موت لاعبة الشِّطْرَنج / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
مُوتِي قُرْبَ مَوْتي لِتَعْرِفي كَم سأبكي
عَلَيْكِ / أنتِ مَلكةٌ على عَرْشِ الصَّدماتِ العاطفيةِ / وأجفانُكِ نشيدٌ
وَطنيٌّ لِمملكةِ العَوانسِ / رَافَقَتْنا القِطَطُ العَمياءُ في طَريقِ
هِجْرَتِنا إلى قُلوبِنا النائيةِ / قُولِي إِنَّكِ دَمُ الأنهارِ وعَرَقُ
النَّيازكِ / البُحَيرةُ سِكرتيرةُ البَحْرِ / وأنا مُديرُ أعمالِ النَّهرِ /
والثلوجُ تَضَعُ استقالَتَهَا على مَكتبِ الرِّيحِ / فلا تُدِرْ ظَهْرَكَ للطوفانِ
/ سَيَأتي الْحُبُّ مِنَ الْجُثثِ التي لَم نَتَوَقَّعْها / تاريخُ النُّعوشِ
بَطاطا مَقْلِيَّةٌ بِدَمْعِ العُشَّاقِ السَّاخنِ / في مَطعمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ
/ ونَحْنُ نمشي إلى مَوْتِ الأغنياتِ في ذِكرياتِ الصَّبايا / الواقفاتِ على بَابِ
حَنجرتي / تُهَرْوِلُ شُموسُ الإعدامِ نَحْوَ دُموعِ بَناتِ طُروادة / فلماذا
يَبكي الموتى على الموتى ؟ /
تَدْفِنُ الفَتَيَاتُ الْحُبَّ الأوَّلَ في
الحقائبِ المدرسيةِ / وأنا الطِّفلُ المنبوذُ في الحروبِ الأهْلِيَّةِ / أحْمِلُ
جُثماني في حَقيبتي المدرسيةِ/ وأنا الذي رأى الذاكرةَ تَتَحَوَّلُ مِن وَردةٍ إلى
حَشَرةٍ / وكانت الطحالبُ تَخْرُجُ مِن خُدودِ الصَّبايا /
أيَّتُها الرَّاهبةُ الجالسةُ على الكُرسيِّ
المتحرِّكِ / لا عَرْشَ لَكِ سِوى البُكاءِ / فَلا تَدْخُلي في صُكوكِ الغُفرانِ /
سَيَأكلُ البَقُّ خَشَبَةَ الصَّليبِ / واللبُؤةُ تَصْلُبُ الأسَدَ على
نَهْدَيْهَا / وَسَرَطانُ الثَّدْيِ يَحْرِقُ الأخضرَ واليابسَ / لا تَقْلَقْ يَا
حَفَّارَ القُبورِ / إذا مِتَّ سَتَجِدُ مَن يَدْفِنُكَ / لَن تَظَلَّ الجثثُ في
طُرقاتِ القُمامةِ / دَمُ الحيْضِ يَنْسَكِبُ في قَارورةِ الحِبْرِ / وأطفالُ
الشَّوارعِ يَبْحَثُونَ في حَاوياتِ القُمامةِ عَن جَماجمِ أُمَّهَاتِهِم /
والموْجُ يَصنعُ مِن جُلودِ الإِمَاءِ ثِيَاباً للخُلَفاءِ / فَكُنْ هُدنةً بَيْنَ
الزَّيْتِ والزَّعترِ / شَراييني تَمْتَلِئُ بالجرادِ / كَمَا تَمتلِئُ صَالاتُ
القِمارِ بِكَاميراتِ الْمُرَاقَبَةِ /
الغُرباءُ في مَحطةِ القِطاراتِ / يَنْشُرُونَ
الغَسيلَ عَلى حَبْلِ مِشْنقتي في أوقاتِ الفَراغِ / والعُشَّاقُ يَزُورُونَ قَبري
بَعْدَ خُروجِهِم مِنَ الملْهَى الليليِّ/أصنعُ مِعْطَفاً للخُيولِ الجريحةِ مِنَ
الصَّدماتِ العاطفيةِ/ وأجْمَعُ الرَّسائلَ الغَرامِيَّةَ للسَّجَّانين / فَكُنْ
رُومانسِيَّاً مِثْلَ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ /
قُرْبَ
هَاوِيةِ الياقوتِ / تُولَدُ ذُبابةُ الصَّدى الْمُوحِشِ في صَوْتِ المطرِ /
العواصفُ تَتَزَلَّجُ في شَهيقي/ والبَراويزُ على جُدرانِ السِّجْنِ هِيَ وَرْدَةُ
الاحتضارِ البِكْرِ/ فَخُذْ ما تَبَقَّى مِن حَوَاسِّ النَّهرِ/ ولا تَخُن
البَحْرَ/ كُن آخِرَ البَحَّارةِ في أرشيفِ الدَّمْعِ الحامضِ / ولا تُغادِر
