الزمهرير / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...................
احْضُنْ حَنْجرةَ الْبِئْرِ / وَمَزِّقِ
الْخَارِطَةَ الزُّجَاجِيَّةَ / الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَوْقِعِ قَبْرِي /
الْقَصِيدَةُ هِيَ مَا تَبَقَّى لِلْكَرَوَانِ / بَعْدَ نَفْي رِيشِ الْحَجَرِ /
قُولِي إِنَّكِ صُورَتِي خَارِجَ احْتِضَارِ السَّجَّانِ / فِي مُكَبِّرَاتِ
الصَّوْتِ/ قُولِي إِنَّكِ أَيُّ حُلْمٍ سِوَى حُلْمِي / دَمْعَتِي تَحْمِلُهَا
بَنَاتُ آوَى إِلَى الزَّمْهَرِيرِ / أَخَافُ يَا عُشْبَتِي الْمُفَتَّتَةَ أَنْ
يَأْتِيَ بَحْرُ الظِّلالِ إِلَى أَيَّامِ اسْمِي / أَخَافُ يَا أُمِّي أَنْ
يَغْتَالَنِي يَوْمٌ / يَصِيرُ فِيهِ جِلْدِي شُعْلَةَ الصَّقِيعِ / أَخْشَى
الزَّمْهَرِيرَ / لأَنَّ ذِكْرَيَاتِ الْعُصْفُورِ الْمُحْتَرِقَةَ فِي
الْمَوْقَدَةِ / لَنْ تَغْدُوَ حَطَبَاً لِلتِّلالِ النَّائِيَةِ/ أُقِيمُ
مَمْلَكَتِي عَلَى أَنْقَاضِي / كُلَّمَا اقْتَرَبْتُ مِنْ دَمِي ابْتَعَدْتُ عَنْ
لَحْمِي / هَلْ تُصَدِّقِينَ مَا قَالَهُ الشِّتَاءُ / بَيْنَمَا كُنْتُ أَغْفُو
فِي عَرَبَةِ الكَرَزِ ؟/ الأسْفَلْتُ يَفْتَحُ بَابَ الصُّرَاخِ / مَذَاقُ
السَّبَانِخِ فِي العَشَاءِ الأخيرِ للمَشْنُوقِ/ والأناشيدُ الوطنيةُ
تُزْهِرُ في أجْفانِ الحشَراتِ /
يَذْهَبُ الْجَسَدُ إِلَى خَنْجَرِهِ /
لِمَاذَا ؟ / نَسْرَ الْجُوعِ / هَلْ سَتَأْكُلُنِي بَقَايَاكَ لَيْلَةَ الْعِيدِ
عِنْدَ أُرْجُوحَةِ التُّوتِ ؟ / كَأَنَّ أَسْئِلَتِي صُدَاعُ الْمَسَافَاتِ فِي
الأُمْسِيَاتِ / وَتَتَكَاثَرُ الْخَنَاجِرُ الْمَارَّةُ عَلَى وَجْهِ الْوَادِي /
أَدْرِكْنِي أَيُّهَا الْمَوْجُ الْمُنْبَعِثُ مِنْ ثُقُوبِ غُرْفَةِ
التَّحْقِيقِ/ أَفْتَرِشُ عَظْمِي/ وَأَلْتَحِفُ مِقْصَلَتِي / لا اسْمُ
الْغُيُومِ سَيَحْمِي خُيُولِي / وَلا رَاتِبُ الْحَشَائِشِ سَيُغَطِّي أُجْرَةَ
حَفَّارِ الْقُبُورِ/ لِنَرْجِعْ إِلَى أَسْئِلَةِ الْحَمَامِ الْمُسْتَلْقِيَةِ
عَلَى الرِّماحِ / كُنَّا لِلْقَشِّ صَوْتَاً حَجَرِيَّاً بِلا مَعْنَى / بِلا
صَوْتٍ يَدْفِنُنَا وَيَرْثِينَا / فَلْنَشْطُبِ الْمُلُوكَ مِنْ أَصْوَاتِنَا /
قَالَ الليْلُ : (( سَتَأْتِي إِسْطَبْلاتُ
الجماجمِ مِنَ الْجَنُوبِ الْمُرْتَعِشِ )) / وَسَكَتَ الْحُضُورُ/ صَفَّقْنَا
كَثِيرَاً لِلْمُرْتَزِقَةِ النَّائِمِينَ فِي أَفْخَاذِنَا/ كُلُّ وَطَنٍ شَكْلٌ
آخَرُ لِلْمَنْفَى/ فَلْتَصْعَدْ أَحْصِنَةُ الْجَسَدِ مِنْ جِهَاتِي / إِنَّ حَيَاتِي
تَطْلُعُ مِنْ مَمَاتِي / وَدَاعٌ رَسْمِيٌّ لِلْبَرْقُوقِ فِي مُعَسْكَرٍ/
يَنْثُرُنَا عَلَى أَعْمِدَةِ الْكَهْرَبَاءِ/ تُفْطِرُ الْوِدْيَانُ
الرَّمَادِيَّةُ مُبَكِّرَاً / أَمْشِي إِلَى جِلْدي طَيْرَاً يَتَشَظَّى عِشْقَاً
لِلأَذَانِ / أَعُودُ إِلَى بَرِيقِ الزَّنْجَبِيلِ الْمَرْمِيِّ عَلَى سُطُوحِ
البَنَادِقِ / لَمْ تَلْمَعْ مَنَادِيلُ الْمَجَرَّةِ / حِينَ تَمَزَّقَتْ
أَحْلامُ عُقَابٍ خَانَتْهُ أَوْسِمَتُهُ / هَا نَحْنُ وَاقِفُونَ تَحْتَ أبجديةِ
الْمَطَرِ / نَنْتَظِرُ مَجِيءَ قَوْسِ قُزَحَ لِيُعَرِّفَنَا عَلَى شَخْصِيَّةِ
الدَّمِ / تَتَقَاسَمُنَا أَشْيَاءُ لا نَعْرِفُهَا / فَتَهُبُّ مِنْ أَطْيَافِ
الْقَلْبِ أبراجُ المراقَبَةِ / الشَّلالاتُ مَحْكومةٌ بالكِلابِ البُوليسيةِ/
