ملحمة غزة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
صَاعِداً إِلى غُيومِ
الدَّمِ الحارقِ / لأَخْمِشَ ذُبابَ المهرِّجين / أُمِّي أَعْطَتْنِي بُنْدقيةً /
وقالتْ لِي : (( اغْرُبْ عَن وجهي ولا
تَعُدْ ))/ أنا يا أُمِّي لَن أعودَ/ إلا حِينما فلسطين تَعود / لن أعودَ
إلى دِماءِ النَّيازك / إلا إذا غَرستُ أعلامي في مَمالكِ بَناتِ آوَى / دخلتْ
أَناشيدُ نِصَالِ المقاصل في ذكرياتِ البارود/ لا بُدَّ يا أمطارَ القلوبِ أَنْ
نَعُودَ/ سَأَغْسِلُ دِمَاءَ الأسماكِ بِعَرَقِ الشُّموسِ الرَّاكِضَةِ إِلى
صَدْرِي / الآنَ تبدأُ مَلاحِمُ الذَّاكِرَةِ بَيْنَ سَيْفِ الشَّمْسِ وأُنشودةِ
الرَّعْدِ / يَبدأُ صُعودُ الفَراشاتِ مِن أنقاضِ الشَّرايين / وَلْتُولَد الأرضُ
نَقِيَّةً مِن ضَوءِ عِظَامِنا مُسَدَّسَاتِ مَعِدَةِ الرِّيح / رَضِعْنا حَليبَ
البنادق / وتَعَلَّمْنا لُغةَ النارِ مِن رُومانسيةِ النار / واعتنقْنا ذَاكرةَ
الرصاصِ الحيِّ شَجراً حارقاً /
على أَرضِنا بَاقُون / كَزَيْتُون
المجرَّاتِ / فاذهبوا إلى حِبْرِ الكُتبِ الميْتَةِ / يا جِرْذانَ الحضارة / وَعُودُوا
مِنْ حَيْثُ جِئْتُمْ يَا سماسرةَ الحروبِ الدِّيمقراطيةِ / لَيْسَ فِي دَمِنَا
إِلا نزيفُ الأنهارِ المتفجِّرُ / فَلا تُتْعِبُوا أَنْفُسَكم في حِساباتِ الهزيمة
/ وَمَتاهةِ جِنرالاتِ السِّيرك/ أيُّها الوَهمُ المعلَّبُ في جُنونِ الحديدِ/ ارْحَلْ مِنْ أرضِنا / مِنْ قناديلِ الرعد / مِنْ كَسْتناءِ المجزرة / مِنْ زَيْتِ الزَّيتون / مِن زَعْتَرِ المذابحِ / ارْحَلْ / أُحِبُّكِ يا حَيفا كَي أَعشقَ غروزني / أُعانقُ وُجوهَ أجدادي على عِنبِ الخليلِ / كَي تَقْبَلَنِي سَراييفو
شَامَةً على خَدِّها / رَضِعْتُ مِن النَّارِ طَعْمَ النارِ/ فَصِرْتُ مُسدَّساً
في يَدِ الشَّفقِ /
انتظري قَليلاً يا شَرْكَسيةً
تَمشي في يافا / سأُحرِّرُ فلسطينَ بسرعةٍ / ثم نتزوَّجُ في أعراسِ الطوفان /
سَأغْسِلُ دِماءَ الشُّموسِ بماءِ الوَردِ بِدَمْعِ السُّيوفِ / لأُزيلَ أوساخَ
الجِرْذان على الكَراسي الجِلْديةِ/ سَأجعلُ جَماجمَ السُّجونِ مَصابيحَ مُنيرةً
في عُرْسي/ تَمشي البَنادقُ في كُرَيَاتِ دَمِي / مَهْرُ حَيْفا بُندقيةٌ مَغسولةٌ
بدماءِ الأنهارِ / بِجُثثِ الرِّمالِ / بأكفانِ النِّسيان /
فِئرانُ مَحاكِمِ
التفتيش / وَمُخترعو صُكوكِ الغُفران / وَحَضارةُ يَهوذا الإسخريوطيِّ / أثداءُ
الجواري التي تَسيلُ نِفطاً لِلتَّوابيتِ الكَهْربائية / كَم يَحتاجُ العالَمُ
الحرُّ مِن شُهدائنا نُمُورِ الشَّفق / كَي تَبتعدَ الكِلابُ عن أكلِ أطفالِنا
وطائراتِهم الورقية ؟! / وَمَرَّت في لُعابِ الثِّيرانِ خِيَاناتُ الثعالب/
والليلُ يَبْني مِن نُعوشِ أبنائي أبراجاً لِلدَّمْعِ القُرْمزيِّ/ تَركضُ
الكِلابُ البُوليسيةُ وَراءَ خَلْخَالِ يَمامةٍ/ تَغتسلُ بِعَصيرِ الاحتضارِ /
يا ذِئبةً تَكْشِفُ حُزْنَها/ لِيَفْرحَ
الغبارُ على طَاولاتِ الْمَطْعَمِ المهجورِ / نُفْطِرُ في مَمالكِ الشَّفقِ /
ونتغدَّى على أكفانِ الشَّاطئِ/ ونَتَعَشَّى على ضَوْءِ شموع الانتصارِ / أَطلقتُ
على الرَّصاصِ فُؤادي / فَعَادَتْ بِلادي/ سَأُبَرِّدُ حَرارةَ الجثثِ الرَّمْليةِ
في مَعِدةِ الشَّاطئِ / وَكُلُّ دُمُوعِ الأطفالِ رَصاصٌ وَلَيْمُون / وَدَجاجاتُ
أُمَّهاتِنا تَقْضِمُ صَواريخَ الغزاة / أَظافِرُنا كَاتيوشا الانقلابِ / وقِلاعُنا
نارُ الاجتياحِ / وَحَرارةُ المطرِ لَمَعانُ عُيونِنا / لَم تَجْلِس الموانِئُ معَ
أُمراءِ الحربِ وَتُجَّارِ الجثثِ / فَلْتَسْكُن البُروقُ في القَلْبِ الذي
أَحَبَّها / نَقْلي جَماجمَ الرِّمالِ في دِماءِ العَناكبِ / وَنَنْشُرُ أشلاءَ
الرِّياحِ على حَبْلِ الغسيلِ /
كُلُّ تَارِيخِ الأراملِ يُقَاتِلُ/ وَكُلُّ
دَهْشَةِ الأيتام تُقَاتِلُ/ وَكُلُّ خِيَامِ اللاجئين تُقَاتِلُ/ وَكُلُّ مُدُنِ
اللهيبِ تُقَاتِلُ / وَكُلُّ أَظَافِرِ الغاباتِ تُقَاتِلُ / لَن أَخْسَرَ سِوى
خَيْمتي / أنا النَّجارُ المتخصِّصُ في صِناعةِ نُعوشِ الرِّمالِ الخائنةِ /
وَجُيوشُ رِئتي تَحْرُسُ حُدودَ أحزاني / فَشُكْراً لِكُرَياتِ دَمي / التي
بَاعَتْ ذِكْرياتي في الْمَزَادِ العَلَنِيِّ /
نامي يَا حَنجرةَ اللازَوَرْدِ معَ عَشيقكِ بِهُدوءٍ / كَي تَفوزي في انتخاباتِ المجزرةِ/ لَم يَعُد الحطَبُ النُّحاسِيُّ يُمَيِّزُ
بَيْنَ نَبيذِ الأميراتِ وَدِماءِ الشُّهداءِ / أُحَرِّرُ البُحَيْراتِ السَّبايا
مِن زُجاجاتِ الدَّم / والأرقِ / وَتَعاليمِ أفاعي الضَّبابِ / احْرِقي يَا رُعودُ أجسادَ الصَّمْتِ / كَي تَنْسَى الْمُراهِقاتُ الْمُحْتَرِقاتُ
بِقِصَصِ الْحُبِّ الفَاشِلةِ عِيدَ الْحُبِّ / وَلا حُبٌّ في أسْفَلْتِ النَّزيفِ
/ سِوى حَطَبِ الْمَوْقَدةِ / نَسْطُعُ كالطوفان / نَتداخلُ مَعَ ضَميرِ العشب
المبتلِّ بالحديدِ / احْرِقْ وَرَقَ الخريفِ بِأُكسجين رِئةِ المرفأ الفَيْرُوزيِّ
/ ألْفُ صَليبٍ يَقْتُلُني / وَمَا زِلْتُ أمشي / حَاضِناً دِماءَ الزَّيْتونِ
المشْنوقِ / الآنَ بَعْدَ الطوفان الماحِي/ أُعْلِنُ كَبِدي مُنْتَجَعَاً سِياحياً
لِلبَارود/ وَنَمْحُو جُثثَ السُّنونو مِن خَارطةِ المطرِ / فلا تَخَفْ مِنْ مَنْظَرِ
المصلوبين / قَضَيْتُ حَياتي مُعَلَّقاً على الصَّليبِ / فَنَزَلْتُ حَامِلاً
عَلَمَ بِلادي / وَصَلبتُ الصَّليبَ/ وَشَنقتُ المِشنقةَ / وَمَا زِلْتُ أُقَاتِلُ
وَأُقَاتِلُ / وَحْدي أعيشُ مَلِكاً / وأفرضُ شُرُوطِي على الملِكاتِ السَّبايا وَمَمالكِ
الإِمَاءِ / وأنا العَالي في حَياتي ومَماتي/ (( عُلُوٌّ في الحياة وفي المماتِ
بِحَقٍّ أنتَ إحدى الْمُعْجِزات )) /
وأَعَدْتُ صَلْبَ يَهوذا
الإسخريوطيِّ / كَي يَحْدُثَ الطَّلاقُ النِّهَائِيُّ بَيْنَ العَهْدِ القديمِ
والعَهْدِ الجديدِ / تتزوَّجُ بُندقيتي جُثَثَ حُرَّاسِ الصدى / فلتَكُنْ أَرصفةُ
الموانئِ نُعُوشَاً رُومانسيةً سَابِحَةً / فِي دِماءِ الغزاةِ الرُّومانسيةِ / ينْتَشِرُونَ
كَالسُّلِّ في رِئةِ الشَّمسِ النَّقيةِ / كَسُعَالِ العاطلين عَن العَملِ / كَرَجْفَةِ
النِّساء اللواتي يَرْقُبْنَ عُيُونَ الْمُغْتَصِبِين/ وَلَم تتقدَّم الثعالبُ العَاطِلةُ
عَن العَملِ دِفاعاً عَنْهُنَّ /
الدِّيَكةُ المذبوحةُ في
عِيدِ التَّطهير العِرْقيِّ / كُلُّ جُثَثِ الشُّطآنِ مَجالُ نُفوذي / سَأَخْمِشُ
الظلامَ بالبارودِ العاشقِ / بالرَّصاصِ الحيِّ / بأسنانِ المِيناءِ البَعيدِ / ((
جِئتُ لأُلْقِيَ على الأرض _ أَرْضِ الكوكايين السِّياسي _ ناراً فَكَمْ أُريد أن
تكونَ قد اشْتَعَلَتْ ؟ )) /
في قَفَصي الصَّدْرِيِّ حَدِيقةُ حَيَواناتٍ
غَيْرِ أَليفةٍ / يا مَمَالِكَ إِبْليسَ الدِّيمقراطيةَ / نَمْحُو سُعَالَكِ
السَّامَّ مِن الخارطةِ / سَنَدْفِنُكِ في رِمَالِ صَحارينا / فَخُذوا مَجْدَكم
أيُّها القَتَلةُ قَبْلَ الذهابِ إِلى ذَاكرةِ ثَمُود / هَذا مُسَدَّسي الجديدُ هُوَ خَارطِةُ العالَمِ الجديدِ / وَهَذا
الكِفاحُ المسلَّحُ هُوَ ضَوْءُ البَحرِ البَعيدِ /
مُسْتَنْقَعُ الضَّفادعِ الْمُتَحَضِّرةِ / مُضَادَّاتُ اكتئابي هِيَ انتحارُ الطغاةِ / يُدَافِعُونَ عَن الكِلابِ وَيَقْتُلونَ الشُّعوبَ / أُخَزِّنُ القَنابلَ في دُموع قِطَطِ الشَّوارعِ / التي انتهتْ مُدَّةُ صَلاحِيَّةِ أُنوثتها /
لا فَرْقَ بَيْنَ فأرةٍ وَضِفْدعةٍ
/ إذا كانَ النِّسيانُ مَهْووساً بالجِنْسِ / تَصيرُ حُفَرُ المجارِي تَاريخاً شَرِيفاً
لِلْمُومساتِ الشَّريفاتِ / فَلا تَرْمِ يَا قَمَرَ الآلامِ جُمْجمتي تَحْتَ
نِعالِ الرِّياح / كُنْ أيُّها الحطَبُ أكثرَ شَرَفَاً مِنَ الماريجوانا والقَرَاصنةِ
المتقاعِدين/ مَتَى يَا نَسْرَ المجاعاتِ والمخيَّماتِ / سَتُلْغِي أحزانَ الشاطئِ
البعيدِ ؟ / ذِكرياتُ الأسفلتِ حَشَرَاتٌ على مَكاتبِ أُمراءِ الحرب / سَنَصُبُّ عَلَيْها
الْمُبيداتِ الحشَريةَ مِثْلَ عَصيرِ البُرتقال / فَلْيَكُن اسْمَ الصَّحراءِ مَنْجَمَ
فَحْمٍ/ وَاحْرِق الرَّايةَ البَيضاءَ/ لا أُريدُ اللونَ الأبيضَ في رَايَاتِ
الشَّفَقِ / خُذْ دَمَ السَّوْسَنِ وَرْدَةَ الدَّمارِ النِّهائيةَ / وَرْدَةَ
المعنى النِّهائيِّ في احْمرارِ الدِّماءِ / وَلا تُصَدِّقْ وَصْفَ الخريفِ في أمعائي
البلاستيكيةِ / تَمُرُّ الأهراماتُ على تَماسيحِ النِّيل / ويَخْرُجُ مِنْ أعماقِ
الرَّصاصِ ضَوْءٌ يَكْسِرُ احتضارَ البَحْرِ / وَسَوْفَ يأتي أطفالُ غَزَّةَ
حَامِلِينَ في أقلامِ الرَّصاصِ مَرَافِئَ القَمرِ/
أجفانُ بَحْرِ غَزَّةَ مَحْرَقةُ المطرِ الحِمْضِيِّ / وَفِّرْ ثَمَنَ الخشبِ يَا
ضَوْءَ الشُّموع / سَنَدْفعُ ثَمَنَ نُعوشِ الغُزاةِ / حِينَ نَبيعُ ذِكرياتِ
الضَّفادعِ في سُوقِ النِّخاسةِ / أَصْنَعُ مِن خَشَبِ مَقاعدِ المدارسِ تَوابيتَ
لِرِياحِ الخمَاسين / فلا تَبْنُوا يا حَفاري القُبورِ مِنْ جَثَامِين الضَّحايا /
نَاطِحاتِ سَحَابٍ لِلتَّحرشِ الجِنْسيِّ /
نَحْنُ ورِمالُ البَحْرِ مَا
زِلْنا نُقاتِل / وَنُدافِعُ عَن شَرَفِ الموْجِ / وُلِدْنا مَعَاً ونموتُ مَعَاً / أَحْرَقْنَا الرَّايةَ البيضاءَ / وَدَرَّبْنَا قِطَطَ الشَّوارعِ على حَمْلِ السِّلاح / وانْتَصَرْنَا في مَعَاركِ كَوْكَبِ المريخ / وَنَقَلْنا الكِفاحَ المسلَّحَ إِلى القَمَرِ / كُلُّ عَنَاصِرِ الطُّوفان سَتُقَاتِلُهُمْ / مِضَخَّاتُ المياهِ في
الْمُخَيَّماتِ/ وَالحشَراتُ الضَّوئيةُ / والأعشابُ البَرِّيةُ / وصَهيلُ الأنهارِ
/ وَبَارودُ الذَّاكرةِ / وَخُطواتُ أَجدادي في أزيزِ المستحيلِ /
الآنَ أُعْلِنُ بَدْءَ القيامةِ / قِيامَتِنا
الخصوصيةِ / وَلْتَكُن المعركةُ بَيْنَ دَمي وَرِياحِ الخمَاسين / هَزَمْنَا جَيْشَ
الرِّمالِ الذي لا يُهْزَمُ / وصِرْنا
الجيشَ الذي لا يُهْزَمُ / وللآخرينَ رَاياتُ الهزيمةِ المنقوعةِ في نَبيذِ الخديعةِ
/ نُحَوِّلُ الفَراشاتِ إلى نُسورٍ / وَالخِيَامَ إِلى بَنادق / وَدُموعَ الأراملِ
إلى مُسَدَّسَاتٍ / وأكياسَ الطَّحينِ إلى بَارود /
صَاعِدَاً إلى ضَوْءِ
استقلالِ الْحُلْمِ عَن الرَّصاصة / هَذهِ دِمَاءُ السُّنونو سَجَّادٌ أحمرُ لِعَوْدةِ
الجيشِ المهزومِ/ احْتَرِقُوا يَا أبناءَ الصَّمْتِ بِعَرَقِ البَحْرِ تَحْتَ أَقْدَامِ
الرَّاقِصاتِ/ فَلَمْ نَستفِدْ مِن رُومانسيةِ بَناتِ آوَى غَيْرَ زِيادةِ العُنوسةِ
/ فَاشْرَبُوا أنخابَ المجزرة / ولا تَعُودوا إِلَيْنا / مُستنقعُ الدَّمِ في شَلالاتِ
جُثثِ الأطفالِ / نُعوشُ أصحابِ عَرَبَاتِ الفَوَاكِه / قَد أَنقلُ يَوْمياتِ
عَمُودي الفِقرِيِّ إلى القَمرِ / وَسَوْفَ نُعَبِّدُ أجنحةَ الذُّبابِ بِدُموعِ
الرِّمالِ / عَرَقُ الصَّحْراءِ زَيْتُ المصابيحِ الْمُعَلَّقةِ / في سَقْفِ
غُرفةِ الإعدامِ / فَكُنْ يا مَطرَ الجروحِ حَيْثُ يَبدأُ طِفْلُ المجزرةِ في البَحْثِ
عَن أُمِّهِ / نَبحثُ عَن البَحَّارةِ الضَّائعينَ بَيْنَ بَراميلِ النِّفطِ عَلى
رَصيفِ الميناءِ / الذي تَقْصِفُهُ خُدُودُ الدَّبَّابةِ / هَل كَانَ الْجُرْحُ وَحيداً
؟ / هَل كانَ الكابوسُ أَجْمَلَ سِيناريو مَنْطِقيٍّ لِلْمِقصلةِ ؟ / هَل كَانت
الغَجَرياتُ في الأندلسِ يَدْرُسْنَ ذِكرياتِ البَدْوِ الرُّحَّلِ ؟/ لَم أَذْكُرْ
دَمَ الأراملِ وَعَرَقَ السَّنابلِ / فَابْدَأْ / أَوْ كُنْ بَدْءَ القِيامةِ
فِينَا / كَي يَسْكُنَ الشُّهداءُ في أجفانِنا / هَل أَغْلَقَ الزَّبدُ مَعْبرَ
الأحلامِ ؟/ هَل فَتَحَ الفِطْرُ السَّامُّ سُجُونَهُ لأنينِ الْمَرْضَى ؟ / هَل
اخْتَرَعَ زَنازينَ إلكترونيةً لِلتَّعذيبِ الرُّومانسيِّ ؟ / سَرَقَ الليلُ
ضَوْءَ المطرِ / والفقراءُ يَمُوتونَ في طَابُورِ الْخُبْزِ / مُوتِي أيتها
الأكذوبةُ الْمُقَدَّسةُ / افْتَحِي سُجُونَكِ لِجُنُونِكِ / انْدَثِرْ أيها الوَهْمُ
العَجوزُ / ولا تُوَرِّثْ بِلادَ الشَّمْسِ للدُّخانِ الأجنبيِّ / لأنَّ
النَّوارِسَ لَيْسَتْ خَاتَماً في إِصْبَعِكَ / اذْهَبْ إلى دِيمقراطيةِ إِبادةِ
الْهُنودِ الْحُمْرِ / (( إِذا جَاءَ موسى وألقى العصا / فَقَدْ بَطَلَ السِّحْرُ
يا سَاحِرُ )) /
وَقَعَ حَدِيدُ الرُّوحِ
على نُحَاسِ الجسَدِ السَّاخِنِ / كَأَنَّ جَثَامِينَ العَابِرِينَ إِلى السَّماءِ
مَدَى الفراشةِ / فلا تُصَدِّقْ خَاصِرةَ الأمسِ يا وَجْهَ العُشبِ / يا وَجْهَ
أُمِّي الضَّائعَ بَيْنَ أوراقي القَديمةِ / وَزُجاجِ القِطاراتِ التي لا تَعودُ /
يا قَمَراً يُرَبِّي الماعزَ في مَصَاعِدِ نَاطحاتِ السَّحَابِ / هَل سَيُصَدِّقُ
دَمُ الأطفالِ أقنعةَ بَناتِ آوَى ؟ /
لا لَيْلٌ حَوْلَ لَيْلِ
الشُّهداءِ في أظافرِ الذاكرةِ / وَلا دَمعاتٌ مِن الألمنيومِ / تَسيلُ على
