سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

13‏/09‏/2019

المخابرات والذكريات والحشرات / قصيدة

المخابرات والذكريات والحشرات / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     بَدويةٌ تكتشفُ شَهْوَتَها الجِنسيةَ في رِمَالِ الشَّفقِ / نزلَ المطرُ على أعشابِ المقبرةِ / وعِظَامُ الأمواتِ أرشيفُ الصَّدماتِ العاطفيةِ / دُفِنَت الأسرارُ معَ أصحابِها / وحَفَّارُ القُبورِ يَنشرُ الغسيلَ على سُورِ المقبرةِ/ هَل تستطيعُ الْمُومِسُ أن تتذكرَ وُجوهَ كُلِّ الزَّبائن ؟/ أشجارُ المدافِنِ هِيَ كابوسي اللذيذُ/ أهْرُبُ مِنْهُ ولا أَفيقُ مِنْهُ/ قَضَيْتُ حَياتي هَارباً مِن حَياتي / هارباً مِن حُبِّ حَياتي / فَمَن أنا ؟/ وأيْنَ أنا ؟ /
     أيها الْحُلْمُ المهاجرُ في كَهْرمانِ المجازرِ / جَهِّز الرايةَ البَيْضاءَ / وكُن نجَّاراً لِتَصنعَ نُعوشَ اليَمامِ / لا فَرْقَ بَيْنَ مَعْركةِ العِشْقِ وعِشْقِ المعركةِ / لا فَرْقَ بَيْنَ الْحُبِّ والحربِ / كُلُّنا خاسرون / والموْتُ هُوَ الرَّابحُ / بُكاءُ طِفْلةٍ يأتي مِن مِدْخنةِ الكُوخِ الباردِ خَلْفَ ثُلوجِ العِشْقِ/ جُثةُ الأُمِّ قُرْبَ الموْقَدةِ الْمُطفأةِ / والطِّفلةُ تبكي كالحضَاراتِ الْمُنقرِضةِ / تزرعُ الأمطارُ الصَّفراءُ في خُدودِ الفَتَياتِ نَخيلَ الاحتضارِ / وجَسَدُ اللوزِ مُمَدَّدٌ على خَشَبةِ المذْبَحِ / أقضي مُراهَقَتي المتأخِّرةَ في ثلاجةِ الموتى / وأُعَلِّقُ بَراويزَ الذِّكرى في غُرفةِ الذبابِ القَتيلِ / أُخَبِّئُ البَنادقَ الآلِيَّةَ في سَقْفِ حَلْقي / وأنا الضَّريحُ الباكي / رُموشي هِيَ أدغالُ الصَّدماتِ العاطفيةِ / وَكُرَياتُ دَمِي الشَّقراءُ حُبُوبٌ مُنَوِّمةٌ قُرْبَ سَريرِ الشَّجرِ المذبوحِ /
     لماذا يَبُوحُ الزَّبَدُ بأسرارِ البَحْرِ ؟/ امرأةٌ وَحيدةٌ على أُرجوحةٍ وَحيدةٍ في حَديقةٍ وَحيدةٍ/ هَذِهِ بَقايا الْحُلْمِ الضائعِ/ أجفانُ الفَتياتِ مَكْسورةٌ كأعوادِ المشانقِ / والأسرارُ العاطفيةُ مَدفونةٌ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ / يُولَدُ الشِّتاءُ في أقاصي القَلْبِ الحزينِ / وتنتهي حِكاياتُ العِشْقِ في مِلَفَّاتِ البُوليسِ السِّياسيِّ / وَكُلُّ مَعاطِفِ البَجَعِ لها نَفْسُ رَائحةِ دَمي / ونَفْسُ أزرارِ قَميصي / دُمُكِ يا أُمِّي يُنادي عَلَيَّ في ليالي الخريفِ البَعيدِ/ خَسِرْتُ في الْحُبِّ والحربِ/ لكنَّ جُثماني مُسَجَّىً على عَرَبَةٍ عَسكريةٍ/