السَّفينةَ / اغْرَقْ مَعَ السَّفينةِ التي أحْبَبْتَها / لأنَّها الشَّاهدةُ على
ذِكْرياتِكَ / وخَشَبُها هُوَ نَعْشُ أُمِّكَ / ذَلِكَ اتِّجاهُ الأمواتِ / وَلِي
ضَوْءُ عُيونِ الأمواتِ /
لا تُصَدِّق الجوارِبَ البَيضاءَ
للرَّاهباتِ / حِينَ يَمْشِينَ على بَلاطِ الدَّيْرِ حَافياتٍ / أزهارُ المِشنقةِ
هِيَ مِقْصلةٌ مِنَ الشُّوكولاتةِ / وحَبْلُ مِشنقتي مِنَ الفانيلا / الغَدُ
سَيْفُ الذاكرةِ / يَكْسِرُ أزرارَ قُمصاني / وَلَم أرَ قَميصَ عُثمان / هذا
الليلُ حَنجرةُ الوَداعِ / فَهَلْ تُصَدِّقُني أيُّها القَمرُ / حِينَ أقولُ
إِنَّني حَاضِرٌ في الغِيابِ / غائبٌ في رِيشِ النُّسورِ الجريحةِ / عُروقي أزهارٌ
في مَزبلةِ النِّسيانِ / وقَارورةُ العِطْرِ الفارغةُ في أكوامِ القُمامةِ /
وعُمَّالُ المناجمِ مُحَاصَرُونَ تَحْتَ الأرضِ / والدُّودُ يُنَقِّبُ في أوْرِدتي
عَن أشرعةِ السُّفُنِ الْمُحَطَّمَةِ /
حُكومةٌ بِلا سَيَّاراتِ مَرْسيدس / مَجزرةٌ
بِلا ضَحَايا / وأنا ضَحِيَّةُ نَفْسي / وَرِثْتُ نفْسي بَعْدَ اغتيالها /
رَثَيْتُها بَعْدَ انتحاراتي / فامْشِ إلى حِيطانِ زِنزانةِ الرُّوحِ / نَرِثُ
وَحْلَ الشَّوارعِ بَعْدَ وَفاةِ أُمِّهِ / فاحْفَظْ لَوْنَ عُيونِ أُمِّكَ /
لأنَّ عُيونَ الضَّحايا سَتَلْمَعُ في ليالي المجزرةِ / دَمُ الحيْضِ يُزَيِّنُ
رَاياتِ القَبائلِ / فيا أيَّتُها الغريبةُ المجروحةُ عاطِفِيَّاً/ جُثمانُكِ
الزُّجاجيُّ في الضَّريحِ البلاستيكيِّ/ والتَّنورةُ فَوْقَ الرُّكبةِ أكَلَهَا
الجرادُ / والطرقاتُ مُزَيَّنةٌ بِثِيَابِ الحِدَادِ / الدِّماءُ حَصيرُ العَبيدِ
وعَصيرُ العُشَّاقِ /
أنتَ
القَاتلُ يا قَلبي فاغْرُبْ عَن وَجهي / أركضُ في أزِقَّةِ السُّلِّ باحثاً عَن
عُكَّازةِ أبي / كُلُّ التِّلالِ خَانَت الرَّاعي/ ونَحْنُ نَتساءَلُ مَتى
سَيَمُوتُ البَحْرُ كَي نَرِثَهُ ؟ / سَتُشْرِقُ شُموسُ الاحتضارِ في تاريخِ
رُموشي/ لَم أعُدْ سِوى رُكامٍ مِن أغاني الرُّعاةِ / ماتَ الرَّاعي / وأخَذَت
العَواصفُ مِزمارَهُ تِذكاراً / سَيَأتي المساءُ الخريفيُّ في مَملكةِ الدَّمْعِ
اللزِجِ / ويَأخذُ القاتلُ عُضْواً مِن ضَحِيَّتِهِ تِذكاراً /
مَطَرُ الجراحاتِ الطازَجةِ / والنَّهْرُ
أوْصَى أن تُدْفَنَ ضَفَائِرُ الشَّركسياتِ في قَبْرِهِ / أشلائي جَوازُ سَفَري في
مُدنِ الخديعةِ / مَوؤدةٌ تَأكلُ تُرابَ المجرَّاتِ / وتَحتسي كُوباً مِنَ
الْهَديلِ السَّاخنِ / كأنَّ هَاويةَ الياقوتِ فِضَّةُ الغُرباءِ / وأنتِ الغَريبةُ
يا رِئتي في الْمُدنِ السَّجينةِ / أظافري النُّحاسيةُ تُباعُ في المزادِ
العَلنيِّ / ومَزهرِيَّاتُ بَيْتِنا المهجورِ شَاهِدةٌ على بُكاءِ أُمِّي في ليالي
الشِّتاءِ / الدَّمُ الأزرقُ يَتوهَّجُ كَقَناديلِ الأسرى / وعَرَقُ الضِّباعِ
مِنَ الْمُخْمَلِ / يَمشي الملوكُ على دَمي الأحمرِ / والسَّبايا يَمْشِينَ على
السَّجَّادِ الأحمرِ / انكسَرَتْ حَنجرةُ الْمُغَنِّي في الرِّيحِ الشَّمالِيَّةِ
