سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] القصص والتاريخ في القرآن [14]الإنسان والأسرة والمجتمع في القرآن [15] بحوث في الفكر الإسلامي [16] التناقض في التوراة والإنجيل [17] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [18] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [19] عقائد العرب في الجاهلية[20]فلسفة المعلقات العشر[21] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [22] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [23] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [24]مشكلات الحضارة الأمريكية [25]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[26] سيناميس (الساكنة في عيوني)[27] خواطر في زمن السراب [28] أشباح الميناء المهجور (رواية)[29]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

27‏/09‏/2019

قلب امرأة بين الأضرحة / قصيدة

قلب امرأة بين الأضرحة / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

..............

     كَانَ الليلُ يَمُرُّ عَلى جِلْدي كالدَّبابيسِ / والعَوَاصِفُ تَمُرُّ في مِزْمَارِ الرَّاعي وَطَنَاً بِلا نشيدٍ / تتساقطُ حَبَّاتُ الرُّمَّانِ في ثُقوبِ رِئتي / والْمَنْفِيُّونَ يَبْحَثُونَ عَن جِنْسِيَّةِ أعشابِ المقابرِ / والمطرُ هُوَ الْمَنْفِيُّ بَيْنَ الأسْمَنْتِ الْمُسَلَّحِ والكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ /
     الشَّفقُ المالِحُ / وشُطآنُ الخريفِ / وَالقَنَّاصُ في بُرْجِ الكَنيسةِ / سَيَقْتُلُكِ العِشْقُ أيَّتها الرَّاهبةُ في لَيْلِ الشِّتاءِ الحزينِ/ بِلادي أرْمَلَةٌ بَاعَتْ شَرَفَهَا في مَلْهَىً لَيْلِيٍّ لِتُطْعِمَ أبناءَها / صارَ الشَّعبُ فِئرانَ تَجَارُب/ وأنا الْمُحَاصَرُ بَيْنَ رُموشِ الأيتامِ وأجفانِ الأغرابِ/ المحصورُ بَيْنَ حِصَارِ بَيْرُوتَ وحِصَارِ سَراييفو/ أزرعُ كِيمياءَ جَسَدِ المطَرِ في أراجيحِ الحدائقِ/ ماتَ الأطفالُ في آخِرِ الخريفِ / والأراجيحُ فَارِغَةٌ ومَتْرُوكةٌ للصَّقيعِ / أفْتَحُ قَفَصي الصَّدْرِيَّ لِتَخْرُجَ مِنهُ الضِّباعُ / مَملكتي هِيَ عُلَبُ السَّرْدِينِ الفارغةُ / ونَعْشي هُوَ عَرْشي / فَكُن مَلِكَاً عَلى قَطِيعِ الغَنَمِ / أيُّها العَابِرُ بَيْنَ الموْجِ والرَّصاصِ /
     عَاشَ بَيْنَ الموتى / وَمَاتَ بَيْنَ الأحياءِ / ذَلِكَ قَلْبي الْمُوَزَّعُ عَلى خَوْفَ الأمواجِ حِينَ رَأتْ جُثةَ البَحْرِ / قُتِلَ الرَّاعي أمامَ الأغنامِ/ والسَّلاحفُ نَسِيَتْ مَكانَ بُيُوضِها/ والبَحْرُ الأعمى ابتلعَ الشَّاطئَ المشلولَ / حَلِّلْ شَخْصِيَّةَ الضَّحِيَّةِ / أنا الْمُحَلِّلُ الإستراتيجِيُّ لِهَزائِمِ الرَّمْلِ في الصَّحاري الجليدِيَّةِ /
أجفانُ المطرِ مَجزرةٌ بِلا شُهُودٍ/ كُلُّ الشُّهودِ ماتوا/ فَكُنْ صَديقَ السَّجَّانِ المسجونِ في قَلْبِ زَوْجَتِهِ/ عُيونُ الأسرى تَلْمَعُ كالمسدَّساتِ الْمَطْلِيَّةِ بِمِلْحِ الدُّموعِ / فيا أُمَّنا الأرض / خُذي طُبولَ الحرْبِ والسُّلَّمَ الموسيقيَّ والطوابِعَ البَريدِيَّةَ التِّذكارِيَّةَ / سَنَعيشُ في قَلْبِ الموْتِ لِكَيْلا نَشْعُرَ بالموْتِ / أعُودُ إلى المنفَى نَشيداً وَطَنِيَّاً / وَبُوصلةً فِضِّيةً للتَّائهينَ في أنقاضي /  
     رَمَيْنا الرُّومانسيةَ عَلى طَاوِلاتِ المقْهَى / الذي قَصَفَتْهُ الطائراتُ / وَعَادَ العُشَّاقُ إلى أكواخِ الصَّفيحِ / أُغْلِقَ السِّيركُ بالشَّمْعِ الأحْمَرِ / وَصَارَ الْمُهَرِّجُ عَاطِلاً عَنِ العَمَلِ / مَمَرَّاتُ الجليدِ خَاليةٌ مِنَ الضَّحِكَاتِ / وأنا أُوَزِّعُ أرقامَ الزَّنازينِ عَلى الأطفالِ في حِصَّةِ الرِّياضياتِ / فيا أيُّها الجسَدُ الذي يَمُرُّ بَيْنَ سَكاكينِ المطْبَخِ / ولا يَمُرُّ في ذِكرياتِ الغروبِ / كَيْفَ أضاعَ سَاعي البَريدِ عُنوانَ زِنزانتي ؟ / كُلُّ النَّوارِسِ تَعْرِفُ العُنوانَ / كَيْفَ أضاعَ حَفَّارُ القُبورِ رَقْمَ ضَريحي ؟ / كُلُّ الفَراشاتِ تَعْرِفُ الرَّقْمَ / يَعيشُ حَفَّارُ القُبورِ مُرَاهَقَتَهُ الْمُتَأخِّرَةَ بَيْنَ الأضرحةِ الزُّجاجِيَّةِ / والأشلاءُ تَدُورُ مَعَ مِرْوَحَةِ السَّقْفِ في الزِّنزانةِ / اكتَشَفَت المجزرةُ مَلامِحِي في أغاني المطرِ الحزينةِ / والرِّمالُ ذَاهبةٌ إلى الانتحارِ في لَيْلَةِ الدُّخلةِ / والإعصارُ يُوَفِّرُ لها الدَّعْمَ اللوجِسْتِيَّ /
     رَكِّزْ في البُنيةِ التَّحْتِيَّةِ للمَشَانِقِ اللازَوَرْدِيَّةِ / أنا الضَّحِيَّةُ الضَّوْئِيَّةُ بَيْنَ الطغاة والغزاةِ / ذَاكِرتي مُنْقَسِمَةٌ بَيْنَ فِئرانِ السَّفينةِ وفِئرانِ التَّجَارُبِ / أعْمِدَةُ الكَهْرَبَاءِ هِيَ أعوادُ مَشَانِق / وحِبَالُ الغسيلِ هِيَ حِبَالُ مَشَانِق / فَكَيْفَ أهْرُبُ في شَوارعِ الطاعون ؟ / أمشي في الطريق وَحيداً / بِلا ذِكرياتٍ ولا نَشيدٍ / طَريقُ الذُّكُورةِ في دِمَاءِ اللبُؤاتِ / فَأَيْنَ أُنوثةُ المِقْصَلَةِ يَا جَمْعِيَّاتِ حُقوقِ المرأةِ ؟ /
     حُزني كالبَياتِ الشَّتَوِيِّ / أدْخُلُ فِيهِ بِإِذْنِ السَّناجبِ/ وأخْرُجُ مِنهُ بِمُوَافَقَةِ مَجْلِسِ قِيادةِ الثَّوْرةِ/ ثَوْرَةِ اللصوصِ على اللصوصِ / أركضُ في الليلِ الجارحِ حَافياً إلى ضَوْءِ الجليدِ / والطرقاتُ تَتَزَاوَجُ في عِظَامِ العصافيرِ كالماريجوانا / التي يُدَخِّنُها البَحَّارةُ المقتولونَ بِأمْرِ الرَّجُلِ الأبيضِ /
     سَلامَاً أيُّها الرَّصاصُ الْحَيُّ عَلى جَسَدي الميْتِ / رِعشةُ النِّساءِ المقتولاتِ في صَقيعِ الذِّكرياتِ/ والقِطَطُ الْمُشَرَّدَةُ تَتَزَاوَجُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / والكِلابُ البُوليسِيَّةُ تَكتبُ دُستورَ الوَحْدةِ الوَطنيةِ على الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ /
     أنا هُنا / لأنِّي أموتُ هُناكَ / هُنا جُثماني / وَهُناكَ تابوتي / كَيْفَ يَبْني المطرُ قَصْري الرَّمْلِيَّ ؟ / لا بَحْرٌ لِي ولا شُطآن / كَيْفَ تَبيعُ اليَتيماتُ العِلْكَةَ عَلى إشاراتِ المرورِ ؟ / لا تاريخٌ للشَّوارعِ سِوى الكُوليرا / ولا طَريقٌ إلى الذاكرةِ سِوى حُطامِ الذاكرةِ /
     أرْجُوكَ أيُّها النَّوْمُ / صَادِق الإِمَاءَ في سَراديبِ القَصْرِ / خُذ الأرَقَ مِن عُيونِ الخليفةِ / وأعْطِ السَّبايا قُمصانَ النَّوْمِ / تَعَلَّمْنا الدُّبلوماسِيَّةَ مِن زِنزانةِ اليَاسَمِين / تَعَلَّمْنا الرُّجولةَ مِن أُنوثةِ حِيطانِ السِّجْنِ / تَعَلَّمْنا كِتابةَ الشِّعْرِ في غُرفةِ الإعدامِ بالغازِ / بَشَرٌ يَسْتَثْمِرُونَ في السَّائِلِ الْمَنَوِيِّ / وَبَشَرٌ يَسْتَثْمِرُونَ في حِبْرِ الفَراشاتِ / تَرمي الفَتَيَاتُ رَسائلَ الْحُبِّ في دِمَاءِ العاصِفَةِ / وأنا أبْحَثُ عَن أشلاءِ الضَّحايا في قَارورةِ العِطْرِ الفارغةِ / عَجَنْتُ فَطيرةَ الأحزانِ/ وَشَرِبْتُ عَصيرَ النَّدَمِ / تَكتبُ الجواري سِفْرَ الْخُروجِ مِن لَيْلةِ الدُّخلةِ/ والكابُوسُ النُّحاسِيُّ كَمَساميرِ النُّعوشِ الحديدِيَّةِ/فيا أيُّها الشَّعبُ الغاطِسُ في الْمُلُوخِيَّةِ والرُّومانسِيَّةِ/ تاريخُ الإبادةِ الجماعِيَّةِ عُصْفُورٌ / هَرَبَ مِن قَفَصي الصَّدْرِيِّ / ولا يَزالُ يَطيرُ / خَلَعْتُ رُومانسِيَّةَ أُنوثةِ السَّنابلِ/ وَاعْتَنَقْتُ رُومانسِيَّةَ الكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ /   
