سيرة ذاتية

إبراهيم أبو عواد القيسي، مفكر، وشاعر،وكاتب صحفي من الأردن. ولد في عَمَّان 1982، لعائلة من شيوخ بني قيس/قَيس عَيلان(أكبر قبيلة عربية في العالم).حاصل على البكالوريوس في برمجة الحاسوب من جامعة الزيتونة الأردنية (2004).له اهتمامات واسعة في دراسات الكتب الدينية (القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل )، والفكر الإسلامي، والفلسفة،وعلم الاجتماع،والسياسة ،والنقد الأدبي،والشعر،والرواية، والعلوم الطبيعية . متفرغ للبحث والتأليف.يكتب في أبرز الصحف والمجلات في الوطن العربي وأوروبا.له آلاف المقالات والدراسات، وعشرات الكتب المطبوعة،من أبرزها: [1]حقيقة القرآن [2] أركان الإسلام [3] أركان الإيمان [4] النبي محمد[5]دراسات منهجية في القرآن والسنة[6] العلاقات المالية والقضائية والسياسية والاقتصادية في القرآن [7] دراسات منهجية في القرآن والتوراة والإنجيل [8] الدعوة الإسلامية [9] منهج الكافرين في القرآن [10] العلوم والفنون في القرآن [11] العمل في القرآن [12] العلاقات الأخلاقية في القرآن [13] الإنسان والعلاقات الاجتماعية [14] بحوث في الفكر الإسلامي [15] التناقض في التوراة والإنجيل [16] صورة اليهود في القرآن والسنة والإنجيل [17] نقض عقائد ابن تيمية المخالفة للقرآن والسنة [18] عقائد العرب في الجاهلية[19]فلسفة المعلقات العشر[20] النظام الاجتماعي في القصيدة(المأزق الاجتماعي للثقافة. كلام في فلسفة الشعر) [21] صرخة الأزمنة ( سِفر الاعتراف ) [22] حياة الأدباء والفلاسفة العالميين [23]مشكلات الحضارة الأمريكية [24]الأعمال الشعرية الكاملة(مجلد واحد)[25] سيناميس (الساكنة في عيوني)[26] خواطر في زمن السراب [27] أشباح الميناء المهجور (رواية)[28]جبل النظيف ( رواية) [ يُمنع ترجمة أيَّة مادة في هذه المدونة أو نقلها بأيَّة وسيلة كانت إلا بعد الحصول على موافقة خطية مُسبقة من المؤلف إبراهيم أبو عواد، تحت طائلة المسؤولية القانونية، ووفق قوانين حماية الملكية الفكرية ] .

17‏/09‏/2019

حنجرة الطائر المشنوق / قصيدة

حنجرة الطائر المشنوق / قصيدة

للشاعر/ إبراهيم أبو عواد

.............

