نِقابة قُطاع الطُّرق / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
أُعْطِي لِجُثَّتِي الْخَضْرَاءِ الْمُزْهِرَةِ
وَرْدَةَ النُّسُورِ / مَحْبَرَةُ الْمَسَاءِ الأَشْقَرِ تَزُفُّنِي إِلَى
أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ الْقَتِيلَةِ / وَرْدَتَانِ فِي الْقَلْبِ جُرْحَانِ فِي
مَزْهَرِيَّةٍ وَاحِدَةٍ / أَتَلَفَّظُ بِحُرُوفِ الْغَارِ عَلَى قَارِعَةِ
الطَّرِيقِ الدَّمَوِي / يَا أَمْسَنَا الَّذِي سَيَأْتِي/ كُنْ قَرِيبَاً مِنِّي
سَاعَةَ احْتِضَارِ الْبَجَعِ / الْخَوْفُ بِرْوَازُ شَعْبِي عَلَى الْحِيطَانِ
الْمُفَتَّتَةِ / نَعُودُ إِلَى مَوْتِ الشَّواطِئِ الْعَارِيَةِ إِلا مِنْ
رَغْبَةِ الْحَيَاةِ / مُدِّي إِلَيَّ حَبْلَ مِشْنَقَتِي / كَيْ أَتَزَلَّجَ
عَلَيْهِ وُصُولاً إِلَى بَلْدَتِي الْمَسْرُوقَةِ / تَتَكَسَّرُ سُيُوفُ
الْكُمَّثْرَى فِي سُرَّتِي / وَالْبَجَعُ يُنَظِّفُ قَفَصِي الصَّدْرِيَّ مِنَ
الأَلْغَامِ الأَرْضِيَّةِ / يا
بِلادِي القَتيلةَ / إِنَّكِ الْعُشْبَةُ الْبِكْرُ فِي جُرْحي رَايةً
لِلنَّوَارِسِ الْمُهَاجِرَةِ / كُلُّ مَا فِيَّ يُنَادِي كُلَّ مَا فِيَّ /
سَأُعِيدُ الْبَوْحَ الْمُتَشَظِّي إِلَى الْيَانسُونِ الْبَارِدِ / لَمْ يَحْضُرْ
ضُيُوفُ الْحُلْمِ إِلَى كُوخِ الْحَمَامَةِ / لَمْ يَدْخُلِ الليْلُ بَيْتَنَا
الْجَبَلِيَّ / مُنْذُ احْتِضَارَاتِ النَّهْرِ الْيَوْمِيَّةِ / أَتَسَلَّقُ
مَاعِزَ الرَّصَاصِ / أُنَادِي عَلَيْكَ يَا وَطَنِي / الَّذِي يَأْتِي مِنْ
فُوَّهَةِ الإِجَاصِ/ أُنَادِي عَلَى الْفُقْمَةِ الَّتِي مَاتَتْ وَالرَّصَاصَةُ
فِي جَيْبِهَا / أَتَقَلَّدُ وِسَامَ الْعُشْبِ الأَبْيَضِ / كَمْ مَرَّةً
ذُبِحْتُ عَلَى الرَّصِيفِ أَمَامَ الْعُشَّاقِ الْخَارِجِينَ مِنْ صَالَةِ
السِّينَمَا ؟!/ مُسَدَّسٌ خَشَبِيٌّ كَانَ يُدَافِعُ عَنْ أَسْمَائِنَا
النَّاهِضَةِ / مِثْلَ غَزالٍ يَفُورُ دَمُهُ فِي الشَّفَقِ الطَّازَجِ /
يَا إِلَهِي / نَقِّنِي مِنْ دَمِي
الْمُلَوَّثِ / لأَحْلَى وَرْدَةٍ فِي الْمَقْبَرَةِ يُغَنِّي الْيَمَامُ / لَمْ
يَنْتَظِرْنِي الشِّتَاءُ / حَتَّى أُعِدَّ مَرْثِيَّةً لِجَارَتِنَا الأَسِيرَةِ
فِي مُعْتَقَلاتِ الْبَحْرِ / لِوَرْدَةٍ قَيَّدَهَا الشَّكُّ بِرِمَالِ
الأَنْهَارِ وَسَلاسِلِ الْجُرْحِ سَأُغَنِّي/ فَهَلْ سَيَمْنَعُنِي اسْمُ
الْغَيْمَةِ مِنَ الْبُكَاءِ عَلَى رِئَةِ الزُّمُرُّدِ ؟ / خُذِينِي عَاصِفَةً
تَدُلُّ الطُّيُورَ الْمُبْحِرَةَ فِي شَرَايِينِي عَلَى عُنْوَانِ مَجْزَرَتِي/