نَسِينَا أَسْمَاءَ أُمَّهَاتِنَا/ لأَنَّنَا رَضِعْنَا حَلِيبَاً أَجْنَبِيَّاً/
وَحَضَنَتْنَا التُّفَّاحَاتُ الْمُهَاجِرَةُ قُرْبَ جَثامينِ الرَّاهباتِ / الآنَ
/ يَبْدَأُ الْحُزْنُ يَنْتَهِي الْحُزْنُ / اذْهَبُوا إِلَى حَيْثُ شِئْتُمْ فِي
قَلْبِي تَجِدُوا غَيْرِي / مَاذَا تَبَقَّى مِنَ الْبِزَّةِ الْعَسْكَرِيَّةِ
الَّتِي يَرْتَدِيهَا الْعُشْبُ الصَّاعِقُ ؟ / مَحْبَرَةً أَضْحَتْ كُنْيَةُ
الْغَرِيبِ / أَجَارَتَنَا / قَدِ اخْتَفَى لَوْنُ الْوَرْدِ فِي أجسادِ
مَوْتَانَا / تَعَالَيْ نَتَعَرَّفْ عَلَى هُوِيَّةِ الضَّحَايَا فِي النَّيَازِكِ
الذَّهَبِيَّةِ / عَابِرَانِ نَحْنُ / وَسِكَّةُ الْحَدِيدِ مَنْصُوبَةٌ عَلَى
سُورِ مَقْبَرَةِ الْكَهْرَمَانِ / لا تَشْتَرِ رُموشَ الْعَطَشِ الْمَخْنُوقَةَ
مِنْ بَائِعَةِ اللازَوَرْدِ / لأَنَّ ذَبْحِي دَلِيلٌ سِيَاحِيٌّ / يُرْشِدُ
الْبُحَيْرَاتِ إِلَى ضَوْءِ كَفَنِي / إِنْ تَحْضُنْ طَيْفَ النُّعوشِ تَلْمَحْكَ
مُسَدَّسَاتٌ / يَا نَهْرَاً يَحْفِرُ صَدْرِي / يَا وَطَنَاً يُزْهِرُ قَتْلاً /
إِلَى مَتَى سَأَظَلُّ فِي انْتِظَارِكَ ؟ / أَعْطِنِي قُيُودَ الصَّنَوْبَرِ
لأَكْسِرَهَا زَنْبَقَاً / وَأَرُشَّهَا عَلَى ثِيَابِ الأيتامِ/ عادَ الأطفالُ
إلى أراجيحِ المذْبَحةِ/ وكِتَابُ الرِّيحِ مَفْتُوحٌ لِكُلِّ الأَشْلاءِ/ زُرْنِي
فِي مَلامِحِ احْتِضَارِي / قَبْلَ أَنْ يَشْنُقُونِي عَلَى الْخَوْخِ
الْمُتَأَلِّمِ / وَلا تَتَوَقَّعْ حُضُورِي فِي رِعشَةِ الْبَلاطِ / إِنَّ
الصَّاعِقَةَ تَبْلَعُ رَحِيقِي / وَتَبْصُقُنِي حِرَابَاً / فَلا تَنْسَ اسْمَ
قَلْبِي يَا صَدِيقِي / كُنْ أَكْثَرَ اتِّسَاعَاً مِنْ خِيَامِ المجزرةِ / كُنْ
أَنَا أَوْ أَنْتَ / وَلا تَتَوَقَّعْ أَنْ أَبْكِيَ /
عُمَّالُ النَّظَافَةِ عَادُوا إِلَى شَوْكٍ
/ يَتَسَلَّقُ مَوْكِبَ الإِمبرَاطُورِ / هَذا الطَّرِيقُ مَوْجَةٌ تَأْكُلُهَا
قَمْحَةٌ طَازَجَةٌ/ حِجَارةُ القُرى الغارِقةِ/ وَالزَّنْجَبِيلُ يَنمو بَيْنَ
أصابعِ العوانِسِ / ومَجاعةُ الأزهارِ تَغْسِلُ كُرَياتِ دَمي بالصَّابُون /
اذْكُرْنِي أَيُّهَا الْوَشَقُ / وَأَنْتَ تَمْتَصُّ خُضْرَةَ الْجِبَالِ فِي
قَاعِ مَعِدَتِي / الْجِهَازُ الْهَضْمِيُّ لِلزُّقَاقِ لا يَتَذَكَّرُنِي / أَنَا
الآتِي مِنْ لافِتَاتِ مَقْتَلِ الْهِضَابِ / فَعَانِقْنِي يَا نَزْفِي / وَلا
تَفْرَحْ كَثِيرَاً / قَدْ تُغَادِرُ السَّنَابِلُ الْعَاشِقَةُ فِي أَيَّةِ
لَحْظَةٍ / قَتِيلانِ عَلَى صَفِيحِ السَّفَرِ / ذَبيحانِ في قِطارٍ تائهٍ/
أَعْرِفُ أَنَّ أَغَانِي الرُّعَاةِ لَيْسَتْ لِي/ لَكِنَّ الشُّجَيْرَاتِ
الطَّالِعَةَ مِنْ عِظامي أُغْنِيَةٌ لِلشُّرُوقِ /
إِنَّكَ كُلُّ الشَّوَارِعِ الَّتِي
تَحْمِلُ أَسْمَاءَ الشُّهَدَاءِ / نَعُودُ إِلَى عَوْدَةِ الرَّوَابِي
الْمُسَافِرَةِ / الْغُرُوبُ يَصْبُغُ الْبَحْرَ بِأَلْوَانِ طُيُورٍ مَجْهُولَةٍ/
هَذَا نَهْرُ الْكَلِمَاتِ الْوَاضِحَةِ يَصْهَرُنِي فِي ثِيَابِهِ / بِلادِي
الرَّاكِضَةَ فِي الْجُوعِ / وَيَوْمِيَّاتِ الْقَتْلَى الْمَنْقُوشَةِ عَلَى
حَقَائِبِ الأَطْفَالِ الْمَدْرَسِيَّةِ / إِنَّ أَشْكَالَ الْمَوْتَى لا تَزَالُ
تَحْتَلُّ صَدْرِي / كَمْ وَطَنٍ مَرَّ فِي مَنْفَايَ / لِيَجْرَحَ جَبْهَةَ
الغَيْمِ / فِي ضَوْضَاءِ الصَّقْرِ الوَحيدِ ! /
مَدْرَسَتِي تَمْشِي بَيْنَ أَشْجَارِ
