الجنود الألمان يُغَنُّون أغنية الفولغا / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
............
النَّهْرُ الْخَائِفُ يَقْرَأُ فِي كِتَابِ
هَزِيمتِنَا / فَتَقْلِبُ الصَّفَحَاتِ جُثَّةٌ مَجْهُولَةُ الْهُوِيَّةِ / كَيْفَ
يَمْشِي الْجَيْشُ وَالدُّودُ وَالأَدْغَالُ وَشَوْقُ الزَّوْجَاتِ الْخَائِنَاتِ
وَالْمَدَافِنُ الْبَازِلْتِيَّةُ نَحْوَ ستالينغراد / وَكُلُّ رَاهِبَاتِ
بَرْلِينَ مَرْمِيَّاتٌ فِي حَلِيبِ الأُمَّهَاتِ الْمُلَوَّثِ بِالصُّلْبَانِ /
قُرْبَ نِقَاطِ التَّفْتِيشِ وَبَصَمَاتِ الأَرَامِلِ الأُمِّيَّاتِ ؟ /
الْوَطْوَاطُ يُعَلِّقُ الْمَشَانِقَ لأَطْفَالِهِ الْمُتَكَلِّسِينَ / فِي قَاعِ
أَوَامِرِ الْقِرْمِيدِ الْعَسْكَرِيَّةِ/ وَصَلْتُ إِلَى ضَوْءِ نِهَايَتِي /
لَكِنَّ رِجَالَ الأَمْنِ لَمْ يُحَدِّدُوا مَسَارَ جِنَازَتِي / رَكَضْنَا
فَسَقَطَتْ أَيَادِينَا عَلَى رُقْعَةِ الشِّطْرَنْجِ / إِغْفَاءَةُ رُعُودٍ فِي
الْجُلُودِ الْخَشِنَةِ / مَا جِنْسِيَّةُ مَصَابِيحِ الْمُشَيِّعِينَ
الْخَارِجِينَ مِنْ أَوْحَالِ النَّهْرِ الْمُطْفَأ ؟ / أَرَى عُيُونِي
وَنَظَرَاتِ الْمَهَا خُطَّةً وَاقِعِيَّةً لِتَحْرِيرِ الأَنْدَلُسِ / كَوَاكِبُ
شِعْرِي تَتَقَيَّأُ عَلَى سَطْحِ الْمَخْفَر/ رَغْوَةُ الدَّمِ الَّذِي يُعَادُ تَكْرِيرُهُ
/ بَرِيقُهُ الأجْرَاسُ / انْتَحَرَ الْحُرَّاسُ/ فَأَحِبِّينِي يَا كَشْمِيرُ /
كَيْ نَحْيَا مَعَاً وَأَمُوتُ وَحْدِي /
أَيَّتُهَا الْبَغَايَا الآتِيَاتُ مِنْ
جُنُونِ الْبِلاستيكِ / وَاللافَرَاشَةِ فِي اللاوَطَنِ / ارْحَمْنَ الزَّبَائِنَ
قَلِيلاً / لِتَهْدَأَ مُحَرِّكَاتُ سَيَّارَاتِ نَقْلِ السُّجَنَاءِ الدَّائِرَةُ
/ فِي حَارَاتِ دِمَاغِي / لَسْتُ لِطُوبِ الْمَحَاكِمِ أَقْوَاسَ نَصْرٍ /
ارْحَمِينِي أَيَّتُهَا النَّظَّارَاتُ الطِّبِّيةُ عَلَى عُيُونِ القُشَعرِيرَةِ
/ أَكْوَامُ النِّفَايَاتِ فِي مَوْعِدِ وِلادَةِ أَثِينَا عَلَى سَرِيرِ الْعَارِ
/ الْمَوْلُودِ مِنْ أَحْجَارِ الْمَدْفَنِ / وَرَقُ غَارٍ مُشَقَّقٌ فِي دُخَانِ
السَّجَائِرِ الْمُلْقَاةِ عَلَى الْبَلاطِ / بَعْدَ انْتِحَارِ الفَتَيَاتِ في
الخريفِ الغامِضِ /
جِسْمِي / وَأَيْنَ جِسْمُ الأَرْضِ ؟ /
فَلْيَحْيَا الْوَطَنُ الْمَعْزُولُ عَنْ أَشْجَارِ الْبُوظَةِ الْبِتْرُولِيَّةِ