الأثداءِ المكشوفةِ للمَذْبحةِ / وَبَراميلُ النِّفطِ تَرتدي العَمائمَ / وامرأةٌ
صَدْرُها حَقْلُ نِفْطٍ مَسْروقٌ / يَنغمسُ احتضارُ الأرضِ في صُراخِ الأطفالِ /
نُهودُ المذيعاتِ مَكْشُوفةٌ للجماهيرِ الثَّوْريةِ الْمُثقَّفةِ / والمشَانِقُ
الزُّجاجيةُ تُزَيِّنُ كَواليسَ المسْرَحِ / نِسْوةٌ للبَيْعِ يَقِفْنَ في طَابورِ
سُوقِ النِّخاسةِ / يَنْتَظِرْنَ مَنْ يَدْفَعُ أَكثرَ / وَطنٌ يَشربُ دِماءَ الشُّهداءِ
/ وَيَبْصُقُها نِفطاً / جُمهوريةُ العَوانسِ الدِّيمقراطيةُ / قُولي لِي أيتها
العَانِسُ التي تَرتدي تَنورةً فَوْقَ الرُّكبةِ / هَل دَمي في حُفَرِ المجاري هُوَ
فَضيحةُ الذِّئبِ الرُّومانسيِّ ؟ / هَل الفأرُ المثقَّفُ يَطْلُبُ مِنْكِ كَشْفَ
لَحْمِكِ كَي يَزدادَ سِعْرُكِ ؟ / تُصبحُ المجزرةُ أكثرَ رُومانسيةً في حَقائبِ عَارِضاتِ
الأزياء / وَتُصبحُ لُحومُ الأطفالِ المحروقةُ أجْمَلَ هَدِيَّةٍ في رَأسِ السَّنة
؟ /
اللهُمَّ اغْفِرْ
لأمَّتي / فَإِنهم رُعْيانُ غَنَم / مُجْرِمٌ يَلُومُ الضَّحيةَ / وأقاربُ
الضَّحيةِ يُصَفِّقُون لِلْمُجْرِم / وَالغاباتُ المحترقةُ تتعلَّمُ عَزْفَ
البيانو على أكفانِ الأطفالِ / أيتها الجِرَاحُ الرُّومانسيةُ التي بَاعَتْ قَلْبي
في عِيدِ الْحُبِّ / هَل أنتظرُ البَغَايَا يُدَافِعْنَ عَن كُرياتِ دَمي تَحْتَ
الرِّمال ؟/ هَل أنتظرُ قُدومَ البَرْقِ كَي يُقْنِعَ الذِّكرياتِ أنَّ جُثْماني
حقيقةُ المعنى لا مَجَازٌ شِعْرِيٌّ ؟ / هَل أنتظرُ رِجالَ المافيا لِيَمْنَحُوا
المشلولينَ الكَرَاسِي المتحرِّكةَ مَجَّاناً ؟/ شُكراً لَكَ يا قاتِلي/ لأنَّكَ
زَوَّجْتَ كَبِدي للنَّيازك !/
(( كَم فَارِسٍ هُوَ في
الحقيقةِ عِندَ رَاتِبِهِ مَطِيَّة / وَمُدَجَّجٍ قادَ السَّرِيَّةَ وَهُوَ
قَوَّادُ السَّرِيَّة )) / لا تَدْفَعْ مِن نِفطِ عِظامِ الضَّحايا أَتعابَ القاتِلِ
المأجورِ في آخِرِ الليل / وَأَشْعِلْ لَيْلَ العُشَّاقِ بالاجتياحِ البَرِّي / بِالفتوحاتِ
الحاسمةِ / كُلُّ تاريخِ الأنقاضِ حَدَّادٌ يُصَفِّحُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ ضِدَّ
الألغام / فَلْتَمُتْ يا رَمْلَ البَحرِ / عَارِياً مِنَ المجدِ / لابِسَاً
خَنَادِقَ العَارِ / وَلا تَقْلَقْ على زَوْجَتِكَ / فالغبارُ يُعامِلُ السَّبَايا
بِاحْتِرَامٍ /
جُرْحٌ لِكُلِّ الكِلابِ
البوليسيةِ وَالسَّائِحاتِ الأجنبياتِ / يَا مَسِيحَ اللهِ / أَنْتَظِرُ نُزُولَكَ
مِن السَّماء / حَتَّى تَكْسِرَ الصَّلِيبَ / وَتُعِيدَ تَشكيلَ هَذا العالَمِ
المجنون / حُرُوبُنا المقدَّسةُ نَشِيدُ قَوْسِ النَّصْرِ / لا نُريدُ ذِكْرياتِ
الْبَدْوِ الرُّحَّلِ / في مَساءِ الأبجدياتِ الْمَنْسِيَّةِ / أَيَّتها الأكواخُ
الحاكِمةُ على ذِكريات الغاباتِ / خُذي جَمَاجِمَنا مَجَّاناً / وانصَرِفي إِلى
غُرَفِ الاحتضارِ / كأنَّ رِياحَ الخمَاسِين تُخَزِّنُ في بَرَامِيلِ النِّفْطِ
دَمَ الحيْضِ / لَمْ يَزْدَهِرْ في مَعِدتي غَيْرُ السُّجون / لَم يَزدهِرْ في
قَفَصي الصَّدْرِيِّ غَيْرُ ثَلاجاتِ الموتى / لَم يَزدهِرْ في اكتئابِ الشُّموسِ
غَيْرُ حُبوبِ الفياغرا / لا حُزْنَ يَحْرُسُ جَماجِمَنا يا مَرَافِئَ الوَداعِ /
قَبائلُ مِيكي مَاوس في ثلوجِ الشَّفق / جُثماني مَشَاعٌ لِبَناتِ الليلِ في
قَلْبِ النهار / حَتَّى الدِّيكُ الرُّوميُّ لَم يَعْبَأْ بِدَجاجاتِ الْهَلْوَسَة
/ لكنَّ مُرَاهِقاتِ رُوما في ملابسِ السِّباحةِ / دَافَعْنَ عَن حُقوقِ السَّبايا
/ هل أَطْلُبُ النَّجدةَ مِن نِسَاءِ نِكاحِ المتعة ؟ / حَضارةُ الزَّبدِ جُثةٌ هَامدةٌ
/ قَبَرْناهَا في أغاني الزُّنوج / إنها أكثرُ المومساتِ شَرَفَاً في
مُسْتَوْدَعَاتِ الميناء /
أَسْحَقُ الغُزاةَ
بِمِمْحَاةِ النَّار / بَعْدَ أَنْ آخُذَ الصحراءَ سَبِيَّةً / ألغيتُ النشيدَ
الوطني لِكُرياتِ دَمي / وأنا السَّاري في شَوارعِ الْمُخَيَّماتِ المطفأةِ /
ذِكرياتُ الأزقةِ خَوْخٌ يَبكي /
يَا بُؤْرَةَ الفجرِ
الذَّاكِرَةِ التَّاريخِ / شَرِبْتُ مِن نَهْرِ الْحُزْن/ وَكُلُّ خُدُودِي
مَخَازِنُ سِلاحٍ / وَنَظَّفْتُ أَسنانَ النَّخِيلِ بِأجسادِ التَّماسيح / فَمَتَى
يا دَمْعَ النُّجومِ سَتُعَلِّقُ مَشَانِقَ جَلادِيكَ عَلَى أبوابِ مَدينةٍ لم
يَبْقَ فيها إلا الأراملُ ؟ /
أيتها الأحزابُ
الحاكِمةُ على الجماجم/ أجفاني جُيوشُ الفَراغِ/ نبدأُ الآنَ فَتْحَ المزادِ العَلَنِيِّ
لِبَيْعِ ذِكرياتِ النَّهرِ الجريحِ / أمعائي بَاعُوها في سُوقِ النِّخاسةِ/ أشكرُكِ
لأنَّكِ قَتَلْتِنِي بِدُونِ بيروقراطيةٍ / وَانْتَشَلْتِ جُثتي مِن تَحْتِ
الأنقاضِ بِكُلِّ دِيمقراطيةٍ/ وشُكراً لِلْمُرَاهِقاتِ العَارياتِ / اللواتي
سَاهَمْنَ في انتشالِ الضَّحايا / مِن تَحْتِ أنقاضِ هِيروشيما / لَم تَعُدْ
جُروحي إلا قبيلةً مِنَ الغَجرياتِ والبَدوياتِ/ وَهَذهِ مُدُنُ سُعالي مَوْتى
سَاكِنُونَ في جَواربِ نِسائهم / مَطْرُودُونَ في عَواصِمِ اللهيبِ / كُسِرَتْ أجنحةُ
الفَراشاتِ / وسَكَبَ العَبيدُ البِتْرُولَ في أَرحامِ جَواري القَصْرِ /
الجنودُ يَخافونَ مِن
بَريقِ جَماجِمِهم / يَبيعونَ نِساءَهُم في الشَّوارعِ القَتيلةِ / كَي يَقْتلوا
الأحزانَ العَالقةَ عَلى إِشاراتِ المرور /
كَانت رُموشُ الرِّيحِ الرُّومانسيةُ سَتَنْتَصِرُ / لَوْ أَنَّ قُمْصَانَ
نَوْمِ بَناتِ آوَى / قَاتَلَتْ في المعركةِ عَلى ألحانِ الضَّحايا / لَكِنَّ
شَجَرَ المقبرةِ الذي يَضَعُ ألْفَ وِسَامٍ عَلى صَدْرِهِ / ولا يَعْرِفُ شَكْلَ
الْمُسَدَّسِ / قَد هَرَبَ مِن المعركةِ بِكُلِّ شَجاعةٍ / وَتَرَكَ الأراملَ
يُقَاتِلْنَ القَنابلَ بِآخِرِ عُكَّازةٍ / بآخِرِ حَقيبةٍ مَدْرسيةٍ /
عُروشُ الذُّبابِ عَلى
أشْلاءِ الضَّحايا / سَامِحيني يا مَادونا / لَم أَحْضُرْ حَفْلَتَكِ الأخيرةَ /
لأنَّ جُثتي كَانتْ في شَوارعِ غَزَّةَ تُغَنِّي وَحيدةً / أنا الوَحيدُ في
أُغنياتِ الكَرَزِ السَّجينةِ/ أنخابُ المذْبَحةِ/ والغزاةُ يَبيعونَ أجسادَ
الشُّهداءِ لِمَصانعِ السَّرْدين / ويَشْرَبُونَ نَخْبَ العَامِ الجديدِ / عَلى
ضَريحِ الفَراشاتِ الجديدِ / كُنَّا سَنَنْجَحُ في حَياتنا الزَّوْجيةِ / لَو
فَهِمْنَا رُومانسيةَ بَلاطِ السُّجونِ / لكنَّ الزِّنزانةَ كَانتْ أكثرَ طُولاً
مِن تَنُّورةِ البُحَيْرةِ / ولَمْ يَقْدِر الجيرانُ عَلى إِنقاذِ القِطَطِ
الشَّريدةِ / فَمَا الذي ضَاعِ مِن حُمْرةِ دِمائنا زُرْقَةِ شُطآننا ؟ / مَا زَالَ
لِحِيطانِ السُّجونِ قُدْرةٌ جِنسيةٌ / ما زالَ لَدَيْنَا السَّائلُ الْمَنَوِيُّ
المسْكُوبُ في بَراميلِ النِّفط / أيُّها المطرُ الضَّائعُ في جُنونِ الْهَمْسِ/
لَسْتَ عَازِفَ بيانو لِتَفْرِضَ الإِيقاعَ عَلى الْمُهَرِّجين/ لَسْتَ ضَوْءَ
الفَيَضَاناتِ لِتَفْتَحَ ثَلاجاتِ الْمَوْتى في حَفْلِ الزِّفاف / لَسْتَ أُمَّنا
الأرْمَلةَ لِتُعَلِّمَنا إِعْدادَ الْمُلُوخِيَّةِ بالأرانبِ / اليَتيمُ في دَمِ
القَمْحِ لا يَمْلِكُ غَيْرَ حَقِيبته المدرسيةِ / يَا أسماكَ القِرْش / ادْفِنِي
الْحُزْنَ الشَّمْسيَّ تَحْتَ رِمَالِ البَحْرِ/ فَجْرُ التَّحْرِيرِ / وذَاكِرةُ
الْحُلْمِ الكَوْنِيِّ / وَزُهُورُ النَّيازكِ الحزينةُ / وبَارُودُ المجرَّاتِ
الصَّاعِقُ / يا نُسورَ الأبيضِ المتوسِّطِ / قَد هَزَمْتُم الهزيمةَ /
وَبَصَقْتُمْ على قَلْبِ الرُّعْبِ /
أَجْسَادُنا كَرَزٌ
يَضَعُ عَلى صَدْرِهِ أَوسمةَ الوَهمِ / تُوَزِّعُ الأمْطارُ ذِكْرياتِ البُروقِ
بَيْنَ التُّرْكياتِ وَالفَارسيَّاتِ / وأظلُّ في شَوارعِ البَارودِ وَحيداً / سَأُهَاجِرُ
مِن جِلْدِ البَحْرِ / لِيَرْتاحَ كَوْكَبُنا مِن الجرادِ الدُّبْلُومَاسِيِّ /
عَلى خُدُودِ الدِّيدان
/ يَضَعُونَ شَوَاهِدَ قُبُورِهِمْ وَأجسادَ نِسائِهم / وفي ذَلِكَ السُّعالِ
زُنوجٌ لا يَقْدِرُون أن يَدْخُلوا كَنيسةً لِلْبِيضِ / مُوتي أيتها الفراشاتُ
أَمامَ التِّلفازِ الْمُزيَّنِ بِدماء الضَّحايا / مَا هذا الكوكبُ الذَّاهِبُ إلى
الدَّمار ؟ / تَقُودُهُ الكِلابُ البُوليسيةُ إلى هَاويةِ الذاكرة/ هَذا هُوَ
احتراقُ أسنانِ الغاباتِ يا جَارتي القَتيلةَ / سَامِحي جُنونَ الحطبِ / ولا
تَغْضَبي مِن عُشْبِ الجِنازةِ / يَا كَبيرَ المهرِّجينَ في السِّيرك / يا كُلَّ العَاهِراتِ
السَّائراتِ في أناشيدِ بيرل هاربر / ضَحِكْنَا على أنفُسِنا / وَكَذَبْنا على أُمَّهاتِنا
/ فَلَمْ يُصَدِّقْنا حَليبُ أعشابِ المقابر/ ضَحِكَتْ عَلَيْنا رُومانسيةُ
الأمواتِ / وَضَحِكَتْ عَلَيْنا جارتُنا في عِيدِ الْحُبِّ /
هذا زَمَنُ مَنْ لا
زَمَنَ لِمَوْتِهِ خَارجَ أزمنةِ الرِّيحِ/ لَم أَرْضَعْ مِنْ ثَدْيِ النَّارِ لأرْفَعَ
الرَّايةَ البيضاءَ / ولَم أَرْضَع مِنَ الذِّئبةِ لأُعانِقَ بَراري الكُوليرا/ سَنَفْتَحُ
ذاكرةَ الحدودِ / سَنُفَجِّرُ حَليبَ السُّدودِ / تَحْتَ مَرْمَى اللهبِ
الشَّاسِعِ أُرَتِّبُ تَوَابِيتَ الشُّطآن/ فَابْدَأْ مَطَرَاً يَحْرِقُ شَجَرَ
العَتَمة/ نَمْسَحُ أعداءَ الشَّمسِ تَحْتَ كُلِّ شَمْسٍ/ لَنْ تأخذوا عِظَامَ
الشُّهداءِ مِكْياجاً لِجَوارِي القَصْر / لَنْ تَمُرُّوا على جُلودِنا الحارِقةِ
/ لأنَّ أجسادَنا زَلازِلُ / نَحْقِنُ ذَرَّاتِ الأُكسجينِ بالذِّكرياتِ / نَزْرَعُ
الأمطارَ في كُريات دَمِ الشَّوارع / كَأَنَّ الرَّعْدَ قَادِمٌ لخطفِ البَراويزِ
/ والأمواجُ تَرْكُضُ تَغْسِلُ بَلاطَ المطاراتِ بِدِماءِ الوَحْل / أُعيدُ
هَندسةَ رُموشي وَفْقَ نَظريةِ البَارودِ /
كُلُّ رَضِيعٍ مُسَدَّسٌ
/ وَكُلُّ وَرْدةٍ مِصْيدةُ فِئْران / وَكُلُّ مَاءِ عُيونِنا سُمٌّ في عُرُوقِ
الزَّبَد / فَلا تَنْسَ يَا مَلَلَ الضِّباعِ / قَبْلَ انتحارِكَ الرُّومانسيِّ /
أن تَكتبَ رِوايةً فَاشِلةً عَن مَذْبَحتي النَّاجحةِ / تَتَزَاوَجُ انتحاراتُنا
فَتُولَدُ حَيَاةً جَديدةً لِلْبَنَادِقِ / فَلا تَنْسَ يَا ضَوْءَ الشُّموعِ أن تَخترعَ
أُغنيةً عَنْ مَذْبحتي اليَوميةِ / يَا كُلَّ الرَّسائلِ التي لا تَصِلُ أبداً /
ازْرَعِي صُندوقَ البَريدِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / ارْكُضي أيتها الرِّمالُ
المتحرِّكةُ / والنُّعوشُ المتحرِّكةُ تَركضُ خَلْفَكِ / هَذهِ أحزاني خَواتِمُ في
أصَابعِ السَّبايا/ أَهدابي فَاكِهَةُ الصُّراخِ حِينَ تُصْبِحُ السُّجونُ
سَلَطَةَ فَوَاكِه / وَسَوْفَ يُعَلِّقُ الرَّعْدُ على حِيطانِ سُجُونِنا نُعُوشَ
السَّجَّانين /
أبْني مُسْتقبلي
السِّياسيَّ تَحْتَ ظِلالِ عُشْبِ القُبور / أَيْقَظَنِي المطرُ المشْتَعِلُ /
افْتَرَسَنِي ضَوْءُ المشانِق / أَضَعْتُ رَقْمَ زِنزانتي بَيْنَ أَرقامِ القُبورِ/
فَاخْتَرْ رَقْمَاً يُنَاسِبُ ذِكْرياتِ الضَّحايا الصَّاعِدِينَ إِلى سَرَادِيبِ
بُلْعُومِ البَحْرِ / لَم أَفْتَرِسْ احْتِضارَ زُهُورِ النَّار / يَا رُعودَ
الجسدِ المنْحُوتِ عَلى مَزْهرياتِ العَارِ / نَحْنُ إِخْوةٌ شُركاءُ في تحليلِ
صَمْتِ الذَّبِيح / إِذَا كُنْتُمْ مَوْتَى فَاقْتَسِمُوا عُشْبَ المدافِن /
كُلُّ حُفَرِ المجارِي
تَعْرِفُ بَصْمَةَ دِمَائي/ كَأَنَّ مَطَرَ الذِّكرياتِ بَصْمَةُ كَوْكَبِ الدَّمِ/
فَاغْسِلْنِي اغْسِلْ جَثَامِينَ رُمُوشي / ارْفُض اسْتقالةَ صَابُونِ المجازِرِ /
لا تُحِلْهُ إلى التَّقاعُد / سَنَغْسِلُ جُثثَ الضَّحايا بالصَّابونِ
والْمُبيداتِ الحشَريةِ / أنا أَنينُ نَاطِحاتِ السَّحابِ الملوَّثُ باللامعنى / ولا
تَتْرُك جُنودَ الفَراغِ يَجْلِسُونَ على أهدابي في انتظارِ الرَّاتبِ الشَّهريِّ
/ كُلَّمَا أَمْسَكْتُ حَنْجرةَ الفَيَضَان / تَسَاقَطَتْ أصابعي الخشبيةُ /
كَشَوْقِ زَوْجاتِ البَحَّارةِ الذَّاهِبِينَ إِلى السُّؤالِ / العائدينَ إلى
السُّؤالِ / أَعُدُّ الضَّحايا وَأُخْطِئُ / أستخدمُ آلَةً حَاسِبةً جَديدةً / لإِحصاءِ
نُعُوشِ الفَراشاتِ اليتيمةِ / في خِيَامِ الرَّعدِ / فَاخْتَرِعْ أبجديةَ
العَوَاصِفِ مِنْ مَطَرِ الغاباتِ الاستوائيةِ / التي تَلِيقُ بالشُّهداءِ
الواقِفِينَ على أبوابِ الْمُخَيَّم /
اخْرُجُوا مِن آلامِ
المسيحِ/ لا تَمَسُّوا طَهَارةَ مَرْيَم / خُذي جُثماني أيتها الأمواجُ/ كَي
يَكُفَّ المطرُ عَن استئصالِ الغاباتِ/ مِن دِماءِ الأطفالِ المذْبُوحِينَ في
حُفَرِ المجارِي/ كأنَّ فِئْرانَ الشَّفقِ تَتَزَوَّجُ الْجُثَثَ المرْمِيَّةَ /
في شَوَارِعِ الْمُخَيَّمِ /
لأرصفةِ المِيناءِ
أُقَدِّمُ زُهُورَ أسئلةِ الجرحى/ المطرُ يَجْلِسُ على سَطْحِ قِطارٍ يُلَحِّنُ
أغاني الشَّفق / أُقَدِّمُ اعتذارَ الموتى عَن حُضورِ حَفْلِ زِفافِ الإِعْصارِ/