السِّنْدِيَانِ / وَجُثَثِ الْبَحَّارَةِ الْمُنْهَكَةِ / أَيْنَ الدَّفَاتِرُ
الذَّابِلَةُ بِسَبَبِ هُطُولِ الدَّمْعَاتِ ؟ / هُنَا مِثْلُ هُنَاكَ / جَرَسٌ
فِي عُنُقِ قِطَّةٍ عَالِقَةٍ عَلَى شُرْفَةِ الْبَيْلَسَانِ / وَأَشْعُرُ أَنْ
جُثثَ المهاجِرِينَ غَيْرِ الشَّرْعِيِّين مِكْياجٌ لِزَوْجةِ البَحْرِ /
جُلُودُنا تَموتُ يَا أوسمةَ الضَّبابِ / ونَحْنَ وَاقِفُونَ في طَابُورِ
الانتحارِ التَّدْرِيجيِّ / نَنتظرُ خُبْزَ النَّيازِكِ وقَهْوةَ المجرَّاتِ /
يَذْكُرُنِي غَيْمٌ يَسْبَحُ فِي الْمَعْنَى / يَكُونُ جَسَدِي أَحَدَ أَسْمَاءِ
الْقَمْحِ / مِلْحُ دُموعي ضِحْكَةُ الْمَطَرِ / حِينَ يَتَمَزَّقُ الْقِرْمِيدُ
في الثُّكَناتِ العسكريةِ / شَظَايَايَ تَجْمَعُ الْمَحَارَ / يُحاوِلُ النَّهارُ
أن يَتعرَّفَ إِلَى دِمَائِنَا / لَكِنَّ صَيَّادي الْمُكَافَآتِ مَشْغُولُونَ
بِبَيْعِ بَنَاتِهِمْ لِلنَّخَّاسِينَ / الضَّوْءُ يَرْتَكِزُ إِلَى مِنْكَبَيْهِ
/ لَيْتَنِي كُنْتُ مَوْجُودَاً عَلَى رُفُوفِ مَطْبَخِ رِئَتِي / يَوْمَ
تَزَوَّجَ الْكُلُورُ طَعْمَ الصُّوديُومِ فِي مِلْحِ الطَّعَامِ /
لَسْتِ ذِكْرَيَاتِي أَيَّتُهَا
الْيَمَامَةُ / أَنَا ذِكْرَيَاتِي / فَانْثُرِي عَيْنَيْكِ فِي يَدِي / لأَنَّ
الانْطِفَاءَ لَنْ يُمَيِّزَ بَيْنَ سَجِينٍ وَسَجَّانِهِ / بَيْنَ عُصْفُورٍ
وَقَفَصِهِ / بَيْنَ رَاقِصٍ وَرَقْصَتِهِ / سَاعَةُ الْحَائِطِ عَلَى سَنَامِ
جَمَلٍ / مَكْتَبُ الْبَرِيدِ يَهْرُبُ مِنْ رَسَائِلِي / وساعي البَريدِ
يُهَرِّبُ أظافري في الطُّرودِ الملغَّمةِ / تَأْكُلُ سَيَّارَاتُ الأُجْرَةِ
اسْمَهَا / مَطْعَمٌ لِلْعَائِلاتِ جُرْحٌ كُومِيدِيٌّ / تَقْفِزُ إِشَارَاتُ
الْمُرُورِ عَلَى سَرِيرِي / خَمَّارَةٌ لِرِجَالِ الأَعْمَالِ فِي حُقُولِ
الْغَازِ / لُصُوصُ النِّفْطِ حَائِرُونَ بَيْنَ نِسَائِهِمْ وَعَشِيقَاتِهِمْ / طَاوِلَةٌ
عَلَى جِسْرِ الليْلَكِ/ تَضُمُّ طُلابَ مَدْرَسَةٍ ابْتِدَائِيَّةٍ يُخَطِّطُونَ
لانْقِلابٍ عَسْكَرِيٍّ/ مَا مَذَاقُ شَظَايَا الْغِيَابِ ؟/ كَأَنَّ دُموعَ
الْعَاجِ تَلْعَبُ بِعَوَاطِفِ الْفِيَلَةِ / يَضْحَكُ الْعُشْبُ / افْتَرِسِينِي
يَا نُجُومُ بِسُرْعَةٍ / هَذِي بِلادِي تَعُودُ زَيْتُونَاً / سَأَزُورُكِ يَا
رَجْفَتِي الْحَامِضَةَ / حِينَ تَنسَكِبُ الْحُرُوبُ فِي قَارُورَةِ العِطْرِ
الوَحيدةِ /
أَتَوْا مِنْ حَيْثُ يَحْضُنُ الْمَغِيبُ
خَشَبَاتِ الْحِبْرِ / لَمْ تَعُدْ أَنْفَاقُ الْجُرْحِ تُؤْلِمُ / وَسِرْنَا
بِكُلِّ مَا فِينَا مِنْ مَنَاجِمِ عُشْبٍ / وَطَنِي نَسْرٌ أَضَاعَ عُشَّهُ /
لَمْلِمِينِي يَا أَتْرِبَةَ الْوِدْيَانِ / وَتَشَظَّى بَنْكِرْياسُ الرِّيَاحِ /
أُورُشَلِيمُ تُعْدِمُ بَنَاتِهَا / حَتَّى الْقُيُودُ تَخُونُنَا / وَقَبَضْنَا
عَلَى حِصَّةِ الدِّينَامِيتِ فِي أَجْسَادِنَا / مَرْسُومٌ إِمبرَاطُورِيٌّ
يَقْضِي بِوَضْعِ السُّمِّ فِي طَعَامِ السَّجِينِ / نُنَقِّي صِيَاحَ الأسمنت
مِنَ الْجِرْذَانِ الْحُكُومِيَّةِ / إِنَّكُمْ شَجَرِي الزُّمُرُّدِيُّ /
فَأَيْنَ الشَّوَارِعُ الَّتِي سَالَتْ مِنْ جُرُوحِي ؟ /
أَيَّتهَا الرَّاهِبَةُ الَّتِي تَقْمَعُ
أُنُوثَتَهَا بِإِزْمِيلِ الرَّغْبَةِ / أَيَّتُهَا الْكَاهِنَةُ الَّتِي
تَشْتَهِي الرِّجَالَ / وَتَخَافُ أَنْ تَعْتَرِفَ بِأَنَّهَا امْرَأَةٌ / الأُكْذُوبَةُ
مَحَاكِمُ التَّفْتِيشِ الْعَارُ / كَاردِينَالُ الْقَحْطِ / لُصُوصُ النِّفْطِ
