فراشات في عيون ثائر يحب موت الظلال / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
.............
وَحِيدٌ أَنَا فِي مَحْبَرَةِ الصَّلِيلِ /
لأَنَّ جَارِي عَامِلُ نَظَافَةٍ عَلَى كَوْكَبِ الزُّهْرَةِ / يَا أَمْوَاتَ
الْمَطَرِ الْجَالِسِينَ عَلَى سُطُورِ دَفْتَرِ الْكِيميَاءِ / لِتِلْمِيذَةٍ
تَدْخُلُ فِي الشَّفَقِ وَلا تَخْرُجُ / إِذَا مَرَرْتِ أَمَامَ قَبْرِ الْحُوتِ
الأَزْرَقِ/ فَاتْرُكِي سَيْفَكِ/ وَنَامِي فِي قَلْبِي لِكَيْ أُقَاتِلَ / حِينَ
أُحِبُّكِ أَشْعُرُ أَنَّنِي فِي الأَنْدَلُسِ / أَشْرَبُ عَصِيرَ التُّوتِ مَعَ
صَقْرِ قُرَيْشٍ / أَنتِ التُّرَابُ فِي جَسَدِي الْمَنْذُورِ لِلْبَنَادِقِ الآلِيَّةِ
/ لَمْ يُشَارِك الْجِيرَانُ فِي جِنَازَةِ الرِّيحِ / لأَنَّهُمْ مَشْغُولُونَ
بِلَعِبِ الْغُولفِ / ذِئَابٌ نُحَاسِيَّةٌ تَتَصَارَعُ عَلَى كُرْسِي
الْبَابَوِيَّةِ /
يَا أَيُّهَا النَّسْرُ الْمَغْمُوسُ فِي
عَصِيرِ الْبَارُودِ / سَتُقَاتِلُ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ / وَالأَرْضُ تُذَوِّبُ جُمْجُمَتَهَا فِي كُوبِ نِسْكَافِيه /
انْقِلابٌ عَسْكَرِيٌّ تَقُودُهُ الْعَوَانِسُ / وَدُسْتُورُ أَشْجَارِ
الْبِكْتِيريَا يَكْتُبُهُ دَلَعُ الْبَنَاتِ / إِنَّهَا النَّارُ الْخَضْرَاءُ /
نَسْرٌ عَجُوزٌ يَصْطَادُ أَطْيَافَهُ الشَّابَّةَ / وَبَنَاتُ الرِّيحِ تَرَكْنَ
جُثَّتِي فِي الشَّارِعِ / وَذَهَبْنَ يَقْرَأْنَ عَنْ تَفَاصِيلِ لَيْلَةِ
الدُّخْلَةِ /
بَغْدَادُ شَقِيقَةُ الشَّمْسِ/ سَأَحْضُنُكِ
أَمَامَ أَرْمَلَتِي/ أَيَّتُهَا الزَّهْرَةُ الطَّالِعَةُ مِنْ عِظَامِ الرَّعْدِ
الْحَمْرَاءِ / كُونِي دَمِي لأَتَنَفَّسَ أَلْوَاحَ صَدْرِ الرِّيحِ / وَأَنْتِ
ذَاكِرَةُ اسْمِي يَوْمَ أَنْسَى اسْمِي / أَمَامَ جَدَائِلِ ظِلِّكِ الصَّاعِدِ /
أَتَذْكُرِينَ سَاعَةَ الْتِقَاءِ وَجْهَيْنَا / عَلَى وَجْهِ نَهْرٍ يَحْفِرُكِ
فِيَّ قِنْدِيلاً لِلْعِشْقِ / يَا عَاصِمَةَ دِمَاءِ الْفَرَاشَاتِ الطَّالِعَةِ
مِنْ غُبَارِ الْمَعَارِكِ / بَغْدَادُ وَشْمُ جَسَدِ الرِّيحِ قُرْبَ نَارِ
الْقَصِيدَةِ / أَنْتِ مَعْشُوقَتِي الَّتِي لا تَخُونُنِي / حِينَ أَغِيبُ فِي
أَسْمَاءِ الْعُشْبِ الْبَنَفْسَجِيَّةِ /
فِي أَضْلاعِ الْقَمَرِ / شَمْسٌ تُقَاتِلُ
الصَّدَى / عِنْدَ مَدْخَلِ بَيْتِ الْعَزَاءِ / يَا خُيُولاً تَرْكُضُ فِي
أَجْفَانِهَا / أَيْنَ عَرَبَةُ الْكُحْلِ الَّتِي يَغْفُو فِيهَا الْمَحْكُومُ