     طُيورُ البَحْرِ مَصْلُوبةٌ على أسلاكِ الكَهْرباءِ في المِيناءِ/ الذي قَصَفَتْهُ مَدَافِعُ السُّفُنِ / سَيَظَلُّ حُزني المصلوبُ عَالياً / وأنا المقتولُ العالي حَيَّاً ومَيْتاً / الطريقُ إِلى مَوْتي حَياةٌ / والخوفُ مِنَ الموْتِ مَوْتٌ / فَاقْتُلْني كَي نَحيا رِسالةً بَعْدَ مَوْتِ سَاعي البَريدِ /وَعِشْ بَيْنَ أنقاضِ قُرْطُبَةَ وأخشابِ نَعْشي/ ذَبَحْتُ الحمَامَ الزَّاجِلَ بِسَيْفِ أبي / الذي تَفَرَّقَ دَمُهُ بَيْنَ القَبائلِ / والموتُ يَعْرِفُ صُندوقَ بَريدي / فَيَا أيُّها الوَطَنُ الأعمى / الذي لا يُفَرِّقُ بَيْنَ الكِفَاحِ الْمُسَلَّحِ والأسمنتِ الْمُسَلَّحِ/ نَسِيَ الأطفالُ صَفَّاراتِ الإنذارِ على الحواجِزِ العَسكرِيَّةِ / وماتوا تَحْتَ قَمَرِ الخريفِ / وَالرُّبَّانُ تَرَكَ السَّفينةَ في سُعَالِ الأراملِ / وصارَ يَتَغَزَّلُ بأشلاءِ الملوكِ الْمُقَدَّسِينَ كاللصوصِ / سَتَنمو الأزهارُ الصَّفراءُ في ذَاكرةِ الموْجِ/ قَلبي جُثتانِ تتقاتلانِ تَحْتَ قَوْسِ قُزَحَ / لكنَّ حَفَّارَ القُبورِ واحدٌ / حَضَاراتٌ تَضْحَكُ وتَسيرُ على خُطى ثَمُود/ لَن أَعُود/ فَلا تُجَهِّزْ يا نَهْرَ الحطَبِ أكفاني/ سَتَحْمِلُ الشَّاحِناتُ تَوَابيتَ الجنودِ/ واليَتيماتُ في مَحطةِ القِطَاراتِ / يَغْزِلْنَ مِن أثدائِهِنَّ تَاريخاً لِمَزْهَرِيَّاتِ المقبرةِ / ونَسِيَ الأيتامُ دَفاتِرَ المدرسةِ في ثَلاجةِ الموتى / صارَ فِرَاشُ الموْتِ أثاثاً مُسْتَعْمَلاً / لكنَّ البَيْتَ مَهجورٌ / طَيْفُ النَّوارِسِ المذبوحةِ يُطارِدُني / ويَقْتُلُ رَائحةَ البَحْرِ في خُدودِ الفُقراءِ / والتُّوتُ البَرِّيُّ يُزَيِّنُ نوافذَ رِئتي / متى يَستيقظُ الخريفُ مِنْ عِظامي ؟ / كَأنني أُفَتِّشُ عَن شَريفاتِ قُرَيْشٍ بَيْنَ لاعباتِ التِّنِسِ /   
     يا أيُّها اللصُ الذي يُسَمِّي نَفْسَهُ أميرَ المؤمنين / أيُّها الكَاردينالُ الذي يُمَارِسُ الإِبادةَ الجمَاعِيَّةَ بِاسْمِ الرَّبِّ / أيَّتها الرَّاهبةُ التي تَخافُ أن تَنْطِقَ اسْمَ عَشيقِها / أيُّها العالَمُ المجنونُ الذاهبُ إلى الفراغِ / مَتى يَموتُ الوَحْشُ دَاخِلَ الإنسانِ ؟/ تَصيرُ أسنانُ العَبيدِ مَملكةً / واللصوصُ مُلُوكاً على نُعُوشِ الطاعون / تُصْبِحُ جَماجِمُ الفَراشاتِ بَلاطاً لِصَالةِ الرَّقْصِ / فيا أيُّها الوَطَنُ الذي يُعْطي السَّبايا دُروساً خُصُوصِيَّةً في قَتْلِ الأحلامِ/ نَحْنُ أجِنَّةٌ بِلا أرحام/ والزَّوابعُ تَختارُ لَوْنَ كُحْلِ النِّساءِ وَفْقَ لَوْنِ زِنزانتي / يَا شَعْباً يَعْشَقُ الْمَشْيَ في الجِنازاتِ / هَلْ رَأيْتَ الضَّبابَ يَقْرَعُ الْجَرَسَ قَبْلَ دُخولِ المقبرةِ ؟ / رِمالُ الصَّحْراءِ تَسْكُنُ في هَيْكلي العَظْمِيِّ / ولا طُفولةَ للرِّمالِ سِوى أعوادِ المشانقِ / يَقْطَعُ المساءُ تاريخَ العِشْقِ بالسِّكين / كَمَا تَقْطَعُ الأرملةُ الْجُبْنَ لأيتامِها / والنَّمْلُ لا يُلقي التَّحيةَ على رُفاتي / فيا أيُّها الغريبُ / دَفَنَكَ الشَّفَقُ في ذِكْرياتِ قَوْسِ قُزَحَ / لا نَشيدٌ وَطَنِيٌّ حَوْلَ جُثمانِكَ / ولا جِنازةٌ عَسْكَرِيَّةٌ تُحَنِّطُ حَبْلَ مِشْنَقَتِكَ / تُوَزِّعُ الشُّعوبُ أحْمَرَ الشِّفاهِ على الكِلابِ البُوليسيَّةِ / وَتَنْبُتُ الأزهارُ عَلى الحواجزِ العَسكريَّةِ /
     تَقْفِزُ القِطَطُ على النُّعوشِ الْمُرَتَّبةِ في عَرَباتِ القِطارِ/جاءَ المساءُ يا أُمِّي وَلَم نَدْفِنْ جُثةَ أبي / تَقْصِفُ الطائراتُ حِبَالَ الغسيلِ / ومَلابسُ الأيتامِ تَبَعْثَرَتْ على سُطوحِ المطَرِ / والرِّيحُ تُمَثِّلُ بِجُثةِ النَّهْرِ / والغرباءُ يُنَظِّفُونَ الهياكلَ العَظْمِيَّةَ مِن قِشْرِ البِطِّيخِ / والزَّوابعُ تُنَقِّبُ عَن النِّفْطِ في عَرَقِ البَعوضِ / يَنْزِفُ الشِّتاءُ حتَّى الموْتِ / والغبارُ وَحْدَهُ جاءَ لإِنقاذِنا / أُذَوِّبُ عَمودي الفِقرِيَّ في كُوبِ الشَّاي / وأشربُ القَهوةَ بِرَغْوَةِ الجماجمِ / فَمَا فَائدةُ أحْمَرِ الشِّفاهِ إذا كَانت الشَّفتانِ مَزْرُوعَتَيْنِ بالألغامِ ؟ / مَا فَائدةُ قَميصِ النَّوْمِ إذا كَانت المرأةُ جُثةً هَامِدَةً ؟ / أطيافُ الحمَامِ الزَّاجلِ على نوافذِ الخريفِ / لكنَّ الرَّسائلَ لَم تَصِلْ / وَطَنٌ يَقْتُلُ البَشَرَ كالحشَراتِ / ويُوَفِّرُ الأفيونَ للقِطَطِ الضَّالَّةِ بأسعارٍ رَمْزِيَّةٍ / تَسْرِقُ حُكومةُ الزَّبَدِ شَاطئَ المساءِ / والأمطارُ تَسْجُنُ الأطفالَ في قُصُورِهِم الرَّملِيَّةِ/ وما زِلْتُ أسمعُ صُراخَ الغَرقى في ليالي الشِّتاءِ الحزينةِ / أنا المقتولُ بِسَيْفِ العِشْقِ/ لكنَّ عَرَقَ النِّساءِ يَتَجَمَّعُ في غِمْدِ سَيفي / كُلُّنا قَتلَى / لكنَّ الوَطَنَ سَيُولَدُ بَيْنَ المِكْنَسَةِ الكَهربائِيَّةِ وجُثةِ المرأةِ / كَم عَدَدُ الزَّوْجاتِ الخائناتِ تَحْتَ التُّرابِ ؟ / سَوْفَ تَنتحِرُ الجواري في أحضانِ الملوكِ في لَيالي الخريفِ البَاردةِ / جُثتي نَهْرٌ مُتَجَمِّدٌ / أُرْشِدُ البَحْرَ إلى قَمَرِ الخريفِ / أُرْشِدُ البُحَيرةَ إلى مُسَدَّسِ أبيها/ وَكانَ النَّمْلُ يَأكلُ أعضائي / كُلُّنا غَرْقَى / لَكِنَّنا نَبْحَثُ عَنِ البَحْرِ الذي سَيَقْتُلُنا/