وَالآثَارِ / يُرَفْرِفُ الكَبْتُ الجِنْسِيُّ على أبراجِ الكنائِسِ كالأعلامِ
الْمُنَكَّسةِ / رَايَاتُ الْفِرِنْجَةِ تُحَاكِمُ أَئِمَّةَ قُرَيْشٍ الثُّوَّارَ
/ الطَّرِيقُ هُو الأَجْسَادُ الْمُخْتَلِطَةُ بِالزَّنْبَقِ / الْمُذَابَةُ فِي
بُرْتُقَالِ الْحَنِينِ / وَأَضَاءَ الْقِرْمِيدَ نَرْجِسٌ / قُبُّرَةٌ تَحْفِرُ
فِي مَنْجَمِ جُرْحِي / فَتَتَسَاقَطُ عَلَيْهَا شَرَايِينِي النَّاضِجَةُ /
مَزْهَرِيَّةُ الْعَطْشَى خَلِيطٌ مِنَ الْعَبْقَرِيَّةِ وَالأَمْرَاضِ
النَّفْسِيَّةِ / ذَكِّرْنِي أَيْنَ تَقَعُ مَذْبَحَتِي الثانيةُ / أَوْصَلْتُ
الصَّقِيعَ إِلَى مَنْزِلِ جَدَّتِهِ / وَمَا زَالَت الرُّعُودُ تُشَكِّكُ فِي
وَطَنِيَّةِ الْبَنَفْسَجِ / غُرْبَتِي تُرْبَتِي / أَسْقِيهَا بِمَاءِ الرُّعْبِ
/ وَمَضَى الْمُسَافِرُونَ إِلَى سِحْنَتِي دُونَ وَدَاعٍ / مَا النَّهَارُ
الْقَادِمُ فِي مَطَارَاتِ الشَّعِيرِ ؟ / حَقَائِبُ عَلَى الْبَلاطِ الَّذِي
يَمُوجُ فِينَا / لُطْفَاً أَيَّتُهَا الأَرَامِلُ الْوَاقِفَاتُ عَلَى صَيْحَةِ
سَيَّارَةِ التَّاكسِي / لا تَتْرُكْنَ النَّظَرَاتِ الْعَابِرَةَ عَلَى سُطُوحِ
مَحَارَةِ الْمَسَاءِ / عُشْبَةُ الْحُلْمِ فَسَخَتْ خُطُوبَتَهَا / فَانْكَسَرَ
نُخَاعُ الشِّتَاءِ / وَاقِفَاتٌ تَحْتَ الْبَرْقِ / صَاعِدَاتٌ إِلَى الشَّفَقِ
غَيْرِ الْوَاضِحِ / وَطَنِي يَتَسَرَّبُ فِي خُيُوطِ مِعْطَفِي /
يَا دَمَارُ / دَعْنِي أَسْأَلْكَ عَنْ
عَنَاوِينِ الضَّحَايَا/ لَمْ تُجَرِّبْ إِحْسَاسَ الْعِنَبِ بِفُقْدَانِ
الْحَدِيقَةِ / رِفَاقِي أَوْ أَشْلائِي / انْتَظَرْتُكِ فِي أُمْسِيَاتِ
الزَّعْفَرَانِ / كَانَتْ عَاصِمَةُ النَّارِ تَمُدُّ رِجْلَيْهَا عَلَى طَاوِلةِ
القِمَارِ / رُبَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الأَرْضُ هَذِهِ الْخَوْخَةُ الْمُشْتَعِلَةُ
آخِرَ الْقَصَائِدِ الَّتِي سَيَكْتُبُهَا الثَّلْجُ / آخِرَ مَا سَيَتَذَكَّرُهُ
النِّسْيَانُ / اتْرُكْنِي أَتَمَرَّغْ فِي قُطْنِ الأَمْوَاجِ / سَقَطَتْ مَرَاوِحُ
الْبُكَاءِ فِي تَثَاؤُبِ الْقَمَرِ / لا التُّوتُ الْمَشْنُوقُ يَشْوِي لِسَانَ
النَّارِ / وَلا النَّدَى يَحْلِبُ شَظَايَا الْجُنُونِ / سَيَّافٌ يُلَمْلِمُ
قُرُوحَ رِقَابِ التِّلالِ / وَيَحْضُنُهَا نَعَامَاتٍ بَاكِيَاتٍ / تَلْجَأُ
أَعْضَائِي إِلَى حُفْرَتِهَا النِّهَائِيَّةِ / إِنَّمَا حَيَاتِي حُفَرٌ شُمُوسٌ
مُهَاجِرَةٌ / وَكُلُّ كِتَابَاتِي تُزَيِّنُ حُفْرَتِي / كُلَّمَا أَمْسَكْتُ
خَيَالَ الْبِطْرِيقِ / فَرَّتْ مِنْ وَرِيدِي أُغْنِيَاتٌ / كُلُّ مِلْحٍ فِي
الدُّمُوعِ سُكَّرٌ فِي الْغَيْمَاتِ / والحشَراتُ سَوْفَ تَنسَى بُيوضَها في
صَيْفِ المجازِرِ /
يا بُحَيْرةَ الدِّماءِ / لا تَخْجَلِي مِنْ
تَقْبِيلِي أَمَامَ صَوْتِ الرَّصاصِ / الذي يُخالِطُ عَطَشي / يَا مَصْلُوبِينَ
عَلَى الْقَصِيدَةِ / تِلْكَ مَدِينَتِي تَنَامُ عَلَى عُنُقِ مَخَدَّتِي / وَدَمي
خَرَجَ مِن عُنُقِ الزُّجاجةِ / كُنَّا نُدَحْرِجُ الْبَنَادِقَ عَلَى حَوَافِّ
الْجُمْجُمَةِ الْمَرْصُوفَةِ بِالْحَشَائِشِ النَّازِحَةِ / الدَّرَكُ فِي
طُرُقَاتِ عُمرِي / لَعَلَّ الْمُخْبِرِينَ يَتَذَكَّرُونَ أَصْوَاتَ الْبَنَاتِ
الْمُعَلَّقَاتِ عَلَى بَوَّابَةِ الْكَلِمَةِ / اعْتَرَفَتْ بِدَوْلَةِ