السَّناجبُ تَزرعُ أشْجَارَ البِتْرولِ في أجفانِها / ومَعِدتي الخاويةُ تُهاجِرُ
إلى قَلْبي المكسورِ / رَاياتُ القَبائلِ تَرْكُضُ في بَرَاميلِ النِّفطِ
الشَّمْعيةِ / وجُلُودُ الفَرَاشاتِ مِن صُرَاخِ الضَّحايا / يَصْنَعُونَ مِن
جَثامينِ السُّنونو جِسْرَاً تَعْبُرُ عَلَيْهِ السَّبايا / ثُمَّ يُدَافِعُونَ عَن
حَدِيقةِ الطُّيورِ في تعاليمِ المنْفَى / نَسِيَ أطفالُ المجزرةِ البُوظةَ في ثَلاجةِ
الموْتى / فَلَمْ تَقْفِزْ أسماكُ القِرْشِ في مِقْلاةِ مَطْبَخِ الْمُخَيَّم /
النَّارُ هِيَ الغريقةُ / وَأُحَدِّدُ هُوِيَّةَ القَشِّ / خَارطةُ القُلوبِ
الكَسيرةِ أرْشِيفُ الكِفاحِ الْمُسَلَّحِ في عِظامي / هَكَذَا يَقْتُلُ وَطَنُ
الضَّحايا الْمُرَقَّمِينَ الوُرودَ بِمَاءِ الدَّمْعِ / وَتَنَامُ قُرْبَ
قَصَائِدي النَّيَازِكُ /
أَنصُبُ خِيَامَ
أَنهارِي اللاجئةِ / قُرْبَ انتظارِ أُمَّهاتِ الجنودِ الذين لَنْ يَعُودُوا / لَن
يُولَدَ الجنونُ الذي سَيَمُرُّ على أصابِعِنا / نَحْنُ أيتامٌ مُذْ مَاتَتْ
أُمُّنا القَاسِيةُ / وَقُبُورُنا مَرْمِيَّةٌ في حُفَرِ المجارِي / دُمْيةٌ في
مَسْرحِ العَرائِسِ تَعْبُرُ المرايا / سَتُدَافِعُ عَنَّا بَعْدَ عُبورِ
الدَّباباتِ على أكفانِنا / هُوَ انكسارُ الْحُلْمِ في بَراري الكُوليرا /
نَحْنُ سُيوفٌ عَلى خَنَاجِرِ
الذِّكْريات / مَمْلَكَتُنا تَحْتَ الأرضِ / لِنَصْنَعَ حُلْمَنا فَوْقَ الأرض / أَختارُ
أشكالَ المشانِقِ/ فَاشْنُقْ كُلَّ مِشْنقةٍ مَرَّتْ في أجْفَانِكَ / أُغَيِّرُ
لَوْنَ دِمَاءِ الأدغالِ / وَفْقَ مَا يَرَاهُ نَعْشي مُناسِباً / هَؤلاءِ
النَّائِمُونَ في صَنَوْبرِ الشَّفق / انتصَرْنا على سُعَالِ قِطَّةِ جَارَتِنا/ انتصَرْنا
على ضَوْءِ جَوَارِبِنا/ انتصَرْنا على سَرِيرِ لَيْلةِ الدُّخْلةِ / انتصَرْنا عَلى
الكُرْسِيِّ المتحرِّكِ لجارِنا / قُدْنا المسيرةَ على ضَوْءِ تَوابيتِ الأطفالِ /
دَعُونا نَحْتَفِلْ بِذِكْرى
مِيلادِ الأنين / بُقْعَةُ الزَّيتِ تأكلُ الرَّصاصَ المتدفِّقَ تَجْتاحُ/ أَلُفُّ
المطرَ الرَّصاصيَّ حَوْلَ خَاصِرةِ دَجَاجَاتِ أُمِّي/ حَوْلَ خَاصِرةِ المِيناء
/ حَوْلَ خَاصِرةِ البَيَّارةِ / حَوْلَ خَاصِرةِ الصَّحْراء/ يَخْرُجُ الضَّوْءُ
صُقُوراً مُشْتَعِلَةً مِن تَحْتِ رِمالِ المتوسِّط / مِن تَحْتِ أظافرِ العُشْبِ
/ كُلُّ الملايين قَادِمُونَ مِن وَراءِ الشَّمسِ/ مِن أَمَامِ الْهَمْسِ/ مِن
رِئَةِ الحدود / كُلُّ شَهيدٍ يَخْرُجُ مِن عُرُوقِهِ مَلايينُ الشُّهداءِ / لا
حُدودٌ بَيْنَنا ولا سُدودٌ / البَرْقُ يَذْبَحُ الرَّايةَ البَيْضاءَ بِسَكَاكينِ
المطْبَخ /
مِن وَراءِ أوتادِ الخِيَامِ
نَطْلُعُ / مِن وَراءِ البَنَادِقِ نَتَدَفَّقُ / يَخْرُجُ أطفالُ ثَوْرَتِنا مِن
كُلِّ ثَوراتِ السَّنابل / حَفَرْنا على حَنْجرةِ الْمَوْجِ خَارِطةَ فِلِسْطين
التَّارِيخيةِ / أُحَرِّرُ الذِّكرياتِ مِن الحِكَاياتِ / نَفْرِضُ سَيْطَرَتَنَا
عَلَى صُحُونِ مَطَابِخِ الطوفان / تَخْتَرِعُ بَنَادِقُنَا الفِيزياءَ الجديدةَ /
التي لا يَعْرِفُها آينِشْتَاين /
اقْتَحِمْ عُزْلةَ
الزَّيتونِ الْمُسَيَّجِ بالجنون / أيُّها الذِّئبُ الحاكِمُ بَأَمْرِ الشَّيطان /
يَا مَنْ تَضَعُ على صَدْرِكَ ألْفَ وِسَامٍ / وكلُّ حُروبِكَ بَيْنَ أفخاذِ
عَشيقاتِكَ / الضِّباعُ تَشربُ نَخْبَ احتضارِ الغاباتِ في قَصْرِ الحمراءِ / يَبْنُونَ
مَجْدَهُم البلاستيكيَّ عَلَى الجماجِم/ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ حُلْمَ المساءِ / الشَّوَارِعُ
مَرْصُوفةٌ بِجِيَفِ القِطَطِ الْمُتَحَلِّلَةِ بَيْنَ أصابعِ النَّهر / بَسَاطِيرُ
الْمُخْبِرِين / رَكِّزْ في مِكْيَاجِ الدَّجاجاتِ المنثورِ كالسِّيانيدِ عَلَى
كَامِيراتِ التِّلفازِ / حَتَّى الفَشَلُ يَفْشَلُ في بِلادِ القُبُورِ
المائِيَّةِ الأضْرِحَةِ الصِّنَاعِيَّةِ / وُجُوهُ الأباطرةِ المائِلةُ
للاضْمِحْلالِ /
يا شُرَكائِي في
بَسَاتِينِ النَّزِيفِ المجنون / احْتِراقُ زَهْرِ المذابحِ أوسمةُ كِلابِ
الحراسةِ / صَارَ الحريقُ هُوَ النَّجاحَ الوَحيدَ لِمُهَنْدِسِي البِتْرُولِ في
الرِّمالِ المتحرِّكةِ / فَشُكْراً يَا حُزنَ الذاكرةِ النَّائِمةِ تَحْتَ رِمَالِ
البَحْرِ / ثَلاجَةُ الموتى رُمُوشُ الخرائطِ المنسيَّةِ / أَيْنَ خَارِطةُ
مَلاقِطِ الغسيلِ التي تَحْمِلُ عُشْبَ المجازِرِ ؟ / هَل تَكُونُ عُرُوشُ الوَهْمِ
رُومانسيةَ أزهارِ المقبرة ؟ /
لَسْتُ المسيحَ
المخلِّصَ / لَكِنَّ يَهُوذا خَانَنِي / لَسْتُ عُثْمَانَ / لَكِنَّ الأُمَوِيِّين
خَانُونِي / لَسْتُ الْحُسَيْنَ / لَكِنَّ أَهْلَ الكُوفةِ خَانُونِي / لَسْتُ
ابْنَ الزُّبير / لَكِنَّ أَصْحَابِي خَانونِي / لَسْتُ ضَوْءَ الضبابِ / لَكِنَّ الذِّكرياتِ
خَانَتْنِي /
نُنَادِي على العَدَمِ /
فَيَأتي العَدَمُ لِيُعْدِمَنَا / يا قَلْبيَ الضَّائعَ في صَدَأ أوسمةِ جُيُوشِ
السَّبايا / أَعْطِ الأراملَ خُبْزَ العَشَاءِ النِّهَائِيَّ/ هِيَ الرُّتبُ
العسكريةُ سَنَاجِبُ مَشْنُوقةٌ / كالشَّوارِعِ فِي مَوْسِمِ البَيَاتِ الشَّتويِّ
/ المصْبُوغِ بِمَوْسِمِ تَزَاوُجِ الهواءِ معَ الدِّماء / تَزَوَّجَ أُكسجينُ
الجرْحِ هَيدروجينَ الذَّاكِرةِ / فاستخدمتُ مَاءَ تَبْرِيدِ الْمُفَاعِلاتِ
النَّوويةِ في تَبْرِيدِ حَرَائِقِ صَدْرِي / أعِيشُ على هَامِشِ الْحُلْمِ /
كَقِطَطٍ تُفَتِّشُ عَن طَعَامِها في القُمامةِ / وَتَضْحَكُ عَلَيْها بَنَاتُ الإِقْطَاعِيِّين في المدارسِ الأجنبيةِ
/ نَحْنُ جَرَادٌ في سَلَطةِ الفَوَاكِه / زَرَعْنَا الطَّعناتِ في ظُهُورِ اليَمام
/ وأَحْرَقْنَا دَمَ الفَراشاتِ التي تَنتظرُ صَوْتَ الْمَدَافِعِ / لَسْنَا
حَظِيرةَ أَبْقارٍ لِيَبِيعَنا العُشبُ / حَسَبَ مَزَاجِ الطَّبِيبِ البَيْطَرِيِّ / لَن يَصِيرَ عِنَبُ
الجزائرِ نَبِيذاً فَرَنسِيَّاً /
أَخْلَعُ جِنْسيةَ
بِرْمِيلِ النِّفْطِ / نتعلمُ السِّباحةَ في الجِنازاتِ / انتهت المجزرةُ بِدَمٍ
بَارِدٍ كَعَصيرِ البُرْتقالِ / مَرَّ قِطَارُ التَّارِيخِ أمامَنا فَلَمْ
نَرْكَبْ / وَبَقِينا على مَقاعدِ محطةِ القِطاراتِ / نُدَخِّنُ قِرميدَ الأكواخِ
البَعيدةِ / لَمْ تَعْرِفْنا نُسُورُ قُرَيْشٍ / وَلَمْ تَنْظُرْ إِلَيْنا
شَرِيفاتُ قُرَيْشٍ / وَلَمْ يَكْتَشِفْ مَلامِحَنَا سِوَى المذيعاتِ العَوَانِسِ
/ لَمْ يُصَافِحْنا التَّارِيخُ لأنَّ أَيْدِينا مَقْطُوعةٌ / وَرُؤُوسَنا
مُعَلَّقةٌ على إِشاراتِ المرور / رِجالٌ يُقَدِّمُونَ زَوْجاتِهم إِلى
الاغْتِصَابِ مَجَّاناً بِكُلِّ دُبْلوماسيةٍ /
يا أحزاني المجيدةَ في المذابِحِ
الجديدة / الْمُومِسُ تَبِيعُ جَسَدَها لِتَأْكُلَ / وَالمرتزِقةُ بَاعُوا بِلاداً
وَأَكَلُوا شُعُوبَها / (( قَدْ يُعْذَرُونَ لَوْ أَنَّ الجوعَ أَرْغَمَهُمْ /
وَاللهِ مَا عَطِشُوا يَوْمَاً وَلا جَاعُوا )) / لا تَخُونوا ذِكْرَياتِ الأنبياءِ المقْتُولِين / لا تَرْفَعُوا
رَأْسَ الْحُسَيْنِ وَرْدةً في عِيدِ الْحُبِّ / لا تَرْسُمُوا رَأْسَ ابْنِ
الزُّبيرِ بِرْوَازَاً على الحِيطان / كُنَّا ثُوَّاراً مُمْتَازِينَ في حِصارِ عُثمان / كُنَّا رِجالاً أشِدَّاءَ في قَتْلِ الْحُسَيْن / كُنَّا أبطالاً
فَاتحينَ في خِيانةِ ابْنِ الزُّبير / أحزانٌ حَاسمةٌ من قِشْرِ البِطِّيخِ
المنثورِ / على طَاوِلاتِ مَطاعمِ الوَجَباتِ السَّريعةِ / مَاتتْ أعْصَابي في
ثَلاجةِ البُوظةِ/ وبَقِيَ البَاعةُ المتجوِّلونَ يَجْمَعُونَ ذِكرياتِ الجثثِ في
أكياسِ الطحين/ يَا مَدينةَ الوَهْمِ المقدَّسِ/ التي تَأخذُ دِماءَ الضَّحايا
مِكْياجاً لِجُنونها / سَأَنصُبُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ صَاروخاً في الشَّفق /
الدِّماءُ أحمرُ شِفَاهٍ في عِيدِ الْحُبِّ /
أيُّها الرِّجالُ الذينَ
يَأْكُلُهُم الدُّودُ/ ارْمُوا الرَّاتِبَ الشَّهريَّ بَيْنَ أسنانِ المِكْياجِ /
تُباعُ الجواري للرِّجالِ القادِرِينَ على الدَّفْعِ / والجرادُ أَكَلَ قُمْصانَ
النَّوْمِ / لَكِنَّ رَمْلَ قِيعانِ القُلوبِ يُطْلِقُ الألعابَ النَّاريةَ / احْتِفالاً
بِتَدْشِينِ عَصْرِ السَّبايا وَمَوْتِ الرِّجالِ في المقابرِ الجمَاعيةِ / انتصارُ
طُفولةِ الأولادِ على شَيْخُوخةِ الدَّباباتِ / وَمَسَارِحُ الجماجمِ تُحافِظُ على
مَشَاعرِ الجثَثِ في الشَّوارعِ الْمُطْفأةِ / انتَظِرُوا قَليلاً حَتَّى تَكتملَ
المجزرةُ / لِتَكْتُبوا مَدِيحَ الضَّحيةِ بَعْدَ تَقَاعُدِ الشُّطآنِ النَّازِفةِ
/ وَاتْبَعْ يا قَلْبَ العاصفةِ نَشيدَ الرُّوحِ إِلى زُجاجِ العَوَاصِفِ /
كُلُّ تَاريخِ
السَّناجبِ القَتيلةِ / يَركضُ على أظافِرِ صَقْرٍ أَحْوَل / لا يَرى في قَفَصي
الصَّدْرِيِّ غَيْرَ ذَبْحتي الصَّدْريةِ / اذْبَحْنِي كَي تَعْرِفَ أنَّ مَوْتَ
النوارسِ رَمْلُ البَحرِ/ نَدْرُسُ معَ رِياحِ الخمَاسين فَلْسفةَ المشانِقِ/ لَكِنِّي
المصْلُوبُ العَالي/ لأنَّ مِقْصلتي بِطَعْمِ الفَانيلا / وَمِقْصَلَتَكَ بِطَعْمِ
الشُّوكولاتة / فَكُنْ صَديقَ الرِّياحِ حِينَ تَموتُ فِينا الأشجارُ / أعْطِ
حَفَّارَ القُبورِ شِيكاً بِدُونِ رَصيدٍ/ إِنَّ رَصيدَ لاعبةِ الْجُمبازِ في
السِّيركِ قِصَّةُ حُبٍّ تَحترقُ / مُهَرِّجٌ يَسيرُ عَلى حَبْلِ مِشْنقتي وَاثقاً
مِن سَاعةِ الصِّفْرِ/ أَلْقَيْتُ اسْتقالتي مِن وَظيفةِ العِشْقِ عَلى مَكْتَبِ
قَلْبي / واعتزلتْ أظافري الحياةَ السِّياسيةَ / وَحَمَلَت البُندقيةَ / ولا
بُنْدقيةٌ في عَرَقِ الكَواكِبِ سِوَى عُيونِ الغرباءِ / ولا ذَاكرةٌ لأسْمَاكِ
الغَيْمِ سِوى دِماءِ الكَواكبِ / قَلْبي يُمارِسُ هِوايةَ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ
في خِيَامِ كُرَياتِ دَمِي / فَمَارِسْ أيَّةَ هِوايةٍ لا تَدُلُّ على مَرايا
المنفَى / كَمْ رَقْمُ خَيْمَتِنا يا أُمِّي في مَطْعَمِ الْمَذْبَحةِ؟/مَا الفَرْقُ
بَيْنَ رقْمِ قَبْرِ الصَّنوبرِ وَرَقْمِ طَاوِلَتِنا في الْمَطْعَمِ؟/ بَنَيْتُ
مِنْ عَرَقِ الفَلاحِينَ بُرْجَ مُرَاقَبةٍ / تَقْضي فِيهِ أسماكُ القِرْشِ
العُطْلةَ الصَّيفيةَ قُرْبَ شِتاءِ الخِيَامِ / مَنَحْتُ شُموعَ عِيدِ ميلادي
لِلْحَمَامِ الزَّاجِل / أنا أعْلَى الْمَذْبُوحِينَ قُرْبَ رَاياتِ الطوفان /
وأخشابُ سَفِينتي الغارقةِ هِيَ تَوابيتُ الطغاةِ / التي يُرَتِّبُها المرفأُ في
فُوَّهاتِ الْحُزْنِ / أَحتفلُ بِذِكْرى زَواجي مِن أعشابِ المجزرةِ / لَكِنَّ
نَمْلَ المنفَى يَشْتَهِيني/ تَخْرُجُ مِنْ قِيعانِ عُرُوقي نُسورٌ / وَكُلُّ
أَعمدةِ الكَهْرباءِ التي تَحْمِلُها قِطَطُ الشَّوارعِ/ تَئِدُ تاريخَ المتاحِفِ
التي تَتَشَمَّسُ في ذِكْرياتِ المجازِرِ / صَحْرَاءُ الذِّئبِ الوَحيدِ/ ويَاقوتُ
المذابِحِ/ وَعَشيقةُ الصَّدى/ أَصْعَدُ إلى مَعاركي على سَطْحِ القَمرِ / لَم نُولَدْ
لِنَهْرُبَ مِنَ المعارِكِ / الدَّمُ الأبيضُ في شَلالاتِ ذَاكرةِ الْحُزْنِ / وَيُولَدُ
أطفالُنا أشْجَاراً / سَيُصبحُ هذا الكَوْكَبُ المجنونُ أكثرَ عَقْلانيةً / حِينَ
نُحَوِّلُ أجسادَنا إلى زَعْتَر / هَذا الطِّفلُ لَمْ يَعِشْ طُفولةَ البَحْرِ / لأنَّ
البَحْرَ بُنْدقيةٌ يُنَظِّفُها البُكاءُ بِزَيْتِ الزَّيتون/ البُحيراتُ
الثائرةُ/ وَصَداقةُ البَارودِ/سَيَخْرُجُ البَحرُ مِن جِلْدِهِ/وَتَخْرُجُ
رِمَالُ الشَّفَقِ مِن عَباءةِ البِتْرولِ/ سَنُحَاصِرُ تاريخَ الجماجِمِ في
الملاحِمِ/
نُدافِعُ عَنْ حُقوقِ
الإنسانِ بَعْدَ مَوْتِ الإِنسان / هَل يَسيلُ دَمُ الضَّحايا على ثَدْيِ
البُحيرةِ ؟ / أنا المواطِنُ العَاطِلُ عَن الوَطَنِ / عِشْنا في المنافي
الدِّيمقراطيةِ / نَخيطُ أعلامَ القَراصنةِ / مِتُّ أَوْ عِشْتُ/ لَنْ يَأْتِيَ
أَحَدٌ/ فلماذا تُنادي يَا كَفَنِي عَلى حَشَائِشِ مُسْتَوْدَعَاتِ المِيناءِ ؟ / صَارَ
مِكْياجُ الجواري سِكَّةَ حَدِيدٍ/ تَعْبُرُ عليها قِطاراتُ الزَّوْبعةِ/
كَوْكَبُنا عَرَبةُ المحكومِ بالإعدامِ/ لا وَقْتٌ لِتَمْشيطِ جِلْدِ قِطَّةِ جَارَتِنا/
وَلا مَكانٌ لأزمنةِ مَعْنى الضَّحايا / أُدَافِعُ عَن حُقوقِ الأراملِ في الذِّكرياتِ
/ أُدافِعُ عَن حِصَّةِ أطفالِ الشوارعِ في الحِكاياتِ/ لم نُثْبِتْ رُجُولَتَنَا
إِلا في ضَرْبِ نِسائِنا / وَقَطيعُ النَّمْلِ يَتَّخِذُ مِن ضَريحِ البَلوطِ
سَريراً لِمُمارسةِ الجِنْسِ / هَذهِ جُيوشُ الصَّدى لَمْ تَعْرِفْ غَيْرَ
الألعابِ النَّاريةِ / في حَفَلاتِ زِفَافِ بَنَاتِ الملوكِ /
لا تَموتوا في طَوابيرِ
الْخُبْزِ / اذْهَبُوا شُهداءَ سَائِرينَ في مَجْدِ أرضِ الأنبياءِ / حَواجِبُ
