مسدسي المطلي بالأشجار وأحزان الراهبة العمياء / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...............
أَسْقَطْتُ عَاصِمَةَ الْحَطَبِ/ فَصِرْتُ
عَاصِمَةَ الْعُشْبِ / أَيْنَمَا تَجِدْنِي أَحْفِرْ ظِلِّي / وَأَصْعَدْ مِنِ
انْتِحَارَاتِي قَذَائِفَ / لأَنَّنِي أُشْرِفُ عَلَى رِسَالَةِ الدُّكْتُورَاةِ
لِلصُّرَاخِ / سَأَصْعَقُكُمْ لأَنِّي أُحِبُّكُمْ / فَلا تُصَدِّقُوا مَا
يَقُولُهُ الثَّلْجُ الأَخْضَرُ عَنِّي / تَدُقُّ الليلَ أَبْوَابِي / وَلُغَتِي
وَسَّعْتُهَا بِدَمِي / هِيَ امْتِدَادُ رُمُوشِي الْعَنِيفَةِ / شُكْرَاً لَكِ
يَا كَاتْرِينُ / لأَنَّكِ قَصَفْتِ قَلْبِي بِالْمَنْجَنِيقِ وَرَحَلْتِ /
وَجْهُكِ صَارَ صَلِيبَاً يَحْفِرُ فِي خَوْخَةِ الصَّقِيعِ مَنَافِي
الْكُومِيديَا / كُلَّمَا طَوَّقَتْنِي بِعِشْقِهَا غَزَالَةٌ / رَحَلْتُ إِلَى
تَسْبِيحِ الزَّنَابِقِ آخِرَ الليلِ / مَحْكَمَةُ الثَّلْجِ فِي بُرُودَةِ
أَعْصَابِ الْلَيْلَكِ لَهَبٌ /
سَأَلْتُ الزِّنْزَانَةَ : (( لِمَاذَا
تَجْلِسِينَ عَلَى خَاصِرَةِ الْبَحْرِ الْمُتَعَرِّجَةِ ؟ )) / يَرْتَاحُ
الثُّوَّارُ عَلَى مُدَرَّجَاتِ الْبَنْكِرْيَاسِ / كَأَنَّنِي السُّيُوفُ الَّتِي
تَبْكِي كُلَّمَا ابْتَعَدَتْ عَنْ أَصَابِعِ المطرِ / ارْتِجَاجٌ خَفِيفٌ فِي
دِماغِ الشَّجَرِ / دُمُوعُ الأنهارِ فِي السَّحَرِ شَرْعِيَّةُ ثَوْرَتِي /
صَافَحْتُ أَرْمَلَتِي فِي حَفْلَةِ زِفَافِ سَيْفِي / الَّذِي أَعْدَمَ غِمْدَهُ
بِالْكُرْسِيِّ الْكَهْرَبَائِيِّ /
أَيُّهَا الذَّاهِبُونَ
إِلَى فَتْحِ أَزْمِنَةِ الْكَوَاكِبِ / خُذُوا خَلايَا دِمَاغِي مَعَكُمْ /
لأَتَنَفَّسَ أَشْكَالَ الرِّمَاحِ زَعْتَرَاً / فِي رِئَتِي الْيُمْنَى حَوَافِرُ
خُيُولِكُمْ / وَفَوْقَ شَعْرِي مَسَافَةُ طَيْفِكُمُ الْحَدِيدِيِّ / مُذْ
عَانَقَنَا وَجْهُ النَّبِيِّ أَلْغَيْنَا الْهَزِيمَةَ مِنْ مُعْجَمِ الرِّيحِ /
مِثْلَمَا يُلْغِي الْمُصَوِّرُ الْكَامِيرَا الْمَكْسُورَةَ مِنْ حِسَابَاتِ
الْمَعْرَكَةِ / نَحْنُ الْوَاقِفِينَ فِي طُرُقَاتِ جَمَاجِمِ الغاباتِ /
نُزَيِّنُهَا بِأَقْوَاسِ النَّصْرِ / وَنَحْرُسُهَا مِنَ الْفِرِنْجَةِ
الْقَادِمِينَ فَحْمَاً صَاعِدَاً عَلَى أَشْلاءِ الزُّنُوجِ/ فِي الْمَنَاجِمِ