/ وأنا طِفْلُ الصَّليلِ / وُلِدْتُ في قُرْطُبة / لكنَّ الشَّمْسَ تُصَمِّمُ
شَاهِدَ قَبري في القُوقازِ / لَيْتَني كُنتُ مُهَنْدِسَاً مِعمارِيَّاً
لأُصَمِّمَ قَبري بنفْسي / نِسْوَةٌ للضَّياعِ في دُستورِ الإبادةِ / أخواتُ كانَ
/ وبَناتُ آوَى / وبَناتُ أفكاري / تاريخٌ مِنَ الأُنوثةِ المذبوحةِ / أُفَتِّشُ
عَن حَوَاسِّي بَيْنَ أعضاءِ السُّجناءِ / وَأَزْحَفُ في أرضِ المعركةِ / باحثاً
عَن جُثتي المنسِيَّةِ بَيْنَ أسئلةِ الرَّحيلِ/ أتناولُ معَ دُموعي عَشاءً على
ضَوْءِ الشُّموعِ / وأرى الجماجمَ في الصُّحونِ /
قَتَلَني أحِبَّائي ثُمَّ نَظَّفُوا قَبري
مِنَ الحشائشِ / والطيورُ الجارحةُ تَبني أعشاشَها في جَوارحي / والجثثُ
مُعَلَّقةٌ عَلى حِبَالِ الغسيلِ / أختبِئُ في قَصري الرَّمليِّ عَلى شاطئِ
الغروبِ / وأُراقِبُ الدُّودَ وَهُوَ يَأكلُ جُثتي / سَلاماً أيَّتُها الرِّيحُ
التي تَجْمَعُ مَساميرَ نَعشي كَطَوابعِ البَريدِ النَّادرةِ / أسْبُحُ في دِمائي
/ والرِّجالُ يَغْطُسُونَ بَيْنَ أفخاذِ نِسائِهِم /
في مَساءٍ خَريفيٍّ مُزَيَّنٍ بالرُّعبِ /
تَدَقُّ بَابَ قَلبي أمطارُ الجثثِ المقلِيَّةِ / أكْسِرُ بابَ سِجني / وأخْرُجُ
إلى الزِّنزانةِ / حَياتي بَيْنَ سِجْنَيْنِ / والموْجُ يَغْرَقُ في حَنجرةِ
الغروبِ / ولَمَعانُ أظافري في لَيْلِ الشِّتاءِ / هُوَ ضَوْءُ المشانقِ
النهائِيُّ / وَقَفْنا في بِداية المِقصلةِ / كانتْ بِدايةُ أجنحةِ الفَراشاتِ
هِيَ نِهايةَ الغَسَقِ/ وكانت الجثامينُ تَتطايرُ كَرَسَائلِ العُشَّاقِ
العاطِلِينَ عَن العَمَلِ / تَحْتَ الْجُسورِ الحزينةِ التي قَصَفَتْهَا الطائراتُ
/ يَسيرُ ضَوْءُ عُيونِ الأمواتِ نَحْوَ أرشيفِ قَوْسِ قُزَحَ / وحُكومةِ اللصوصِ
الدِّيمقراطِيَّةُ / أكفانٌ في آخِرِ النَّفَقِ إِنها الضَّوْءُ الكاسرُ /
فَاذْهَبْ يا قُماشَ أكفاني مَطَرَاً يَحْرِقُ صَفائحَ رِئتي / كَيْفَ أضحكُ
ودَبابيسُ الْحُلْمِ تَمْتَصُّ حَنجرتي في الْمُدنِ الخرساءِ ؟ / بِلادي امرأةٌ في
أحضانِ زَوْجٍ تَكْرَهُهُ / سَيَنمو الكَرَزُ في هَيْكلي العَظميِّ / سَيَطْلُعُ
النَّعناعُ مِن أجفانِ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / وَقَفْتُ على قَبْرِ
الصَّنوبرِ في طَريقِ الشَّمْسِ / والمِقصلةُ هِيَ الأُنثى الوَحيدةُ في حَياتي /
كُنْتُ الظِّلالَ يَوْمَ مَاتَتْ ظِلالُ حَقائِبِ
الْمُسافِرِينَ بَعيداً عَن الذاكرةِ / يَا أُمِّي / نَرتدي مَنْفَى هَزائِمِ أبي
/ ونَرْحَلُ إلى الصَّهيلِ القُرمزيِّ / فابْقَ حَيْثُ أنتَ يَا قَلبي / لا
تَتَقَدَّمْ تُفاحاً للجَائعينَ / ولا تَتأخَّرْ بُرتقالاً للأسيراتِ /
يَعْصِرُني النَّدى الرُّخامِيُّ /
فَيَأكُلُني تاريخُ السُّنونو في شِتاءِ المجازرِ / أنا نَوافذُ السُّجونِ
وَرُخامُ الجِنازةِ/ وغُبارُ المرافئِ يُعَلِّقُ اكتئابَ الرَّاهباتِ أجراساً
للكَنائسِ/ عُروقي بَلاطُ الزَّنازينِ الأُرجوانِيَّةِ/ وأنا انطفاءُ السَّنابلِ
