نار أبدية لضياع سَدُوم وعَمُورة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
كَلْبُ الإِمْبراطُورَةِ مُصَابٌ
بِالاكْتِئَابِ / فَلْيَمُت الشَّعْبُ/ لِيَشْعُرَ الْكَلْبُ بِجَدْوَى الْحَيَاةِ
/ وَحْشَةَ رَاهِبَةٍ مُبْتَدِئَةٍ فِي حُفْرَةِ الْكَهَنُوتِ كَانَتْ عَوَاصِمُ
الرِّعْشَةِ / تَتَذَوَّقُ جُثَّتِي حُفَرُ الْمَجَارِي / أَنَا الرَّصَاصَةُ
الْمُنْطَلِقَةُ مِنْ خَدِّ الْقَمَرِ / وَجَدْتُ حَدَائِقَ رَغْبَتِي عَلَى
أَرَاجِيحِ الْقِتَالِ / فَلَبَسْتُ سَيْفِي / وَلَمْ أَفْتَرِسْ تِلْميذاتِ
الصَّدى / لأَنَّ سَجَّادَ الْمَسْجِدِ يُغَطِّي جُدْرَانَ أَوْرِدَتِي /
الْمُقَاوِمَةِ لِدِمَاءِ لُورداتِ الْحَرْبِ /
يُحَوِّلُونَ الزِّنْزَانَةَ إِلَى بُورصَةٍ
لِبَيْعِ النِّسَاءِ / الْمَعْبَدُ الذَّابِحُ دَاخِلَ أَمْعَاءِ الْمَطَرِ
الْحِمْضِيِّ / وَالنَّخَّاسُ يُمْسِكُ بِشَعْرِ فَتَاةٍ شَقْرَاءَ تُسْتَعْمَلُ
كَمِرْآةِ سَيَّارَةٍ / وَيَقُولُ إِنَّ هَذِهِ
الْفَتَاةَ مِنْ سُلالَةِ قَيَاصِرَةَ قَادُوا حَمَلاتِ
الإِبَادَةِ / هِيَ الْمُخَابَرَاتُ الأَجْنَبِيَّةُ تَسْعَى لإِسْقَاطِ نِظَامٍ
إفْرِيقِيٍّ رَافِضٍ لأَوَامِرِهَا / وَإِغْرَاقِ الْبِلادِ بالأَسْلِحَةِ
الدِّيمقرَاطِيَّةِ /
سَلامِي لِلطَّالِعِينَ مِنْ سُلالاتِ
الشَّفَقِ / النَّازِلِينَ إِلَى قَصَائِدِ الْمَرْعَى / أُفَلْسِفُ أحلامَ
الشَّجَرِ / لأضَعَ حُزْني فِي أَقْصَى مَدَاهُ/ حُدُودُ الليْلَكِ شِرَاعِي
الْوَحِيدُ / وَالْجُيُوشُ تَحْرُسُ بَابَ أُذُنِي الْيُمْنَى / لِلصَّاعِدِينَ
مِنْ خِيَانَةِ يَهُوذَا دُودٌ يَنْخُرُ نِيرَانَ الظِّلِّ الزُّجَاجِيِّ / وَلِي
فَضَائِي أَعْلَى مِنَ انْتِصَارِ حُلْمِي عَلَى حُلْمِي / فِي أَرْضِ الطُّوفَانِ
/ لَهَبِي أَجْمَلُ فُتُوحَاتِي فِي مُدُنِ صَفَّارَاتِ الإِنْذَارِ / خَرَجْنَا
مِنَ الْمَجْزَرَةِ إِلَى الْمَحْكَمَةِ الْمُتَجَمِّدَةِ شَمَالَ ذِكْرَيَاتِ
الأَرَامِلِ / لِنَشْكُوَ الْجَلادَ إِلَى الْجَلادِ /
فِي دَمِنَا تَتَنَاسَلُ
أَشْعَارُ المجرَّاتِ/ وفي رُموشِنا ثُلُوجٌ دُبْلُومَاسِيَّةٌ/ تاريخُ اليَمامِ
حَطَبٌ في الموقَدَةِ / والغِرْبانُ تَصْعَدُ مِنْ قُمْصَانِ النَّوْمِ