/ أَنْتَفِضُ رَصَاصَةً / تَنْتَفِضِينَ مُسَدَّسَاً / خَاصِرَتِي لِلضَّوْءِ
مَلاحِمُ / أُقَارِنُ بَلُّوطَ الزِّنكِ بِالثُّكَنَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ فِي
سُرَّتِي / بَشَرٌ يَسْتَحِمُّونَ بِالْهَزِيمَةِ / فِي هِضَابِ الْحِبْرِ /
كَأَنَّ رَصِيفَاً يَبِيعُ أَعْضَاءَ امْرَأَتِهِ قَارِبَاً قَارِبَاً /
لِيُسَدِّدَ دُيُونَهُ الْمُسَجَّلَةَ عَلَى جُذُورِ الصَّنَوْبَرِ/ قِرَاءَةٌ
سَرِيعَةٌ فِي مَلامِحِ الْمَوْتَى/ مُلُوكٌ لُصُوصٌ/ وَشُعَرَاءُ فَاشِلُونَ /
وَنِسَاءٌ تَافِهَاتٌ/ عِنْدَمَا تَصِيرُ الْبُحَيْرَةُ مُهَنْدِسَةً
مِعْمَارِيَّةً/ فَلْتُسَاعِدْنِي فِي حَفْرِ عَوَاطِفِ الصُّبْحِ بِالإِزْمِيلِ /
دَمِّرُونِي يَا إِخْوَتِي بِكُلِّ إِخْلاصٍ / ثُمَّ اذْهَبُوا مَعَ عَائِلاتِكُمْ
إِلَى مَرَاكِزِ التَّسَوُّقِ /
مَضَى الْجُنْدُ نَحْوَ ثَلْجِ الظِّلالِ/
وَالْغَرْقَى يَتَصَايَحُونَ مِثْلَ أَطْفَالِهِمْ حَوْلَ الْمَوَاقِدِ/ فِي
عَتَمَةِ السُّعَالِ عِنْدَ مَنْبَعِ زُرْقَةِ الْوُجُوهِ / لَمْ يَأْتِ
الْبَرِيدُ يَا حَجَرَ النَّرْدِ الْوَاقِفَ فِي أَبْرَاجِ الْمُرَاقَبَةِ /
الْمُطِلَّةِ عَلَى شَوَاهِدِ قُبُورِ الإِفْرَنْجِ/ طَالَ انْتِظَارُ زَوْجَاتِ
الطَّيَّارِينَ الرَّاكِضِينَ إِلَى رِمال البحر / أَتَى الدَّمَارُ / مَالَ
وَجْهُ الْمَغِيبِ عَلَى زَوَاجِ الْمَدَافِعِ / بَيْنَهُمْ تِذْكَارَاتٌ
لِلْمَسَاءِ الطَّرِيِّ دَمْعَاً / مَاتَ النَّهَارُ فِي بُطُونِ الْحَوَامِلِ /
وَضَابِطُ اللاسِلْكِي يُرْسِلُ إِشَارَاتِ دَمِهِ / لَكِنَّ أَحَدَاً لا يُجِيبُ
/ أَمْوَاسُ الْحِلاقَةِ الْمُسْتَعْمَلَةُ تُدَرِّسُ الأَلْمَانِيَّةَ
لِلْمُوسِيقِيِّينَ الْعَائِدِينَ / مِنْ مَحْبَرَةِ شَنْقِ طَوَاحِينِ الْهَوَاءِ
/ وَمُوسِيقَى الْجَازِ تُرَتِّبُ سَرِيرَاً لِعَشِيقَةِ هِتْلَرَ / عَلَى
أَعْمِدَةِ الْكَهْرَبَاءِ فِي الْمُحِيطَاتِ / تَلَوَّثَ شَعيرُ أَبْرَاجِ الْمُرَاقَبَةِ
فِي الْمُعْتَقَلاتِ/ وَالصُّبْحُ يُغَطِّي أَرْضِيَّةَ مَلاعِبِ الْبِيسبُولِ
بِشَعْرِ الأَسِيرَاتِ وَالتِّبْنِ الْمَسْمُومِ/ وَتَمَدَّدَتِ الْوِدْيَانُ
عَلَى مَقْعَدِي / فِي مَحَطَّةِ الْقِطَارَاتِ الْخَرْسَاءِ / أَنَّا كَارنِينَا
تَخُونُ رَائِحَةَ ظِلِّهَا / وَتَذُوبُ فِي سِكَكِ الحديدِ البَلْهاءِ / كَأَنَّ
الْحَطَبَ سَحَالِي تَنْقُلُ عَلَى رُمُوشِهَا كُلَّ سِلالِ الْقَمْحِ