في رَبيعِ الاغتصابِ / فَلْتَمُتْ في قِناعِ المطرِ / لا وَجْهٌ للمَطَرِ سِوى
البُندقِيَّةِ / ولا بُندقيةٌ لِوُجوهِ اليَتامى سِوى ظِلالِ القَمْحِ / فَكُنْ
بَيْنَ القَمْحِ والشَّعيرِ حَقلاً للرَّصاصِ / أنتَ الْخَوْخُ الْمُحَايِدُ في
أرشيفِ الانقلاباتِ العَسكريةِ / انتهت الحربُ الأهْلِيَّةُ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي
/ والعَواصفُ تَعْقِدُ بَيْنَ التفاحِ والبُرتقالِ جَوْلَةَ مُفاوَضَاتٍ / فَخُذْ
شَعباً مِنَ الأغنامِ يَحْمِلُ أشلاءَ الرَّاعي على ظَهْرِ سَمَكةِ القِرْشِ/
الشَّاطئُ يُغازِلُ رِمالَ البَحْرِ / والملوكُ يُقْتَلُونَ في القُصورِ
الرَّملِيَّةِ / تقاعدَ النَّجارونَ / وصِرْنا نَصنعُ تَوابيتَنا بأنفُسِنا /
تقاعدَ الحدَّادُونَ / وصِرْنا نَصنعُ قُيودَنا بأنفُسِنا / ذَهَبَت اليتيماتُ
لِجَمْعِ أزهارِ الاغتيالاتِ / والفُقراءُ يَبيعُونَ العِلْكةَ على إشاراتِ
المرورِ / والتاريخُ لا يَمُرُّ إلا في أشلائي /
حَضارةُ العُميانِ نَزيهةٌ كالعاهرةِ التي
لا تأخذُ أكثرَ مِن أُجْرَتِها / وَرُموشُ العَوانسِ على زُجاجِ القِطاراتِ/
والنُّعوشُ مَصفوفةٌ على سُطوحِ القِطاراتِ كَصَناديقِ الْخُضارِ/ والعصافيرُ
تَلتقطُ كُرَياتِ دَمي على الأسلاكِ الشَّائكةِ / أجْلِسُ على مَقْعَدٍ بَاردٍ في
مَحطةِ القِطاراتِ / أنتظرُ استلامَ جُثةِ أبي / أجْلِسُ على صَخرةِ الشَّاطئِ /
أنتظرُ الجرادَ والقَراصنةَ والصَّدماتِ العاطفيَّةَ / ودَمُ البَعُوضُ على زُجاجِ
الكَنائسِ الْمُبَتَلِّ بِجَدائلِ الرَّاهباتِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
كُن الضَّحيةَ الصَّامتةَ/ كَي تَنْجُوَ مِن
شَوارعِ المجزرةِ/ وَخُذ احتضارَ الأشجارِ الطالعةِ مِن مَلاقِطِ الحواجبِ /
جِلْدي سَريرٌ للأنهارِ / وفي ليالي الخريفِ الباردةِ / تَسْمَعُ الأراملُ وَقْعَ
أقدامِ الجنودِ / تَزَوَّجَ الرَّملُ ذَاكرةَ السِّنديانِ / في المدافنِ
المعبَّدةِ بِسِيراميكِ الْحُبِّ الضَّائعِ / سَأُولَدُ في شَمالِ الموْتِ جُنوبِ
الذاكرةِ / والبَحْرُ يُولَدُ في الأزهارِ التي تَطْلُعُ مِن صُخورِ الشَّفقِ /
يُمارِسُ الطوفانُ هِوَايَتَهُ في جَمْعِ السَّبايا / والثلجُ يَجْمَعُ الجماجمَ
الملوَّنةَ كالطوابعِ البَريديَّةِ / أشلائي كالعُملاتِ النَّادرةِ فاجْمَعْها
نشيداً للوَطنِ الضَّائعِ / أسْمَعُ نَبَأَ اغتيالي في المِذياعِ / والنُّسورُ
تَتَقَيَّأُ في هَيْكلي العَظميِّ / أحْمِلُ على ظَهْري الحدائقَ المشلولةَ /
وأمشي إلى ضَريحي بِلا بُوصلةٍ /
يَصْنَعُ العَصْفُ مِن ضَفائرِ البَناتِ
الْمُغْتَصَبَاتِ حُكومةَ وَحدةٍ وَطنيةٍ/فاسْرِق الشَّعْبَ أيُّها الملِكُ/
وَكُنْ أنتَ الشَّعْبَ / لا شَعْبَ سِوى فِئرانِ التَّجارُبِ / أيُّها الوَهْمُ
الزُّمرديُّ / لَن تَكُونَ أوَّلَ لِصٍّ في الوَطَنِ الضَّائعِ / ولَن تَكُونَ
آخِرَ لِصٍّ / فاخْتَرِعْ حُكومةً رَشيدةً مِنَ اللصوصِ الشُّرَفاءِ / لا رَبطاتُ