والرُّعودُ التي أقامت الحواجزَ العَسكريةَ في أزِقَّةِ شَراييني هِيَ صُورتي / وأنا بِلا صُورةٍ / لَيْسَ لِقَلْبي زَمَانٌ سِوى أعوادِ المشانقِ / لَيْسَ لأشلائي مَكانٌ سِوى مَنافضِ السَّجائرِ /
     تَحْتَ طِلاءِ أظافِرِ الفَتَياتِ تُولَدُ حُقولُ القَمْحِ / وأنا قَد نَسيتُ قَلْبي في مَكانٍ مَا / فاتركُوا العُشْبَ يَنْقُشُ صُورةَ أُمِّهِ على الرِّياحِ وَشْماً للطوفانِ القادمِ/ تَنُّورةُ لاعبةِ التِّنسِ تَليقُ بالحِدَادِ على البَحَّارةِ الغرقى / وشُقوقُ جِلْدي مُسْتَوْدَعَاتٌ لِحِبَالِ المشانقِ الْمُسْتَعْمَلَةِ / يُولَدُ وَرَقُ الخريفِ في نِهاياتِ الْحُبِّ الحزينةِ / وَدِمَاءُ الأقمارِ تَسيلُ بَيْنَ قَميصِ عُثمانَ وَشَعْرةِ مُعاوية / وَرَّثني أبي انكسارَ عَيْنَيْهِ / وَمَا أخذتُ بِثَأْرِهِ مِن صَنوبرِ المقابرِ/ وَالأكفانُ البيضاءُ غَطَّيْتُ بِها أثاثَ بَيْتِنا المهجورِ / فَكَيْفَ أتنفسُ يا قاتلتي والرَّعْدُ يَغْرِسُ الخناجرَ بَيْنَ الرِّئتَيْن ؟/ وُلِدْتُ ضَاحكاً/ وَحِينَ كَبُرْتُ تَعَلَّمْتُ البُكاءَ / أمشي في غَابةِ البُروقِ وَحيداً / وَكُلما مَشَيْتُ في ذَاكرةِ الغُصْنِ المكسورِ / تناثرتْ شَظايا قَلبي في حُقولِ الزُّمردِ/ وأسألُ رَمْلَ البَحْرِ/ مِن أيْنَ سَتأتي الرَّصاصةُ ؟/ ماتتْ عازِفةُ البيانو تَحْتَ المطرِ / فما فائدةُ الرُّومانسيةِ والملِكَاتُ سَبَايا في قَصْري الرَّمْلِيِّ ؟ /
     كُلما اشتعلتْ ذِكرياتي مَاتتْ / وَتَرقصُ الإِمَاءُ أمامَ الخليفةِ قَبْلَ فَضِّ أغشيةِ البَكارةِ / صَارَتْ خَشَبةُ المسْرحِ خَشَبةً للإِعدامِ / وَاحترقَ الخشَبُ في شَهيقِ النِّساءِ / وَمَاتَ الْمُمَثِّلون / سَقَطَت الوُجوهُ / سَقَطَت الأقنعةُ / أزرعُ دِمائي في جَدائلِ النِّساءِ / ولا أعْرِفُ مَن الذي سَيَحْصُدُ / وَعَلَيَّ أن أهْرُبَ مِن قَلبي / أن أَظَلَّ هَارِباً في مَمالكِ الطاعون / وكما أنِّي أحْبَبْتُكِ وَحيداً / سَأمشي إلى قَبري وَحيداً / كأنَّ أضواءَ السَّياراتِ في ضَبابِ الرُّوحِ ذِئابٌ / تَهْجُمُ على مُعَسْكَرَاتِ الذاكرةِ /
ونوارسُ الْجُرْحِ تَنْقُرُ دُموعَ الرَّاهباتِ / على قُمصانِ النَّوْمِ العَمْياءِ / وَحْدي في ليالي الشِّتاءِ / أحتفلُ بِيَوْمِ اغتيالي كَقَبْرٍ يَتساقطُ في كُوبِ اليانسون / انتظرتُ الأسماكَ كَي تَخْرُجَ مِنَ الشَّفَقِ / وَتَزُورَ أشلائي على سُورِ مَدْرستي القديمةِ / لكنَّ أحَداً لم يَأْتِ / ما أصْعَبَ أن تَنتظرَ حُلْماً لا يَأتي /
