إنه يجمع الياقوت في الوطن الحجري / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
...........
سَأَنْتَظِرُ أَنْ تَنْمُوَ أَسْوَارُ
الْخَوْخِ / عَلَى فُوَّهَةِ مِدْفَعٍ مُلْقَى فِي غَابَةٍ / مِنْ فَوْضَى
الْبِلَّوْرِ / إِبْرةُ الخِيَاطةِ سَقَطَتْ في نَعْشِ الأرملةِ/ والضَّبابُ
القُرْمُزِيُّ يَخيطُ أكفاني بإِبْرةِ نَحْلةٍ / لِي عَاجُ الطُّوفَانِ / وَتَحْتَ
أُذُنِي أَدْغَالُ حُرُوفِ الضَّوْءِ / مِثْلَمَا تَحْبَلُ نَخْلَةُ الذَّاكِرَةِ
بِالدِّينَامِيتِ وَالْغِزْلانِ الْبَرِّيةِ / أَنْثُرُ سِحْنَتِي عَلَى
صَنَوْبَرِ الْمَقَابِرِ / وَأُحَمِّلُ أَكْيَاسَ ذِكْرَيَاتِ الشَّمْسِ عَلَى
ظُهُورِ الْخَيْلِ /
قَالَتْ أُنْثَى الشَّلالِ : (( سَيَأْتِي
الْحِصَارُ مِنْ هُنَاكَ )) / وَأَشَارَتْ إِلَى أَبْجَدِيَّةِ النُّحَاسِ الْخَام
/ ذَكِّرِينِي يَا مَدِينَةَ الْمَوْجِ بِأَلْقَابِ التِّلالِ فِي القَلْبِ
المكْسُورِ/ نَافِذَتَانِ مُتَوَسِّطَتَا الْحَجْمِ فِي كَفِّ إِحْدَى
الْيَتِيمَاتِ / حَيْثُ يَعِيشُ فَرْخُ السُّكُوتِ مَعَ رَائِحَةِ السِّيلِيكُونِ
الْبَرِّيِّ / زِنْزَانَتِي الانْفِرَادِيَّةُ وَطَنٌ عَاصِمَتُهُ الْفَرَاشَةُ
الصَّارِخَةُ/ وَمَمَالِكُ الشَّبَقِ تَغْزِلُهَا ابْتِسَامَةُ تَلَّةٍ/ عَلَى
ظَهْرِ عَنْكَبُوتِ الْمَنَافِي / يَا صِيَاحَ الشَّعِيرِ فِي دَمِ زَهْرَةِ
اللوتِسِ / ذَكِّرْنِي بِاسْمِي فَوْقَ مُنْحَدَرَاتِ الْبُكَاءِ / وَكُنْ
وَجْهَاً خَامِسَاً لِلْعُشْبِ حِينَ يَزْأَرُ التُّوتُ / جِلْدي مَزْرُوعٌ
بالحواجِزِ الأمنيةِ / وَنِقَاطُ التَّفْتيشِ أَكَلَتْ قَرْيتي /
أَحْمِلُ جُثْمَانَ
أَبِي فِي حَقِيبَةِ سَفَرِي / وَلَمْ تَأْخُذِ القُبُّرَاتُ أَكْفَانَ
الْبُوسنِيَّاتِ تِذْكَارَاً / سَلامَاً أَيُّهَا الْبَرْقُ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ
ظِلَّ السُّنُونُو / إِنَّ السَّفَرْجَلَ الصِّنَاعِيَّ عَلَى سَبُّورَةِ
الْحِصَارِ / لَكِنَّ رِئَاتِ النَّخْلِ تَقَاسَمَتْهَا حِرَابُ الأُمَوِيِّينَ /
كَفَنُ عُصْفُورَةٍ يَقُودُ دَرَّاجَةً طِينِيَّةً فِي أَرْيَافِ الرِّئَةِ
الْجَنُوبِيَّةِ / نَوْمِي عُقَابٌ / وَقِلاعُ الكَرَزِ لم تُوَجِّهْ لِي دَعْوَةً
لِحُضُورِ جِنَازَتِهَا غَيْرِ الرَّسْمِيَّةِ / وَالْغُرَبَاءُ يَحْتَفِلُونَ
بِغُرْبَتِهِمْ /
صَحْرَاءُ فِي مَسَاحَاتِ أَقْمَارِ
الْجِرَاحِ / لِلضَّيَاعِ مَنَادِيلُ جَدَّةِ الْمَوْجِ / تفاحةٌ تَحْتَسِي ضَوْءَ