العُنُقِ هُدنةٌ للمَاعِزِ/ ولا مَكاتبُ البُوليسِ السِّياسيِّ وَطَنٌ للضَّحايا /
فَاخْتَرِعْ أسماءً جَديدةً للضَّحايا/ وابتكِرْ أرقاماً جَديدةً للقُبورِ / ارْمَ
جُثتكَ في رِئَةِ البَحْرِ / سَتَقرأُ الأسماكُ اسْمَكَ / سَيَعْرِفُ الشَّاطئُ
أنَّكَ وَقَفْتَ أمامَ نَعْشِ أُمِّكَ ذَاتَ مَساء / جَفَّ دَمْعُ الغروبِ / وماءُ
العُيونِ نَهْرٌ لِبَناتِ آوَى /
سَأضَعُ عَقَارِبَ السَّاعةِ في حَديقةِ
الحيواناتِ / النَّوارسُ مَحبوسةٌ في قَفَصي الصَّدريِّ / وأنا أسْحَبُ البُحَيرةَ
مِن جَدائلِها / وأقولُ للسَّبايا الواقفاتِ في طَابُورِ الْخُبْزِ / هذا دَمي
المسفوحُ في شَوارعِ السُّلِّ / تَزَوَّجَتْ بَناتُ آوَى في عُرْسِ القَراصنةِ /
وحَفلةُ الجماجمِ هِيَ حَضارَتُنا الجديدةُ /
سُعالي بَصْمَةٌ لِغِزلانِ المنافي / تَعَلَّمْتُ
مِنَ البَنادقِ الآلِيَّةِ رُومانسيةَ الأدغالِ / زَوَّجْتُ التفاحةَ للمُسَدَّسِ
/ والرَّمادُ يُفَتِّشُ في جَواربِ الفَيَضَانِ عَن دَلافينِ الاحتضارِ / فَيَا
أسماكَ القِرْشِ السَّابِحَةَ في شَراييني/ ارْحَمِيني/ خُذي دِماءَ الشُّطآنِ
عُلْبَةَ مِكياج / واتركي أعوادَ المشانقِ أوْ دَهْشَةَ النِّعاجِ/
لَم أرْكُضْ حَوْلَ أكفاني / والشُّموسُ
الدَّمويةُ تَدُورُ نَعْشَ الصَّهيلِ / سَيَمُرُّ الهديلُ عَلى ضَفائرِ العاصفةِ /
أقولُ للأمواتِ في جِلْدي / انْتَبِهُوا لِمَوْعِدِ القِطارِ/ سَتَفترِسُ دَمْعَ
الأراملِ دَهشةُ المرافئِ /
أيَّتُها المرأةُ التي تَرتدي الثَّقافةَ كالملابِسِ الدَّاخليةِ / إِنَّ
البَحْرَ يَرتدي جُثماني / فَكُوني نشيداً وَطَنِيَّاً للمَنْفَى / أيُّها الغريبُ
في الليلةِ الماطرةِ / عِندَما يَضيعُ الوَطَنُ والمنفَى في لُعبةِ قِمار /
ابْحَثْ عَن قَلْبِ امرأةٍ لِتَعيشَ فِيه / أنتحرُ تَدريجِيَّاً / وَحَبَّاتُ
المطرِ تَموتُ حَبَّةً حَبَّةً / اقْتُلوني يا إخوتي لِئَلا تَظَلُّوا بِدُونِ
شُهداء / اقْتُلوني كَي يَمتلِئَ أرشيفُ الضَّحايا بالأسماءِ / كَي يَمتلِئَ
جَدولُ الضَّرْبِ بأرقامِ القُبورِ / اقْتُلوني يَا إِخوتي لِيُصْبِحَ لَدَيْكُم
شَهيدٌ تَفتخِرُونَ بِهِ أمامَ القَبائلِ /
نَسَجَت العناكبُ بُيوتَها في أغشيةِ
البَكارةِ / والبيتزا سَاخنةٌ كَفِرَاشِ الموْتِ / دَخَلْتُ في بَريقِ أشجارِ
الحِدَادِ / الجرادُ مُوَظَّفٌ في مَكتبِ جِبَايةِ الضرائبِ في مَملكةِ العَوانسِ
/ أدْخُلُ في مَوْسِمِ المجازرِ / الكَوْنُ نَعْشٌ / لكنَّ النَّجارَ الذي يَصنعُ
أخشابَ النُّعوشِ ماتَ / الْجُثَثُ حَوْلِي تتطايرُ كأحزانِ الحمَامِ الزَّاجلِ /
والرِّيحُ تَخْجَلُ أن تَكونَ وَردةَ الأُنوثةِ / فما فائدةُ أن تَكونَ زَهرةً
ناعمةً في مَقبرةٍ قَديمةٍ ؟ / أنتِ دَجاجةُ الرَّمادِ / تَعيشينَ حَلاوةَ
الرُّوحِ / وأنا الشَّاطئُ المكسورُ كَمَزهرِيَّاتِ الغروبِ / أغْرِسُ أوتادَ
خَجَلي في رَمْلِ البَحْرِ / والأكفانُ مُمَدَّدةٌ على وِسادتي / فَكَيْفَ أنامُ ؟