الْغَارِقَةِ كَخُدُودِ الرَّاهِبَاتِ الْعَجَائِزِ/ الْغُزَاةُ يَقِيسُونَ
حُجُومَ نِعَالِهِمْ بِحُجُومِ صُدُورِ نِسَائِهِمْ / ظِلالِي سَجَاجِيدُ /
فَلْتَمْشُوا يَا أَنْبِيَاءَ الرُّؤْيَةِ عَلَيْهَا / عُيُونُنَا دَالِيَةٌ
تُظَلِّلُ ابْتِسَامَاتِكُمْ / أَيُّهَا الْمُهَاجِرُونَ إِلَى اللهِ / شَرَرٌ
يُولَدُ مِنَ احْتِكَاكِ عِظَامِي / غَطَّيْتُهُ بِأَدْغَالِ جَنَاحِ يَمَامَةٍ/
حَطَّتْ عَلَى كَتِفِ قَارِئِ الْقُرْآنِ/ الْمَجْدُ لَكَ أَيُّهَا الإِلَهُ
الَّذِي لا تَمُوتُ/ أَنَا قَتِيلُ الْمَحَارِيبِ/ لأَنَّنِي أَعْلَنْتُ وَلائِي
لَكَ / عُرُوقِي تُرْمَى فِي شِعَابِ التُّفَّاحِ / لأَنَّنِي لا أَعْتَنِقُ
أَسْفَارَ إِبَادَةِ الْحُلْمِ الْمُقَدَّسَةِ / بَيْنَ جُفُونِي وَرُمُوشِي
تَرْكُضُ غَابَتَانِ وَسُيُوفُ الْبُرْتُقَالِ / ذَابَتْ خَلايَايَ فِي أَصْوَاتِ
التَّكْبِيرِ صَبَاحَ الْعِيدِ/ وَمَسَاءَ وَأْدِ الْجُرُوحِ الْمَعْدَنِيَّةِ/ لا
تَتَنَازَلْ عَنْ حُبِّ الإِلَهِ / حَتَّى لَوْ أُخِذَتْ جُمْجُمَتِي مِدْخَنَةً
لِقَصْرٍ فِي الرِّيفِ الإِنْجلِيزِيِّ /
ادْفِنِّي فِي أَقْرَبِ
غَيْمَةٍ حَمْرَاءَ / أَعْطِ أَرْمَلَتَكَ نَصِيبَهَا مِنَ الثَّوْرَةِ /
وَانْتَشِرْ فِي وُضُوءِ اليَمامِ سَنَابِلَ / لا يَحْلِقُ شَعْرَهَا السَّيِّدُ
الأَبْيَضُ / كُنْ نَخْلَةَ الْمَعْنَى فِي ظِلِّ مِئْذَنَةٍ / تَزُفُّ الرِّيحَ
إِلَى خَنْجَرِي / ولا تَسْأَلْ : (( كَيْفَ أَلْغَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ
الأُمَّ تِيرِيزَا ؟ )) / قُرْآنُنَا مَجْدُ هَؤُلاءِ الْمُقَاتِلِينَ /
شَرْعِيَّةُ وُجُودِ أَرْوَاحِنَا خَارِجَ مُذَكَّرَاتِ يَهُوذَا
الإِسْخَرْيُوطِيِّ / يَنْتِفُ الظَّلامُ الرُّخَامِيُّ تِلالَ الوَداعِ / وَيَجُزُّ
عُشْبَ المقابرِ مَناجِمُ الْمَاسِ الْمُحَاصَرَةُ بِالأَغْرَابِ / شَواطِئُ
الغُروبِ تَرْكُضُ في دَوْرتي الدَّمويةِ / قَيْلُولةُ العَناكبِ على جُدرانِ
شَراييني / وَأوحالُ القُرى المنسِيَّةِ تَشْرَبُ حَليبَ البَعوضةِ / تَشابهتْ
زَخْرَفةُ الأضرحةِ / سَنابِلُ المقبرةِ بَاردةٌ / لَكِنَّ سُعالَ الأمواتِ
دَافِئٌ / وَالحشَراتُ تُبَدِّلُ أقْنِعَتَهَا / احْمِلْنِي لَهَبَاً فِي
جَفْنَيْكَ / أَوْ دَعْنِي لأَسْرَابِ الطُّيُورِ تَهُزُّنِي / أَوْ تَحْمِلُنِي
إِلَى بَقَايَايَ الْمُقَاتِلَةِ / أَسْمَعُ الأَشْجَارَ تُرَدِّدُ
