يوميات زوجة ضابط المخابرات / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
............
خَارِجَ
السِّجْنِ هُناكَ سِجْنٌ / خَارِجَ المقبرةِ هُناكَ مَقبرةٌ / سَيَزُورُ القمرُ
قبرَ الشمسِ / أُعيدُ هَندسةَ الحزنِ/ لأرى أعضائي خَارِجَ سِفْرِ الرُّؤيا/
خُدودي ضَريحُ الحريمِ / وَدَمْعي أُسطولُ الإِمَاءِ / والبَشَرُ الذينَ لا
يَعْرِفُونَ إِلا مُمارسةَ الجِنْسِ / يَتَكَدَّسُونَ عَلى سَطْحِ كُوخي المحروقِ
/ أنا قَبْرٌ سائرٌ بِسُرعةِ الضَّوْءِ نحوَ انطفاءِ الضَّوْءِ /
أُنصِّبُ جُمْجمتي
مَلِكةً على أجنحةِ الذباب / أنتخبُ انتحاري / وَيَنتخبني الصَّدى / ما فائدةُ أن
تتعطرَ القتيلةُ أمامَ سَماسرةِ صُكوكِ الغُفران ؟ / رِجالٌ كالفِئرانِ الخشَبيةِ
/ لا يَحْلُمُونَ إلا بأغشيةِ البَكارةِ / أنطفِئُ كما تَنطفِئُ المجرَّاتِ /
وضجيجُ نَبَضاتِ قَلبي يُزْعِجُني ويُؤرِّقُني /
مِنَ الماريجوانا حتى
الإجهاضِ مُروراً بالشَّمْبانيا/ هَذا هُوَ تاريخُ القَتيلاتِ الجالساتِ في
مساماتِ جِلْدي الملوَّثِ بأثاثِ الخريفِ / عِظامي مُدْمِنةٌ عَلى الانقلاباتِ /
حَزينةٌ أنا حَتى الاندماجِ معَ المطرِ/ خَجُولةٌ أنا حتى الامتزاجِ بالزوابعِ /
صَدِّقِيني يا شُرُفاتِ الرَّعْدِ / لم ألعبْ بِعَواطفِ الدِّيدانِ / حَوَاسِّي
هاجَرَتْ باتِّجاهِ عَيْنَيْكَ/وكُلما أحببتُكَ تَعاطَيْتُ مُضَادَّاتِ الاكتئابِ/كُلما
تَذَكَّرْتُ وَجْهَكَ/ تذكرتُ مَوْعدي عِندَ الطبيبِ النَّفْسِيِّ / يُحَوِّلُني
الزِّئبقُ إلى وَهْمٍ خَشَبِيٍّ / سَجَائري مُبْتَلَّةٌ بِدُموعي/ والأمهاتُ
يَشْرَحْنَ لِبَناتِهِنَّ اللواتي تَمَّ بَيْعُهُنَّ تفاصيلَ لَيْلةِ الدُّخلة /
صارت المرأةُ حِذاءً لِزَوْجِها السِّمْسارِ الذي اشتراها بالتقسيطِ الْمُمِلِّ /
صارت الأُنوثةُ نَعْلاً للنَّخاسِ / لحفَّارِ القُبورِ / للمُقَامِرِ المهووسِ /
لِرَجُلِ المافيا الأنيقِ / لِمَن يَدْفَعُ أكثرَ /
هَل تستطيعُ الرَّاقصةُ نِسيانَ أُسْلُوبِها
في الرَّقْصِ؟/ هَل تستطيعُ الوردةُ نِسيانَ وَجْهِ مُغْتَصِبِها ؟ / هَل يستطيعُ
السجينُ نِسيانَ وَجْهِ السَّجان ؟ / هَل يستطيعُ حفَّارُ القبورِ نِسيانَ وَجْهِ
القتيلِ ؟ / هل تستطيعُ حُكومةُ الزَّهايمرِ نِسيانَ وُجوهِ الشَّحاذين ؟ / هل
تستطيعُ الذبابةُ نِسيانَ وَجْهِ زَوْجِها الذي تَخُونُهُ في عِيدِ الْحُبِّ ؟ / هَل
تستطيعُ الخادمةُ نِسيانَ وَجْهِ سَيِّدِها الذي لَعِبَ بِعَواطفها / ثُمَّ تزوَّجَ
ابنةَ عَمِّهِ المليونيرة ؟ / هل يَستطيعُ كلينتونُ نِسيانَ وَجْهِ مُونيكا ؟ / هل
يستطيعُ الصليبُ نِسيانَ وُجوهِ الراهباتِ المعلَّقاتِ عَلَيْهِ ؟/ هَل تستطيعُ
الموؤدةُ نِسيانَ وَجْهِ أبيها الذي دَفَنَها ؟/ هل يستطيعُ بَلاطُ صَالةِ الرَّقْصِ
نِسيانَ أقدامِ ماري أنطوانيت ؟ / مَا الفَرْقُ بَيْنَ بَناتِ الإِمبراطورِ وَعَاملاتِ
النظافة في أزقةِ الملاريا ؟ / يَا صَاحبةَ الأحاسيسِ غَيْرِ الشَّفافةِ / لِماذا
تَنشُرِينَ الغسيلَ بِقَميصِ النَّوْمِ الشَّفافِ ؟ /
