ذكريات عالمة فيزياء شابة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
..........
أنا الآنِسَةُ غَيْرُ المنطقِيَّةِ / التي تَعيشُ
في الأحزانِ المنطقِيَّةِ / وَحْدَها قِطَّةُ جَارَتِنا المشلولةِ مَن نَجَحَتْ في
الْحُبِّ / في هذا الجنونِ الرُّومانسِيِّ الهذيانِ الملَكِيِّ / وَمَذْبَحتي هِيَ
الْحُبُّ الأوَّلُ في حَياتي / يَوْمَ كَانَتْ لِي حَياةٌ / ثَائرةٌ أنا عَلى جُنُونِ
الشَّوارعِ الْمَهْوُوسةِ / حَتَّى انفصالِ الرَّأسِ عَن الجسَدِ / يُنَقِّبُ
الليلُ عَن نَزيفِ الكَستناءِ في رُفاتِ الأمواجِ / فَلا تُعْطِ قَاتِلَكَ عُنْوَانَكَ
/ إِنَّ قَاتِلَكَ يَعْرِفُ عُنْوَانَكَ / دِمَاءُ السُّنونو تُلَوِّثُ قُمصانَ
النَّوْمِ / وَتَتَبَوَّلُ الملِكَاتُ في سَراوِيلِهِنَّ / وَيُفَكِّرْنَ في لَمَعَانِ
بَلاطِ صَالةِ الرَّقْصِ / بِلادٌ مَاتَتْ / لَكِنَّها لَم تَجِدْ شَعْباً يَدْفِنُها
/ لأنَّ الشَّعْبَ ماتَ /
سَامِحْني أيُّها
السُّرابُ القُرْمُزِيُّ / لا أَقْدِرُ أن أُبَدِّلَ عُشَّاقي كالجواربِ
الشِّتائيةِ / لأدْعَمَ الدِّيمقراطِيَّةَ في مَمالِكِ التَّطهيرِ العِرْقِيِّ /
سَامِحِيني أيَّتُها الدُّميةُ في مَسْرَحِ العَرَائِسِ / لا أستطيعُ أن أَظْهَرَ
عَاريةً في سُوقِ النِّخاسةِ / لأدْعَمَ حُقوقَ المرأةِ / سَامِحْني أيُّها
الإمبراطورُ الذي يَسْرِقُ الإمبراطورِيَّةَ/ لا أستطيعُ أن أصنعَ مِن تَوابيتِ
فِئرانِ التَّجارُبِ كُحْلاً/ كَمَا تَفْعَلُ عَشيقَتُكَ الرَّقيقةُ/ سَامِحِيني
أيَّتُها الأميرةُ الْمُطَلَّقةُ / لا أستطيعُ أن أثِقَ بِزَوْجِكِ / الذي
امْتَصَّ رَحيقَكِ ثُمَّ بَصَقَكِ في مَرْفأ الرَّقيقِ الأبيضِ / لأنَّ أهْلَكِ
بَاعُوكِ في السُّوقِ السَّوداءِ /
يَنْفَصِلُ الرَّصاصُ
عَن رُموشِ القَنَّاصِ / وَمُرَوِّضُ الأُسُودِ في السِّيركِ/ يَعْرِفُ أنَّ
أَسَدَاً سَيَأكُلُهُ ذَاتَ مَساء / يُعِيدُ التَّاريخُ نَفْسَهُ عَلى خَشَبَةِ
الْمَذْبَحِ / يُدَمِّرُونَ الأرضَ ويَكْتَشِفُونَ المرِّيخَ / يَزْرَعُونَ
الشَّعيرَ في النَّيازكِ / ويَسْتَوْرِدُونَ القَمْحَ مِنَ الشَّيطان /
اسْتَوْرِدُوا الْمِلْحَ مِن دُموعي / واتْرُكوا التَّطهيرَ العِرْقِيَّ لأجفانِ
اليَتيماتِ / ذاكرةُ الحطَبِ حُبْلَى بالْمَلَلِ الجِنْسِيِّ / وقَوْسُ قُزَحَ