الشَّفَّافَةِ / لإِنَاثِ الضَّفَادِعِ الْمُتَحَضِّرَاتِ / مَمْلَكَةُ الأَرَقِ
الأَغْبَرِ لَهَا وَجْهٌ / لا يُشْبِهُ زُجَاجَ المدافِنِ / سَأَفْرِضُ عَلَى
أَعْشَابِ الْجَسَدِ شُرُوطَ الصَّهِيلِ / جَوَارِحِي أَعْشَاشُ الطُّيُورِ
الْجَارِحَةِ / وَعُيُونُ الْمُلُوكِ الْمَخْلُوعِينَ لَهَا رَائِحَةُ الْقَشِّ
الأَخْضَرِ / لَحْمِي ضَوْءُ البَراويزِ في المساءِ القاتِلِ/ وخَدُّ الصَّحْراءِ
قَاطِعُ طَريقٍ / والشَّظايا هَدايا بَيْنَ العُشَّاقِ في عِيدِ الطحالبِ /
أُطْلِقُ عَلَى الرَّصَاصَةِ قَلْبِي / كَيْ نُولَدَ مَعَاً مِنْ مَوْتِ أَقْمَارِ
الطِّينِ / أُوَزِّعُ كَبِدِي فِي ضَحِكَاتِ الزَّعْتَرِ / وتَنطفِئُ ضِحْكتي إلى
الأبَدِ /
إِذَا افْتَخَرَت
الْكِلابُ الْبُولِيسِيَّةُ بِلَعِبِ الْقِمَارِ فِي لاس فِيجَاس / سَأَفْتَخِرُ
بِصَلاةِ الْفَجْرِ فِي شَمَالِ قَوْسِ قُزَحَ / وَإِذَا افْتَخَرَ مُمَثِّلُو
هُوليُودَ بِحَجْمِ أَثْدَاءِ عَشِيقَاتِهِمْ / سَأَفْتَخِرُ بِحَجْمِ مِشْنَقَتِي
/ الَّتِي تُغَنِّي فِي حَفْلِ زِفَافِي / وَتُتَرْجِمُ رِعشةَ البُروقِ إلى
غاباتٍ / وَإِذَا افْتَخَرَ اللصُوصُ بِتَشْكِيلِ حُكُومَةِ الوَحْدةِ
الوَطَنِيَّةِ / سَأَفْتَخِرُ بِتَشْكِيلِ نَزِيفِي لِمَجْلِسِ قِيَادَةِ ثَوْرَةِ
الْيَمَامِ / وَإِذَا افْتَخَرَ الشَّاطئُ بِسَرِقَةِ قَصائدي / سَأَفْتَخِرُ
بِسَرِقَةِ النَّهْرِ مِنْ جَدَّتِهِ / وَإِذَا افْتَخَرَ شُعَرَاءُ الْحَدَاثَةِ
بِعُقْدةِ الخواجَة / سَأَفْتَخِرُ بِحَدَاثَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ /
وَإِذَا افْتَخَرَت العَجُوزُ الشَّمْطاءُ بالكَعْبِ العالي/ سَأَفْتَخِرُ بأحزانِ
العُشْبِ العَاليةِ / وَإِذَا افْتَخَرَت الْمُرَاهِقَاتُ بِمَلابِسِهِنَّ
الْقَصِيرَةِ / سَأَفْتَخِرُ بِمَلابِسِ الشَّمْسِ الطَّوِيلَةِ / وَإِذَا
افْتَخَرَتْ حُكُومَةُ الرَّمَدِ بِالْوَزِيرَاتِ الْعَارِيَاتِ / سَأَفْتَخِرُ
بِأَعَاصِيرِ الْقُلُوبِ الْعَارِيَةِ /
أَزْمِنَةُ الْوَرْدِ الْمُتَمَرِّدِ فِي
خَلايَا أَبَدِيَّتِي / كُلَّمَا نَظَرْتُ فِي الْمِرْآةِ رَأَيْتُ أُمِّي /