البَناتِ مُسدَّساتٌ في دُروبِ المجزرةِ / وكُلُّ الدُّروبِ تُؤدِّي إلى دَمِي
المسفوحِ / الذي يَصْقُلُ ضَفَائِرَ الأعشابِ / نَحْنُ ضَوْءُ الاحتضارِ نَقْضي
وَقْتَنا تَائهينَ في الصَّحاري / كَمَا قَضَى بَنُو إِسْرائيلَ نَصِيبَهُمْ مِنَ
التِّيهِ /
أُفَتِّشُ في كُثْبانِ
الرَّملِ عَن ذِكرياتِ الضَّحايا / أَسألُ نَيَازِكَ السَّماءِ عَن يَوْمِيَّاتِ
شَرِيفاتِ قُرَيْشٍ / فَلا أَرى أَمَامِي غَيْرَ اكتئابِ المرافِئِ / الرَّحيلُ
صَقَلَ أجفانَ النِّساءِ بِعُشْبِ المذابحِ / أَسألُ إِجاصَ الليلِ عَن
المفاوَضاتِ السِّريةِ بَيْنَ الأُمويين والعباسيين / لم أَعُدْ قَادِراً على
النَّظرِ في عَيْنَيْكِ/ وَلُحومُ الأطفالِ تَتساقطُ حَوْلِي كَصُحونِ المطبخِ/
فاخْلَعيني/ وابحثي عَن غَيْرِي/ وَحَاوِلي نِسْيانَ وَجْهي بَيْنَ مَلاقطِ الغَسيل
/ ابْحَثِي عَنْ جَيْشٍ يَحْرُسُ ذِكْرياتِكِ/ أَدُورُ في بَراري ذَاكرةِ الصَّحْراءِ/
أُفَتِّشُ عَن رَأسِ الْحُسَيْن / كأنَّ جَماجِمَ الضَّحايا تُفَّاحاتٌ نَاضِجةٌ /
أجسادُ البَشَرِ مَصْبُوغةٌ بِوَحْلِ الْمُخَيَّماتِ / والأحزانُ عِلْكةٌ بِطَعْمِ
النَّعْنَاعِ / أَدُورُ في أبراجِ المراقَبَةِ ومَصَافِي النِّفْطِ / بَاحِثاً عن
اسْمِي التَّائِهِ بَيْنَ أسماءِ الشُّهداءِ وأرقامِ الضَّحايا / أَهيمُ عَلى وَجْهي
في الصَّحاري / بَاحِثاً عَن ذِكْرياتِ عِمَامةِ النَّبِيِّ / وَسَيْفِ عَلِيِّ بنِ
أبي طَالب /
يَعْبُرْنَ صُراخَ
الضَّحايا أعمدةً مِن دُخانِ الْحُلْمِ/ يُوصِلْنَ سُعالَ البَحْرِ إلى حَقِيبةِ
أُمِّهِ الجِلْديةِ / لا تُحَاصِرْ مَوْتَ البَجَعِ بالذِّكرياتِ العَاطفيةِ /
توابيتُ النِّساءِ مَنْسِيَّةٌ في الحِكَاياتِ الشَّعْبيةِ / فَلا تَخْدَعِيني يَا
جَارتي بالرُّومانسيةِ/ إِنَّ بُندقيتي رُومانسيةُ الأنهارِ الْمُقَاتِلةِ / لَنْ
أكونَ في بِلادي سَائِحاً / أُعيدُ شَعْبِي إلى فِلِسْطين / وَأُعيدُ فِلِسْطينَ
إلى الخارطةِ /
أنا رُومانسِيٌّ
أَكْثَرُ مِن دُودي الفايد / لكنَّ قِطاراتِ المنفَى تَغْتَصِبُني / دَفَنْتُ
حُبِّيَ الأوَّلَ / لأنَّ البُنْدقيةَ زَوْجَتي / لَكِنَّ البُنْدُقِيَّةَ أَذْكَى
مِن أوراقِ الخريفِ / تَنكسرُ قَارورةُ الحِبْرِ بَيْنَ السِّكينِ وقِطْعةِ
الْجُبْنِ / وَغَزَّةُ هِيَ الجناحُ العَسكريُّ للبَحرِ / نَحْنُ رَسَمْنا
شَواهِدَ قُبورِنا بِقَلَمِ الرَّصاصِ/ وأنتُم حَفَرْتُمْ خَنَادِقَ الرَّصاصِ/ أنتُم
تَكتبونَ الرَّسائلَ الغَرَامِيَّةَ لِلْحُورِ العِين / ونَحْنُ نَركضُ وَراءَ
مِكْياجِ المذيعاتِ العَوانِسِ /
عُشْبُ الْجُثَثِ / خُضْنا
مَعركةَ التَّوابيتِ في أحْضَانِ دُمَى مَسْرَحِ العَرَائِسِ / فَهَلْ سَتَحْمَرُّ
خُدودُ المراهِقاتِ حِينَ يَقْرَأْنَ سِفْرَ حِزْقِيَالَ في الكَنيسةِ ؟/ لَمْ
تَعْرِفْ وُجُوهَنا الْمُلَطَّخَةَ بِدِماءِ الغاباتِ الاستوائيةِ وُجوهُ
الرَّاهباتِ / الْخَجُولاتِ مِن الْحُبِّ / الوَاثِقاتِ مِن انكسارِ الْحُلْمِ عَلى
الصَّليبِ / ثَلاجةُ الموتى مُمتلئةٌ / فَرَكَضْتُ نَحْوَ حُلْمِي / فَلَمْ أَجِدْ
غَيْرَ جُثْمَانِ أَبِي / قَدْ تحتاجُ أجسادُنا المنطفئةُ إلى قَبْرٍ / يَتَّسِعُ
لِلمَطرِ الحِمْضِيِّ والعُشْبِ مَعَاً / عَانَقْنَا كُلَّ الذِّكرياتِ في طَريقِ
صَلاةِ الجِنازةِ / ولَمْ يَعُدْ تاريخُ أعضَائِنا الْمَيْتَةِ إلا مُذيعةً /
تَكْشِفُ نَهْدَيْها كَي تَحْصُلَ عَلى الوَظيفةِ /
عَلى جُثةِ الْحُلْمِ
حَفْلةُ تَعارُفٍ / بَيْنَ الطابورِ الخامِسِ والطابورِ السَّادسِ / فَاصِلٌ مِن
عُروضِ الأزياءِ بَيْنَما تَكتملُ المجزرةُ / وَيَلتصقُ على الكَاميراتِ النَّاعِمةِ
دَمُ الضَّحايا الْخَشِنُ / أُعِيدُ
إِحياءَ البَحْرِ الْمَيْتِ / أُحَوِّلُ مَجْرى النِّيلِ لِيَصُبَّ في أوْردتي
البلاستيكيةِ / سَيَصُبُّ الفُراتُ في الأمازون / وَنَموتُ في مَمالكِ العَطَشِ /
أُرشدُ عَاهراتِ باريسَ إلى لَيْلةِ القَدْرِ / وَابْنُ الجِيرانِ يَضْحَكُ على ابْنةِ
الجِيران / وَابْنةُ الجِيرانِ تَضْحَكُ
عَلى ابْنِ الجِيران / وَمُراهِقةٌ في أزقةِ الفِئران / تَبْحَثُ عَن فأرٍ تَضحكُ
عَلَيْهِ / هَذا مَوْسِمُ الضَّحِكِ في مَملكةِ السَّرابِ /
لَم أشْرَب البِيرةَ معَ
نِساءِ بَرْشَلُونة / لأنَّ حُزْني يَشْرَبُني في الأندلسِ / نَسِيَ شُيوخُ
القَبائلِ الأعلامَ الْمُنَكَّسَةَ بَيْنَ الزَّيْتِ والزَّعترِ/ وكلُّ طُرقاتِ
سُعالي أعوادُ مَشَانِقَ وذِكْرياتُ أرامِلَ شَابَّاتٍ / حَضاراتٌ تُسْحَقُ في
السُّجونِ اللازَوَرْدِيَّةِ / ولم يَعْشَقْني غَيْرُ امرأتَيْن : (( ضَابطةُ المخابراتِ وحَفَّارةُ القُبورِ )) /
لم نَسْتَفِدْ مِن
رُومانسيةِ دُودي الفايد / سِوى حُبوبِ مَنْعِ الْحَمْلِ للأميرةِ دَيَانا / ولم
نَأخذْ مِن احتضارِ أُنوثةِ الموانِئِ / إلا بِقَدْرِ مَا نُزَيِّنُ بِهِ
جَمَاجِمَ الأطفالِ / والعاصفةُ تُزَيِّنُ أشلاءَنا بِمِكْياجِ المجازِرِ / فَكُنْ
يَا مَطَرَ الأكفانِ الضَّوْئيةِ أَرْحَمَ بجثثِ الأطفالِ مِن تُفَّاحِ
النَّيازِكِ / لم تَذْهَبْ غَزَّةُ إلى الأوسمةِ العَسْكريةِ / لَكِنِّي رأيتُها
تُعْطِي أسماكَ المتوسِّطِ دَوْرةً عَسْكريةً مَجَّانيةً / لَيْتَنِي نَيْزَكُ
الذاكرةِ لأَحْرِقَ جُلُودَ الشَّاطئِ بالْمُسَدَّساتِ الخشَبيةِ / وَالأعداءُ
يَنْقَعُونَ أَكْفَانَنَا في بَرَامِيلِ نِفْطِنا / لَكِنَّ الأراملَ يُدَافِعْنَ
عَنَّا في شَهْرِ العَسَلِ /
يَا مُدُنَ الضَّوْءِ الْمُقَاتِلِ
/ رُدِّي لَنَا مَعْنى الفَراشاتِ / وَشَرْعِيَّةَ وُجودِ أظافرِنا في مَجَرَّةِ
البَنَادِقِ / بَدَأَ احتراقُ الجسدِ المصْبُوغِ بأدغالِ الشَّمْعِ / فَابْدَأْ
حَيَاتَكَ مِن نَشيدِ الْمُذَنَّباتِ / كَسَرْتُ ظِلَّ البُندقيةِ على لَحْمِ البَحْرِ
/ فَلَم يَنْتَبِه الرَّصاصُ الحيُّ إلى قَلَمِ الرَّصاصِ / أنتَ المعْنَى /
فَاحْمِلْ أكتافَ الرِّيحِ على ظَهْرِ البُندقيةِ / أتزوَّجُ شَوارعَ البُوسنةِ /
وأحتفلُ باسْتقلالِ كُوسُوفو / كَي يَصْعَدَ دَمي إلى خُدودِ فِلِسْطين /
يا أسماءَنا البَعيدةَ عَن
البُحيراتِ العَوَانِسِ / تَزَوَّجي خَنادقَ اللحْمِ / تَبْدَأُ الحقيقةُ تَغِيبُ
بَنَادِقُ الشُّطآن/ لم يَرْكُضْ حُزْنُ الأرضِ في خَاصِرةِ الموْجِ/ لكنَّ
الأطفالَ يَمُوتونَ تَحْتَ هِضَابِ الطباشير / فَاحْرِقْ حُزْنَ حَبْلِ الغَسيلِ /
وَاعْبُرْ في حَقائبِ التَّلاميذِ العائِدِينَ مِنَ المجزرةِ / الذَّاهِبِينَ إلى
القَصْفِ الْجَوِّي / سَقَطَت الطباشيرُ عَن آخِرِ سَبُّورةٍ / مَرَّتْ عَلَى
جَثَامِينِ مَنْ مَرُّوا قُرْبَ مُرورِ الصَّدى / فلا تَنْسَ احتضارَ الوَرْدِ
الصِّنَاعِيِّ عَلى بَرَاوِيزِ أنهارِنا المنْفِيَّةِ /
الليلُ المريضُ يَصنعُ
مِن فَرْوِ الثعالبِ فِرَاشَ الموْتِ/فاذهبْ إلى أناشيدي الجريحةِ/ كُحْلُ
الصَّبايا هُوَ طَريقُ المقاصِلِ / فافْرُشْ جُلودَ النُّمورِ عَلى أرصفةِ
المِيناءِ الغريقِ / أسنانُ أسماكِ القِرْشِ عَلى طَاولاتِ المقهَى / نَسِيتُ
تِلالَ الرَّعد / ولم نختبئْ في عَباءةِ السَّنابلِ / هِيَ الأرضُ أُمُّنا التي
تَدْفِنُنَا في فُوَّهاتِ المدافِع / لِنَحْيَا في حُقولِ البارودِ نَشيداً
للبَنادقِ / كُلَّما مَشى الزَّيتونُ إلى أوْردةِ البَحرِ / تَسَاقَطَتْ عُرُوشُ
الحِيتانِ الزَّرقاءِ على أَصابعي / فَخُذْ زَوْجةَ الرَّمْلِ إلى مَلْجأ الطوفان
/ ولا تَتْرُكْ لأظافِرِ الْحُلْمِ طِلاءَ الأظافِرِ المغشوشَ / جَارَتُنا
تَذْهَبُ إلى عُرْسِها عُرْسِ الشَّظايا في اكتئابِ اللوزِ / فَكُنْ شَظايا
الاحتفالِ بِمَوْسِمِ عَوْدةِ الشُّطْآنِ إِلى شُطْآنِ قلبي / هَذا أنا وَرْدَةُ
الجِنازَاتِ البَعيدةِ/ والصَّبايا يَمْشِينَ عَلى هِضابِ الاحتضارِ/ يَجْمَعْنَ
أحزانَ النَّيازكِ / يَأْكُلْنَ ظِلالَ اليَاسمين / فَاحْتَرِمْ مَشَاعِرَ خِيَامِنا
يَا جُوعَ النَّهْرِ / احْتَرِمْ مَا تَسَاقَطَ مِن أَجِنَّةِ الغَسَقِ / قُرْبَ
احتفالاتِ سُخُونةِ الدَّمْعِ / سَيَحْرِقُ الشِّتاءُ رَسائلَ الشَّفَقِ بِدَمْعِ
العَيْنِ / هَذهِ أظافرُ بُندقيتي / نَسَجَتْ مِن اللامِ والأَلِفِ مُدُنَ
الرَّفْضِ / ولم تَحْمِلْ على ظَهْرِها عَرْشَ الحوتِ الأزرقِ / انتشرتْ في عُروقِ
الرَّصاصاتِ سُفُنُ الرَّحيلِ / ولا بُدَّ أن أصيرَ شَهيداً / كَي تُصَدِّقَ جَارَتي
أَنَّ حياتي الزَّوْجِيَّةَ مَعَ البَارود / وُمُسْتَقْبَلِي العَاطِفِيَّ مَعَ
الحورِ العِين /
الصَّدى الرَّمْلِيُّ
رَمَى جِرَاحَنا في البُحيرةِ / طُعْماً لِحَطَبِ الذِّكرياتِ / يَلْعَبُ الأطفالُ
بالألغامِ تَحْتَ قَمرِ النَّزيفِ / والخريفُ يُولَدُ في الزَّنازين / ويَموتُ على
أصابِعِنا / وذِكْرياتُ السُّجونِ مُلْقاةٌ في أقفاصِنا الصَّدْريةِ /
وَصَنَوْبَرِ المدافِن / وصُحونِ المطبخِ / والمساءُ يَزْرَعُ في خُدودِنا
شَجَرَاً / يَسْرِقُ ذِكْرياتِ المطرِ / فصَدِّقْ كَلامَ حُزْنِ الأراملِ في
خَرِيفِ الرُّعودِ/ يُخَزِّنُ البَرْقُ الرُّومانسيةَ في أكياسِ الطحين / يَذهبُ
الفُقراءُ إلى البَحرِ الْمُكَهْرَبِ / خُذُوا مَذَابِحَكُم / وَاتْرُكُوا لَنَا أثاثَ
المنفَى تَجْلِسُ عَلَيْهِ ذِكْرياتُ الدُّودِ / أمعائُنا الْمُلقاةُ عَلى
الرَّصيفِ أكثرُ حَداثةً مِن شُعراءِ الحداثة / ولم يَصْمُدْ مَعي في المعركةِ غَيْرُ دَجَاجِ جَارَتِنا الْمُطلَّقةِ
/ ولم يَلْتَقِطْ صُوَرَنا التِّذْكَارِيَّةَ
غَيْرُ مُخْرِجي الفِيديو كليب في الكِفاحِ المسلَّحِ /
أَكْثَرُ مِنْ حُزْنٍ
يَتكدَّسُ مِثْلَ كُؤوسِ الدَّمِ أو الخمرِ / أَكْثَرُ مِنْ مَوْتٍ / أكثرُ مِن
انهيارٍ / ماذا أفعلُ يا أسنانَ الجماجمِ المبتسمةِ / عِنْدَما أموتُ في منفى
الذَّاكِرةِ / بِلا رَقْصَةِ الوَدَاعِ الأخيرِ ؟ / زُجَاجُ المحالِّ التِّجاريةِ
يَشْهَدُ ضِدَّ تَوابيتِ البَجَعِ / لَكِنَّ أنهاري تُحَوِّلُها الذِّكرياتُ إلى
رَصَاصٍ / فَهَلْ أُطْلِقُ جُرْحِي على الرَّصَاصَةِ / لِيَرْتاحَ الشَّاطِئُ مِنْ
صُراخِ أبنائه العائِدِينَ / إِلى مُخيَّماتِ الشِّتاءِ السَّاخِنِ ؟ / أقلامُ
الرَّصاصِ هِيَ هُدْنةٌ مَعَ أمواجِ الذِّكرياتِ / أنا والمطرُ رَصَاصتان /
دَخَلْتُ في خُشُوعِ المطرِ عَارِياً إلا مِنَ البَنَادِقِ / قِطَّتي تَفْرِضُ
شُروطَها على سَوَاحِلِ الدَّمْعِ / والطريقُ إلى حُفَرِ المجاري يُؤدي إلى دَمي /
فَاصْعَدْ شَجَرَاً وَاثِقاً يَا ظِلَّ النَّوْرَسِ / الشُّطآنُ تُحْتَضَرُ /
وَصَوْتُ الرَّصاصِ أحْيَاها / اقْتُلْني أيها الليمونُ / كَي أرى فِيَّ ما انكسرَ
مِن مُعسكراتِ الهديلِ / أَعْرِفُ لَمعانَ
الخناجرِ حِينَ يُقَشِّرُ جُلودَ الإِمَاءِ /
لا دَمٌ مُحَايِدٌ / ولا خَنْجَرٌ دُبْلُومَاسِيٌّ / الرَّعْدُ يُخَزِّنُ
نُعوشَ النِّساءِ في أكياسِ القَمحِ الفارغةِ / ولم يَعْرِفْ لَهَبُ الشَّمعةِ
خَنادِقَ حُزْنِنا الرَّصاصيِّ /
بَيْنَ مُضَادَّاتِ
الاكتئابِ والحبوبِ المنوِّمةِ / يَمُرُّ مَوْكَبُ الحشَراتِ الملَكِيُّ / كُلُّ
شَيءٍ في ضَحِكاتِ الشَّجرِ رُومانسِيٌّ / كالدَّمِ البَارِدِ في الشِّتاءِ
السَّاخِنِ / قَتَلَ الغُزاةُ ظِلالَهم / لِيُخْفُوا آثَارَ احْتِضَارِهِم في الْمَوْجِ
الْمُحَصَّنِ بالنَّعْناع / أَحْمِلُ على ظَهْرِي ظِلالي الثقيلةَ/ فَأَسْقُطُ في
فُوَّهاتِ الْمَدَافِعِ نَسْراً/ قَصَفْتُ ظِلالَ الشَّجَرِ بمطرِ الجروحِ
الطازَجةِ / وَقَصَفَ قَلْبي تُرابُ الشَّفقِ/ وتَصَاعَدَ مِن قَفَصِي الصَّدْريِّ
دُخانُ الأرضِ /
كُلَّ يَوْمٍ تَقْتُلُونَ
الْحُسَيْنَ / إلى مَتى تَظَلِّينَ في ثِيابِ الحِدَادِ يَا فَارسيةً تَعتنقُ
الإجهاضَ بَعْدَ نِكاحِ الْمُتْعَةِ ؟ / في الطريقِ إلى المذْبَحةِ صَادفتُ قَلبيَ
القديمَ / مَشَى المطرُ إلى حِضْنِ أُمِّهِ / تَعَالَ يَا قَبْرِي إِلى حِضْنِي / ارْكُضْ
يا ضَريحي كَحِصَانٍ هَارِبٍ مِن حُمْرةِ الشَّفقِ / هَذهِ حَشائِشُ المدافِنِ
جَوَازُ سَفَرٍ للخُيولِ / وَلَيْسَ فِي يَدِي سِوى حُمْرَةِ الدِّماءِ / ولَيسَ
في قَلْبي غَيْرُ أحْمَرِ الشِّفاهِ لِصَديقتي الْخَيْمَةِ / مَضَيْتُ إِلى قُماشِ
رَاياتِ الغُزاةِ / فَعَبَرْتُ بَحْراً لم تَعْرِفْ وَجْهَهُ الأميراتُ السَّبايا
/ فَانْصُبْ خَيْمَتَكَ في تِلالِ الطاعون / أو تِلالِ النَّزيفِ البَرِّي /
مِن زَمانِ الموتى
الأخضرِ تَأْتي / فِلِمَاذا بَكَيْتَ على كَتِفِ الطوفان ؟ / اتْرُك الدَّمْعَ كَي
يَقُودَ المجروحِينَ إِلى دَبابيسِ مَناديلِ الأراملِ في مَحطةِ القِطارات / عَلَى
مَقْعَدِ الأحزانِ أَحرقتُ أحزاني / واختبأت المسدَّساتُ في أسمنتِ سَقْفِ حَلْقي /