     أركضُ إلى جُثتي / وجُثتي تَركضُ في بَطْنِ نَسْرٍ أعمى / أنا القَمَرُ الغريبُ / أنا شَمْسُ الغربةِ / لكني أعشقُ شَمْسَ الخريفِ/ لأنَّ الموتَ هُوَ الوِلادةُ / سَيَكُونُ الطوفانُ هُوَ الْمُخَلِّصَ / وَدَمْعُ النِّساءِ في لَيْلِ الشِّتاءِ هُوَ الخلاصَ / دَرَسْتُ جُغرافيا القلوبِ المكسورةِ / لَكِنِّي مُؤَرِّخُ الْحُبِّ الضائعِ / وَكُلما خَزَّنت الذِّكرياتُ بَراميلَ البارودِ في المزهرياتِ / اقتربتُ مِن أحزانِ أُمِّي / وَهِيَ تستلمُ جُثةَ أبي عَلى رَصيفِ المِيناءِ/ سَيَنْمو الكَرَزُ عَلى جُدْرانِ شَراييني/ وَتُصبحُ أجسادُ النِّساءِ خَارطةً للأحلامِ الضَّائعةِ / وَيُصبحُ الليلُ بُوصلةً لِرَمْلِ البَحْرِ بَعْدَ انتحارِ الرُّبَّان / تَضحكُ الحضَارةُ على نَفْسِها أمامَ مِرْآةِ التَّجاعيدِ / كُلما بَحَثْتُ عَن ذَاتي قَتلتُ ذَاتي / فيا سَيِّدتي المِقْصلة / تَقتلينَ نَفْسَكِ أثناءَ بَحْثِكِ عَن نَفْسِكِ/ يَنمو الفِطْرُ السَّامُّ بَيْنَ ضَفائرِ البَناتِ/ والدُّوَيْلاتُ اللقيطةُ تَرفعُ أعلامَهَا في دَمِ الحيْضِ /
     بَيْنَ الاحتضارِ وفِرَاشِ الموْتِ تُولَدُ السَّنابلُ/ نَموتُ في المعركةِ لِيُرَكِّزَ الآخَرُونَ في لَيْلةِ الدُّخلةِ / وأنا العريسُ الأنيقُ / أُصْلَبُ على مَزْهرياتِ الحقولِ الضَّوئيةِ / وشَظايا قَلبي يُفَرِّقُها الموْجُ بَيْنَ أكوابِ اليانسون / عَلى طَاوِلاتِ سَيِّداتِ المجتمعِ المخمليِّ / تتكسَّرُ سُيوفُ الشَّفَقِ عَلى لَحْمِ الغروبِ / والرُّخامُ يُحَنِّطُ خُطواتِ السَّبايا / اللواتي مَرَرْنَ على هَذهِ الأرضِ المحروقةِ / تَحْرِقِينَ هذا الجسَدَ اللوزِيَّ في ثِيابِ الحِدَادِ الأبَديةِ / ونِساءُ الغزاةِ الذينَ قَتَلوا الْحُسَيْنَ / يَشترينَ قُمصانَ النَّوْمِ في سَراديبِ نِكاحِ الْمُتعةِ / وأعمدةُ الكَهْرباءِ في مُدنِ الملاريا مَنقوعةٌ في كُرياتِ دَمي / نَسِيَت الشَّوارعُ لَوْنَ دَمي / والشَّاحناتُ تَسيرُ في شراييني / لكنها لا تتوقفُ عِندَ إشاراتِ المرورِ / التي نَصَبَها الرَّعْدُ في جُثماني / انتهتْ صَلاحِيَّةُ أحزاني / لكنَّ حُزْنَ البناتِ يتوهَّجُ وراءَ ستائرِ النوافذِ الخريفيةِ / الطرقاتُ مَنْسِيَّةٌ/ وَقَلْبي مَكسورٌ/ فَانْسَ الرُّومانسيةَ يَا صَديقي/ إِنَّ الموْتَ قادمٌ / لا تزرع الذِّكرياتِ يَا صَديقي/ إِنَّ الموْتَ حَاصِدٌ /نكتبُ أسماءَ قَتْلانا عَلى حَبَّاتِ المطرِ/ وَنَرحلُ عِندَ الفَجْرِ / جِئْنا أغراباً / وَعُدْنا أغراباً / لا الشَّمْسُ اعترفتْ بِوُجوهِنا / ولا القَمَرُ اعترفَ بِجَدائلِ نِسائنا /