النَّبَاتَاتِ شَظِيَّةٌ / انْطَلَقَتْ مِنْ قَلْبِي الْمُتَفَجِّرِ حُبَّاً /
سَافَرَ الْبَرْقُ / مَضَى الْقِطَارُ / يَجْلِدُ الصَّهِيلُ أَحْصِنَةَ الرُّعْبِ/
الْمَقَاعِدُ خَالِيَةٌ فِي مِتْرُو الأَنْفَاقِ / كُلُّهُمْ قَتَلُوهُ /
وَأَخَذُوا يَسْتَعِدُّونَ لِتَنْظِيمِ جِنَازَةٍ مَهِيبَةٍ تَلِيقُ بِهِ /
إِسْطَبْلٌ لِلْحِيتَانِ أَلْغَى الصَّوْتَ الرُّخَامِيَّ / لَكُمْ مِنَ الرَّعْدِ
سَلامٌ / الْمُونَالِيزَا صَارَتْ رَقْمَاً حَبِيسَاً عَلَى جِدَارٍ أَخْرَسَ /
تَقِفُ أَمَامَهُ نِسَاءٌ مَخْمُورَاتٌ / لا يُفَرِّقْنَ بَيْنَ أَحْصِنَةِ
الذِّكْرَى وَمَدَائِنِ الرَّجْفَةِ / لِلآخَرِينَ شَمْعَةٌ / وَلِي ضَوْءُ
الْبَلُّوطِ فِي مَقْبَرَةِ العُشَّاقِ / عَبَرْنَا مِنْ ثُقُوبِ أَرْجُلِنَا
إِلَى ضِفَّةِ الْحُلْمِ / كَانُوا يُحْصُونَ الرَّصَاصَاتِ فِي إِجَاصَةٍ
نَائِيَةٍ / وَأَتَى الرَّبِيعُ النَّازِفُ / يَا أَمْسَنَا الْمُسْتَقْبَلِيَّ
فِي رُوَاقِ الملوكِ المخلوعِين / دُلَّنِي عَلَى كِتَابَاتِ الْجَلِيدِ
الْمَحْفُورَةِ عَلَى الْمَوْقَدَةِ / سَنَرْجِعُ إِلَى حَدَائِقِ السُّيُولِ تَحْتَ
نَوَافِذِنَا المكسورةِ/مَا جَدْوَى الْبُكَاءِ عَلَى الْحُطَامِ الْمُزَرْكَشِ ؟/
سُلالَةُ أَحْجَارٍ تُحَنِّطُ أَشْكَالَهَا فِي الْمَرْفَأ عِنْدَ الْمَغِيبِ /
وَمَلابِسُ الْجُنُودِ عَلَى حَبْلِ الْمِشْنَقَةِ / وَأَسَاطِيرُ الإِبَادَةِ
الْمُتَعَفِّنَةُ / تَمْشِي عَلَى حَبْلِ غَسِيلٍ مَنْقُوعٍ فِي أَكْوَامِ
قُمَامَةٍ / سَتَرْتَدِي الْمُدُنُ الذبيحةُ قِنَاعَهَا هَذَا الْمَسَاءَ / لَيْسَ
لِلنِّسَاءِ الذَّابِلاتِ صَوْتُ الأَشْجَارِ / وُجوهُ القُرى الميْتَةُ تَرتدي
رُؤوسَ المشْنُوقين / أَقْوَاسُ النَّصْرِ في أجسادِ النِّساءِ الْمُغْتَصَباتِ /
وَخُدُودُ السُّنُونو تَرتطمُ بأجراسِ الكَنيسةِ / حَدِّدْ مَعَالِمَ حُلْمِنَا
قَبْلَ مَجِيءِ الإِعْصَارِ / نَبْنِي وَدَاعَ الرِّيحِ فِي الشُّرْفَةِ / الَّتِي
نَامَ فِيهَا السَّيْلُ الْعَارِي / فاشْرَبِينِي مَعَ صُرَاخِ الْبَرْقُوقِ /
عَصِيرُ جِرَاحٍ عَلَى مَائِدَةٍ
رَمْلِيَّةٍ / كَانَتْ يَوْمَاً مَا شَجَرَةً فِي طَرِيقِ مَذْبَحَتِي /
تَرْتَسِمُ بُيُوتُ الْعَزَاءِ صَفْحَةَ فَضَاءٍ / لا تَقُولِي إِنَّ تَشَرُّدَنَا
فِي الْمُخَيَّمَاتِ الْغَرِيبَةِ ذُبَابَةٌ تُسْحَقُ عَلَى جِسْرٍ مَهْدُومٍ /
تُفَّاحٌ قَتِيلٌ فِي الصُّحُونِ / كَأَنَّ الْغَدَ أَمْطَارٌ وَحُصُونٌ / أَمْشِي
إِلَى آخِرِ قِلاعِي عَلَى جَنَاحِ بُحَيْرَةٍ بِكْرٍ/ الرِّعشَةُ مِثْلُ
انْطِفَاءِ الْمَجَرَّةِ/ كَيْفَ أَنْسَاكَ يَا وَطَنِي/ وَخَنَاجِرُ أَعْشَابِكَ
مَزْرُوعَةٌ فِي فَرَاشَاتِي؟/ يَصْقُلُنِي الشَّجَرُ الْفِضِّيُّ/ فَأَنْهَضُ
أُفَتِّشُ عَنْ جَبْهَتِي / أَعْرِفُ أَنَّ أَمْوَاسَ الْحِلاقَةِ تَتَقَطَّعُ
عَلَى مَدَارَاتِ الطُّيُورِ / غَيْرِ الْقَادِرَةِ عَلَى الْهِجْرَةِ / لَكِنِّي
نَبَاتٌ أَزْرَقُ فِي مَزْرَعَةِ السُّيُوفِ / نَنْتَظِرُ الْخَرِيفَ لِنَحْتَفِلَ
بِأَمْطَارِ الصَّيْفِ / إِنْ حَاوَلَت الْقَصِيدَةُ قَتْلَكَ فَلا تُقَاوِمْ /
فِضَّةٌ الصَّرْخَةُ الْمُهْمَلَةُ/ كُلُّ جَسَدٍ يَمَامَةٌ أَوْ مَذْبَحَةٌ/
والْوِدْيَانُ تُحَارِبُ ظِلَّهَا/ نلتقِطُ صُوَراً تِذكاريةً تَحْتَ الأعلامِ
الْمُنَكَّسةِ / وَتُصْبِحُ أعْلامُ القَبيلةِ أكفاناً لِنِساءِ القَبيلةِ / هُمُ