     قَبْلَ أن تَنتحرَ الذبابةُ سَيَكتبُ وَصِيَّتَها المِكياجُ / وَبَعْدَ أن تنتحرَ سَيَرِثُهَا المِكياجُ / وحَضارةُ الأُنوثةِ تنكسرُ بَيْنَ المِكياجِ والنِّعاجِ / فيا إخْوَتي ضُبَّاطَ الْمُخَابَرَاتِ / اعْتَنُوا بِقِطَّتي بَعْدَ انتحاري الرُّومانسِيِّ / وَلا تُرْشِدُوا الْمُخْبِرِينَ إلى مَوْقِعِ جُثماني / أكَلَ الصَّدَأُ مَساميرَ نَعْشي / وَأُمِّي تُلَمِّعُها بِمِلْحِ دُمُوعِها / وأنا الغريبُ فَوْقَ التُّرابِ وتَحْتَ التُّرابِ / لَم أسْتَفِدْ مِنَ الرُّومانسِيَّةِ / تَنْبُشُ بَناتُ آوَى قَبري / وَكُلُّ الذينَ سَارُوا في جِنازتي / سَرَقُوا أكفاني / وأعَادُوا تَدْويرَ مَساميرِ نعشي /
     يَقضي المساءُ وَقْتَ فَرَاغِهِ في تَشْرِيحِ جُثةِ البُحَيرةِ/ والأيتامُ يَقْضُونَ العُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ في بَيْعِ جَدائلِ أُمَّهَاتِهِم على إشاراتِ المرورِ / نَحْنُ سَبايا يا وَرْدَ الجريمةِ / مَطْرُودُونَ مِن دِمَائِنا / لَم نَرْقُصْ في حَفْلِ انتحارِ الذاكرةِ / كانَ الشَّعيرُ يَتَزَوَّجُ قَمْحَةَ الرَّحيلِ / وَكُلُّنا رَاحِلُون / رَمَيْنا جُثَثَ مُقَاتِلِينا في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / وَتَبَادَلْنا النِّكَاتِ الجِنسِيَّةَ مَعَ الجواري / والبَحْرُ هُوَ المستحيلُ /
     نَحْنُ وَرَاقِصَاتُ الباليه / بَحَثْنا عَن جَثامينِ أُمَّهَاتِنا في مَتْحَفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / كُلُّ شَيْءٍ يَذهبُ إلى الانطفاءِ / وَحْدَهُ الموْتُ هُوَ النَّجْمُ اللامِعُ في سَمَاءِ الدَّمِ / بَناتُ آوَى مُدْمِنَاتٌ عَلى حُبُوبِ مَنْعِ الحمْلِ / والصَّحراءُ تَصُبُّ الرِّمالَ في شَهيقي / تاريخُ أشلائي تُفاحةٌ تَتَقَاسَمُهَا مُسَدَّسَاتُ اللقَاءِ الأوَّلِ / المذْبَحَةِ الثانيةِ / الرِّئةِ الثالثةِ / وَقِّعي عَلى شَهَادَةِ وَفَاتي يَا حَياتي / أمشي إلى الموْتِ وَحيداً / لا رَسائلُ الغرامِ سَتُؤْنِسُ وَحْشتي في حُفرتي / ولا حِبَالُ الغسيلِ سَتَذْكُرُ أصابعَ أُمِّي /
     خَسِرْنا حُرُوبَنا عَلى الأرضِ / وَنَقَلْنا حُرُوبَنا إلى غُرَفِ النَّوْمِ / أعصابي بَاردةٌ كَدَمْعِ أبي في ليالي الشِّتاءِ / أبيعُ أجنحةَ الفَراشاتِ لِقُطَّاعِ الطُّرُقِ / كَي أُسَدِّدَ دُيوني لِحَفَّارِ قَبري / حَقائبُ الملِكاتِ مِنَ جُلُودِ الثعالبِ / وَجِلْدي للدُّودِ / والرِّيحُ تَسْلَخُ جُلُودَ العَبيدِ في إسْطَبْلاتِ البُكاءِ /
     في طَريقِ الشِّتاءِ / يَزْرَعُ المطَرُ الحواجِزَ العَسكرِيَّةَ بَيْنَ أصابعي / لَيْسَ النَّهْرُ عَاهِرَةً كَي يُدْفَنَ سِرَّاً / نبكي في قَلْبِ الشَّفقِ / وتَسْتَعْمِلُ لاعباتُ التِّنسِ الصِّرْبِيَّاتُ مُزِيلَ العَرَقِ في حِصَارِ سَراييفو/ لَم أكْتُبْ قَصَائِدَ الْحُبِّ تَحْتَ الْجُسُورِ التي قَصَفَتْهَا الطائراتُ / كانَ الجنودُ قَد تَزَوَّجُوا أوحالَ الشَّوارعِ المعدنِيَّةِ / خُدودُ الضَّحايا اليابسةُ هِيَ تِذكارٌ للوَطَنِ الضَّائعِ والْحُبِّ الضائعِ / وأظافرُ الفُقراءِ مُحَنَّطَةٌ في نُهُودِ الإِمَاءِ / سَقَطَتْ أسنانُ الطاغيةِ في شَايِ العاصفةِ الأخيرِ / وَرَأيتُ دَمي في حِبْرِ الفَيَضَانِ / كُنَّا بَاعَةً مُتَجَوِّلِينَ مُحْتَرِفِينَ / بِعْنا رَاياتِ القَبائلِ الْمُنَكَّسَةَ على إشاراتِ المرورِ / وكانت العواصفُ تَبيعُ نَزيفي في طُرُقَاتِ سُعالي / الشَّحَّاذُونَ وَاقِفُونَ عَلى أوْرِدَةِ المطَرِ الْمُقَطَّعَةِ / زَرَعَ العَارُ عَلى بَابِ حَنجرتي إشارةَ مُرورٍ حَمْرَاءَ/ لِكَيْلا تَدْخُلَ عَرَبَاتُ نَقْلِ الجنودِ/ أتَزَيَّنُ لِسَجَّانتي التي تَدْعَمُ الوَحْدَةَ الوَطنيةَ نَهاراً / وتُدافِعُ عَن حُقوقِ المرأةِ لَيْلاً / خُيولُ الشَّفقِ تَسْحَبُ جُثةَ أبي في صَحراءِ الجليدِ / والنَّمْلُ يَجُرُّ جُثماني في ذَاكرةِ الفَجْرِ / فَيَا جَسَدَ الأمطارِ المكسورَ / سَيَمُرُّ عَلَيْكَ قَطيعُ السُّنونو في مَوْسِمِ الصَّقيعِ الوَرْدِيِّ / سَأعْتَزِلُ الوَحْدَةَ الوَطَنِيَّةَ / وَأتفَرَّغُ لِشَهْرِ العَسَلِ في ثَلاجَةِ الموتى /
     خَارِجَ السِّجْنِ سِجْنٌ / وَدَاخِلَ السِّجْنِ جَسَدُ بُحَيْرَةٍ نَقَرَتْهُ العَصافيرُ / وَفي ذَاكرةِ الزَّبَدِ مَلِكٌ اسْمُهُ الْحُزْنُ / لا يُمْكِنُ خَلْعُهُ / لأنَّ عَرْشَهُ هُوَ الفَشَلُ العاطفِيُّ / النَّهْرُ مَلِكُ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / والمطرُ يُعَالِجُ اكتئابَ الفَراشاتِ بالصَّدَماتِ الكَهْربائِيَّةِ / تاريخي تُفَّاحةٌ خَانَهَا سَيْفُ الشُّطآنِ المكسورةِ / وبِلادي امرأةٌ بَاعَتْ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا في السُّوقِ السَّوداءِ / كَي تَصْنَعَ مُسْتَقْبَلاً نَاصِعَ البَيَاضِ /
     يا بِئْرَ قَرْيتي المهجورةِ / كَيْفَ مَاتَتْ ذُكورةُ حَبْلِ المِشْنقةِ بَيْنَ بَناتِ أفكاري وبَناتِ آوَى ؟ / جُثماني طَابَعُ بَريدٍ تِذكارِيٌّ بَيْنَ حُطَامِ قَلبي وحُطَامِ السُّفُنِ / وأنقاضُ بَيْتِنا الرِّيفيِّ تبتلعُ حُطامَ قُلوبِنا في شِتَاءِ الذِّكرياتِ / اكْتَشَفْنا لَوْنَ المطَرِ في دُموعِ الكَرَزِ / أحْضِرُوا حُزْنَ الشَّوارعِ / كَي نُغَطِّيَ أجسادَ الشَّحَّاذِينَ على أرصفةِ السُّعالِ / جُلودُ النِّساءِ المسحوقاتِ في ضَجيجِ الحِكَاياتِ / فيا أيُّها الوَطَنُ الذي يَتَزَوَّجُ المنافي/ أيُّها النَّزيفُ الأعمى الذي يُرْشِدُ العُميانَ إلى مَناديلِ الوَدَاعِ في المرافئِ / كُلُّ القَتلى يَرْقُصُونَ في أعراسِ اليَمامِ / أنتَ الوَحيدُ يَا قَلْبي في مُدُنِ الخِيَانةِ / تَنامُ عَلى القَشِّ في عَرَبَاتِ القِطارِ / والبَنادقُ الآلِيَّةُ هِيَ شَهيقُ اليتامى / وبِلادي بُرتقالةُ الْجُثَثِ الطازَجةِ /
     كُلَّما سَجَّلْتُ نَبضي بِاسْمِ البَارودِ / انتَشَرَتْ رَائحةُ الجوَّافةِ في المسدَّساتِ / فَيَا ضَوْءَ ذَاكرةِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / هَذِهِ أوتادُ خِيَامِنا الصَّدِئةُ / تنهمرُ في النِّسيانِ المرْصُوفِ بالأحكامِ العُرْفِيَّةِ / وتِلْكَ أمعاءُ النَّهْرِ قانونُ الطوارئِ في مَملكةِ الانقراضِ / وَالغُرباءُ يَكْتُبُونَ دُسْتُورَ مَذْبَحتي / بَنَى ذُبابُ الزِّنزانةِ مِن مُضَادَّاتِ اكتئابي أبْرَاجاً للحَمَامِ / والسَّائحاتُ في مَلابِسِ السِّباحةِ يَلْتَقِطْنَ الصُّوَرَ التِّذكارِيَّةَ عِندَ جُثتي / فيا أيَّتها التَّوابيتُ السَّابحةُ في عَصيرِ البُرتقالِ / سَوْفَ تَهُبُّ في السَّحَرِ الرِّياحُ التي تَحْمِلُ رَائحةَ القَتلى / فيا أيُّها الشَّفقُ البَعيدُ / أرْشِدْ قَاتِلي إلى ضَوْءِ جُثماني / أرْشِد الضَّحِيَّةَ إلى رُومانسِيَّةِ حَفَّارِ القُبورِ / أنْجَبَتْني زَهْرَةُ المطَرِ للدِّيدانِ والحواجزِ العسكريةِ / أنا النَّجارُ العاطِلُ عَنِ العَمَلِ/ أُفَصِّلُ تَوابيتَ الأنهارِ عَلى مَقاسِ قَارورةِ الحِبْرِ / حَرْبٌ أهْلِيَّةٌ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي/ومَعْرَكةُ الوَهْمِ بَدَأَتْ في صَدْري/ لأنَّ رِئتي اليُمنى نِظامٌ مَلَكِيٌّ / ورِئتي اليُسرى نِظامٌ جُمهوريٌّ / يَرْعَى الجرادُ قَطِيعاً مِن جَدائلِ البَناتِ/ وَكُرَياتُ دَمي قَطيعٌ / وضَوْءُ القَمَرِ يَرْعَى الأغنامِ في حَنجرتي / قَد تَزُورُ قَبْري شَرْكَسِيَّةٌ في عِيدِ السَّرابِ/ قَد تُلقي أراملُ البَحْرِ مَناديلَ الوَدَاعِ في تَوابيتِ الأسماكِ/ وَرُبَّما أتعلَّمُ الرُّومانسِيَّةَ مِن ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ/ تَدْرُسُ لاعباتُ التِّنسِ الصِّربِيَّاتُ عِلْمَ الرِّياضياتِ/ كَي يَحْسِبْنَ ضَحايا المجازرِ في البُوسنةِ / ونَجْمَةُ القُوقازِ تَغْرِسُ في الشَّفقِ أوتادَهَا/ وفي صَدْرِ البُحَيرةِ سَرَطَانُ الثَّدْيِ / وفي لَحْمِ المجرَّاتِ مَزرعةُ الذَّبحاتِ الصَّدْرِيَّةِ / مَطَرٌ يَغْسِلُ جُثَثَ الغُرباءِ في خَريفِ الدَّمْعِ / وَهَذِهِ أوْرِدتي سُجُونٌ مِن نُحاسِ الأضرحةِ / وَضَفائرُ النِّساءِ سِجْنٌ بِلا سَجَّان / وأنا غُربةُ الأعاصيرِ / أمشي وَحيداً / وأُلْقِي التَّحِيَّةَ عَلى بَاعَةِ الْخُضارِ أمامَ المحاكمِ العسكرِيَّةِ /