مَا أَسْرَعَ الدَّمَ الْمُتَدَفِّقَ فِي غَيْمَاتِ الذِّكْرَى ! / انْثُرِي
ضَوْءَاً لِلْبُنْدُقِيَّةِ عَلَى الْعَجِينِ / وَالضَّوْءِ الْمَعْجُونِ
بِالأَشْلاءِ / نَزْفِي الْعَرِيسُ الَّذِي لَمْ يُعْطِهِ الْمُخْبِرُونَ فُرْصَةً
لِلْفَرَحِ / وَدَاعَاً أَيَّتُهَا الْحَشَائِشُ الذَّبِيحَةُ فِي مَوْسِمِ
تَزَاوُجِ الرَّوَابِي / أَتَذَكَّرُ مَلامِحَ الْجَبَلِ الْمُنْتَقِلِ مِنْ
قَلْبٍ إِلَى آخَرَ / أَتَذَكَّرُ أَعْشَاشَ الْغَسَقِ فِي وِدْيَانِ
الْبَنْكِرْيَاسِ الْمُمَدَّدَةِ / عَلَى حَوَافِّ الْمِغْسَلَةِ فِي دَارِنَا
الْمُحَطَّمَةِ / جَرَّاءَ قَصْفِ السُّنُونُو بِالْكِلابِ الْمَسْعُورَةِ /
جَارَتُنَا الْمُتَحَرِّكَةُ عَلَى كُرْسِيِّهَا الْمُتَحَرِّكِ / أَيْنَ
وُجُوهُكُنَّ يَا بَنَاتِ الْعُشْبَةِ الْمُرْتَجِفَةِ ؟ /
إِلَى شَمَالِ الرَّغْبَةِ / مَضَتْ
قَوَافِلُ الأَفْخَاذِ الْمُقَطَّعَةِ / إِلَى جَنُوبِ الرَّغْبَةِ / مَضَى
تَصَدُّعُ سُنْبُلَةِ الأَحْلامِ / وَالنَّهْرُ مَا زَالَ يَبْحَثُ عَنْ أَبِيهِ
بَيْنَ الضَّحَايَا / يَتَذَكَّرُ الليْلَكُ أَقْوَاسَ
النَّصْرِ عَلَى بَوَّابَاتِ دَمْعِي / لأَنَّ الْوَشَقَ يَدْفِنُ الْبَرْقُوقَ
فِي قَاعِ الْمُحِيطِ / فَامْشِ أَيُّهَا
الْغَيْمُ إِلَى أَغْصَانِي قُرْبَ زَوَايَا الْمُعْتَقَلِ /
النِّصْفُ الأَعْلَى مِنْ جَسَدِ البِئْرِ/ عَلَى
كَتِفِي يَنَامُ الْبُرْتُقَالُ / وَرِئَتِي تُبَاعُ خَلْفَ زُجَاجِ الْمَحَالِّ
التِّجَارِيَّةِ / أُفَكِّكُ تَعَالِيمَ
التُّفَّاحِ إِلَى أَبْجَدِيَّاتٍ ثَائِرَةٍ /
الأَسْلاكُ الْمُكَهْرَبَةُ أَوْبِئَةُ حِيطَانِ
الْعَفَنِ / تَرْكُضُ نَبَاتَاتُ
الزِّينَةِ إِلَى سِحْنَةِ الْقَمَرِ /
أَيُّهَا الْقَلْبُ الَّذِي يَصِيرُ شَعْبَاً مِنَ
الْكَلِمَاتِ وَالأَضْرِحَةِ وَالذِّكْرَيَاتِ/ لَوِّحْ لِلْمُسَافِرِينَ
بِِمِينَاءِ الْعِشْقِ/ أَتَدَاخَلُ مَعَ مِيَاهِ الأُكْسُجِينِ مُسَافِرَاً
مَنْفِيَّاً / حَامِلاً جُمْجُمَتِي الأَنِيقَةَ فِي حَقِيبَتِي غَيْرِ
الأَنِيقَةِ / أَمْهِلِينِي يَا أَحْصِنَةَ الْمَغَارَةِ حَتَّى أُجَهِّزَ
وَصِيَّتِي / مَنَادِيلُ الْبُحَيْرَاتِ في مَزْهريَّاتِ الثَّوْرَةِ /
أَنْقِذْنِي مِنْ شِكْلِ بُنْدُقِيَّتِي / وَأَكْوَامِ الْبُنْدُقِ فِي حَارَاتِ
الارْتِعَاشِ/ كُنْ مَعِي يَوْمَ يَتْرُكُنِي وَجْهِي وَيَرْحَلُ مِنْ بَسَاتِينِ
الْخَوْفِ / مَرَّتْ فِي جَسَدِي بَرَامِيلُ الذِّكرياتِ / فَصَارَتْ أناشيدي