الْمَوْتَى الْمَنْسِيُّونَ / وَنَحْنُ نَسِينَا أَنْ نَدْفِنَهُمْ / نَحْنُ
الموْتى / نَسِينا أن نَدْفِنَ أنْفُسَنا/ وأضَعْنا خَارِطةَ قُبُورِنا /
ذِكْرَيَاتُ الضِّفْدَعِ الْمُنَكَّسَةُ في الْمُسْتَنْقَعِ المتجمِّدِ / هَذِهِ
الْمَحْبَرَةُ غِطَاءُ الْوَرْدَاتِ / مَدَايَ يَخْمِشُ سَرِيرِي/ يَفْتَخِرُ
الرَّمْلُ بِأَسْلاكِ الْعُمرِ / قَيْلُولَةٌ ذَهَبِيَّةٌ عَلَى قَرْنِيَّةِ
الطوفان / أَبْوَابُ الْجُرْحِ الصَّاعِقِ يَتَشَظَّى / ظَمَأُ الليَالِي أُعْطِيَ
ضَوْءَاً لازَوَرْدِيَّاً / اتْرُك النَّزيفَ الْمُذَهَّبَ يَكْتَشِفُ اللمعانَ /
فِي طُوبِ حُجُرَاتِ التَّعْذِيبِ / أُفُقِي يَصِيرُ فِي عِظَامِي شُبَّاكَاً
لِلْفَجْرِ / سَرَطَانُ الْمَاءِ يَزْحَفُ عَلَى قُمَاشِ الإِعْدَامِ / وَلَمْ
يَبْقَ مِنِّي غَيْرُ جَبِينِ أُمِّي فَوْقَ الْمَقَاصِلِ / لأَنَّ رِئَتِي سَيْفٌ
لا غِمْدٌ / نَزِيفَانِ عَلَى قَنَادِيلِ الْحُبِّ / يَعْتَرِفُ النَّعْنَاعُ /
بَيْنَ نَوْمِي وَالْوِسَادَةِ شَجَرَةُ خَرُّوبٍ / جِرَاحٌ مِنَ الأبَانُوس /
يُسَاعِدُ النَّدَى فَرَاشَةً عَمْيَاءَ عَلَى عُبُورِ الشَّارِعِ / ذَلِكَ
الْمَدَى الْمَحْفُورُ فِي مَنَاطِقِ الْبُرْتُقَالَةِ / ذَلِكَ الْعُمْرُ وَشْمٌ
عَلَى شَجَرِ الْقَصِيدَةِ / مَنْ يُمْسِكْ نَايَ الْكَلامِ يَخْسَرْ آخِرَ
قُلُوبِ الْمَغِيبِ / الْعَاصِفَةُ الَّتِي وَلَدَتْ جِدَارَ الذَّاكِرَةِ /
سَوْفَ تُعَلِّقُ عَلَى بِنَايَاتِ السَّفَرِ خَلِيجَ النِّسْيَانِ / لَكِنَّ
مَوْجَاً أَسْمَرَ يَقْضِمُ إِبْهَامِي وَالدَّمْعَ الْقَدِيمَ / لَمْ يَخْسَرِ
الْبَحْرُ شَرَفَهُ / الأَسْرَى يُنَظِّفُونَ قُيُودَهُمْ بِرِمَاحِ أَعْيُنِهِمْ
/ وَشَظَايَا قُرُوحِهِمُ اللامِعَةِ / الرَّمْلُ النَّازِحُ يَتَقَلَّدُ وِسَامَ
الْمَجَاعَاتِ الْفَائِضَةِ/ أَعْطِنِي أَيَّ شُبَّاكٍ مِنْ مَذَابِحِ بَلَدِي /
زَوِّجْنِي كُلَّ مُخَيَّمَاتِ السِّكِّينِ / سَأَتْرُكُ قِلاعَ الْجِلْدِ
الْمَسْلُوخِ / تُعَلِّمُنِي سِفْرَ الْجُوعِ الْمُدَوَّنَ عَلَى الرَّصَاصَةِ /
كَيْ أَشْبَعَ مِنْ رُؤْيَةِ الْمَشْنُوقِين/ مُدُنٌ أَضَاعَتْ بَكَارَتَهَا فِي
أَنْحَاءِ أَصَابِعِ الْقُرْصَانِ / سَنُنَقِّيهَا مِنْ مَلامِحِهَا مِنْ
رَائِحَةِ أَفْوَاهِ التَّمَاسِيحِ الْمُحَنَّطَةِ / وَنُعْلِنُهَا مَتْحَفَاً
لجثثِ الهنود الْحُمْرِ / فَوْقَ مَصَبِّ الْمَجَرَّةِ فِي دِمَاءِ
الْمُذَنَّبَاتِ/ يَا مَتْحَفَ الْوَرْدَاتِ الْمَصْلُوبَاتِ / فِي تِلْكَ
الرِّئَةِ بَرْقٌ مُتَفَجِّرٌ / يَصْهَرُ حَدِيدَ الدَّرَّاجَاتِ الْهَوَائِيَّةِ
/ الأَطْفَالُ الْعُرَاةُ فِي حُفَرِ الْمَجَارِي / وَاللقَطَاءُ يَبْحَثُونَ عَنْ
أَنْسَابِهِمْ فِي حَدَائِقِ الْخَرَابِ الْمُتَكَرِّرِ / عِنْدَمَا أَصْرُخُ فِي
شَوَارِعِ النَّزِيفِ / يَسْقُطُ مِنْ شَرَايِينِي صَوْتُ النُّجُومِ سَاعَةَ
السَّحَرِ / أُكَنِّسُ دَمَ الأَغْرَابِ الْمُتَبَقِّي عَلَى أَجْنِحَةِ
عَصَافِيرِ ظِلِّنَا / لِمَاذَا يَتَزَلَّجُ الأسْفَلْتُ عَلَى خَاصِرَةِ
الْعُزْلَةِ ؟ / أَسْئِلَةٌ يُجِيبُ عَلَيْهَا الصُّرَاخُ بِأَسْئِلَةٍ أَكْثَرَ
تَفَجُّرَاً / إِنَّ النَّهْرَ أُسْتَاذُ عِلْمِ الاجْتِمَاعِ فِي جَامِعَةِ قَلْبِي
الْمَفْتُوحِ للبَعوض / وذُبَابَاتُ الزِّنْزَانَةِ تَكْتُبُ وَصَايَاهَا عَلَى
نَخِيلِ الْجَسَدِ / لَوْ حَلَّلْنا عُزلةَ الدَّيْنَاصُورَاتِ / سَنَحْصُلُ عَلَى
