُ البَدْوِ الرُّحَّلِ / ماتَ الرَّاعي / والأغنامُ تَمشي على الرِّمالِ البَنَفْسَجِيَّةِ وَحيدةً / وَرِثْتُ جِيناتِ حُكْمِ الإعدامِ / وَرَّثْتُ الاكتئابَ لِبَناتِ آوَى / ولَم أتَزَوَّجْ غَيْرَ حِبالِ المشانقِ /
     كُن نَشيداً للذينَ يَحْفِرُونَ قُبورَهُم / في الدِّماءِ الزَّرقاءِ لِسَيِّداتِ المجتمعِ الْمُخْمَلِيِّ / هَذِهِ أكفاني مِن يَاقوتِ المجازرِ وفِضَّةِ الإبادةِ / فَتَصَدَّقْ يا غَيْمَ الذِّكرياتِ البَعيدةِ عَلى أعشابِ المقابرِ / الفِطْرُ السَّامُّ بَيْنَ فِقراتِ ظَهْري / وعَقْلي في أقْصَى جُنوني / دَوْلَتي تنهارُ في انهيارِ العَوانِسِ / قُرْبَ مِكياجِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / إِنَّ أخشابَ المطبخِ مِثْلُ أخشابِ نَعشي / الرُّخامُ اللامعُ في المطابخِ / والجماجمُ في الصُّحونِ على مَائدةِ المطَرِ الجارحِ / فلا تَسْأَل اكتئابي عَن طَريقِ الفَراشاتِ الملوَّنةِ / إنَّ أشلائي مُلَوَّنةٌ كالطباشيرِ في المدارسِ الخاليةِ إلا مِنَ الجِرذان / رَكَضْتُ نَحْوَ عُكَّازةِ أبي في أعالي الصَّليلِ / كانت الموؤداتُ تَحْتَ الرِّمالِ الزَّرقاءِ / والنَّهْرُ يَنْفُضُ الغُبارَ عَن لِحْيَتِهِ بَعْدَ وَأْدِ بَناتِهِ / قُماشُ الأكفانِ مُسْتَوْرَدٌ / فافْرَحْ أيُّها القَتيلُ / أجنحةُ النُّسورِ تتساقطُ في عَصيرِ البُرتقالِ / وَحَوَاسِّي هِيَ مَتاحِفُ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ/ وأعضائي خِيَامٌ للمَجَازِرِ الْمُتَوَقَّعَةِ/ فَكُنْ صِهْرَ الرِّياحِ المعدنِيَّةِ/ حِينَ يَزُفُّ الوَحْلُ الأعشابَ إلى مَطَرِ الأضرحةِ في غَاباتِ الصَّدى الكُحْلِيِّ / مِتُّ قَبْلَ أن أموتَ / فاذْكُرْ كُحْلَ النَّوارسِ في جِنازتي/ إنَّ الجليدَ يُرَتِّبُ النُّعوشَ على سُطوحِ القِطاراتِ / ولا وَطَنَ للحِكاياتِ/
     افْرَحي أيَّتُها الغريبةُ التي تَبكي تَحْتَ قَمَرِ غَرْناطة / ستأتي الجيوشُ البَدَوِيَّةُ لِتُحَرِّرَ الأندلسَ / سَيَرْمي البَدْوُ الرُّحَّلُ نِساءَهُم في آبارِ النِّفطِ / ويَغْتَسِلُونَ بَعْدَ الجِمَاعِ بالنِّفْطِ / ويَتَشَمَّسُونَ في قُصورِهِم الرَّمْلِيَّةِ / ويَحْلُمُونَ بِقَصْرِ الحمراءِ /
     الطابقُ الثاني مِن قَلْبي المنهارِ كأبراجِ الحمَامِ أو أبراجِ الْمُعْتَقَلاتِ / عَاصمةُ الرِّمالِ المتحرِّكةِ تَحترِقُ في أوْرِدةِ المطرِ / وقَلبي يَضُخُّ دِماءَ البَحْرِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / والرِّيحُ تَسْكُبُ أُنوثَتَهَا في شَراييني / فما فائدةُ المطَرِ الذي يَغْسِلُني في مَوْسِمِ انتحاراتي ؟ / خُذْ بُكائي طَابَعَ بَريدٍ للذِّكرى / ولا تَتَذَكَّرْني حِينَ يَسْتَقِرُّ رَمْلُ البَحْرِ في رِئَةِ الفَراشةِ / كُنْ سَيْفَاً في شَهيقِ المطَرِ / لِتَكْسِرَ الصَّليلَ في بُكاءِ النِّساءِ / الذي يَرِنُّ في ليالي الشِّتاءِ / انقلبَ زَفيري عَلى شَهيقي / وأجنحةُ السُّنونو هِيَ الانقلاباتُ العَسكريةُ / كُرَياتُ دَمي تَتَزَاوَجُ في مَوْسِمِ البَياتِ الشَّتويِّ / ورُموشي تُهاجرُ إلى أشجارِ الأضرحةِ دُونَ إِذْني / أظلُّ تَحْتَ نوافذِ الصَّقيعِ مَلِكَاً على السَّرابِ / فَيَا مَلِكَةَ العَوانسِ القَتيلةَ / إنَّ دِمائي تَتَوَزَّعُ بَيْنَ القَبائلِ / ولا يَدُقُّ بَابِي غَيْرُ الثلوجِ الزَّرقاءِ / فأجِبْ عَن سُؤالِ رُفاتي أيُّها الفَراغُ / لِمَاذا هَذِهِ المدينةُ حَزينة ؟ / 
     حَبْلُ مِشْنقتي هُوَ مَنْدُوبي الدائمُ في الأُمَمِ المتَّحدةِ / لكنَّ الملوكَ المخلوعِينَ يَبيعُونَ العِلْكةَ على إشاراتِ المرورِ / مِتُّ مُنذُ زَمَنٍ بَعيدٍ / وأنا الآنَ شَبَحي/ وِلادتي بَدْءُ العَدِّ التَّنَازُلِيِّ لِحَياتي / وذِكرياتي أشغالٌ شَاقَّةٌ مُؤبَّدةٌ / ومِيلادي حُكْمٌ بإعدامي / فَكَيْفَ تُمارِسُ الموْتَ دُونَ أن تَمُوتَ ؟ /
     الحيواناتُ الْمَنَوِيَّةُ في الأقفاصِ الصَّدئةِ / والقِطَطُ الشَّريدةُ في مَمالكِ الْهَلَعِ / والكِلابُ البُوليسِيَّةُ في الموانئِ المهجورةِ / والحواجزُ العَسكريةُ في مُدُنِ الاغتصابِ / وصَفَّاراتُ الإنذارِ في بِلادِ السَّبايا / يَوْمٌ مُشْمِسٌ مُنَاسِبٌ للاغتيالاتِ والرِّحلاتِ المدرسيةِ / صَباحُ المذابحِ دَائماً هادِئٌ / وَرَحَلْتُ إلى صَنَوْبَرِ الغروبِ / وعِشْتُ ومِتُّ / ولَسْتُ مُتأكِّداً أنَّني عِشْتُ / لَكِنِّي مُتأكِّدٌ أنَّني مِتُّ/ مِتُّ مَرَّتَيْنِ ولَم أعِشْ / كانتْ فِئرانُ التَّجارُبِ تَتَزَاوَجُ في دِمائي / وَكُلُّنا فِئرانُ تَجارُب /
     الأطفالُ في الحارَاتِ المنبوذةِ / يَتَّخِذُونَ مِن جُمجمةِ الضَّحِيَّةِ كُرَةَ قَدَمٍ / كَانَ العُشَّاقُ الخائنونَ سَيَتَعَلَّمُونَ الإِخلاصَ / لَوْ أنَّ رَاهباتِ المجزرةِ أكثرُ رُومانسِيَّةً مِن مَحاكمِ التَّفتيشِ / أظافري ضَفادعُ مَقْلِيَّةٌ بِدَمْعِ البُحَيرةِ السَّاخنِ / فَكُنْ رُموشاً للمِقْصلةِ / حِبْلُ المِشنقةِ مِنَ الكِتَّانِ / وعَشيقاتُ الملوكِ المخلوعِينَ يُنَظِّفْنَ المقاصلَ بِمِلْحِ دُمُوعِهِنَّ / فَافْتَخِرْ بِي يا أبي بَيْنَ رِجالِ القَبائلِ / مِقْصلتي لامعةٌ / ومُسْتَقْبَلي السِّياسيُّ في المقبرةِ / النَّوارِسُ تأكلُ هَلْوَستي / ومَزْهَرِيَّاتُ الكَنائسِ تَتكسَّرُ في أجفانِ العَرائسِ/ ولَيْلةُ الدُّخلةِ هِيَ غُرفةُ الاعترافِ/ فَلْيَعْتَرِف القاتلُ بالضَّحِيَّةِ أوْ لِتَعْتَرِف الضَّحيةُ بالقاتلِ/
     لا فَرْقَ بَيْنَ أُمراءِ الطوائفِ وأُمراءِ الحرْبِ / إذا كانتْ عِظامُ الأطفالِ هِيَ طَاوِلةَ المفاوَضاتِ / دَخَلْتُ في بَكارةِ المِشنقةِ / اغتصبَ الإعصارُ المِقْصلةَ / لَكِنَّها تَحتفِظُ بِغِشَاءِ بَكارَتِهَا / السُّفُنُ الْمُحَطَّمَةُ عَذراءُ / وأنا الطِّفلُ التَّائهُ بَيْنَ شَهيقي وزَفيري / أبكي على صَدْرِ سَجَّاني / والسَّيافُ يُنَسِّقُ الزُّهورَ الصِّناعِيَّةَ في زِنزانتي/ فَرْجُ البُحَيرةِ مُغْلَقٌ بالشَّمعِ الأحمرِ / والعناكبُ تَتشمَّسُ بَيْنَ نُهودِ النِّساءِ / فيا أيَّتُها المرأةُ الحديدِيَّةُ في مَرفأ الوَهْمِ / إنَّ الصَّدَأَ مِثْلُ سَرَطَانِ الثَّدْيِ سَيأكلُ صَدْرَكِ بِلا رَحْمَةٍ / نَهْداكِ مِن نُحاسٍ / وحَليبُكِ مُلَوَّثٌ باليُورانيومِ / والنساءُ يُلْقِينَ المناديلَ الوَرْدِيَّةَ في المِيناءِ / احتفالاً بِعَودةِ الجيشِ المهزومِ / وقَوْسُ قُزَحَ يَدُسُّ لِيَ السُّمَّ في الشَّايِ الْمُحَلَّى بالنُّعوشِ / والعاشقُ الأخيرُ يَغْسِلُ مَساميرَ نَعْشِهِ بِعَصيرِ البُرتقالِ /
     يَا امرأةً أكَلَتْ بِثَدْيَيْها / إنَّني آكُلُ جَسَدي كاملاً / ولَم تَسْقُطْ دَبابيسُ الذاكرةِ على مَناديلِ الوَدَاعِ / لكنَّ خُيُولَ الفَجْرِ الكاذبِ تَرْكُضُ إلى أحزاني / هَرَبَ مِنِّي أصدقائي القَتلى / والقَمَرُ تَزَوَّجَ ضَرْبَةَ شَمْسٍ / سَقَطَتْ أحصنةُ الذِّكرياتِ السَّجينةِ في جُنونِ المدينةِ / أنا سِوَايَ / وضَفائرُ الرِّيحِ مُسْتَبَاحةٌ / والمساءُ لا يَعْرِفُ لماذا يَعْشَقُ مِشْنقتي أكثرَ مِن مِقْصلتي / لِمَاذا مَدَدْتَ لِي حَبْلَ المِشنقةِ حِينَ وَقَعْتُ في البِئْرِ / وَوَقَعَ قَلبي في بِئْرِ الشَّفقِ / لَيْلٌ يَقِيسُ مَنْسُوبَ النِّفْطِ في تَوابيتِ الفُقراءِ / والوَحْلُ يَقيسُ مَنْسُوبَ الحليبِ في صُدورِ النِّساءِ الْمُسَيَّجَةِ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ /
     جِنازتي مُؤْتَمَرُ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ بَعْدَ أن يَضِيعَ الوَطَنُ / خُذْ ذِكْرياتِ عَائلتي يا جَرَسَ البابِ / بَيْتُنا مَهجورٌ / وقُلُوبُنا مَهجورةٌ / هذا أنا / طَيْفُ المسافرينَ في تِلالِ الأمطارِ / مَنْفِيٌّ أنا في حِكاياتِ الخريفِ / وَلَم تَسْتَفِد الفَراشاتُ مِن لَمَعَانِ المرايا غَيْرَ العُنوسةِ / ولَم تَسْتَفِد الرَّاهباتُ مِنَ الكَنيسةِ غَيْرَ الاغتصابِ /
     كُلُّنا نَمشي إلى مَمَرَّاتِ الشِّتاءِ الحزينةِ/ سَرَادِيبُ الأدْيِرَةِ بَارِدَةٌ وَمُظْلِمَةٌ / وَالخنازيرُ التي يُرَبِّيها الكَهَنَةُ في حَدائقِ أكفانِ الذاكرةِ / تَتفرَّجُ على تَوابيتِ البَشَرِ المنثورةِ على الصُّلبانِ في السِّيركِ المقدَّسِ/ جُثَثُ الجنودِ في أكياسِ الفَوَاكِه/ مُشَادَّةٌ كَلامِيَّةٌ بَيْنَ البَحْرِ والبُحَيرةِ/ فَهَل تَقْدِرُ الرُّومانسِيَّةُ التي أخَذَتْ دَيَانا أن تُعيدَها ؟/ هَل تَقْدِرُ الشُّطآنُ المحترِقَةُ بِيَاقُوتِ الوَهْمِ أن تُعيدَ صَفيرَ القِطَاراتِ ؟/
     أنا الطِّفْلُ المنبوذُ في قَوانينِ المطرِ / أحْمِلُ جُثةَ أبي في حَقيبتي المدرسِيَّةِ / أحْمِلُ جُثةَ أُمِّي على ظَهْري/ وأمشي في غَاباتِ الفِضَّةِ خَشَبَاً لِتَابُوتِ السَّرابِ/ الثلوجُ حُبْلَى بأحزانِ الغروبِ/ والأمطارُ نَسِيَتْ أُنُوثَتَهَا عَلى جَناحٍ صَقْرٍ أعْمَى / يُحْتَضَرُ في ألوانِ الغاباتِ الزُّجاجيَّةِ / جُنُوني عَابِرٌ لِقَارَّاتِ الدِّماءِ المنسِيَّةِ في صَخَبِ الأنهارِ / والرُّومانسِيَّةُ في مَساميرِ نَعْشي / تَمْشي إلى أضرحةِ المساءِ /
     نَحْنُ مُتَعَادِلانِ يا صَديقي في السَّرابِ الأُرْجُوانِيِّ / لا تَبْكِ عَلَيَّ حِينَ أموتُ / ولَن أبكيَ عَلَيْكَ حِينَ تَموتُ / لأنَّنا مِتْنا معاً / كُنَّا نَبيعُ الرُّومانسِيَّةَ لِبَناتِ آوَى / وكانَ الملوكُ يَبيعونَ الوَهْمَ للشُّعوبِ/أسألُ نفْسي في ليالي الشِّتاءِ/مَن يَرتكِبُ الجرائمَ في مُدُنِ السَّرابِ إذا كُنَّا جَميعاً ضَحايا؟/
     قَتَلْنا آبَاءَنا / وَاقْتَسَمْنا الغنائمَ / أجْلِسُ عَلى صَخْرةٍ مَنْسِيَّةٍ في شَاطئِ الغروبِ / وَأُرَاقِبُ جِيفتي وَهِيَ تَعْلُو عَلى سَطْحِ البَحْرِ / لَقَد هَزَمْتُ البَحْرَ حَيَّاً ومَيْتاً / فاعْشَقِيني أيَّتُها الأمواجُ القُرمزِيَّةُ /
     الأُنوثةُ الْمُتَوَحِّشَةُ / الدَّوْلَةُ سُوبر ماركت / وَلَيْلَةُ الدُّخلةِ غُرفةُ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهربائِيِّ / لكنَّ الأثاثَ في مَنْفَى القُلوبِ مُسْتَعْمَلٌ / تاريخي مِشْنقةٌ للسَّناجبِ / أنا العاشقُ المنبوذُ / والدَّولةُ عَشيقتي الخائنةُ / أحتاجُ إلى دَعْمٍ لُوجِسْتِيٍّ كَي أقْتَحِمَ عِظامي / السَّنابلُ تَنمو في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / وفِئرانُ التَّجارُبِ تَتشمَّسُ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / جَدائلُ الفَتَياتِ مَنْسِيَّةٌ عَلى الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ أمامَ مَوْقَدةِ الخريفِ / الرِّياحُ مَشلولةٌ / والشُّطآنُ مُصابةٌ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ / أنا لَسْتُ أنا / وَلَم أحْضُرْ حَفْلَ زَواجِ ضَابِطِ المخابَراتِ مِن رَاقصةِ البَاليه/ لأنِّي كُنْتُ أُشْنَقُ/ وحَبْلُ مِشْنقتي هُوَ عُلبةُ المِكياجِ/