اسْمَاً خَفِيَّاً لِلْبَحْرِ / ولَسْتُ الْبَحْرَ / وَلا أَنْسَخُهُ عَلَى
مُحَيَّايَ / حَضَرْتُ أَعْرَاسَ الْبَطِّ / تَزَوَّجَ الأسْفَلْتُ فَرَحَ
صَيَّادِ السَّمَكِ / أُغَنِّي فِي غُرْفَةِ التَّحْقِيقِ وَحِيدَاً / خَالِيَاً
إِلا مِنْ نُمُورِ الرَّفْضِ / سَيَغُوصُ مَا بَقِيَ مِنِّي فِي أَشْرِعَتِي /
هَلْ تَفْهَمِينَ كَلامَ الْبَرْقِ عِنْدَمَا تَحْفِرُ الأَبْجَدِيَّةُ
أَجْنِحَتَهَا عَلَى مِعْصَمِي ؟ / لا الْمَسَافَةُ ابْنَتِي / وَلا الرَّصِيفُ
عَائِلَةُ البُرتقالِ الْمَنْفِيِّ / وَلَمْ يَكَدِ الْغُرُوبُ يَفْتَحُ بَابَ
نَزِيفِي / حَتَّى انْهَمَرَتْ عَلَيَّ قَوَارِبُ الْغَضَبِ / اغْضَبْ أَيُّهَا
الْكُرْسِيُّ الْكَهْرَبَائِيُّ / أَلْوَاحُ الزِّنْكِ / قِرْمِيدُ الْمَلاجِئِ / نَهْرُ الْغَثَيَانِ / دَمعاتُ
النِّفْطِ /
قَمِيصُ النَّوْمِ على حَبْلِ الغسيلِ / وجُثةُ
المرأةِ على سَطْحِ البَيْتِ المهجورِ / كُلَّمَا أَرَدْتُ لَمْلَمَةَ أَشْلاءِ
النَّوْرَسِ نَظَرْتُ فِي الْمِرْآةِ / عُرْسُ الْغَرِيبِ / أَسْمَاءُ
الْمَطْلُوبِينَ أَحْيَاءً أَوْ أَمْوَاتَاً / صَيَّادُو الْمُكَافَآتِ / بَلاطُ
الْمَخْفَرِ / يَتَكَاثَرُ الْبُولِيسُ السِّيَاسِيُّ فِي سَراديبِ صَدْرِي /
سَيَكُونُ لِقاءُ الإِوَزِّ العَاشِقِ في شمَالِ الجثثِ المتعفِّنةِ / يا غاباتِ
الحِبْرِ / أَرْجُوكِ / امْشِي فِي جِنَازَتِي / لِتَتَزَوَّجَ الْفَرَاشَاتُ فِي
أَدْغَالِ قَلَمِ الرَّصَاصِ / نَحْنُ الْعَابِرِينَ إِلَى خُيُوطِ الْفَجْرِ
الأُولَى / وَاقِفُونَ تَحْتَ رَذَاذِ الصَّنَوْبَرِ / لَمْ أُمَيِّزْ بَيْنَ
طَعْمِ الْمَطَرِ وَلَوْنِ ثَوْبِ أُمِّي / إِنَّ الْجُرْحَ غَابَاتٌ مِنَ
الْقَصْدِيرِ الْعَنِيفِ / فَلْتَسْمَعْنِي سَكَاكِينُ تَتَكَسَّرُ عَلَى
مِدْخَنَةِ حُلْمِ الْبَلُّوطِ الْعَجُوزِ / هَذَا الْخَنْجَرُ يَاسَمِينَةٌ
أَضَاعَتْ بِطَاقَتَهَا الشَّخْصِيَّةَ فِي تَابُوتِ الأُغْنِيَةِ / وَزُرْقَةُ
الدَّمْعَةِ مُصَابَةٌ بِدُوَارِ الْبَحْرِ / مَا زَالَ الْبِطْرِيقُ يَعُدُّ
جُرُوحِي وَيُخْطِئُ / أَعْشَابِي قَمِيصُ الْحِصَارِ / والزَّوْجاتُ الخائناتُ
يَدْرُسْنَ كُتُبَ فَنِّ الطَّبْخِ / وَمَسَائِي آخِرُ أَيَّامِ الْمَشْنُوقِينَ /
عَمَّا قَلِيلٍ سَنَفْتَرِقُ تَرْنِيمَةً لِلشَّجَرِ الْمَيِّتِ فِي كُلِّ
الْفُصُولِ / سَيَتَذَكَّرُنَا إِسْطَبْلُ الْغُصُونِ الْمُثْقَلَةِ بِرُؤُوسِ
الْقَتْلَى / وَسَنَعُودُ يَا وَطَنِي كَمَا بَدَأْنا / وَرْدَتَيْنِ عَلَى
السِّكينِ وَعُرُوشِ اللصُوصِ .