خُذْ مِفتاحَ قَفَصي الصَّدْريِّ تِذْكاراً / ولا تتذكرْ سُعالي على فِرَاشِ
الموتِ/ سَيَأتي الصَّيْفُ مِن وَراءِ قُلوبِ الصَّبايا / نَفْرُشُ عِظامَ
الأنهارِ نَقَّالةً لأناشيدِ الغابةِ المحترِقةِ بالهديلِ / حَفَرَت الرُّعودُ على
سُطوحِ أنيني وَشْمَ القَصيدةِ/ وَنَظَرَت البَلابلُ في دَمِي فَلَمْ تَجِدْهُ
أَزْرَقَ / لَكِنِّي أَحْمِلُ جُثَّتي على ظَهْري / بَعْدَ انتشالِها مِن حُفَرِ
المجاري /
يا أَجْمَلَ الأراملِ في
خَيْمةِ السُّيولِ / سَتُشْرِفِينَ عَلى جِنَازَةِ العَالَمِ / يَا أرْملتي
المحترِقةَ بِحِبْرِ القَنابلِ / اكْتُبي الرَّسائلَ الغراميةَ للرَّصاصِ الحيِّ /
تَلْمَعُ فَراشاتُ المسدَّسِ في ليالي الحطبِ / فلا تَضَع المسدَّسَ تَحْتَ
وِسَادةِ الْحُبِّ الضائعِ / كُنْ صَديقاً لِلْجَرْحَى / كَي تَكتشفَ بَيْنَ
أسنانِكَ تاريخاً مِنَ الغاباتِ المحروقةِ / زَنازينُ الفَيَضانِ الوَرْدِيِّ/ وَظِلالُ
البَنَادقِ عَلى خَارطةِ القلب/ يا بِلاداً مَحْبُوسةً في قَفَصِي الصَّدْريِّ / خُذِي
مِفْتَاحَهُ / وَاخْرُجِي مِن صَدى الظِّلِّ / ظِلالِ القُيودِ عَلى خُدودِ
البَحرِ الدَّمويةِ / آثارُ دِماءِ أطفالِ الخِيَامِ / وَجِيَفُ قِطَطِ المجازِرِ
/ لم نَكْبُرْ كَثيراً مُذْ رَحَلَت الأنهارُ إلى صُراخِ الرِّئَتَيْن / أُقولُ لِلْمَوْتى
إِنَّ دَمِي قَطيعُ الرَّصاصاتِ / أو سِرْبُ أَقلامِ الرَّصاصِ / وَلَم
يُصَدِّقْني الرَّصاصُ الحيُّ / سأمشي كَي أمشيَ إلى ذَاكرةِ البَدْوِ الرُّحَّلِ
على أظافِرِ البَارودِ / سأعودُ طِفلاً كَي تُصَدِّقَني الطائراتُ الوَرقيةُ /
وَلَم أرَ في بَيْتِنا المهجورِ سِوى صُورةِ أبي / عَلى جُدْرانِ شَرايينِ
الرِّياحِ / وَلَم نَسْتَفِدْ مِن الرُّومانسيةِ غَيْرَ ضَياعِ الأندلسِ وَمَقْتلِ
دُودي الفايدِ / وَكُلُّ الجثثِ المعلَّقةِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / أَعْرِفُها ولا
تَعْرِفُ أصابعَ أُمِّي / فابْحَثْ أيها الشَّفقُ الذبيحُ عَن عَائلتي الذبيحةِ بَيْنَ
مَلاقِطِ الغسيلِ / عَلى سُطوحِ الموْجِ قُرْبَ خَنادِقِ المعْنَى /
سَتَحْفِرُ البَناتُ في
ظِلِّي المصْلوبِ مَسْرحاً لِلْعَرَائِسِ / احْتَفِلُوا في عُرْسِ الدَّمِ بِزَواجِ
تُحَفِ الكاتِدرائياتِ / قَبْلَ أن تَزُورَ قَبْرَ لُوركا النِّسوةُ المتَّشِحاتُ
بِمَحاكمِ التَّفتيشِ وَالصُّلبانِ السَّوْداءِ / كَوْكَبُ الدَّجاجِ مُعَسْكَرُ
اعْتِقَالِنا / نَعِيشُ على هَامِشِ الرَّعْدِ / فَلَمْ يَعْرِفْ وُجُوهَنا بَرْقُ
الكَلِمَاتِ الْمُقَاتِلةِ / هَل تَعْرِفُ وُجُوهَنا شِعَابُ مَكَّة ؟ / هَل نُدافِعُ
عَن ذِكْرَياتِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ ؟ /
مَشَيْنا حَامِلِينَ
قُمْصانَ النَّعناعِ البَرِّي / عَلى ظُهورِ أبقارِنا الهزيلةِ / رَكَضَتْ أشجارُ
الرُّمانِ إلى بُنْدقيةِ الشَّهيدِ/ فلا تَقْرَأْ أسماءَ أراملِ الشُّطْآنِ عَلى
مَسْمَعِ البَحر/ إِنَّ سَمَكَةَ القِرْشِ تُعَانِي مِنَ الرَّبْوِ/ وَالحوتُ الأزرقُ مُصَابٌ بأزمةٍ قلبيةٍ / كأنَّ جَسَدَ الطوفانِ قَميصُ
العَاصفةِ/ كَتَبْتُ اسْمَ الرِّياحِ عَلى تُفاحِ دِمَائِنا / فَهَل أبحثُ في
حُفَرِ المجاري عَن جَماجمِ الأطفالِ ؟ / هَل تَسيرُ الرَّاقصاتُ على خُطَى
الفِئرانِ في مَدينةِ الطاعونِ الأسْوَدِ ؟ / يَا مَمَالِكَ الذُّعْرِ / مَاذا سَتَفْعَلُ العاصفةُ بِخَاتَمِ الخطوبةِ بَعْدَ مَقْتلِ رِمَالِ
المجرَّاتِ ؟ /
أَمُرُّ عَلى اللازَوَرْدِ
/ فَيَمُرُّ على تَعَرُّجاتِ عُرُوقي قُرْبَ سُجوني / أَكْسِرُ بُرْتقالَ النِّسيانِ
أَم أَبْنِي نِسْيانَ البُرْتقالِ عَلى تَابوتِ الليمون ؟ / أَطرحُ أسئلةَ
الفَيَضَانِ عَلى كَراسي غُرْفةِ التَّحقيق/ الكَاهنةُ نائمةٌ في غُرْفةِ
الاعترافِ المعْدَنيةِ / وأجراسُ الكَنيسةِ تَجْرَحُ خُدودَ الرَّاهباتِ /
المسدَّساتُ وَرْدَةُ الْحُبِّ الضَّائعِ / والبَنادقُ مَناديلُ العِشْقِ
القاتِلِ/ سَتَأتي الفَراشاتُ الجريحةُ مِن حُمْرةِ دِمَائِنا / مِن أحْمَرِ
شِفَاهِ حَفَّاراتِ القُبورِ/ مُلُوخِيَّةٌ بالدَّيناصوراتِ الْمُنقرِضَةِ/
والدُّولُ تَنقرِضُ كأجنحةِ الذبابِ / رَتَّبْنا أشلاءَ النَّهرِ عَلى رُفوفِ
غُرْفةِ الإعدامِ بِالغازِ / وأحزانُ القَمرِ مُسْتَوْدَعٌ لِمَزْهرياتِ
النَّزيفِ/
لم تَتَّسِعْ لَنَا ثَلاجةُ
الموْتى يَا صَديقي / فَخُذْ مَكَاني في تِلالِ الصَّهيلِ / وَتَذَكَّرْ كُلَّ
أَصابعي التي مَرَّتْ عَلَيْها خَيْمةُ الأعاصيرِ / لم أستطعْ أنْ أَحْضُرَ عُرْسي
/ لأنَّ البَحرَ طَوَّقَ نَعْشِي بِالْمَرْجَان / لا تُغادروا أيُّها الضيوفُ
الجالِسُونَ عَلى زُجاجِ المقابرِ / سَتَصُبُّ البُروقُ البَعيدةُ دَمِيَ البارِدَ
/ في أَوردةِ الشِّتاءِ السَّاخِنِ / قُرْبَ كُؤوسِ المنفَى/ فَاشْرَبِيني يا
غُرَفَ الفَنادقِ الشَّعْبيةِ قُرْبَ المجازِرِ الشَّعبيةِ / حتَّى المنفَى
يَنفِينا / ولم تَعُدْ شَرايينُ رِقَابِنا قَادِرةً عَلى تَلْمِيعِ سُيوفِ أجْدَادِنا
/
في مَوْسِمِ هِجْرتي /
أَطْمَئِنُّ عَلى صُعودِ الكَائناتِ مِنَ البَيَاتِ الشَّتويِّ في لَيالي
الصَّيْفِ / بَيْرُوتُ هِيَ أيْلُولُ حِينَ يَذْبَحُنا حُزَيْرَان / نَتْرُكُ
رَسائلَ الْحُبِّ عَلى طَاولةِ غُرفةِ الفُندقِ / وَنَبْحَثُ عَن مَنْفَىً أكثرَ
دِفْئاً / مِن ظِلالِ انتحارِ المعنَى /
وَبَقِيَ الأطفالُ
مُعَلَّقِينَ بِجُثَثِ أُمَّهاتِهم / دَهْشةُ التُّوتِ هِيَ دِمَاءُ اليَاقوتِ
وضِحْكةُ يَافا / لا تَتْرُكِيني عَارِياً تَحْتَ المطرِ / وَحْلُ النَّيازكِ عَلى
قَميصي / وَقُبورُ السَّمَكِ مُبْتَلَّةٌ بالقَنابلِ الفُسْفُوريةِ / حَيْفَا
بَعيدةٌ عَن نَعْشي / لَكِنَّها تَحْمِلُ نَعْشَ البَحرِ / لا تُصَدِّقي ما تَقُولُهُ
الحِيتانُ الزَّرْقاءُ عَن نِهايةِ قِصَّةِ حُبِّنا / لا تَحْرِقي رَسائلَ
الغَرَامِ فِيما بَيْنَنا/ لا تُصَدِّقي الْخَوْخَ الذي حَكَمَ على ضَحِكاتِنا
بالإِعدامِ / أرجوكِ / قُولي للشُّطآنِ كَمْ مَشَيْنا مَعَاً في نَشيدِ الأمطارِ
حُفَاةً / نَرتدي أدغالَ اليورانيومِ الْمُشِعِّ / كَشَواهِدِ القُبورِ
الْمَطْمُوسةِ في وَحْلِ الْمُخَيَّماتِ /
لَسْتُ حُلْماً لأنسَى
يَدَيْكِ في سُجونِ رِئتي / يَا وَرْدةً تأخذُ دَمِي أحمرَ شِفَاهٍ /
وَبُنْدُقِيَّتي كُحْلاً / وَبُكائي حِبْراً لِرَسائلِ العِشْقِ في مُنْتَصَفِ
الليلِ / كَلا يا عَكَّا / لَسْتُ أنا مَن باعَ أجفانَكِ / لأشْرَبَ الخمرَ معَ
أميراتِ مُوناكو / مَرَرْتُ في جِلْدِ الشِّتاءِ صَيْفاً/ وكانَ قَطيعُ السَّلاحفِ
البَحريةِ يَموتُ/ والمساءُ يَكتبُ قَصائدَ الرِّثاءِ / حَضَنْتُ دَمَاً لا أَعْرِفُ
فَصيلَتَهُ / وجُغرافيا الْمَذْبَحَةِ طِفْلٌ يَرْتَعِشُ عَلى صَدْرِ أُمِّهِ
الذبيحةِ / فَكُنْ طَريقي لأكتشفَ آخِرَ الضَّوْءِ في نَفَقِ الذِّكرياتِ /
الجثامِينُ مُعَلَّقَةٌ عَلى جُسورِ البَنَفْسَجِ / فَابْتَعِدْ يا مَسَائي عَن
دَفاترِ التِّلميذاتِ / لن أَنسَى مَدْرسةَ الطوفان/ والأسوارُ تَصيرُ نَشِيداً
للرَّصاصاتِ الحالِمَةِ/ نَجَحْتُ في امْتحانِ لُغَةِ الثَّوْرةِ/ بَكَيْتُ في
امتحانِ الحنين / أَظَلُّ أَحْفِرُ في بُرتقالِ الموْتِ أناشيدَ الزِّلزالِ /
وأَتلُو تَعاليمَ المطرِ أمَامَ الزَّوابعِ التي تَغْسِلُ أكفاني / ولم أَعْرِفْ
رِجالَ القَبيلةِ الذينَ يُغَسِّلُونَ أبي القَتيلَ /كانَ الْحُزْنُ حَطَباً
مُسْتَوْرَدَاً / لَكِنَّ نِساءَ القَبيلةِ يَغْسِلْنَ الأشْلاءَ بِمَاءِ الزَّهْرِ
/
هَاويةُ المعنَى تَمشي
في نارِ الأبجديةِ / لا تَحْرِقيني / سأحترقُ بِقُبُلاتِ الموْجِ في صَوامعِ
قَلْبي الجريحِ / حَجَرُ النَّرْدِ تابوتٌ / والرَّعْدُ يُغَسِّلُ الأمواتَ في
مُسْتَوْدَعاتِ المِيناءِ / خُذ بُكائي تِذكاراً ولا تَذْكُرْني / سَأمشي أنا
وجُثتي على شُطآنِ المساءِ / كَبُرْتِ يا أُمِّي بَعيداً عَن سُعالِ أبي/وَكَبُرْتُمَا
مَعَاً في ذِكْرى زَواجِ الشَّاطِئِ مِن لَحْمي/ وَبَقِيتُ أعْزَبَ/لكني
تَزَوَّجْتُ نُعوشَ الطريقِ/ أبكي بَيْنَ قَارورةِ الحِبْرِ وقَارورةِ السُّم/
وأَقرأُ مُؤلفاتِ الثلجِ/ أظافري مَصْقُولةٌ كَخَشَبِ التَّوابيتِ/ ولم أُمَزِّقْ
أوراقَ الخريفِ/ كَي أَعْتَرِفَ أمامَ مَذْبَحِ العِشْقِ أنَّكِ قَاتِلتي /
يا كُلَّ تَواريخِ الأحْجارِ
الكَريمةِ / الأندلسُ هِيَ أُمِّي / فَمَن وَلَدَنِي أوَّلاً : أسوارُ عَكَّا أَم
بُحيرةُ طَبَرِيَّا ؟ / خائفٌ أنا مِنَ الذِّكرياتِ / وخَلاخيلُ الرَّاهباتِ
تَرِنُّ كالأجراسِ / كأبْوَابِ غُرْفةِ الاعترافِ / الحطبُ هُوَ الجوازُ
الدُّبلوماسِيُّ يا سَجَّاني الدُّبلوماسيَّ / ذَوِّب الأحكامَ العُرْفيةَ في عَصيرِ
البُرتقالِ / كَي تَرى في ضَوْءِ الغاباتِ جُمْجُمةَ الموْجِ/ أُذَوِّبُ مِلْحَ
دُموعي في كُوبِ الشَّاي / والبُروقُ تَزرعُ في جَسَدي قَصَبَ السُّكَّرِ/
فاسْكَرْ بِدَمْعي أوْ دَمي/ أَعْطِني مِفتاحَ قَبْري المفتوحِ أمامَ السَّائحاتِ/
وَخُذْ ما بَقِيَ في غُرْفةِ إِعْدامي/ مِن بَراويزِ الأنهارِ المنفِيَّةِ/
يَا أطفالَ غَزَّةَ
الصَّاعِدِينَ إلى رَايةِ الذاكرةِ/ النَّازِلِينَ إلى أكواخِ قَانونِ الطوارِئِ /
يا مَنْ أَنجبْتُم البَارودَ قَبْلَ سِنِّ البُلُوغِ/ لا تَسْمَحُوا لأسْمَاكِ
القِرْشِ أن تُتَاجِرَ بِدِمائِكُم المعلَّبةِ في مِنْفَضةِ السَّجائرِ / كُلُّ
شَيْءٍ يَركضُ إلى الانطفاءِ / ذَهَبَ الرِّجالُ إلى الانطفاءِ / ذَهَبَت النِّساءُ
إلى الانطفاءِ / ذَهَبَ الانطفاءُ إِلى الانطفاءِ / فَلا تَنتظِر الْمُخَلِّصَ /
أنتَ الْمُخَلِّصُ / ولا شَيْءَ يَلْمَعُ سِوَى القَنابلِ الفُسْفوريةِ وَشَواهِدِ
القُبورِ/ أُفَتِّشُ في أضْوَاءِ السَّياراتِ عَن دِمَاءِ الضَّحايا/ أَقْسِمُ
لَيْمُونةَ الاحتضارِ بِخَنجَرِ الرَّعْدِ/ وأُخَزِّنُ فِيها المقابرَ
الجماعِيَّةَ وَدُستورَ التَّطْهيرِ العِرْقِيِّ/
دَخَلَت أشجارُ الذاكرةِ
في شَيْخوخةِ السَّيفِ الذي لَن يُغْمَدَ / صَارَتْ خَنَاجِرُنا أَقْصَرَ مِن
الطريقِ الصَّحراويِّ بَيْنَ الرِّئتَيْن / فَخَسِرَتْ هِضَابُ الْحَنينِ طَعْمَ
اليَانسون / والعَواصِفُ الرَّمليةُ تَرْمي كَبِدي طُعْماً للأسماكِ/ تَخْبِطُ في
دَمِي وَحْشَةُ الأرصفةِ القَذِرةِ / والمساءُ يَصْطادُ أُمْنِيَّاتِ الخريفِ /
أتى الشِّتاءُ
السَّاخِنُ/ فَجَهِّزي يَا أرْمَلَتي كُوباً مِنَ الشَّاي الأخضرِ / لِلْقِطَّةِ
الهارِبةِ مِنَ القَصْفِ الْمَدْفَعِيِّ / مِتُّ في شَمالِ القَلْبِ / وَمَاتَ
ظِلِّي في جَنوبِ العَاصفةِ الثَّلجيةِ / رَجَعْنا إلى حَفْلةِ الجمَاجمِ / نَحْمِلُ
وَقْتَ السَّنابلِ في الحقائبِ / فَلَم نَنْتَبِهْ إلى حَفْلةِ رَأْسِ السَّنةِ /
في مُنْتَجَعَاتِ الدِّماءِ اللزِجَةِ / سَتَكُونِينَ يا غَزَّةُ لَوْحَةً
زَيْتِيَّةً على جُدْرانِ المتاحِفِ / حَيْثُ السَّائحاتُ العَارِياتُ يَضْحَكْنَ
أمَامَ أجفانِ الشُّهداءِ / حَيْثُ الجنودُ يَسْرِقُونَ عِنَبَ المجرَّاتِ/ وَيَعْبُرُونَ
إِلى الإِبَادةِ وَاثِقِينَ مِنَ الفِيتو / رَسَمُوا على قُبورِ البَجَعِ اتفاقيةَ
جِنيفَ الرَّابعةَ / يَتَجَوَّلُونَ في دِمَاءِ الْحُزْنِ الثالثِ / دَخَلْتُ إِلى
خَشَبِ الأعاصيرِ/ إِنَّ حُزْني سِكِّينُ الْمَطْبَخِ / وَلَم يَعُدْ هُناكَ مَطْبَخٌ
وَلا سَكاكين / نَطْبُخُ حُزْنَ الشُّموسِ في مَعِدَةِ الإِعْصَارِ / وَنَقْطَعُ لَحْمَ
البُحَيْرةِ بِسِكِّينِ جَارَتِنا الْمَنْفِيَّةِ في مَملكةِ اليَتامى /
كُلُّ الأمواتِ
يَعيشُونَ في أزِقَّةِ المرفأ / مَناديلُ الوَداعِ تَتساقطُ عَلى الأرْصِفَةِ
كالخناجرِ / غَابَت الصَّبايا في خَوَاتِمِ الخطوبةِ / وَذَهَبَ الْمُزارِعُونَ إِلى
الشَّفَقِ يَصْطَادُونَ المطرَ الحِمْضِيَّ / وَيَحْصِدُونَ أجنحةَ النَّوارِسِ/ لا
أَقْدِرُ أن أُحدِّقَ في عُيونِ البُحَيْرةِ العَانِسِ / أنا آسِفٌ يا قَاتِلي /
لأنَّ طَعْمَ دَمِي لَم يُصْبِحْ مِثْلَ عَصيرِ الليمونِ /
التِّيجانُ على
الرُّؤوسِ المقْطُوعةِ / والسُّيوفُ مُعَلَّقةٌ في أجفانِ الزَّوابعِ /
والقِطاراتُ لَن تَصِلَ أبَداً / أَخْجَلُ أن أَكُونَ رُومانسياً / وَالعَالَمُ يَنتحرُ
مِنْ حَوْلِي / يَتساقطُ قِلاعاً مِن هَلْوَسةٍ / تَبحثُ خُيولُ الشَّفَقِ عَن
تَوابيتِ الأطفالِ / كَسَرْتُ كُلَّ المرايا على حِيطانِ بَنْكِرياسي / لا
أَقْدِرُ أن أُحَدِّقَ في عُيوني / وأشلائي مُلْقاةٌ تَحْتَ سَيَّاراتِ الإِسعافِ/
كَانَ الإِوَزُّ اسْماً سِرِّياً للمنفَى/ والفَيضانُ فَقَدَ ذِرَاعَهُ في
المعركةِ/ وما زَالَ يُقاتِلُ / فَخُذ الحِكْمَةَ مِن رُعْيانِ الغَنَمِ / الذينَ