     تَرْتَدي السَّبايا الثَّقافةَ كَقُمْصَانِ النَّوْمِ / وَلَيْلُ العُشَّاقِ سَيَنْزِفُ حتَّى الموْتِ / أنا أميرُ الأنقاضِ/ وقائدُ جَيْشِ الذِّكرياتِ / أوْسِمَتي مِنَ البلاستيك / ورُتَبي العَسكريةُ مِنْ أحزانِ اليَتيماتِ / سَوْفَ تَتْرُكُ النِّساءُ جُثَثَ أزواجِهِنَّ في أرضِ المعركةِ/ ويَبْحَثْنَ عَن حُبٍّ جَديدٍ أوْ مَوْتٍ جَديدٍ / كأنَّ وَجْهي قِناعٌ لِمَوْتٍ غَامِضٍ / يَتَحَدَّثُ شَجَرُ المقابرِ بِاسْمِي / والرِّيحُ تَصْقُلُ رُفاتَ السُّنونو / مَن أنا لِتَحْلُمَ بِيَ البُحَيراتُ ؟ / مَن أنا لأَطْلُبَ مِنَ القَمَرِ ألا يَتْرُكَ الوَرْدَ على سِكَّةِ الحديدِ ؟ / لماذا تَخَلَّيْتَ عَنِّي يا ضَوْءَ القَمَرِ في الزُّقاقِ الضَّيِّقِ ؟ / أبيعُ كُرَياتِ دَمي البَيْضاءَ في السُّوقِ السَّوْداءِ / والقِرْميدُ يَصْنَعُ مِن ثُقوبِ كَبِدي مِصْفاةً لِتَقْطِيرِ الويسكي / دِمائي عَرْشي / وَحَوْلي جُثَثُ الملوكِ / فلا تَلْبَس المطرَ الرُّخامِيَّ / أنا مَدايَ / أُولَدُ في صَفَّاراتِ الإنذارِ / وأموتُ على الحواجزِ العَسكرِيَّةِ / وأظافري مَنْسِيَّةٌ في الأحكامِ العُرْفِيَّةِ / بَشَرٌ يَغْتَصِبُونَ زَوْجاتِهِم وَفْقَ قَانونِ الطوارئِ/ لا دُستورٌ للفُقراءِ سِوى طَوابيرِ الْخُبْزِ / ولا جَوازُ سَفَرٍ لِلمَطَرِ سِوى حَقيبةِ الغريبِ/ والرَّمادُ هُوَ جَنينُ النارِ / وَسَوْفَ يَقْتُلُ الابْنُ أُمَّهُ / اسْمِي لا يَدُلُّ عَلى شَاهِدِ قَبْري / لكنَّ شَاهِدَ قَبري يَدُلُّ على طُيورِ البَحْرِ / وَسَوْفَ يَعُودُ البَحْرُ إلى أُمِّهِ ذَاتَ مَساء / يَلْمَعُ احتضاري / ورُموشي تَنطفِئُ في حِبْرِ الغروبِ / لا تاريخٌ لأجفانِ اليَمامِ سِوى أطيافِ المِقْصلةِ / ولا جُغرافيا للأمطارِ سِوى ظِلالِ الجِنازاتِ العَسكريةِ /
     أنْصِبُ فَخَّاً للبَحْرِ فَيَضْحَكُ عَلَيَّ/ وأضحكُ على نفْسي / أُحارِبُ ظِلِّي / أُقاتلُ نَقيضي الكَامِنَ فِيَّ / وَيُعَذِّبُني الوَحْشُ السَّاكِنُ فِي جَسدي / سَيَتَعَرَّفُ المطرُ عَلى الْجُثَثِ الْمَجْهُولةِ الْهُوِيَّةِ حِينَ تَطْلُعُ مِنها السَّنابلُ / قِناعُ البُحَيرةِ كَسَرَ وَجْهَهَا / والعَصافيرُ مَاتتْ في قَفَصي الصَّدْرِيِّ / يا وَطَناً يَتَخَبَّطُ في دِماءِ البَجَعِ / أجنحةُ الجرادِ مُلَوَّنةٌ كالتَّوابيتِ الْمُزَخْرَفَةِ / والليلُ هُوَ الوَجْهُ الحقيقيُّ للنهارِ / وَجَدَ العَبيدُ أُنوثةَ قُيودِهِم في ذَاكرةِ السَّنابلِ / يَقْطِفُ الرَّعْدُ الجماجمَ عَن أغصانِ الشَّجَرِ / فاقْطِفْني طِفلاً يَحترقُ وَعُودُهُ أخضرُ / وَجَهِّزْ قَهْوةَ النَّوارِسِ عَلى