الْمَعْدَنِيِّ / وَالْقَمَرُ يَشْرَحُ لِبَنَاتِهِ قَوَانِينَ نيوتُن / "
أَنَا " لا يُشْبِهُنِي / وَمُسْتَقْبَلِي وَرَائِي / فَعُدْ إِلَيَّ يَا
أَنا / وَلا تَفْرُش الْعَقِيقَ السَّامَّ / عَلَى حُرُوفِ الْمِدْخَنَةِ / فِي
أَرْيَافِ النَّزِيفِ /
أَيُّهَا الْمَوْتَى الْمُكَدَّسُونَ
قَطِيعَ جَلِيدٍ / فِي عَرَبَاتِ الْقِطَارِ الْخَلْفِيَّةِ / إِنَّ قُطَّاعَ
الطَّرِيقِ يُخَزِّنونَ مُذَكَّرَاتِ الْخَرِيفِ الأُرْجُوَانِيِّ / فِي عَصيرِ
الليمونِ / الذي تَرَكَهُ العُشَّاقُ وماتوا/ وَكَّلَتْنِي النَّبَاتَاتُ كَيْ
أَبْكِيَ نِيابةً عَنها/ فَاخْتَبَأْتُ فِي ذَرَّةِ مِلْحٍ / تَتَزَوَّجُ رَغِيفَ
خُبْزٍ / فِي بَراميلِ البارودِ المغشوشِ / وَالأَطْفَالُ يَلْعَبُونَ
بالبنادِقِ عِندَ أضْرِحةِ آبَائِهِم الْمُوحِشَةِ / وَيَتَدَرَّبُونَ عَلَى
دَفْنِ الْجُنُودِ فِي الْعُطْلَةِ الصَّيْفِيَّةِ /
الآنَ
/ أُسَلِّطُ عَلَى أَثَاثِ الْجُرْحِ أَشِعَّةَ الْحُبِّ / كَيْ أَحْرِقَ الليزَرَ
فِي الصَّهِيلِ / لِلضَّوْءِ ضَوْءٌ لا يَعْرِفُ أَبَاهُ / تَسْأَلُنِي
الْقَاعَاتُ الْخَالِيَةُ/ وَتَسْأَلُ حَاوِيةُ القُمامةِ بَرْقُوقَ الْمَغَارَاتِ
/ عَنْ أَرْقَامِ الْقُبُّرَاتِ السَّجِينَةِ / هَلْ سَيَرْقُصُ الْحِصَانُ فِي
صُنْدُوقِ بَرِيدٍ فَارِغٍ / أَمْ سَيَصْطَادُ الْغُزَاةُ حَرَكَاتِ رَاقِصَاتِ
الْبَالِيه عَلَى دَرَجٍ نَظَّفَهُ رَمَادُ الْجُثَثِ الْمُحْتَرِقَةِ ؟ /
الْعِطْرُ يَتَرَنَّحُ عَلَى بَيْضَةِ البُحَيْرةِ / لَكِنَّ الْوَرْدَةَ
تُرَوِّضُ نَعَامَةً / لا تُرَوِّضُهَا بَسَاطِيرُ الشُّرْطِيَّاتِ فِي أَدْغَالِ
الشَّهْوَةِ /
أيتها الغزالةُ التي تَحْفِرُ قَبْرَها تحتَ
شجرةِ التُّوتِ / أعْطي رَقْمَ قَبْرِكِ لِجُباةِ الضرائبِ / تلعبُ الأرستقراطياتُ
الغولفَ في حُفَرِ قُلوبِهِنَّ / والصراصيرُ تأكلُ خُدُودَهُنَّ الناعمةَ /
والرِّيحُ تَشربُ دِماءَ القَمَرِ / ماتَ الليلُ / ولم يَجِئ النهارُ /
أيتها الراهبةُ الباكيةُ في ليالي الشِّتاءِ
/ التي تَنْزِفُ مُسدَّساتٍ وذِكرياتٍ / لم يَقْرَع الأجراسَ قَوْسُ قُزَحَ / ولم
يَجِئْ فُرْسانُ مالطة / ماتَ الفارسُ والفَرَسُ / فاحْفَظْ جَدْولَ الضَّرْبِ
لِتَحْسِبَ عَدَدَ القتلى / في أزقَّةِ الطاعون / واعْشَقْ حِصَّةَ الكِيمياءِ في
مَدْرسةِ الزَّوابعِ / لِتَعْرِفَ عَناصِرَ حَبْلِ مِشْنقتي .