يَدْرُسُونَ فَلْسَفةَ الغجرياتِ/ الهارِباتِ مِنَ الأندلسِ / البَاكِياتِ أمامَ
بَراميلِ النِّفطِ /
وَداعاً يَا اسْمَ
تَابوتِ الأزهارِ / تَحْمِلُه القِطَطُ العَرْجاءُ إِلى أغاني المنفَى الثلجيِّ / اخْلَعْ
جِلْدَكَ قُنْبلةً فَرَاغيةً/ لِتَملأَ فَراغِي العاطفِيَّ / وَتُخَبِّئَ في
وَقْتِ الفَراغِ أجنحةَ الفَراشاتِ وَمَخازِنَ الأسلحةِ / وَاكْسِرْ أَنفَ الخيمةِ
/ لَم تُخْلَقْ لِلْخِيامِ / يا نَسْراً يَغْمِسُ عُنفوانَه في الوَهَجِ / وَيَبْسُطُ
أجنحةَ النارِ عَلى صَحاري الحطبِ / خَشَبُ التَّوابيتِ يُقَاتِلُ/ فَلا تَبْكِ عَلى
مَقتلِ المزهرياتِ / قَطَعَت الذِّكرياتُ أصابعَ السُّيولِ / والأراملُ يَنتظرِنَ
الفَيَضانَ الزُّمرديَّ / خَرَجْتُ مِن رُومانسيةِ الجسَدِ الملوَّثِ بالغِزْلانِ
القَتيلةِ / وَدَخَلْتُ في رُومانسيةِ الأحزمةِ النَّاسِفةِ / أُرَتِّبُ
الصَّدماتِ العَاطفيةَ في ذَاكرةِ رِيَاحِ الخمَاسِين / وأَصُفُّ أشلاءَ
النَّيازِكِ على جُدْرانِ شَراييني كأحجارِ الشِّطْرَنجِ / وَدَهْشةِ الرَّاهِباتِ
في طَابورِ صُكوكِ الغُفْران /
أَخْرُجُ مِن حِبَالِ
الغسيلِ / أَصْعَدُ مِن أكوامِ الرَّصاصِ المطاطِيِّ / أكتبُ قَصَائدَ العِشْقِ لِلْحُورِ
العِين / وَأَمُرُّ على أضرحةِ المطرِ العَارِي مِن البَارودِ / أَحْقِنُ الأمطارَ
الحِمْضِيَّةَ بأقواسِ النَّصْرِ / وكلُّ بُحَيْراتِ البَارودِ تَصُبُّ في
شَراييني / وَتُحرِّكُ قَلْبَ الثورةِ/ أنا ثَوْرتي / مَسَاءاتُ حَليبِ السَّنابلِ/
ذَاكِرةٌ تتزوَّجُ التِّينَ في حَديدِ الدَّباباتِ/ أَعْصِرُ دَمْعي لأَمْنَحَ
الجوْعَى مِلْحَ الطعامِ / وَلَم أُمَيِّزْ بَيْنَ السِّلْكِ الدُّبْلوماسِيِّ /
والأسلاكِ الشَّائِكةِ على أسوارِ رِئَتي / وكلُّ الأسلاكِ الكَهربائيةِ سِيَاجُ
قَفَصي الصَّدْرِيِّ / فَافْتَحْهُ لاستراحةِ المحارِبِ / الذي لا يَستريحُ /
رَسَمْتُ ذَاكرةَ
الحقولِ خُيُولاً / تُرَمِّمُني البَنادقُ / وَرَمَّمْتُ أبجديةَ السَّنابلِ /
فَلْتُقَاتِلْ / النارُ تَرْعَى قَطيعاً مِن جَماجمِ السُّنونو / أَخْرَجْتُ
أرقامَ ظِلالِ الضَّحايا مِن حِسَاباتِ الغَسَقِ / تَرقصُ الإِمَاءُ في السِّجْنِ
الانفراديِّ / ولم تَزُر النَّهْرَ السَّجينَ شَريفاتُ قُرَيْشٍ / ولم نَجْرُؤْ
على النَّظَرِ في عُيونِ نِسائِنا/ لَسْنا رِجَالاً لِكَي نُعَلِّقَ أُنوثةَ البَنادقِ
على حَبلِ الغسيلِ / وَنَصْلُبَ الأسطورةَ على أعمدةِ الكهرباءِ /
المنفَى الرُّخامِيُّ
وَنَقِيضُ العُشْبِ / وَجْهانِ لِمُسَدَّسِ البَرْقُوقِ / أمعائي مَدينةٌ
مَهْجورةٌ / تَنامُ في الحضاراتِ المنقَرِضَةِ/ وشَظايا رِئتي مُوَزَّعَةٌ
بالتَّساوي عَلى الحواجِزِ الأمنيةِ / وأبراجُ الْمُراقَبَةِ تَنمو في كَبِدي/
والكِلابُ تَحْرُسُ أوْرِدتي/ وأسْماكُ الغروبِ تَحْمِلُ القَنابلَ / وَتُدافِعُ
عَن دُموعِنا النُّحاسيةِ / لا نَقْدِرُ أن نَحْمِيَ قِطَّةَ جَارَتِنا مِنَ
الاغتصابِ/ اغْتَصَبْنا رُموشَنا / فَصِرْنا طَيْفاً للكُهوفِ السَّائرةِ على
زُجاجِ القِطَاراتِ/ وَصَوْتُ الرَّصاصِ هُوَ الرُّومانسيُّ الوَحيدُ في أزِقَّةِ
المجرَّاتِ /
لَمْ نَسْتَفِدْ مِنَ
العَالَمِ الْحُرِّ سِوَى مَقْتَلِ دَيَانا / وَلَم نَسْتَفِدْ مِن أُكسفورد
غَيْرَ مُصَاحَبةِ الإِنجليزياتِ / في أريافِ التَّطْهيرِ العِرْقِيِّ /
القِرْميدُ يَحترقُ في الحبِّ الأوَّلِ / وأكواخُ الصَّفيحِ تتفجَّرُ في سُعالِ
العُشَّاقِ / والمذْبَحةُ تَذوبُ بَيْنَ أزرارِ قَميصي/ كَمَا يَذُوبُ المطرُ في
فِنْجانِ القَهْوةِ / نَسِيتُ جِلْدي على أوتادِ خَيْمتي / وَبَرَاويزُ الصُّوَرِ
التِّذكاريةِ مُسْتَوْدَعٌ للذَّخيرةِ / والشُّعوبُ تُفَّاحاتٌ على رُؤوسِ
الرِّماحِ /
حَاضِناً أشلاءَ
الأطفالِ المعلَّقةَ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / اكتشفتُ مَطَراً يَخْرُجُ مِن رِئةِ
الشَّمْسِ / يَصْقُلُ حِبَالَ المشانقِ / فَلا تُعَانِق القَاتِلَ / واسْكُن في
الشَّفَقِ صَهيلاً وزَعْتراً / وازْرَعْ حُرُوبَكَ في قَوْسِ قُزَحَ / دِيمقراطيةُ
الْمَقَاصِلِ / سَأقولُ لِلشُّموسِ الْمُزيَّفةِ : لا / فلا تُعانِقِيني / لا
تَخْتَبِري حِبْرَ أشعاري في عَرَباتِ نَقْلِ الجنودِ / لا أُريدُ لَمَعانَ
الأمواجِ / إِنْ كانَ سَرَطانُ الجِلْدِ نشيداً وَطَنياً / وَالرَّمْلُ يَقضي
الليلَ في كُهوفِ زَوْجَتِه/ ويَطْعَنُ الشُّموسَ التي تَقْضي الليلَ في المعاركِ/
لَو ضَاعت الأندلسُ فَقَد رَبِحْنا غَرَامياتِ ابْنِ زَيْدُون / وَلَو ضَاعَت كَشميرُ
فَقَد رَبِحْنا سِينما بُوليود / وَلَو ضَاعَت الشِّيشانُ فَقَد رَبِحْنا لاعباتِ
التِّنسِ الرُّوسياتِ/ وَلَو ضَاعَت القُدْسُ فَقَد رَبِحْنا آبارَ النِّفْطِ/
حَاضِناً ضَوْءَ عِظَامِ
الموْتى / ولا قَتْلَى على حِيطانِ كَبِدي إِلا رُمُوشِي/ قَتَلْنَاكُمْ ثُمَّ
سَرَقْنا مِنْكُمْ ثمنَ أكفانِكم/ فَسَامِحُونا / نَحْنُ المسدَّساتُ البلاستيكيةُ
/ التي تُحلِّلُ الوَضْعَ الإِستراتيجيَّ لِلْجُثَثِ / لا عُشْبٌ يَعْتَرِفُ بِنا
سِوَى مَرايا المنفَى / وَلا مَنفَى يُوافِقُ على استقبالِ رُؤوسنا المقطوعةِ /
تَلتصقُ دِمائي عَلى حِيطانِ حُفَرِ المجاري / وَجُثماني سَيَرْفَعُ أَسْهُمَ
البُورصةِ / وَشَراييني في مَمَالِكِ القَاتِ مُزِيلُ عَرَقٍ فَاخِرٌ /
نَحْنُ سَبايا حَافياتٌ
في طُرْوادة / وَنَحْلُمُ بالأندلسِ تَحْتَ نَوافذِ سُجُونِنا في الْجُزُرِ
النَّائيةِ / نَركضُ في رِئةِ التفاحِ المسمومِ / وَنشربُ نَخْبَ المجزرة / بَارِكُوا
لِلْجُنونِ يا رِفَاقَ السِّلاح/ اكْتَشَفْنا في أجسادِ الفُقراءِ حُقولَ نِفْطٍ /
بلادي التي تَقْتُلُ بلادي/ اقْتُلِيني وَامْشِي في جِنازتي/ يَا وَطَنِي
القَاتِلَ المقتولَ/ اذْبَحْني وأَوْقِف المهْزَلةَ / بِلادي التي حَلُمْتُ بِها
أبادتْ كُلَّ أحلامي /
أنا فِيزياءُ
الانقلاباتِ/ وكِيمياءُ البَنادقِ / أَزرعُ أشلائي في الإعصارِ / كي تَنْبُتَ
رَصاصاً ولَيْمُوناً / أخافُ مِن وَجْهي المنثورِ في المرايا / يا بِلاداً تَقتلُ
أنبياءَها / وتُقدِّسُ عَاهراتِها / اذهبي إلى أرشيفِ حِجارةِ النيازكِ المكسورةِ
/ يتكاثرُ اللصوصُ المصْلُوبونَ على رَبطاتِ العُنُقِ/ فَلْتَكُن الضَّحيةَ أو
رَقْمَ الضَّحيةِ التي تَهْتِفُ لقاتلها / ستأخذُ رَقْماً جَديداً للزِّنزانةِ
يتناسبُ معَ جَدْولِ الضَّرْب / اقتليني يا بِلادي / ثُمَّ قَدِّمي اعتذاراً رَسْمياً
لأرْمَلتي / أرشدتُ الْمُخْبِرَ المكلَّفَ بِمُرَاقبتي إلى مَوْقعِ حُزني/ صَارت
المرأةُ قَميصاً للنَّخاسِ الْمُكْتَئِبِ/ تَقفزُ أسماكُ القِرْشِ كالتَّوابيتِ في
أحاسيسِ الرَّاقِصةِ/ بَعْدَ انتهاءِ رَقْصتها المصيريةِ /
ادْفِنْ ظِلالَ الموتى
في توهُّجاتِ الكَرَزِ / سيتوهَّجُ الْحُلْمُ في أجفانِ الغصونِ الخائفةِ / يا
كُلَّ فُقراءِ حُفَرِ المجاري الخائفينَ / مِنَ اللوحاتِ الدُّبلوماسيةِ
للسَّياراتِ السَّوْداءِ / ازْرَعُوا احتضارَكم في أجراسِ السَّنابلِ / يُرَبِّي
الدُّودُ هَلْوَسةَ العُشبِ في حَنجرتي / سَأُقَدِّمُ رِسالةَ مَاجستير عَن أناقةِ
رَجُلِ المافيا / وَشَرَفِ ابنةِ القُرْصانِ / والكَبْتِ الجِنسيِّ في جَسَدِ
الكَاردينالِ النُّحاسيِّ / أُضَيِّعُ وَقْتي في اصطيادِ الأسماكِ مِنَ البَحْرِ
الْمَيْتِ / نُدْخِلُ الإنسانَ في الانقراضِ/ وَنُنْقِذُ الرَّقصَ الشرقيَّ مِنَ
الانقراض /
شَهْرُ العَسلِ هُوَ
استراحةُ المحارِبِ/ بَيْنَ دُخولِ الليلِ ولَيْلةِ الدُّخلةِ/ اجتمعَ الضِّدانُ
في جِلْدي / فلا تَحْزَنْ عَلَيَّ / سيُصبحُ زُجاجُ نَظَّارتي الشَّمْسيةِ وَاقياً
ضِدَّ رَصاصِ العِشْقِ / فلا تَقْلَقْ عَلَيَّ / سأكتشفُ الرُّومانسيةَ في
تحوُّلاتِ عُشبِ المقبرةِ / حَيْثُ يَصيرُ ضَابِطُ المخابراتِ عَازفَ كَمَان/
وتَعْزِفُ الأمطارُ على البيانو / وأَعْزِفُ عَلى حَبْلِ مِشْنقتي / جَسَدُكِ
الطَّرِيُّ مِثْلُ البيانو / كِلاهما تَأكلُه الدِّيدانُ / لا أُريدُ حَفَّارَ
قُبورٍ مُسْتَوْرَدَاً/ أنا أَحْفِرُ قبري بِيَدَيَّ/ أُنادي عَلى الْجُثَثِ
المنسيةِ تَحْتَ المطرِ / وأَصْرُخُ في قَشِّ الإِسطبلاتِ الأزرقِ / أيتها
الخرافةُ المقدَّسةُ / والأكذوبةُ الْمُطهَّرةُ / كَم عَدَدُ الجماجمِ
الْمُغَطَّاةِ بالنَّعناعِ في الطريقِ إِلَيْكِ ؟ / مَا فائدةُ غُرفةِ النَّوْمِ
إذا كَانتْ حياتي ثُلوجَ الأرَقِ ؟/ أستقيلُ مِن مِهنةِ اصْطِيادِ ذُبابِ
المقابرِ/ وأَضَعُ استقالتي على مَكتبِ الطوفان / لَيْسَتْ شَرايينُ البَجَعِ
سِوَى بُكائي / خَارِجَ حُدودِ أمعائي / والنَّيازكُ أَسْقَطَت الجِنسيةَ عَن
حديقةِ أكفاني / نَزرعُ رُموشَنا في أجنحةِ النُّسورِ / وَنُقاتِلُ حتى انفصالِ
الرأسِ عن الجسَدِ /
لا تُزْعِج النَّمْلَ
الذي يأكلُ عُرُوقي القُرْمزيةَ / الْحُزْنُ الْمُزَرْكَشُ / وَرَقْصةُ الخرابِ /
وَأقواسُ النَّصرِ في المذابح / يا عَرَقَ الرَّصاصةِ الذي بَصَقَ عَلَيْنا /
وَرَحَّبَ بالسَّائحين / لَوِّنْ أحذيةَ الإِمبراطورةِ بِجَماجِمِ الملوكِ / وَطَنٌ
لَم يَعُدْ لنا / فيا قاتلي العزيزَ / خُذْ سَريري في غُرفةِ العِنايةِ المركَّزةِ
/ خُذْ مَجْدَكَ في الرَّقْصِ على أنغامِ التَّطْهيرِ العِرْقِيِّ / يَا رَاقِصةَ
الدَّمارِ / تَصَدَّقي على البَشَرِ النَّائمينَ في سِلالِ القُمامةِ /
وَحيداً أَعيشُ في البَارودِ
مَلِكَاً / أَلْهَثُ في طُرقاتِ الجثامينِ الطازَجةِ / حُفَرُ المجاري تَصيرُ
دُسْتوراً لِلْجِرْذانِ الأنيقةِ / وَسَرِقةُ الجثثِ تتوهَّجُ كَغُموضِ ابتسامةِ
لاعبةِ التِّنسِ / يَا مَنْ قَتَلْتُمْ دُودي الفايد / وأَقَمْتُم عَلى ضَريحِهِ
شَعائرَ عِيدِ الحبِّ / شُعوبٌ مِن دُخَانِ القِطاراتِ / أنا وَالْمُخْبِرُونَ نُعاني
مِنَ الفَراغِ العَاطفيِّ / فَاشِلُونَ في الْحُبِّ لأننا لَم نتعلَّمْ أن نُحِبَّ
/ فاحْسِبْ سُرعةَ الضَّوْءِ في أشلائِنا المخلوعةِ كالملوكِ المخلوعين / لن
تُفَرِّقَ مُضَادَّاتُ الاكتئابِ بَيْنَ حَليبِ النِّساءِ وآبارِ النِّفْطِ /
مِن دِمَاءِ الضَّبابِ/
يُولَدُ ضَبابُ كُؤوسِ الْحُزْنِ / فاشْرَبْ ظِلَّ الأمواتِ الباردَ / الأشلاءُ
تَسْبَحُ في عَصيرِ البُرتقالِ/ والتفاحُ يَنامُ في مِلْحِ الدُّموعِ / فَعِشْ في
أقصَى ذِكْرياتي / وافتَحْ قَلْبَكَ أمامَ الجرادِ الدُّبلوماسِيِّ / لَن
يُفَرِّقَ البَعوضُ بَيْنَ الفَجْرِ الصادقِ والفجرِ الكاذبِ/ تَلْمَعُ رُؤوسُ
الدَّبابيسِ عَلى حِيطانِ رِئتي مِثْلَ الكَوابيسِ / والكُوليرا تَخْدُشُ ظِلالَ
جَاريةٍ فَارسيةٍ مَكْسورةٍ / تَعْشَقُ خَليفةً عَبَّاسياً مَكْسُوراً / (( فابْكِ
كَالنِّساءِ مُلْكاً مُضَاعاً / لَم تُحَافِظْ عَلَيْهِ كَالرِّجالِ )) /
البَرقُ يَكتبُ رَقْمَ
جُثتي على حَوافِّ جُمْجمتي / وَالفقراءُ يَحْصِدُونَ جماجمَ الأطفالِ / عَلى
عُشْبِ الزِّنزانةِ الانفراديةِ / وَعَرَّابو دَاحِسَ والغبراءِ رَفَعُوا الرَّايةَ
البَيضاءَ / دِماءُ الأطفالِ ألوانٌ جَديدةٌ لِرَبطاتِ العُنُقِ / وَالقِطَطُ الضَّالةُ
تَلْعَقُ دِماءَ أبنائي في شَوارعِ الأنقاضِ / تَحْمِلُ إِوَزَّةُ الطوفانِ عَلى
ظَهْرِها أثاثَ المنفَى / وَتَرْحَلُ إِلى حَرائقِ صَدْري / فَكُنْ مَوْتاً
لأغصانِ النَّزيفِ لِكَي تَرَى / كُنَّا سنتزوَّجُ ذِكرياتِ المطرِ / لَو أنَّ
رُومانسيةَ البَنادقِ لَم تُصَب بالاكتئابِ / كُنَّا سَنَجِدُ لأنفُسِنا مَرايا غَيْرَ
مَشْروخةٍ / لَو أنَّ الظلالَ لَم تَبِع الوَطنَ والمنفَى في صَفْقةٍ وَاحدةٍ/
كانَ قَلبي سَيَحتفلُ بِعِيدِ استقلالِهِ / لَو أنَّ بَنْكِرياسي أكثرُ رُومانسيةً
مِن لاعباتِ التِّنسِ الصِّرْبياتِ / يَختفي المعنَى في مَجازِرِ الغروبِ / وَحْدِي
أَسيرُ في طُرقاتِ المجزرةِ ذَاكرةً للأنقاضِ / أرعَى قَطيعَ الدَّمعاتِ وَحيداً
في الصَّحاري الجليديةِ/ وعائلتي تَموتُ حَوْلي / ومصافي النِّفطِ تَصْعَدُ مِن
أجسادِ الأمواتِ / دَمي هُوَ الحِبْرِ السِّريُّ / واحتضاري هُوَ الشِّيفرةُ
الغامضةُ بَيْنَ قَلْبي وَعِظَامي / وَدُموعُ السُّنونو رَسائلُ مَنْسِيَّةٌ في
صناديقِ البَريدِ الصَّدئةِ / فَيَا قَلْبي الْمُسَيَّجَ بِخِيَامِ النَّعْناعِ / لا
تَنْسَ وَجْهَ تَاريخِ البَارودِ / امتصَّ شمسَ الدُّخانِ جَيْشُ السَّبايا/ ولم يَسْتَفِد
الفُقراءُ مِنَ النَّشيدِ الوَطَنِيِّ / سِوى الموتِ في طَوابيرِ الخبزِ/ يَنامُ
الرِّجالُ معَ جُثثِ نسائهم النُّحاسيةِ / قُرْبَ حَشائشِ الهاويةِ/ وَالصَّحراءُ وَضَعَتْ
على مَكتبي اسْتِقَالَتَهَا / هذا الميْتُ هُوَ أنا / أَجْمَعُ رُفَاتَ أبي في