     جَمَلٌ يَحْمِلُ الصَّحراءَ عَلى ظَهْرِهِ / وَيَسْقُطُ في بِئْرِ النِّفطِ / دَائماً يَصِلُ العُشَّاقُ إلى مَشَانِقِهِم مُتَأخِّرِينَ / والجنودُ العاطِلُونَ عَنِ العَمَلِ / وَصَلُوا إلى المعركةِ مُتَأخِّرِينَ / والرَّمْلُ بَاعَ الأندلسَ / وأنفقَ الدَّخْلَ القَوْمِيَّ على مُسْتَحْضَرَاتِ التَّجميلِ للسَّبايا / فَلا تَسْأَليني لِمَاذا بِعْتُ كُرَيَاتِ دَمي البَيْضاءَ في السُّوقِ السَّوداءِ / أنتِ مَلِكَةُ المِكياجِ / وَالشَّعْبُ قَطِيعُ النِّعاجِ / وَرَأْسي المقطوعُ على السِّياجِ /
     الفِئرانُ تَمشي على سُورِ المقبرةِ / والجرادُ يَأكلُ أعلامَ القَبائلِ / وَحْدَهُ الغبارُ يَزْدَهِرُ في بِلادي/ وَحْدَكَ أيُّها الْحُزْنُ الأُرْجُوانِيُّ في لَيْلِ الشِّتاءِ / مَن يَقرأُ الحِبْرَ في حُكْمِ إعدامي / أرْشِدْني يا شَجَرَ الليلِ إلى ضَوْءِ أكفانِ السُّنونو / كَي أتصالَحَ معَ نفْسي / كَي أُصالِحَ عُزلةَ الأضرحةِ معَ أعشابِ المقبرةِ / أنا كَوْمَةُ الأنقاضِ / والحشَائشُ السَّامَّةُ تَنمو تَحْتَ أظافري / والموْتُ الرَّحيمُ لَن يَرْحَمَنَا / والغروبُ تَوْقِيتُ جِنازةِ الغُرباءِ / فَلا تَبْتَعِدْ عَنِّي يا قِنْديلَ خَيْمتي المنسِيَّةِ في ذَاكرةِ الرِّيحِ /
     شَاطِئاً مِنَ القُمامةِ / كَانتْ أعصابُ البُحَيراتِ البَنفسجِيَّةِ / رُموشي حَقائبُ المسافرينَ بَيْنَ زُجاجِ غُرفةِ الإعدامِ وأناقةِ الكُرْسِيِّ الكَهْربائِيِّ / أرْعَى قُطْعَانَ السُّنونو في دُروبِ المجزرةِ / والأيتامُ يَبيعونَ أشلاءَهُم بَيْنَ سَرَطَانِ الثَّدْيِ وسَرَطَانِ البَحْرِ / حَطَبُ الموْقَدَةِ خَسِرَ زَوْجَتَهُ في لُعبةِ قِمارٍ /  يا وَطَني الفاشلَ / أنا وأنتَ زَميلانِ في الاكتئابِ / يَا شَعْبي الذليلَ / أنا وأنتَ شُرَكَاءُ في العارِ /   يا جَيْشي المكسورَ / أنا وأنتَ صُنَّاعُ مَجْدِ الهزائمِ /
     لا تَغاري مِنِّي أيَّتُها البُحَيرةُ / إِنَّ مِقْصلتي جَديدةٌ / وَمِقْصَلَتَكِ مُسْتَعْمَلَةٌ / القِطاراتُ تَذهبُ إلى دِمائي في الشَّفَقِ ولا تَرْجِعُ / نَقْشُ المذْبَحِ على أثداءِ الرَّاهباتِ / والكاردِينالُ مِثْلُ حَبْلِ المِشنقةِ / يَتحرَّشُ جِنسِيَّاً بالرَّاهباتِ المشنوقاتِ / أرشيفُ ابْنَةِ المِقْصلةِ / أحرقتُ الذِّكرياتِ / خَبَزْتُ رِئةَ البَحْرِ / وأكلتُ جُوعي /
     كَالبُحَيرةِ المشنوقةِ تَقضي رِمَالُ البَحْرِ حَيَاتَهَا في الليلِ / لَكِنَّها لَيْسَتْ مِن بَناتِ الليلِ / أنا ابْنُ الأنقاضِ / لَكِنِّي أُولَدُ مِن أنقاضي / وَلَدْتُ نفْسي بنفْسي / لَكِنِّي أموتُ في ليالي العِطْرِ القاتلِ / بَغايا بني إسرائيلَ صَاعِداتٌ إلى أُورُشَليمَ / وأنا أركضُ في الصَّحراءِ بَعْدَما أضعتُ طَريقَ شَريفاتِ قُرَيْشٍ / نَسِينا رِجالَنا في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / وَصَارَتْ نِسَاؤُنا سَبَايا / فَخُذ الْحُبَّ الصَّافي / وَاتْرُكْ لِيَ العذابَ الصَّافي/ كُنْ حُبِّي الأوَّلَ لأُصَابَ بالاكتئابِ/ سَيُصْبِحُ لَحْمي شَاطئاً للعَصافيرِ / لكنَّ جِلْدي هُوَ الأرضُ الخرابُ / فَاحْتَرِمِي أيَّتُها الكِلابُ البُوليسِيَّةُ مَشاعرَ الثلجِ على نوافذِ الزَّنازين / الأثاثُ الْمُسْتَعْمَلُ أمامَ بَراويزِ الرَّاحِلِينَ / وأخشابُ البَيانو تَصيرُ حَطَبَاً في مَوْقَدَةِ الشِّتاءِ البَعيدِ / تواريخُ الوَأْدِ في صَحْراءِ القُلوبِ المكسورةِ / والأهلُ يَبيعونَ بَنَاتِهِم لأُمَراءِ الحرْبِ/ والحضارةُ المشلولةُ عَلى الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ /
     جَاءَتْ طُفولةُ المساءِ في الشَّاحناتِ التي تَنْقُلُ الْجُثَثَ / وَحْلٌ على ضَفائرِ الأميراتِ في الاستراحةِ الصَّحراوِيَّةِ / حَيْثُ يَستريحُ أُمراءُ الطوائفِ وأُمراءُ الحربِ / الأنقاضُ هُوِيَّةُ البَحْرِ / ولا بَحْرَ سِوى البَحْرِ الذي يُهاجِمُ نوافذَ سُجُونِنا / لَم أرْجِعْ إلى كُوخي / لأنَّ جُرْحي نَشيدُ الرِّمالِ في قَارُورةِ الحِبْرِ / فيا أبي المقتولَ بَيْنَ قَبائلِ السَّرابِ / رَحيلُنا عِندَ الفَجْرِ في مُدُنِ الخديعةِ / وأنا الجثةُ الواقفةُ حاجِزاً عَسكرياً بَيْنَ عُكَّازةِ أبي وجَدائلِ أُمِّي / أُخَزِّنُ نَزيفَ النَّهْرِ في عُلبةِ السَّردين / وأتزوَّجُ الصَّحراءَ / لكنَّ الرِّمالَ خانَتْنِي / فَامْشِ قُرْبَ جُنوني وَاثِقَاً مِن حُكومةِ الإسطبلاتِ / ولا تَسأل الحمَامَ الزَّاجِلَ مَتَى تَعُودُ / كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ ولَن يَعُودَ / يُفَتِّشُ الموْجُ عَن أطلالِ قُلوبِنا / والدَّمُ لا يَنامُ / والقُلوبُ المكسورةُ تَنتصرُ على لَمَعَانِ البَنادقِ الجديدةِ /
     في رَبيعِ الدِّماءِ أَزُورُ أيْلُولَ / كَي أشَعُرَ بالمِلْحِ في خُبْزِ أُمِّي وَدَمْعِ أبي / تَنمو الجوَّافةُ في سَقْفِ الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / فلا تَنْفَرِدْ بِي يا رَمْلَ البَحْرِ / حَقيبةُ سَفَري هِيَ جِنسِيَّتي/ وأنا المهاجِرُ في القُرى الخاليةِ التي هَجَرَها أهْلُها / وذَهَبُوا إلى مَطَاعِمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / أنامُ على البَلاطِ في مَطاراتِ الغُزاةِ / والجرادُ يَغْزُو قَلبي / بَصَقَ البَحْرُ عَلى الشَّاطئِ / والجثامينُ مُرَقَّمةٌ كمفاتيحِ السِّجْنِ / نِسْوَةٌ يُلقينَ نُهَودَهُنَّ في حُفَرِ المجاري / ونَسِيَت العَرائسُ أغشيةَ البَكارةِ في سُوقِ النِّخاسةِ /
     أيَّتُها البُحَيرةُ الْمُتَّشِحَةُ بالسَّوادِ / ألْقَ عَلى جُثمانِ البَحْرِ نَظْرَةَ الوَداعِ / كُلُّنا نُوَدِّعُ الأمواتَ / ونسألُ: مَتَى يَحِينُ دَوْرُنا ؟ / وانتظارُ الموتِ مَوْتٌ / يَخْرُجُ الجرادُ مِن ثُقوبِ رِئتي / والجِرذانُ تَأكلُ عِظَامَ قَوْسِ قُزَحَ / كُحْلُ المشنوقاتِ في بِئْرِ الهديلِ / أشْعُرُ بالفَرَاغِ العاطفيِّ في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / فَلا تَتْرُكْني يَا طَيْفَ أُمِّي وَحيداً /
     وَداعاً أيَّتُها الفَراشةُ المشلولةُ / لَن تَطيري بَعْدَ الآن / سَيَظَلُّ المساءُ الخريفيُّ شَاهِداً على أحزانِ القَمَرِ / أيَّهُا البَحْرُ النَّائِمُ عَلى نوافذِ السُّجونِ / اسْمَحْ لِي أن أشْكُرَ سَجَّاني / لأنَّهُ طَرَدَ الذبابَ عَن جُثماني / أوعيتي الدَّمويةُ مُزَيَّنةٌ بِجُلودِ الفِئرانِ / فَيَا طَيْفي المكسورَ / وَحْدَنا سَنَعُدُّ قَتْلانا في نِهايةِ الخريفِ الكَريستالِيِّ /
     يَا سَجَّاني الرُّومانسِيَّ / أتسلَّحُ ضِدَّ العِشْقِ بالأسمنتِ الْمُسَلَّحِ/ فَمَتى تَزُورُني أُمِّي في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ ؟ / يَسْرِقُني الشَّفقُ مِن رُفاتي في طَريقِ البَدْوِ الرُّحَّلِ / أظافري دُرُوبُ الطوفانِ / وتَوَحُّشُ الرَّبيعِ يُوقِفُ قَطيعَ الجماجمِ أمامَ الإشاراةِ الحمراءِ / الغُبارُ يَتَزَوَّجُ ثِيابَ العَرائسِ في الكنائسِ / ويَنهارُ وَجْهُ المطَرِ في وَجَعِ الرَّصيفِ/ يَلْتَقِطُ قُطاعُ الطريقِ الصُّوَرَ التِّذكارِيَّةَ عِندَ جُثماني البلاستيكيِّ وشَلالاتِ السِّيانيدِ / والوَحْلُ يُغَلِّفُ كُرَياتِ دَمي كَقَانونِ الطوارئِ / تَذوبُ أعلامُ القَبائلِ في آبارِ النِّفطِ كالشُّوكولاتةِ / والطرقاتُ المنسِيَّةُ شَاهِدةٌ على دُموعِنا البَنفسجِيَّةِ / الكُحْلُ في عُيونِ السَّبايا/ ودُستورُ الدَّولةِ البُوليسِيَّةِ مَكتوبٌ على مَساميرِ نُعوشِنا / ولَم أُصادِقْ لاعباتِ التِّنسِ الصِّربياتِ في حِصارِ سَراييفو /
     رِئَتي تُنَقِّبُ عَن أسرارِ الياسَمينِ تَحْتَ بَلاطِ السُّجونِ / ولَسْتُ شَاعرَ البَلاطِ / الحضارةُ أجْمَلُ العَوانسِ في أجفانِ الخفافيشِ / وَطَني مَاتَ / وصارَ دَمي قِطَاراً سَابِحَاً في زَحْمة الحِكَاياتِ / ذَهَبَتْ تِلالُ بِلادي إلى التَّوَحُّشِ / ضَاعَتْ شَراييني في مَمَرَّاتِ الشِّتاءِ الدَّمويِّ / وضَاعَ الوَطَنُ والمنفَى مَعَاً في رُموشِ فِئرانِ التَّجارُبِ / خَسِرْتُ أظافرَ البَحْرِ / خَسِرْتُ أصابعَ البُحَيرةِ / لَكِنِّي خَاتَمٌ في إصبعِ الرِّيحِ / ماتَ الوَطَنُ / ماتَ المنفَى / وصارُ الشَّعْبُ العاطِلُ عَنِ العَمَلِ رُومانسِيَّاً / يَبيعُ النَّخَّاسُونَ النِّساءَ في شَوارعِ الكُوليرا / ذَهَبَ الأطفالُ إلى الموْتِ / وَبَقِيَتْ قُصُورُهُم الرَّمْلِيَّةُ عَلى الشَّاطئِ / سَيَكْسِرُ الموجُ ذِكرياتِ العُشَّاقِ في المساءِ / وَيَكْسِرُ الخريفُ نَوافذَ قُلوبِنا /
     يَا حَامِلَ أحزانِ الأدغالِ الشَّمعيةِ / عَلى ظُهورِ الأبقارِ الْمُتَاجِرَاتِ بأثدائِهِنَّ / دَمْعُ السَّرابِ هُوَ تاريخُ انكسارِ الملوكِ المخلوعينَ / كَجَوَارِبِ ابْنَةِ حَفَّارِ القُبورِ / وَكُرَيَاتُ دَمي مَلِكَاتٌ غَارِقَاتٌ في دَمِ الحيْضِ والمِكياجِ /
     جُرْحي غَابةٌ مِنَ الفِطْرِ السَّام / الأثداءُ الكَهربائيةُ للجَواري اللواتي بَاعَهُنَّ الدَّمُ الأبيضُ في السُّوقِ السَّوداءِ / هاربٌ أنا مِن وَجْهي / كَسَرْتُ المرايا في خَريفِ الرُّعودِ لِئَلا أرى وَجْهي / ودَمْعي مِثْلُ البَحْرِ / كِلاهُمَا يَغْتَصِبُ نَزيفَ الرِّياحِ / وَطَنٌ للبَيْعِ بَاعَنِي/ فَاشْتَرِ مِلْحَ دُموعي / خُذ ضَفائرَ الوَهْمِ / خُذ مَجْدَ الزَّوابعِ الزَّائلَ / وَأعْطِني نَصيبي مِن ذَوَبَانِ الشُّموعِ في الدُّموعِ /
     أيُّها الوَدَاعُ الرَّصاصِيُّ في مَحطةِ القِطاراتِ عِندَ الغروبِ / إنَّ السُّمَّ يَسْري في عُروقِ المطرِ / كما يَسْري دَمي في قَلَمِ الرَّصاصِ / فَكُن رَحيماً كالموْتِ الرَّحيمِ / وأطْلِقْ رَصاصةَ الرَّحمةِ على ذِكرياتي التي لا تَرْحَمُني / تَفَشَّى الأسفلتُ في عُروقي / عَبَرَتْ قَوافِلُ البَدْوِ الرُّحَّلِ قُرْبَ شَاهِدِ قَبْري / وأنا الشَّاهِدُ عَلى هَزيمةِ السُّنونو في مَعركةِ السَّرابِ / الشَّهيدُ في انكسارِ كُحْلِ الغَيْماتِ في الذِّكرياتِ /
     الثلوجُ سكرتيرةُ السَّبايا في مَملكةِ العارِ / فلا تَسْتَمِعْ للنَّشيدِ الوَطَنِيِّ في بِلادِ البُكاءِ / إنَّ وَطَني انتحرَ / والبَحْرُ يَتَشَمَّسُ في انتحاراتي / وَحْدَكَ تَعيشُ فَأراً في مَمالكِ الزَّبَدِ / والوَطَنُ قَبْرُكَ الجوَّالُ وعَرْشُكَ المكسورُ/ أنا في زَحْمةِ السُّنونو أعيشُ طَيْفاً للأنقاضِ/ البَاعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَبيعونَ أشلائي / والرِّيحُ تَخْلَعُ مَساميرَ بَابِ قَلبي / أكْشِفُ أوراقي للأمطارِ / هَذِهِ أحزاني نِظَامٌ مَلَكِيٌّ / واكتئابي نِظَامٌ جُمهورِيٌّ / وَجُثةُ أبي مُعَقَّمَةٌ بِمِلْحِ دُموعي /