الملِكَةُ تَرْفَعُ
تنورتها كقوانينِ الطوارئ / ولم يُفَرِّق السُّلُّ بَيْنَ لحومِ السَّبايا وقُماشِ
الأعلامِ المنكَّسةِ / والإعصارُ لم يُفَرِّقْ بَيْنَ قُبورِ الملوكِ وقُبورِ
العبيدِ / تكتشفُ الملاريا الكَبْتَ الجِنْسِيَّ في أجسادِ الفتياتِ / والنهرُ
يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يُضاجِعُها / كَي يتحققَ العَدْلُ على خَشَبَةِ
المذبَحِ / ارتفعت التماثيلُ على أصابعِ الأطفالِ / في دَوْلةِ القانونِ
والمؤسساتِ / والموجُ يَحْفَظُ المادةَ الأُولى في دُستورِ اللصوصِ /
يا سَيِّدنا المسيح / هَل
قُلْتَ لِلْكَرادلةِ أن يَتحرَّشوا جِنْسياً بالرَّاهباتِ في الأديرةِ المتوحِّشةِ
؟ / أيتها السَّيدةُ العذراءُ / هل قُلْتِ للاعبةِ التِّنسِ أن ترتديَ تنورةً
فَوْقَ الرُّكبةِ / وتضعَ الصَّليبَ بَيْنَ ثَدْيَيْها المكشوفَيْن ؟ / الشُّطآنُ
تركضُ في سَراديبِ الهلَعِ كأظافرِ بَناتِ أُورُشَليم / وَهُنَّ يَنتظِرْنَ آباءَهُنَّ
العائِدينَ مِن قَتْلِ الأنبياء /
لا اسْمِي ظِلالُ البَنفسجِ
/ ولا رِئتي مَزرعةُ خَشخاش للجنود المصابين بالاكتئاب / أنتِ مَوْتي/ لأنَّ
جُثمانَ هذا المدى مُضَرَّجٌ بالأوسمةِ العسكريةِ/ والأُنثى هِيَ دَمَويةُ
زُجاجاتِ العِطْرِ/ دَمُ الوِلادةِ/ وَدَمُ الحيضِ / وَدَمُ الدُّموعِ / وَدَمُ
الدِّماءِ / وَدَمُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / والرِّياحُ تسألُ الأضرحةَ
البازِلتيةَ / هل سَتَمشي راقصاتُ التَّانغو على خُطى غيفارا ؟ /
لَو أني ألعبُ القِمارَ معَ الأميراتِ / لَصِرْتُ
سَيِّدةَ المجتمعِ الْمُخْمَلِيِّ / لَو أني أُسافرُ مِن فِرَاشِ الموْتِ إلى
فِرَاشِ الزَّوْجيةِ / لَصِرْتُ جَديرةً بِشُموعِ عِيدِ مِيلادي / لَو أني أبيعُ
لحمي على شاشةِ التِّلفازِ / لَصِرْتُ وَرْدةً في حديقةِ التطهيرِ العِرْقِيِّ / لَو
أني بِعْتُ فِلسطينَ لأشتريَ فساتينَ السَّهْرةِ / لَصِرْتُ فَيْلسوفةً في جامعةِ
أُكسفورد / لَو أني أشْتُمُ الإِسْلامَ / لَصِرْتُ جَديرةً بِجَائزةِ نوبل / لَو
أني أتجسَّسُ على شَعْبِ التَّسولِ / لَصِرْتُ مُستحقةً للأوسمةِ الملكيةِ / لَو
أني خُنتُ بِئْرَ قَرْيتي / لَصِرْتُ حاملةً للجَوازِ الدُّبلوماسِيِّ / لَو أني
سَرَقْتُ الذبابةَ المشلولةَ / لَصِرْتُ فَراشةً في حَفْلِ الأوسكارِ / لَو أني بِعْتُ أحزانَ الراهباتِ لأشتريَ
خاتَمَ ألماس / لَصِرْتُ فَارسةً في صَالاتِ الرَّقْصِ /
بَيْنَ أصابعي تَرقصُ
إسطبلاتُ الإقطاعيين / ولُعابي صَارَ مَملكةً للطحالبِ / كَم مَرَّةً ينبغي أن
أموتَ لأشعرَ أنني على قَيْدِ الحياةِ ؟/ البُحيرةُ تُفكِّرُ في خِيانةِ زَوْجِها/
ثَعلبٌ ودُودةُ قَز / لا يَجْمَعُهُما سِوى الفِرَاشِ / والرُّومانسيةُ أن تَجْلِسَ
معَ قاتِلَتِكَ في لَيْلةٍ شَاتيةٍ أمامَ مَوْقدةِ الاحتضارِ / وتُخطِّطا لِقَلْبِ
نِظامِ الْحُكْمِ في قَلْبِ القِطةِ المقتولةِ على الأريكةِ / لا تَقْلَقْ يا
قاتلي / إِذا ضَلَلْتَ طَريقَكَ سَوْفَ تَجِدُني .