     الملِكُ المخلوعُ يُضَاجِعُ الجواري عَلى فِرَاشِ الموْتِ / وَالموْتُ وَحْدَهُ هُوَ المعنَى الحقيقيُّ / والرُّومانسيةُ مَجَازٌ / دَرَسْتُ جُغرافيا المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / لَكِنِّي مُؤَرِّخُ الْحُبِّ الضَّائعِ / أَسْبَحُ في دِمَاءِ الشَّفَقِ فَأَغْرَقُ / يَرْمِي لَحْمُ الغروبِ لأشلائي طَوْقَ النَّجاةِ / وسُعالُ النِّساءِ الْمُغْتَصَبَاتِ يَقتلِعُ احْمِرَارَ الدَّمِ وأحْمَرَ الشِّفاهِ / النُّعوشُ مُرَتَّبَةٌ ومُرَقَّمَةٌ عَلى بَلاطِ الزِّنزانةِ أو بَلاطِ صَالةِ الرَّقْصِ / والحروبُ الأهلِيَّةُ بَدَأَتْ في شَوارعِ رِئتي / الثلجُ الْمُشَرَّدُ في عَرَقِ الأنهارِ / أنا غَيْري / أجْلِسُ أمامَ انتحاراتي / أنا الغريقُ / أتَحَدَّى البَحْرَ وَجْهاً لِوَجْهٍ / وأَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ جُثتي / كُلما وَضَعْتُ رَأسي عَلى الوِسَادةِ في مَساءِ الذِّكرياتِ / هَاجَمَتْني أطيافُ الموتى وأرشيفُ الأسيراتِ / كُلما هَجَمَ الليلُ عَلى حِيطانِ غُرفتي / رَأيتُ وُجوهَ الأمواتِ على زُجاجِ النافذةِ / 
     هَذِهِ حُفْرتي/ حَيْثُ يَلتقي الدُّودُ وأنابيبُ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / تَتَسَوَّلُ عُرُوقي في التَّطهيرِ العِرْقِيِّ/ وأركضُ وَراءَ بَناتِ آوَى / بَحثاً عَن رَسائلِ الْحُبِّ / أعيشُ مَعَ الدِّيدانِ تَحْتَ الأرضِ / وأُنَقِّبُ عَن حِكَاياتِ العِشْقِ / لَم أجِدْ تابوتاً ذَهَبِيَّاً يَليقُ بالجِرْذانِ الملَكِيَّةِ / زَوَّجْتُ حُفَرَ المجاري لِلْوَحْلِ الْمُثَقَّفِ / فَكُن عَشيقاً لِزَوْجاتِ الملوكِ المخلوعين / أو طَبَّاخاً في خَيْمَةِ الجِنِرَالِ في مَملكةِ المذابِحِ / ستمشي الأنهارُ إلى الأنهارِ / سَيَخْرُجُ جِلْدي مِن تُفاحةِ المجزرةِ / ويَمشي البَحْرُ المشلولُ في جِنازةِ البُرتقالِ / يَحتلُّ الغبارُ ذَاكرةَ الرِّمالِ / أشجارُ المقابرِ مُرْضِعَتي / وأحزانُ البَراري ابْنَةُ عَمِّي /
     يا أيُّها القتيلُ بِلا قَبيلةٍ / وَحْدَهُ الصَّقيعُ سَيُطَالِبُ بِدَمِكَ / يَبكي النَّهْرُ على صَدْرِ الجرادةِ / وَبَحَثْتُ عَن دُموعي كَي أبكيَ فَلَم أجِدْها / مُسْتَقْبَلي العَاطِفِيُّ بَيْنَ أوراقِ الخريفِ / وَمُسْتَقْبَلي السِّياسِيُّ بَيْنَ أعشابِ المقبرةِ / أُخَبِّئُ رَسائلَ الوَدَاعِ في صَفيرِ القِطاراتِ وَفُوَّهاتِ المدافِعِ / وجُثماني يَعْقِدُ مُصَالَحَةً بَيْنَ تُجَّارِ الأسلحةِ وتُجَّارِ المخدِّراتِ/ أُخَزِّنُ ذِكرياتِ الأراملِ في صَوَامِعِ القَمْحِ / وأغْسِلُ أوتادَ خِيَامِ اللاجئينَ بِمَرايا السَّياراتِ العسكرِيَّةِ / ولَم يَعُدْ لَيْلُ النِّساءِ المسحوقاتِ يُمَيِّزُ بَيْنَ حَبْلِ الغسيلِ وَغَسيلِ الأموالِ /
     قُتِلَ البَحْرُ أمامَ عُيونِ البُحَيرةِ / ومَناديلُ الوَدَاعِ تَحْمِلُ بَصْمَةَ دُموعِ الرِّياحِ / أُعْطِي ظَهْري للبَحْرِ / وأُسَاعِدُ السَّلاحفَ في دَفْنِ بُيُوضِها في رِمَالِ البُكاءِ / ضَابِطُ الْمُخَابَرَاتِ يَتَزَوَّجُ بَائعةَ العِلْكَةِ عَلى إشاراتِ المرورِ / أُنوثةُ الثلوجِ تَحترِمُ رُجولةَ الغُبارِ / وَرَمْلُ البَحْرِ يُعطي ظَهْرَهُ للأميراتِ / وَيَتَزَوَّجُ الخادِماتِ / هَكَذَا يَصيرُ مَوْتي البَطِيءُ مَطْعَمَاً للوَجَبَاتِ السَّريعةِ / تَصيرُ انتحاراتي مُؤْتَمَرَاً للوَحْدةِ الوَطنيةِ / سَقَطَتْ رُومانسِيَّةُ الزَّبَدِ كَنُمُورِ التَّامِيلِ في رِيحِ الشَّمالِ / وَانتَصَرَت الخادِماتُ السِّريلانكِيَّاتُ عَلى صُحُونِ المطْبَخِ /
     خَشَبَةُ المسْرَحِ / وَخَشَبَةُ الإعدامِ / وَخَشَبَةُ الصَّليبِ / لَكِنَّ النَّجَّارَ مَاتَ / حِبالُ المشانقِ مِن ضَفائرِ الإِمَاءِ / وَحِبَالُ الغسيلِ مِن جَدائِلِ الملِكَاتِ /
     في قَلبي سَنابلُ مَكسورةٌ / فَاجْمَع الشَّظايا أيُّها الشِّتاءُ الحزينُ / شَلالٌ مِنَ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ يَنْحِتُ في أوْرِدتي تاريخَ النوارسِ وجُغرافيا الغروبِ / وخَفْرُ السَّواحِلِ يَكْتُبُونَ دُستورَ البَحْرِ / الحِيتانُ الزَّرقاءُ تَسْبَحُ في لُعابي / والطيورُ الجارِحةُ تُولَدُ في جَوَارِحي / وغَاباتُ الدَّمْعِ هِيَ اسْمُ البَحْرِ في سَاعةِ السَّحَرِ / وَيَكتبُ الدُّودُ عَلى أسنانِ النَّهْرِ مَنْشُوراتِ الثَّوْرَةِ السِّرِّيةَ /
     إِخْوَتي ضُبَّاطَ الْمُخَابَرَاتِ / اعْتَنُوا بأشجارِ المقبرةِ بَعْدَ إعدامي / إِخْوتي قُطَّاعَ الطُّرُقِ / انشُروا الرُّومانسِيَّةَ في الشَّاحناتِ المصفوفةِ أمامَ كافتيريا الطريقِ الصَّحراويِّ / بَناتُ آوَى نَائماتٌ في صَحراءِ رِئتي / دَفَنَ المطرُ عَائلتي في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / وتَزَوَّجْتُ الرِّمالَ اليتيمةَ / إِنَّ الْحُزْنَ مِثْلُ البَحْرِ / كِلاهُما يُرَوِّضُ نَبَضاتِ قَلْبِ الرِّياحِ /          
     اكتشفَ النَّزيفُ الفِضِّيُّ أبجديةً تَطْلُعُ مِن دِمَاءِ المجرَّاتِ / وَرَأى المساءُ لُغةً تَتفجَّرُ في يَاسَمينِ النَّيازكِ / وفي تَجاعيدِ الشَّفَقِ حُروفُ الشَّمْسِ / وَهِيَ تَتزوَّجُ حِبْرَ المرافئِ / إنَّ قِصَصَ الْحُبِّ كالبِطِّيخةِ / لَن تَعْرِفَ مَذَاقَهَا إلا إذا غَرَسْتَ في أحشائِها السِّكِّينَ /
     أمشي في غَابةِ الكَهْرمانِ وَحيداً / ومُحَاصَرَاً بالطَّعَناتِ / جِلْدي أنهارُ الخناجرِ / والجماجمُ مَصْفُوفةٌ عَلى قِرْمِيدِ كُوخي كأحجارِ الشِّطْرَنجِ / مَاتَ رَمْلُ البَحْرِ في قَاعِ رِئتي / وهذا أُسْطُولُ النُّعوشِ أَعْلَنَ انتصارَ الدِّيدانِ عَلى لَحْمي / رُموشُ المطَرِ أُغْنِيَةٌ للعَصافيرِ السَّجينةِ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / وأخشابُ تابوتي هِيَ طَاوِلةٌ في مَقْهَى الذِّكرياتِ / سَيَكُونُ انتحاري البَطيءُ مَطْعَمَاً للوَجَبَاتِ السَّريعةِ / جُثماني عَشاءٌ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ / والدُّودُ جَائِعٌ / ويَنتظِرُني في آخِرِ الليلِ / الْحُزْنُ هُوَ ضَيْفُ الأمطارِ القُرْمُزِيَّةِ / تَنَاوَلْتُ جُرْعةً زَائدةً مِنَ الذِّكرياتِ / وَصِرْتُ نَخْلةً بَيْنَ الحياةِ والموْتِ / أفتحُ شَراييني لتاريخِ الأقمارِ المكسورةِ / وعُرُوقُ المساءِ تَتَفَجَّرُ في المطرِ الحِمْضِيِّ / والأُنوثةُ تُهاجرُ مِنَ الكَنيسةِ إلى العُنوسةِ /   