     انقلابُ الشَّرايينِ على القُلوبِ / بِلادي امْرَأةٌ أجَّرَتْ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا للغُزاةِ / اكتشفَ الملوكُ الخوَنَةُ بَيْنَ أثداءِ الجواري آبارَ النِّفْطِ / خُذوا دَمَ الشَّجَرِ أُغنيةً للعُشَّاقِ العاجزينَ جِنسِيَّاً / سَيَأكلُ الأسَدُ مُدَرِّبَهُ في سِيركِ الحضَارةِ / كُلُّنا نَعيشُ في الأقفاصِ / ونَخونُ دُموعَ أُمَّهاتِنا / فاتْرُكوا مُدُنَ الصَّمْتِ للمَلِكَاتِ السَّبايا / دَخَلْتُ في حَطَبِ الذِّكرياتِ الأخضرِ / أحْرُسُ سُجوني بِجُنوني / والموْتُ يَحْرُسُني /  
     يَا أنا / خُذْ أشلائي الْمُنْهَمِرَةَ مِن مَرايا الشَّجَرِ / واتْرُكْ رُفاتي للنَّوارسِ في مَوْسمِ هِجْرَتِهَا / أضَعْتُ مِفْتَاحَ قَفَصي الصَّدْرِيِّ / مَحكومٌ أنا بالانتظارِ والحنينِ / لا تاريخَ لِي إلا الأقفاص / ولا تزالُ بَناتُ آوَى تَبْحَثُ عَن المفاتيحِ / قصائدُ المطَرِ الحِمْضِيِّ / فَاسْأَلْ مَطَرَ القُلوبِ عَن أكفانِ البَحَّارَةِ / التي رَمَاها الغروبُ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / وَالغريبةُ تَقْرَأُ سِفْرَ المرافئِ في صَوْتِ الرَّصاصِ المطاطِيِّ / كأنَّ حَبْلَ مِشْنقتي مِنَ الْمَطَّاطِ / وَلَم تَجِئ القواربُ المطاطِيَّةُ لإنقاذِ الغَرْقى / ماتَ النَّهرُ في المعركةِ بِمَلابِسِهِ الدَّاخِلِيَّةِ / ولَم يَجِئ الجنودُ لِيُدَافِعُوا عَنِ الكُحْلِ في عُيونِ السَّبايا / أنا القتيلُ في ذَاكرةِ النَّخيلِ / أصْعَدُ مِن زَبَدِ الذِّكرياتِ إلى دُستورِ الانتحاراتِ /
     تاجُ الرَّمادِ/ والثلجُ الأزرقُ / والصَّخرةُ التي هَشَّمَها الرَّعْدُ / صَدِّقْني أيُّها الشَّاطئُ اللازَوَرْدِيُّ/ أشعرُ بالْحُزْنِ لأنِّي مَشَيْتُ في جِنازةِ البَحْرِ / كانت الحواجزُ العَسكريةُ بَيْنَ أصابعي / وانتشرتْ نِقاطُ التَّفتيشِ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي / أنا الطِّفْلُ المنبوذُ في أزِقَّةِ المِيناءِ / أمْسَحُ حِذاءَ البَحْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ وبَعْدَ مَوْتِهِ / وأُوَزِّعُ بِطاقاتِ الْمُشَارَكَةِ في جِنازتي على بَناتِ آوَى / القَواربُ تَخترقُ دَمَ الغروبِ/ تَذهبُ ولا تَعُودُ / وأراملُ البَحَّارةِ جالساتٌ على صُخورِ الشَّاطِئِ / يَحتجِزُ الجنودُ جُثمانَ المطرِ عِندَ الحاجزِ العَسكريِّ في شُرفةِ الصَّنوبرِ / أهْلاً بِكُم في إمبراطورِيَّةِ السَّبايا / كُلُّنا سَبَايا / طُرِدْنا مِن تِلالِ الشَّمْسِ/ وصِرْنا شُيُوخاً لِعَشَائِرِ اللاجئين/ كُلُّنا إِمَاء/ نَمشي على بَلاطِ غُرفةِ التَّحقيقِ حُفاةً /
     ماتَ الْمُهَرِّجُ / وَبَقِيَت الضَّحِكاتُ في فَضاءِ السِّيركِ / والأعاصيرُ تَبكي في مَأْتَمِ الأمطارِ / التي تَلْتَفُّ حَوْلَ سُعالي كَرَبطةِ العُنُقِ أو حَبْلِ المِشنقةِ / دَمْعي مِنَ الألمنيومِ / أَلْقَيْتُ فِرَاشَ الموْتِ عَلى طَاوِلَةِ المطعَمِ / وَانتظرتُ رَصَاصَةَ الرَّحمةِ / فارْحَمِيني أيَّتُها الْجُثَثُ المجهولةُ في الأغاني الوَطَنِيَّةِ /
     يا وَهْمَ الذاكرةِ الذي يَصْلُبُ صَليبَ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / يَلتقطُ الجنودُ الصُّوَرَ التِّذكارِيَّةَ مَعَ الجثامينِ البلاستيكِيَّةِ / والملوكُ خَسِروا زَوْجَاتِهِم في القِمارِ / وأنا خَسِرْتُ جُثتي في نَشيدِ البُحَيراتِ الزُّمُرُّدِيَّةِ / والْخُلَفاءُ الْمُرْتَزِقَةُ لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مِكياجِ الدُّمى في صَالةِ الرَّقْصِ / وَبَيْنَ دَمِ الحيْضِ للجواري /  
     قِطَعُ الشُّوكولاتةِ مَلْفُوفةٌ بِثِيَابِ الحِدَادِ / قُماشُ أكفانِ الرِّيحِ مُمَدَّدٌ على طَاوِلاتِ مَطَاعِمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / وأنا القاتلُ المقتولُ / قاتلٌ أنا في كُحْلِ التِّلالِ البَعيدةِ / مَقتولٌ أنا في لَمَعَانِ عَيْنَيْكِ تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ الحزينِ / قَطيعٌ مِنَ النَّمْلِ الأخضرِ يَجُرُّ خَلْفَهُ مَصَافي النِّفْطِ في الصَّحراءِ الجليدِيَّةِ / غَسَلْتُ رِئتي بِدُمُوعِ أُمِّي في شِتاءِ اليَاقوتِ / وعُكَّازةُ أبي مُحَنَّطةٌ في مِلْحِ دُموعي /
     تنتشرُ الفَراشاتُ والذِّكرياتُ والْجُثَثُ في مَوانئِ الصَّقيعِ / الذبابُ يَفْرِضُ الإقامةَ الجبرِيَّةَ على قَلبي الْمُسَيَّجِ بالصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ ودُستورِ الوَحْدةِ الوَطَنيةِ / أكفانُ السُّنونو على أراجيحِ الشَّفَقِ / وجَثامينُ الأطفالِ مُوَزَّعَةٌ بَيْنَ الأراجيحِ القُرْمُزِيَّةِ والدَّرَّاجاتِ الهوائِيَّةِ / والوَحْلُ يُغَطِّي دِمَاءَ الأسماكِ في أدغالِ الملوكِ المخلوعين / العِشْقُ أشغالٌ شَاقَّةٌ مُؤَبَّدةٌ / ولَيْلةُ الدُّخلةِ هِيَ زِنزانتي الانفرادِيَّةُ / أطْعَمْتُ جِلْدي لِقِطَطِ الشَّوارعِ/ دَمَّرْتُ حَياةَ الغُبارِ/ كَسَرْتُ نَوافذَ القُصورِ الرَّملِيَّةِ/ فَصَلْتُ النَّهْرَ مِن الوظيفةِ الحكومِيَّةِ / قَلَبْتُ نِظَامَ الْحُكْمِ في أُكسجينِ رِئتي / والشَّجَرُ يَضَعُ استقالَتَهُ على الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ أمامَ مَوْقَدةِ الخريفِ / فَلْيَكُنْ أثاثُ مَنفاكَ جَديداً / لأنَّ وَطَنَكَ ماتَ / ذُكورةُ حَبْلِ المِشنقةِ هِيَ تاريخي / وأُنوثةُ المقاصلِ الْمُتَوَحِّشَةُ هِيَ تَضاريسُ قَلبي المفتوحِ للأزهارِ الصِّناعِيَّةِ /
     الطريقُ إلى المقبرةِ تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ / أحِبِّيني حِينَ يَنمو الكَرَزُ في هَيْكلي العَظميِّ / وانتظِرِيني في مَحطةِ القِطاراتِ تَحْتَ المطرِ / عِندَما يَأكلُ الجرادُ خُدودي / كُن أيُّها الموْجُ شَامِخَاً كالحاجِزِ العَسكريِّ بَيْنَ الشُّموعِ والدُّموعِ / وَقَعَتْ أظافري في حُبِّ بَلاطِ الزَّنازينِ / والرِّيحُ تَغْسِلُ بَلاطَ الزَّنازينِ بِصَابُونِ الفَنادقِ الرَّخيصةِ / واليُورانيومُ الْمُخَصَّبُ في جَسَدِ البُحَيرةِ العاقرِ /
     أيُّها الصَّقْرُ الذي يُحَلِّقُ فَوْقَ نادي الغُولفِ / ابْسُطْ جَنَاحَيْكَ على جَثامينِ الأرستقراطِيَّاتِ / اكتئابي شَرِسٌ تُرَوِّضُهُ الأمطارُ في الخريفِ البَعيدِ / البَحْرُ يَكْسِرُ نوافذَ السُّجونِ التي تُطِلُّ على أجنحةِ الجرادِ / التي تتساقطُ في دِمائي / شَراييني التي تَصُبُّ في حُفَرِ المجاري مُسْتَعْمَلَةٌ / وأثاثُ المنفَى مُسْتَعْمَلٌ / مَنْفَى البُحَيراتِ اختياريٌّ / لَكِنِّي لَم أخْتَرْ حَبْلَ مِشْنقتي / الرِّيحُ اختارَتْني مَلِكَاً على الزَّبَدِ / البُحَيرةُ عَشيقةُ الوَحْلِ / وقَصري مِنَ الرِّمالِ المتحرِّكةِ / وأنا الملِكُ المخلوعُ /
     وَداعاً أيُّها السَّرابُ / أعْرِفُ أنَّ الصَّحراءَ تَخونُ الرَّمْلَ مَعَكَ / أسألُ رَمْلَ البَحْرِ المستقِرَّ في دِمائي اللزِجَةِ / ما عَلاقةُ الرُّومانسِيَّةِ بالكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ ؟ / كُلُّنا سَبَايا في السَّفينةِ الغارقةِ / فلا تُعَاتِب الرُّبَّانَ / ولا تَلُمْ أسماكَ القِرْشِ / فَاتَ الوَقْتُ / ومَضَى القِطَارُ إلى الهاويةِ / يَلعبُ الأطفالُ بِجَدَائلِ أُمَّهَاتِهِم المقصوصةِ / والبَحْرُ يَجْمَعُ مَساميرَ نُعوشِنا كَطَوابِعِ البَريدِ/ نَلْعَبُ بِأشلائِنا في الوَقْتِ الضَّائعِ/ ودِمَاءُ آبائِنا مُتَفَرِّقةٌ بَيْنَ القَبائلِ / انتهت اللعبةُ / ماتَ المهرِّجُ في السِّيركِ / وماتَ الملِكُ على رُقعةِ الشِّطْرَنجِ / ذِكْرَياتي خَالِدةٌ بِلا تَحنيطٍ / وجُثةُ أبي مُحَنَّطةٌ في ضَفائرِ أُمِّي / ومُعَقَّمَةٌ بأملاحِ دَمْعِها / وَجَدْتُ اللذَّةَ في عَذَابِ الْحُبِّ / لَكِنِّي أعيشُ في أرشيفِ الكَراهِيَةِ/ يَبني الضَّجَرُ بَيْنَ أصابعي سُجونَ الحِبْرِ/ فاكْسِرْ قَارُورةَ الحِبْرِ / واكْتُبْ بِدَمِكَ تاريخَ السُّنونو / سَتَعُودُ طُيُورُ البَحْرِ إلى أرشيفِ الانقلاباتِ العَسكريةِ / فانقَلِبْ عَلَيَّ يا قَلبي / وَكُن طَريقاً لِصَنوبرِ المقابرِ في خَريفِ البُروقِ / الليلُ يَكْتُبُني أُغْنِيَةً للمُشَرَّدِينَ / شَراييني تُفاحةُ العَواصِفِ عَلى سُفوحِ الصَّليلِ / فاصْعَدْ مِن دِمائي الجليدِيَّةِ نَحْوَ ذَاكرةِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ في الهديلِ / طُرُقاتُ الصَّقيعِ هِيَ جَدائلُ الرِّمالِ/ والجليدُ اسْمُ الذاكرةِ حِينَ يَضْرِبُها الإعصارُ/ قَالَ النَّهْرُ : الرِّيحُ هِيَ أُمِّي حِينَ يَضْرِبُها أبي / والذاكرةُ ابْنَتي التي وَأَدَهَا المطَرُ الزَّهْرِيُّ / حَناجِرُ السَّناجِبِ مُغْلَقَةٌ بالشَّمْعِ الأحمرِ/ والْجُثَثُ هِيَ الضَّوْءُ في نِهايةِ النَّفَقِ / سَيَصْعَدُ نَشيدُ الطفولةِ مِن الجثامينِ الْمُضيئةِ / أحزانُ الغروبِ في مَحطةِ القِطاراتِ / وعَرَقُ النَّوارسِ يَغْسِلُ بَلاطَ السُّجونِ / أُصِيبَت الضِّباعُ بِذَبْحَةٍ صَدْرِيَّةٍ / دَخَلَت الأُسُودُ المكسورةُ في عَرينِ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / والأسْفَلْتُ الذي يَمُوتُ عَلَيْهِ رَمْلُ البَحْرِ / هُوَ الغُصْنُ الذي كَسَرَهُ قِرْمِيدُ المجازرِ / أرْعَى قُطعانَ السُّنونو في بَراري الإبادةِ الجمَاعِيَّةِ / وَالغِزْلانُ في أشلائي تَشْرُبُ الشَّايَ الْمُحَلَّى بالبَارُودِ / القِطَطُ تَحْمِلُ عَلى ظُهُورِها بَراميلَ النِّفْطِ في الطرقاتِ الحزينةِ / جَسَدي هُوَ دَمْعُ الصَّبايا عَلى زُجاجِ القِطاراتِ/ رِئتي السَّجَّانةُ والسَّجينةُ/ وأنا أمشي في طَريقِ البَحْرِ تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ وَحيداً/ مَسَاءُ الخوْفِ/ والانقلاباتُ العَسكرِيَّةُ/ وقَوانينُ الطوارئِ / حَكَمْتُ على البَحْرِ بالإعدامِ رَمْياً بالرَّصاصِ / أطلقتُ النَّارَ عَلى الماءِ/ أنا القاتلُ والمقتولُ/ فَكُنْ رُومانسِيَّاً لِتَعْرِفَ الفَرْقَ بَيْنَ دِيمقراطِيَّةِ تَزويرِ الانتخاباتِ ودِيمقراطِيَّةِ البَدْوِ الرُّحَّلِ /