سُطوحِ القِطَاراتِ / غَرِقَ البَحَّارةُ قَبْلَ أن يَعْتَرِفُوا بِحُبِّهِم للبَحْرِ / وَالشِّتاءُ يُطْلِقُ رَصاصةَ الرَّحْمةِ عَلى العِشْقِ الذي لا يَرْحَمُ / فَاحْفَظْ جَدْوَلَ الضَّرْبِ لِتَحْسِبَ عَدَدَ الرَّصاصاتِ في جَسَدي / أعشابُ القُبورِ أبجديةٌ جَديدةٌ / وأنا الْحُزْنُ القَديمُ / تَكْتَشِفُ أجفاني إِشاراتُ الْمُرورِ / وأظلُّ أغْرَقُ في دَمْعِ الزَّنابقِ / أَخيطُ أكفانَ الحمَامِ الزَّاجِلِ/ وَبِلادي تَغْرَقُ في الأغاني الوَطَنِيَّةِ / وتَكْسِرُ جَدائلَ اليَتيماتِ / فاكْتُبوا شَهادةَ وَفاتي بالْخَطِّ الكُوفِيِّ / لأتذكَّرَ خِياناتِ أهْلِ الكُوفةِ / أنا كُلُّ شَيْءٍ إِلا أنا / لا فَرْقَ بَيْنَ الكَراسي الكَهربائِيَّةِ وأثاثِ بَيْتِنا المهجورِ / مَقتولٌ أنا في بَغداد / مَذْبُوحٌ أنا في قُرْطُبة / أطْفَأني العُشْبُ / فَتَوَهَّجْتُ كالبُرتقالِ المسجونِ في الجنون / وَحَفَّارُ القُبورِ يُخَزِّنُ في نُعوشِ أبنائِهِ خُبْزَ المساءِ وأحزانَ الشِّتاءِ/ 
     شِتائي حُقولُ الرَّصاصِ / وجُثماني سَحَابةُ صَيْفٍ / عِشْنا حَياتَنَا في انتظارِ مَوْتِنا / إِنَّ انتظارَ الموْتِ مَوْتٌ / فمتى عِشْنا على هَذهِ الأرضِ ؟/ تَتَسَاقَطُ النَّيازكُ في كُوبِ الشَّاي / وَالْهَلَعُ يَكْسِرُ قُلوبَ العُشَّاقِ وَأكواخَ الصَّفيحِ/ والينابيعُ تَفْتَحُ رِئتي أمامَ فِئرانِ السَّفينةِ / لِي وَطَنُ المجازرِ وحَبْلُ غَسيلٍ على سَطْحِ بَيْتِنا الْمَهْدُومِ/ والأنهارُ نائمةٌ على فِرَاشِ الموْتِ / سَتَبكي كَثيراً أيُّها التُّفاحُ في الجِنازةِ العَسْكَرِيَّةِ / اعْتَنَقْتُ دُموعَ المجرَّاتِ / وبَحَثْتُ عَنِ الفُراتِ فَلَمْ أجِدْ غَيْرَ الفُولغا / مَزِّقْ قَميصَ البَحْرِ بِإِزْمِيلِ الصَّدَماتِ العَاطِفِيَّةِ / وَلْيَكُنْ وَشْمُ احتضارِكَ رَايةً لِرِمَالِ البَحْرِ / وبُوصلةً للقِطَطِ الْمُشَرَّدَةِ / وَكُنْ بُرتقالاً عَلى خَارِطَةِ البَارُودِ/ رِئةُ الضَّجَرِ تتزوَّجُ السَّيافَ/ والشَّفقُ يَخترعُ أنواعاً جَديدةً مِن مُضَادَّاتِ الاكتئابِ / وشَهيقُ المطَرِ يَصيرُ أعلاماً مُنَكَّسَةً للقَبائلِ / التي تُولَدُ مِنْ لَمَعانِ دَرَاهِمِ الخليفةِ/ فيا أيُّها الْحُزْنُ الآتي مِنَ التُّوتِ الطالعِ / مِن شُقوقِ حِيطانِ الزِّنزانةِ / وَحْدَكَ الشَّاهِدُ على اغتيالِ البُحَيرةِ / وَحْدَكَ الْمَنْسِيُّ في مَعركةِ الْخَيَالِ / تُزَوِّرُ طُيورُ البَحْرِ جَوَازَ سَفَري / والزَّوابعُ تَكْتُبُ اسْمي السِّرِّيَّ في بِطاقتي الشَّخْصِيَّةِ / سَلاماً أيُّها القَلْبُ الْمَذْبُوحُ في غَرناطة / الْمَوْلُودُ في ضَوْءِ القَمَرِ / اسْتَيْقَظَ القَتيلُ وَلَم يَجِدْ جُثَّتَهُ / أُغْلِقَ سُوقُ النِّخاسةِ بالشَّمْعِ الأحمرِ / وبَقِيَ بَوْلُ السَّبايا السَّاخِنُ عَلى بَلاطِ السُّجونِ البَارِدِ /