أَزِقَّةِ الْمُخَيَّماتِ/فازْرَعُوا الجثثَ في جُثتي/ أيْنَ أذهبُ يَا دُموعَ الكَوَاكِبِ
المهاجِرةِ ؟/ الكِلابُ تَعُضُّ ضَوْءَ القَمرِ / فَكُنْ قَمَرِي يا مُقاتِلاً تَختلطُ
أحشاؤُهُ بِالشَّفَقِ / وَلا يَسْقُطُ قُرْبَ اسْمِ الرِّيحِ / كأنَّ دِماءَ دُودي
الفايدِ تَصرخُ في غِمْدِ سَيْفي / أَحْمِلُ كُلَّ تَاريخِ شَريفاتِ قُرَيْشٍ على
كَتِفِي/ فَلَن أَنزِعَ بُندقيتي مِن لَحْمِ النَّيازكِ/ جَبينُ عكَّا وَرْدَةٌ عَلى
خَنجرِ الرَّعْدِ / وَالغريبُ تَزَوَّجَ الغريبةَ/ فَيَا رَاهِبةَ الاكتئابِ
المعدنِيِّ/ خُذِي خَارطةَ أضرحةِ عَائلتي / وَلا تَرْسُمي الصَّليبَ عَلى صَدْرِكِ
قَبْلَ انتحارِكِ / قَد كَسَرَ ابْنُ الزُّبيرِ صَليبَهُ / كُنْ يا حُزْني أكثرَ
شجاعةً مِنَ الغبارِ/ احتضارُ النيازكِ تَحْمِلُهُ طُيورُ الشَّفقِ / فلا تُشْفِقْ
عَلَيَّ يا رَمْلَ البَحْرِ/ هذا دَمِي ضَفائرُ الشَّجراتِ / لكنَّ الأعاصيرَ
أَحْرَقَتْ ضَفائرَ الرَّاهباتِ / أُخَزِّنُ بَيْنَ أسناني بَنادقَ الرُّوحِ / نَزِيفي
بُرْجٌ سَكَنِيٌّ تَقْطُنُهُ النوارسُ المشرَّدةُ / والبَحْرُ حُفْرةُ دَمٍ أسْوَد/
والأسماكُ تَخْبِطُ في دِمَاءِ القَراصنةِ/ لكنَّ دَمي جَالِسٌ في مَقْهَى العَوَانِسِ
/ يَشْرَبُ زَنجبيلَ المذبحةِ /
كَتَبْتُ قِصَّةَ
حُبِّنا تَحْتَ جُسورِ سَرَاييفو / وكانَ القَمَرُ يَخْلَعُ قَميصي / كَي يَفتحَ
رِئتي للخيولِ القادمةِ مِن مَعِدَتي / أَفْرِضُ على أحزاني الإقامةَ الجبريةَ / فَاصْنَعْ
نَشيدَ المطرِ بَيْنَ حُبِّنا الأوَّلِ وَمَجْزرتنا الثانيةِ / يَا مَن تَقْضُونَ
شَهْرَ العَسَلِ في ثلاجةِ الموتى / لا تَنسَوا البُوظةَ بِالفانيلا معَ فَتياتِ شَواطئِ
الطاعون / الذِّكرياتُ اختراقٌ أمنيٌّ / فلا تَتذكَّرْ نَعْشِي في خَيمةِ اللاجئِ
/ إِنَّ التوابيتَ البازِلتيةَ تتعلمُ الكَرَاهِيَةَ في عِيدِ الحبِّ / أَسْكُبُ
المنفَى في أباريقِ الفَخَّارِ / والثلجُ على صَناديقِ البَريدِ / كانَ التطهيرُ
العِرْقِيُّ تاريخَ مَن لا تاريخَ لَهُ / يَنكسرُ الجليدُ بَيْنَ أصابعي / فَكُن
يا حُزني مَجْدَ مَن لا مَجْدَ لَهُ / واعْبُرْ أرقامَ القُبورِ في رُموشِ المنافي
/
بَيْنَ حَبْلِ مِشْنقتي
وَنَصْلِ مِقْصلتي / تَبْني السَّناجبُ عَرْشي / فَامْشِ إلى أجفانِ الحطَبِ /
سَيَكُونُ العَصْفُ مَجْدَنا الزَّائلَ في أُغنيةِ الجماجمِ الرَّخيصةِ /
سَيَكُونُ خَشَبُ البَلوطِ مَطْبَخَاً للمَنفَى ونَعْشاً للمَنفِيِّ / فلا
تُصَدِّقْ مَشاعرَ لاعباتِ التِّنسِ / وَصَدِّقْ جُثةَ النَّهرِ الْمُلقاةَ على
صُدورِ أراملِ الجنودِ/ واشْكُرْ مُومساتِ العالَمِ الْحُرِّ/ اللواتي يَحْتَرِمْنَ
مَواعيدَهُنَّ / وَيَدْفَعْنَ الضَّرائبَ في المواعيدِ الْمُحَدَّدةِ /
هَذا خُبْزُ الأعاصيرِ بَيْنَ
أسنانِ العاصفةِ / فَكُونِي عَاصمةَ السُّنونو يَا سُجونَ عِظَامِ الغَيْمِ /
سَجينٌ أنا في أغاني البَحْرِ / مَقْتُولٌ أنا على رُخامِ الزِّنزانةِ الانفراديةِ
/ فانْسَ مَوْسِمَ تَزاوُجِ الخِيَامِ قُرْبَ رَمْلِ البَحْرِ / أَعْطِ لِلْمَوْتَى
الْمُرَقَّمِينَ في نَشيدِ الزَّنازينِ دُخَانَ جَدائلِ الأراملِ / أَعْطِ هَذا
العالَمَ الأعمى عُكازةً / كَي يمشيَ إلى القَبر /
أيها الملِكُ
الْمُتَوَّجُ عَلى شَواهدِ القُبورِ / خُذْ مَقْعَدَ الشَّاطئِ القتيلِ في حَديقةِ
النُّعوشِ / لِي سِيادةُ الكَلِماتِ على البُحيراتِ النازفةِ / فَانزِفْ حتى خُروجِ
قَوانينِ الفِيزياءِ مِن عَباءةِ الضَّبابِ/ كَي تُصَدِّقَ الشُّموسُ الذبيحةُ
أنَّكَ قَتيلٌ / هذه الأشجارُ المنفيَّةُ مَلاعِقُ على طَاولةِ الغاباتِ اليَتيمةِ
/ خُذْ نَصيبي مِنَ الدَّخْلِ القَوْمِيِّ / وأَعْطِني نَصيبي مِنَ الصَّدماتِ
العاطفيةِ / جَسدي يَعتقلُ أشعةَ الشمسِ / أشلائي لَيْمونةُ الصَّدى / وَجُثماني
تفاحةٌ مُتعفِّنةٌ / وَالبَدويةُ تَتقمَّصُ جُودي فُوستر /
مُدُنٌ مَنذورةٌ لِلطوابيرِ/
طَابورٌ خَامِسٌ/ طَابورٌ أمامَ المخبزِ / طَابورٌ أمامَ السِّينما / طَابورٌ
أمامَ قَصْرِ السُّلطان / طَابورٌ أمامَ السَّفاراتِ الأجنبيةِ / لا تَسمحوا لِدِماءِ
الضفادعِ أن تَسيرَ في دِماءِ الشُّموسِ / لا أَثِقُ بِحِذائي / فَكَيْفَ أَسيرُ
إلى المجزرةِ وَاثقاً مِنَ البَياتِ الشَّتويِّ لِدُموعِ التماسيحِ ؟ /
غَيْمٌ تَكدَّسَ عَلى
بُندقيةِ حَواجبي / فَامْشِ قُرْبَ نَشيدي عَارِياً مِن طَواحينِ الدِّماءِ/ غابَ
الأكسجينُ في قَذائفِ الرِّمالِ / ثِقْ بِكُلِّ الأمواتِ القَادِمِينَ مِنَ البَحْرِ
/ كَسَرْتُ رُموشَ جُرْحي / فَجَرَحْتُ أغاني المطرِ / وَعَبَرْتُ عِنْدَ عُبوري /
وَكانَ النهرُ يَتَّكِئُ عَلى جُثةٍ مَفْصولةِ الرأسِ / كُلُّ سِكَّةِ حَديدٍ
مَخْزَنُ سِلاحٍ / أنا حَديدُ عَرَباتِ نَقْلِ الجنودِ إلى الشَّفَقِ / فَلا
تُشْفِقْ على جُثْماني في كياني / ولا تَتَخَيَّلْ وردةَ الأنهارِ تُعَلِّم سُجوني
تعاليمَ الجنونِ / إِنَّ الحزنَ المسلَّحَ بُنْدقيةٌ عَلى كَتِفِ الأسمنتِ
المسلَّحِ /
بَيْنَنا بُرتقالُ
الكِفاحِ المسلَّحِ / فَابْدَأْ / لماذا أَخلعُ قُضْبانَ قَفَصي الصَّدْريِّ ؟ /
كَي يَدخلَ البَحرُ اليتيمُ / فَادْخُلْ معَ نزيفِ الرِّمالِ / ولا تسألْ مَلَكَ
الموتِ لماذا تموتُ / الرِّياحُ تَقْلي عِظامي في خُيوط مِعْطفي / خَلَعَهُ
الرَّصاصُ/ والتوابيتُ مَلْفوفةٌ براياتِ القبائلِ / ولم أنتظِرْ جَيْشاً يَمُدُّ
حَبْلَ مِشْنقتي في بِئرِ الطيورِ المهاجِرةِ /
يا كُلَّ أضرحةِ
الياقوتِ/ التي تَحُجُّ إلى البُحيرات المنفيَّةِ / إِنَّ النهرَ يَضعُ على
خَصْرِه مُسدَّساً / فَضَعْ على قَبْرِ العَالَمِ مُسدَّساً مَائياً لِطِفْلٍ يَتسلقُ
جُثةَ أُمِّه / صَاعِداً إلى أعصابِ الزَّيتون / أرتمي على صَدْرِكِ الْمُسَيَّجِ
بالدموعِ / وأبكي في لَيْلِ الصُّراخ حتى يَصعدَ أذانُ الفَجرِ أعلى مِن الطائراتِ
/ وَيَمْشي الدِّيكُ في طُرقات المجزرة وحيداً / فيتعثرُ بأجسادِ الشُّهداءِ على
الأرصفةِ القُرمزيةِ / هَل كَانت مِسْبحةُ أبي في جَيْبِهِ يَوْمَ قُتِلَ ؟ / هل
انتحرَ الهديلُ في أمعاءِ الزَّوْبعةِ ؟ /
أُعطي لرمالِ بَنكرياسي حَقَّ التنقيبِ في نخاع
عَظْمي / عَنْ مَناجمِ النَّعناع الملوَّثةِ بِزَوْجاتِ القياصرة/ وَكُلُّ ضفائرِ
أرملةِ الفيضانِ مُلَوَّثةٌ بِجَواري القَيْصر / كأنَّ نظراتِ عَواصمِ السُّل تُحاصِرُ
جُثمانَ مِيكي ماوس / الخارجِ مِن حِصار ستالينغراد إلى عَرْشِ الزَّبد / أنامُ في
دماءِ الزيتون / وأصحو في زئبقِ المنافي / فلا أجدُ في دُموعِ الأرصفةِ غَيْرَ رُومانسيةِ
سَرطانِ الثدي / وَجَدْنا مِكياجَ المذابحِ فأين عاملاتُ الإنقاذ ؟ / أنقذتُ
ظِلِّي من السقوط في يانسون الإبادة / والبحيرةُ مِقْلاةُ الفقراء / والحزنُ يَطبخ
أدمغةَ الغابات / ضَفائرُ الموؤداتِ تجلسُ على عِظامِ الغَسقِ / وتُراقبُ فراشاتٍ
يَلْعَبْنَ الشِّطرنجَ في أجفانِ الأسماكِ الذبيحةِ / كُلُّ غُرفِ التشريحِ أحجارُ
جُفوني / وَطَنٌ في عُلْبةِ طَباشير لِكُلِّ رَاقصاتِ الباليه / وَثَوْرةٌ على سَبُّورةِ
التلالِ يَقُودها الرُّومانسيون / ماتت الذبابةُ بِدُونِ طِلاءِ أظافر / وماتَ
الغريبُ بِدُونِ قَبيلةٍ /
يَا كَلْبَ جَارتنا / لماذا أكلتَ جارتنا ؟ /
الذبابُ يُشَكِّلُ في نُخَاعِ الفيضانِ حُكومةَ وَحْدةٍ وطنيةٍ بعد ضياع الوطن / أَبْعِدُوا
الجثثَ عن صهيل المسدَّساتِ / كي يَلعب أولادُ الطوفان في شوارعِ المذبحةِ كرةَ
القدم / فَقَدْتَ قَدَمَكَ في حَرْبِ دَاحِس والغبراء / فَخُذْ عُكَّازةَ النَّهرِ
قَدَمَاً صِناعيةً/ ولا تنتظِرْ هِنْدَ بنت النُّعمان كَي تُحِبَّ مَوْتَكَ/ وَتُشْفِقَ
على دُموع أُمِّكَ في أباريقِ الفخَّارِ/ الخادماتُ يَمْنَحْنَ صحونَ المطبخ ذاكرةً
لنمورِ التاميل / والجرادُ يَرقصُ في حَفْلِ زِفاف عُشب الأضرحةِ / فلا تَقتنِصْ نُمورَ
صدري / وَكُنْ حَوْلي تراباً لأكتشفَ فِيكَ ذَهَبَ الملاجئ /
ماذا سَتَفعلُ مَرْيَمُ
العذراءُ بين بغايا بني إسرائيل ؟ / ما فائدةُ نُعومةِ لَيْلةِ الدُّخلة إذا كانتْ
جُثةُ كَوْكبنا تنامُ على سَريري؟/ لن تنتظرَ الأسلاكُ الشائكةُ تحت المطر طويلاً/
لأنَّ المخْبِرِين والرَّاقِصات جاؤوا في الموعد المحدَّد / لِبَدْءِ العَرْض السِّينمائي
في أوردة الشهداء / وَاكْتَشَفْنا في عُلْبةِ السَّردين حُلْماً للشوارع / لكنَّ
وُعُودَ بَناتِ الجيران لِلْحَمَامِ الزَّاجل / لم تَنْقُلْ وُجهةَ نظرِ الموتى
إلى حَفَّاري القبور / هذا جُرْحي نِظامٌ جُمهوري فَانقَلِبْ عَلَيْه / ولا تَفْرِضْ
على كُرياتِ دمي الإقامةَ الجبريةَ كَبَناتِ القَياصرة /
كُلُّ النيازكِ مَسْقَطُ رَأسي / ولا يَسْقُطُ
رَأسي إِلا في لَيْمونِ المقاصلِ / يا قلبي الوحيدَ في غَابةِ النِّساءِ
المتوحِّشاتِ / اعْتَنِق الكِفاحَ المسلَّحَ تَنْسَ صَدماتِكَ العاطفيةَ / قَبِّلْ
خُدُودَ البنادقِ تَنْسَ مُضَادَّاتِ الاكتئاب / لا تَصْدُمْ قِطةَ الجيرانِ بالسَّيارةِ
العسكريَّةِ/ زَرعت الجيوشُ الحواجزَ الأمنيةَ في ضَفائرِ النِّساءِ / فانْقَلِبْ
يَا اكتئابَ البَراري عَلَيْكَ تَجِدْكَ/ وازرعْ في عُيونكَ مِضَخَّةً لِرَيِّ مَا
تَسَاقَطَ مِن أنوثة الأرصفةِ / على قَميصِ القاتلِ في أزقةِ المذبحةِ /
عِندما تَكتبُ رَسائلَ
الغرامِ للمَلكاتِ السَّبايا / ارْمِ مَاءَ عُيونكَ مِن شُرْفة صَنوبرِ المجزرةِ /
لترى بَائعاتِ العِلكة على إشاراتِ المرورِ / مُرورِ دَمي في أنابيبِ النِّفْطِ / وَحِينَ
تُخزِّنُ جَدائلَ الراهباتِ القتيلاتِ في زُجاجِ الكاتدرائياتِ / تَخَيَّلْ فِقْراتِ
ظَهْرِ الرِّياحِ / التي تَجْمَعُ جُثثَ أراملِ الجنودِ في أكياسِ القُمامة / وَحِينَ
تَشربُ أشجارَ الطوفانِ معَ أميراتِ سَدُوم / تَخَيَّلْ نِساءَ بني إسرائيل
الغاطِساتِ في ذاكرةِ قتل الأنبياء /
أُجهِّزُ أكفانَ العالَمِ
في خَريفِ الطيورِ / التي هاجَرَت ولم تَرْجِعْ / ولا أدري هَل سَأَدْفِنُ
العالَمَ أم العَالَمُ سَيَدْفِنُني ؟ / عُنوسةُ الحضارةِ / وانتحارُ ظِلالِ النَّوْرسِ
/ والملكاتُ السَّبايا / والحيواناتُ المنَوِيَّةُ في أقفاصِ حَديقةِ الحيواناتِ /
أَقْلِبُ في شَراييني نِظامَ الْحُكْمِ / فَادْفِنْ شَرايينَ البَحرِ في عُلَبِ
السَّردين / أُزَوِّجُ دَمي للرَّصاصةِ / وأرقصُ في حَفْلِ زِفافِ الشُّطآن / كَما
تَرقصُ الهياكلُ العَظميةُ /
أُفَكِّكُ العُقَدَ النَّفْسيةَ للبَحْرِ في مَخازنِ السِّلاحِ / وأُهَرِّبُ
قلبي تحتَ رِمالِ المجرَّاتِ / وشاطئُ الياقوتِ يُنَظِّفُ مُسدَّسي بِلُعَابِ البُحيراتِ
/ هذا البارودُ أخي الشقيقُ / يُحلِّل عُقَدِي النَّفسيةَ صَقْراً صقراً / فلا
تَزُرْ حَديقةَ الطيورِ في أرشيفِ أحكامِ الإعدامِ / إِلا حِينَ يَضعُ النَّسرُ
واقياً ضِدَّ الرَّصاص / على صَدْرِ الزَّوْبعةِ /
كَلْبُ الإمبراطورةِ اعْتَزَلَ الحياةَ
السياسيةَ / قُرْحَةٌ في مَعِدَةِ الصَّحراء / لَبِسْتُ غاباتِ الزِّئبق / أسألُ
حِجارةَ أُورُشَليمَ عَنْ دِماءِ الأنبياءِ / أسألُ جُثةَ أبي عَن جُثةِ أُمِّي / أَجِّلوا
قَتْلَ دُودي الفايد / كَي نَدعمَ مَسيرةَ الرُّومانسيةِ في غُرفِ العِنايةِ
المركَّزة / اخترتُ لونَ الرصاصةِ / لأبْنِيَ الجناحَ العسكريَّ لِرِئَتِي / مِن سِكَكِ
الحديدِ حتى أبراجِ الذاكرة /
انتصرتْ نظريةُ قَفَصِي
الصدريِّ في الكِفاحِ المسلَّحِ المغطَّى بالرُّومانسيةِ / كالجوْزِ المغطَّى بِشُكولاتةِ
البَارودِ / والليلُ يَطبخُ أحزاني / والرَّصِيفُ يُشَرِّحُ جُثةَ المطرِ / هَذهِ
رُموشي بِطِّيخةٌ نَاضِجةٌ مِثْلَ لَوْنِ الأكفانِ / خُذْ أحمرَ الشِّفاهِ لِزَوْجةِ
الأسفلتِ / واتْرُكْ لي خُضْرةَ عُشْبِ الجنازاتِ / اتْرُك رَقْمَ زِنزانتي للذينَ
يَحْمِلُونَ نَعْشَ البُحيرةِ على ظَهْرِ حِمارٍ وَحْشِيٍّ / وَيَجلسونَ في كُوخي
مُنتظرينَ البَرابرةَ /
أثداءُ السِّيليكون / وَمَلَلُ نِساءِ
القَبيلةِ الواقفاتِ أمامَ نعشي / خَانَتْني
رَاياتُ القبائلِ / فَكَيْفَ يَحرقُ عِشْقُ الأسمنتِ صُدورَ السَّناجبِ ؟ / مَاتتْ صُورتي في المِرآةِ
الصَّدئةِ / لكنَّ البَراويزَ تُحيطُ بأشلاءِ أطفالي / سَيَقْتُلُني إِخوتي /
ويَرْمونني في البِئرِ / ويَرْثيني الليلُ المسقوفُ بالبَنادقِ / تُصبحُ مِضَخَّةُ دَمِي زُجاجةَ ويسكي / في كُوخِ العُشَّاقِ
الفاشِلين / وتأكلُ الدِّيدانُ أجسادَ العصافيرِ / عَشيرةُ الموجِ أطفأتْ رَمادَ
الذِّكرياتِ / وَرَحَلَتْ / وَالْبَدْوُ الرُّحَّلُ يَسْتَثْمِرُونَ في طُبولِ
الحربِ / أينَ نِيرانُ القبائلِ في مَوْسمِ هِجرةِ الرُّعودِ إِلى المنافي ؟ /
قَد يَنهزمُ الحبُّ الأولُ أمامَ الجثمانِ
الأولِ / لكني لَن أُوَقِّعَ على مُعاهدةِ الاستسلامِ / أَرجوكُنَّ يا بَغايا