تَغْرِسُ فِي شَظايا المجدِ بُرتقالَ الألَمِ / وَكِلابُ الْحِرَاسَةِ تَتَشَمَّسُ
على قُماشِ الدُّمى / في مَسْرَحِ العَرائِسِ/ والرِّمالُ تُعطي شَرَفَ القَبيلةِ
إِجَازَةً مَفْتُوحَةً/ والملوكُ يُضَاجِعُونَ عَشيقاتِهم السَّاخناتِ على
الرُّخامِ البَاردِ/ ضَاعَ الوَطَنُ/ لَكِنَّنا نُرَدِّدُ الأغاني الوَطنيةَ/
وَنَصْعَدُ كَالفِئْرانِ مِن الدِّماءِ الفُسْفوريةِ / نَنْظُرُ في المرايا / وَلا
نَرى وُجُوهَنا /
في حِصَّةِ الرِّياضياتِ/ نَحْسِبُ أبعادَ
شَواهِدِ القُبور/ يَرسمُ الشَّفقُ مَوْتَ الفَتياتِ على السَّبورةِ/ فَلا
تَحْزَنْ أيُّها الحزنُ / إِنَّ شَمْسَ الخريفِ تُحِبُّكَ / لكنَّ الشُّموعَ تَبكي
في الليالي البَاردةِ / يَسيلُ الجليدُ على خُدود النِّساءِ / فَلا تَكْسِرْ
كُحْلَ الصَّبايا الوَاقفاتِ في الجِنازةِ العَسْكريةِ / ولا تَجْرَحْ أحاسيسَ
البَلوطِ في المدافنِ / وَكُنْ عَاطفياً كالصَّنوبرِ الذي يُظَلِّلُ شَواهِدَ
القُبورِ / ذَلِكَ الْمَنْفِيُّ هُوَ أنا / أمشي بَيْنَ التَّوابيتِ حَافياً /
لكنَّ دَمي مُنْقَسِمٌ بَيْنَ رُخامِ المشانقِ وَسِيراميكِ المقاصِلِ/ وَقَلْبي
مُوَزَّعٌ بَيْنَ بُرتقالِ المجازِرِ وتفاحِ المذابحِ/ يَشْرَبُ العاشِقُونَ في
المقبرةِ عَصِيرَ الليمونِ/ كَي تَرْتَاحَ أعصابُ الشَّجرِ / وَيَصْعَدُ الذُّبابُ
إلى ظِلالِ الموتى / غُربةُ العَصافيرِ في جَسدي / وَجَسدي هُوَ السِّجْنُ
الأُرْجُوَانِيُّ / لَحْمي خَارطةٌ لِلقَتْلى / وَأنا دَليلٌ سِياحِيٌّ
لِلْحَشَراتِ الْمُحَنَّطةِ في الذِّكرياتِ/ وَالْحَمَامُ الزَّاجلُ يَجُرُّ جُثثَ
الجنودِ / وَالصَّيْفُ يَمْشي إلى شِتاءِ المدافِنِ حَافِياً / أَكَلَ البَقُّ
بَراويزَ الذِّكرى / وَمَاتت الذِّكرياتُ / جُثماني زَهْرةُ الفَجْرِ / فَاحْصُدْ
أيُّها الحاصِدُ الأعمى / وَاصْعَدْ أيُّها النَّهْرُ المشلولُ إِلى حُلْمي /
لَيْتَ الأشجارَ تَفْهَمُ لُغةَ الرَّعْدِ / السَّجِينُ وَالسَّجانُ سَجِينان /
وَعِظامُ الأطفالِ سِجْنُ اليَمامِ/ والمطرُ يَحْرِقُ جُثمانَ البُحيرةِ
العَمْياءِ/ سَيِّدَنَا مَلَكَ الْمَوْتِ/ نَحْنُ الْمَوْتَى قَبْلَ لِقَائِكَ
وَبَعْدَهُ/ فَدَعْكَ مِنْ مَشَاعِرِنَا / وَنَفِّذْ مَشِيئَةَ اللهِ .