بِالإِعْدَامِ ؟/ بَيْنَ مِشْنَقَتِي وَمِقْصَلَتِي فَاصِلٌ مِنَ الأَغَانِي
الْوَطَنِيَّةِ / صَلَّيْتُ الجِنَازَةَ عَلَى نَفْسِي وَالنَّاسِ / وَأَشْجَارُ
الدَّمْعِ تُصَلِّي عَلَيَّ / فِي مَوَاسِمِ تَغيِيرِ الْجَلادِينَ / فَلْتَصْعَد
السُّيُوفُ إِلَى أَجْفَانِ نَجْمَةٍ / تَنْحِتُ سَفَرَهَا عَلَى فُوَّهَةِ
مُسَدَّسِي / يَا نَارَاً تَسِيرُ فِي شَوَارِعِ الْكُولِيرَا كَالأُسُودِ
الْمُخَدَّرَةِ/ كَحَافِلاتِ النَّقْلِ الْعُمُومِيِّ/ كَالانْقِلابَاتِ
الْعَسْكَرِيَّةِ / كَالأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ لِلْبَنَاتِ الْمُغْتَصَبَاتِ /
كَصَالَةِ الرَّقْصِ الْمُخَصَّصَةِ لِلأَمِيرَاتِ / كَالْعَارِ الأُفُقِيِّ /
كَأَثْدَاءِ الْبَقَرَاتِ الَّتِي تُغَنِّي عَلَى شَاشَاتِ الْوِيسكِي /
شُطْآنُ السُّلِّ عَلَى
نَوَافِذِ الْكَاتِدْرَائِيَّةِ / فَلا تُصَدِّقِ الْكُولِيرَا الَّتِي
تَتَسَاقَطُ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِ الْعُشْبِ / قُلْتُ لِلرِّيحِ تَعَالَيْ يَا
أُخْتِي / لِنَبْكِيَ عَلَى بُكَائِنَا الطِّينِيِّ / مَطَرٌ يَنْهَمِرُ مِنْ
أَحْدَاقِ الْغَضَبِ / وَيَحْرِقُ كُتُبَ الإِبَادَةِ الْمُقَدَّسَةَ/ يَا
أَيُّهَا الْعَالَمُ الْعَنْكَبُوتِيُّ الْمُخَصَّصُ للطُّغَاةِ / وَتُجَّارِ
الرَّقِيقِ الأَبْيَضِ/ وَتُجَّارِ الْمُخَدِّرَاتِ / وَالزَّانِيَاتِ في
عَوَاصِمِ الإِبَادَةِ / اللوَاتِي يُتَاجِرْنَ بِفُرُوجِهِنَّ الْجَرْبَاءِ /
وَحَلَمَاتِهِنَّ الْمُسْتَهْلَكَةِ كَقَوانينِ الطوارِئِ / كَأَحْذِيَةِ رِجَالِ
الأَعْمَالِ الرَّاكِضِينَ / عَلَى مُحِيطِ دَائِرَةِ الْخَرِيفِ/ وَيُقَاتِلُ
الْفُقَرَاءُ فِي الْمَعْرَكَةِ / لِيَظَلَّ الأَغْنِيَاءُ فِي الْمَسَابِحِ
الْمُخْتَلَطَةِ/ هَكَذَا تَنَامُ الدَّيْنَاصُورَاتُ فِي أَزْرَارِ قَمِيصِي
الْقَدِيمِ / لأَنَّ الْعُشَّاقَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الدَّجَاجَ فِي
الْمَطْعَمِ الْمَهْدُومِ / لا يَشْعُرُونَ بِأَلَمِهِ سَاعَةَ الذَّبْحِ /
كَأَنَّنِي مِرْآةُ جَارِنَا الْمَشْلُولِ فِي الْمَسَاءِ السَّحِيقِ / وغِزْلانُ
الْيَاقُوتِ تَسْتَلْقِي فِي خُيُوطِ حِجَابِكِ /
ارْحَمْنَا يَا مَلِكَ
الْمُلُوكِ/ نَحْنُ الْعَبِيدَ الْحُفَاةَ الَّذِينَ تَنْقُرُ جُثَثَهُمُ
الدُّيُوكُ/ أَنْجَبَتْنِي غَابَاتُ الرَّعْدِ/ فَتَزَوَّجْتُ كُلَّ الْخَنَاجِرِ
/ إِنَّهَا دُمُوعِي الرَّاقِصَةُ الْوَحِيدَةُ فِي عُرْسِ الأَنْهَارِ/ لَمْ
