القتال حتى يوم القيامة / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...........
جُمْجُمَةُ النَّهْرِ جَالِسَةٌ عَلَى
عَقَارِبِ السَّاعَةِ/ وَظِلالُ الْعَنْكَبُوتِ تَقْضِمُ خَوَاتِمَ الْقَمَرِ/
تَقَيَّأَ الْعُشْبُ ذَهَبَاً أَرْصُفُ بِهِ طَرِيقَ الرِّعْشَةِ / وَفِضَّةً
أُخَزِّنُهَا فِي خُبْزِ الْمَطَرِ / إِنَّ نِسْبَةَ الْكُوكَايِينِ فِي دَمِ
سُورِ الْمَقْبَرَةِ عَالِيَةٌ / كَأَحْزَانِ قَوَارِبِ الصَّيْدِ الْفَارِغَةِ /
مُلُوكُ الْوَحْلِ
أَشْبَاحٌ / وَمَلِكَاتُ انقِطَاعِ الْحَيْضِ سَبَايَا / يَا مَنْ تَبْنِي
أَكْوَاخَ الْبَطِّ فِي شَمَالِ الاكْتِئَابِ/ وَتَنْتَظِرُ امْرَأَةً تَقْتُلُكَ
فِي مَحَطَّةِ الْقِطَارَاتِ الْفَارِغَةِ / كَأَنِّي أُرَبِّي النُّمُورَ تَحْتَ
أَظَافِرِي/ وَخَلْفَ قُضْبَانِ الرِّيحِ أَسْوَأُ نَوْبَاتِ جُنُونِ حَارِسِ
الْكَاتِدْرَائِيَّةِ / وَدُودَةُ الْقَزِّ تَدَّخِرُ الاكْتِئَابَ فِي جَوْرَبِي
/ صَلَّيْتُ بِالأَشْجَارِ إِمَامَاً / وَأَلْغَيْتُ الرِّمالَ مِن خَرِيطَةِ
الْقُلُوبِ/ قِطَّتِي هَرَبَتْ مِنْ أَضْوَاءِ السَّيَّارَاتِ / وَتَشَرَّدَتْ فِي
أَدْغَالِ عُرُوقِي/ بَعَثْتُ قَلْبي لِلرِّيَاحِ فِي طَرْدٍ بَرِيدِيٍّ / لَيْتَ
دَمْعِي اخْتِصَارُ اسْمِكِ / أَيَّتُهَا الْمَنْفِيَّةُ دَاخِلَ شَراييني
الضَّيِّقَةِ / سَيْفُ النَّبِيِّ / وَخُيُولُ الْمَلائِكَةِ / وَأَقْوَاسُ
النَّصْرِ / وَمَسَاجِدُ الأَنْدَلُسِ الَّتِي حَوَّلَهَا الْغُزَاةُ إِلَى
كَنَائِسَ سَنُحَرِّرُهَا / ونَغْسِلُها بِمَاءِ الوَرْدِ /
لا أُذُنِي رِعْشَةُ
الْعَرُوسِ الَّتِي بَاعَهَا أَهْلُهَا / وَلا جِلْدِي سَجَّادٌ لأَمِيرَاتِ
أُورُوبَّا / النَّارُ مَاءُ الرَّجْفَةِ / ازْرَعْنِي فِي الصَّلِيلِ لأَكْسِرَ
انْكِسَارِي / خَطِيبَتِي الرِّيَاحُ / وَصَلِيلُ أَحْزَانِي تُوتٌ بَرِّيٌّ /
فَلْتَقْطِفْنِي الرُّعُودُ / أَنَا حَمَامَةٌ فِي الشَّفَقِ الْمُحَاصَرِ /
لَكِنَّ الصَّهِيلَ يَصْطَادُنِي رِمَاحَاً / وَبَغَايَا شِيكَاغُو يُشَجِّعْنَ
الْجُنُودَ الْقَتْلَى فِي فِيتنام/ وَيَنْشُرْنَ نَبِيذَ الدِّيمقرَاطِيَّةِ فِي
دِمَاءِ الأُسْطُورَةِ / سَيُرَفْرِفُ عَلَمُ أمريكا بَيْنَ حِذَائِي وَجَوْرَبِي
/
فِي غُرْفَةِ
