دستور الدولة البوليسية / قصيدة
للشاعر/ إبراهيم أبو عواد
............
سَتَفْرَحُ أُمَّهَاتُ
الأسْفَلْتِ / لَوْ كَانَتْ تَنَانِيرُ بَنَاتِهِنَّ أَقْصَرَ مِنْ دُسْتُورِ
الدَّولةِ الْبُولِيسِيَّةِ / الْبَسْكَوِيتُ الْمُمَلَّحُ / وَرَقْمُ الرَّصِيفِ
مَجْهُولٌ/ يَا جَنَازِيرَ الْبُرْتُقَالِ الْمَارَّةَ عَلَى شُجَيْرَاتِ
الْجَسَدِ / إِنَّ فِي أَوْرِدَتِي زَمَنَاً يَلِدُ أَمْكِنَتِي / تِلْكَ
الْوَجْنَةُ الْمُمَزَّقَةُ / كَأَنَّ شَكْلَ رُمْحِي وَطَنٌ ثَانٍ
لانتِحَارَاتِي/لا شَيْءَ حَوْلَ نَزِيفِي/ لَكِنَّ الشَّوَارِعَ تَغُوصُ فِي
ثِيَابِ الْقَتِيلِ / سَتَبْسُطُ أَشْلاءُ الْبِئْرِ سَجَّادَاً لِضُيُوفِهَا / مَا
نَفْعُ اصْطِيَادِ بَيْضِ النُّسُورِ / إِذَا كَانَتْ يَدَاكَ ذُبَابَتَيْنِ
مَشْنُوقَتَيْنِ عَلَى صَفِيحِ الْعُشْبِ ؟ /
قَدْ تَكُونُ مَذْبَحَتِي قُرْبَ صَالَةِ
سِينَمَا / يَخْرُجُ مِنْهَا الْعُشَّاقُ وَأُمَرَاءُ الْحَرْبِ وَالْمُرَابُونَ /
ثُمَّ يَتَفَرَّجُونَ عَلَى شَهِيقِي النِّهَائِيِّ مَجَّانَاً / الْقَصْرُ
الرَّمْلِيُّ مَكَبُّ نِفَايَاتٍ/ حَيْثُ يُحْتَضَرُ شَهْرَيَارُ / وَتَتَقَاتَلُ
عَشَائِرُ الرَّمَدِ عَلَى اكْتِئَابِ شَهْرَزَادَ
/ قُلْ إِنَّكَ ضَوْءُ الأَزْرَارِ فِي مِعْطَفِ الْفَجْرِ / وَلا
تَرْجِعْ إِلَى أُقْحُوَانِ الرَّغْبَةِ فِي بُكَاءِ الْمُشَيِّعِينَ / حَيْثُ
تَخْتَفِي مَخَالِبُ الْهَضَبَةِ/ قُرْبَ مَرَاحِيضِ السُّجُونِ / قُلْ إِنَّكَ
صُورَةُ السُّحُبِ / وَلا تَكْذِبْ عَلَى أَثَاثِ الدَّارِ/ لأَنَّ أَبَوَيْكَ
نَائِمَانِ عَلَى خَاصِرَةِ يَمَامَةٍ تَنْتَحِبُ / وَهُمَا يُعَلِّقَانِ صُوَرَ
ابْنِهِمَا الْمَفْقُودِ عَلَى شُبَّاكِ التَّذَاكِرِ فِي مَحَطةِ القِطاراتِ /
الَّتِي تَشْرَبُ شَايَاً أَخْضَرَ / فِي فَتْرَةِ اسْتِرَاحَةِ الإِمْبرَاطُورَةِ
بَعْدَ الْجِمَاعِ / وَقَيْلُولَةِ الْمُخْبِرِينَ بَعْدَ كِتَابَةِ التَّقَارِيرِ
بِالشَّمْعِ الأَحْمَرِ /
أَتَذَكَّرُ وَجْهَكَ الْمُفَتَّتَ عَلَى
وَرَقِ التُّوتِ الصَّاعِدِ مِنْ مِلَفَّاتِ الدَّوَائِرِ الأمنيةِ / أَعْرِفُ
أَنَّكَ تَبْحَثُ عَنْ شَهَادَةِ حُسْنِ سُلُوكٍ مِنْ دَائِرَةِ الْمُخَابَرَاتِ /
الْوَاقِعَةِ فِي جَنُوبِ نَعْشِكَ / لِتَصِيرَ حَشَرَةً تُخْفِي لَوْنَ بَوْلِهَا
/ عَنْ أَعْيُنِ الْبُولِيسِ السِّيَاسِيِّ/ مِثْلَ كُلِّ الذُّبَابِ الأَخْرَسِ /