     لَو كانَ حَبْلُ مِشْنقتي يَغْسِلُ عَيْنَيْكِ مِن الْحُزْنِ / لَفَرَشْتُ حِبَالَ المشانقِ على حِبَالِ الغسيلِ / فَوْقَ سَطْحِ بَيْتِنا المهجورِ / وَنَصَبْتُ المشانقَ في شَوارعِ قلبي المهجورِ / سأظلُّ غامضاً كابتسامةِ الزَّوْجةِ الخائنةِ في ليالي الكُوليرا / فلا تَكْرهي أحزانَ الفَراشاتِ / قد تُصبحُ لَيْلةُ الدُّخلةِ مَجزرةَ الضَّفائرِ الذهبيةِ/ قَد تُصبحُ الرُّومانسيةُ جُزءاً مِن سَرَطانِ الثَّدْيِ/ فاقْتُليني طَيْفاً كَي تَذْكُرِيني مَطَراً / ذِكْرياتُ الطَّيْفِ المهاجرِ أجْمَلُ مِن ذِكْرياتِ الجثةِ الرَّماديةِ / وَحيدٌ أنا كَدُموعِ أبي السِّريةِ / حَزينٌ أنا كَمِعْطَفِ أُمِّي في مَساءِ الحِدَادِ /  
     أُعيدُ صَلْبَ يَهوذا الإسْخَرْيُوطِيِّ / وأمشي في مُدُنِ الهزيمةِ / ويَتفرَّقُ دَمي بَيْنَ القبائلِ / تابوتي يَلْمَعُ تَحْتَ الأعلامِ الْمُنَكَّسَةِ / والبَقُّ يأكلُ بَراويزَ الذِّكرى على جُدْرانِ بَيْتِنا المهدومِ / أرى جُثْمانَ الفَراشةِ يَجُرُّهُ حِمارٌ وَحْشِيٌّ / ولا أرى أقواسَ النَّصْرِ / وباعَ الأيتامُ أكاليلَ الغارِ في سُوقِ الخضارِ/
     أيها النَّجارُ الماهرُ في زَخْرفةِ النُّعوشِ/ أنا طَيْفُكَ المنبوذُ/ أنا الحدُّ الفاصلُ بَيْنَ الجثثِ المتفحِّمةِ والدُّموعِ المتجمِّدةِ في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ / لا تَبْحثي عَنِّي أيتها اللبؤةُ العَمْياءُ / قَد مِتُّ مُنذُ قُرون/ وأنا الشَّبحُ الْمَنْسِيُّ في حُقولِ الجماجمِ الزُّمرديةِ / دَمي عَاطلٌ عَن العَمَلِ / وأنا عَاطِلٌ عَن الْحُزْنِ / وجارتي التي هَرَبَتْ مِن حَرْبِ البَسُوسِ / تَنْشُرُ الغسيلَ على أجنحةِ العصافيرِ النَّحيلةِ / وَتُحْصي جُثثَ الفُرْسانِ على أسلاكِ الكَهْرباءِ / أمشي إلى أضرحةِ آبائي / فلا تَبْحثي عَن أشلائي أيتها الشَّمْسُ / لَسْتِ وَصِيَّةً عَلَيَّ / نَسِيَ الجنودُ جَوارِبَهُم في المعركةِ وهَرَبُوا / وَالفُقراءُ يَمُوتونَ في المعاركِ / كَي يَبْنِيَ الأغنياءُ على جُثَثِهِم اتِّفاقياتِ السَّلامِ / كُلما ظَهَرَ يَهوذا الإِسْخَرْيُوطِيُّ / كَسَرَ البَرْقُ صَليبَ الخِيانةِ / وَكُلما ظَهَرَتْ مَاري أنطوانيت / جَهَّزَ الرَّعْدُ مِقْصَلَتَهَا /