     إِخوتي اللصوص/ لا أمْلِكُ غَيْرَ ثِيابي/فلا تَتْرُكُوني عَارِياً تَحْتَ لَمَعَانِ عُيونِ المشنوقين/ أنا مَيْتٌ/ وانتظرتُ الموْجَ كَي يُحْيِيَني/ لَكِنَّهُ لَم يَأْتِ/ حَبْلُ مِشْنقتي مِنَ الشُّوكولاتةِ/ وَكُلُّنا في حَفْلةِ الإعدامِ/ تَنقَرِضُ الذِّكرياتُ كالشَّايِ الأخضرِ في الدِّماءِ الزَّرقاءِ/جَوارِحي مُلْقَاةٌ للطيورِ الجارحةِ في الأقفاصِ/ والحيواناتُ الْمَنَوِيَّةُ مَحبوسةٌ في أقفاصِ حَديقةِ الحيَوَاناتِ / أشْعُرُ بالوَحْدةِ بَعْدَ هِجْرةِ الدِّيدانِ مِن أوْرِدتي / عِشْنا مَعَ الفِئرانِ تَحْتَ الأرضِ / واخْتَرَعْنا نَشيداً وَطَنِيَّاً للمَنافي / وَبَقِينا مَنْفِيِّينَ في الوَطَنِ الذي يَنتحرُ / وَضَعْنا جُثَثَ الجنودِ عَلى ظُهورِ الأبقارِ / وَعُدْنا إلى بُيُوتِنا المهجورةِ في المساءِ / كَي نَحْرُثَ ضَوْءَ القَمَرِ / أكَلَ البَقُّ أثاثَ بُيُوتِنا / وَالنَّهْرُ يَرْكُضُ إلى وُجُوهِنا الأسْمَنْتِيَّةِ /
     كَيْفَ استطاعَ البَحْرُ الأعمى أن يَرى دُموعي في الزِّنزانةِ الْمُعْتِمَةِ ؟ / انكسرَ يَاقُوتُ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / وأخشابُ نُعوشِنا صَارَتْ أثاثاً مُسْتَعْمَلاً / وَجَثامينُ الضَّحايا مُحَنَّطَةٌ في المتاحِفِ / جُثَثٌ في ثَلاجاتِ الموتَى تَنتظرُ قَرارَ الدَّفْنِ / والعَاطِلُونَ عَنِ العَمَلِ يُمَارِسُونَ مِهنةِ تَغسيلِ الموتى /
     الرَّاهبةُ العَمياءُ تَقرأُ على جَثامينِ العُميانِ سِفْرَ الرُّؤيا / هذا الصَّليبُ المصلوبُ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتها المومِسُ الشَّريفةُ / قَالَ دَمُ الشَّجَرِ : مِن كَثْرَةِ الجواري في قَلْعَتي / لَم أَعُدْ أُمَيِّزُ بَيْنَ الأميراتِ والخادماتِ / يَتَجَمَّعُ عَرَقي في ذَاكرةِ النَّيازكِ / وَمِن كَثْرَةِ السَّبايا في سُعالِ النَّهْرِ / لَم يَعُد الدَّمْعُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الملِكاتِ والْمُتَسَوِّلاتِ /
     أَزُورُ أشجارَ مَقبرتي في السَّحَرِ / أهْلُ الكُوفةِ خَائِنُونَ / لَكِنِّي أكتبُ سِيرتي الذاتيةَ على شَاهِدِ قَبْري بالخطِّ الكُوفِيِّ / الطائراتُ الوَرَقِيَّةُ تَسْحَبُ تَوابيتَ الأطفالِ / وأنا المنبوذُ في أرشيفِ قَوْسِ قُزَحَ/عائشٌ أنا بَيْنَ قَارُورةِ الحِبْرِ وقَارُورةِ السُّمِّ/والطوفانُ يَكتبُ رَقْمَ زِنزانتي عَلى شَظايا جُمجمتي/
     بَيْنَ كُرَيَاتِ دَمي هُدنةٌ مُؤقَّتةٌ / خَلَعَني المطَرُ كالمِعْطَفِ الشَّمْعِيِّ / فَصِرْتُ الملِكَ المخلوعَ / بِلا شُموعٍ ولا دُموع/ أسرارُ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ على مَناديلِ الوَدَاعِ في مَحطةِ القِطاراتِ/ والسَّنابلُ التي تَنمو في حَقْلِ الجماجمِ هِيَ غُربةِ الأمطارِ / في أجسادِ الفُقراءِ الخشَبِيَّةِ / وَضَوْءُ القَمَرِ يَحْرِقُ أكواخَ الصَّفيحِ / بِلادُنا لَيْسَتْ لَنا / لا تَعترِفُ الشُّموسُ بأشلائِنا / والمرايا أنكَرَتْ وُجُوهَنَا في الليلِ المرتعشِ / فَيَا أيُّها الموْتُ الآتي مِن ثُقوبِ قُلوبِنا / يا احتضارَ السَّنابلِ القَادِمَ عَلى عَرَبَاتِ الضَّجَرِ / إِنَّ المنفَى يَبيعُ أعضاءَ الْجُثَثِ المجهولةِ في السُّوقِ السَّوداءِ/ والباعةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَبيعونَ عِظَامَ النَّهْرِ عَلى إشاراتِ المرورِ / الرِّيحُ العَمياءُ تَجْلِسُ على أثاثِ الدَّمْعِ / والأمطارُ الأُرْجُوانِيَّةُ تُرْضِعُني وَتَشْنُقُني /
     هَذا الزَّيتونُ الطالِعُ مِن عِظَامي يَكْسِرُ ذِكرياتي / والعَواصفُ تَحترِقُ بِصُوَرِ أعوادِ المشانقِ في الحدائقِ / الحضارةُ عُلْبَةُ بِيرةٍ في يَدِ كَاردينالِ التَّوَحُّشِ / وأُنوثةُ السَّنابلِ الشَّرِسَةُ رَوَّضَها الطوفانُ / يَبْحَثُ النَّهرُ عَن شَجَرَةِ نَسَبِهِ في رُفاتي الفِضِّيِّ / وَأُمِّي تُنَظِّفُ مَساميرَ نَعشي بِمِلْحِ دُمُوعِهَا / وأشلاءُ الضَّحايا مُعَلَّقَةٌ في سَقْفِ حَلْقي كالمصابيحِ /
     أجْرَيْتُ مُقَابَلَةً صَحَافِيَّةً مَعَ الشَّاطئِ الغريقِ / أكتبُ سِيرةَ الرِّياحِ بِدُمُوعي السَّاخنةِ كالبَطاطا / في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / والشَّفَقُ يَنتظرُ جُثماني / وَالحافلاتُ تنتظِرُني في طريق المجزرةِ / كانَ الْخَوْخُ يَنمو في أوعيتي الدَّمويةِ/ والشَّجرةُ الوَحيدةُ في المقبرةِ هِيَ مِصْفَاةُ نِفْطٍ / يُنَقِّي الموْجُ دُموعي كَي يَفْصِلَ المِلْحَ عَن أجنحةِ الفَراشاتِ / لَحْمُ الذبابةِ سَجَّادٌ أحْمَرُ تَحْتَ بَساطيرِ الجنودِ / الذينَ هَرَبُوا مِنَ المعركةِ /
     أيُّها المساءُ الخريفيُّ الذي يَنامُ في زَنابقِ السُّمِّ / كُن أُغْنِيَةً وَطَنِيَّةً بَيْنَ أُمراءِ الحربِ وأُمراءِ الطوائفِ / الأميراتُ في سُوقِ النِّخاسةِ / وَكُرَيَاتُ دَمي البَيضاءُ في السُّوقِ السَّوداءِ / بَلاطُ السِّجْنِ بَارِدٌ كَعَصيرِ البُرتقالِ في أيدي العُشَّاقِ / أوْصَى الفَيَضَانُ أن يَتَّخِذَ الغُرباءُ نَعْشَهُ طَاوِلةً / في مَقْهَى الجنودِ العاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ / ضَائعٌ أنا في شَوارعِ الصَّقيعِ / أبوابُ مَطَاعِمِ العائلاتِ مُغْلَقَةٌ في وَجْهي / ولَيْسَ لِي عَائِلةٌ إلا حِبَالَ المشانقِ / نافذةُ سِجني تُطِلُّ على بَحْرٍ لَم يَعُدْ لَنا / وسُفُنُ الغُزاةِ تحتلُّ مَاءَ العُيونِ / لَيْتَنَا لَم نُضَيِّع الوَطَنَ الرَّمْزَ في هَلْوَسةِ القائدِ الرَّمْزِ /
     الرَّقيقُ الأبيضُ في القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / كَم هَذِهِ المدينةُ حَزينةٌ ! / أُنوثةُ الأحزانِ جَرادةٌ / وَكُلُّ مَن حَوْلي يُمارِسُونَ الوَحْدَةَ الوَطَنِيَّةَ في مُكَافَحَةِ الجرادِ / لا تَقْلَقْ إذا لَم تَسْتَمْتِعْ بالعَيْشِ على ظَهْرِ الأرضِ / سَوْفَ تَسْتَمْتِعُ بالعَيْشِ في بَطْنِها / 
     لا تَقْتُلوا الذبابَ الملَكِيَّ / الذي رَسَمَ لَنَا خَارِطَةَ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ / امْنَحُوا بَناتِ آوَى تِيجانَ السَّرابِ / لأنَّ الْحُزْنَ الْمُعَلَّبَ امتدادُ خُيوطِ الأكفانِ في تاريخِ الشُّموسِ / مِقْصلتي تَعْمَلُ بالطاقةِ الشَّمْسِيَّةِ / كَي تُوَفِّرَ عَلى حُكومةِ اللصوصِ المالَ/ والرِّيحُ تُضِيءُ أظافري في ليالي الإبادةِ الجماعِيَّةِ/ وأحزانُ الشَّوارعِ تنامُ عَلى وِسادتي / ولا أزالُ أحْلُمُ عَلى سَريرِ انتحارِ الْحُلْمِ /
     تَذَكَّرْتُ جَسَدَاً نَسِيَهُ بَنفسجُ الرَّمادِ / جَدائلُ النِّساءِ تَحترِقُ بِضَوْءِ القَمَرِ في رِئةِ الشَّاطئِ / نَادَيْتُ عَلى البَحْرِ/ لَكِنَّ البَحْرَ ماتَ/ والغريقُ يُنادي عَلى أُمِّهِ / لَكِنَّ أُمَّهُ ماتتْ / تَصْرُخُ الذِّكرياتُ في طُفولةِ الْهَلَعِ / غَسَلْتُ مُسَدَّسي الخشَبِيَّ بِرَمْلِ البَحْرِ / هَذا جَسَدي لَوْحَةٌ زَيْتِيَّةٌ في مَتْحَفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / هَذِهِ خَيْمتي حَقْلٌ للبُكاءِ وقَمْحِ اللاجئين / والمطَرُ بَيْنَ أصابعي يَتحرَّشُ بِجُثتي / وأنا أتحرَّشُ بأحزاني / نَزيفي خِيَامُ السُّنونو / وجَسَدي كُوخٌ مِنَ الصَّفيحِ / وسُعالي أثاثٌ لِعُشْبِ المقابرِ الْمُجَرَّدِ مِنَ الجِنسِيَّةِ / والأغرابُ يَنامُونَ عَلى رَصيفِ المِيناءِ / انتظرتُ أشجارَ المقابرِ في مُنْتَصَفِ الليلِ / وأنا حُلْمُ البَجَعِ المكسورُ بَيْنَ المزهرِيَّاتِ والمرايا / ولا مَعْنَى للحُبِّ إذا لَم يَكُنْ قَاتِلاً / فيا أيَّتها الذِّئبةُ التي بَاعَتْ جَدَائِلَها / لِتَشْتَرِي حُبُوبَ مَنْعَ الحمْلِ / إنَّ العَواصِفَ تَصُبُّ حَليبَ السَّبايا في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / إمبراطُورِيَّةُ القُمامةِ / عَرْشُ الجثةِ هُوَ دَمُ الحيْضِ / والملوكُ عَاجِزُونَ جِنسِيَّاً / ماتَ الوَطَنُ / لكنَّ الذبابَ يَكْتُبُ دُستورَ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ /
     الغروبُ الأزرقُ / والشُّطآنُ القُرْمُزِيَّةُ / لَم يَعُدْ في مَمالِكِ شَراييني سِوى أنيني / فَهَل أبكي على الضَّوْءِ الذي يَقْتَلِعُ خُيولَ الغَسَقِ مِن جِلْدي ؟ / أنا الْمُهَرِّجُ في سِيركِ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / والنِّساءُ مَصْلُوباتٌ على أعمدةِ الكَهْرباءِ / وَمَشْنُوقاتٌ بِحِبَالِ الغسيلِ / أيُّ لَمَعَانٍ سَيَتَدَفَّقُ على السُّيوفِ المكسورةِ في غُرفةِ الاعترافِ ؟ / كُرَيَاتُ دَمي تُضِيءُ المصابيحَ في شَوارعِ المذْبَحَةِ / مِلْحُ الدُّموعِ على جَدائلِ الفَتَياتِ في جِنازةِ السَّحَرِ / والقَتيلةُ تُلَوِّحُ بِمِنْدِيلِهَا للبَحَّارِ الغامِضِ في مَرْفأ الغروبِ/ أدْفِنُ دِمائي في رِمَالِ البَحْرِ / وأنتظرُ القَبائلَ كَي تَكْسِرَ أعلامَهَا / وتَرْفَعَ أعلامَ القَرَاصنةِ/
     أيُّها الوَطَنُ الذي يَرْفَعُ أفخاذَ النِّساءِ رَايةً ونَشيداً / المطَرُ يَدْفِنُ أشلائي تَحْتَ عَرَبَاتِ الخيولِ/ فابْحَثْ عَن جَدائلِ أُمِّكَ في المقابرِ الجماعِيَّةِ/ تَظَلُّ المناديلُ الوَرْدِيَّةُ للصَّبايا مُلْقاةً عَلى رَصيفِ المِيناءِ/ عَادَتْ مَلِكَةُ السَّبايا تَجُرُّ خَلْفَها قُطعانَ الدُّموعِ / والشِّتاءُ يَضْحَكُ على دُموعي / ويَغتالُني في صَيْفِ الوَدَاعِ الأخيرِ /
     دَفَعْتُ لِحُكُومةِ القَراصنةِ ضَرَائِبَ الرُّومانسِيَّةِ في مَوْعِدِها / وَعِندَما مِتُّ في احتضاراتِ الموْجِ / لَم أجِدْ جُباةَ الضَّرائبِ/ كَي يُدَافِعُوا عَن لَمَعَانِ الدَّمْعِ في عُيونِ اليتامى / ولَم تَجِئ الجيوشُ البَدَوِيَّةُ لِتُدَافِعَ عَن شَمْسِ الأندلسِ / هَذِهِ البُحَيرةُ الْمُتَجَمِّدَةُ / سَيُحَطِّمُها المساءُ بِفَأْسِهِ / والأوحالُ هِيَ طِفْلةُ زَواجِ الْمُتعةِ بَيْنَ العِشْقِ والحِقْدِ / فَلْيَسْمَحْ لِيَ اليَاقوتُ أن أُعَارِضَ رَأْيَ المشنوقينَ / سأختارُ لِحُزْني طَريقاً غَيْرَ أعشابِ المقابرِ / بَعْدَكِ أيَّتُها الذِّئبةُ الشَّقراءُ / لَم أعُدْ أحتاجُ إلى قَلبي / رُموشي سِيناريو للانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ / ولَحْمي مُوسيقى تَصويرِيَّةٌ للجِنازاتِ العسكرِيَّةِ /
     اعْتَنَقْتُ الكِفَاحَ الْمُسَلَّحَ كَي أنسَى الفَراغَ العَاطِفِيَّ / طَلَّقْتُ ذِكرياتِ الطفولةِ / تَزَوَّجْتُ الصَّدَمَاتِ العَاطِفِيَّةَ / أُحِبُّ البَحْرَ في الصَّباحِ / وأُفَكِّرُ باغتيالِهِ في المساءِ / تأكلُ النَّوارسُ جُثَثَ عُمَّالِ المِيناءِ / وَلَم يَعُدْ لَنا بَحْرٌ نبكي أمَامَهُ / اقْتُلْني أيُّها الشَّفَقُ / وَالتقِطْ صُورَةً مَعَ جُثتي /
     بِلادي عَلَّمَتْني كَيْفَ أَذْبَحُ الْحُبَّ في قَلبي بِسَكاكِينِ المطْبَخِ / أُسْطُولُ الحريمِ / بُورصةُ الملوكِ / أسواقُ الرَّقيقِ الأبيضِ / قَتَلْنا الْحُبَّ بِخَنَاجِرِ آبائِنا / ونَسِينا آباءَنا في المقابرِ الجماعِيَّةِ / وَتَبَادَلْنا الرسائلَ الغرامِيَّةَ مَعَ السَّبايا /