عِنْدَ أَعْمِدَةِ السِّيانيدِ تَعِيشُ وَتَمُوتُ/ وَتَتَزَوَّجُ رُعْبَ
الْحِيطَانِ / وَرَجْفَةَ السَّتَائِرِ الْمُخْمَلِيَّةِ / وَسَتَفْخَرُ بِكَ
طَاوِلاتُ الْمَطْعَمِ فِي غُرْفَةِ الْعِنَايَةِ الْمُرَكَّزَةِ/ وَتَنْتَظِرُكَ
الْمُسَافِرَاتُ إِلَى الانْتِحَارِ الْحُكُومِيِّ / فَلا تَسْأَلْ/ لِمَاذَا
تُهَاجِرُ السَّنَاجِبُ مِنْ خَدِّي ؟ /
أنا الْمَنْفِيُّ في جِسْمي / الغَريبُ عَن ذَاتي /
إِنَّ سَرَطَانَ الْبُروسْتَاتَا يَنْخُرُ
بُرْتُقَالَ حَدِيقَتِنَا / فَلْتَكُنْ اسْمَ الْفَرَاشَةِ فَوْقَ الْبُخَارِ
الْمُلَوَّنِ / وَالْقَتْلِ الرُّوتِينِيِّ / وَالْمَحَارِ الدَّامِعِ /
وَالْحُزْنِ الْمَسْقُوفِ / لأَنَّ رَائِحَةَ الْمُلُوخِيَّةِ فِي رِيشِ غَيْمَةٍ
غَارِقَةٍ / حَيْثُ تُفَصِّلُ هَضَبَةُ الْحِبْرِ ثَوْبَ عُرْسِهَا مِنْ
أَقْمِشَةِ الْجُلُودِ الآدَمِيَّةِ وَتُفَّاحَاتِ الْفَجْرِ / وَالْحَطَبُ
يَقْضِي وَقْتَهُ فِي تَفْكِيكِ عُقَدِ الشَّلالِ النَّفْسِيَّةِ / سَحَقَتْ
رَمْلَ الْمُحِيطِ وَأَوْرَاقَ الْقَاتِ عَرَبَةُ قَوْسِ قُزَحَ /
أيُّها الطِّفْلُ الذي يُخَبِّئُ جُثةَ
أُمِّهِ في حَقيبته المدرسيةِ / جَسَدي مُمَلَّحٌ بالأعاصيرِ الكريستاليةِ /
تَصْلُبُنِي بُرُوقُ الْكَلامِ/ فَتَمُرُّ مِنْ ثُقُوبِ قَلْبِي الْمَجَازِرُ/
وتَخْرُجُ مِن رِئتي أَسْرَابُ الرِّمَالِ الْمُهَاجِرَةِ / صَارَتْ رَائِحَةُ
الْقَهْوَةِ الْعَابِقَةِ بِالدِّمَاءِ / تَقْفِزُ فَوْقَ تَوَابِيتِ
الْمُسَافِرَاتِ إِلَى الصَّدى / هَذَا شَكْلِي رُفَاتُ بُحُورٍ / وتَضاريسُ
قَصِيدَةٍ مَاحِيَةٍ / لَحْمِي زَمَنٌ / فَلْتَعْتَرِفْ أَنَّكَ جُرْحِيَ
الْهَائِجُ / لأَسْقِيَ حَشَائِشَ الْمَدْفَنِ / وَأَقْتَرِبَ أَكْثَرَ مِنْ
مَمَاتِي /
كَانَتْ فِي أَوْدَاجِي فَتَاتَانِ مِنْ
سَمَرْقَنْدَ / تَنْتَظِرَانِ أَبَاهُمَا الْمَحْكُومَ بِالثَّلْجِ وَالانْتِظَارِ
/ وَطِفْلَةٌ تَقْطِفُ الْغِيَابَ مِنْ سُقُوفِ الْمَسَاءِ / وَفِي مِينَاءِ
الْغُرُوبِ / تُدَخِّنُ الصَّحْرَاءُ سَرَابَهَا / وَتَبْقَى أَعْقَابُ
السَّجَائِرِ فِي مِنْقَارِ مَوْجَةٍ/ كُلُّ الْمِكْيَاجِ الْمُتَسَاقِطِ مِنَ
السُّومَرِيَّاتِ عَلَى دَرَجِ الْمَعْبَدِ وَأَرْضِيَّةِ تَوَارِيخِ التَّبْغِ /
أَجْمَعُهُ لأُغَطِّيَ بِهِ هَزِيمةَ الْبَيْلَسَانِ فِي حَرْبِ اللوْزِ / أنا