     أنا العَريسُ في العُرْسِ الخطأ / وأُنوثةُ الفَراشةِ دُمْيَةٌ مُحترِقَةٌ بِمِكْيَاجِ مَسْرَحِ العَرائسِ / ونَزيفُ الرِّمالِ ظِلالٌ لِنَوافذِ القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / دِيدانُ الأضرحةِ وبَناتُ آوَى وقِصَصُ الْحُبِّ الفاشلةُ / فيا عُزلةَ النَّيازكِ في جَسَدِ الأمطارِ / يَا وَحْشَةَ الشُّطآنِ في حَقيبةِ السَّفَرِ / نَمشي إلى أشجارِ الشَّفَقِ / وَبَوَّاباتُ شَراييني مَفتوحةٌ أمامَ حُفَرِ المجاري / فاشْرَبيني أيَّتُها الطحالبُ الْمُضِيئةُ كأحزاني / تُوَدِّعُ اليَتيماتُ البَحَّارةَ في المساءِ المذعورِ / وضِفْدَعُ الذاكرةِ يُعاني مِن سُوءِ التَّغذيةِ كأطفالِ مَدينتي /
     سَيَظَلُّ مَوْتي غَامِضَاً/ كَابتسامةِ الشَّركسياتِ في المساءِ الخريفيِّ الباردِ/ مَوْكِبُ الملوكِ المخلوعينَ هُوَ بَراويزُ عَلى حِيطانِ الزَّنازين/ وفِئرانُ التَّجارُبِ تُصَفِّقُ للمَلِكَاتِ عَلى السَّجَّادِ الأحمرِ / مَسجونةٌ أنتِ يَا دِمَاءَ الشَّمْسِ في رَائحةِ اليَاسَمِينِ/ وَالليلُ يُمَارِسُ مِهْنَتَهُ في زِراعةِ الليمونِ في جَدائلِ البَناتِ/ فيا أيُّها المساءُ المجروحُ/ إنَّ النَّهْرَ يُهَرْوِلُ في أعصابي بِلا ذِكرياتٍ ولا نَخيلٍ / والبُحَيرةُ تَدْفَعُ ضَريبةَ فَشَلِ أُمِّها / ونَحْنُ الأسرى في مَداراتِ الشَّفقِ/ نَدْفَعُ ثَمَنَ أخطاءِ آبائِنا / وأنا رَمْلُ البَحْرِ الممزوجُ بالدَّمْعِ ورَائحةِ القَهوةِ / أركضُ في شَوارعِ الصَّقيعِ / لا عَشَاءٌ على ضَوْءِ الشُّموعِ / ولا شُموعٌ في عِيدِ مِيلادِ حَفَّارِ القُبورِ / جُثَثُ الرِّجالِ هِيَ العَشَاءُ / وجُثَثُ النِّساءِ هِيَ الشُّموعِ /
     كُلُّنا نَحتفِلُ بِعِيدِ استقلالِ دِمائِنا عَن خُدودِ الرِّياحِ / زَوْجَةُ السَّجَّانِ وماما الفاتيكانِ لا تُتْقِنَانِ فَنَّ الطبخِ / والجوعُ يُحَطِّمُ مَزْهَرِيَّاتِ الشِّتاءِ الْمُزَيَّنَةَ بِمَساميرِ النُّعوشِ / فاتْبَعْ ضَوْءَ الجِنازةِ في طُفولةِ السُّنونو السَّحيقةِ / سَتَطْبُخُ العَواصِفُ قَلْبَ النَّهْرِ الْمُرَصَّعِ بأوسمةِ الهزيمةِ / والرِّيحُ تَحْرِقُ عُزلةَ الصَّراصيرِ تَحْتَ بَساطيرِ الجنودِ الهارِبِينَ مِنَ المعركةِ / وشَاطِئُ الغروبِ هُوَ جَوَازُ سَفَرِ البَحْرِ /
     في بِئْرِ الدَّمْعِ سَقَطَتْ خَوَاتِمُ العَرائسِ / والدَّمْعُ يَلْمَعُ في عُيونِ اليَتامى / لا دَمْعٌ في ذَاكرةِ الرِّيحِ / ولا حِبْرٌ في أجنحةِ الفَراشاتِ / أسْكُبُ رَحيقَ الأزهارِ في شَواهِدِ القُبورِ / وأنتظِرُ مِيلادَ الأمطارِ الثاني / قَطيعُ النَّوارسِ دَفَنَ الرُّومانسِيَّةَ في رُفاتي / واعتنقَ الكِفَاحَ الْمُسَلَّحِ في رِئتي الْمَبْنِيَّةِ بالأسْمَنْتِ الْمُسَلَّحِ / وكُلُّنا اكْتَشَفْنا الرُّومانسِيَّةَ في البَنادقِ الآلِيَّةِ /
     أنا مَلِكٌ مَقتولٌ في مَساءٍ غامضٍ / وجُثماني هُوَ عَرْشي / لا مَملكةٌ في دِمائي سِوى مَرَاكِبِ الصَّيْدِ الفارغةِ / ولا نَشيدٌ في عِظامي سِوى مَمَرَّاتِ القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / كانَ طُحالي مَنثوراً عَلى رَصيفِ المِيناءِ / فَكُن شَريفاً كالرَّمْلِ الأزرقِ / كَي تُدَافِعَ عَن شَرَفِ الغبارِ /
     لَم أقْطَعْ تأمُّلاتِ القِطَطِ الشَّريدةِ في ذِكْرَياتِ القُمامةِ / دَمْعُنا رَسولٌ بِلا رِسالةٍ / تَضَعُ قَارورةُ الحِبْرِ رَأْسَهَا على صَدْرِ الثلجِ / وتَبكي في خَريفِ الرُّعْبِ / كَانَ المطرُ يُزَوِّجُ نَوافِذَ قَلبي لِقُماشِ أكفاني / والموْجُ يَأكُلُ قِرْمِيدَ كُوخي في حَفْلةِ الجماجمِ / سَآتِي مِن جُثةِ البَحْرِ / كَي أُبَلِّطَ البَحْرَ بأوْرِدتي / سَآتِي مِن جِلْدِ المساءِ / كَي أغْسِلَ بَلاطَ الزِّنزانةِ بأشلائي / فَخُذْ بَقَايَا قِناعي في مَساءِ الوَهْمِ / واتْرُكْ وَجْهي لِشَمْسِ الشِّتاءِ وقَمَرِ الخريفِ / أنا أرشيفُ الأمطارِ وتاريخُ الأوهامِ / ولا أزالُ أدْرُسُ كِتَاباتِ الصَّاعقةِ عَلى حَنجرةِ الشَّفَقِ / دِمَائي لا تَقْرَأُ ولا تَكتبُ / وقُماشُ أكفاني ألْقَاهُ الجرادُ في حُفَرِ المجاري / ماتَ الأطفالُ على أراجيحِ الغروبِ / والأمواجُ عَشيقةُ الزَّبَدِ بَعْدَ انتحارِ الرُّومانسِيَّةِ في قَانونِ الطوارئِ /
     إنَّ البَحْرَ مِثْلُ قَارورةِ الحِبْرِ / كِلاهُما يَغْرَقُ في أكفاني / وَرَصيفُ المِيناءِ وَعَدَنَا بِطَوْقِ النَّجاةِ / وَنَسِيَت الأراملُ مَنادِيلَ الوَدَاعِ في مَراكبِ الصَّيْدِ/ وذَهَبْنَ مَعَ الأزواجِ الْجُدُدِ إلى مَطْعَمِ العَائلاتِ/ والبَحْرُ بِلا عَائِلةٍ/ خَفْرُ السَّواحِلِ أيتامٌ/ وكُلُّنا أيتامٌ في مَتْحَفِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ / ولا بَحْرَ بَعْدَ اليَوْمِ/
     أنا وُعودُ الجنودِ القَتلى لِزَوْجَاتِهِم/أنا الحارِسُ الشَّخْصِيُّ لِحَفَّارِ القُبورِ/وأشجارُ المقابرِ عَشيقاتي/ أجْمَعُ خِيَاناتِ البُحَيرةِ في أكياسِ الطحينِ / والبَحْرُ لا يَعْرِفُ أنَّ البُحَيرةَ تَخُونُهُ مَعَ جُثةِ القُرصانِ / قِناعي مَنْسِيٌّ عَلى مَرايا المجزرةِ/ وَدَمي يَنهمِرُ في مَزْهَرِيَّاتِ بَيْتِنا في قُرْطُبة/وَدَاعاً يا شَمْسَ الأندلسِ/ وَداعاً يا قَمَرَ الرَّحيلِ / أنا الشَّاهِدُ والشَّهيدُ / أنا الهديلُ والصَّهيلُ / جُسورُ مَدينتي مِن رُفاتِ الأطفالِ / وأبراجُ الكنائسِ مِن عِظَامِ الرَّاهباتِ / وأنا الرَّاحِلُ والرِّحْلةُ والرَّحيلُ /
     أنا وَصِيَّةُ الضَّحايا / وَوِصَايَةُ القَاتِلِ عَلى الضَّحايا / والنَّوارِسُ تَكْتُبُ وَصِيَّتَها عَلى شَظايا جُمْجُمتي / واليَتيماتُ ذَهَبْنَ لِهَندسةِ المِكياجِ في نَبْضِ الأنهارِ الرَّاحلةِ / والملابسُ الدَّاخليةُ صَارَتْ رَاياتٍ للقَبائلِ / كُلُّنا رَاحِلُونَ يَا أُمَّنَا الأرض / التي وَلَدَتْنا كَي يَأكُلَنَا الدُّودُ / وَحْدَهُ الدُّودُ مَن سَيَعْزِفُ لَحْنَ رُجُوعِ الأشجارِ إلى رَحِمِ المنفَى / الطحالبُ مِكياجُ الأميراتِ في لَيْلَةِ الانقلابِ العَسكريِّ / والعَريسُ لَم يَجِئْ إلى عُرْسِ الأنهارِ تَحْتَ صُراخِ بَناتِ آوَى / كُلُّنا سَائرونَ في غَابةِ الدَّمْعِ الزُّمُرُّدِيِّ في المساءِ الرَّهيبِ / مِرْآتي مُصَابَةٌ بانفصامِ الشَّخصيةِ / وأنا نَزيفُ الرِّمالِ عَلى حِيطانِ الزَّنازين / ونَبَضاتُ قَلبي كَسَرَتْ عَقَارِبَ السَّاعةِ / هَذا هُوَ الدَّمْعُ يَرْكُضُ إلى أثاثِ المنافي الْمُسْتَعْمَلِ / قَبَرْنا الرُّومانسِيَّةَ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / وَصَارَ شَهْرَيَارُ تاجِرَ أسلحةٍ / وَانتظَرْنا مَلَكَ الموْتِ لِيَصْنَعَ عَالَمَنا الجديدَ/ يَكتشِفُ السَّجَّادُ الأحمرُ في طُرُقاتِ المجزرةِ تَضاريسَ قُلوبِنا / لا حُزْنَ في الْحُزْنِ/ فَافْرَحِي يَا أرْمَلَةَ المرافئِ / سَيُوَزِّعُ الليلُ الحزينُ المِلْحَ بَيْنَ دَمْعي والبَحْرِ / وَيَرْكُضُ الأيتامُ في الفَجْرِ نَحْوَ المِلْحِ في خُبزِ الأراملِ /