     في قَلبي انقَرَضَتْ سُلالةُ الملوكِ الفاتحين / وانكسَرَتْ رَاياتُ القَبائلِ في رِيحِ الشِّمالِ / وَقَعَتْ سَنَاجِبُ الوَهْمِ في رُومانسِيَّةِ الرَّاهباتِ / تَاريخُ لَمَعَانِ أظافري هُوَ جَمَاجِمُ الملوكِ / ولاعباتُ التِّنسِ يَرْمِينَ جَماجِمَ الملوكِ على رُقعةِ الشِّطْرَنجِ /
     في بِلادِ الانتحارِ / الكُلُّ يَتحدَّثُ في السِّياسةِ / وَلا أحَدَ يَفْهُمُ في السِّياسةِ / سَلامٌ للرَّعْدِ يَكْسِرُ المرايا / ويَعْبُرُ فَوْقَ وَطَنٍ يَنتحِرُ / أنا وَرْدَةُ المذْبَحةِ / وجُثتي عَامِلَةُ نَظافةٍ تَبْحُثُ عَن عُروشِ الزَّبَدِ / وذِكرياتِ الملوكِ المخلوعين / حَقائبُ السَّفَرِ ضَائعةٌ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي / وبَلاطُ المطاراتِ بَاردٌ كأشلائي / أُقُولُ للثلجِ / كُنْ وَاثِقاً مِن ضَفائرِ المشنوقاتِ عَلى قِرْميدِ الحِبْرِ / فَاكْتُبْني أيُّها البَرْقُ خَارِجَ سِفْرِ الرُّؤيا / أرشيفاً للأمواتِ الرَّاكِضينَ في الطريقِ / والعاصفةُ تَقتحِمُ شَيْخُوخةَ أعمدةِ الكَهْرباءِ في طُرُقاتِ المجزرةِ / قَلبي يَعْمَلُ بِطَاقَةِ الرِّياحِ / ورِئتي مِضَخَّةُ مِياهٍ في حُقولِ الذِّكرياتِ /
     يَتجمَّعُ اليُورانيومُ عَلى رُموشِ اليتامى / ألواحُ صَدري أقفاصٌ للبَجَعِ في بَراري الْهَلَعِ / ودَمْعُ الشَّفَقِ يَلتصِقُ على جُدرانِ شَراييني / والمطَرُ يَكْسِرُ أوعِيتي الدَّمويةَ كالفَخَّارِ / سِكَّةُ حَديدٍ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتُها الفَراشةُ المذبوحةُ / وإشاراتُ المرورِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ هِيَ سُدودُ البَارودِ / يَعْمَلُ بَنْكِرْياسي بالطاقةِ النَّوَوِيَّةِ/ سَأُفَتِّشُ عَن كَهْرَمانِ المجزرةِ في أزرارِ قَميصي/ وهذا الليلُ مَهُجورٌ كَقُلوبِ الفُقراءِ/ والزَّوبعةُ اليَتيمةُ تَصُبُّ دَمْعَهَا في خُدودي / تَسيلُ أدغالُ القَمَرِ في خَرائطِ أُنوثةِ المِشنقةِ / يا " أنا " المقتول / اتْرُكْ لِي " أنا " المشنوق / مَن أنا ؟ /
     بَيْنَ وَجْهي وَوَجْهي تُوَلَدُ أقنعتي / وجُثماني مِثْلُ جَيْشِ بِلادي/ كِلاهُما رَفَعَ الرَّايةَ البَيضاءَ / أبيعُ كُرَياتِ دَمي البَيضاءَ في السُّوقِ السَّوداءِ / أبيعُ حَبْلَ مِشْنقتي في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ / كَي أُسَدِّدَ دُيُونَ عِظامي المالِحَةِ/ ألعبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ سَجَّاني/ وأعيشُ مُرَاهَقَتي الْمُتَأخِّرَةَ في زِنزانتي الانفرادِيَّةِ/
     لا تَقْلَقْنَ يَا مُومِسَاتِ بِلادي / لأنَّ الشِّيكاتِ بِدُونِ رَصيدٍ / إِنَّ الزَّبائنَ يَمْلِكُونَ بِطَاقاتٍ مَصْرِفِيَّةً / الدَّولةُ عُلبةُ سَرْدين / وأنا الفَأرُ الرَّاكضُ في سَراديبِ مَحكمةِ أمْنِ الدَّولةِ /
     أنتِ الغريبةُ/ حِينَ تَمُوتِينَ سَيُصْبِحُ قَميصُ النَّوْمِ فَارِغاً / أيَّتُها العاصفةُ / تَنَازَلِي عَن عَرْشِ قَلبي/ واخْلَعي نَفْسَكِ تَجِدِي عَرْشَكِ في قُلوبِ اليَتامى / العُروشُ أثاثٌ مُسْتَعْمَلٌ للأراملِ / سَقَطَتْ في رُومانسِيَّةِ سَرَطَانِ الثَّدْيِ دَيْنَاصُوراتُ القَلْبِ / أنا فَيْلَسُوفُ الرُّومانسِيَّةِ في زَمَنِ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / نَحْنُ الأغرابُ / سَرَقْنا أوسمةَ الجنودِ القَتلى / وَفَتَّشْنَا مَلابِسَهُم الدَّاخليةَ / نُرَدِّدُ الأغاني الوَطَنِيَّةَ أمامَ الْجُثَثِ الْمُضيئةِ / ونَلتقِطُ الصُّوَرَ التِّذكارِيَّةَ مَعَ مَساميرِ النُّعوشِ / ونَموتُ عِندَ الموتى /
     مَاتَ الْمُؤَذِّنُ / والمآذِنُ تَصْعَدُ إلى الشَّفَقِ الأزرقِ/ حُزْنُ أشجارِ المقابرِ كالمطَرِ / كِلاهُما يَركضُ في الفَجْرِ العَميقِ/هَذِهِ الطرقاتُ حَزينةٌ/ صَارَت الملابسُ الدَّاخليةُ النِّسائِيَّةُ أعلاماً للقَبائلِ الْمُنقَرِضَةِ/ والطوفانُ يُعَلِّقُ أشلائي عَلى بَابِ المدينةِ مِصباحاً لأرملةِ البَحْرِ / ويَتسلَّقُ الأطفالُ جُثَثَ أُمَّهاتِهِم / بَحثاً عَن ضَوْءِ أكفانِ آبائِهِم / مَذْبُوحةٌ أنتِ يَا ذِكرياتِ الطفولةِ / والمساءُ يَكْتُبُ وَصايا الرِّيحِ على غَاباتِ سُعالي /
     مَن أنتَ أيُّها القَمَرُ الشَّاهِدُ على اغتيالي ؟ / لِتَكُنْ شَرايينُ الغروبِ تُفَّاحاً للمَقَاصِلِ / أسرارُ الياسَمينِ هِيَ شُموعٌ في أدغالِ الجثامين / فيا أيَّتُها الموؤدةُ على أسوارِ المدينةِ القَتيلةِ / سَوْفَ يَتَزَوَّجُ الضَّحيةُ الضَّحيةَ / وأرملةُ النَّهْرِ تَتَزَوَّجُ ذِئْبَ الصَّدى / الرَّمْلُ يَخونُ أشِعَّةَ الشَّمْسِ مَعَ الرِّياحِ / وأقنعةُ السُّنونو تَتكسَّرُ كأعقابِ البَنادقِ / فَلا تَرْمَ جُثةَ الصَّحراءِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / ذَهَبَت الفَتَيَاتُ إلى الاحتضارِ / وبَقِيَ الكُحْلُ على فِرَاشِ الموْتِ /
     مِشْطاً مِنَ العَاجِ / كانَ خَشَبُ التَّوابيتِ الْمُضيئةِ / أظافري هُدنةٌ بَيْنَ أُمراءِ الحروبِ وأُمراءِ الطوائفِ / وجَدائلُ البُحَيرةِ تتساقطُ في الشَّايِ الأخضرِ / إنَّ دَمي كالشَّايِ / كِلاهُما أخضرُ / ودَمُ الأمطارِ لَيْسَ أزرقَ / لا تَتْرُكْني أيُّها المساءُ تَحْتَ المطَرِ وَحيداً / الرَّصاصُ الْحَيُّ يَزُورُ قَلبي الميْتَ / والرَّصاصُ المطاطِيُّ أدمنَ نَبَضاتِ قَلبي / فيا أيُّها العَطَشُ الذي يَكْسِرُ قَناديلَ دَمْعي / لا شَيْءَ يَلْمَعُ في مَمَرَّاتِ بَيْتِنا سِوى الدُّموعِ / وأنا السَّائرُ في دِمائي ظِلالاً للفَراشاتِ الحزينةِ / وأطيافاً للذبابِ المجروحِ عاطِفِيَّاً / كأنَّ المجرَّاتِ ألْقَتْ قَلبي تَحْتَ حَوَافِرِ الخيولِ / التي تَصْعَدُ مِن جَثامينِ البَحَّارةِ /
     مِن هُنا يُولَدُ هُناكَ / لكنَّ إشارةَ المرورِ الحمراءَ تأخذُ لَوْنَها / مِن دَمي الذي يَسيلُ على تِلالِ الغروبِ / الأحزانُ أثاثٌ مُسْتَعْمَلٌ في مَنافي القَلْبِ / وتَجاعيدُ المطَرِ خَريطةٌ للرِّئةِ المهجورةِ / وصُراخُ الليلِ يَقيسُ مَنْسُوبَ الألَمِ في خُدودِ النَّهْرِ/ أزيزُ كُرَيَاتِ دَمي يَمْنَعُني مِنَ النَّومِ/ والفَراشةُ المنبوذةُ تَعْشَقُني / لَكِنَّها لا تُفَرِّقُ بَيْنَ رَبطةِ العُنُقِ وحَبْلِ مِشْنقتي / وذِكرياتُ المساءِ الخريفيِّ تُسْحَقُ تَحْتَ عَرَبَاتِ نَقْلِ الجنودِ / وَبَاعَةُ الْخُضارِ يَبيعُونَ جَمَاجِمَ السُّنونو أمامَ المحاكمِ العَسكرِيَّةِ /
     لِنُوَدِّعْ بَعْضَنَا قَبْلَ الطوفانِ / لِنَتَذَكَّرْ جَدَائِلَ أُمَّهَاتِنا قَبْلَ مَوْتِهِنَّ / البُحَيراتُ مُصابةٌ بِسَرَطَانِ الثَّدْيِ / فلا تَجْرَحْ أحاسيسَ الحطَبِ بالثلوجِ الزَّرقاءِ / لا تُحَطِّمْ مَعنوِيَّاتِ رَمْلِ البَحْرِ / أشلائي هِيَ البُنيةُ التَّحْتِيَّةُ للسَّرابِ / وشَاهِدُ قَبْري هُوَ البُنيةُ الفَوْقِيَّةُ للذِّكرياتِ / والأثاثُ الْمُسْتَعْمَلُ في غُرفةِ الإعدامِ بالغازِ / حَلُمْتُ أنِّي أموتُ مُحَاصَرَاً / لا الأُمَوِيُّونَ دَعَمُوا ثَوْرتي / ولا العَبَّاسِيُّونَ أرْشَدُوني إلى ثُوَّارِ قُرَيْشٍ / شَعْبٌ يَتسوَّلُ في عُيونِ الذبابِ / وَيَتْلُو تعاليمَ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ على أجسادِ الشَّحَّاذِينَ في طُرُقاتِ الجليدِ /
     يَا أيُّها الوَهْمُ الْمُرَصَّعُ بالأوسمةِ العَسكرِيَّةِ / هَذا مَوْكِبُ الملِكاتِ السَّبايا / هَذِهِ رَاياتُ الجيْشِ المكسورِ / حَوَاسِّي انقَلَبَتْ عَلَيَّ / وَرَحَلَتْ إلى الغروبِ / هَل يَتعاملُ حَفَّارُ القُبورِ بِرُومانسِيَّةٍ مَعَ النِّساءِ الْمُتَّشِحَاتِ بالسَّوادِ والضَّبابِ في جِنازةِ المطَرِ ؟ /
     مَشَانِقُ مُعَدَّلَةٌ وِرَاثِيَّاً / والعُشْبُ يَنمو عَلى التَّوابيتِ النُّحاسِيَّةِ / والرِّيحُ تُسَجِّلُ نَبَضَاتِ قَلبي كأرقامِ الزَّنازين / وأرقامُ القُبورِ مُرَتَّبَةٌ عَلى ضَفائرِ النِّساءِ / قِطَّةٌ تُجري تَنَفُّساً اصْطِنَاعِيَّاً لِجُثةِ كَلْبٍ بُوليسِيٍّ / شَوارعُ الرِّيحِ مُزْدَحِمَةٌ بالكُوليرا/ جِئْتَ أيُّها الْحُزْنُ الْمُتَوَهِّجُ كَي تَغتصِبَ خُدودَ الأيتامِ/ والمرايا البَنَفْسَجِيَّةُ إعدامٌ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائِيِّ / وَقَعْتُ في تَوَهُّجِ دَمِ الموؤدةِ / تاريخي يَحْرِقُ تاريخي/ والرِّمالُ جَاهِلِيَّةٌ بِلا رَاياتٍ حَمْراء /
     أنا القاتلُ والقَتيلُ في المساءِ الدَّامي / أزُورُ أضرحةَ السُّنونو في الغروبِ الْمُزْدَحِمِ بالأزهارِ الصِّناعِيَّةِ/ فلا تُصَدِّقْ وَقْعَ أقدامِ البَحْرِ عَلى جِلْدي / خَلَعْتُ عَرْشَ الزَّبَدِ / طَلَّقْتُ مَمَالِكَ النَّزيفِ/ يَسْكُبُ الخريفُ دَمي في بَراميلِ النِّفْطِ / والزَّوابعُ تَصُبُّ دَمْعي في حُفَرِ المجاري / والتاريخُ مِشْطٌ لِغَزالٍ أصْلَع / والحضارةُ مُحَاصَرَةٌ بَيْنَ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ وبَنادِقِ الصَّيْدِ / والموْجُ يَشربُ كُحْلَ العَرائسِ في مُدُنِ الطاعون /  
     أيَّتُها الفَراشةُ السَّائرةُ إلى لَيْلَةِ الدُّخلةِ بِثِيَابِ الحِدَادِ / لا مَعْنَى للرُّومانسيةِ / لأنَّ مَلَكَ الموْتِ قَادِمٌ / أيُّها الغريبُ السَّائرُ إلى البَحْرِ في ليالي الخريفِ الباردةِ / هَذا الدَّمُ دَمي / وهذا الموْتُ مَوْتي/ لَكِنِّي جُثةٌ مَجهولةُ الْهُوِيَّةِ / هذا أنا ولَسْتُ أنا / أنا النَّهْرُ الْمُجَرَّدُ مِن جِنسِيَّةِ الزَّوابعِ / الرَّاهبةُ العَمياءُ أحْرَقَتْ سِفْرَ الرُّؤيا / وَصَارَتْ جَدائِلُهَا طَاوِلَةً في مَطْعَمٍ / يَرْتَادُهُ الجنودُ الذينَ يَضْحَكُونَ عَلى هَزيمتهم / لا تَقْلَقْ أيُّها الفَراغُ / سَتُصْبِحُ ضَوْءاً للأسْفَلْتِ / حِينَ يَصيرُ جِلْدُكَ مَقَاعِدَ للعُشَّاقِ/ في حَديقةِ الأكفانِ اللازَوَرْدِيَّةِ / دَمْعي مَنْفَىً اختياريٌّ للسُّنونو / والطوفانُ يَسْكُبُ دُموعَ السَّحَرِ في قَارورةِ الحِبْرِ / وَعِطْرُ الْجُثَثِ القاتلُ يَسيلُ بَيْنَ أشجارِ المساءِ /
     تَنتظرُ أراملُ النَّهْرِ خُبْزَ المطَرِ في غَابةِ الْجُرُوحِ / مَلِكَةٌ عَمياءُ / وَالمِكياجُ عَرْشُها المخلوعُ / فلا تُخْبِر البَحْرَ عَن طُقُوسِكَ في البُكاءِ / سَيَكُونُ جُثمانُكَ لَوْحَةً زَيْتِيَّةً مُعَلَّقَةً / عَلى حَائطٍ مَنْسِيٍّ في مَتْحَفٍ مَهجورٍ / الجماجمُ في صَناديقِ الاقتراعِ / وجَدائلُ أُمِّكَ أيُّها النَّهْرُ اليتيمُ في حَقائبِ السَّفَرِ في مَساءِ الرَّحيلِ / والتَّوابيتُ مَصْفُوفةٌ على سُطوحِ القِطاراتِ كَبَرَامِيلِ النِّفْطِ / وكُلُّنا مُسافِرُونَ في الرِّحلةِ الأخيرةِ /