يَغْرَقُ في البَحْرِ عَارياً مِن رَاياتِ القبائلِ / وبَيْعَةِ الخليفةِ غَيْرِ
الشَّرْعِيِّ / يَذْهَبُ الرِّجالُ مَعَ نِسائِهِم إلى مَطْعَمِ الوَجَبَاتِ
السريعةِ / ويَذْهَبُ النَّهْرُ مَعَ وَسْوَاسِهِ القَهْرِيِّ إلى مَتْحَفِ
الإبادةِ /
بِئْرُ الكَهْرَمان /
والقُرى الْمُحَاصَرَةُ بالكِلابِ البُوليسِيَّةِ / أسرارُ النِّساءِ مُحَاصَرَةٌ
بأبراجِ الْمُراقَبَةِ وأبراجِ الكنيسةِ / وَرَقصةُ العَقْرَبِ بَيْنَ قَارورةِ
السُّمِّ وَقَارورةِ الحِبْرِ / بَكَى الرَّاعي تَحْتَ ضَوْءِ القَمَرِ /
وَالقَطيعُ يَسيرُ إلى حَافَّةِ الجبَلِ / وَالزَّوابعُ تُجَفِّفُ جُلُودَ
العَبيدِ / وَالمطَرُ يُعَقِّمُ جُلُودَ الأغنامِ بِمِلْحِ الدُّموعِ / نَسِيَ
الْمُهَرِّجُ كَيْفَ يُجَامِعُ زَوْجَتَهُ / وَمَاتَ في السِّيركِ وَحيداً /
تتكاثرُ بَناتُ القَياصرةِ في أجنحةِ الحمَامِ الزَّاجلِ / ورَسائلُ العَاشِقينَ
لَن تَصِلَ / فيا أيُّها الفَجْرُ الكاذبُ / كُلُّ الليالي تَمُرُّ دَمْعاً مِنَ
القَصْديرِ إِلا نَعْشي / يَمُرُّ تُفَّاحاً للأراملِ وأرشيفاً لأُمَراءِ الحروبِ
/
أشجارُ حَديقتي طَابُورٌ خَامِسٌ /
والمزهرِيَّاتُ بَيْنَ شَرايينِ الثلجِ تَخُونُ العُشَّاقَ / وهذه المرايا التي
تُقَبِّلُني تَخُونُني / لَم يَعُدْ في مَرايا ضَريحي غَيْرُ بَساتينِ الخِيانةِ /
جُثماني دَائرةُ الخديعةِ أمامَ المحاكمِ العَسكرِيَّةِ / وَحُكومةُ الوَحْدةِ
الوَطَنِيَّةِ تَسْرِقُ دَجاجَ جَارَتِنا / والأيتامُ الذينَ يَبيعونَ العِلْكَةَ
على إشاراتِ المرورِ / لَم يُفَرِّقوا بَيْنَ الفَراغِ السِّياسِيِّ والفَراغِ
العَاطِفِيِّ /
النَّشيدُ الوَطَنِيُّ
للبَغايا / والعَبيدُ يُضاجِعُونَ الملِكاتِ عَلى قَشِّ الإسطبلاتِ / كَيْفَ
نَعُودُ أيُّها البَحْرُ إلى مُدُنٍ تَقْتُلُ وَجْهَهَا ؟ / حُفْرتي العَميقةُ
مَليئةٌ بأجنحةِ الفَراشاتِ المكسورةِ / حُفَرُ الدُّموعِ / وعَصافيرُ الوَدَاعِ/
الذِّكرياتُ المسروقةُ في وَطَني المسروقِ/ كُلَّما أَعْطَيْتُ للإِعْصارِ أشلائي
/ شَرِبَتْ مِقْصَلتي نَجْمَاتُ الْجُرْحِ / وبِئْرُ قَريتي أرشيفٌ للمُلوكِ
الخوَنَةِ / الأراملُ تَنْثُرُ حِبَالَ الغسيلِ على سُطوحِ القِطاراتِ مِثْلَ
شِبَاكِ الصَّيْدِ / قَالَتْ ذُبابةُ النَّزيفِ : لَم تَزُرْني يا أبي في حُفرتي