التَّحْقِيقِ مِرْوَحَةٌ حَجَرِيَّةٌ / مِنْ مُخَلَّفَاتِ الدَّيْنَاصُورِ
الرُّومَانسِيِّ / صَلاةُ الْعِيدِ فِي زِنْزَانَتِي / خُذُوا رَقْمَهَا مِنْ
طُفُولَةِ النَّهْرِ / انْتَظَرْتُ قُرُونَاً / لَكِنَّ أَحَدَاً لَمْ يَزُرْنِي /
لا أَطْفَالَ لِي يَخْتَارُونَ مِقْصَلَةَ أَبِيهِم / وَأَخْتَارُ لَهُمْ مَلابِسَ
الْعِيدِ / يَا أَيُّهَا النَّمِرُ الَّذِي يَرْضَعُ مِنْ شَمْسِ السِّجْنِ/
كَالشَّبَحِ الأَرْمَلِ/ هَارِبَاً مِنْ أَضْوَاءِ السَّيَّارَاتِ/ وَالْعَوَانِسُ
عَلَى الشُّرُفَاتِ / يَنْتَظِرْنَ صَوْتَ الْقِطَارِ /
يَا مَنْ تَحْمِلِينَ
الدُّكْتُورَاةَ فِي الْهَنْدَسَةِ النَّوَوِيَّةِ/ وَتَذْهَبِينَ لِرَعْي
الأغنامِ فِي أَنِينِي/ كُونِي قِنَاعَاً لِلْحَنِينِ / لأَرْسُمَ عَلَى نَعْشِي
وَطَنَ الْبَجَعِ الْمَنْبُوذِ / مُحَاكَمَةُ الْهَدِيلِ / وَدُمُوعٌ يَتِيمَةٌ
عَلَى الْوِسَادَةِ الْوَحِيدَةِ / مِثْلَمَا يَنْطَفِئُ لاعِبُ كُرَةِ الْقَدَمِ
تَدْرِيجِيَّاً / لُصُوصُ الآثَارِ فِي نَشِيدِ الصَّدَى صَدَى / وَعُمَّالُ
مَحَطَّةِ الْقِطَارَاتِ / يَنْزِفُونَ لَبَنَاً لِمَرَاعِي الطَّاعُونِ /
وَحْدَهَا الْبُحَيْرَةُ مَنْ سَتَحْمِلُ اسْمِي / وَتَسِيرُ إِلَى أَعْشَابِ
كَلامِ الزَّوْبَعَةِ / يَا كُوخِيَ الرَّاكِضَ فِي شَرَايِينِ الضَّوْءِ السَّحِيقِ
/ غَابَةٌ مِنَ الدِّمَاءِ الْفِضِّيةِ / وَالأَوْرِدَةِ الْمَقْطُوعَةِ عِنْدَ
أَطْرَافِ الضَّبَابِ / وَحِصَانِي يُجَدِّفُ فِي أَمْوَاجِ الشَّفَقِ / سَمِعْتُ
أَنِينَ الحقولِ / بَيْنَمَا كَانَ الْقَمْحُ يَحْصِدُنِي / يَا أَيُّهَا
الْبُرْتُقَالُ الَّذِي يَكْتَشِفُ فِي مِنَصَّةِ إِعْدَامِي بِئْرَ نِفْطٍ /
وَفِي حَبْلِ مِشْنَقَتِي حَقْلَ غَازٍ / وَفِي عَقْلِ ذُبَابَةٍ بَرَارِي
السُّلِّ / خَزَّنْتُ فِي نُخَاعِ الْمَطَرِ صَحَارِي الْبَارُودِ / لأَنَّ دَمِي
خَرِيطَةُ الرَّمْلِ الأَخْضَرِ / وَبُنْدُقِيَّتِي تُرَفْرِفُ فِي كَبِدِ
الْحُوتِ قِطَارَاً سَرِيعَاً / أَشْجَارُ الْيُودِ / وَمَرَاعِي الْمُسْتَحِيلِ /
أَمْشِي إِلَى ضَوْءِ الْمِشْنَقَةِ
مَنْقُوعَاً فِي السِّيَانِيدِ / أَنا مَنْ أَذَّنَ لِصَلاةِ الْجُمُعَةِ فِي
الْفَاتِيكَانِ / وَلَحْمِي مَسْجِدٌ لِلأَنْهَارِ تُصَلِّي فِيهِ / لَوْ كُنْتُ