     صَوَامِعُ الْحُبُوبِ تَمتلِئُ بالْجُثَثِ والفِئرانِ والذِّكرياتِ / أثداءُ النِّساءِ مَزْرعةٌ للحَشَرَاتِ / ودُستورُ الوَحْدةِ الوَطنيةِ مُبيداتٌ حَشَرِيَّةٌ / يَذهبُ الملِكُ إلى المِقْصلةِ حافياً / يَرتدي حَشائشَ القُبورِ وسَنابلَ النِّسيانِ / تَذهبُ الملِكةُ إلى المِشنقةِ حَافيةً / تَرتدي قَميصَ نَوْمٍ مِن أعشابِ المقابرِ / 
     مَملكةُ العَوانسِ في طَريقِ انتحارِ الكنائسِ / ماتَ الكَلْبُ البُولِيسِيُّ بَيْنَ أبراجِ الكنائسِ وأبراجِ الْمُعْتَقَلاتِ / وذَاكرةُ القُرونِ الوُسْطَى مَرَّتْ عَلى جَسَدي / والرِّيحُ تَجْدُلُ ضَفائرَ النِّساءِ حِبَالاً للمَشَانقِ / يَنْشُرُ المطَرُ الغَسيلَ على حِبالي الصَّوتيةِ / وحَبْلُ أفكاري يَتَدَلَّى في بِئْرِ قَريتي المهجورةِ / فلا تَسْأَل العُميانَ عَن الطريقِ / إنَّ حَبْلَ مِشْنقتي هُوَ الطريقُ / واتْرُك الموتى يَدْفِنُوا مَوْتاهُم /
     نِسَاءٌ كَعُلَبِ السَّرْدِينِ / يُفْتَحْنَ ثُمَّ يُؤْكَلْنَ ثُمَّ يُلْقَى بِهِنَّ في القُمامةِ / وأغشيةُ البَكارةِ كَقَانُونِ الطوارِئِ / إنَّهُ شَرَفُ البَلادِ التي بَاعَتْ شَرَفَها للغُزاةِ / فَاصْعَدْ كَقَصَبِ السُّكَّرِ بَيْنَ مِلْحِ الدُّموعِ ومِلْحِ الْخُبْزِ / هَذِهِ الغَيْمةُ فَوْقَ ضَريحي تَتجسَّسُ على أسرارِ عُشبِ المدافنِ / وهَذِهِ الشَّجرةُ في حَديقةِ الأراجيحِ الفارغةِ / تُرْضِعُني وَتَدُسُّ لِيَ السُّمَّ /
     كَالمرأةِ الْمُغْتَصَبَةِ التي تَعْشَقُ مُغْتَصِبَهَا / كانت الحضارةُ / إنَّ الضَّحِيَّةَ تَنتظرُ قَاتِلَهَا في الليلةِ الخريفيَّةِ الباردةِ / والعَانِسُ تَنتظِرُ النَّخَّاسَ كَي يَشْتَرِيَهَا / ويُريحَهَا مِن نَظَرَاتِ الناسِ / والشُّعوبُ الحزينةُ تَبحثُ عَن رغيفِ الْخُبْزِ / في وِديانِ القُلوبِ المكسورةِ / ويُعيدُ الذبابُ تَرتيبَ الْجُثَثِ عَلى أوْجُهِ حَجَرِ النَّرْدِ / 
     عِندَما أتعَبُ مِن ضَجيجِ شَراييني / أُمَارِسُ التَّعَبَ كَي تَرتاحَ عِظامي في بَراري البُكاءِ / إنَّ البُحَيرةَ تَعْشَقُنِي وَتَخُونُني / وعِشْقُ البَحْرِ هُوَ كَأْسُ السُّمِّ / وأنا البائعُ الْمُتَجَوِّلُ في طُرُقاتِ الرَّعْدِ / أبيعُ كُرَياتِ دَمي بَيْنَ الحواجزِ العَسكرِيَّةِ وخِيَانةِ البَحْرِ العاشقِ / أُوَزِّعُ الدَّخْلَ القَوْمِيَّ مِنَ الأحزانِ على قِطَطِ الشَّوارعِ/ وأبيعُ تَذَاكِرَ جِنازتي للنَّوارِسِ والأغرابِ/ إنَّ قَلْبي مِثْلُ دَوْلتي كِلاهُمَا يَنهارُ / ماتَ الوَطَنُ/ لكنَّ الأرملَ يَكْتُبْنَ الأغاني الوَطنيةَ في لَيْلِ الشِّتاءِ/ يَحْمِلُ البَعُوضُ الأوسمةَ العسكرِيَّةَ/ وأحْمِلُ جُثمانَ أبي على ظَهْري / والبَقُّ يَزرعُ نِقاطَ التَّفتيشِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ /  
     دَوْلَتي مَهْزَلَةٌ / وأنا الْمُهَرِّجُ / والنَّهْرُ دَليلُنا السِّياحِيُّ كَي يَقُودَنا إلى السِّيركِ / كُنَّا نَظُنُّ أنفُسَنَا سَادَةً / لَكِنَّنَا سَبَايا / إنَّ البُحَيرةَ العَمياءَ سَتُرْشِدُكَ إلى مِقْصلةِ أبيكَ / لا أُرجوحةٌ في حَديقةِ الدِّماءِ سِوى أشلاءِ أُمِّكَ / ولا تاريخٌ للشُّموسِ المكسورةِ سِوى دُموعِ أبيكَ /
     قُولِي لِي أيَّتُها الأحزانُ الفُسفُورِيَّةُ / لماذا اخْتَرْتِ قَلبي مِن بَيْنَ كُلِّ العاشقينَ / كما تَختارُ الملِكةُ عَاشِقَها وعَشيقَها وقَاتِلَها ؟ / طُفولةُ النَّهْرِ سِيناريو فِيلمٍ بُوليسِيٍّ انتحرَ فِيهِ الْمُمَثِّلونَ / فَكُنْ رَقْماً عَلى بَابِ زِنزانتي / سَيَمشي المطرُ والذبابُ والفُقراءُ في جِنازتي /
     خَسِرْنا قِصَّةَ حُبِّنا / لَكِنَّنا مُتَعَادِلان / فَازَ الدُّودُ بِجَسدي / وفازَ سَرَطانُ الثَّدْيِ بِجَسَدِكِ / فلماذا نَبكي على ذِكرياتِ الخريفِ ؟ / دَمْعُ الشِّتاءِ يَترسَّبُ في شَراييني / وجَسَدي أرصفةٌ للشَّفقِ البَعيدِ / وصَفيرُ القِطاراتِ يَعْبُرُ في صَوْتي المبحوحِ / بَكَيْنا عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ / لَكِنَّنا لَم نتناوَل العَشاءَ على ضَوْءِ الشُّموعِ / لأنَّ النِّساءَ قُتِلْنَ في آبارِ الغَسَقِ / ولَم يَعُدْ في هَذِهِ المدينةِ الحزينةِ رِجَالٌ ولا نِساء / زَوَّجَ اللصوصُ الوَطَنَ للوَحْدةِ الوَطنيةِ / وَبَقِينا في الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / مَاتتْ أُمِّي ولَم تَحْضُرْ عُرْسي / أنا السَّجينُ في ضَوْءِ الغروبِ / تَزَوَّجْتُ حِيطانَ السُّجونِ / ولَم أرَ في لَيْلَةِ الدُّخلةِ سِوى جُثتي / كانَ السَّجَّانونَ يَرْقُصُونَ في أعراسِ الحمَامِ الزَّاجلِ / لكنَّ الرسائلَ لَم تَصِلْ /
     يَا أيُّها الجليدُ الذي يَمشي بِرِجْلَيْهِ إلى ضَوْءِ فِرَاشِ الموْتِ / انكسَرَتْ طُفولةُ الرَّاعي بَيْنَ هِضَابِ المطَرِ وتِلالِ الْحُبِّ الضَّائعِ / فما لَوْنُ عُيونِ الضَّحِيَّةِ ؟ / تَجْلِسُ الجثامينُ الْمُسْتَعْمَلَةُ على الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ أمامَ مَوْقَدةِ الشِّتاءِ / والمساءُ يَتجسَّسُ على خُطُواتِنا التي تَرَكْناها في أكواخِ الصَّفيحِ وشَوارعِ الرِّيحِ / المرفأُ القُرْمُزِيُّ يُسَجِّلُ أرقامَ أشلائِنا في أرشيفِ الوَدَاعِ ضَفيرةً ضَفيرةً /
     كُرَياتُ دَمي دَخَلَتْ في البَياتِ الشَّتويِّ / فَخَرَجْتُ مِن جِلْدِ الأزِقَّةِ / أركضُ تَحْتَ أمطارِ المساءِ / كالسَّلاحفِ التي نَسِيَتْ مَكَانَ البَيْضِ / آبارُ القُرى المهجورةِ خَاليةٌ مِنَ الماءِ / وَمُمْتَلِئَةٌ بِدَمِ الحيْضِ / تُمَشِّطُ اليَتيمةُ شَعْرَها بَيْنَ قِرْميدِ الدِّماءِ ومَرايا الرَّحيلِ / أوْرِدتي خَاليةٌ إِلا مِن خُيولِ الدَّوْلةِ البُوليسِيَّةِ / أنا السَّائرُ في الشوارعِ المذعورةِ وَحيداً / أرى القِطَطَ الْمُشَرَّدَةَ تَتَقَمَّصُ الكِلابَ البُوليسِيَّةَ / أرى الضَّحِيَّةَ تَتَقَمَّصُ قَاتِلَهَا / وَهَذِهِ العَصافيرُ السَّجينةُ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / تَتجسَّسُ عَلى نَبَضاتِ قَلبي / خُذْ قَلْبي شَاطئاً في ليالي الانقلابِ العَسكريِّ / وَاتْرُك البُحَيرةَ تُعاني مِن سَرَطانِ الثَّدْيِ وَحيدةً / في المساءِ المخلوطِ بِصَفَّاراتِ الإنذارِ / العَواصِفُ تُؤْنِسُ وَحْشةَ حَفَّاري القُبورِ / وجِلْدي مَفتوحٌ لِتُرابِ الأضرحةِ / فَمَا فَائدةُ الوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ في وَطَنٍ انتحرَ ؟ / مَا فائدةُ حُقوقِ المرأةِ حِينَ تنتحرُ المرأةُ وتَنتصِرُ عُلْبةُ المِكياجِ ؟ /
     مُنذُ بُزوغِ فَجْرِ تَاريخِ الأكفانِ / وَجَسَدي سُنبلةٌ بَيْنَ الرَّصاصِ الْحَيِّ والرَّصاصِ المطاطِيِّ / والهياكِلُ العَظمِيَّةُ مُعَلَّقةٌ في سَقْفِ حَلْقي / والخِيَامُ تَتَقَاسَمُهَا عُيُونُ الجرادِ/ أيُّها القَادِمُونَ مِنَ الفَراغِ العَاطفِيِّ/ الذاهبونَ إلى الْمَلَلِ الجِنْسِيِّ / مَن هَؤلاءِ النِّساءُ الْمُسْتَحِمَّاتُ بِنُبَاحِ الأرصفةِ/ الْمُتَّشِحَاتُ بأدغالِ الحِدَادِ ؟ / جُثَثُ الرَّاقصاتِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / والمهرِّجُ ماتَ في السِّيركِ / فيا إخْوتي في الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ / انتَظِرُوا رَقصةَ العَقْربِ الأخيرةَ على جُلودِ السَّبايا / أنا وَسَجَّاني افْتَرَقْنا في طَريقِ البَحْرِ / وَوَدَّعْنا الأمطارَ الْمُتَسَاقِطَةَ على الحواجزِ العَسكرِيَّةِ / فَرَشْنا أشلاءَ الأطفالِ سَجَّاداً أحمرَ في الزِّنزانةِ الخضراءِ كَحُقُولِ القَمْحِ / سَقَطَ المِكياجُ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وسَقَطَتْ أرقامُ الزَّنازينِ في جَدْولِ الضَّرْبِ / وماتَ أُستاذُ الرِّياضياتِ في الخريفِ البَعيدِ/ سَقَطَت الأقنعةُ عَن ذِكرياتِ المطرِ / ونَسِيَ الجنودُ تَقبيلَ زَوْجَاتِهِم قَبْلَ ذَهَابِهِم إلى الموْتِ /
     أنتَ الفَريسةُ في أرضِ الحِكَاياتِ / الْحُبُّ الضَّائعُ مُعَلَّقٌ على حِيطانِ السُّجونِ كَلَوْحَاتِ المتاحفِ/ أنا تابوتُ الياسَمينِ في بَرْلَمانِ الجثامين/والبُحَيرةُ المقتولةُ هِيَ مُديرةُ حَمْلتي الانتخابِيَّةِ / أنتخبُ دَمَ أبي الْمُتَفَرِّقَ بَيْنَ القَبائلِ / خَسِرْتُ في الْحُبِّ / خَسِرْتُ في الحرْبِ / وجَدائلُ النِّساءِ عَلى رَاياتِ القَبائلِ / فابْحَثْ عَن الرَّايةِ البَيضاءِ بَيْنَ أعشابِ المقبرةِ وذِكرياتِ أُمَرَاءِ الطوائفِ / حَرْبٌ أهْلِيَّةٌ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي/ وحَوَاسِّي تتساقطُ كَقِلاعِ الغَيْمِ / حُزْنُ الأرصفةِ رَفَعَ الرَّايةَ البَيضاءَ أمامَ جَيْشِ السَّرابِ/ مُدُنٌ مِنَ السُّعالِ الأُرْجُوانِيِّ والانتخاباتِ الْمُزَوَّرَةِ/ فيا فَخَامَةَ الصَّنَمِ الْمُعَظَّمِ /
مَن أصحابُ هَذِهِ الْجُثَثِ المجهولةِ في سَراديبِ الغيومِ ؟ / نَسِيَت الراهباتُ غُرفةَ الاعترافِ بَيْنَ أجراسِ الكنائسِ وكُحْلِ العَرائِسِ / وصَحراءُ الذاكرةِ دَفَنَت الرِّجالَ في المقابرِ الجماعِيَّةِ / فَخَسِرَت العَوانسُ الفُرصةَ الأخيرةَ /  
     بِلادي يا أجْمَلَ السَّبايا في تِلالِ السَّرابِ الوَرْدِيِّ/ عَلَيَّ أن أكُونَ ضَحِيَّةً كَي يَعْشَقَنِي الشَّاطئُ/ عَلَيَّ أن أكُونَ قَتيلاً كَي يُصَدِّقَني السَّرابُ / قَوْسُ قُزَحَ يُزَوِّجُ قَطَرَاتِ المطَرِ لِجَسَدِ العاصفةِ / المطَرُ يَقْرَعُ عُلَبَ السَّرْدِينِ قُرْبَ أجسادِ الشَّحَّاذين / أبْحَثُ كُلَّ يَوْمٍ عَن اسْمي في قَاموسِ التَّصفيةِ الجسَديةِ / والثلجُ يَحْكُمُ عَلَيَّ بالإعدامِ رَمْياً بالذِّكرياتِ / هَذِهِ تُفاحاتُ الصَّدى جَماجمُ الرِّياحِ في عِيدِ مِيلادي / إنَّ الْحُزْنَ مِثْلُ الْحُزْنِ / كِلاهُمَا يُحَطِّمُ صَقيعَ قَلبي / أتْرُكُ قَلبي على سُورِ المقبرةِ / وأدْخُلُ إلى المقبرةِ بَاحِثاً عَن قَبري / لَسْتُ عَالِمَ آثارٍ / لَكِنِّي أُنَقِّبُ عَن أشلائي في خُدودِ البَحْرِ / أتْرُكُ جُثتي في حُفرةِ الشَّاطئِ مَعَ بَيْضِ السَّلاحِفِ / وأدْخُلُ إلى القَصْرِ الرَّمْلِيِّ بَاحثاً عَن تَاجِي / ولا تَاجَ لِي سِوى دَمْعِ أُمِّي في الغروبِ /