حِينَ وَأَدْتَني / وَمِن كَثْرَةِ ما أحببتُ / وأحاطَني اكتئابُ الحقولِ بِالْحُبِّ
/ لَم أَعُدْ أشعرُ بِالْحُبِّ /
النُّبلاءُ الْمُرَابُون
/ وَالآلِهَةُ العَابثةُ / وَقَبيلةُ الْجُرْحِ / وَانكسارُ أجنحةِ الحمَامِ /
الماريجوانا في أغمادِ السُّيوفِ / وَنِسَاءُ القَبيلةِ لِلْبَيْعِ في
اتِّفاقِيَّةِ الْهُدْنَةِ وأرشيفِ الْمُقَايَضَةِ / أثِقُ بِفِئرانِ الحقلِ / ولا
أثِقُ بِفِئرانِ السَّفينةِ / أثِقُ بأحزاني كَمَا يَثِقُ رَئيسُ الدَّولةِ
بِمُديرِ الْمُخابَراتِ / وَحْدَها قُضبانُ زِنزانتي تَلْمَعُ في أمجادِ الزَّبَدِ
/ ومِلْحُ دُموعي يَحْرِقُ جِلْدي الْمُشَقَّقَ / لأنِّي أُحِبُّ حَياتي أرْفُضُ حَيَاتي
/ تَوَغَّلْتُ في الرُّومانسِيَّةِ / فَقَرِفْتُ مِنَ الرُّومانسِيَّةِ /
فَكَفَرْتُ بالرُّومانسِيَّةِ /
أيُّها الملِكُ
الذَّليلُ / وَقِّعْ عَلى وَثيقةِ الاستسلامِ / ولا تتذكَّرْ صُراخَ النِّساءِ
الْمُغْتَصَبَاتِ في القَواعدِ العَسْكَرِيَّةِ / تَدْخُلُ الشُّطآنُ إلى
الزِّنزانةِ الانفرادِيَّةِ / كَما تَدْخُلُ الملِكَاتُ إلى صَالةِ الرَّقْصِ /
وَيَنكسرُ الغروبُ على خُدودِ البَحْرِ / كَما تَنكسرُ مَشاعرُ الزَّوجاتِ
الخائناتِ تَحْتَ أشجارِ المقابرِ/ وَحْدَكَ يَا تاريخَ الحطَبِ / مَن سَتَحْفِرُ
في حَناجرِ الحمَامِ ألوانَ البُكاءِ / والحشَراتُ تَتساقطُ عَلى عُروشِ الملوكِ /
والوَحْلُ يَتساقطُ مِن فَساتينِ الملِكاتِ / كُلُّ المحاكمِ في بِلادي مَحاكِمُ
تَفتيش / كَيْفَ أعيش ؟ / دِمائي بِلا جِنسِيَّةٍ / وأجفاني بِلا هُوِيَّةٍ / لا
وَطَنٌ ولا مُواطِنٌ / لَسْتُ مُتشائِماً / لكنَّ التَّفاؤلَ عِندي يَبدأُ مِن
دَمي / الذي يَفُورُ في حُفَرِ المجاري /
الحياةُ في أشلاءِ
الزَّوْبَعةِ مَوْتٌ / والْحُلْمُ في مَوْتي كَابوسٌ / أخافُ أن أستيقظَ مِنهُ /
لِئَلا أدْخُلَ في كَابوسٍ جَديدٍ / كُلُّ الكَوابيسِ تَتشابَهُ في الدُّوَيلاتِ
اللقيطةِ / طُبُولُ الْحَرْبِ مَثقوبةٌ كأغشيةِ البَكارةِ / وَدَمُ الحيضِ عَلى
رَاياتِ القَبائلِ / سَأنتخِبُ الغَباءَ السِّياسِيَّ رَئيساً لِجُمهورِيَّةِ الفَوْضى
/ وَلا فَرْقَ بَيْنَ فَوْضَى وَفَوْضَى/ بَيْنَ سِجْنٍ وسِجْنٍ/ بَيْنَ دُستورٍ
ودُستورٍ/ بَيْنَ مَلِكٍ لِصٍّ وَلِصٍّ مَلِكٍ .