     كُنْ تاجِرَ فَوَاكِهَ في أسواقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / دَمِي سَلَطَةُ فَوَاكِه / وَشَراييني بِطَعْمِ الجوَّافةِ / وحَبْلُ مِشْنَقَتي بِطَعْمِ الأناناسِ / فِرَاقٌ قَبْلَ الفِرَاقِ/ انتحرتْ عازفةُ البيانو في لَيْلةٍ مُقْمِرَةٍ / الشُّرفاتُ مُجَلَّلةٌ بالستائرِ الرماديةِ / والرَّمادُ طَريقُ الحمَامِ نَحْوَ قَوْسِ قُزَحَ / سَتَصْطَادُ العَانِسُ رَجُلاً قُرْبَ جُثتي / والقَراصنةُ يَبْحَثُونَ عَن الكُنوزِ في مَنْجَمِ أوْرِدتي / فلا تحزَنْ إِذا خَانتْكَ البُحَيْرةُ في شُرْفةِ الخريفِ / ولا تَقْلَقْ إذا خَدَعَتْكَ رَاياتُ القبائلِ /  
     مَن يَدْفَع للرَّاقصةِ يَفْرِضْ عَلْيها الرَّقصةَ / فَلْتَرْقُص أشجارُ الصَّنوبرِ حَوْلَ ضَريحي / وَادْفَعْ لِحَفَّارِ قَبْرِكَ / كَي يُزَيِّنَ الغاباتِ حَوْلَ قَبْرِكَ في عِيدِ اليتامى / أطلالُ بَيْتِنا في الأندلسِ هِيَ أقواسُ النَّصْرِ / حَيْثُ انتصرَ البَعوضُ الأُرجوانِيُّ عَلى جُلودِ السَّبايا / رَائحةُ الموْتِ في خُدودِ الأطفالِ / وَالصَّدماتُ العَاطفيةُ دُفِنَتْ مَعَ القَتيلاتِ في مَدافنِ الذِّكْرياتِ/ وَرَاياتُ القَبائلِ غَطَّيْتُ بها مَزْهرياتِ كُوخي المهجورِ / وَالنَّوارسُ تُرْشِدُ أُمِّي إِلى قَبْرِ أبي /
     يَا حُسَيْنُ / أأنتَ قُلْتَ للرِّجالِ أن يُؤَجِّرُوا نِساءَهُم في نِكاحِ الْمُتعةِ؟! / يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ /  أأنتَ قُلْتَ للأُمَوِيِّينَ أن يَشْتُمُوا عَلِيَّاً ؟!/ سَوْفَ يَخُونُني السَّرابُ كَمَا خَانَكُما/ كُلُّ قَطْرَةِ مَطَرٍ تَحْمِلُ جُثَّةَ بَحَّارٍ / وَالْخُلفاءُ يُضَاجِعُونَ الجواري تَحْتَ المطرِ / وأنا أُمَجِّدُ الموْتَ قَبْلَ أن أموتَ / كُلُّ ذِكْرياتي قُصورٌ رَمْلِيَّةٌ / دَخَلْتُ في مَدارِ الاحتراقِ بَعيداً عَن خَطِّ الاستواءِ / ولم أتوقَّعْ أن أحترقَ وَعُودِي أخضرُ / لَكِنِّي صِرْتُ بَعْدَ إِعْدامي أُسطورةً / سَوْفَ يَعُودُ الطِّفْلُ إِلى جُثةِ أُمِّهِ في مَساءٍ غَامضٍ / وأنا أصعدُ إِلى سَطْحِ كُوخي / لأرْفَعَ الرَّايةَ البَيْضاءَ تَحْتَ النيازكِ / التي تُضِيءُ شَاهِدَ قَبْري /