     ألْصَقْتُ ضَفائرَ الرِّيحِ على جُدرانِ أوْعِيتي الدَّمويةِ/ أجْلِسُ في مَحطةِ القِطاراتِ البَاردةِ/ لا أنتظِرُ أحَدَاً / ولا يَنتظِرُني أحَدٌ / المحطةُ خَاليةٌ إلا مِنَ الصَّقيعِ / ذَهبت القِطاراتُ إلى الشَّفقِ / وَلَن تَعُودَ / لكنَّ سِكَّةَ الحديدِ بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتُها القاتلةُ المقتولةُ / والبَاعَةُ الْمُتَجَوِّلُونَ يَبِيعُونَ صُكَوكَ الغُفرانِ عَلى إشاراتِ المرورِ / كَيْفَ أنسَى وَجْهَكِ يا أُمِّي في أمطارِ المساءِ ؟ / الأوسمةُ العَسكرِيَّةُ قَشٌّ في إسْطَبْلاتِ الْخُرافةِ / أُعَلِّقُ البَراويزَ على جُدرانِ أوْرِدتي / فيا عَزيزي الغُبار / كُلُّ رَسائلِ العُشَّاقِ أكَلَهَا الغبارُ / وتاريخي وُلِدَ مِن غُبارِ نَعْشي / أيَّتُها الجِرذانُ الكَريستالِيَّةُ التي تأكلُ قُماشَ أكفاني / افْتَحِي الطريقَ لِمَوْكِبِ الملِكاتِ السَّبايا / أنابيبُ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ مُغَلَّفَةٌ بِجَدائلِ الإِمَاءِ وجُلودِ العَبيدِ / لَحْمي مَتْحَفُ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / وأزِقَّةُ المِيناءِ بُورصةُ الحريمِ / والنَّخَّاسُونَ يَشْرَبُونَ القَهْوةَ عَلى صُخورِ الشَّاطئِ الحزينِ / سَقَطَتْ لاعبةُ السِّيركِ عَن الحبْلِ في عِيدِ مِيلادِها / وتاريخُ النَّوارسِ يَركضُ إلى خَشَبَةِ الإعدامِ وَاثِقاً مِن رَمْلِ البَحْرِ/ فَكُن حَدَّاداً لِتَصْنَعَ مَساميرَ نَعْشي / وَكُن نَجَّاراً لِتَعيشَ بَيْنَ خَشَبَةِ المسْرَحِ وخَشَبَةِ الإعدامِ /
     ذِكْرَياتُ البَغايا الْمُتَقَاعِدَاتِ / حُكْمُ إعدامي هُوَ مُكَافَأةُ نِهايةِ الخِدْمَةِ / ماتَ آباؤُنا بَحْثاً عَنِ الْخُبْزِ / وخَبَّأْنا جُثَثَ أُمَّهَاتِنا في أكياسِ الطحينِ الفَارغةِ / أُخَزِّنُ سُعالي في الأكفانِ البلاستيكِيَّةِ / والوَهْمُ يَغْسِلُ رُفاتَ الزَّوابعِ / الهياكِلُ العَظْمِيَّةُ في ضَوْءِ القَمَرِ / وأطيافُ الغروبِ تَتساقطُ في البِئْرِ/ الذي وَأَدَ فِيها الرَّمْلُ ابْنَتَهُ / سَيَنمو التُّوتُ البَرِّيُّ في التَّوابيتِ الْمُعَدَّلَةِ وِرَاثِيَّاً / الرَّعْدُ يَشربُ شَظايا جُمجمتي / والجثامينُ على ظُهورِ الْخُيُولِ النَّحيلةِ / الْتَصَقَ الوَحْلُ بالجوارِبِ البَيضاءِ للرَّاهباتِ في طَريقِ كَنائِسِ القُرونِ الوُسْطَى / وَشْمُ البُكاءِ على رُموشِ الذبابِ / وكُحْلُ الجواري على أجنحةِ النُّسورِ / فيا أيُّها النَّسْرُ المكسورُ في أدغالِ الفِضَّةِ / ابْسُطْ جَنَاحَيْكَ على جُثمانِ أبي / لأعْرِفَ قَلبي هَل هُوَ قَاتِلٌ أم مَقتولٌ / بُكاءُ نَوارِسِ البَحْرِ يَنهمرُ على ألواح صَدْري / وقِنديلُ الأرملةِ الْمُطْفَأُ مُعَلَّقٌ في سَقْفِ الْخَيْمَةِ / تَنامُ بَيْنَ خُدودي ودُموعي مَذْبَحَةُ الياسَمِين / والمطرُ الخريفيُّ يَكْشِفُ أسرارَ الغُرباءِ / للمَوْجِ السَّائرِ على شَظَايا القَلْبِ المكسورِ /
     ذِئْبُ الصُّداعِ / وَلَم تَجِئْ لَيْلَى / شَهيقُ المطَرِ / وَلَم يَتَنَفَّس السُّجناءُ إلا في رُموشِ البَحْرِ / واثقٌ أنا مِن قُماشِ أكفاني الْمُسْتَوْرَدِ / وخَشَبُ نَعْشي كَخَشَبِ المطابِخِ / كِلاهُمَا يُشْبِهُ الأثاثَ الْمُسْتَعْمَلَ في بَيْتِنا المهجورِ في الأندلسِ/ وَقَعَ الصَّهيلُ في بَراميلِ النِّفْطِ / ومَاتَت الصَّحْرَاءُ بَيْنَ خَوَاتِمِ أُمِّي وعُكَّازةِ أبي / سَتَنمو الجوَّافةُ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ/ وتنتشرُ المصابيحُ على أسوارِ المقابرِ في عِيدِ مِيلادِ الأمواتِ / وتَتكسَّرُ أجنحةُ السُّنونو عَلى خَلاخيلِ بَناتِ حَفَّارِ القُبورِ /   
     غَرِقَت السَّفينةُ / والفِئرانُ لَم تَهْرُبْ لأنَّها مَشغولةٌ بَأَكْلِ جُثةِ الرُّبَّانِ / فلا تَحْزَنْ إذا تَأخَّرَ مَوْسِمُ الحصَادِ / قَد يَكُونُ الزَّارِعُ هُوَ المحصودَ لا الحاصِدَ / فلا تَحْرُثْ أجنحةَ الصُّقورِ بِرَمْلِ البَحْرِ/ سَيَأتي العَبيدُ مِن أشجارِ السَّرْوِ في المدافنِ/ سَيَأتي الْحُزْنُ الْمُشِعُّ مِن طُرُقاتِ الغَيْمِ / يَتزوَّجُ الصَّمْتُ أُنوثةَ الأمواجِ / وَيَصِيرُ دَمي زَيْتَ زَيْتُونٍ للأراملِ / والزَّعترُ يَنْمُو في الْجُثَثِ المجهولةِ الْهُوِيَّةِ /
     سَلاماً للبُحَيرةِ اليَتيمةِ في ضَوْءِ الصَّقيعِ / تَغتسِلُ بالهديلِ / وتَتزوَّجُ الجرادَ في مَوْسِمِ هِجرةِ الموتى مِن القُبورِ إلى القُلوبِ / سَتَعُودُ النَّوارِسُ إلى البَحْرِ / والموْجُ يُصَادِقُ رَائحةَ المسدَّساتِ في الصَّحاري / أنا الخريفُ الأعْزَلُ / لكنَّ وُجوهَ النِّساءِ مِنَ الأسْمَنْتِ الْمُسَلَّحِ / والنَّهْرُ تَاجِرُ سِلاحٍ مَقتولٌ عَلى نوافذِ الذِّكرياتِ / أنا صَخْرَةُ الشَّاطئِ في السَّحَرِ/ وأشلائي سُلَّمٌ مُوسيقيٌّ بَيْنَ صَالةِ الرَّقْصِ ونَصْلِ المِقْصَلةِ / فاصْعَدْ مِن دَمْعي اللزِجِ / واكْسِرْ مَساميرَ نعشي / الفَتَيَاتُ على رَصيفِ المِيناءِ / يَرْقُصْنَ احتفالاً بِغَرَقِ الصَّيَّادِين / ذَهَبَت الذِّكرياتُ إلى الشَّفقِ الجارحِ / وَلَم تَرْجِعْ مَراكِبُ الصَّيَّادين / 
     أُسْقِطَتْ عَنِ القِطَطِ الْمُشَرَّدةِ جِنسِيَّةُ اللوْزِ / والرَّاقصاتُ يَتَمَتَّعْنَ بالحصَانةِ الدُّبلوماسِيَّةِ / فَامْنَحُوني جَائزةَ نُوبِلَ في رَعْيِ الغَنَمِ بَعْدِ مَقْتَلِ الرَّاعي / نامَ الرَّاعي تَحْتَ شَجَرةِ الوَدَاعِ / والغَنَمُ على حَافَّةِ الجبَلِ / والعَاصِفَةُ تَرُشُّ التَّوابلَ على أجسادِ النِّساءِ المسحوقاتِ /
     كَمَا تلتصِقُ جِيَفُ الكِلابِ البُوليسِيَّةِ على أوعيتي الدَّمويةِ / يَلتصِقُ رَقْمُ زِنزانتي على نَهْرِ الوَداعِ / كَلْبُ الحِرَاسَةِ جَالِسٌ عَلى العَرْشِ / وقِطَطُ الشَّوارعِ اسْتَلَمَتْ سُلُطَاتِها الدُّستوريةَ / والذِّكرياتُ بُرتقالةُ القَتلى لَيْمُونةُ الرَّحيلِ / كُلُّنا سَائرونَ إلى الرِّحلةِ الأخيرةِ / رَاهباتٌ عَمْيَاواتٌ يَقْرَأْنَ سِفْرَ الرُّؤيا / ومَلِكَاتٌ سَبايا يَقْرَأْنَ حُكْمَ الإعدامِ / أُحِبُّكِ أيَّتُها الفَراشةُ المقتولةُ في نِهاياتِ الخريفِ / كَي أُكْمِلَ دَائرةَ أحزاني / وأَحْسِبَ عَدَدَ طَعَناتي / وأَسْتَكْمِلَ عُقدي النَّفْسِيَّةَ / وَجَدْتُكِ وأَضَعْتُكِ فَأَضَعْتُ نفْسي / وَلَم أجِدْ سِوى حَفَّارِ قَبري / وَلَم يَتَعَرَّفْ على جُثتي الْمُشَوَّهَةِ سِوى الكِلابِ البُولِيسِيَّةِ /
     النَّهْرُ فَارسُ قَبيلةِ الدِّيدان / لَكِنَّ أعلامَ القَبائلِ مُنَكَّسَةٌ / أُنَكِّسُ أحلامَ اليَقَظَةِ / ولا أستيقظُ إلا عَلى فِرَاشِ الموْتِ / يُغَطِّي الموْجُ وَجْهَهُ بأعشابِ الحِبْرِ خَجَلاً مِن وَجْهِ الشَّفقِ / أتى العُشَّاقُ بَعْدَ مَوْتِ قَلبي / سَقَطْتُ في بِئرِ ذِكرياتي / وأمعائي تُهاجرُ مِنَ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ إلى التَّصفيةِ الجسَديةِ / تُولَدُ شَمْسي بَيْنَ الكَوابيسِ والدَّبابيسِ/ ألواحُ صَدري أخشابٌ لِتَابُوتِ النَّعناعِ / وقَفَصي الصَّدريُّ زِنزانةٌ بِلا مِفتاحٍ / أضاعَ شَجَرُ المقابرِ مِفْتَاحَهَا / ونَحْنُ نَمشي إلى قُبورِنا تَحْتَ أشِعَّةِ القَمَرِ /
     أيُّها القاتلُ الأنيقُ / تَقتلُ بِهُدوءٍ مُخيفٍ / أخافُ مِن الْهُدُوءِ الذي يَسْبِقُ العاصفةَ/ نَهْرُ الدُّموعِ يُعطي ظَهْرَهُ للمَلِكَاتِ / ويَشْرَبُ الشَّايَ في جَماجمِ الملوكِ / الأمواجُ تَحْمِلُ أسماءَ الضَّحايا / وأنا اليَتيمُ في الزَّوابعِ / أركضُ كالسِّنجابِ إلى ضَوْءِ جِنازتي / البَراري تَرِثُ اكتئابي بَعْدَ انتهاءِ صَلاحِيَّةِ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ / أُرَتِّبُ شَراييني في غُرفةِ التَّحقيقِ حَجَراً حَجَراً / والقَراصنةُ يَبْحَثُونَ عَن الذهبِ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / ويُنَقِّبُ البَحْرُ عَن أحافيرِ الأسماكِ في رِئتي / جِئْتُ في زَمَنِ الأبوابِ الْمُغْلَقَةِ / لكنَّ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ مَفتوحٌ للجَرَادِ والذِّكرياتِ /
     يَبْحَثُ الناسُ عَنِّي / وأنا أبحثُ عَن نفْسي / سَتَبْحَثُ الضَّحِيَّةُ عَن قَاتِلِها / لا لِتَنْتَقِمَ مِنهُ / بَل لِتَعْشَقَهُ / إنَّهُ الانتحارُ اللذيذُ / عَقْلِيَّتي في العِشْقِ عَسكرِيَّةٌ / لَكِنَّني القائدُ المهزومُ / أرفعُ أشلائي رَايةً بَيْضاءَ / لَكِنَّ دَمي أخضرُ / تَقُودُ السَّناجبُ العَمياءُ في هَيْكلي العَظميِّ انقلاباً عَسكرِيَّاً / ودَوْلتي مِثْلُ كُرَياتِ دَمي البَيضاءِ / لا تاريخَ لها سِوى الرَّايةِ البَيضاءِ /
     انتحرَ فَخَامَةُ الْحُزْنِ الْمُعَظَّمِ / الجرادُ المقتولُ يُغَطِّي ثُلوجَ الطريقِ الحزينِ / فيا أيُّها الوَحيدُ في وَحْدَةِ حَبْلِ المِشنقةِ / الْحُزْنُ في عُيونِ البَحْرِ / والضَّفادعُ واقفةٌ أمامَ مَوْكِبِ الشُّموسِ المقتولةِ / والْخَوْخُ في دَمِ العاصفةِ / وتاريخي يُولَدُ مِن بقايا مِرآتي الْمُحَطَّمَةِ / والمِلْحُ في دُموعِ أُمِّي يُعَقِّمُ نَصْلَ مِقْصلتي ضِدَّ فَيْرُوسِ الذِّكرياتِ / فيا أيَّتُها الرِّمالُ المتحرِّكةُ التي تُنَظِّفُ جُثتي مِنَ الأعشابِ / وتَتَحَرَّشُ جِنسِيَّاً بِحَبْلِ مِشْنقتي / وَجَدْنا غُرفةَ الإِعدامِ بالغازِ / لَكِنَّ الحارسَ في مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ / عَيَّنَ البَحْرُ صُداعَ الشُّطآنِ بَوَّاباً لِمَملكةِ الأشباحِ / الحضارةُ تَركضُ وَراءَ أشباحِ قَلبي / وأنا أُرَتِّبُ على حَجَرِ النَّرْدِ صَدَماتي العاطِفِيَّةَ / والرِّيحُ تنتظرُ مَلِكاً مَخلوعاً / كَي تَلْعَبَ مَعَهُ        " عَريس وَعَرُوس " / جُيُوشٌ مِنَ البَدْوِ الرُّحَّلِ تَسْتَعِدُّ لِتَحريرِ الأندلسِ / وَلَم يَعُدْ غَيْرُ الرَّحيلِ /
     يا أُمَّنا الأرض / التي وَلَدَتْنا مِن بَطْنِها / وَدَفَنَتْنا في بَطْنِها / كَم رَقْمُ مَقْبَرَتِنا ؟ / يا خَريفَ الرُّعودِ الذي لَم يُدَافِعْ عَنَّا / كَم رقْمُ حُفرةِ المجاري التي سَقَطَ فِيها الْمَوْكِبُ الملَكِيُّ ؟ / يا بَرْقَ التِّلالِ البَعيدةِ / لماذا لَم تُدَافِعْ عَن المِلْحِ في خُبْزِنا ؟ / دَخَلَ الفُقراءُ في صَفيرِ القِطاراتِ / والمطَرُ الوَرْدِيُّ اختارَ طَريقاً / لَم تَخْتَرْهُ الدَّولةُ الأُمَوِيَّةُ ولا العَبَّاسِيَّةُ / الأشلاءُ تَحْتَ الأمطارِ المعدنِيَّةِ / والثلوجُ دَوْلةُ أفيونِ الرُّومانسِيَّةِ / تَنامُ الفِئرانُ الوَهَّاجةُ في خُدودِ الصَّبايا / وَكُلُّنا لاجئونَ في مَملكةِ الجرادِ النُّحاسِيِّ / تَعَكَّرَ مِزاجُ الأشجارِ في المدافِنِ / والحافلاتُ تَنْقُلُ الجثامين / وعُمَّالُ المناجمِ يُنَقِّبُونَ عَن أجفاني في ذاكرةِ البَحْرِ / وَالعَبيدُ يُغَلِّفُونَ أثداءَ زَوْجَاتِهِم بِجُلُودِ الثعالبِ / أنا سَفيرُ الدِّماءِ في عَاصمةِ الحطَبِ الأخضرِ / وجُوعي مَملكةُ النَّزيفِ البَرِّيِّ /