بوينس آيرس أنْ تُرْشِدْنَ طُيورَ احتضارِ البحرِ / إلى جُثةِ غيفارا قُرْبَ
فِئْرانِ البراري / إِنْ مِتُّ يا قِطتي فَتَزَوَّجي مُسَدَّسي / هَذا جَسَدُ صَحاري
النَّزيفِ / وِزارةُ الْبَدْوِ الرُّحَّلِ / فِقراتُ ظَهْري مَخَازِنُ أَسلحةٍ /
أَدْخُلُ في أغاني الرِّيح مُسَلَّحاً بالموجِ الأخضرِ / يُوَزِّعُونَ على الطحالبِ
صُكوكَ الغُفرانِ / كما تُوَزِّعُ خَنادقُ الحربِ المِكياجَ على السَّبايا /
أخاديدُ الوَجْهِ
المحترِق بالصَّدى / لا وَقْتَ للرُّومانسيةِ في عَالَمٍ يَغْتَصِبُ المرأةَ حَيَّةً
ومَيْتةً / كُنتُ في المطارِ أنتظرُ قُدومَ جُثْماني / مَعْكرونةٌ بالمقاصلِ / وَعَصيرُ
المشانقِ الطازَجةِ / والطابورُ الخامسُ / وكلُّ الغيومِ التي تَشربُ دِماءَ
الطيورِ المهاجرةِ وطنٌ لمرايا المنافي / فاشْرَبْني كما تَشربُ رَائحةُ الخشَبِ
غُرفةَ التشريحِ / أُشَرِّحُ ذَاكرةَ الجنونِ لِيَصْعَدَ العُشبُ ناراً / بَدَوِيَّةٌ
نَسِيَتْ تَاجَها عَلى ظَهْرِ حِمارٍ وَحْشِيٍّ / والجرادةُ الناجيةُ مِن المذبحةِ
تَرْعى الأبقارَ في ممالكِ الجثثِ / سأذبحُ ظِلالي بِسُيوفِ التِّلالِ/ أنا تِلالُ
المجزرةِ / وآخِرُ مَن تَمُرُّ على جَسَدِهِ البُحيراتُ / فَتحتُ قَفَصي الصَّدْرِيَّ
للثائرين / والأيتامُ يَأكلونَ أمعاءَ الدَّباباتِ / فَلا تَرْجِعْ إِلى رِئتي إلا
إِذا أَكَلَ الجيوشَ حَطَبُ الذاكرةِ / أختارُ طَريقاً لم يَخْتَرْهُ الأُمويون
ولا العبَّاسيون / أنا بُندقيةُ الشَّمْسِ / وكُرياتُ دَمِي شموسُ البُكاءِ /
أَحرقَ المساءُ أعلامَ الهزيمةِ / نَسَفْتُ أُلوهيةَ الأصنامِ / وَاعتنقتُ
البارودَ قَمَراً للقتالِ والأحلامِ / والبَدوياتُ المجروحاتُ عَاطفياً في سَيَّاراتِ
المرسيدس / وَنَحْنُ نَمشي إلى أضرحةِ آبائنا تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ /
اسْتَرِحْ بَيْنَ غَضاريفِ عِظَامي لِتَشْتعلَ
عِظَامي بالمطرِ / حَرِّر البُحيرةَ مِن ظِلِّها / حتى تَخرجَ الصَّحراءُ مِن
جِلْدِها / وأنا جُلودُ الثائرينَ في ظَهيرةِ أقواسِ النَّصْرِ / ازْرَعْ رَاياتِ
الرَّصاصِ قُرْبَ قُبورِ الغزاة / تَجِدْ عَصافيرَ شَراييني تَشربُ رِمالَ البَحرِ
/ يا أيتها الأطلالُ الصاعدةُ مِن حُزْنِ الأراملِ لَوْزاً وأقماراً وخنادقَ / هَذهِ
خُدودي مَخازنُ السِّلاحِ / وَجَسَدي أُخدودُ الدِّيناميتِ / اسْكُبْ ضَوْءَ عُيونِكَ
في بَراميلِ البَارودِ / وأَطْلِقْ عَلى حُزْنِكَ الرَّصاصَ إِنْ رَفَعَ الرايةَ
البيضاءَ / وَلا تُوَدِّع الإِوَزَّ
القتيلَ في المجرَّاتِ / أنا نشيدُ النَّصْرِ / فَاعْبُرْ طَيْفَ الهاويةِ عَلى
حَشائشِ الصَّدى / كَي ترى عَمُودي الفِقريَّ عَرَباتٍ / لِنَقْلِ جُنودِ الشمسِ
إلى جَبهةِ المعنى / وَادْخُلْ جَبهتي زَيتوناً وَتَمْراً للفجرِ / لم تُولَدْ
لِتُوَزِّعَ الأوتادَ عَلى شَعْبِ الخِيَامِ / لم تُنْجِبْكَ الرصاصةُ لِتَموتَ
قُرْبَ مَوْتِ المسدَّساتِ الخشبيةِ / خَنقتَ دَمْعَكَ / فَاخْنُقْ جُنونَ أرصفةِ
بُكائِكَ / واكْسِرْ ألواحَ صَدْرِكَ / وَلْيَكُنْ شَعْبُكَ بنادقَ / وعيونُ
أولادِكَ رَصاصاً /
وُلِدْتَ لِتَنْشُرَ
ضَوْءَ رُموشِكَ / على حَبْلِ مِشنقتكَ وحَبْلِ الغسيلِ / وَتشنقَ كُلَّ مَشانقِ
الرملِ بين أجفانِكَ والخِيَامِ / وَلَدَتْكَ الصاعقةُ لِتَأخذَ الملكاتِ سَبايا /
فلا تَحْرُسْ بُرتقالَ سُوقِ النِّخاسةِ / يَا أيها الموْلُودُ لِتَحْيا أبَدياً
نَقِيَّاً / انْسَ حِصَّةَ الرياضياتِ في مَدرسةِ الطوفان / وَمَزِّقْ رَقْمَ
الهويةِ وَأرقامَ الزَّنازين / سترى أقواسَ النصرِ على جَدائلِ الرِّياح / وَتذهبُ
إلى لقاءِ اللهِ / اذْهَبْ شَهِيداً خَارِجاً عَلى قَوانينِ الحطَبِ / وَطَوِّرْ أُسلوبَكَ
في كِتابةِ الرَّسائلِ الغراميةِ لِلْحُورِ العِين / فِلِسْطينُ خَنْجرٌ
فَاغْرِسْهُ في قَلْبِ الصَّمْتِ/ وَانقُلْ مَعدتَكَ إِلى الشَّفقِ / حتى
تُنَظِّفَ ذِكرياتُ الموانئِ مُسدَّسَكَ الشَّخْصِيَّ / فَكُنْ رُومانسياً صَقْراً
/ يَرْسُمُ خَريطةَ العِشْقِ عَلى لَيْمونِ الجسورِ / ولا تَجْرَحْ عُيونَ امرأةٍ
صَرختْ في وِدْيانِ حُلْمِكَ / اسْتَخْرِجْ مَاءَ وَجْهِكَ مِن دِماءِ جُيوشِ السَّرابِ
/ أنتَ صَانعُ النَّصْرِ في مَمالكِ النِّسْرين/ لا ذَاكرةٌ حَوْلَ دَمِكَ سِوَى عُيونِ
المقاتِلين/ وَلا رَايةٌ عَلى جَسَدِكَ سِوَى بَرْقُوقِ المدافِنِ/ فَاحْرِق الرَّايةَ
البَيضاءَ / وَارْفَعْ رَاياتِ مَجْدِكَ في طَريقِ الرَّعْدِ / وناظِر البَحْرَ /
أنتَ البحرُ/ولن تَغْرَقَ/ اكْسِرْ أُمْنِيَّاتِ الزَّوبعةِ/ احْرِقْ ذِكْرياتِ
العُشَّاقِ على الشَّاطئِ / لا وَقْتَ للعِشْقِ/ أنتَ الوقتُ/ حَطِّمْ عقاربَ
الساعةِ بَيْنَ الزَّمانِ والمكانِ/ أنتَ الزَّمانُ والمكانُ / أنتَ ابْنُ
الرصاصةِ / وَوَالِدُ البُندقيةِ / وأنا المؤذِّنُ الجوَّالُ في الطرقاتِ الخرساءِ
/ وَالبارودُ جَسَدُ العواصفِ / فَتَجَسَّدْ /
خُطُواتُ الأنهارِ عَلى مَناديلِ الغريباتِ / فَارْكُضْ
عَلى رُموشِ القِطاراتِ / لا قِطارٌ في قَفَصِكَ الصَّدْرِيِّ سِوَاكَ / ولا سِكةٌ
على بَارودِ عَيْنَيْكَ إِلاكَ / يَا حَفيدَ الزِّنزانةِ / إنَّ جَدَّتي البُندقيةُ
/ وَالبَارودَ أبي الرُّوحيُّ / نَتَشَمَّسُ في مَوْتِ الرِّيح / فَأَرِحْني مِن
حَمْلِ أجفاني في شَمالِ ثِيابِ الحِدَادِ / كُنْ أَجملَ حَطَّابٍ في غَاباتِ رئتي
/ ولا تُصَدِّقْ مَواعيدَ المخبِرِينَ والزَّوجاتِ الخائناتِ / هِيَ الأرضُ أُمِّي
التي وَلَدَتْ مَطَراً تَزَوَّجَ ثَوْرتي / فَأيْنَ جُثةُ السُّيولِ التي وَلَدَتْ
سَنابلَ الحقلِ وَنَسِيَتْ أنْ تُرْضِعَني حَطَبَ الأكواخِ ؟ / رُبَّ أَخٍ لَكَ لم
تَلِدْهُ السَّنابلُ وَوَلَدَتْهُ الزَّلازلُ/ يا خَيْمَتَنَا الرَّصاصيةَ / كلُّ
الأكسجينِ زِئْبقٌ مُعَطَّرٌ بأشلاءِ القَمرِ / أنا قَمَرُ المجزرةِ فأصعدُ / وَعُيونُ
السناجبِ أسلحتي الأُتوماتيكيةُ / وَحَوْلَ خَصْري مُسْتودعاتُ مِيناءِ البَنادقِ
/
عَائِشاً بَيْنَ غُرفِ
الفَنادقِ الرَّخيصةِ وَخِيَامِ الطوفانِ / لَم يَتذكر الشَّفقُ زَيتونةَ الأغاني
/ فَغَنَّيْتُ دَمِي إعصاراً للغُرباء / وكلُّ غَريبٍ هُوَ لِحْيةُ النَّهْر /
فَيَا ضَوْءاً يُزَوِّجُ رِئتي الأُولى لِرِئتي الثانيةِ في أعراسِ البُكاءِ /
ستظلُّ الشُّطآنُ بَيْنَ الرِّئتينِ مَنفىً للأزواجِ العُشَّاقِ / فَلا تَعْشَقْ
دِماءَ دُودي الفايدِ في أنفاقِ باريس / هَذهِ دِماءُ اللوْزِ في عُرْسِ غَزَّة / وَالمطرُ
عَرِيسُ الجِرَاحِ / نَيْزَكٌ يَمُرُّ عَلى خَارطةِ خُدودِ الموجِ / ولا يُقَبِّلُ
أيتامي بَعْدَ احتضارِ الرِّياحِ / والزِّنزانةُ تَطلبُ الطلاقَ مِن زَوْجها /
قَسَماً بِخَالِقِ
دِمَائِنا الصَّاعِدةِ إِلى السَّماءِ / إِنَّ وُجوهَ الحزانى تَنتظرُ نُزولَ
المسيحِ مِنَ السَّماءِ / كُنْ قَريباً مِن قُطْنِ المجرَّاتِ / حِينَ يَتمدَّدُ
المرفأُ عَلى فِرَاشِ الموتِ / رِجَالٌ يَحْمِلُونَ تاريخَ الشُّموسِ في مَخازنِ
الأسلحةِ / وَيَرْمُونَ أظافِرَهم خَريطةً للزَّيتونِ / سَيَنتصرُ الْحُلْمُ على
السُّم / ولَن تُمَيِّزَ الأميرةُ العاشقةُ بَيْنَ كأسِ النبيذِ وكأسِ السُّم /
تَحتكرُ الضَّحيةُ أسماءَ الضَّحايا / فادْفِن الرايةَ البَيضاءَ في جَناحِ
بَعُوضةٍ/ الأمواجُ تُنَقِّي الكُوليرا مِن الغزاةِ/ والفُقراءُ يَمشونَ تَحْتَ
أقواسِ النَّصْرِ/ والغاباتُ تَسيرُ حَوْلَ عُيونِ الأراملِ ظِلالاً لِلفَراشاتِ /
لا ذُبابٌ على نَحَافَةِ عَارِضاتِ الأزياء / ولا سَجَّادٌ أحمرُ للأميراتِ
السَّبايا / أَعيدوا تَسميةَ المتوسِّطِ وَفْقَ أبجديةِ اللهبِ / وَلْتَكُن
الأمواجُ هُدْنةً بَيْنَ جَبينِ الثائرِ وَصَنوبرِ المقابرِ /
زَمَناً مِن التُّفاحِ
تَلْمَعُ أظافرُ الزَّنجبيلِ في مدى النِّيرانِ / كُلما اقتربتُ مِن اسمي رَأيتُ عَمُودي
الفِقريَّ حارساً لأنفاقِ البارودِ / نَزعتْ غَزَّةُ خَلْخَالَها / وتَزوَّجتْ أُكسجينَ الانقلابِ الكَوْنِيِّ / أنا مَاءُ البنادقِ / وأوَّلُ سَطْرٍ في
كِتابِ المسدَّساتِ / أَرفعُ رِمالَ البَحْرِ إِشارةَ مُرورٍ لأسماكِ القِرْشِ /
كأنني هَوْدَجُ الرَّعْدِ / أنتظرُ رِعشةَ أوْردتي في مَحطةِ القِطاراتِ / وأَكسرُ
عُزلةَ الْخَوْخِ في دِمائي / أصدقائي مُعَلَّقُونَ على الصُّلبانِ حَوْلَ مَرايا
جُرْحي / فيا لَمعانَ الخِيانةِ على أسوارِ المقابرِ / أَبْعِدْ غِزْلانَ الملاريا
عَن دُبْلُوماسيةِ عِظامِ قِطتي / الصَّبايا تائهاتٌ بَيْنَ
حَبْلِ الغسيلِ وَتَغسيلِ الموتى / غَسَلْتُ مَاءَ عُيوني بِدُموعي / وتُرابُ قَبْري هُوَ ضَفائرُ
العاصفةِ / والفَيَضَانُ هُوَ اسْمُ الميرميَّةِ في أزقةِ المخيَّمِ / مَاتَ الْمَلِكُ
/ وانتهتْ لُعبةُ الشِّطْرَنجِ / وَصِرْتِ مَلِكةَ السَّبايا نَادِلةً في مَطْعَمِ
هُولاكو / وَبَناتُ القياصرةِ في أيدي البلاشفةِ / فَانصُبْ خِيَامَ جَيْشِ
كُرَياتِ دَمِكَ على كَوْكَبِ زُحَلَ / واحْرِقْ ذِكْرياتِ هُبَلَ بِهَاويةِ
الصَّدى بِمِلْحِ دُموعِ الغَيْمِ /
شَطَرْتَ طَيْفَكَ نِصْفَيْن / نِصْفٌ للكِفاحِ
المسلَّحِ / وَنِصْفٌ لِتَسليحِ طُيورِ البَحْرِ / خَانكَ أخوكَ فَاقْلِبْ نِظامَ
الْحُكْمِ في رِئته / خَانتكَ بِلادُ الرَّاقصاتِ في القُبلةِ الأُولى / فَافْرُشْ
عِظامَكَ سَجَّاداً للسُّيوفِ الراكضةِ إلى القِبْلةِ الأُولى / تمتدُّ مَملكةُ
السَّبايا مِن رِمَالِ غَضَبِ أظافرِكَ / حَتَّى هُدوءِ أسماكِ القِرْشِ / فَاشْكُرْ
حَواجِبَ شُطآنِ النارِ / وَحَاصِر احتضارَ السَّنابلِ / وَعَلِّقْ جَماجمَ الفِئرانِ
مَصابيحَ في شَوارعِ مَجْدِ المسدَّساتِ / سَامِح الأمطارَ بِثَمَنِ التَّوابيتِ
التي صَنَعَها جَبينُكَ المنصورُ /
كلُّ أشجارِ حَديقتي
فَلسفةُ البنادقِ / كُلُّ أظافري تعاليمُ الرَّصاصةِ / كُلُّ تَوَاريخِ أجفاني زَهْرةُ
اللهيبِ / كُلُّ مَمالكِ حَنجرتي رُومانسيةُ الأعاصيرِ / كُلُّ جُدرانِ شَراييني
مُدُنُ القِتالِ / كُلُّ أنهارِ عُيوني رَصاصُ الرِّئتين / دَمي مِن فَصيلةِ
الانقلابِ / مَنصورونَ تَحْتَ الأرضِ وَفَوْقَ الأرضِ /
أيها الأُسُودُ الذينَ
يَحْرُسُونَ خُدودَ البَحْرِ/ كَيْفَ عَلَّمْتُمْ أَسماكَ القِرْشِ أساليبَ القِتالِ
الجديدةَ/ خُذُوا ذِكْرياتِ البَرْقِ مَعَكُمْ إِلى أقواسِ النَّصْرِ / أنتُم دَمُ
الشُّموسِ في زَمَنِ بَراميلِ النِّفْطِ / فَاعْبُرُوا ضَرِيحَ الثعالبِ النائمةِ
في قُرْصِ العَسَلِ / نَسِيَ قُبورَنا قُرْصُ الشَّمسِ / نَسِيَها وَجْهُ
الشَّفَقِ الصَّاعِقِ/ وَكُلُّ مَوْتٍ في أجفانِ النِّعاجِ / يَصْعَدُ إلى أظافرِ
قَوْسِ قُزَحَ / أنا خَارِطةُ الرَّعْدِ / وَأرشيفُ غُرفةِ الإعدامِ / نَخْرُجُ
مِنْ دُموعِ الأراملِ الوَاقفاتِ كالخنادقِ / نَخْرُجُ مِنْ حُفَرِ المجاري / نَزْرَعُها
بِالْحُزْنِ المتفجِّرِ / نَخرجُ مِن أوحالِ المخيَّماتِ/ نَرْصُفُها بِجَثَامِينِ
الخديعةِ / نَخرجُ مِن بُكاءِ الحمَامِ الزَّاجلِ / نَحْقِنُهُ بالثورةِ / نَخرجُ
مِن مَذَابِحِنا نُسوراً للثأرِ / نَخرجُ مِن أوتادِ خِيَامِ اللاجئينَ ضَوْءاً
للمعنَى / نَخرجُ مِن عُكَّازةِ جَدَّةِ النَّهرِ ألغاماً بَحْرِيَّةً في الشَّفَقِ
الْحُرِّ / نَخرجُ مِن رِمالِ البَحْرِ / نَخْلَعُ أسنانَ الضِّباعِ بأسناننا /
نَحْرِقُ دُموعَ التماسيحِ بِدُموعِنا / نَخرجُ مِن جَنازيرِ الدَّباباتِ /
نَنْسِفُها بأطرافِ أصابعنا/ فَتَسقطُ راياتُ الطُّغاةِ كالضفادعِ المقلِيَّةِ / نَخرجُ
مِن ثِيابِ الطوفان/ نأكلُ المطرَ الحِمْضِيَّ/ أيْنَ أنتَ يَا فَاروقُ/ لِتُطْعِمَ الموتَى في طَوابيرِ الْخُبْزِ/
كأنني أَنزلتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ عَن الصَّليبِ / لم أُرافِق آلَ البَيْتِ في طَريقِ
كَرْبلاء / كانَ جِلْدي يَخونُ رِئتي / وكانَ أهلُ الكُوفةِ يَخُونونَ القَمَرَ /
ذَلِكَ دَمي سَجاجيدُ لليتامى تَحْتَ جُسورِ سَراييفو/ كأنَّ حَنجرةَ الموجِ المشْنُوقةَ
مُزِيلُ عَرَقٍ لِعَارضاتِ الأزياءِ/ جُثةٌ عَائشةٌ عَلى التَّنفسِ الاصطناعيِّ/
وشُعوبٌ تَعيشُ في أنابيبِ المجاري/ فَكُنْ مَعَ الْمَلِكِ / وَدَعِ العَبيدَ
للعبيدِ / لا بُدَّ أن أصيرَ شَهيداً / كَي يَتأكدَ دُودي الفايدِ أني اخترتُ شامل
باساييف / نُعوشُ الرَّمادِ هِيَ خَيْمةُ العُشْبِ اللاجِئِ / أنا الانقلابُ فَكَيْفَ تَنقلبونَ عَلَيَّ ؟ / لا تَرْفَع الرَّايةَ
البَيضاءَ في قُرى العُشْبِ الباكي / سَأُقيمُ صَلاةَ الفَجْرِ في البَحْرِ المتوسِّطِ
/ فَانْقُلْ مَعركةَ رُموشِكَ في أمطارِ الحريةِ / فَإِمَّا أن تَكونَ أو لا تَكون
.