     سَلامٌ على الفَراشةِ التي أخَذَتْ قَلْبي مَعَها وَماتتْ / تزوَّجت الراهبةُ ضَابِطَ المخابَراتِ في عُرْسِ تاجرِ المخدِّراتِ / أنا الغريبُ في مَتاهةِ حُروبِ القَبائلِ / لا زَمانٌ لأحزانِ أبي / وَلا مَكانٌ لِدُموعِ أُمِّي/ أيُّها الْحُلْمُ المنبوذُ/ تعيشُ غَريباً وتموتُ غَريباً / لا مَصيرٌ مَجْهُولٌ / ولا شَاهِدُ قَبْرٍ / فيا عُشَّاقَ انكساري / هَذهِ ظِلالُ أعْمِدةِ الكَهْرباءِ على جُثثِ الطرقاتِ / وَجِسْمي طَاوِلةُ بِلْياردو لِفِئرانِ السَّفينةِ / أنا أكثرُ مِن جُثةٍ / وأراملُ الجنودِ يَنْتَظِرْنَ النُّعوشَ في دُموعِ الثلجِ /
     فَلْنَسْرِق الشَّعْبَ كَي تتعزَّزَ مَسيرةُ الدِّيمقراطيةِ/ في هَذا الْحُزْنِ المفتوحِ عَلى كُلِّ احتمالاتِ اللازَوَرْدِ / تَدْهَنُ النِّساءُ حُفَرَ المجاري بأثدائهِنَّ / ويُباعُ الرَّقيقُ الأبيضُ في مَتاجرِ الشُّوكولاتةِ السَّوْداءِ / تَصيرُ الحضَارةُ دُمْيةً في مَسْرَحٍ للعَرائسِ / وتَنطفِئُ خُدودُ النِّساءِ في صُحونِ المطبخِ / وتتلوَّنُ إعلاناتُ الكُحولِ بِدَمِ الحيْضِ /
     الملوكُ اللصوصُ / والبغايا المتقاعِداتُ / وامرأةٌ تتلقَّى دُروساً خُصوصيةً في الخِيانةِ الزَّوْجيةِ / والهياكلُ العَظْميةُ مَنْسِيَّةٌ في قَاعةِ الرَّقْصِ/ وَعَصافيرُ المشانقِ تَرقصُ على قُضْبانِ قَفَصي الصَّدْرِيِّ/ سَيَفرحُ الفُقراءُ حِينَ تأتي حَافلةُ النَّقْلِ العام / وأشجارُ حَديقتي تتناولُ حُبُوبَ مَنْعِ الحمْلِ / والحمَامُ الزَّاجلُ يَتشمَّسُ في أسْمنتِ أوعيتي الدَّمويةِ / لُدِغَت الحضَارةُ مِن نَفْسِ الْجُحْرِ مَلايينَ المرَّاتِ / وتاريخُ البَعُوضِ يَغسِلُ في المراحيضِ أيدي الملِكاتِ / أنا الملِكُ الْمُتَوَّجُ على أنقاضِ بَيْتِنا / تَرْسُمُ لِيَ البُروقُ خارطةً / لأعْرِفَ مَوْقِعَ ضَريحي في غابةِ الأضرحةِ البلاستيكيةِ /  
     الزَّوابعُ هِيَ جُلودُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ / أُمٌّ وَابْنَتُها تَدْرُسَانِ أساليبَ الخِيانةِ الزَّوْجيةِ / وَنُهودُ الفَراشاتِ اسْتراحةٌ صَحراويةٌ لِسَائقي الشَّاحناتِ / وَنَوْبَاتُ اكتئابي مَزْرَعةٌ لأجنحةِ الجرادِ / دَمُكِ يُنادي عَلَيَّ مِن أعماقِ الغروبِ / دَمْعُكِ القُرْمُزِيُّ يَسيلُ عَلى أظافري النُّحاسيةِ / ارْتطمَ المطرُ بالدِّيدانِ التي تُزَيِّنُ قَبْري / كَسَرَ الرَّعْدُ الأعشابَ التي تنمو على قَبْري / وَكُلُّ امرأةٍ لَها نصيبٌ في أخشابِ تابوتي / وأنا لا أمْلِكُ نفْسي / جُثتي أرضٌ مَفتوحةٌ للضِّباعِ / وَخُيوطُ أكفاني