     إنَّ حُزني كالتُّوتِ البَرِّيِّ / فُزْتُ في انتخاباتِ المِشنقةِ / وَشَكَّلْتُ حُكومةَ قُطاعِ الطرقِ الدِّيمقراطِيَّةَ / رَمَيْنا أُمَّهَاتِنا في الملاجِئِ / وَكُنَّا رُومانسِيِّينَ مَعَ الجواري / ذَلِكَ الضَّبابُ البَنَفْسَجِيُّ يَكتبُ بأشِعَّةِ دَمي دُستورَ الإبادةِ / رِئةُ البَحْرِ النَّازِفَةُ / والتاريخُ حُطَامُ السُّفُنِ / وفِئرانُ السَّفينةِ هَرَبَتْ بَعْدَما أكَلَتْ جُثةَ الرُّبَّانِ/ وأجسادُ النِّساءِ مَنْذُورةٌ للمَذْبَحِ / والقَرابينُ أرشيفُ مَن لا أرشيفَ لَهُ / قُولِي أيَّتُها المجاعةُ الأُرْجُوَانِيَّةُ/ مَا لَوْنُ أجنحةِ الحمَامِ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ ؟ / كأنَّ البُحَيرةَ تُفاحةُ الإعدامِ / تَتَذَكَّرُ أُمَّها حِينَ ضَرَبَهَا أَبُوها / ولا يَسْمَعُ صِيَاحَ الدُّموعِ سِوى الدُّموعِ /
     ألَمي أكثرُ نَقاءً مِنَ قَطَراتِ المطَرِ / رَجْفتي كالقِرْميدِ الذي تُغَطِّيهُ الثلوجُ في مُدُنِ الخديعةِ / هذا حُلْمي هَيْكَلٌ عَظْمِيٌّ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / هَذِهِ حَياتي تَحْتَ الأرضِ / وَذَلِكَ مَوْتي تَحْتَ الأرضِ / لَيْتَني عِشْتُ فَوْقَ الأرضِ / أنا فَيْلَسُوفُ مَا تَحْتَ التُّرابِ وما بَعْدَ الحداثةِ /
     سَلاماً أيُّها العَبيدُ الذينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ أثداءِ زَوْجَاتِهِم وأثداءِ الأبقارِ / أَكْسِرُ قِناعي فأرى الطحالبَ في حَنجرتي / أشْرَبُ قَهوةَ الصباحِ في المساءِ / لأنَّ المجازِرَ تَحْتَلُّ قَلبي في الفَجْرِ الكاذبِ / عَشِقَت البُحَيرةُ البَحْرَ لَكِنَّهُ خَذَلَهَا / وألواحُ صَدْري تَكَسَّرَتْ بَيْنَ شَايِ المنافي وقَهوةِ الصباحِ /
     سَامِحْني يا أبي / حَفِظْتُ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لَكِنِّي لَم أعْرِفْ رَقْمَ قَبْرِكَ / سَامِحِيني يا أُمِّي / حَفِظْتُ أسماءَ الشَّوارعِ / لَكِنِّي لَم أَجْمَعْ ضَفَائِرَكِ في الرِّيحِ / 
     أكَلَ البَقُّ بَراويزَ الذِّكرى / فَكَيْفَ نَتذكرُ صُوَرَ أُمَّهَاتِنا في الخريفِ البَعيدِ ؟ / جِلْدي هُوَ رَصيفُ المِيناءِ/ ونَزيفي إشارةُ مُرورٍ حَمْرَاءُ/ لَكِنِّي أَمُرُّ في نَزيفِ الشُّطآنِ/ نَسِيتُ مَواعيدَ انتحاراتي/ لَكِنِّي تَذَكَّرْتُ مَوْعِدَ مَوْتِ أبي/ كانَ الثلجُ يَكْسِرُ قِرْمِيدَ كُوخي/ حِبَالُ الغسيلِ مَصنوعةٌ مِن جَدائلِ النِّساءِ / وأخشابُ النُّعوشِ مَصنوعةٌ مِن طَاوِلاتِ المطاعمِ / والأسلاكُ الشَّائكةُ على أسوارِ الْمُعْتَقَلاتِ مَصنوعةٌ مِن رُموشِ البَناتِ / 
     العَوَاصِفُ في شِتَاءِ الطفولةِ البَعيدةِ / تَغْرِسُ أبراجَ الْمُرَاقَبَةِ في جَدائلِ العَرائسِ / وَعُمَّالُ النَّظافةِ يُكَنِّسُونَ الْجُثَثَ في القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / ذَهَبَت النِّساءُ إلى فِرَاشِ الموْتِ / وَبَقِيَتْ حِبَالُ الغسيلِ في قِلاعِ المطَرِ / أنتَ الغريبُ في ثَوْرَةِ اليَاقُوتِ عَلى اليَاسَمِين / رِعْشتي صَارَتْ أمطاراً للخَرِيفِ / وَجُمجمتي حَجَرُ نَرْدٍ / تَلْعَبُ بِهِ الرِّياحُ في مَساءِ الذُّعْرِ / وجُثتي هِيَ الوَرَقةُ الأخيرةُ عَلى طَاوِلَةِ القِمارِ / فالْعَبْ أيُّها النَّهرُ لُعْبَتَكَ الأخيرةَ / أعْرِفُكَ يا قَاتِلي / وأعْرِفُ هُوِيَّةَ الضَّحايا في أوراقِ الخريفِ الْمُضِيءِ / فلا تَزُرْني يا عُشْبَ المساءِ / إِنَّني أبْحَثُ عَن جُثماني في مَناجمِ الفَحْمِ / عِشْتُ تَحْتَ الأرضِ / وَمِتُّ تَحْتَ الأرضِ / 
     أزرعُ إشاراتِ المرورِ في دِمَاءِ الشَّاطئِ / صُداعي خَارِطةٌ جَديدةٌ للنَّوارسِ العَمياءِ / وَسُعالي دَليلٌ سِياحِيٌّ في مَتاحِفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / فَيَا أيَّتُها الغريبةُ / لقد مَاتَ الذي كُنتِ تَتَزَيَّنِينَ لَهُ /  نَسِيَ الأطفالُ البُوظةَ في ثَلاجةِ الموتى / وَمَاتوا عِندَ نُهودِ أُمَّهاتِهِم المقطوعةِ /
     الطوفانُ يَزرعُ كَاميراتِ الْمُرَاقَبَةِ في أوْردتي / للتَّجَسُّسِ عَلى نَبَضاتِ قَلبي / وَدُخانُ السَّياراتِ يَتجمَّعُ في أشلاءِ الضَّحايا / وَعُيونُ القَتلى تَلْمَعُ / يَجْلِسُ الموْجُ في مَحطةِ القِطاراتِ يَنتظرُ حَفَّارَ قَبْرِهِ / والإضراباتُ قَتَلَتْ صَفيرَ القِطاراتِ / النُّعوشُ مَصفوفةٌ على القَشِّ في عَرَبَاتِ القِطَارِ كصناديقِ الْخُضارِ / والْحُزْنُ مِثْلُ جُثمانِ الغروبِ / كِلاهُما عَاطِلٌ عَنِ العَمَلِ / بَاعَ رَمْلُ البَحْرِ الكِفَاحَ الْمُسَلَّحَ / كَي يُرَكِّزَ في رُومانسِيَّةِ الإِمَاءِ / خَسِرْنا مُسَدَّسَاتِ الشَّفقِ / والنَّخَّاسُ مَزَّقَ بَكَارَةَ السَّبايا على خَشَبَةِ المذْبَحِ /
     سَتَطْلُعُ الشُّموسُ مِن أعراسِ ذَبْحِنا / فيا أيُّها الوَطَنُ الْمُعَلَّبُ في كُرَياتِ دَمِنا / إنَّ المجاعاتِ تُصَدِّرُ الأغاني الوَطَنِيَّةَ إلى مَوَانئِ الغُزاةِ / أيُّها الوَطَنُ الذي يُصَدَّرُ إلى أعلامِ القَراصنةِ / ماذا تُريدُ مِن أشلائِنا ؟ / أنا الملِكُ المخلوعُ بَيْنَ تُفاحِ المنافي وبُرتقالِ النِّسيانِ / مَلِكٌ بِلا مَملكةٍ / وَرُبَّانٌ بِلا سَفينةٍ / أبْنِي عَرْشي بَيْنَ بَراويزِ السِّجْنِ وذِكرياتِ السَّجَّانِ / يُولَدُ حُطامي بَيْنَ تاريخِ بَناتِ آوَى وأحلامِ الطفولةِ للسَّيَّافِ / وَطَني ماتَ بَعْدَما تَعَاطَى جُرْعةً زَائدةً مِنَ الذِّكرياتِ / وشَوَاهِدُ القُبورِ هِيَ حُرَّاسٌ شَخْصِيُّونَ لِشَجَرِ المقابرِ / والْجُثَثُ بِلا رُؤوسٍ / يَنْزِلُ المساءُ في بِئرِ قَريتي المنبوذةِ / ويَصْعَدُ الليلُ إلى لَمَعَانِ المطَرِ/ لَيْسَ للبُحَيرةِ وَجْهٌ / فَخُذْ قِناعَها / واسْرِقْ جَدَائِلَهَا مِنَ قَوْسِ قُزَحَ / وَتَذَكَّر انتحاراتي عَلى الشَّاطئِ الحزينِ في آخِرِ الصَّيفِ / لا حَفَّارُ القُبورِ يُدَافِعُ عَنِّي / ولا خَفْرُ السَّواحِلِ عَرَفُوا مَوْقِعَ جُثتي/ كُلُّنا سُعَداءُ في المشْيِ إلى الهاويةِ / فيا أيَّتها الشُّطآنُ القُرْمُزِيَّةُ / تَزَوَّجي غَيْري كَي أندَمَ عَلَيْكِ / ولا تَنْدَمِي عَلَيَّ / سَيَكُونُ النَّدَمُ هُوَ طَابَعَ البَريدِ على رِسالةِ الأكفانِ / انقلابٌ عَسكريٌّ بَيْنَ رُموشي وأجفاني / سِكَّةُ حَديدٍ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / والاحتضارُ هُوَ قِطَارُنا الأنيقُ ومَقْبَرَتُنا الْمُزَخْرَفَةُ / هذا النَّدَمُ طَريقي وَطَرِيقُ آبائِي / ولَيْسَ في عُروقي دِمَاءٌ مَلَكِيَّةٌ / سَيَتَفَرَّقُ دَمي بَيْنَ القَبائلِ / سَوْفَ تَصطادُ العَوانِسُ الرِّجالَ بالصِّنارةِ / لَم يَعُدْ لَدَيْنا بَحْرٌ نبكي أمَامَهُ / لَيْسَ جُرحي مَرْفَأً لِمَناديلِ الأراملِ / لا كُوخٌ للثلوجِ البَنفسجِيَّةِ / ولا تاريخٌ لِمَأْتَمِ الزَّوابعِ الأُرْجُوَانِيَّةِ / ننتظرُ القِطاراتِ الكَهْربائِيَّةَ أمامَ الْجُثَثِ المجهولةِ/ يَمُصُّ العَبيدُ حَليبَ الملِكاتِ كَمَا يَمُصُّ البَعُوضُ دَمَ الأمطارِ / بَعْدَ سُقوطِ الممالِكِ وهُروبِ الملوكِ / سَقَطَت الدَّولةُ كأجنحةِ الذبابِ الزَّهْرِيِّ / والعَبيدُ يُضاجِعُونَ الملِكاتِ عَلى قَشِّ الإسْطَبْلاتِ /
     جَدائلُ الرَّاهباتِ على مَذْبَحِ الكَنيسةِ / والْحُزْنُ جَرَسٌ مَكسورٌ / لُحُومُ النِّساءِ مُتَجَمِّدَةٌ في ثَلاجةِ الموتى / جُثةٌ قُرْبَ قَميصِ نَوْمٍ فَارغٍ / وأشلائي خَوْخُ الإبادةِ وَخَيْمَةٌ في الرِّيحِ / والنَّهْرُ يَحْفِرُ مَجْرَاهُ بَيْنَ جُثَّتَيْنِ / دُودةُ القَزِّ تَخيطُ أغشيةَ البَكارةِ / والمطَرُ يَزرعُ الأعشابَ في جُرْحي / أنا القائدُ الْمُنْتَصِرُ في دُخولِ الليلِ / المهزومُ في لَيْلَةِ الدُّخلةِ / وَذَلِكَ الموْجُ الجريحُ كُوخٌ يَغْتَصِبُ فِيهِ البَحْرُ البُحَيرةَ / أجفانُ الفُقراءِ دُستورٌ للدَّولةِ البُوليسِيَّةِ / وَطَنٌ للمُومِسَاتِ ماتَ / فَخُذْ أشلاءَ النَّوارسِ وَصِيَّةً للبَحْرِ المذْبُوحِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / يَلْعَبُ الأطفالُ بِجَمَاجِمِ أُمَّهاتِهِم عَلى شَاطئِ الخريفِ / والرَّمْلُ يَرْكُلُ جُمْجُمتي مِثْلَ كُرَةِ القَدَمِ /   
     أيُّها الرَّعْدُ فَوْقَ تِلالِ بِلادي الضَّائعةِ / أنتَ الشَّاهِدُ على انتحاراتِ الموْجِ/ أمامَ هُدوءِ أعصابِ الرِّياحِ / هَؤلاءِ الأمواتُ يَتَبَادَلُونَ النِّكاتِ الجِنسِيَّةَ في غُرفةِ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْرَبائِيِّ / والأثاثُ مُسْتَعْمَلٌ في غُرفةِ التَّحقيقِ / نامَت البُحَيرةُ في سَريرِ القُرْصانِ / والملِكُ المخلوعُ يُوَزِّعُ صُكوكَ الغُفرانِ على البَغايا / فَهَل سَتَحْزَنُ الأمطارُ الجالسةُ عَلى شَاهِدِ قَبري ؟ /
     أيَّتُها الفَأْرَةُ التي يَلْعَبُ الغرباءُ بِثَدْيَيْها / ماتَ الشَّعْبُ في الوَطَنِ الميْتِ الذي يَحْكُمُهُ الجِنِرالُ الميْتُ / الأعلامُ مُنَكَّسَةٌ / والكُوليرا هِيَ الرَّايةُ التي تُرَفْرِفُ في مَملكةِ الفَراغِ / كَم سِعْرُكِ في سُوقِ النِّخاسةِ أيَّتُها الدُّمْيَةُ الْمُزَيَّنَةُ بالسَّائلِ الْمَنَوِيِّ ودَمِ الحيْضِ ؟ / كَم ثَمَنُ نُهودِ الطاعونِ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ ؟ /
     أنا الغريقُ في دِمَاءِ الغَسَقِ / نَادَيْتُ على جُثتي / تَذَكَّرْتُ دُموعَ أُمِّي في الشِّتاءِ / رَأيْتُ حُزْنَ أبي في خَريفِ البُروقِ / صَلَبَتْني الْخُرَافَةُ في طُرُقاتِ المدينةِ / والثلوجُ تَصْلُبُ أجنحةَ الفَراشاتِ على قِرْمِيدِ المنافي / ذَهَبَت الذبابةُ إلى الذَّبْحِ / وَبَقِيَ قَميصُ نَوْمِها على فِرَاشِ الموْتِ / والنَّخَّاسُ يُحَدِّدُ لَوْنَ قَميصِ النَّوْمِ للجَارِيَةِ / تُباعُ النُّهودُ البَيضاءُ في السُّوقِ السَّوداءِ / وحَناجرُ العصافيرِ مُعَلَّقَةٌ عَلى أسلاكِ الكَهْرباءِ / فيا أيَّتُها الأرملةُ الكريستالِيَّةُ / أيْنَ قُمصانُ النَّوْمِ التي كُنتِ تَرْتَدِينها للمَرْحُومِ ؟/
     تَبَرَّعَ النَّهْرُ بأعضائِهِ / فلا تَنْتَظِرُوا انتحاري كَي تَنْقُلوا أعضائي لِجَسَدِ البُحَيرةِ / الرُّتَبُ العَسكريةُ للسَّناجبِ / والأوسمةُ لِبَناتِ آوَى / كَأنَّني أبيعُ المسدَّساتِ عَلى إشاراتِ المرورِ في مَملكةِ الحروبِ الأهلِيَّةِ / دَمْعي السَّاخِنُ على بَلاطِ الزِّنزانةِ الباردِ / ولَحْمي بَراويزُ خَشَبِيَّةٌ على حِيطانِ السِّجْنِ/ لَكَنَّ البَقَّ أكَلَ خَشَبَ النُّعوشِ الزَّهْرِيَّةِ وخَشَبَ بَراويزِ الذِّكرياتِ / هَذِهِ انتحاراتي قَصيدةٌ كَتَبَهَا الأرَقُ/ كَي يَتَخَلَّصَ مِن أحزانِ الحقولِ/ أنا مَكسورٌ كَزُجاجِ السَّياراتِ العسكريةِ / التي تَعْبُرُ عَلى جَثامينِ السُّنونو / مِتُّ مَلايينَ المرَّاتِ / ولا أزالُ أمشي إلى قَبري .