     خُدُودُ النِّساءِ خَنادقُ الجرادِ/ وجُثماني مَفتوحٌ لِنَمْلِ قَرْيتي / وجَسَدي مُنْتَجَعٌ سِيَاحِيٌّ للدُّودِ / كُنْتُ وَرْدَةً فَصِرْتُ دُودةً / فَسَامِحْني يا أبي/ ولا تَبْحَثْ عَنِّي بَيْنَ رِجالِ القَبيلةِ / قُلْ لأُمِّي إِنَّكَ لَم تَبْكِ عِندَ ضَريحِ المطَرِ/ وصَدِّقْ أجفانَ العَصَافيرِ عَلى مِنَصَّةِ الإِعدامِ / لا شَراييني الْمَنْفِيَّةُ أحْصِنَةٌ خَشَبِيَّةٌ / ولا مَرْفَأُ القَتلى قَصيدةٌ رُومانسِيَّةٌ / أنا جَسَدُ الغَيْمَةِ الذَّهَبِيُّ / لَكِنَّ نَعْشي مِن خَشَبِ المطابِخِ / رُموشي مِن نُحاسٍ / وأَعُودُ إلى التُّرابِ غَريباً / وأنا الدِّماءُ الخضراءُ كَحُقولِ الموْتِ في وَطَني / سَأموتُ على الشَّاطئِ الذي بَنَيْتُ عَلَيْهِ قَصْري الرَّمْلِيَّ في الطفولةِ / طُفولةُ الدِّماءِ / والرَّصاصُ / وأقلامُ الرَّصاصِ / واليَتيماتُ / الأكفانُ الْمُزَرْكَشَةُ / وَالقُبورُ الْمُزَخْرَفَةُ / نَسِيَ العُشَّاقُ العَناكِبَ في عَصيرِ الليمونِ / ورَمْلُ البَحْرِ مُلَوَّثٌ بِقِصَصِ الْحُبِّ الفاشلةِ / لَحْمي بُرتقالةٌ يَعْصِرُها قَوْسُ قُزَحَ/ فاشْرَبْني أيها الغروبُ الذي يُحَنِّطُ جُثتي في الزَّوابعِ/ أنا دَليلٌ سِياحِيٌّ في مقابرِ السُّنونو/ وضَوْءُ القَمَرِ يَدُلُّني على قَبْرِ أبي / فيا أيَّتُها الحضارةُ التَّائهةُ بَيْنَ كُرَياتِ دَمي وبُكاءِ أُمِّي / شَكْلُ مِقْصلتي يَكْسِرُ قِناعي / فأجِدُ اسْمي فأنهضُ مِن رُفاتي / حَبْلُ مِشْنقتي مِن وَرَقِ الخريفِ/ أنا العاري/ وَلَم ألْبَسْ قَميصَ عُثمان / أنا الحافي / ولَسْتُ بِشْر الحافي / فلا تَقُلْ إِنَّ القَمَرَ رَمَى الأزهارَ على سِكَكِ الحديدِ / إِنَّ مَساميرَ نَعْشي هِيَ سِكَكُ الحديدِ في القُرى المنبوذةِ /   