أَبِعْ ذِكْرَيَاتِ جَارَتِي / لأَشْتَرِيَ عِطْرَاً فَرَنْسِيَّاً لِلظَّرِبان / إِذَا اتَّحَدَتْ بَرَاوِيزُ
عَائِلَتِي عَلَى أَسْوَارِ الْمَجْزَرَةِ/ اشْتَعَلَتْ فِي الْكَوَاكِبِ
خِيَامُنَا الْعَذْرَاءُ/ وَامْتَصَّ حَصَى الْمُخَيَّمِ خَلْخَالُ رَاقِصَةٍ /
تَحْفِرُ بَلاطَ الْبَحْرِ بِعَيْنَيْهَا /
اعْتَنِي بِصِحَّتِكِ يَا سَيِّدَةَ
الْمَنَافِي/ لِتَرْقُصِي بِرَشَاقَةٍ فِي حَفْلِ تَأْبِينِي / لَنْ يَجِدَنِي
الْغُرَبَاءُ / لأَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نَفْسِي / وَعِشْتُ فِي جَسَدِ الرِّيحِ /
مُحَاصَرَاً بِالآلِهَةِ القَرابين / الأَثْدَاءُ الْجَرْبَاءُ لِمُذِيعَاتِ
مَزَارِعِ الرَّقِيقِ الأَبْيَضِ / وَالأَرْصِدَةُ السِّرِّيةُ لأَصْحَابِ
مَطَابِعِ صُكُوكِ الْغُفْرَانِ / وَطُفُولَةُ مَحَاكِمِ التَّفْتِيشِ /
وَشَرَائِعُ التَّطْهِيرِ الْعِرْقِيِّ الْمُقَدَّسَةُ /
قُرْبَ صَفِيحِ
جَوْرَبِي رَئِيسُ جُمْهُورِيَّةٍ / يَعْمَلُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الدَّوَامِ
الرَّسْمِيِّ لِصَّ آثَارٍ / وَمَاسِحَ أَحْذِيَةِ الْهِسْتِيريَا / لِيُنْفِقَ
عَلَى جَيْشِهِ الْمَهْزُومِ/ وَطُفُولَةُ أَشْجَارِي مِرْآةُ الشَّرْكَسِيَّةِ
فِي الزُّقَاقِ / الَّذِي أُعْدِمْتُ فِيهِ / وَلا تَزَالُ تَبْكِي عَلَيَّ /
أَرْجُوكِ يَا صَاحِبَةَ الْعَبَاءَةِ
السَّوْدَاءِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ / أَنْ تَتَوَقَّفِي عَنْ غَسْلِ الرِّيَاحِ
بِدُمُوعِكِ / خُضْتُ مِلْيُونَ مَعْرَكَةٍ / وَبَقِيتُ حَيَّاً / لَكِنَّ
لَمَعَانَ عُيُونِكِ قَتَلَنِي / بَيْنَنَا كُلُّ الْحَوَاجِزِ الأَمْنِيَّةِ /
وَنِقَاطُ التَّفْتِيشِ / وَالْكِلابُ الْبُولِيسِيَّةُ / حَتَّى حُبِّي
الأَبَدِيُّ أَسْقَطُوهُ / كَمَا أَسْقَطُوا جِنْسِيَّةَ النَّوْرَسِ /
عَلِّمِينِي الانْقِلابَاتِ الْعَسْكَرِيَّةَ / لأَخْلَعَ حُبَّكِ مِنْ نُخَاعِ
عَظْمِي / لَيْتَنِي كُنْتُ ضَبَابَاً أَحْمَرَ عَلَى نَافِذَةِ غُرْفَتِكِ / لَنْ
أَخُونَ ذِكْرَاكِ / حَتَّى لَوْ رَاوَدَتْنِي امْرَأَةُ الْعَزِيزِ عَنْ نَفْسِي
/
صَوْتُ الرَّصاصِ في
ليالي الخريفِ / وصَوْتُ أبي في مَمَرَّاتِ مَحَاكِمِ التَّفتيشِ / ودِمَائي
تتساقطُ في عُلَبِ السَّرْدينِ الفارغةِ/ والرِّيحُ تَسْكُبُ الأمطارَ
القُرْمُزِيَّةَ في الفَراغِ العاطفيِّ / والأيتامُ يَحْمِلُونَ جُثَثَ آبائِهِم
في الحقائبِ المدرسيةِ / ويَرْكُضُونَ إلى مَوْتِ الوَطَنِ في الأغاني الوَطنيةِ .