     أنا الوَهْمُ الْمُزَيَّنُ بِحَقائبِ السَّفَرِ ومَزْهَرِيَّاتِ الرَّحيلِ / أُعْلِنُ انتصارَ الغبارِ عَلى الأضرحةِ الرُّخامِيَّةِ / أُعْلِنُ انتصارَ الصَّدأ على مَساميرِ النُّعوشِ / والنَّهْرُ يَمشي كالجِنِرَالِ عَلى تَوابيتِ اليَمامِ/ ضَوْءُ القَناديلِ في شَرايينِ الأشجارِ/ وأجنحةُ الذبابِ تتساقطُ عَلى شَواهِدِ القُبورِ/ والمصابيحُ تُزَيِّنُ أغصانَ الأشجارِ في المقبرةِ/ والصَّدأُ يَأكلُ بَوَّابةَ المقبرةِ القديمةِ / والأراملُ يَنْشُرْنَ الغسيلَ على سُورِ المقبرةِ / كَبِدي استراحةٌ للشَّاحناتِ عَلى الطريقِ الصَّحراويِّ / وأظافرُ الرِّيحِ تَتكسَّرُ على صَخْرَةِ الرَّحيلِ / قُتِلَت الفَراشاتُ في الطريقِ إلى حِصَارِ سَراييفو / كانت الْجُسُورُ مِن عِظَامِ النِّساءِ / فيا أيَّتُها البُوسنِيَّاتُ الصَّاعِدَاتُ مِن تِلالِ الجِنازةِ / السَّائراتُ في شَرايينِ الغَيْمِ / إنَّ جُثماني صَارَ مُزيلَ عَرَقٍ للاعباتِ التِّنسِ الصِّربِيَّاتِ / وَرِثَت هِضَابُ الدَّمْعِ عَن أُمِّها دَهْشَةَ الموؤدةِ / وَلَم يَرِث النَّهْرُ عَن أبيهِ غَيْرَ العُقدِ النَّفسِيَّةِ /
     جِلْدُكِ أيَّتُها الفَراشةُ ناعِمٌ كَحَبْلِ مِشْنقتي / فَخُذي مَكَاني في ثَلاجَةِ الموتى الْمُزْدَحِمَةِ / وَاترُكي جُثتي وَحيدةً في أزِقَّةِ الجليدِ / كَحَقْلِ قَمْحٍ في سَاعةِ السَّحَرِ / تابوتُ البَحْرِ مُغْلَقٌ بِالشَّمْعِ الأحمرِ / وَشُموعُ عِيدِ مِيلادِ الرَّمْلِ مُطْفَأةٌ / وَلَم يَبْقَ إِلا شُمُوعُ عِيدِ الاحتضارِ / وَرَبطاتُ العُنُقِ الْمُلَوَّنةُ عَلى فِرَاشِ الموْتِ /
     أيُّها المطَرُ الْمَنْسِيُّ تَحْتَ الشَّمْعِ الْمُذَابِ في أوْرِدَةِ الشَّفَقِ / أيَّتُها الأمواجُ الْمُهاجِرةُ مِن أخشابِ المطابخِ إلى أخشابِ النُّعوشِ / أيُّها الصَّدأُ الذي يَأكلُ شَبابيكَ المقابرِ / لِمَاذا أنتَ مُحتارٌ بَيْنَ رُومانسِيَّةِ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ ورُومانسِيَّةِ الملوكِ المخلوعين ؟ / الغُبارُ يَسألُ نَفْسَهُ عَن رَقْمِ ضَريحي/ فَمَن الْمُنتصِرُ في ضَوْءِ أكفانِنا/ صَابُونُ الفَنادقِ الرَّخيصةِ أَم مِكياجُ الأميراتِ السَّجيناتِ؟/
     غَدَاً سَيَذُوبُ المِكياجُ / وَتَحْتَلُّ لَمَعَانَ الشَّفَقِ تَجاعيدُ المطَرِ / طَرِيقٌ للغُيومِ / وطَريقٌ لِدِمائي / وأنا الشَّظايا الأُرْجُوانِيَّةُ / أعشقُ الذِّكرياتِ التي تَقْلِبُ نِظَامَ الْحُكْمِ في الذاكرةِ / تَتعلَّمُ السَّناجبُ رَقصةَ التَّانغو عَلى أكوامِ الْجُثَثِ / مِشْنَقتي مُعَدَّلَةٌ وِرَاثِيَّاً / لأنَّ مِقْصَلتي مِنَ الشُّوكولاتةِ / وَمَذْبَحتي هِيَ الفَانيلا / فيا أيَّتها الأرملةُ الرَّاكضةُ إلى مَرافئِ الوَدَاعِ بِلا تاريخٍ ولا جُغرافيا / إنَّ حَبْلَ مِشْنَقتي هُوَ حَبْلُ الغسيلِ / مَوْتي هُوَ تاريخُ السُّنونو / وأعمدةُ الكَهْرباءِ في شَوارعِ الطاعونِ هِيَ الْجُغرافيا /
     الثلوجُ طِفْلَةُ الزَّواجُ العُرْفِيِّ بَيْنَ اكتئابِ البَحْرِ واحتضاراتِ الشُّطآنِ / فيا حُرَّاسَ ضَريحي / إنَّ رُومانسِيَّةَ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةِ هِيَ قِصَصُ حُبِّنَا الفاشلةُ / تَحْتَ جُسورِ المشنوقِينَ التي أنكَرَتْ وُجُوهَنَا / نَحْرُسُ مَوْتَ البَجَعِ في الغيومِ / وآباؤُنا يَمُوتونَ عَلى الأرصفةِ المغسولةِ بالدُّموعِ / أُرَتِّبُ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةَ عَلى رُقعةِ الشِّطْرَنجِ/ وبَناتُ آوَى تَنامُ عَلى رُموشي في ليالي الخوْفِ/ والأعاصيرُ تَحْقِنُ قَلبي بِرَمْلِ البَحْرِ ونوافذِ السُّجونِ / وَلَم أستفِدْ مِنَ الرُّومانسِيَّةِ غَيْرَ مَهْزَلَةِ الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / فيا أيَّتُها الشَّوارعُ المرْصُوفةُ بالْجُثَثِ الطازَجةِ / جَسَدُ الفَراشةِ هُوَ الشَّارِعُ الذي سَتَمُرُّ عَلَيْهِ الشَّاحناتُ / التي تَحْمِلُ جَثَامِينَ الجنودِ المهزومينَ كَصَناديقِ الْخُضارِ / انكَسَرَتْ أغصانُ قُلوبِنا / وَالبُرتقالُ يَنمو عَلى حِبَالِ المشانقِ / انكَسَرَتْ مَلاقِطُ الحواجِبِ / وَالكُحْلُ يَرْكُضُ عَلى مَلاقِطِ الغسيلِ / أشلائي تُفَّاحةٌ مَنْسِيَّةٌ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / الْمُمْتَدِّ عَلى سُطوحِ القِطَاراتِ / التي تَذهبُ إلى مَرافئِ الذَّبْحِ ولا تَعُودُ / فَاشْكُرْ عُمَّالَ المناجِمِ الذينَ يَكْتَشِفُونَ في أكفانِ السُّنونو الفَحْمَ الْحَجَرِيَّ / لَم أجِدْ بُرتقالاً يَتَزَوَّجُ أرصفةَ المِيناءِ / أنا عُزلةُ الأمواجِ / ونَعْشي هُوَ الوَهْمُ الْمُزَخْرَفُ كَشَواهِدِ القُبورِ الكريستالِيَّةِ/ كَسَرَ المساءُ قَلَمَ الرَّصاصِ / وَصَارَ لَحْمي مُسْتَوْدَعَاً للرَّصاصِ الْحَيِّ/ كَسَرَ الغروبُ قَارورةُ الحِبْرِ / وَصَارَ عِطْرُ العُشَّاقِ قَارورةَ السُّمِّ/ والفُقراءُ يَتَزَوَّجُونَ الفَفيراتِ كَي يَكْسِرُوا مَلَلَ السَّنابلِ في حُقولِ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةِ / أنا تاريخُ انقلابِ أشجارِ المقابرِ على المقابرِ / وأوَّلُ رَجُلٍ تَعْشَقُهُ الشُّطآنُ اللاجِئةُ / فَإِنْ خَسِرْنا ذَاكرةَ الأندلسِ / فَقَد رَبِحْنَا مَناديلَ الوَدَاعِ / وإنْ خَسِرْنا مَعَاطِفَ الملِكاتِ / فَقَد رَبِحْنا فَرْوَ الثعالبِ / فيا سَجَّاني العاطفِيَّ / ادْفَعْ رَواتِبَ حُرَّاسي الشَّخْصِيِّينَ بَعْدَ اغتيالي /  
     يَا طَيْفَ الشَّركسياتِ/ كَيْفَ تَحَرَّرَ الْحُلْمُ مِنَ الْمَدَارِ ؟/ كَيْفَ هَرَبَت الذِّكرياتُ مِن أفلاكِها؟/ أنا الْجُثْمَانُ اللامِعُ في الرِّيحِ النُّحَاسِيَّةِ / أنا المرْفَأُ المكسورُ في صَدى الأمواجِ القُرْمُزِيِّ / مَرَرْتُ أمامَ صَليبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ تاريخاً مِن زُجاجِ المذابحِ المكسورِ / يَا وَحْشَةَ الشَّرايينِ في الدَّمِ الْمُلَوَّثِ بالهديلِ الصِّناعِيِّ / يَا كُلَّ الزَّنازينِ التي تُطْلِقُ الرَّصَاصَ عَلى قِطَطِ الشَّوارعِ / الزَّبَدُ يَختارُ الْمُذيعةَ حَسَبَ حَجْمِ ثَدْيَيْها / حُكُومةُ القَصيدةِ / والشَّاعِرُ سَجينٌ في الزِّنزانةِ الفاصلةِ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / أنا زَهْرَةُ الأوحالِ في ضَبابِ المدينةِ / سَقَطَ قَلبي في حُفرةِ العِشْقِ / فَخَسِرْتُ آخِرَ مَعَاقِلِي / سَقَطَتْ جُثتي في حُفرةِ التُّرابِ / فَخَسِرْتُ مَساميرَ نعشي /
     مَنْطِقُ الضَّحِيَّةِ هُوَ فَلسفةُ خَشَبَةِ المذْبَحِ / والشَّاطئُ هُوَ أجفانُ البَحْرِ الرُّخامِيَّةِ / تابوتُ النَّهْرِ مِنَ السِّيراميكِ/والعِشْقُ هُوَ الوَدَاعُ/وَهَذا الْحُزْنُ في عَرَقِ الأسْفَلْتِ ضَوْءٌ في أزِقَّةِ المرفأ اللازَوَرْدِيِّ/ والنَّحيبُ هُوِيَّةُ الفَراشةِ والاسْمُ السِّرِّيُّ لِقَلْبي / لَمَحْنا ضَوْءاً في أجنحةِ النُّسورِ المقتولةِ في صَفيرِ القِطاراتِ/ قَلْبي يَضُخُّ الذِّكرياتِ في عُرُوقِ المطرِ/ والرِّمالُ زَوْجتي وعَشيقتي / أنامُ في دِمَاءِ الصَّنوبرِ تاريخاً مَصْلُوباً عَلى بُرتقالةٍ / والثلجُ يَكتشفُ دَوْرَ البَغايا في الوَحْدةِ الوَطنيةِ /