الشَّهَادَتَيْنِ فِي خَلايَا جِلْدي / مَجْدُنا يَمْحُو / تَنَفَّسْتُ وُجُوهَ
الأَدْغَالِ لا أَقْنِعَتَهَا / بَايَعْتُ مَوْتِي عَلَى الْحَيَاةِ فِي جَبِينِ
رُمْحِ الصَّنَوْبَرِ / اتَّخَذْتُ السِّنْدِيَانَةَ فِي حَدِيقَةِ الْمَجَرَّاتِ
عَشِيقَةً / وَاتَّخَذَتْنِي أَسِيرَ حَرْبٍ / أَزُورُ أشلائي المتَعَفِّنةَ في
عِيدِ الأنقاضِ / لأَنِّي مِسكينٌ تَنْشُرُ جَاراتي الغسيلَ على أعصابي / فَكُنْ
غَامِضاً كَصَوْتِ المطرِ / سَمِعْتُ النَّهْرَ يَقُولُ لِضُيُوفِهِ فِي عِيدِ
مِيلادِهِ الأَرْبَعِينَ : (( لا خَيْرَ فِي بُحَيْرَةٍ أَضَاعَتْ مُسَدَّسَهَا ))
/ وَيَذْهَبُ الضَّبَابُ إِلَى وَظِيفَتِهِ الْجَدِيدَةِ بِمَلابِسِهِ
الْعَسْكَرِيَّةِ / أَسْتَثْمِرُ نِفْطَ جُمْجُمَتِي فِي بُورصَةِ تَارِيخِ
النَّوَارِسِ/ قَدْ يَصِيرُ عَرَقِي وَقُودَاً لِسَيَّارَاتِ الأُجْرَةِ / لَكِنَّ
أَعْشَابَ حُمْرَةِ الْغُرُوبِ تِلْمِيذَاتُ الصَّرْخَةِ /
أيُّها البَنفسجُ العَائِشُ في حَضارةِ
المسدَّساتِ / عِشْتَ لِتُوَدِّعَ أغْشِيةَ البَكَارةِ في شَوارعِ السُّلِّ/
بُنْدُقِيَّتي مَطْلِيَّةٌ بِمِلْحِ دُمُوعي/وَالسَّبايا عَلى الشَّاطئِ يَنْتَظِرْنَ
الطوفانَ/ ارْفَعْ نَعْشَكَ قَمَراً / لَن تأتيَ الجيوشُ البَدَوِيَّةُ
لِتُحَرِّرَ جِلْدَكَ مِنَ الرِّمالِ / البَدَوِيَّاتُ يُسَاعِدْنَ الغُزاةَ في
التَّنقيبِ عَن النِّفْطِ / لَيْسَ لَنا زَمانٌ يا أُمِّي كَي نُولَدَ فِيه /
لَيْسَ لَنا مَكانٌ يا أبي كَي نَموتَ فِيه / أَكَلَ البَقُّ خَشَبَ نُعوشِنا /
وَالغُروبُ نَسِيَ أن يَغْسِلَ أكْفانَ الموتى / سَتَتْعَبِينَ يَا أَرْمَلَتِي
فِي تَسْدِيدِ دُيُونِي / ومَلامِحُنا تَحْتَفِظُ بِحَقِّهَا فِي شَطْبِ أَجْفانِ
الزَّبدِ مِن خَارِطَةِ البَحْرِ /
ماتَ الخريفُ
الغامضُ في حادثِ سَيْرٍ غامضٍ / يا فَراشاتِ الطاعونِ في ليالي الوَخْزِ / ماتت
الغابةُ / وماتَ مَلِكُ الغابةِ / والأشجارُ تَقودُ انقلاباً عسكرياً / أقمارٌ
تَصعدُ مِنَ الملاريا / وضَوْءُ القَمَرِ الجارحُ هُوَ جَوَازُ سَفَرٍ
دُبْلوماسِيٌّ للعُشَّاقِ / عَلَّمَتْني أُمِّي الصِّدْقَ / لكني الفَجْرُ
الكاذِبُ / فاهْرُبْ يا رَمْلَ البَحْرِ مِن الزَّوْجاتِ الخائناتِ / كَي
يُرَتِّبَ الطوفانُ الصَّدماتِ العاطفيةَ / على حَجَرِ النَّرْدِ .