/ أيُّها المساءُ الْمُعَطَّرُ بِرَائحةِ القَتلى/كَيْفَ أنامُ ؟/ يا عِطْرَ
القَاتلِ في أزِقَّةِ القلبِ المهجورِ/ كَيْفَ أنامُ ؟/
جُثماني بَرِّيٌّ كالتُّوتِ البَرِّيِّ /
فاتْرُكْني أيُّها البَرْقُ عارياً تَحْتَ وَحْلِ السَّياراتِ العَسكرِيَّةِ /
كُنتُ رُومانسِيَّاً أكثرَ مِنَ اللازم / ودَمي لُزومُ ما لا يَلْزَمُ / لَم
أُصدِّق الانقلاباتِ العَسكريةَ في كُرَياتِ دَمي / كانتْ أجفاني مُحاوَلةً
لِفَهْمِ لُغةِ النَّهرِ / ولَم أعْرِفْ أنَّ وَطَني هُوَ سَجَّاني / ولَم
أتخيَّلْ أنَّ حارسي الشَّخصيَّ هُوَ قَاتِلِي / تُهاجرُ الحشَراتُ إلى تِمثالِ
الحرِّيةِ / ولا تِمثالٌ ولا حُرِّيةٌ /
أيَّتُها الذبابةُ التي تَفتخرُ بِحَجْمِ
ثَدْيَيْها / إِنَّني أفتخرُ بِحَجْمِ مِشنقتي / رَمْلُ البَحْرِ بِطَعْمِ
النَّعناعِ/ فَابْدَأْ مِن نِهايةِ الصَّحراءِ بِدايةِ الْحُلْمِ / الرَّسائلُ
الغرامِيَّةُ في مَخازنِ الأسلحةِ / والجثامينُ في صَوامعِ القَمْحِ / فلا تَسْأَل
الكَرَزَ في مُسْتَوْدَعَاتِ المِيناءِ / لماذا خَانت البُحَيرةُ البَحْرَ ؟ /
كُلُّ حَوَاسِّنا خَانَتْ وَجْهَ البَحْرِ / ولَم يَبْقَ في تاريخِنا سِوى
الأقنعةِ / هَل سَيُصَدِّقُ رَمْلُ
الشَّاطئِ الْجُثثَ الْمُتفحِّمةَ بَعْدَ تَطايُرِ الرَّمادِ ؟ / أجِبْ عَن أسئلةِ
القَتلى في حدائقِ الكَهْرمانِ / ولا تَهْرَبْ مِن مَرايا الانقلابِ /
بَيْنَ الصَّيادِ والفَريسةِ قَراصنةُ
الشَّفقِ / فلا تُشْفِقْ عَلَيَّ حِينَ ترى دَمي قَناديلَ على سُورِ الْمُعْتَقَلِ
/ ولا تَتصدَّقْ عَلى النَّهْرِ حِينَ يَعْجَزُ عَن دَفْعِ فَاتورةِ الكَهْرباءِ /
سَنَبيعُ أشلاءَ آبائِنا في الْمَزادِ العَلنيِّ / فاشْتَري لِي نَعْشاً يا
حَبيبتي بِمُناسَبةِ عِيدِ زَواجِنا / لا عَشاءَ على ضَوْءِ الشُّموعِ / نَحْنُ
هَلْوَسَةُ الشُّموعِ الْمُطفأةِ / حَارِسي الشَّخصيُّ أطلقَ عَلَيَّ النارَ /
والذينَ أحْبَبْتُهم خَانُوني / حَقَّاً / وَحْدَها القِطَطُ الْمُشَرَّدةُ
تَحتفلُ بِعِيدِ مِيلادِ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ /
جَدائلُ الأراملِ مَنقوعةٌ في قَارورةِ
الحِبْرِ / أُحِبُّكِ وأعْرِفُ أنَّكِ قَاتِلتي / فَهَل أنا أذْكَى مِن دَمِ
الفَراشاتِ على حَبْلِ الغسيلِ / أَم أغْبَى مِن ارتباكِ السَّجَّانِ أمامَ
بُرودةِ أعصابِ الضَّحِيَّةِ ؟ / أيَّتها الْمُصابةُ بِوَسْواسِ الضَّحايا /
سَتَرتاحِينَ حِينَ يَعْبُرُ مَوْكِبُ جُثمانِكِ أمامَ عَدَسَاتِ الْمُصَوِّرِينَ
/
كالإِمَاءِ على مَذْبَحِ العِشْقِ
البَنفسجيِّ كانتْ رَائحةُ الخريفِ / خَشَبُ البيانو يَحترقُ في مَوْقَدةِ
الشِّتاءِ القُرمزيِّ / وَدِماءُ أراملِ الجنودِ تَسيلُ في النَّهرِ الْمُتجمِّدِ
/ أصرخُ في وَجْهِ البَحْرِ / إِنَّ الشُّطآنَ بَريئةٌ مِن قَتلِ النَّوارسِ /
الرَّصاصُ المطاطيُّ يُزَيِّنُ نَوافذَ القُصورِ الرَّمليةِ / سَيَغْرَقُ
العُشَّاقُ في البَحْرِ في لَيْلةٍ خَريفِيَّةٍ هادئةٍ / أشْرُحُ نَظرياتِ
الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ لِرَاقصاتِ الباليه / والأيتامُ يَنامونَ على قَشِّ
الإسطبلاتِ/ ويُفَكِّرُونَ في التَّداوُلِ السِّلميِّ للسُّلطةِ/ والعَوانسُ
خَلْفَ زُجاجِ القِطاراتِ / يَنْتَظِرْنَ الرِّجالَ الجالسينَ تَحْتَ شَواهدِ
القُبورِ /
سَتَنمو في جُثتي الغاباتُ الأُرجوانِيَّةُ
/ أملأُ الفَراغَ العاطفيَّ بالرَّصاصِ الحيِّ / وأنا الميْتُ / أركضُ تَحْتَ
صَنوبرِ المقابرِ بِلا جِنسِيَّةٍ ولا عَلَمٍ/ طُفولتي مَكسورةٌ على أُرجوحةِ
الغروبِ / الحديقةُ فارغةٌ / ونُعوشُ الأطفالِ على الأراجيحِ / لا وَطَنٌ ولا
مَنفَى / فلا تَقْلَقْ على مُسْتَقْبَلِي السِّياسِيِّ /
الخريفُ الوَهَّاجُ/ والرِّئةُ الثالثةُ /
والحطَبُ الأخضرُ / والسَّجَّادُ الأحمرُ في كُرَياتِ دَمي الحمراءِ/ أحْرَقَ
النَّهرُ جَوازَ سَفَرِهِ / وطَلَبَ اللجُوءَ السِّياسيَّ في نَزيفي / أنهارٌ مِنَ
الماريجوانا في مَعِدَةِ الرِّياحِ / وغاباتُ العِشقِ تَحترقُ في رِئةِ الفِضَّةِ
/ ماتَ الرَّاعي / ورَحَلَت الأغنامُ مِن رِئتي اليُمنى إلى رِئتي اليُسرى /
أُخَطِّطُ لِكِتابةِ القصيدةِ كَمَا تُخَطِّطُ النَّيازكُ للانقلابِ العَسكريِّ /
أُوَزِّعُ دِمائي على حُفَرِ المجاري / كَمَا تُوَزِّعُ الكَنيسةُ صُكوكَ
الغُفرانِ / أُقَدِّمُ ذِكرياتي لِبَناتِ آوَى / كَمَا يُقَدِّمُ الْمُخْبِرُونَ
البَطاطا المقْلِيَّةَ للعَاشِقين /
أُمْنِيَتي أن أجِدَ أحَداً
أبكي على صَدْرِهِ غَيْرَ سَجَّاني/عُيونُكَ يا جَلادِي الشَّقيقَ كَنَصْلِ
مِقصلتي / كِلاهُما يَلْمَعُ في مَرفأ شَراييني / التي تَهْرُبُ مِنَ الفَجْرِ
الكاذبِ إلى الفَجْرِ الصَّادقِ / لَيْلةُ الدُّخلةِ غُرفةُ الإعدامِ بالكُرسيِّ
الكَهْربائيِّ / لكنَّ أثاثَ بَيتي مُسْتَعْمَلٌ /
رَائحةُ جَدائلِ الرَّاهباتِ
في صَيفِ المشانقِ / هَذهِ آبارُ الدَّمْعِ / والتاريخُ طَلَّقَ الملِكةَ فِكتوريا
/ وتَزَوَّجَ الخادمةَ السِّريلانكِيَّةَ / أنا حَجَرُ الزَّاويةِ في أطلالِ
الهزيمةِ / أنا أميرُ الأنقاضِ / لا سَبَايا حَوْلَ ذِكرياتي / ولا قُصورٌ رَملِيَّةٌ
في دِماءِ آبائي / استقالَ الشَّاطئُ مِن وَظيفةِ الذِّكرياتِ / ونَحْنُ نَرْعَى
ضَفائرَ اليتيماتِ في مَراعي الكُوليرا / أرْعَى قَطيعاً مِنَ الصَّدماتِ العَاطفِيَّةِ
في سُفوح العارِ / أنا المطرودُ في تَعاليمِ القَبائلِ / الموْلُودُ تَحْتَ أقواسِ
النَّصْرِ / لكنَّ مَعركتي معَ عَدُوٍّ وَهميٍّ /
أنا حُكومةُ الألَمِ
الأُرجوانِيِّ / أسألُ غَابةَ الجثامين / ما فائدةُ الْحُبِّ الثاني إذا قَتَلْنا
الْحُبِّ الأوَّلَ ؟ / يَا مَن تَصْلُبُونَ نِساءَكُم عَلى أجسادِكُم وَتَهْتِفُونَ
للمَلِكِ المخلوعِ / عَيْني اليُمنى تَبكي على عَيني اليُسرى/ ورِئتي اليُمنى
تُطْلِقُ النارَ على رِئتي اليُسرى / والجرادُ يَأكلُ في قَفَصي الصَّدريِّ
رَاياتِ القبائلِ / أُشْنَقُ مَرَّتَيْنِ كَي أُكْمِلَ دَائرةَ الرُّوتين / فَكُن