     نِقَابَةُ حَفَّاري القُبورِ / وَبِطَاقَةُ العُضْوِيَّةِ في جَمْعِيَّةِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ / الْحُبُّ مِنَ الرَّصاصةِ الأُولَى / والعَمُودُ الفِقرِيُّ للغَيْمِ الحزينِ / وأنا الْمُهَاجِرُ في حُطامِ السُّفنِ وصَفيرِ القِطاراتِ / أُسَجِّلُ أحزانَ البَحْرِ بِاسْمِ شُطآنِ اللوْزِ / وأقرأُ عَلى أكواخِ الصَّفيحِ تَعاليمَ الزَّبَدِ / فيا أيَّتُها الجاريةُ التي تَكْتَحِلُ بالسَّائلِ الْمَنَوِيِّ / قُتِلَ الخليفةُ / وانتهت الخِلافَةُ / يا مَلِكَاتِ الحيْضِ في جَسَدِ البُحَيرةِ المصلوبِ / إنَّ أشجارَ المقابرِ تتكاثرُ في حَناجِرِ بَناتِ آوَى / سِكَّةُ حَديدٍ بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ / والطيورُ الجارِحَةُ تَبْني أعشاشَها بَيْنَ ثَدْيَيْكِ أيَّتُها الملِكةُ الوَحيدةُ/ فَكُنْ في أمطارِ الاحتضارِ ضَوْءاً / سَتَنْمُو ضَفائرُ الإِمَاءِ في دَفاتِرِ الرِّياضياتِ / والشَّجَرُ الذهبيُّ يَطْلُعُ مِن أعصابِ الغَيْمِ النُّحاسِيَّةِ دَمَاً يَرْتَطِمُ بالحِيطانِ / هذا عُشْبُ حَضارةِ الإبادةِ / قُتِلَت الفَراشاتُ عَلى الأسوارِ / وبَقِيَتْ ألوانُ الطباشيرِ في مَدرسةِ الأيتامِ /   
     اغتصبَ الأمطارَ رَمْلُ البَحْرِ/ وَلَم يَبْكِ البَحْرُ أمامَ جُثمانِ النَّوْرَسِ الغريبِ / الرِّيحُ تبكي عَلَيَّ/ وأنا أبكي عَلى نفْسي / فيا وَطَنَاً يُبَدِّلُ قُمصانَ النَّوْمِ للسَّبايا حَسَبَ مِزَاجِ النَّخَّاسِين / رِئتي تُفاحةٌ للمَجَازِرِ اليَوْمِيَّةِ/ أجْمَعُ حُطامَ السُّفنِ كالطوابعِ البريدِيَّةِ النادرةِ/ رُموشي صَوَامِعُ القَمْحِ / وأشلائي أبراجٌ للحَمَامِ / دَمْعي مُسْتَوْدَعُ الأسلحةِ الذي تَحْرُسُهُ البَّجَعاتُ/ ونافذةُ سِجْني حَقيبةُ سَفَرٍ بَعْدَ اغتيالِ المنبوذينَ على السَّجَّادِ الأحمرِ / يَلْمَعُ بَلاطُ السُّجونِ كَبَلاطِ المطاراتِ / وَكُلُّنا مُسافِرُونَ في نَشيدِ القَتلى / سَلامَاً أيُّها الوَاقِفُونَ بَيْنَ البُحَيرةِ وَجُثمانِها/ أيُّها المقتولونَ بَيْنَ رَمْلِ البَحْرِ والحاجِزِ العسكريِّ/ الطباشيرُ الْمُلَوَّنةُ عَلى جُثَثِ اليَتيماتِ في مَدرسةِ الأعاصيرِ / أعْقِدُ مُصَالَحَةً بَيْنَ القَراصنةِ ورَاياتِ القَبائلِ / أعْقِدُ هُدنةً بَيْنَ النَّهرِ وقَبيلتِهِ / سَلامَاً أيُّها الوَاثِقُونَ مِن حَفَّاري قُبورِهِم في لَمَعَانِ بُرتقالِ الخريفِ / سَيَكُونُ قَبْرُ الغريبةِ في تفاحِ الغروبِ / ونَحْنُ ذَاهِبُونَ كَي نَعْقِدَ مُصَالَحَةً تاريخِيَّةً بَيْنَ السِّكينِ وقِطْعَةِ الْجُبْنِ / فيا أيُّها الوَهْمُ الْمُتَوَّجُ عَلى عَرْشِ الجماجمِ / هذا التَّابوتُ النُّحاسِيُّ وَلِيُّ العَهْدِ / وأنا الملِكُ المخلوعُ / عِدْني يَا لَمَعَانَ الشَّفقِ أن تمشيَ في جِنازةِ البَنَفْسَجِ / خُذْ نُعوشَ السُّنونو تِذْكَاراً للغُرباءِ / وهَذِهِ مَرافئُ النَّزيفِ وِسَامٌ للجُنديِّ المهزومِ / أُحِبُّ رُومانسِيَّةَ الغبارِ في المجرَّاتِ /
     بَيْنَ أصابعِ الشَّفقِ جُثَثٌ مُتَحَلِّلَةٌ / أنا دَائرةُ مُخَابَرَاتٍ مُتَنَقِّلَةٌ / لَكِنَّ الْمُخْبِرِينَ مَاتوا في المقهَى/ وصارُ خَشَبُ الطاولاتِ خَشَبَاً لِنُعُوشِهِم / أَطْلَقْتُ عَلى النَّهْرِ رَصَاصَةَ الرَّحْمَةِ / والتاريخُ لَن يَرْحَمَ نَوارِسَ الغروبِ / وأنا الخاسِرُ في الْحُبِّ والكَراهِيَةِ /
     في الخريفِ السَّحيقِ / تَنامُ كُرَياتُ دَمي في مِيناءِ الأسرى / ويَذُوبُ مِكْياجُ الأنهارِ / كما تَذوبُ الشُّوكولاتةُ عَلى حَبْلِ المِشْنقةِ / سَتَظْهَرُ التَّجاعيدُ عَلى وَجْهِ النَّهْرِ / فيا أيُّها الموْجُ الذي يَضَعُ السُّمَّ في في قَارورةِ العِطْرِ / إنَّ الثُّلوجَ تَكْسِرُ قِرْمِيدَ كُوخي في المساءِ المذعورِ / فانتظِرْ دُموعَ البَناتِ في صَالةِ الرَّقْصِ يَا حَفَّارَ القُبورِ الأنيقَ / أعْطِني أيُّها القُرصانُ فُرصةً / كَي أزُفَّ أرملةَ الأنقاضِ إلى عَشيقِها الصَّدى / كُلُّنا أرشيفٌ لأحلامِ اليَمامِ / والنَّهرُ يَضحكُ عَلَيْنا ويَقْتُلُنا / ونَحْنُ نَضحكُ على أنفُسِنا / ويَقْتُلُنا الحنينُ إلى الصَّدى / نَحْنُ قَتلَى في كُلِّ الحالاتِ / فَمَا فَائِدَةُ قُماشِ الأكفانِ الْمُسْتَوْرَدِ ؟ / عَلَّمَني حَفَّارُ القُبورِ الأُمِّيُّ جَدْوَلَ الضَّرْبِ / لأحْسِبَ عَدَدَ الْجُثَثِ / كُلُّنا نَبيعُ جَثامينَ آبائِنا عَلى إشاراتِ المرورِ/ التي قَصَفَتْهَا الطائراتُ/ والأطفالُ يَرْكُضُونَ وَراءَ الطائراتِ الوَرَقِيَّةِ/وَيَمُوتونَ في أزِقَّةِ الكُوليرا/ الزَّبَدُ يَستثمِرُ في جَسَدِ المرأةِ/ والبَدَوِيَّةُ تَرْعَى الغَنَمَ بالتَّنورةِ القصيرةِ / وبُورصةُ السَّبايا مَفتوحةٌ للجَرَادِ / مُغْلَقَةٌ أمامَ تاجَ الهزائمِ /
     يَرْعَى الجليدُ قَطيعَ الجواري في مُدُنِ الأرَقِ / وَكُحْلُ اليَتيماتِ هُوَ دُستورُ الوَحْدةِ الوَطنيةِ بَعْدَ انتحارِ الوَطَنِ / مَاتت العصافيرُ في عَرَقِ النَّيازكِ / وَضَابِطُ الْمُخَابَرَاتِ يَخُونُ زَوْجَتَهُ مَعَ الخادمةِ / فلا تَخْدَع البَحْرَ يا جُثماني / ولا تَنْخَدِعْ بِلَمَعَانِ أشلائي / الرَّمْلُ يُدَافِعُ عَن شَرَفِ الغبارِ / وَحُزني مِثْلُ كُرَيَاتِ دَمي البَيضاءِ / كِلاهُما رَفَعَ الرَّايةَ البَيضاءَ / أنا الملِكُ المهزومُ / لَكِنِّي اشْتَرَيْتُ الملِكَاتِ مِن سُوقِ النِّخاسةِ / أهْرُبُ مِنَ المرأةِ إلى الفَلسفةِ / أنا فَيْلَسُوفُ ما بَعْدَ المرأةِ / أهْرُبُ مِن مَرايا الخريفِ إلى مَزْهَرِيَّاتِ الشِّتاءِ / وحَفَّارُ القُبورِ _ وَحْدَهُ _ هُوَ الفَيْلَسُوفُ /
     (( لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لاقطةٌ / وَكَاسِدةُ الْحَيِّ لا بُدَّ لها مِن سُوقٍ )) / (( خَدَعُوها بِقَوْلِهِم حَسناءُ / وَالغواني يَغُرُّهُنَّ الثناءُ))/(( يَا بِنْتُ أهْلُوكِ قَد جَعَلُوا جَمَالَكِ سِلْعَةً/ تُشْرَى وَبَاعَ بَنُو أبي أوطاني ))/
     هَل يَذْكُرُ الحمَامُ المذْبُوحُ عَناوينَ جُثتي أمامَ قَلْعَةِ الاحتضارِ ؟ / هَل نَسِيَ سَاعي البَريدِ جُثمانَهُ في صُندوقِ البَريدِ ؟ / أنا أوَّلُ الغرباءِ الذينَ يَمْشُونَ عَلى جِسْرِ المشنوقين / كانتْ أعوادُ المشانقِ صَهيلاً للجَرادِ / والنَّساءُ الْمُعَطَّرَاتُ بالْمُبيداتِ الحشَرِيَّةِ هُنَّ أُغنيةٌ للأمواجِ / أجْمَعُ دُموعَ البُحَيرةِ الأرملةِ في أكياسِ الطحين / وقَارورةُ الحِبْرِ مُعَبَّدَةٌ بالجثامينِ الطازَجةِ / وحِبَالُ الغسيلِ مِثْلُ جَدائلِ اليَتيماتِ / كُلُّها مُعَلَّقَةٌ عَلى سُطوحِ القِطَاراتِ / التي تَدْخُلُ في جِنازةِ السُّنونو ولا تَخْرُجُ /
     عَلَّمَني نَهْرُ الأشلاءِ الرُّومانسِيَّةَ في غُرفةِ الإعدامِ الغازِ / وغُرفةُ الإعدامِ بالكُرْسِيِّ الكَهْربائيِّ مَليئةٌ بالمزهرِيَّاتِ والأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / مِقْصَلتي تَعْمَلُ بالطاقةِ الشَّمْسِيَّةِ / مَعَ أنَّ بِلادي لا تَعْرِفُ طَريقَ الشَّمْسِ / حَبْلُ مِشْنقتي بِطَعْمِ الموْزِ / وحَبْلُ الغسيلِ بِطَعْمِ عَرَقِ النِّساءِ / فَكَيْفَ أُفَرِّقُ بَيْنَ رُومانسِيَّةِ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ/ ومَشَاعِرِ الباعةِ الْمُتَجَوِّلِينَ أمامَ مَحاكمِ التَّفتيشِ ؟/ كَيْفَ أُفَرِّقُ بَيْنَ المِلْحِ في دُموعي / والمِلْحِ في خُبزِ أُمِّي ؟ / كَيْفَ أُفَرِّقُ بَيْنَ رَائحةِ الجوَّافةِ في نَصْلِ مِقْصَلتي / ورَائحةِ البَطاطا في مَطَاعِمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ ؟ /