العُنصرُ الدَّخيلُ في كُرَياتِ دَمي / مَا فَائِدَةُ أَنْ تَتَزَيَّنَ
الْمَرْأَةُ لِزَوْجٍ أَعْمَى ؟/ مَا فَائِدَةُ أَنْ تَبْتَسِمَ
الْمَرْأَةُ لِزَوْجٍ تَخُونُهُ ؟ / تَصَرُّفَاتُ الدُّخَانِ الصِّبْيَانِيَّةُ
فَوْقَ غُصُونِ الصَّبَاحِ / كَمَا
تَنْمُو صُخُورُ الشَّمْسِ عَلَى جُذُورِ الْحُلْمِ / خُذْ
مَا تَبَقَّى مِنْ أَمْسِ الْيَمَامَةِ / وَاتْرُكْ
لِي أَكْفَانَ جَدِّي فِي زُرْقَةِ الْغَمَامِ / وَسِيَاطَ
الدَّرَكِ خَلْفَ سُورِ الرِّعشَةِ / حَشَائِشُ مَذْبَحَتِي أَصْدَافُ مَلْحَمَةِ
السِّنْجَابِ/ وَجَبِينِي قَصِيدَةٌ نَسِيَ امْرُؤُ الْقَيْسِ أَنْ يَقُولَهَا /
فَاتَّكَأَتْ مِنَصَّةُ الإِعْدَامِ عَلَى سَيْفٍ / تَقْضِمُ حَوَافَّهُ قُبُّرَةٌ
كِلْسِيَّةٌ تُسْلَخُ / هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ مِنَ الرُّخَامِ الْمُتَرَسِّبِ فِي
ضَوْءِ الأَظَافِرِ / فَرَاشَاتٍ لِلاسْتِهْلاكِ الْمَحَلِّيِّ /
قُولِي إِنَّ الْمَسَاءَ سَيَقْبُرُنِي فِي
يَدَيْهِ / حِينَ تَمْتَدُّ الْمَرَاثِي عَبْرَ صَحَارِينَا يَنْبُوعَاً / أُسْطُوَانَةً لِمُنْشِدٍ
مَجْهُولٍ جَاءَ وَذَهَبَ / لَعَلَّ وَجْنَتَيْهِ تُسَجِّلانِ وَصَايَا
اللازَوَرْدِ عَلَى وِدْيَانِ الْكَلِمَةِ / أَطْفَالُ الْعَصْفِ يُفَتِّشُونَ
عَنْ جَمَاجِمِ أُمَّهَاتِهِمْ / فِي أَكْوَامِ الْقُمَامَةِ الَّتِي
تَمْتَصُّهُمْ / ولَن يتذكَّرَ الغُرباءُ حِبالَ الغسيلِ على سَطْحِ القَمَرِ /
لِلْخَرِيفِ شِتَاءٌ يُنْكِرُ مَلامِحَ
الليْمُونِ وَيَقْتُلُهُ / وَيَمْشِي فِي جِنَازَةِ كُلِّ الْوِدْيَانِ / مَنْ
سَيَتَذَكَّرُ حَدِيقَةَ مَنْزِلِنَا بَيْنَ أكْوامِ الْجُثَثِ ؟ / لِلْفَجْرِ
الصَّادِقِ هَؤُلاءِ الأَسْرَى / وَرَّثَنِي
أَبِي شَكْلَ قَبْرِهِ وَاحْتِضَارَ السُّجُونِ/ وَالشَّلالُ
يَجْلِسُ خَلْفَ مَكْتَبِهِ / فَلْتَسْتَثْمِر الشَّجَرَاتُ فِي دِمَاءِ
الصَّبَاحِ/ وَجَاءَتْ مَرْكَبَاتُ الْخَرِيفِ لَيْلاً مِنَ النَّزِيفِ
وَالْيُورَانيُومِ الْمُخَصَّبِ/ وَفِي خِزَانَةِ جُرْحِي فَرَاشَةٌ تَحْمِلُ عَلَى
جَنَاحِهَا الأَيْسَرِ بِرْمِيلَ نِفْطٍ فَارِغَاً/ وَتَطِيرُ بِاتِّجَاهِ كِتَابِ
الْجُنُونِ / هَلْ تَسْمَعُ فِي عِظَامِي قَرْقَعَةَ نِعَالِ الصَّحراءِ ؟ /
أَرْجُوكَ اغْسِلْنِي يا خَنْجَرَ الشُّموعِ / كَي أَكْتَشِفَ وَجْهِي مِنْ
جَدِيدٍ .