مَلِكَ الرُّفَاتِ / لَكَانَ الْحُزْنُ وَلِيَّ الْعَهْدِ / بَيْنَ فَرَاشَاتِي
وَعَيْنَيْكِ تَبْنِي النَّيَازِكُ مَجْدِي / وأنا المجدُ الزَّائلُ /
لِلْجَسَدِ الأَعْزَلِ
فِضَّةُ الْمِلْحِ وَذَهَبُ الدُّمُوعِ / وَلِقَلْبِي السَّجِينِ عُبُورُ
أَصْدِقَائِي الْقَتْلَى / إِلَى ضِفَّةِ الشَّفَقِ الشَّمْعِيَّةِ / فُرْشَاةُ
أَسْنَانِي قِنَاعُ حَبْلِ مِشْنَقَتِي / وَزُجَاجَةُ عِطْرِي مِصْفَاةُ نِفْطٍ
لِلسُّنونو / دَخَلَتْ شَرَايِينِي فِي عُزْلَةِ الرِّيحِ النِّهَائِيَّةِ /
وَتَارِيخُ عُيُونِي أَعْوَادُ الْمَشَانِقِ / وَانْدِلاعُ السَّوْسَنِ
الْجَبَلِيِّ / لا تَأْمُرْنِي يَا بَلاطَ السِّجْنِ أَنْ أُغَنِّيَ / هَلْ
يَسْتَطِيعُ الْجَائِعُ أَنْ يُغَنِّيَ ؟ / هَلْ يَقْدِرُ الْمَشْنُوقُ أَنْ
يَتَسَوَّقَ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ ؟ / كُنْ شَاشَةَ الْيُورَانيُومِ يَوْمَ
يَذْهَبُ الْعُشَّاقُ إِلَى السِّينَمَا فِي قَاعِ البُحَيرةِ / قَاوِمْ يَا اسْمَ
الْوُرُودِ الْمَائِيَّةِ / لا وَجْهُكَ مَرْقَصٌ لِلأَمِيرَاتِ / وَلا عَمُودُكَ
الفِقرِيُّ مِصْعَدٌ فِي الْقَصْرِ الْجُمْهُورِيِّ / كَبِدِي مَخْزَنٌ
لِلدِّينَامِيتِ لا الأَلْعَابِ النَّارِيَّةِ / فَلْيَأْتِ الْغُزَاةُ إِلَى
عَتَمَةِ تَوَابِيتِهِم / فِي الْمَسَاءِ الْمُشْتَعِلِ /
اترُكي مِنديلَ الوَداعِ
على ألواحِ السَّفينةِ الغارقةِ / لم نَعْرِفْ الْحُبَّ إلا في الموتِ / ولم
نَعْرِفْ حَرائقَ قُلوبِنا إلا في الغرَقِ / سَتَضربُ الصاعقةُ الشجرةَ اليَتيمةَ
على قِمَّةِ الجبَلِ / سَنَحترقُ في ذِرْوةِ العِشْقِ / فيا مُسدَّسي / لا تملأْ
الفراغَ العاطفِيَّ بِدَمْعِ الغروبِ / إِنَّ قُبورَنا هِيَ الفراغُ العاطفيُّ
/
ذاكرتي مَتحفُ القَتْلِ / والموتُ سَيُطَهِّرُها مِن صُوَرِ
القَتَلَةِ والضَّحايا / ماتَ الْمُخَلِّصُ / ولم يَجِئ الخلاصُ / مِتْنا قَبْلَ
أن نموتَ /
لا تَبْحَثْ عنِّي أيها
الغسقُ / أنا الجسَدُ والتجسيدُ / كلما جاءَ المساءُ توهَّجتْ صُوَرُ الأمواتِ على
زُجاجِ نافذتي / كُلما جاءت الشمسُ رَأيتُ دِمائي على أوراقِ الخريفِ / كُلما جاءَ
القمرُ رَأيتُ جُثماني في عَرَباتِ قَوْسِ قُزَحَ / أخافُ مِن الشمسِ / وأخافُ مِن
القَمرِ .