     الملوكُ المخْلُوعُونَ يَجْلِسُونَ عَلى دَرَجِ البَارِ / كانَ فِرَاشُ الموْتِ هُوَ البُنيةَ التَّحتِيَّةَ للحضارةِ / والحضارةُ عَلى كُرْسِيٍّ مُتَحَرِّكٍ / لَم يَعُدْ هُناكَ تاريخٌ للبَحْرِ / كَي نَدْرُسَ جُغرافيا الدُّموعِ عَلى الشُّطآنِ / وَلَم يَعُدْ هُناكَ بَحْرٌ / كَي نُزَوِّجَ رَاياتِ القَراصنةِ لِرَمْلِ الشُّطآنِ / فَلْيُولَد النَّشيدُ الوَطَنِيُّ بَيْنَ أعلامِ القَبائلِ وأعلامِ القَراصنةِ / وَطَنٌ لَم يَعُدْ لنا / ثُلوجُ الخطأ هِيَ رِمَالُ الخطيئةِ / فأيْنَ الكُرْسِيُّ الكَهْربائيُّ لإعدامِ الذِّكرياتِ / الملِكُ المخلوعُ لَيْسَ لَهُ عَرْشٌ سِوى ثَدْيِ زَوْجَتِهِ / وَرُفاتُ الجنودِ في أنابيبِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ / أوْرِدَةُ المطرِ حَبْلُ غَسيلٍ / يُعَلِّقُ عَلَيْهِ الفَجْرُ أظافري / وحُزني مَشروعٌ اقتصادِيٌّ خاسِرٌ / فَكَيْفَ أستثمِرُ ضَوْءَ عُيونِ القَتْلى في بُورصةِ الحريمِ ؟ /
     حِينَ يَذُوبُ المِكياجُ/ يَختفي الفَرْقُ بَيْنَ الملِكَاتِ وعَامِلاتِ النَّظافةِ/ يَختفي الفَرْقُ بَيْنَ الملِكِ اللصِّ واللصِّ الملِكِ/يَختفي الفَرْقُ بَيْنَ لَيْلَةِ الدُّخلةِ ودَائرةِ الْمُخَابَرَاتِ/ يَختفي الفَرْقُ بَيْنَ غُرفةِ الإعدامِ بالغازِ ومَطْعَمِ الوَجَبَاتِ السَّريعةِ /  
     عِندَما يَنتحِرُ الرَّاعي فَوْقَ جُلودِ الأغنامِ في بَراري الكُوليرا / سَيَقُولُ الموْجُ كَلِمَةَ السِّرِّ / إنَّ الطغاةَ نِعَالُ الغُزاةِ / فَتَحَ الشَّفَقُ صَدْرَهُ لاستقبالِ ثُلوجِ الخريفِ / أيُّها المطرُ العَابِرُ في أجسادِ الموتى لَوْزَاً وذِكرياتٍ / أيْنَ الطريقُ إلى ذَاكرةِ الضَّحايا وأرشيفِ السَّجَّانين ؟ / المساءُ يُتَرْجِمُ للجَرَادِ صَمْتَ الأسرى / فيا أيُّها النَّهرُ السَّائرُ عَلى رُموشي / خُذ المِلْحَ في دُموعي / واتْرُكْ لِي قَارورةَ الحِبْرِ / كَي أكْتُبَ وَصَايا المطرِ عَلى عِظَامِ الفُقراءِ / خُذني إلى بُكاءِ الشُّموسِ النازفةِ / كأنَّ جُثماني شَاطِئُ السُّنونو/ فَكُنْ قُرْبَ فِرَاشِ الموْتِ/ حِينَ تتساقطُ عَصافيرُ قَلبي على أغصانِ المجزرةِ / ولا تَزْرَع الوُرودَ في احتضاري / لا مَعْنَى للوُرودِ في سَاعَةِ الاحتضارِ /
     نمشي إلى الذُّبولُ كَجَدائلِ الغَيْماتِ بَيْنَ أصابعِ قَوْسِ قُزَحَ / يَتَسَاقَطُ اليَمامُ قُرْبَ احتضاري / وأجنحةُ الفَراشاتِ عَلى فِرَاشِ الموْتِ / هَذا جَيْشُ السَّبايا الذي يُحَارِبُ في غُرَفِ النَّوْمِ / فلا تَبْكِ عَلى وَطَنٍ لا يَرانا / ولا تَنتظِرْ مَنْفَىً لا يَستقبِلُ مَوْتانا / سَيَأتي الغرباءُ مَعَ رَائحةِ الكَرَزِ في المساءِ / يَحْمِلُونَ مَشانِقَ آبائِهِم عَلى أكتافِهِم/مَلِكٌ مَخلوعٌ يُطَالِبُ بِمُلْكِ أبيهِ/ ضَاعَ العَرْشُ بَيْنَ الأثاثِ الْمُسْتَعْمَلِ / واحتفلَ الضُّيوفُ بالضُّيوفِ / واحتفلَ الغُرباءُ بالغُرباءِ / وَبَقِينا يا اسْمَ ضَريحي في الصَّقيعِ / نُزَوِّجُ الأسْفَلْتَ للقِطَطِ التي تَقْفِزُ فَوْقَ حُفَرِ المجاري /
     ضَاعَ الوَطَنُ / فَلْتَكُن القصيدةُ وَطَنَاً / وابْحَثْ في أبجديةِ المطرِ عَن قَمَرِ الأندلسِ / تُهاجِرُ أعيادُ الصَّنوبرِ بِاتِّجَاهِ الْحُبِّ القديمِ / هَذِهِ الشُّموعُ قَبيلتي / لَكِنَّ الشَّمْسَ لا تَعترِفُ بِوَطَني / انتحَرَت الأُنثى / وَصَارَتْ عُلْبَةُ المِكياجِ هِيَ الأُنثى / دُموعي شَمْسٌ زَائفةٌ تُجَفِّفُ مَلابسَ السُّجناءِ عَلى حَبْلِ الغسيلِ / وأنا السَّائحُ الغريبُ في أوْرِدَتي / أحتاجُ إِلى تأشيرةِ سَفَرٍ / كَي أُلْقِيَ التَّحِيَّةَ عَلى أطلالِ قَلبي / كُلُّنا نَنتظِرُ في طَابُورِ الإعدامِ / والمقتولُ يَسألُ طَيْفَهُ / مَتَى يَحِينُ دَوْري ؟ /
     يَا رِمَاحَاً في قَلْبِ الشَّفَقِ الباكي / احْزَني عَلى الفُقراءِ الذينَ يَشْرَبُونَ الصَّهيلَ عَلى طَاوِلاتِ الجماجمِ الطازَجةِ/ يا عَشيقَ انكسارِ النَّوارسِ في خَريفِ الدِّماءِ/ سَيَنْبُتُ دَمُ الشَّجَرَاتِ عَلى سُطوحِ القِطَاراتِ الضَّائعةِ زَعْتراً وأُغنياتٍ / أقْلِبُ نِظَامَ الْحُكْمِ في دَمْعي / والْمُهَرِّجُ يَبكي تَحْتَ المطرِ / لِئَلا يَرى الناسُ دُمُوعَهُ / أَقُودُ الانقلاباتِ العَسكرِيَّةَ ضِدَّ تاريخِ أجفاني/ وَهَذِهِ كُرَيَاتُ دَمي صَارَتْ حُكومةَ وَحْدَةٍ وَطنيةٍ في المنافي / وعَرَبَاتُ الْخُضارِ تَحْمِلُ جَثامينَ الرِّجالِ المجهولين /
     وَجَدْنا الْجُنْدِيَّ المجهولَ / وَبَقِيَتْ جُثَّتُهُ مَجهولةَ الْهُوِيَّةِ / وَطَنٌ مَجهولٌ مَنذورٌ للجُثَثِ المجهولةِ الْهُوِيَّةِ / فَمَن أنا في مَزهرِيَّاتِ الوَداعِ ؟/ وما شَكْلُ دَمي في المرايا ؟/ خُذ جُثتي طَابَعَ بَريدٍ تِذكارِيَّاً / وَاترُكْني تَحْتَ قَمَرِ الشِّتاءِ وَحيداً / أسْكُبُ مِلْحَ الْخُبْزِ في الرَّصاصِ الْحَيِّ / وَأَصُبُّ حِبْرَ شَراييني في قَارُورةِ السُّمِّ / ولا فَرْقَ بَيْنَ قَارورةِ العِطْرِ وقَارورةِ الحِبْرِ / إذا كانَ القَنَّاصُ جَالِساً عَلى قِرْمِيدِ كُوخي /  
     سَأَحْرِمُ رِمَالَ قَفَصي الصَّدْرِيِّ مِن مِيراثِ البَحْرِ / وَرِثَ أحزانَ الشُّطآنِ نَهْرُ الدُّموعِ / فلا تُشْفِقْ عَلى الوَاقِفِينَ في طَابُورِ الإعدامِ يَنْتَظِرُونَ خُبْزَ الصَّاعقةِ / لَيْسَ الأمواتُ بِحَاجَةٍ إلى الشَّفَقةِ / إنَّما الأحياءُ بِحَاجَةٍ إلى الشَّفَقةِ /
     كَسَرْتُ المرايا في بَيْتي / أخْجَلُ أن أرَى وَجْهي بِلا قِناعٍ / وأخافُ مِن بَريقِ عُيوني في ليالي الخريفِ / أهْرُبُ مِن احتضارِ شَراييني إلى انتحاراتِ الفَراشاتِ / أخَافُ أن أجِدَ نَفْسي / جِنازتي رُموشٌ للعصافيرِ / وأحزاني مَزْهَرِيَّاتٌ مَكسورةٌ / ولا دَاعي للانتحارِ / لأنِّي كُلَّ يَوْمٍ أنتحِرُ /
     كَضَوْءِ الموْتِ في آخِرِ النَّفَقِ / كانَ المساءُ يَخترِقُ جَسَدي / وهذا الْحُزْنُ الغامضُ يَشْرَبُ دِمائي في عِيدِ مِيلادِ الأمواجِ / فَيَا وَطَنَاً يَخْرُجُ مِن خِياناتِ اليَاسَمِينِ إلى مَذابِحِ الوَرْدِ / عَلِّمْ حَضَارَاتِ الإبادةِ زِراعةَ أعضاءِ السُّجناءِ في الشَّفَقِ/ مَاتَ النَّهْرُ تَحْتَ ظِلالِ التَّوابيتِ الخشَبِيَّةِ / وَجَدْنا خَشَبَةَ المذْبَحِ / وَلَم نَجِدْ مَساميرَ النُّعوشِ/ كَم عَدَدُ الرَّصاصاتِ في جِسْمِ البُحَيرةِ ؟ / بِلادي هِيَ لَمَعَانُ عُيونِ القَتْلَى / فَلا تَحْزَنْ إذا مَرَّت القِطَارَاتُ عَلى مَناديلِ الأراملِ / الأزهارُ مَنْسِيَّةٌ عَلى سِكَكِ الحديدِ / والقِطَاراتُ تَرْحَلُ ولا تَعُودُ / سَيَأتي مِن ضَحِكَاتِ المساءِ مَن يَبكي على نشيدِ أضرحةِ اللوْزِ / أحْقِنُ ثُقوبَ جِلْدي بأعشابِ قَرْيتي المهجورةِ / لَسْتُ الموْتَ / لَكِنِّي دَليلٌ سِيَاحِيٌّ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / تَصُبُّ النِّساءُ دُمُوعَهُنَّ في بِئْرِ المساءِ / وَالجرادُ يَحْتَلُّ أوْعِيَتي الدَّمَوِيَّةَ / كَمَا تَحْتَلُّ الطحالبُ حِيطانَ بِئْرِ الطفولةِ /  