يا قِناعي ضَوءاً عابراً فَوْقَ أسوارِ المقبرةِ/ كَي نَحتفلَ بِعِيدِ مِيلادِ
حَفَّارِ القُبورِ/ اطْمَئِنَّ أيُّها البَحرُ/ سَتَفْتَخِرُ بِكَ أرْمَلَتُكَ
بَيْنَ الأراملِ /
قَتَلْنَاكَ أيُّها
الموْجُ العاشقُ / وأقَمْنا على ضَريحِكَ مَطاعِمَ الوَجَباتِ السَّريعةِ / نَحْنُ
العُشَّاقُ الفاشلونَ في الجِنازاتِ العَسكريةِ / نُمارِسُ حُبَّ البَحْرِ عَن
بُعْدٍ / والسُّجناءُ يُمارِسُونَ الجِنسَ معَ النَّوافذِ / والسَّبايا يُمارِسْنَ
الجِنسَ بالأزرارِ الإلكترونِيَّةِ / كُلُّنا سَبايا تَحْتَ المطرِ / خَيْمَتُنا
خُيوطُ العَنكبوتِ / وَرُعيانُ الغَنَمِ يَتَعَلَّمُونَ الدِّيمقراطيةَ في بُيوتِ
الشَّعْرِ / عادَ الماعزُ مِن مَنافي الذاكرةِ / ومضى إلى حَافَّةِ الجبَلِ
وَحيداً / فافْرَحي أيَّتُها الأغاني الحزينةُ / ألْفُ صَليبٍ يَمُرُّ على جَسدي /
وما زِلْتُ أمشي إلى صَليبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ / أنا السَّجينُ في قَفَصي
الصَّدريِّ / ولَيْسَ في تاريخي دَمْعٌ دُبلوماسِيٌّ / كَم أنتِ حَزينةٌ أيَّتُها
المرأةُ / سَيَأكلُ دُودُ القُبورِ مِكياجَكِ وقِناعَكِ وَوَجْهَكِ / سَيَمُرُّ
لَمَعانُ المقاصلِ فَوْقَ ضَفائرِ الرَّاهباتِ / والأُمَّهاتُ يَزْرَعْنَ
النَّعناعَ على سُطوحِ القِطاراتِ / وفي قَصري الرَّمليِّ عَلى الشَّاطئِ المهجورِ
غَزالٌ يُحْتَضَرُ /
تَعَلَّمْتُ الرُّومانسيةَ
مِن حَفَّارةِ قَبري / فَتحتُ بَابَ قَفَصي الصَّدريِّ / فَخَرَجَت العصافيرُ
الملوَّنةُ كالطباشيرِ في المدرسةِ المهجورةِ التي قَصَفَتْهَا الطائراتُ / أرى
أضرحةً في نِهاياتِ خَريفِ جِلْدي / والبَدْوُ الرُّحَّلُ في صَحراءِ الشَّفقِ /
اكْتَشَفُوا في صُدورِ زَوْجاتِهِم حَقْلَ نِفْطٍ / فَبَاعُوا زَوْجَاتِهِم /
وضَاجَعُوا بَراميلَ النِّفطِ / سَنَحتفِلُ بِعِيدِ الْحُبِّ بَعْدَ انتحارِ
العاشِقينَ / فَلْتَأْخُذْ حُكومةُ الزَّبَدِ مَجْدَها في تَزويرِ انتخاباتِ
عُشْبِ المقبرةِ / خُذوا مَجْدَكُم في طَمْسِ مَعَالِمِ قَبْري / كُلُّنا
سَنَحْرِقُ جُثةَ البَحْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ / وَطَنٌ في عُلبةِ سَرْدين / فَافْتَحْ
ضَريحَ أجفاني للغُرباءِ والشَّفَقِ الغريبِ / أنا حَدَّادٌ في حَضارةِ الحديدِ
والنَّارِ / لَكِنِّي أصْنَعُ خَشَبَ التَّوابيتِ كالأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / أنا
حَدَّادٌ يَعْمَلُ نَجَّاراً / فلا تَكْرَهيني يا أُمِّي / بَقِيتُ وَحْدي في صَحراءِ
رُموشي / بَعْدَ هِجْرةِ البَدَوِيَّاتِ مِن رَعْيِ الغَنَمِ إلى أُكسفورد / كُلَّما
مَشَّطَ المساءُ شَرايينَ البُحَيرةِ / تَسَاقَطَتْ مِن ضَفائرِ اليَتيماتِ
العَصافيرُ / حَبْلُ مِشْنقتي يُغازِلُ حَضارةَ الجرادِ/ ومِقْصلتي تَغارُ مِنِّي/
وتَغارُ عَلَيَّ / فَمَاذا أَفْعُلُ يا أُمِّي المقتولةَ بَيْنَ مُضَادَّاتِ
اكتئابي وعُكَّازةِ أبي ؟ .