     يَنامُ الرِّجالُ معَ زَوْجاتِهِم في ليالي الشِّتاءِ / وأظلُّ في شَوارعِ الصَّقيعِ / أُقاتِلُ نفْسي / وأخوضُ حَرْباً أهْلِيَّةً دَاخِلَ قَلبي / لَم تَتَعَرَّفْ نِساءُ القَبيلةِ على جُثتي / وَلَم يَحتفِلْ بِعِيدِ مِيلادي غَيْرُ ضُبَّاطِ الْمُخَابَرَاتِ / أنا الصَّدِيقُ الْمُخْلِصُ للبَحْرِ / وأنا الذي سَيَخُونُهُ / أنا مَنْ بَنَيْتُ القُصورَ الرَّمْلِيَّةَ / وأنا الذي سَيَهْدِمُها / أنا الذي تَزَوَّجْتُ البُحَيرةَ / وأنا الذي سَيُطْلِقُ عَلَيْهَا رَصاصةَ الرَّحمة / وَلَم تَرْحَمْني رَصاصةُ الرَّحمةِ/ لا تَقُولي إِنَّكِ تُحِبِّينني أكثرَ مِن نَصْلِ مِقْصلتي/ لَن أُصَدِّقَكِ مَرَّتَيْنِ أيَّتها السَّجَّانةُ / تاريخي زَهرةٌ ذَابِلةٌ على الحِيطانِ العَاليةِ / والأزهارُ تَركضُ إلى الذُّبولِ / ولا يَبْقَى إلا الصَّدى والأسماء / والأمواجُ البَعيدةُ هِيَ حَنجرةُ لَبُؤةٍ / تَتَدَرَّبُ عَلى رَقصةِ الانتحارِ في خَرائطِ التفاحِ / وَالموْتُ لا يَقِفُ عَلى بَابِ صَالةِ الرَّقْصِ / كُلما ارتفعتْ أسعارُ النِّفْطِ في السُّوقِ السَّوْداءِ/ ارتفعت أسعارُ الفِئرانِ في سُوقِ الرَّقيقِ الأبيضِ / وَتَنمو الأزهارُ في جُثماني / وَالشُّطآنُ تَسْتَجْوِبُ البَحْرَ وَتَسألُ الأمواجَ / أيْنَ خَبَّأْتِ جُثَثَ الغَرْقى ؟ / لا إِجابةَ إِلا الصَّدى / والسَّلاحفُ تُخَبِّئُ الهياكلَ العَظْمِيَّةَ في القُصورِ الرَّمْلِيَّةِ / سَتَمُوتُ الصَّحْراءُ في جُلودِنا / وسَوْفَ تُدافِعُ الرِّمالُ عَن الوَحْدَةِ الوَطَنِيَّةِ / في وَطَنٍ يَحْكُمُهُ اللصوصُ / سَرَطانُ الثَّدْيِ يَزْحَفُ على صُدورِ الأميراتِ السَّبايا/ والنُّهودُ البلاستيكِيَّةُ تَتساقطُ في عُلَبِ الْمَشْرُوباتِ الغازِيَّةِ /
     افْرَحْ أيُّها النَّهْرُ / حُلْمُكَ الدَّمَوِيُّ قَد تَحَقَّقَ / اطْمَئِنَّ أيُّها السَّرابُ / أيَّامُكَ الدَّاميةُ صَارَتْ نَشيداً وَطَنِيَّاً / سَيَكْتَشِفُ الابْنُ أنَّ أُمَّهُ تَخُونُ أبَاه / سَجَّاني يُمارِسُ سِبَاحةَ الفَراشةِ / وأنا أُمارِسُ سِباحةَ الذبابةِ/ وكِلانا مَقتولٌ عِندَ نوافذِ البَحْرِ/ ارْتَطَمَ حُزني بالأمطارِ/ ومَشاعرُ الرِّجالِ الآلِيِّينَ تتساقطُ / مِثْلَما تتساقطُ أجفانُ النَّوارِسِ على تَابوتِ البَحْرِ/ سَيَطْلُعُ النَّخْلُ مِن أشلائي / ويَنمو المطَرُ في أرشيفِ دُودةِ القَزِّ / فلا تَكْسِرْ زُرقةَ الشُّطآن / ولا تَصْرُخْ في وِدْيانِ قَلْبِكَ / الرِّيحُ اسْمُنا يَوْمَ تنسَى أُمَّهاتُنا طَريقَ الأضرحةِ التي اكْتَشَفَتْ أسماءَنا /
     أركضُ في أزِقَّةِ شَراييني / عَارياً مِن عُرْيِي / يَتَبَخْتَرُ الصدى في حُزْنٍ / يَحْكُمُهُ كَهَنَةُ الخريفِ / فيا أيُّها الدَّيْرُ الْمُرْتَعِشُ على جُلودِ الرَّاهباتِ / الانطفاءُ ذَاكرةٌ / واليمامُ يَضَعُ الرُّتَبَ العَسكرِيَّةَ على مِشْنقتي / ويَجْدُلُ مِن شَعْرِ النِّساءِ حَبْلَ مِشْنقةٍ يَليقُ بالوَحْدةِ الوَطَنِيَّةِ /
