إعدام فقيه سُني في طهران / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
............
يَا قَاتِلِي / لا تَحْمِلْ دَمِي عَلَى ظَهْرِكَ تَذكَارَاً لِلأَعْشَابِ
الْمَنْفِيَّةِ / سَيَمْشِي الْمَرْمَرُ عَلَى بَلاطِ الدَّمِ الْحَجَرِيِّ /
وَالْغَسَقُ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ كُتُبِهِ / اتْرُكْ لِي أَيُّهَا الْمَوْجُ
فُرْصَةً لأُرَتِّبَ مَكْتَبَتِي الْمَنْزِلِيَّةَ / لا تَقْطِفْ لَحْمَ الأُسُودِ
عَنْ أَغْصَانِ الْمَعْنَى / وَفِي جِلْدِي الثَّانِي تَمُرُّ كُلَّ لَيْلَةٍ
أَسْوَارُ الْمَدْفَنِ / حَيْثُ تَرَكَت اللبُؤَاتُ الشَّرِيدَةُ وُجُوهَهَا /
وَنَامَ الطِّينُ الْمَعْجُونُ بِالْبَارُودِ النَّقِيِّ / وَيَغْفُو الْقَصْدِيرُ
عَلَى أَعْمِدَةِ الثَّلْجِ الْبَنَفْسَجِيِّ/ سَأَتْلُو مَقُولاتِ الشَّمْسِ عَنْ
قِصَّةِ تَشَرُّدِنَا فِي الليْلَكِ الْهَرِمِ/
وَأَتَيْنَا نَجُرُّ أَرْصِفَةَ الْحُزْنِ /
حَامِلِينَ مَا تَبَقَّى مِنْ عَرَقِ التِّينِ / مَنْزِلُنَا فِي غَرْنَاطَةَ
صَارَ مَسْرَحَاً لِلْعُرَاةِ / وَوَكْرَاً لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ / يَا قَصْرَ
الْحَمْرَاءِ / اتَّصِلْ بِي هَاتِفِيَّاً قَبْلَ أَنْ تَهْوِيَ الْمِقْصَلَةُ
عَلَى رَأْسِ أَبِي / نَرِثُ زَيْتُونَ الشَّفَقِ / وَنُسَجِّلُ أَسْمَاءَنَا
عَلَى خُدُودِ الْمُتَوَسِّطِ / دَعُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ ضَوْءِ وُجُوهِ
الأَنْبِيَاءِ / لِيَ الْمَشَانِقُ خَالِيَةً مِنْ أَعْوَادِ الثِّقَابِ / لِيَ
المقاصِلُ خَاليةً مِنَ الكُولسترولِ / وَسَيَّافُ الْخَلِيفَةِ يُدَخِّنُ
الرِّمَالَ وَيَنْفُثُهَا سُيُوفَاً / أَتَوْا كَالصُّبَّارِ الذَّهَبِيِّ فِي
أَمْوَاجِ الذَّاكِرَةِ / يَا حَادِي الْفَرَاشَاتِ / تَفَرَّسْ فِي لُحُومِ
الْبُرْتُقَالِ / لا مِقْصَلَةُ جَدِّي ابْتِسَامَةُ الشَّفَقِ / وَلا مِدْخَنَةُ
كُوخِي نَوْرَسٌ أَطْرَشُ / غَامِضَةً كَانَتْ ضِحْكَةُ الْخَرِيفِ فِي مَزَارِعِ
وَأْدِ الْبَنَاتِ / فَاحْفِرْ فِي أَصْفَادِ النَّهْرِ مُسَدَّسَاً /
تَسْتَعْمِلُهُ الأَدْغَالُ لِحِمَايَةِ أَعْوَادِ مَشَانِقِنَا / كُلُّ طَلْقَةٍ
فِي أُذُنِ الْبُحَيْرَةِ حُلْمٌ لِلْقَادِمِينَ مِنْ وَهَجِ أَشْلاءِ
التُّفَّاحَاتِ / وَفِي خُطَى الْغَرِيبِ يُولَدُ أسْفَلْتٌ ثَائِرٌ / كَيْفَ
قُتِلَتِ الإِوَزَّةُ فِي مُؤَلَّفَاتِ النَّهْرِ ؟ / يُشَجِّعُ السُّلُّ غَابَاتِ
سَمَرْقَنْدَ عَلَى التَّفتيشِ في أَشْكَالِ مَجْزَرَتِي / وَتَوَهُّجَاتِ قَطِيعِ