أَسْمَاءِ التِّلالِ تَحْتَ مَطَرِ الضَّوْءِ / الَّذِي يَنْمُو فِي جِبَاهِنَا /
لَمْ تُضِفِ الشُّهْرَةُ لِلنَّهْرِ أَيَّ شَيْءٍ/ نَزِيفَانِ يَتَعَانَقَانِ فِي
الصَّحْراءِ / وَالآبَارُ الْجَوْفِيَّةُ تَبِيعُ الْفَاكِهَةَ بَعْدَ انْتِهَاءِ
الدَّوَامِ الرَّسْمِيِّ / الَّذِي تُحَدِّدُ سَاعَاتِهِ حُكُومَةُ الْعَارِ/ كُنْ
وَجْهَاً مَاطِرَاً لأَتَذَكَّرَكَ / فَالصُّرَاخُ لا يَتَذَكَّرُ غَيْرَ
أَشْكَالِ عَوَاصِفِ دَمِي / الْكِتَابَةُ تَقُودُ سِرْبَ مُسَدَّسَاتٍ إِلَى
صُدُورِ الرَّمْلِ الْخَشِنِ / والْوِدْيَانُ الَّتِي حَضَنَتْ أَحْلامَنَا /
سَتَبْلَعُنَا فِي سَاعَةٍ لا نُحَدِّدُهَا / نَحْنُ السَّائرينَ إِلَى
الْحِيطَانِ الْمُتَرَسِّبَةِ فِي كَأْسِ عَصِيرٍ غَيْرِ طَازَجٍ / لَدَيَّ مَا
يَكْفِينِي مِنْ صَدَى / وَأَرْكُضُ إِلَى صَوْتِ الرَّصاصِ / مُعَانِقَاً
الْبَيْلَسَانَ فِي كُلِّ صَرْخَةٍ / الآنَ / أَيْ بَعْدَ قَلِيلٍ / سَتَأْتِي
الأَغْوَارُ اللازَوَرْدِيَّةُ إِلَى مَأْدُبَةِ شَظَايَايَ الْوَهَّاجَةِ / لا
شِرْيَانِي حَلِيبُ الْبَيْدَاءِ / وَلا شَجَرِي مِنَصَّةُ إِطْلاقِ صَوَارِيخِ
النَّدَى/ أَنْتَ مَدَايَ إِذَا كُنْتَ تَصْطَادُنِي زَيْتُونَاً / طُرُقَاتُ
الْفَرَاولَةِ مَدِينَةُ الْقَلْبِ الْمَفْتُوحِ / عَلَى الشَّظِيَّاتِ كَامِلَةِ
الدَّسَمِ / لَمْلِمِينِي قَبْلَ انْدِلاعِ الرَّصِيفِ عَلَى شَفَةِ الْمُنْشِدِ
الأَسِيرِ / يَخْرُجُ مِنْ سُطُورِ الْمَذْبَحَةِ قَمَرٌ سِرِّيٌّ / وَأَمْلاحُ
عُمْرٍ مَضَى تِلالاً / أَيَّامُنَا كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ عَلَى نَقَّالَةٍ / وَسَيَّارَةُ
الإِسْعَافِ تَخْتَبِئُ فِي شَحْمَةِ أُذُنِي / قَدْ يُرَبِّي الْيُورَانيُومُ فِي
صُدَاعِي بَلُّوطَ الْغُرَبَاءِ/ لَكِنَّ الْجُرْحَ سُنْبُلَةٌ/ شَمْعُ الأرصفةِ
يَصْرُخُ فِيَّ مُعْلِنَاً مِيلادِي / وُلِدْتُ كالبَرْقُوقِ وانبعاثِ
الاحْتِضَارِ / وَمُعَلِّمَتِي الإِنجلِيزِيَّةُ تُمْسِكُ سِيجَارَةً ذَابِلَةً
بَيْنَ إصْبَعَيْن / لَمْ يُحَدِّدْهُمَا لَوْنُ الْمُوكِيتِ فِي غُرْفَةِ
الْمُعَلِّمَاتِ / سِيرَتِي الذَّاتِيَّةُ فَرَاشَةٌ وَرْدِيَّةٌ تَحْضُرُ حَفْلَ
زِفَافِ الْجَسَدِ اللوْلَبِيِّ الْمَشْنُوقِ / أُوَدُّ أَنْ أُعَانِقَ دَمِي
الَّذِي هُنَاكَ / تَارِيخُ الْفَرَاولَةِ مُسَدَّسٌ مَنْقُوعٌ فِي أسْفَلْتِ
النِّيكِلِ / ابْدَأْ مِنْ حَيْثُ انْتَهَت الثُّلُوجُ الَّتِي كَنَّسَتْنِي /
فَوَجَدْتُ نَفْسِي هُنَاكَ/ بَعِيدَاً عَنْ مِيَاهِ الذَّهَبِ/ وَأَعْمِدَةِ الضِّيَاءِ
الْمُتَسَاقِطَةِ فِي الْمَقَابِرِ / قُلْتُ لِلصَّنَوْبَرِ إِنَّ جِرَاحَاتِي
تَرْكُضُ عَلَى سُطُوحِ بَيْضِ النُّسُورِ / مِنْ أَحْصِنَةِ الْعَاصِفَةِ تُولَدُ
الْبَنَادِقُ الْمُعَبَّأَةُ بِالزَّفِيرِ / شَعْرِي يَمْضِي إِلَى حَيْثُ يَشَاءُ
غُبَارُ الْمَعْرَكَةِ / وكُلَّمَا عَرَفْتُ اسْمِي / أَنْكَرَنِي بُسْتَانُ
الْقِطَطِ الْمَيْتَةِ /
يَا صَقْرَاً يَتَقَيَّأُ فِي طَرِيقِ
سَيَّارَةِ الإِسْعَافِ / عُدْ إِلَى قُمَاشِ العاصفةِ قُرْبَ زَوَايَا رِعشَتِي /
مَسَاءً كَانَتْ مَقُولاتُ النَّهْرِ / يَا جَدَّتِي / لِنَرْجِعْ إِلَى غُروزنِي
قَبْلَ حُلُولِ الدِّمَاءِ فِي الزَّبَرْجَدِ / وَدَوَرَانِ أَوْرَاقِ اللعِبِ عَلَى
طَاوِلَةِ الْجِنَرَالاتِ/ خَبِّئِينِي فِي ثِيَابِ الْقَمَرِ/ فِي أَيِّ مَكَانٍ