     يَا حُلْمَاً يَفْتَحُ لَحْمي للعاصفةِ / ضَفَائِرُ الأمطارِ هِيَ رَايةٌ بَيضاءُ عَلى الحواجزِ الأمْنِيَّةِ / وَعِظَامي سَجَّادٌ أحْمَرُ في مَطاراتِ المجاعةِ/ وَلا يَرْكُضُ الليلُ إلى أظافري إلا لِيَكْتَشِفَ زَفيري/ فَاحْمِلْ شَهيقي في حَقَائِبِ السَّفَرِ / أمامَ الشَّجَرِ الْمُجَرَّدِ مِن جِنسِيَّةِ المطرِ / صَادَقْنَا الوَحْلَ الْمُثَقَّفَ عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ / وكانَ الملوكُ المخلوعونَ يُجَامِعُونَ عَشيقاتِهِم عَلى قَشِّ الإسْطَبْلاتِ / يَقْتُلُنا غُبارُ المرايا في صَهيلِ الأمطارِ/ وَالقائدُ المهزومُ يَلْعَبُ الشِّطْرَنجَ مَعَ الأسرى / أنا الْحُزْنُ العَقلانِيُّ في مُدُنِ الجنونِ / أنا الانقلابِيُّ الأوَّلُ في أناشيدِ البُحَيراتِ / وأنا الوَدَاعُ الأخيرُ في تَجاعيدِ قَوْسِ قُزَحَ /
     جُثماني شَايٌ بالنَّعناعِ / فَاشْرَبْني أو اترُكْني لِثَعالبِ الاحتضارِ/ وأشلائي قَهْوَةُ المساءِ / فاشْرَبْني في الصَّباحِ عِندَما يَحْمِلُ ساعي البَريدِ رَسائلَ القَتلى/والجنودُ المهزومونَ حَصَدُوا الأوسمةَ العَسكرِيةَ/ وَزَرَعُوا نُهودَ نِسائِهِم بالمسدَّساتِ /
     نِصْفُ أحزاني في غُموضي/ وَالنِّصْفُ الآخَرُ في حَبْلِ مِشْنقتي/ وأنا لم أعِشْ/ إنني تحتَ التُّرابِ / غَسَلْتُ دِمائي بِهَديلِ المقاصلِ / فَصَارتْ ألواحُ صَدْري قُضْبانَ سِجْني / وأنا السِّجْنُ والسَّجينُ والسَّجَّانُ/ وأهْرُبُ مِن دَمي إلى دَمي/ أشلائي تُزَيِّنُ حَقائبَ الملِكاتِ / وفَرْوُ الثعالبِ يُزَيِّنُ أشلائي/
     حَوَاجِبي مَوْكِبُ الملوكِ المخلوعينَ والملِكاتِ السَّبايا / ويَبيعُ الْحُزْنُ بَنَاتِهِ عَلى إشاراتِ المرورِ / ويَغْرِسُ البَدْوُ الرُّحَّلُ أوتادَ خِيَامِهِم في نزيفِ الرِّياحِ / أظافري مَنْجَمُ فَحْمٍ / والثلجُ يُنَقِّبُ عَن أُنوثةِ الأمطارِ في جِلْدي / اكْتَشِفْني أَكْتَشِفْ رَمْلاً أزرقَ في رِئَةِ البَحْرِ/ هَذا شَجَرُ الوَهْمِ بُكاءٌ يَرْعَى في الشَّفقِ أغنامَ الذاكرةِ /
     صَباحُ الخيْرِ يَا عَرُوسَ المذابحِ/ مَساءُ الخيْرِ أيَّتُها الوَرْدَةُ عَلى خَشَبَةِ المذْبَحِ/ هَذا البَحْرُ خَيْمَتُنَا العَاريةُ/ وهَذا النَّزيفُ كُوخُ الصَّفيحِ الأخيرُ/ جِلْدي تِينةٌ مُلْقاةٌ في الشَّارعِ / والفِرْقَةُ الموسيقِيَّةُ نَسِيَتْ طُبولَ الحرْبِ عَلى خَشَبَةِ المسْرَحِ / وصارَتْ خَشَبَةُ الإعدامِ تاريخَ آبائِنا وأرشيفَ الغزاةِ /
     أغْشِيَةُ البَكارةِ مِن خُيُوطِ العَنْكَبُوتِ / أَطْلَقْتُ الرَّصاصَ عَلى قَارورةِ العِطْرِ / وشَراييني تَتكسَّرُ في ذَاكرةِ الغروبِ / ارتفَعَتْ في عَرَقِ العَوَاصِفِ نِسْبَةُ الرَّصاصِ / وَانتحَرَ في دَفاترِ الأيتامِ قَلَمُ الرَّصاصِ/ أنامُ في الأرَقِ الأزرقِ/ دَمي لَيْسَ أزرقَ/ وَالأرقُ يَجْلِسُ عَلى كُرْسِيِّ المكتبِ/ أنا حَنينُ النَّوارسِ إلى الْحُبِّ الأوَّلِ / والبَدْوُ الرُّحَّلُ يَجْمَعُونَ رَسَائِلَ الْحُبِّ في طُبولِ الحرْبِ / والْحُزْنُ بَدَوِيٌّ رَاحِلٌ إلى خَيْمَةِ البَحْرِ في الغروبِ الدَّامِعِ / تَعيشُ أشلائي في غَابَةِ الأظافرِ / والفَيَضَانُ يُحَنِّطُ جُثماني في عَصيرِ البُرتقالِ / الذي تَرَكَهُ العُشَّاقُ وماتوا / وأنا المهاجرُ بَيْنَ أجنحةِ النُّسورِ العَمياءِ / أُسَجِّلُ رِئتي بِاسْمِ الثلوجِ الآتِيَةِ مِنَ الدِّماءِ السَّاخنةِ / وأبْحَثُ عَن قَبْرِ أُمِّي في المِيناءِ المهجورِ /
     وِسادةُ البُحَيرةِ مِن رِيشِ النَّعَامِ / وَوِسَادةُ البَحْرِ مِن خُيوطِ العَنكبوتِ / فَكَيْفَ يَلْتقي البَحْرُ والبُحَيرةُ في جُثةِ النَّهْرِ/الْمُوَزَّعةِ بَيْنَ الذِّكرياتِ والطعَناتِ ؟/ زِنزانتي أُصِيبَتْ بِأزْمَةٍ قَلْبِيَّةٍ / وَقِطَّتي العَمياءُ تُرَتِّبُ الصَّدَماتِ العاطِفِيَّةَ عَلى حَجَرِ النَّرْدِ / لا وَطَنٌ يَبْحَثُ عَن ذِكرياتِ السَّبايا / ولا نَخَّاسٌ يَبْحَثُ عَن البِطَاقاتِ المصرِفِيَّةِ / إنَّ الوَطَنَ هُوَ النَّخَّاسُ / فيا أيُّها الشاطئُ المكسورُ في طَيْفِ الغروبِ / انتظِرْ قَلبي تَحْتَ سِنديانةِ الغَسَقِ / وابْحَثْ عَن أُمِّي كَي تَبْكي عَلَيَّ / وابْحَثْ عَن طُفولةِ الأمطارِ / كَي نَزُورَ قُلوبَنا المهجورةَ في عِيدِ الاحتضارِ /
     سَقَطَ المنفَى في الحقائبِ المدرسِيَّةِ للأيتامِ/ وَسَقَطَ الوَطَنُ الْمُعَلَّبُ عَن سُطوحِ قَلْبي/ النُّعوشُ مَصْفُوفةٌ في سَقْفِ حَلْقي / والجثامينُ مُرَقَّمَةٌ بَيْنَ أصابعِ الغَيْمِ / أخْجَلُ أن أنظُرَ في المِرْآةِ / أنا اليَتيمُ/ لَكِنِّي مُؤَرِّخُ هَزَائِمِ آبائي / لا أستثمِرُ في جَسَدِ الْمَرْأةِ / لأنِّي أستثمِرُ في جَسَدِ المِشْنقةِ /
     المطَرُ تُفاحةُ الأسْرَى/ فلا تَكْسِرْ يَاقوتَ المجازرِ عَلى كِتَّانِ حِبَالِ المشانقِ / يا وَطَنَاً يُولَدُ ويَموتُ في صَفيرِ القِطَاراتِ / المقاعِدُ الخشَبِيَّةُ في مَحطةِ القِطَاراتِ صَارَتْ نُعُوشاً مِن نُحاسٍ / فيا حُزني الذي يأتي بِلا مَواعِيد / مَتَى يَجِيءُ العِيدُ ؟ / شَرايينُ المساءِ هِيَ سِكَكُ حَديدٍ في القُرى المهجورةِ / والقِطَاراتُ لا تأتي / سينمو الصَّنوبرُ في أضرحةِ الأمواجِ / وأنا صَقْرٌ بِلا جَنَاحَيْنِ ولا ذِكرياتٍ / ولَسْتُ صَقْرَ قُرَيْشٍ/ دَخَلْتُ في عُزلةِ شُموسِ الهزيمةِ/ كَانتْ دِمَاءُ الرَّاهباتِ تَقْرَعُ أجراسَ الكنائسِ/ ولَيْلةُ الدُّخلةِ بِلا عَرَائِس / فَكُن أنتَ العَريسَ المقتولَ في لَيْلَةِ العُرْسِ / بَيْنَ العرائسِ والفَرائِسِ / هذا الشَّاطئُ عَريسٌ بِلا عُرْسٍ / وَالقَتْلَى يَرْقُصُونَ في عِيدِ انتحارِ الوَطَنِ /
     هُناكَ / في قُبورٍ مِنَ اللوْزِ المشنوقِ / الحضارةُ حائرةٌ بَيْنَ نَشْرِ الغسيلِ عَلى حِبَالِ المشانقِ / وَبَيْنَ نَشْرِ المسدَّساتِ عَلى حِبَالي الصَّوتيةِ / العُشْبُ الأزرقُ ضَابِطُ مُخَابَرَاتٍ / وَعُروقي تَتجسَّسُ عَلى نَبَضَاتِ قَلبي / فَشُكْراً للذينَ يُؤدُّونَ التَّحِيَّةَ العَسكرِيَّةَ للشَّمْسِ / أركضُ في شَوارعِ دَمي / وأصرُخُ في أسْفَلْتِ لُحُومِ الفُقراءِ / سَقَطَ المساءُ على ضَفائرِ الرِّيحِ / ودُستورُ الوَحْدةِ الوَطنيةِ سَقَطَ في بِئْرِ البُكاءِ / كانت دَمعاتُ النِّساءِ تتساقطُ في بِئْرِ قَرْيتي / وكانَ الظمأُ رِحْلَةَ الدِّماءِ مِنَ الكَهْرمانِ إلى النِّسيانِ / كُلُّنا أسْرَى في مَوْسِمِ الرَّحيلِ إلى الحِبْرِ الأخضرِ / تَلْمَعُ عُيونُ الضَّحايا كَنَصْلِ المِقْصَلةِ / والشَّمْعُ الرَّصاصِيُّ يَتَزَوَّجُ أجسادَ الأنهارِ / جَسَدي مَعَ البُحَيرةِ / ولا أضْمَنُ أن يَكُونَ قَلبي مَعَها / ذَهَبَت النِّساءُ إِلى الموْتِ / وَبَقِيَتْ أصواتُهُنَّ الدافئةُ في مَمَرَّاتِ الصَّقيعِ /
     حَضَنْتُ أُنوثةَ السَّنابلِ بَعْدَ دَفْنِ الرِّجالِ في المقابرِ الجمَاعِيَّةِ / ارْتَعَشْتُ في حَضْرَةِ ذُكورةِ العُشْبِ / تَستمِدُّ أُنوثةُ المشانقِ بَريقَها مِن مَرايا السَّياراتِ العَسكرِيَّةِ / والضِّباعُ تُعَلِّمُ النَّمْلَ لُعْبَةَ الشِّطْرَنجِ أمامَ ضَريحي / لَحْمي في وادٍ / وقَلبي في وَادٍ / وأنا مَشنوقٌ بَيْنَ تِلالِ الرَّحيلِ وهِضَابِ المستحيلِ / يَسْري الحِبْرُ في أوْرِدَةِ المطرِ / والشَّرايينُ تَحْتَ جِلْدِ الشَّفَقِ / والقَشُّ يَحترِقُ بالصَّهيلِ في إسْطَبْلاتِ المساءِ المجروحِ / فيا غَابةَ السُّعالِ القُرْمُزِيِّ / ادْفِنِي جُرْحَكِ في قُلوبِ مَن أحَبُّوكِ وَرَحَلُوا/ مَلابِسُ العِيدِ مَصبوغةٌ بالدِّماءِ/ والأمطارُ الزَّهْرِيَّةُ هِيَ حُفرتي والفَأْسُ القَديمةُ لِحَفَّارِ قَبري.