السُّيُوفِ الَّذِي يَنْهَشُنِي / فَاعْبُرْ ظِلَّكَ الْخَشَبِيَّ فِي مَسَاءَاتِ
الزَّيْتُونِ / وَتَذَكَّر اسْمَ مَنْ خَلَعَ عُيُونَ أَصْفَهَان / انْطَفَأَتْ
لُحُومُ الشُّمُوعِ / لَمَعَتْ عَقَارِبُ السَّاعَةِ فَوْقَ أَضْرِحَةِ
السُّنْبُلَةِ / عُودُوا إِلَى خَنْجَرِ الْبَحْرِ الْمُحَنَّطِ فِي جُلُودِ
الْعَبِيدِ /
إِنْ تَفْتَحْ رِئَتِي / تَجِدْ أَكْوَاخَاً
يَسْتَحِمُّ فِيهَا الْبَارُودُ / الدُّرُوبُ الْبَنَفْسَجِيَّةُ تَقُودُ إِلَى
الدُّرُوبِ الذَّبِيحَةِ / وَزَوْجَةُ النَّهْرِ حَامِلٌ / أَسْقَطَهَا غُصْنُ
الْمَوْجِ فِي الإِجْهَاضِ الْقَسْرِيِّ / تَوَهَّجَتْ غَابَةٌ / حَمَلَ الْعُشْبُ
حَقِيبَتَهُ الْمَدْرَسِيَّةَ / نَهَارِي أَفَاقَ عَلَى هَزِيمِ كُرَيَاتِ دَمِي /
احْمِلُوا جُثَّتِي إِلَى جُثَّتِي / اتْرُك الْمَرَاثِي تَرْثِ الْمَرَاثِي /
وَلْنَمْشِ إِلَى بَرِيقِ قُضْبَانِ أَقْفَاصِنَا الصَّدْرِيَّةِ / كَانَ
الْوَرْدُ الْحَبِيسُ يَرْفَعُ مُجْبَرَاً أَوْحَالَ ذَاكِرَةِ الْخَشَبِ عَنِ
التِّيجَانِ الْمُبَعْثَرَةِ / بَعْثَرَ النُّحَاسُ ظِلَّهُ / كُنْ أَكْثَرَ
لَمَعَانَاً مِنْ حَبْلِ كِتَّانٍ يَشْنُقُ مِشْنَقَتِي / لَكِنَّ الزُّهُورَ
طَرِيقٌ / دَمِي قِطَعُ سُكَّرٍ / ذَوَّبَهَا الْبَرْقُ فِي كُؤُوسِ الْمَجْزَرَةِ
/ هِيَ رِئَتِي الثَّوْرَةُ اللازَوَرْدِيَّةُ / أَرَى مَوْتَ الْبَنَفْسَجِ فِي
أَجْفَانِي يَرَانِي / وَالْقَمْحُ يَرِثُ حَنْجَرَةَ الشَّمْسِ / يا أَخِي
الْمَوْت / سَأَكُونُ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ يَوْمَ تُذْبَحُ / تَذْهَبُ
أَكْيَاسُ الدَّقِيقِ إِلَى عُنْفِ أَلْوَانِ طَاوُوسِ الْقَشِّ / لِجَبِينِ
الشَّعِيرِ حُمْرَةُ الْغُرُوبِ / عِنْدَ شُرُوقِ النَّعْنَاعِ عَلَى سَوْطِ
الْعَصْفِ / رَكَضَت الشَّوَارِعُ إِلَى غُرْفَةِ نَوْمِهَا فِيَّ / يَحْتَلُّ
وَرْدَاتِ صَلْبِي سُعَالُ الشَّفَقِ / ظَلَّ الْمَسَاءُ يَحْفِرُ أَغَانِيهِ فِي
إِعْدَامَاتِ الرَّاعِي / والأغنامُ تَسْبَحُ فِي لُؤْلُؤِ الأَنِينِ / أَيْنَ
خَبَّأَ الْمَوْزُ أَعْوَادَ الْمَشَانِقِ وَقُمْصَانَ الْفَحِيحِ ؟ /
لَسْتُ لِلسِّيرَامِيكِ صَوْتَاً / صَوْتِي
يَنْقَلِبُ عَلَى صَوْتِي / والمقابرُ الكريستاليةُ تنامُ في حُلْقومي / لَكُمْ
مَسَاءَاتُ الذُّرَةِ خَالِيَةً مِنَ الصُّرَاخِ لَحْظَةَ وِلادَةِ الْبُحَيْرَاتِ
/ إِنَّهَا أَنَاشِيدُ الصَّعْقِ الْكَهْرَبَائِيِّ / لَكِنَّ الْمُنْشِدَ لَمْ