لا تَرَانَا فِيهِ الْمَجْزَرَةُ / وَأَتَى الْحِصَارُ / الْمَدَاخِنُ
الْمُتَجَمِّدَةُ/ وَلا دُخَانٌ يَصْعَدُ مِنْ ظِلالِهَا / الأُمَّهَاتُ
الْقَتِيلاتُ فِي الْمَطْبَخِ الرُّخَامِيِّ / وَلا رَنِينٌ حَوْلَ مَائِدَةِ
الطَّعَامِ / نَشْرَةُ الأَخْبَارِ فِي الْمِذْيَاعِ تَنْتَهِي / وَالْغُزَاةُ
يَبْدَأُونَ / أَنَا هُنَا عِنْدَ حَجَرِ الابْتِسَامِ / وَالشُّهَدَاءُ
يَسِيرُونَ بَيْنَنَا كَزَيْتُونَةٍ / نَزِيفُ الْحَدَائِقِ فِي حُلْقُومِي /
أَمْضِي إِلَى رِمْشِي وَاثِقَاً مِنْ خُطَّةِ اغْتِيَالِي / عُشَّاقَ حُلْمِي/
يَا عَابِرِينَ عَلَى مِنَصَّاتِ الإِعْدَامِ بأطرافٍ صِناعيةٍ مَخْدُوشةٍ /
اجْمَعُونِي زَهْرَاً لِلْكَوَاكِبِ الْعَاشِقَةِ / مَضَيْتُ وَكَانَ حَوْلَ
خَصْرِي حِزَامٌ نَاسِفٌ/ يُفَجِّرُهُ الْعِشْقُ فِي مَرْكَبَاتِ جَيْشِ
الْغَرْقَدِ/ سَيَجْمَعُ الْغُرُوبُ أَجْزَاءَ خَاصِرَةِ الْوَرْدَةِ / فِي عُلَبِ
زِنكٍ رَخِيصَةٍ/ تَمْشِي الْبِحَارُ إِلَى نَظَّارَاتِ الرُّبَّانِ / حَيْثُ
تَتَكَسَّرُ زُجَاجَاتُ الْفَرَحِ فِي الزَّوْرَقِ الْوَحِيدِ / اذْكُرِينِي
أَيَّتهَا الرُّعُودُ كُلَّمَا الْتَقَى صَدِيقَانِ / يَتَنَاوَبَانِ عَلَى
الْكُرْسِيِّ الْكَهْرَبَائِيِّ فِي الزَّنَازِينِ / دَوْلَةٌ مِنَ الْكَرْتُونِ
نُسَمِّيهَا بِأَسْمَاءِ السِّنجابِ / الَّذِي يَمُوتُ جَالِسَاً عَلَى طَاوِلَةِ
قِمَارٍ / الضَّبَابُ الدَّمَوِيُّ أُنْشُودَةٌ لِغَيْرِي / النَّحْلُ بِلادٌ
افْتَحِيهَا بِخُيُوطِ قَلْبٍ أَصْفَى مِنْ ثِيَابِ الإِعدامِ / فِي آخِرِ أَيَّامِ
الْعُشْبِ يَنْطَلِقُ الْعُصْفُرُ بَلْدَاتٍ / وَنُعَاسَاً لِلطَّبَاشِيرِ
الْمُمْتَلِئَةِ بِالْحِرْمَانِ / جَاءَ الْمُعَزُّونَ قَبْلَ وَفَاةِ الْعِنَبِ
الْمُتَفَرِّقِ عَلَى أَجْنِحَةِ الْوَادِي / تَلْتَهِمُنِي حَشَائِشُ الْمَغِيبِ/
فيا سَيِّدَةَ كُلِّ الأَثَاثِ الأَعْمَى / أَخْرِجِينِي مِنْ إِسْطَبْلاتِ
الْبِتْرُولِ / مِنْ لَمْعَةِ الْجَسَدِ الْمُتْعَبَةِ / انْهَمَكَ الصُّبْحُ فِي
تَرْتِيبِ حَقِيبَةِ سَفَرِهِ إِلَى الْجُلُودِ الْمُنْهَكَةِ/ أَيُّ حِصَانٍ
سَيُفْطِرُ نَزْفَاً وَيَتَغَدَّى مَقَاصِلَ ؟/ دَعِينِي أَمْنَحْ لِكَفِّي نَسْفَ
الْوَرْدَةِ/ تَهْشِيمَ الزُّمُرُّدَةِ فِي أَعْوَامِ الْبَيْلَسَانِ / حِينَمَا
تَصْحُو الْخُيُولُ / فَلا تَجِدُ غَيْرَ سَوْطٍ يَجْلِدُهَا / وَتَنْهَضُ
الأَكْوَاخُ فِي لَوْحَةٍ يَرْسُمُهَا عَاطِلٌ عَنِ الْعَمَلِ / لَنْ نَضِيعَ فِي
الْقَصَائِدِ السَّرِيعَةِ / الَّتِي تُسَابِقُ قِطَارَاً يَتَفَجَّرُ فِي
حَقَائِبِ الرُّكَّابِ / دَعِينِي أَتَسَلَّقْ مَعِدَتِي لأَخْدَعَ جُوعِي /
وَأُقْنِعَهُ بِأَنْ يَخْرَسَ مِثْلَ كُلِّ جَثَامِينِ السُّنونو / وَأَعْوَادِ
الثِّقَابِ الْمُهْمَلَةِ /
أيتها اللبؤةُ الغريبةُ / سَيَطْرُدُكِ
الحطبُ مِن ذاكرةِ الشمسِ / فاسْكُني في لُغةِ الغاباتِ قَمْحاً وشُموعاً /
سَيَموتُ المساءُ على الشاطئِ المهجورِ / ضَوْءُ القَمَرِ يَتقمَّصُ أشلاءَنا /
والنهرُ الجريحُ يتقمَّصُ جُثمانَ البَحْرِ / أيتها اللبؤةُ المنبوذةُ / اسْكُني
في قصيدةِ الموجِ فِضَّةً ومَشانقَ / إِنَّ أبجديةَ السنابلِ هِيَ الصليبُ
والمصلوبُ / والقصيدةُ هِيَ القاتلةُ والقَتيلةُ / وأنا السَّيْفُ والسَّيافُ /
لكنَّ أشلائي مُعلَّقةٌ على حِبالي الصَّوْتيةِ.