مَحْكَمةٌ عَسكريةٌ للبَعوضِ / سَتَنمو الرَّسائلُ الغراميةُ في سَرَطانِ الثَّدْيِ كالسَّنابلِ / وَيَحترقُ خَشَبُ التوابيتِ في زَفيرِ الصَّبايا / وَالرِّيحُ رَفَضَت استلامَ جُثةِ الشَّفَقِ / أحْفِرُ انتحاراتي في عِظامِ الغروبِ / كَي أرى شَمْسَ قَلْبي تَحْتَ شَمْسِ الخريفِ / أحْفِرُ خَنادقَ البُكاءِ في أعاصيرِ رِئتي / كَي أرى الشَّمْسَ في لَيْلِ العُشَّاقِ / كُلما مِتُّ تحرَّرتُ مِنَ الموْتِ / وَيُشْحَنُ الجنودُ في البَواخرِ كالأغنامِ / نَسِيَ الجنودُ أرضَ المعركةِ / وَصَارُوا يَحْفِرُونَ القُبورَ / سَتُحَدِّقُ السَّبايا في وُجوهِ الأسرى / وَجُلودُ السُّجناءِ تَصْلُبُ الكِلابَ البُوليسيةَ عَلى أبراجِ الْمُرَاقَبَةِ / وَجَدائلُ الرَّاهباتِ مَنْقُوعةٌ في عَصيرِ البُرتقالِ / الذي نَسِيَهُ العُشَّاقُ في كافتيريا المجزرةِ / وَرَحَلُوا / وَالعَناكبُ تَسْبحُ في شَراييني / سَتُولَدُ غابةُ الياقوتِ في مَمالكِ الطاعونِ / وَلَن يُفَرِّقُ الرِّجالُ بَيْنَ أعقابِ السَّجائرِ وأعقابِ البَنادقِ/ وَلَن تُفَرِّقَ العَرائسُ بَيْنَ لَيْلةِ الدُّخْلةِ وَسِفْرِ الخروجِ /
     أنا جُثتان / لَكِنِّي شَبَحٌ وَاحِدٌ بِلا قَلْبٍ / نَسيتُ قَلْبي عَلى سُورِ المقبرةِ / وَاختلطتْ عُروقي النُّحاسيةُ بِحَديدِ بَوَّابةِ المقبرةِ / وَكَانَ حُلْمي أن أكونَ مُهَنْدِسَاً مِعْمَارِيَّاً / لأُصَمِّمَ شَواهِدَ القُبورِ / واليَتيماتُ يَنْشُرْنَ الغسيلَ على أشجارِ الصَّنوبرِ في المقابرِ الجماعيةِ/ خُدودُ النِّساءِ مُسْتَوْدَعٌ لِصَوْتِ الرصاصِ / وَعَمُودي الفِقرِيُّ مَخْزَنٌ للأسلحةِ / نعشي مَرْفأُ اليمامِ / والنَّوارسُ تَكتبُ أسماءَها على عِظامِ الغرقى / وَقِصَصُ الْحُبِّ مَدْفونةٌ تَحْتَ رِمالِ الشَّاطئِ / سَيَبْني الأيتامُ قُصُورَهُم الرَّمْليةَ في حَنجرةِ الغروبِ / لِيَهْدِمَهَا الموجُ في ليالي الملاريا / فيا أنا / نَحْنُ غَريبان / ضَلَّ الحمَامُ الزَّاجلُ طَريقَهُ / والفَتَياتُ الْمُغْتَصَبَاتُ يَصْرُخْنَ في كُهوفِ الحضَارةِ / والموجُ يَزْرَعُ الحواجزَ العَسكريةَ بَيْنَ ظِلالِ الأشجارِ وَظِلالِ الأمواتِ / والفِئرانُ تَجُرُّ نُعوشَ الجنودِ / أنا آخِرُ القَتْلى الرُّومانسِيِّينَ في هذا العالَمِ المجنونِ / والمحارِبُ يَقْضي استراحَتَهُ في عَزْفِ البيانو / أرْقُصُ في مَأْتَمِ الظِّلالِ / وَتَصيرُ أشلائي عَشَاءً على ضَوْءِ الشُّموعِ .