يَأْتِ / وَجْهُ الضَّبَابِ مِنَ الأسمنتِ الْمُسَلَّحِ / أُعْطِي وَجْهِي
لِلْفَجْرِ الْقَادِمِ مِنْ شَرَايِينِي / وَأَنْتَظِرُ حَبْلَ غَسِيلٍ يَلُفُّهُ
الْغَسَقُ حَوْلَ رَقَبَةِ الطُّوفَانِ / قُتِلْتُ فِي ظُرُوفٍ غَامِضَةٍ / وَأَغْلَقَت
الرُّعُودُ مِلَفَّ الْقَضِيَّةِ /
أَرْمَلَةُ الْخَشَبِ تَزَوَّجَت الرَّمَادَ
/ يُحْتَضَرُ زَوْجُ الْمِدْخَنَةِ/ قُمْ أَيُّهَا الرَّمْلُ التُّفَّاحِيُّ مِنْ
شَظَايَانَا / لِلْمَرَايَا نَحِيبُ مَا انْكَمَشَ مِنْ ذِكْرَيَاتِ الْبَرْقِ /
عُدْنَا إِلَى أَسْمَاءِ النَّهْرِ السِّرِّيةِ / رَحِيلُنَا يَتَوَهَّجُ كُلَّمَا
عَانَقَ الْوَادِي قِرْمِيدَ أَحْزَانِنَا / أَتَوْا مِنْ حَيْثُ يُعانِقُ
الارْتِعَاشُ أَقْنِعَةَ السُّيُولِ / إِنْ تَجْمَعْ أَجْزَاءَ ظِلِّي فِي كِيسٍ
وَرَقِيٍّ / يَنْفَجِرْ ضَحِكُ السُّنُونُو بَيْنَ أَنْيَابِ الْقَشِّ / لا
فَرَاشَاتِي بَرَامِيلُ نِفْطٍ / وَلا أَنَاشِيدُ دَمْعَتِي فَرْوُ ثَعْلَبٍ /
أَنَا الشَّاطِئُ الْبَعِيدُ / النَّزْفُ النِّهَائِيُّ / كَلِمَةُ الشَّجَرِ فِي
حَفْلَةِ تَنْصِيبِي مَنْبُوذَاً /
لَيْتَ ظِلالَ الْغَيْمِ النَّائِمَةَ عَلَى
صَخْرَةِ الرِّعشَةِ تَفِيقُ أَفَقْتُ/ قَالَ التُّرَابُ الْبَاكِي : ((وَدَاعَاً
يَا مُومِسَاتِ بِلادِي / مِتُّ وَمَا زَالَتْ أَجْسَادُكُنَّ تَبْحَثُ عَنْ
خَنَاجِرِ الرَّمَادِ )) / تَعَلَّمَ الْفِرِنْجَةُ قَتْلَ الْحُبِّ/ قَبْلَ أَنْ
يَتَعَلَّمُوا مُضَاجَعَةَ نِسَائِهِمْ/ قَدْ يَعْمَلُ الْفَيَضَانُ مُرْشِدَاً
اجْتِمَاعِيَّاً لِلزَّوْجَاتِ الْخَائِنَاتِ / أُرْشِدُ أَمِيرَاتِ مُونَاكُو
إِلَى ارْتِدَاءِ الْحِجَابِ /
التِّينُ يَخْلَعُ أَسْنَانَ الْغَيْمَةِ /
يُفَكِّرُ الْحَائِطُ فِي مَصِيرِ الْكَسْتَنَاءِ / كَانَتْ خُيُولُ الرِّعْشَةِ
أَصْغَرَ مِنْ مَلاقِطِ الْغَسِيلِ عَلَى سُطُوحِ النِّسيان / وَالْمَغِيبُ
يَدْفِنُ عُشَّاقَهُ فِي أَجْفَانِ الرَّصَاصَةِ / وَيُتَوِّجُ الشَّرَرَ
النَّاتِجَ مِنْ تَصَادُمِ عِظَامِي إِمْبرَاطُورَاً عَلَى مَمَالِكِ الصَّدَى /
مَا زَالَ الْوَحْلُ يُصْلِحُ نَعْلَهُ في الزِّنزانةِ الانفراديةِ / طَرِيقِي
نَحْوَ خَوْخَةٍ لامِعَةٍ فِي ظُلُمَاتِ النَّزِيفِ / فَلا تُصَدِّقْ نَبَأَ
انْتِحَارِ النَّهْرِ فِي أُمْسِيَاتِ الرَّجْفَةِ / هِيَ الْقَذِيفَةُ فِي
عُيُونِ السَّرْوَةِ / عَيْنَا قِطٍّ أَجْرَبَ يَغْزُو خَيَالَ الشَّاطِئِ فِي
عَرَبَاتِ الْقِطَارِ / الَّذِي يُوصِلُ الْجُثَثَ إِلَى مَقْبَرَتِنَا
الْجَمَاعِيَّةِ .