الْمَشَانِقِ وَدَرَجَ النَّهْرِ / تَكَلَّمَتْ أَنْفَاقُ عُمرِي / هَذِهِ
غَابَاتُ الصَّدَى/ وَالْوَرْدَةُ طَابُورٌ مِنْ حَمَامَاتِ التَّجْنِيدِ
الإِجْبَارِيِّ / سَأَمْسَحُ اسْمَ الْقَمَرِ مِنْ هُوِيَّةِ الليْلَكِ/ عُودِي
إِلَى كُهُوفِ الدَّمْعَةِ / لأَتَذَكَّرَ اسْمِي عِنْدَ نُمُوِّ الْغُرُوبِ عَلَى
دَفَاتِرِ الرَّعْدِ / وَالْبَرْقُوقُ غَدُ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَاهِدُ قَبْرٍ فِي
حَافِلاتِ النَّرْجِسِ / فَانْهَضْ شَجَرَاً خَالِيَاً مِنْ قِرْمِيدِ الشَّلالاتِ
الدَّامِعَةِ/ وَكُنْ صَدِيقَ الْغَيْمِ يَوْمَ يَمُوتُ الْغَيْمُ الأَخْضَرُ فِي
رَوَابِينَا الثَّائِرَةِ / وَيُسَجِّلُ سَقْفُ النَّزِيفِ أَبْنَاءَهُ فِي
مَدْرَسَةِ الدِّينَامِيتِ / نَهَضْتَ فَلْتَبْكِ لأَنَّ حَنِينَ أَشْجَارِ
الْمَلاحِمِ هَبَاءٌ / وَخَوْخَةٌ لِلطُّوفَانِ الْقَادِمِ / لَيْتَ الأَرْضَ
تَسْتَلْقِي فِي كِرِيستَالِ الْحَرْفِ / وَسَجَاجِيدِ الصَّاعِقَةِ /
الْمَسَامِيرُ تُثَبِّتُ آذَانَ الْعَاصِفَةِ عَلَى جِدَارِ آخِرِ أَيَّامِي/
وَلَمْ أَعُدْ غَيْرَ تَرْنِيمَةٍ عَابِرَةٍ / تُرَدِّدُهَا تِلْمِيذَاتِي فِي
لَيْلَةِ عِيدٍ / يَنْتَظِرُهُ الْفُقَرَاءُ تَحْتَ أَعْمِدَةِ الضِّيَاءِ /
وَالبَغَايَا يَتَبَوَّلْنَ عَلَى أَضْرِحَةِ الصَّنَوْبَرِ / شَعْبٌ مِنَ
اللبُؤَاتِ الْمُحْتَضِرَةِ / مَتَى يُولَدُ مِنْ عُشْبِ الْمَرَاعِي؟/
بُحَيْرَاتٌ لا تَعْرِفُ إِلا الْجِنْسَ فَلْتَمُتْ/ لأَنَّ الْغَابَ نَوَافِذُ
الْقَلْبِ الأَخِيرَةُ / لِلْحِصَارِ أَعْضَائِي وَمُشْمُشُ الْمِقْصَلَةِ /
هَجَمَ عَلَيْنَا
تُرَابُ الْغُرَبَاءِ / بَيْنَ اسْمِي وَالْكَسْتَنَاءِ عُودُ مِشْنَقَةٍ
عَابِرَةٍ / فَاعْبُرْ شَجَرَكَ الْمَيِّتَ/ وَقَبِّلْ زَهْرَةَ الثَّلْجِ
الْمُشْتَعِلِ زَعْتَرَاً وَلَيْلاً / أَيُّهَا الطِّفْلُ الْمَسْلُوخُ عَلَى
رَبْطَةِ عُنُقِ الشَّلالِ / سَتَقْتَحِمُ ضَوْءَ الْغُبَارِ وَرْدَةُ
الْقَتِيلَةِ / وَيُنِيرُ مَغَارَةَ الأَمْوَاجِ حَطَبُ الرِّعشَةِ/ اتْلُ
وَصِيَّةَ الْبَيْلَسَانِ عَلَى مَسَامِعِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ / أَهَازِيجُ
الرَّمْلِ ذُبَابَةُ جُرْحٍ/ يَا شَجَرَةَ الْمَوْتَى / اجْمَعِي ثِيَابَكِ
وَارْحَلِي مِنْ نَشِيدِي/ تَحْمِلُ الأَمْطَارُ أَغَانِي الرُّعَاةِ إِلَى
مُعَسْكَرَاتِ الرَّمَادِ الْمَخْمُورِ / عُدْ إِلَيْنَا يَا سَمَكَ الثَّوْرَةِ /
نَحْنُ الْمُعَلَّقِينَ عَلَى الشَّفَقِ كِتَابَاً مَفْتُوحَاً لِلْبَعُوضِ