     يَا وَطَناً يُحْلَبُ كَثَدْيِ الرَّاقصةِ كَضَرْعِ النَّعجةِ / شُعُوبٌ مِن فِئرانِ التَّجارُبِ / تاريخٌ مِنَ الرِّجالِ الآلِيِّين/وفي مَساءٍ خَريفيٍّ باردٍ/ سَيَرْجِعُ الطِّفْلُ إِلى حَبْلِ المِشْنقةِ عَلى سَطْحِ بَيْتِهِ المهجورِ / افْرَحْ أيُّها المنبوذُ/سَيَكُونُ نَعْشُكَ مِن خَشَبِ أشجارِ المساءِ الحزينِ/ رَكِبَت القِطَاراتُ في القِطارات/ وأنا الْمَنْسِيُّ عَلى مَقْعَدٍ في بَراري البُكاءِ / أحْبَبْتُ قِناعي فَلَمْ أرَ وَجْهي / وَضَعْنا جُثَثَ آبائِنا في عَرَباتِ القِطارِ / وَرَحَلْنا إلى الشَّفقِ الباكي في الشِّتاءِ الدَّامي /
     وَشْمُ السَّبايا عَلى لَحْمِ الشَّفَقِ / وَنَقْشُ الْمُسَدَّساتِ عَلى شُموعِ عِيدِ المِيلادِ / يَغْسِلُ الرَّعْدُ تُفاحاتِ البُكاءِ في دَمِ الغروبِ / وَالنَّوارِسُ تُهاجِرُ مِن رِئتي اليُمنى إِلى رُئتي اليُسرى / فَيَا أيُّها النَّهْرُ اليَتيمُ / إِنَّ القَصيدةَ إذا لَم تَكْتُبْها سَتَقْتُلُكَ / أنا امتدادُ عِظَامِ الرِّيحِ في أزهارِ الشَّفقِ الدَّمَوِيَّةِ / وأحلامُ الطفولةِ تَضيعُ في شَرايينِ اليَمامِ / تَتَمَزَّقُ قُلوبُ الصَّبايا في مَرفأ الكُوليرا / كما تَتَمَزَّقُ أوراقُ اللعبِ في يَدِ مُقَامِرٍ مُبْتَدِئٍ / امرأةٌ قَضَتْ عُمُرَها تُفَتِّشُ عَن عُمُرِها بَيْنَ أنقاضِ عُمُرِها / أحرقَ الحمَامُ الزَّاجِلُ رَسائلَ العُشَّاقِ / وصارَ يَكتبُ قَوانينَ الطوارِئِ على ألواحِ صَدْري / وَدُستورُ حُقوقِ الإنسانِ تَكْتُبُهُ الكِلابُ البُوليسِيَّةُ / يَتَسَلَّقُ البَشَرُ قُمصانَ النَّوْمِ للإِمَاءِ صَاعِدِينَ إلى الْخُبْزِ / وَيَسيلُ عَرَقُ لاعباتِ التِّنِسِ في سَراديبِ مَحاكمِ التَّفتيشِ / وَتَصِيرُ الملاعبُ التُّرابِيَّةُ عُشْباً لأضرحةِ القَياصرةِ / صَنَمٌ يَرِثُ صَنَماً / وَالوَطَنُ يَتَحَوَّلُ مِن مَاعِزٍ جَبَلِيٍّ إِلى كَبْشِ الْمَحْرَقَةِ / وَدُودةُ القَزِّ تُسَجِّلُ اعترافاتِ الزَّوْجاتِ الخائناتِ/ مَطَرٌ لَيْسَ لَنا / بَحْرٌ يُحَنِّطُ الجثامين / ويُعطِي ظَهْرَهُ لِرِمالِ الشَّاطئِ / ودَبابيسُ الشَّفَقِ على جِلْدِ الزَّوْبعةِ / يَصيرُ ضَياعُ الْحُلْمِ حُلْماً / فَمَا فَائدةُ العَشَاءِ عَلى ضَوْءِ الشُّموعِ أثناءَ جِنازتي ؟ / مَا فَائدةُ مَهاراتِ حَارِسِ الْمَرْمَى في فَرِيقٍ مَيْتٍ ؟ .