السَّكْرَانِ / نُحَاسٌ يَتَقَمَّصُ حَشَائِشَ الْبُرُوقِ فِي أَمْعَاءِ
الرِّمَالِ / حَدِيدٌ يَزُورُ غُرُوبَ الْبَحْرِ السَّاقِطِ فِي دَفَاتِرِ عَرَقِي
/ تُولِمُ الصَّاعِقَةُ للأسيراتِ / الْتَصَقَ الدَّمْعُ بِالْهَوَاءِ الْمَارِّ
فِي زُجاجِ سَيَّارَةٍ يَرْكَبُهَا الْمَوْجُ/ وَالْمُحَارِبُ وَضَعَ رُمْحَ
الذَّاكِرَةِ عَلَى طَاوِلَةٍ تَمْشِي فِي تَوْقِيتِ السُّيُوفِ / وَجَعُ
الْمُذَنَّبِ رَأَى جُثَثَ الْمُلُوكِ عَلَى فُوَّهَاتِ الْبَارِ/ وَالْغَرِيبُ
يَمْشِي عَلَى مَعِدَتِهِ الْمَنْثُورَةِ عَلَى الشَّاطِئِ الْوَحِيدِ/ عُشْبَةٌ نَسِيَهَا
مُؤَرِّخُو الْجَلِيدِ/ أَنْيَابُ جِدَارٍ مِنَ
الْبِلاتِينِ / تُهَاجِرُ الْحِيتَانُ
مِنْ بَنْكِرْيَاسِي/ لِتُفَتِّشَ عَنْ حُبِّهَا الأَوَّلِ / وَالْغَيْمَةُ تَشْرَبُ
قَهْوَتِي فِي حُصُونِ الليْلَكِ/ وَفِي زَحْمَةِ زِيجَاتِ الْمُتْعَةِ / لَمْ
تَعُدِ الشِّيعِيَّةُ تَتَذَكَّرُ مَنْ مَزَّقَ غِشَاءَ بَكَارَتِهَا /
نَمْلَةٌ
تُسْحَقُ تَحْتَ أَنْيَابِ السَّوْسَنِ / مَنْ يَعْبَأُ بِهَا ؟ / وَأَتَتْ
أَشْلاءُ النَّوْرَسِ مِنْ صَوَامِعِ الْحُبُوبِ/ لَكِنَّ الْجُنُودَ يَمْضُغُونَ
عِلْكَةَ الْهَزِيمةِ / يَحْرُسُ أَرْزَةَ
الْحِصَارِ عُرْسُ النَّهْرِ الْعَابِرِ / فِي مِنْجَلِ الرُّمُوشِ
الْبِلاستِيكِيَّةِ / قَدْ يَنْسَانِي حِبْرُ الْخَرِيفِ عَلَى مِرْسَاةِ
الشِّتَاءِ / وَالسِّيَاجُ الْجَسَدِيُّ يَتَّخِذُ عُمرِي سَبُّورَةً لِعَصَافِيرِ
الْحِرْمَانِ / يَنْهَضُ الصَّفيحُ الملوَّنُ مِنْ نَوْمِ اللاجِئِينَ / فَلا
تَتَذَكَّرُوا عُكَّازَتِي / الَّتِي يَتَّكِئُ عَلَيْهَا شَنْقُ الْحَجَرِ /
انْتَهَتْ جِنَازَةُ الْحَمَامِ/ فَبَدَأَ السَّمَاسِرَةُ يُزَيِّنُونَ غَابَاتِ
الْجُوعِ/ رُبَّمَا يَمُرُّ فِيهَا مَوَاكِبُ انْتِحَارِ النَّعَامَاتِ /
مَقَاصِلُ تَقُودُ دَرَّاجَةً فِي الرِّيفِ الْمَحْذُوفِ مِنَ الْخَارِطَةِ /
مَاذَا تَسْتَفِيدُ الطَّبَاشِيرُ مِنْ لَوْنِهَا / حِينَ تُرْمَى فِي سَلَّةِ مُهْمَلاتٍ
/ كَانَتْ صَالَةَ قِمَارٍ ؟ /
يا امرأةً تُرَبِّي الطحالبَ بَيْنَ
ثَدْيَيْها / جاءت الكوليرا / ولم تَجِئْ تَوابيتُ الجنودِ / لَيْسَ لِدَمْعي
طُفولةٌ / لكني طُفولةُ المساءِ / تَنقرُ العصافيرُ حَلَماتِ السَّبايا المقتولاتِ
/ في الانقلاباتِ العَسكريةِ / فَزَيِّنْ ضَريحَكَ بِرَاياتِ القبائلِ في عِيدِ
الغروبِ / إِنَّ الكِلابَ البُوليسيةَ تُحاصِرُ المقبرةَ .